Whale Chanel
Whale Chanel
Proxy MTProto
Proxy MTProto
Proxy MTProto | پروکسی
Proxy MTProto | پروکسی
Whale Chanel
Whale Chanel
Proxy MTProto
Proxy MTProto
Proxy MTProto | پروکسی
Proxy MTProto | پروکسی
قناة | توّاق avatar

قناة | توّاق

ساعي بريد لإيقاد المعاني في زجاجة الحياة .
صدى حروفكم هنا | بوت التواصل📮 @twaaq22Bot
TGlist 评分
0
0
类型公开
验证
未验证
可信度
不可靠
位置
语言其他
频道创建日期Nov 09, 2022
添加到 TGlist 的日期
Jan 20, 2025

"قناة | توّاق" 群组最新帖子

فرسان هذا الميدان أصحاب القنوات، حلفاء الأجر، وسدنة العلم، وندماء الأثر، لا أوصيكم بتعميم المنشور السابق مع محبيكم.
••
✔️ بشرى لعشّاق العلم.

روى الشيخان عن نبيّ الرحمة صلوات الله وسلامه عليه أنه قال: «مَن يُرِدِ الله به خيرًا يفقِّهْه في الدِّين».
فإذا رأيت الله قد ألهمك حبّ العلم الشرعي، وألان قلبك للعلم، فابسط كفّ الشكر، فإنك على عتبة الخير، وفي مَطلع الهداية.

وها هي “المِرقاة”، في حُلّتها الثالثة، تشعّ كالفجر في دُجى الحيرة، وتستقبل الساعين إلى النور، الطامحين إلى سُلّمٍ يرقى بهم في معارج العلم، دون تكليفٍ أكاديميٍّ أو مشقّةٍ اصطلاحيةٍ تُنَفّر، بل بأسلوبٍ سهلٍ يُشرِعُ أبواب الفهم، ويرسم لغير المختصين خارطةَ ارتقاءٍ منهجية.

✔️ المواد المقررة:
- آداب العلم
- العقيدة
- الفقه
- أصول الفقه
- اللغة العربية
- علوم القرآن
- مصطلح الحديث
- السيرة النبوية

💡مميزات المبادرة:
💯 مجاني
📝 تعليم بلغة علمية عصرية وبطابع غير أكاديمي
📚 ورد يومي ميسر
🌐 منصة إلكترونية للدراسة
📝 تقويمات واختبارات دورية
🌟 لقاءات حصرية في كل علم
🎙 مواد مسموعة ومقروءة
💡 مواد إثرائية متنوعة
👥 مجموعات تفاعلية للجنسين
✉️ شهادة اجتياز

💻 والمبادرة تحتوي على مسارين:

١- المسار الأول | الدراسة الجماعية عن بعد- الدفعة الثالثة- عن طريق قناة التليجرام.
٢- المسار الثاني | الدراسة الفردية عن طريق منصة المرقاة الإلكترونية 👇🏻

🔖 رابط منصة المرقاة:
https://almerqat.msaaq.net/

🗓 بداية الدراسة:
يوم الأحد 1446/10/29 الموافق 2025/4/27

✅️ سارع بالتسجيل عبر الرابط:
https://docs.google.com/forms/d/e/1FAIpQLScWfMZxlxKZOM4tp0q7fOVQkn0WZ7xShnHfxs7hZfzy0rnzrQ/viewform?usp=header

💭 للتواصل عبر بوت المبادرة:
@almerqat1444Bot

✉️ شاركونا في نشر الإعلان 🌹
••
••
ثمّة مواضع خفيّة في النفس، لا تكفي معها المواعظ المُكرّرة، ولا تستجيب لمجرد التحليل العقلي، بل تحتاج ما هو أصدق وأنفذ، آيةٌ من كتاب الله، تُلامس موطن الافتقار، وتُصيب جذر الغفلة، فتُعيد للقلب توازنه، وتستدعي بقايا الإيمان فيه، فالقرآن لا يخاطب ظاهر الإنسان فقط، بل يصل إلى ما لا تبلغه لسان بشر.
••
••
من لَطيف سُنن الله في البشر أن في قلوبهم مواضع لا تُفتح بضغوط الأقربين، ولا تُدرك بقوة الملاحظة، بل تبقى مغلقةً كالغرف العُلوية التي لا يُؤذن بدخولها إلا لمن رُزق حظًّا من القبول والطمأنينة، والحقيقة: أن لكل إنسان ساحة داخلية لا تُرى، يضع فيها انكساراته التي لم يجد لها لغة، ودعواتٍ لم يسمعها أحد، وتعبًا طويلًا لا يُحسن شكواه.

فإن قرّبك أحدهم، وأراك صفحة من تلك الذكريات العتيقة، كأنه يقول لك: “دعوتُ اللّه كثيرًا بهذه الأمنية”، أو حدثك عن يأسٍ لم يتجاوزه بعد، أو أخبرك عن عادةٍ يقاومها في خفاء الليل، فإن أذن لك أحدهم بالمرور على هذه الساحة، فاعلم أنه لم يُرِد رأيك، بل أراد قلبًا لا يخونه الفهم ولا يشتدّ عليه الحكم.

