آدَم بْن مُحَمَّد المَالِكِي | أبُو أُسَامَة

«المحبة كلما تمكنت في القلب ورسخت فيه كان أذى المحب في رضا محبوبه مستحلى غير مسخوط، والمحبون يفتخرون عند أحبابهم بذلك، حتى قال قائلهم:
لئن ساءني أن نلتني بمساءة … لقد سرني أني خطرت ببالك
فما الظن بمحبة المحبوب الأعلى، الذي ابتلاؤه لحبيبه رحمة منه له وإحسان إليه؟».

«زهدهم في الدنيا واطراحهم للأهواء وقلقهم من هول المعاد الأخروي. وتقطع نياط قلوبهم من الخوف للعذاب السرمدي وهو شيء علم منهم أنه جد لا مزاح فيه ولا هزل، وحق لا تصنع فيه ولا تكلف.

وكيف والتكلف لا تخفى آثاره، ولا تستمر لصاحبه أحواله؟ زفراتهم كانت متصعدة، ونيار خوفهم لم تزل متوقدة، ومدامع عيونهم لم تبرح مترقرقة، وعلى وجنات خدودهم متدفقة، وعيونهم غائرة، وعزماتهم باترة، وأجسادهم ناحلة، ونفوسهم عن الدنيا مائلة، وشفاههم من ظمأ الهواجر ذابلة.

[...] وكان محمد صلى الله عليه وآله وسلم يصلي حتى تورمت قدماه، ويسمع لصدره أزيز كأزير المرجل، فقيل له : أليس قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ فقال : أفلا أكون عبداً شكوراً؟».