تعطل ميمنة الصف وعلاقته بليالي الشفع في العشر الأواخر (ثلث الليل الآخر ما انقضى بعد)
قال البخاري في صحيحه: "2017- حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا إسماعيل بن جعفر، حدثنا أبو سهيل، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله ﷺ قال: «تحروا ليلة القدر في الوتر، من العشر الأواخر من رمضان»".
هذا الحديث في تحري ليلة القدر في الوتر من ليالي العشر جعل كثيراً من الناس يغفلون عن فضيلة ليالي الشفع ويكسلون فيها كثيراً، مع أنها من رمضان ومن عموم العشر، وهذا ذكرني بخبر:
قال ابن ماجه في سننه: "1007- حدثنا محمد بن أبي الحسين أبو جعفر قال: حدثنا عمرو بن عثمان الكلابي قال: حدثنا عبيد الله بن عمرو الرقي، عن ليث بن أبي سليم، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قيل للنبي ﷺ: إن ميسرة المسجد تعطلت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من عمَّر ميسرة المسجد كُتب له كِفْلان من الأجر»".
وهذا الحديث ضعيف، غير أن معناه لا يبعد عن الصحة، فهو ليس في فضل ميسرة الصف، وإنما في فضل سد ميسرة الصف إذا كانت مهجورة، وبسبب هجرها ينقطع الصف، وفي الحديث: «من وصل صفا وصله الله».
وهجر ميسرة الصف بحجة فضل الميمنة يشبه إلى حد ما ترك الاجتهاد في ليالي الشفع بحجة فضل ليالي الوتر، فلا شك أن التحري المأمور به يقتضي مزيد اجتهاد، ولكن لا تهجر ليالي الشفع أو يكون العمل فيها قليلاً غاية.
وقال ابن المبارك في «الزهد»: "357- أخبرنا المسعودي، عن عون بن عبد الله قال: الذاكر الله في الغافلين كالمقاتل خلف الفارين".
وهذا المعنى مروي عن غير واحد من السلف، ويدل لمعناه حديث: «العبادة في الهرج (يعني في الفتن) كهجرة إلي».
وكثير من الناس يغفل في ليالي الشفع، بل وكثير منهم يغفل عن ثلث الليل الآخر، فإذا صلى مع الإمام وقنت الإمام ودعا وانصرفوا من الصلاة ترانا نتوقف عن الدعاء، مع أننا سنبقى مستيقظين إلى صلاة الفجر، وهذا كله وقت فاضل ووقت استجابة، فنغفل عنه، وربما سأل المرء المغفرة في هذه اللحظات، فيُغفر له فيسعد، فتكون أبرك أوقات عمره عليه.