وإن أقفل قلبه عنك، فدع الباب في حاله، فما أكثر من طرق الأبواب الخطأ، وظنّ أن المحبة هي في كثرة الإفشاء، ثمة أبواب في الأرواح، جمالها في أن تبقى موصدة، لا لأن وراءها ما يُخاف، بل لأن الله أراد أن يُنعم على صاحبها بالستر، وعلى الزائر بالكفّ.
••
••
في رحلة الإنسان عبر الحياة، سيتعثر غير مرة بمطبات التقييم البشري: هذا يمدحه، وذاك يذمه، وثالثٌ يحكم على قلبه من فتور لحظة، و كلما ازداد بصرك بحقيقة الناس، انزاح عن صدرك عبء الترقب الثقيل، ذاك العبء الذي يجعل القلب رهينة تصفيقهم، أو أسير عبوسهم.

والقلوب التي تربّت على مقاييس الخلق، تمشي في الحياة كمن يمشي على قشر زجاج، كل خطوةٍ تُجرّح، وكل التفاتة تُربك، لأنها لم تعرف الثبات بعد، أما من عرف الناس على حقيقتهم، عرف أنهم كأوراق الخريف، تُحرّكهم رياح المزاج، وتُقلبهم نوازع الهوى، فلا يثبت لهم مدح، ولا يستقيم لهم ذم.

وصدق الفضيل بن عياض حينما قال – وهو ممن فتّش في طبائع البشر ثم اختصرها في سطر – " من عرف الناس استراح، فلا يطرب لمدحهم، ولا يجزع من ذمّهم، لأنهم سريعو الرضا، سريعو الغضب، والهوى يُحرّكهم." تشعر أنك أمام مفتاح من مفاتيح النجاة القلبية، يُخرِجك من سجن الانفعالات إلى سعة التعلق بالواحد الأحد.
••
••
﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا﴾ [الطلاق: 2]

في هذه الآية يَختزل القرآن سُنن الخروج من الأزمات، لا في وفرة الأسباب، ولا في كثرة التدبيرات، بل في مقامٍ قلبيّ يُسمّى: التقوى، فالتقوى ليست مجرد اجتنابٍ للحرام، بل هي حالة دائمة من اليقظة القلبية مع الله، في السرّ والعلن، في الرضا والغضب، في الحركة والسكون، والعجيب حين تعلم أن مفاتيح الانفراج ليست في يدك، بل في قلبك.
••
••
|• أنوثة تعقل المودة |•

أحيانًا، في لحظات الصفاء النادرة، أسأل نفسي: كيف كانت تُبنى البيوت قبل أن تُنشأ معاهد الاستشارات الأسرية، وقبل أن تُرصّ كتب العلاقات الزوجية في الرفوف اللامعة؟كيف كانت تُغرس المودة؟ كيف كان يُدار الاختلاف؟ من أين كانت المرأة تستمد حكمتها، والرجل بصيرته؟

ثم أجد الجواب لا في ورش العمل ولا شهادات الاعتماد، بل في وصية أمّ مؤمنة، عرفت بفطرتها ما لم يُسجّله كثير من المختصين، وهي لم تحمل لقب "استشارية أسرية"، ولا استظلّت بفضاء رقميّ، بل عاشت في مجتمع قبليّ، ومع ذلك قدّمت لبنتها وصية تربوية تربو على كتب المناهج بأكملها، هي أمامة بنت الحارث، يوم زفّت ابنتها أمّ إياس، لم تكتب لها رسالة وداعيّة، بل ألقت في قلبها حكمةً تقطر فقهًا في النفس البشرية، وبصيرةً في إدارة العلاقة، وصناعة المودّة، وحفظ العشرة.

وهنا، في هذا النصّ النادر، تُعاد هيكلة العلاقة لا على صراع الأدوار، بل على حكمة التفاهم. فمن تأمل هذه الوصية، عَلِم أن تدبير البيوت لا يصنعه الانفعال، بل الحِكمة، وأن دوام الزواج لا يُبنى على الرغبات، بل على الرعاية، والتفهّم، والعقل الرشيد.

"أي بُنيّة: إن الوصية لو تُركت لفضل أدب، تُركت لذلك منك؛ ولكنها تذكرةٌ للغافل، ومعونةٌ للعاقل. ولو أن امرأةً استغنت عن الزوج لغنى أبويها، وشدّة حاجتها إليهما، كنتِ أغنى الناس عنه؛ ولكن النساء للرجال خُلقن، ولهنّ خُلق الرجال.
أي بُنيّة: إنك فارقتِ الجوَّ الذي منه خرجتِ، وخلفتِ العشَّ الذي فيه درجتِ، إلى وكرٍ لم تعرفيه، وقرينٍ لم تألفيه، فأصبح بملكه عليكِ رقيبًا ومليكًا؛ فكوني له أَمَةً، يكن لكِ عبدًا وشيكًا.
يا بُنيّة: احملي عني عشر خصال تكن لك ذخرًا وذِكرًا:
• الصحبة بالقناعة،
• والمعاشرة بحسن السمع والطاعة،
• والتعهد لموقع عينه، والتفقد لموضوع أنفه؛ فلا تقع عينه منكِ على قبيح، ولا يشمّ منكِ إلا أطيب ريح،
• والكحل أحسن الحسن، والماء أطيب الطيب المفقود،
• والتعهد لوقت طعامه، والهدو عنه عند منامه؛ فإن حرارة الجوع ملهبة، وتنغيص النوم مغضبة،
• والاحتفاظ ببيته وماله، والإرعاء على نفسه وحشمه وعياله؛ فإن الاحتفاظ بالمال حسن التقدير، والإرعاء على الحشم جميل التدبير،
• ولا تفشي له سرًّا، ولا تعصي له أمرًا؛ فإنكِ إن أفشيتِ سرَّه، لم تأمني غدره، وإن عصيتِ أمره، أوغرتِ صدره،
• ثم انقي له الفرح إن كان ترحًا، وإلا فكتئاب عنده إن كان فرحًا؛ فإن الأولى من التقصير، والثانية من التكدير،
• وكوني أشد ما تكونين له إعظامًا، يكن أشد ما يكون لكِ إكرامًا،
• وأشد ما تكونين له موافقة، يكن أطول ما تكونين له مرافقة.
واعلمي: أنكِ لا تصلين إلى ما تحبين، حتى تؤثري رضاه على رضاك، وهواه على هواك، فيما أحببتِ وكرهتِ، والله يُخيّر لكِ".

📚 جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة - أحمد زكي صفوت - ١ / ١٤٥.
••
••
📖#كتاب_الأسبوع
•• خلف أسوار المدرسة ••
👤أ.عمار سليمان
📄٢١٦ صفحة

في زمنٍ تكاثفت فيه الأسئلة حول جدوى النظام التعليمي الرسمي، يأتي هذا الكتاب ليقدّم للقارئ زاوية نظر غير مألوفة، تفتح الذهن لا للنقاش حول مناهج التعليم فحسب، بل حول أصل فكرة المدرسة الحديثة: من أنشأها؟ ولماذا؟ وما الهدف منها؟ وهل كانت مشروعًا معرفيًّا خالصًا، أم آلية للضبط الاجتماعي وتسيير السوق؟

يرجع الكاتب إلى الجذور التاريخية لنظام التعليم الإجباري، وينقّب في خلفياته السياسية والفكرية والاجتماعية، في أوروبا وأمريكا، محللاً البواعث التي دفعت لتقنين هذا النمط من التعليم، ويُظهر كيف تم توظيفه لغايات اقتصادية وسياسية، لا ترجع بالضرورة إلى مقصد العلم والتكوين، فيرصد بذلك انحراف المقاصد، وتحوّل التعليم إلى مؤسسة تُنتج الشهادة لا المعرفة، وتُخرج المؤهل لا المتعلّم.

يتطرّق بعد ذلك إلى النماذج الإسلامية، قبل التأثر بالنموذج الغربي، لافتًا إلى ما تميزت به من مرونة في الوسائل، ووضوح في الغاية، ثم يعرض محاولات لتجاوز الاختلالات البنيوية في التعليم الرسمي، مستعرضًا بدائل تربوية كأكاديمية خان، وتجربة منتسوري، وبعض الممارسات اليابانية والفلبينية.

الكتاب – وإن لم يُشبِع الجوع العلمي من حيث المنهجية والتوثيق – إلا أنه يطرح أسئلة تستحق الوقوف، ويوقظ في القارئ نزعة التأمل في ما بدا له سابقًا من المسلّمات. غير أن مما يؤخذ عليه، هو بُعده عن الترتيب المنهجي المتماسك، واستطراده في غير موضع، ما صرف الذهن عن مركز الفكرة في مواضع عديدة.

ومع ذلك، تبقى القيمة الحقيقية للكتاب في بعثه لنقاش عميق حول التعليم لا من حيث آلياته ومناهجه فحسب، بل من حيث فلسفته ووجهته، وهو ما يجعل هذا الطرح نافعًا لكل مربٍ وولي أمر ومهتم بالحالة المعرفية، يبحث لا عن مخرجات الامتحان، بل عن أثر العلم في بناء النفس وتوجيه المسار.
••
••
من دلائل صفاء التوحيد، أن يغدو القلب زاهدًا في التفات الخلق، مشغولًا بنظر الحقّ، فحين يتحرّر العبد من أسر المقابل، وتُعاد هندسة دوافعه على قبلة ﴿وَجْهُ اللَّهِ﴾، يغدو الامتنان طابعًا لصيقًا بشخصيّته، لا لمبالغة وجدانية، بل لأن كل تقدير من الخلق يبدو له زائدًا على استحقاقه، و هؤلاء لا ينشدون المقابل لأنهم اختاروا الأرفع: وجه الله.

فتراه يُنصت بتأثر لرسالة امتنان من زوجته، ويستحي من ثناء زميلٍ على جهدٍ لم يحتسبه، ويخجل من دعوة عابرٍ أُعجب بابتسامته، ويطأطئ رأسه حين يشكره محتاج أعانه خفية، هذه لحظة التخلّي عن شهوة الجزاء، التي عبّر عنها القرآن ببلاغة فائقة: ﴿لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا﴾. وحين تستقر هذه القناعة في النفس، تتحوّل أفعال الطاعة إلى سياحة روحية، لا صكوكَ تبادل، ذاك هو العطاء المعلّق بالسماء، لا الأرض.
••
..
حدّثني عن ذلك الخيط الذهبي الذي احْتَضنتْهُ صفحاتُ كتاب الله !

هل لا زال رهين خواتيم جزء عمّ منذ انتهاءِ شهر رمضان ..
أم هو -في صحبتك- حُرٌّ مُتنقّل بين آيات القرآن مسافرٌ بين سورِهِ وأجزاءه؟

..
••
ليست المشكلة في أنك لن تخرج من الحياة حيًّا، فهذه معلومة مشتركة بين البشر جميعًا؛ وإنما المصيبة أن تغادرها خفيفًا من المعنى، خالي الوفاض من الأثر، لم تُخلِّف وراءك شاهدًا يقول: هنا مرّ عبدٌ عرف ربَّه، فترك ما يدلّ عليه.

أن تُدفن وقد كانت أيامك خاليةً من قضية، من كلمة حق، من وجعٍ في وجه الباطل، من عملٍ يتيمٍ خالص، أن تموت ولم تشتبك مع قضاياك، ولم تترك خلفك إلا ضحكاتٍ على مقاطع، وصورًا بأطراف فنجان قهوة، وسيرةً تائهة في أروقة التسلية.

فما أقسى أن يُطوى عمرٌ بكامله، ولا يُرى له في صحف الخلود سطرٌ واحدٌ يثبت أنه عاش لله، وأنه مرّ يومًا في الأرض لا كما يمرّ الغافلون.
••
••
لو أن المرء في دوائر القرب، في بيته، وبين أصحابه، جعل لجميل الفعل صدى، ولحُسن الخلق موضع إشادة، كما يحرص على تعقّب الزلل والتنبيه على الخطأ، لأثمرت علاقاته ألفةً ثابتة، وبقيت النفوس قريبة من نور الطمأنينة، فكما أن البستان لا يثمر إن غاب عنه ضوء الشمس، كذلك القلوب لا تزهر إن لم تتعرض لدفء الكلمة الطيبة، فإنها كالغيث على تربة عطشى، تُحيي فيها ما كاد أن ييبس، وتُزهر فيها أخلاقًا طمرها الإهمال.

والناس، في جوهرهم، أقرب إلى النخيل: يحتاجون التلقّف بلين، والدعم بلطافة، والاعتراف بثمرهم قبل أن يُطلب منهم مزيد النضج، ولو عقل الناس أن النفوس تُروى بالثناء كما تُهذّب بالنقد، وأن الكلمة الطيبة تسبق في الأثر عشر كلماتٍ من اللوم، لعرفوا أن بناء الإنسان لا يتمّ بإصلاحه فحسب، بل بتثبيت الخير فيه وتكبيره.
••
••
•| نزيف الانشغال بالغير |•

لو أن النفس كُفَّت عن التلهّي بعثرات غيرها، وأقبلت على عيوبها في صدقٍ ومناجاة، تتبصّر مواطن الخلل، وتستخرج ما ران على القلب من غفلة، لما بقي في الصدر متّسعٌ للغمز، ولا في العقل مسارب للظنون، ولصفَت الروح من شوائب الفضول، وانصرف الفكر لما ينفع، وسكنت الجوارح عن محاربة الأشباح المتوهَّمة في الناس.

فإن أعظم ما يُنهك النفس أن تتلبّس بغير شأنها، وأن تهجر ورشة البناء الداخلي لتقيمَ عيادةً في ضمير الآخرين، تُشخّص وتُحلّل وتُعلّق، بينما الأعطاب تزداد في الجوف، والصمت عن الذات يعلو، وأعظم ما يستنزف القلب ليس كثرة الشكايات من الخارج، بل الغفلة الطويلة عن الداخل، تلك الغفلة التي تدفع المرء إلى مراقبة كل شيء إلا نفسه، إلى تفتيش النوايا في الخلق، وهو لم يُمحّص نيّته بين يدي خالقه.

فما أكثر ما يُهدر من العمر تحت ستار “الاهتمام”، وما أكثر ما يُلبَّس من هوى في صورة “حرص” أو “نقد بناء”، بينما هو – في جوهره – تهرّبٌ خفيّ من مسؤولية إصلاح النفس، وتطهير القلب، وحراسة الباطن.

ولو أن القلوب انشغلت بعيوبها كما تنشغل بأخبار غيرها، لارتفع عنها حجاب الغفلة، وسكنت زوابع الهوى، وخفّت وطأة المقارنة، وزكا فيها نور الصدق، ورجعت إلى ربها تائبةً من جناية الانشغال بما لا يعني.

ولو أن الإنسان إذا رأى الزلل، عاد ببصره إلى عجزه، وإذا لمح التقصير، تذكّر تفريطه، وإذا سمع السوء، انشغل بالدعاء لا بالإذاعة، لاندفعت عنه غوائل التكلّف، ولحُجب عنه سمُّ الكِبر المقنّع بثوب الإصلاح.

ولو أن امرأً كفَّ لسانه عن تتبّع زلّات الآخرين، وصرف همّه عن تفتيش النوايا، وعكف على عيوب نفسه يرُمّ ثقوبها، ووجّه بصره إلى فوضاه الداخلية ليهذبها، واشتغل بضعفه ليقوّمه، لانقشع عن روحه غبار الحسد، وانطفأت نيران المقارنة، وسَلم الناس من أذاه، وسَلِم هو من شتات القلب.

فما أكثر ما يُهدر من الأعمار في ملاحقة سراب الفضول، وتفتيت العقل في شؤون لا تعنيه، ثم يشكو صاحبها ضيق الصدر، ووحشة الروح، وثقل الحياة؛ وما هو إلا صدى انشغالٍ بما ليس له، وغفلةٍ عمّا خُلق له.

وما ضرّ أحدٌ نفسه بمثل اشتغاله بغيره، وما نفعها بمثل صدقه معها.
••
转发自:
منصت avatar
منصت
من معين أنباء المرسلين

القصص الحق مع الشيخ فهد الجريوي

قريباً 🤩

记录

22.04.202523:59
13.1K订阅者
14.04.202523:59
100引用指数
18.03.202517:47
5.4K每帖平均覆盖率
26.04.202523:59
2.9K广告帖子的平均覆盖率
04.03.202520:15
12.64%ER
18.03.202517:47
45.28%ERR
订阅者
引用指数
每篇帖子的浏览量
每个广告帖子的浏览量
ER
ERR
OCT '24JAN '25APR '25

قناة | توّاق 热门帖子

20.04.202520:05
••
|• أنوثة تعقل المودة |•

أحيانًا، في لحظات الصفاء النادرة، أسأل نفسي: كيف كانت تُبنى البيوت قبل أن تُنشأ معاهد الاستشارات الأسرية، وقبل أن تُرصّ كتب العلاقات الزوجية في الرفوف اللامعة؟كيف كانت تُغرس المودة؟ كيف كان يُدار الاختلاف؟ من أين كانت المرأة تستمد حكمتها، والرجل بصيرته؟

ثم أجد الجواب لا في ورش العمل ولا شهادات الاعتماد، بل في وصية أمّ مؤمنة، عرفت بفطرتها ما لم يُسجّله كثير من المختصين، وهي لم تحمل لقب "استشارية أسرية"، ولا استظلّت بفضاء رقميّ، بل عاشت في مجتمع قبليّ، ومع ذلك قدّمت لبنتها وصية تربوية تربو على كتب المناهج بأكملها، هي أمامة بنت الحارث، يوم زفّت ابنتها أمّ إياس، لم تكتب لها رسالة وداعيّة، بل ألقت في قلبها حكمةً تقطر فقهًا في النفس البشرية، وبصيرةً في إدارة العلاقة، وصناعة المودّة، وحفظ العشرة.

وهنا، في هذا النصّ النادر، تُعاد هيكلة العلاقة لا على صراع الأدوار، بل على حكمة التفاهم. فمن تأمل هذه الوصية، عَلِم أن تدبير البيوت لا يصنعه الانفعال، بل الحِكمة، وأن دوام الزواج لا يُبنى على الرغبات، بل على الرعاية، والتفهّم، والعقل الرشيد.

"أي بُنيّة: إن الوصية لو تُركت لفضل أدب، تُركت لذلك منك؛ ولكنها تذكرةٌ للغافل، ومعونةٌ للعاقل. ولو أن امرأةً استغنت عن الزوج لغنى أبويها، وشدّة حاجتها إليهما، كنتِ أغنى الناس عنه؛ ولكن النساء للرجال خُلقن، ولهنّ خُلق الرجال.
أي بُنيّة: إنك فارقتِ الجوَّ الذي منه خرجتِ، وخلفتِ العشَّ الذي فيه درجتِ، إلى وكرٍ لم تعرفيه، وقرينٍ لم تألفيه، فأصبح بملكه عليكِ رقيبًا ومليكًا؛ فكوني له أَمَةً، يكن لكِ عبدًا وشيكًا.
يا بُنيّة: احملي عني عشر خصال تكن لك ذخرًا وذِكرًا:
• الصحبة بالقناعة،
• والمعاشرة بحسن السمع والطاعة،
• والتعهد لموقع عينه، والتفقد لموضوع أنفه؛ فلا تقع عينه منكِ على قبيح، ولا يشمّ منكِ إلا أطيب ريح،
• والكحل أحسن الحسن، والماء أطيب الطيب المفقود،
• والتعهد لوقت طعامه، والهدو عنه عند منامه؛ فإن حرارة الجوع ملهبة، وتنغيص النوم مغضبة،
• والاحتفاظ ببيته وماله، والإرعاء على نفسه وحشمه وعياله؛ فإن الاحتفاظ بالمال حسن التقدير، والإرعاء على الحشم جميل التدبير،
• ولا تفشي له سرًّا، ولا تعصي له أمرًا؛ فإنكِ إن أفشيتِ سرَّه، لم تأمني غدره، وإن عصيتِ أمره، أوغرتِ صدره،
• ثم انقي له الفرح إن كان ترحًا، وإلا فكتئاب عنده إن كان فرحًا؛ فإن الأولى من التقصير، والثانية من التكدير،
• وكوني أشد ما تكونين له إعظامًا، يكن أشد ما يكون لكِ إكرامًا،
• وأشد ما تكونين له موافقة، يكن أطول ما تكونين له مرافقة.
واعلمي: أنكِ لا تصلين إلى ما تحبين، حتى تؤثري رضاه على رضاك، وهواه على هواك، فيما أحببتِ وكرهتِ، والله يُخيّر لكِ".

📚 جمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة - أحمد زكي صفوت - ١ / ١٤٥.
••
03.04.202516:52
••
#توصية
أنصح بقراءة كتاب “التامور” لشيخنا الفقيه الأديب د.سليمان العبودي.

هذه الورقات
لا تُخاطب العقل المجرد، بل تتسلل إلى طبقات الروح العميقة، وتوقظ في القلب إحساسه الغائب بالمآل والمصير.
••
18.04.202521:01
••
ليست المشكلة في أنك لن تخرج من الحياة حيًّا، فهذه معلومة مشتركة بين البشر جميعًا؛ وإنما المصيبة أن تغادرها خفيفًا من المعنى، خالي الوفاض من الأثر، لم تُخلِّف وراءك شاهدًا يقول: هنا مرّ عبدٌ عرف ربَّه، فترك ما يدلّ عليه.

أن تُدفن وقد كانت أيامك خاليةً من قضية، من كلمة حق، من وجعٍ في وجه الباطل، من عملٍ يتيمٍ خالص، أن تموت ولم تشتبك مع قضاياك، ولم تترك خلفك إلا ضحكاتٍ على مقاطع، وصورًا بأطراف فنجان قهوة، وسيرةً تائهة في أروقة التسلية.

فما أقسى أن يُطوى عمرٌ بكامله، ولا يُرى له في صحف الخلود سطرٌ واحدٌ يثبت أنه عاش لله، وأنه مرّ يومًا في الأرض لا كما يمرّ الغافلون.
••
21.04.202518:24
••
من لَطيف سُنن الله في البشر أن في قلوبهم مواضع لا تُفتح بضغوط الأقربين، ولا تُدرك بقوة الملاحظة، بل تبقى مغلقةً كالغرف العُلوية التي لا يُؤذن بدخولها إلا لمن رُزق حظًّا من القبول والطمأنينة، والحقيقة: أن لكل إنسان ساحة داخلية لا تُرى، يضع فيها انكساراته التي لم يجد لها لغة، ودعواتٍ لم يسمعها أحد، وتعبًا طويلًا لا يُحسن شكواه.

فإن قرّبك أحدهم، وأراك صفحة من تلك الذكريات العتيقة، كأنه يقول لك: “دعوتُ اللّه كثيرًا بهذه الأمنية”، أو حدثك عن يأسٍ لم يتجاوزه بعد، أو أخبرك عن عادةٍ يقاومها في خفاء الليل، فإن أذن لك أحدهم بالمرور على هذه الساحة، فاعلم أنه لم يُرِد رأيك، بل أراد قلبًا لا يخونه الفهم ولا يشتدّ عليه الحكم.

وإن أقفل قلبه عنك، فدع الباب في حاله، فما أكثر من طرق الأبواب الخطأ، وظنّ أن المحبة هي في كثرة الإفشاء، ثمة أبواب في الأرواح، جمالها في أن تبقى موصدة، لا لأن وراءها ما يُخاف، بل لأن الله أراد أن يُنعم على صاحبها بالستر، وعلى الزائر بالكفّ.
••
21.04.202509:51
••
في رحلة الإنسان عبر الحياة، سيتعثر غير مرة بمطبات التقييم البشري: هذا يمدحه، وذاك يذمه، وثالثٌ يحكم على قلبه من فتور لحظة، و كلما ازداد بصرك بحقيقة الناس، انزاح عن صدرك عبء الترقب الثقيل، ذاك العبء الذي يجعل القلب رهينة تصفيقهم، أو أسير عبوسهم.

والقلوب التي تربّت على مقاييس الخلق، تمشي في الحياة كمن يمشي على قشر زجاج، كل خطوةٍ تُجرّح، وكل التفاتة تُربك، لأنها لم تعرف الثبات بعد، أما من عرف الناس على حقيقتهم، عرف أنهم كأوراق الخريف، تُحرّكهم رياح المزاج، وتُقلبهم نوازع الهوى، فلا يثبت لهم مدح، ولا يستقيم لهم ذم.

وصدق الفضيل بن عياض حينما قال – وهو ممن فتّش في طبائع البشر ثم اختصرها في سطر – " من عرف الناس استراح، فلا يطرب لمدحهم، ولا يجزع من ذمّهم، لأنهم سريعو الرضا، سريعو الغضب، والهوى يُحرّكهم." تشعر أنك أمام مفتاح من مفاتيح النجاة القلبية، يُخرِجك من سجن الانفعالات إلى سعة التعلق بالواحد الأحد.
••
21.04.202507:39
••
﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا﴾ [الطلاق: 2]

في هذه الآية يَختزل القرآن سُنن الخروج من الأزمات، لا في وفرة الأسباب، ولا في كثرة التدبيرات، بل في مقامٍ قلبيّ يُسمّى: التقوى، فالتقوى ليست مجرد اجتنابٍ للحرام، بل هي حالة دائمة من اليقظة القلبية مع الله، في السرّ والعلن، في الرضا والغضب، في الحركة والسكون، والعجيب حين تعلم أن مفاتيح الانفراج ليست في يدك، بل في قلبك.
••
••
ثمّة مواضع خفيّة في النفس، لا تكفي معها المواعظ المُكرّرة، ولا تستجيب لمجرد التحليل العقلي، بل تحتاج ما هو أصدق وأنفذ، آيةٌ من كتاب الله، تُلامس موطن الافتقار، وتُصيب جذر الغفلة، فتُعيد للقلب توازنه، وتستدعي بقايا الإيمان فيه، فالقرآن لا يخاطب ظاهر الإنسان فقط، بل يصل إلى ما لا تبلغه لسان بشر.
••
17.04.202500:56
••
من أخصّ حقوق الأخوّة في الله، أن لا يُترك المؤمن وحده في زمن الكربة، ولا يُنسى عند انقباض الحال، فإن لحظات الضيق ليست موضعًا للعِتاب، ولا لمُساءلة الوفاء، بل هي ميدان صدق المحبّة، وموضع وزن الأخلاق، ومرآة الإيمان الخفيّ.

فحين قال الشافعي – وهو الإمام الذي قعدت له الدنيا بأسرها – لتلميذه يونس بن عبد الأعلى: “لا تغفل عنّي، فإني مكروب”، فإنه لم يكن يستجلب دعاءً فحسب، بل يُرشد الأمة إلى أن المكروب لا يبتغي من أخيه أكثر من الحضور الصادق، والدعاء الخفي، والمواساة الرفيقة.

و المكروب لا يطلب من أخيه أكثر من أن يشعر به، ويدعو له، ويكون عنده حضور القلب قبل حضور الجسد، وهذا ما يغيب كثيرًا في العلاقات التي أُديرت بعقل المصلحة لا بنور الإيمان، ومن لم يُمارس أخوّته في زمن الكرب، فلا تُعَوِّل على حفاوته في زمن الانفراج.
••
01.04.202514:14
••
من أعظم منن المودّة، أن يُرزق القلبُ سَكينة القَبول قبل أن ينشغل بزينة التجمُّل، أن تعيش مع من يُبهجه حضورك البسيط، لا نسختك المعدّلة، أن تُصادَفَ بوجهٍ لا يرصد زلّتك، بل يتبسّم لعفويتك، ويستبقيك كما أنت، لا كما ينبغي أن تكون.

ذاك الأمان الخفيّ الذي يمنح النفس فسحة التفتّح، فيخرج منك صوتٌ أكثر دفئًا، ونكتةٌ أكثر عفويّة، ووجهٌ يتأنّق لا ليُعجب، بل لأنه ارتاح، في حضرة من أحبّك حقاً؛ تُطلق نسختك الأصدق، لا الأجمل.
••
18.04.202510:14
••
•| نزيف الانشغال بالغير |•

لو أن النفس كُفَّت عن التلهّي بعثرات غيرها، وأقبلت على عيوبها في صدقٍ ومناجاة، تتبصّر مواطن الخلل، وتستخرج ما ران على القلب من غفلة، لما بقي في الصدر متّسعٌ للغمز، ولا في العقل مسارب للظنون، ولصفَت الروح من شوائب الفضول، وانصرف الفكر لما ينفع، وسكنت الجوارح عن محاربة الأشباح المتوهَّمة في الناس.

فإن أعظم ما يُنهك النفس أن تتلبّس بغير شأنها، وأن تهجر ورشة البناء الداخلي لتقيمَ عيادةً في ضمير الآخرين، تُشخّص وتُحلّل وتُعلّق، بينما الأعطاب تزداد في الجوف، والصمت عن الذات يعلو، وأعظم ما يستنزف القلب ليس كثرة الشكايات من الخارج، بل الغفلة الطويلة عن الداخل، تلك الغفلة التي تدفع المرء إلى مراقبة كل شيء إلا نفسه، إلى تفتيش النوايا في الخلق، وهو لم يُمحّص نيّته بين يدي خالقه.

فما أكثر ما يُهدر من العمر تحت ستار “الاهتمام”، وما أكثر ما يُلبَّس من هوى في صورة “حرص” أو “نقد بناء”، بينما هو – في جوهره – تهرّبٌ خفيّ من مسؤولية إصلاح النفس، وتطهير القلب، وحراسة الباطن.

ولو أن القلوب انشغلت بعيوبها كما تنشغل بأخبار غيرها، لارتفع عنها حجاب الغفلة، وسكنت زوابع الهوى، وخفّت وطأة المقارنة، وزكا فيها نور الصدق، ورجعت إلى ربها تائبةً من جناية الانشغال بما لا يعني.

ولو أن الإنسان إذا رأى الزلل، عاد ببصره إلى عجزه، وإذا لمح التقصير، تذكّر تفريطه، وإذا سمع السوء، انشغل بالدعاء لا بالإذاعة، لاندفعت عنه غوائل التكلّف، ولحُجب عنه سمُّ الكِبر المقنّع بثوب الإصلاح.

ولو أن امرأً كفَّ لسانه عن تتبّع زلّات الآخرين، وصرف همّه عن تفتيش النوايا، وعكف على عيوب نفسه يرُمّ ثقوبها، ووجّه بصره إلى فوضاه الداخلية ليهذبها، واشتغل بضعفه ليقوّمه، لانقشع عن روحه غبار الحسد، وانطفأت نيران المقارنة، وسَلم الناس من أذاه، وسَلِم هو من شتات القلب.

فما أكثر ما يُهدر من الأعمار في ملاحقة سراب الفضول، وتفتيت العقل في شؤون لا تعنيه، ثم يشكو صاحبها ضيق الصدر، ووحشة الروح، وثقل الحياة؛ وما هو إلا صدى انشغالٍ بما ليس له، وغفلةٍ عمّا خُلق له.

وما ضرّ أحدٌ نفسه بمثل اشتغاله بغيره، وما نفعها بمثل صدقه معها.
••
..
حدّثني عن ذلك الخيط الذهبي الذي احْتَضنتْهُ صفحاتُ كتاب الله !

هل لا زال رهين خواتيم جزء عمّ منذ انتهاءِ شهر رمضان ..
أم هو -في صحبتك- حُرٌّ مُتنقّل بين آيات القرآن مسافرٌ بين سورِهِ وأجزاءه؟

..
20.04.202513:23
••
من دلائل صفاء التوحيد، أن يغدو القلب زاهدًا في التفات الخلق، مشغولًا بنظر الحقّ، فحين يتحرّر العبد من أسر المقابل، وتُعاد هندسة دوافعه على قبلة ﴿وَجْهُ اللَّهِ﴾، يغدو الامتنان طابعًا لصيقًا بشخصيّته، لا لمبالغة وجدانية، بل لأن كل تقدير من الخلق يبدو له زائدًا على استحقاقه، و هؤلاء لا ينشدون المقابل لأنهم اختاروا الأرفع: وجه الله.

فتراه يُنصت بتأثر لرسالة امتنان من زوجته، ويستحي من ثناء زميلٍ على جهدٍ لم يحتسبه، ويخجل من دعوة عابرٍ أُعجب بابتسامته، ويطأطئ رأسه حين يشكره محتاج أعانه خفية، هذه لحظة التخلّي عن شهوة الجزاء، التي عبّر عنها القرآن ببلاغة فائقة: ﴿لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا﴾. وحين تستقر هذه القناعة في النفس، تتحوّل أفعال الطاعة إلى سياحة روحية، لا صكوكَ تبادل، ذاك هو العطاء المعلّق بالسماء، لا الأرض.
••
03.04.202506:53
••
من سُنن الله الجارية: أن الارتقاء لا يُؤتَى بالانعزال، بل يُرزقه المرء حين يُسهِم في رفع غيره، وأن أرزاق السماء لا تتنزل على المُنغلقين على ذواتهم، بل على أولئك الذين صاروا جسورًا تعبر من خلالها النِّعم إلى الآخرين، فإذا رأيتَ قلبًا تُطرَقه السعادة، فاعلم أن يدًا منه كانت تطرق قلوب الآخرين بلُطف، وفي الحياة ناموسٌ خفيّ لا يُخطئ: أن من أعطى بصدق، عاد العطاء إليه ــ وإن تأخّر ــ مبرّأ من شوائب المنّ، مضمّخًا ببركة لا تُخطئها العين.
••
16.04.202506:46
••
•| دوشة التعليقات |•

من الظواهر الرقمية التي تتسلل بخفوت إلى العقل المعاصر، حتى غدت اليوم مشهداً مألوفاً حد الابتذال: ظاهرة متابعة التعليقات، لا بوصفها هامشًا معرفيًا أو تجاوبًا نقديًا مع المادة المنشورة، بل بوصفها غاية بذاتها، تتضخم حتى تزاحم أصل الحدث المنشور بل وربما تطغى عليه، و لم يعُد الإنسان يقف عند حدود الخبر أو المادة المنشورة، بل تسرّبت إلى وجدانه عادةٌ جديدة غريبة: اللهاث المحموم وراء “التعليقات”، وإنك لتجد الرجل يسمع بخبرٍ أو يشاهد مقطعًا، فلا يُنهيه حتى يهوي مباشرة إلى أسفل الشاشة.. إلى حيث «التعليقات»! كأنّ الخبر مجرّد بوابة، وأنّ “ردود الأعيان والجمهور” هي مربط الفرس وذروة العناية!

وكأنما أصبح العقل لا يطمئن لحكمه على الوقائع إلا إذا عرّجه على «حسّ المزاج الجمعي»، يبحث عن رأيه في آراء الآخرين قبل أن يستقر له رأي! ويبلغ التشتت مبلغًا أعظم حينما ترى من يشاهد المقطع ويقرأ التعليقات في الوقت ذاته، بل ويتنقل بينهما تنقلًا محمومًا، حتى لا يكاد يتسق له فهم، ولا يثبت له تأمل، وهي حالة يمكن تسميتها بـ “تمزّق الانتباه الرقمي”، حيث ينشطر الوعي بين مقطع وتعليق، بين رأي ورد، فلا يستقر العقل على فكرة، ولا يُثمِر النظر حكمًا.

وهذه حالة نفسية غير مستقرة، وأشبه ما تكون بـ«اضطراب التلقي»، حيث لم يعد المرء متلقّيًا عاقلاً يزن الأمور بعقله ونظره، بل صار متلقّيًا قلقًا لا يطمئن إلا بـ«أصوات الآخرين» في خانة الردود، وقد رأيتُ بعض الشباب و أنا منهم، إذا وقع مقطعٌ أو منشورٌ سرعان ما ينصرف إلى «التعليقات» ليقرأها كلها! لا ليعرف آراء الناس فحسب، بل كأنما يبحث فيها عن «مزاج القوم» و«اتجاهات الموجة»، وربما يغيّر موقفه بناءً على ذلك!

وأعجبُ من ذلك حين يكون هذا التتبّع للتعليقات مصحوبًا بـ«تشوّفٍ يومي» وحرص متكرّر على رؤية كل رد جديد! وكأنها حالة من الإدمان الرقمي المبطّن، لكن بلبوسٍ فكري يوهم صاحبه أنه يواكب الرأي العام ويحلل الخطاب! والمشكلة لا تقف عند حد التشتت، بل تتجاوزه إلى الارتهان لرأي الجماعة، بحيث يغدو الإنسان تابعًا للذوق العام، متقلبًا بين تعليقات الناس، لا يحكم على حدثٍ أو قضية إلا بعد أن يرى “ماذا قال الناس؟”، فيذوب تميّزه وينطفئ نوره، ويضيع في أضواء الآخرين!

ومن تأمل في القرآن الكريم وجد كيف يكرّس الوحي قيمة البصيرة الفردية، ويدعو إلى النظر والتفكر دون تعلق برأي الجماعة: {قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا} [سبأ: 46]. وقد روى المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (إن الله كره لكم ثلاثا : قيل وقال ، وإضاعة المال ، وكثرة السؤال) رواه البخاري (1407) ومسلم (593) .ومتابعة شهوة التعليقات هي امتداد لكراهية الله في " القيل و القال" وقال عليٌّ رضي الله عنه: (أكثر مصارع العقول تحت بروق المطامع)
[المستطرف في كل فن مستظرف، للأبشيهي ٨٣/١]

ولئن كان الطمع في الأرزاق مذمومًا، فإن الطمع في انطباعات الآخرين، والحرص على متابعة ردودهم، لا يقلّ فسادًا في أثره على العقل والبصيرة، والزهد الحقيقي ليس فقط زهدًا في الدنيا، بل زهد في «رأي الناس» و«صدى الصوت»، فإنّ المراقبة الدائمة لتعليقاتهم تقتل فيك صفاء النظرة، وتضعك في قيدٍ خفيّ من التبعية والتوجّس والانفعال.

ونحن بحاجة إلى استعادة تلك اللحظة المعرفية الصافية، التي يقف فيها الإنسان مع الفكرة ذاتها، يقلبها في ذهنه، يتأملها، بعيدًا عن دوشة التعليقات، وصخب المتابعين.
••
08.04.202518:46
📚 قائمة “نهم” لا غِنى عنها لكلّ محبّ للقراءة.
登录以解锁更多功能。