سلام عليكم يا مولانا يارب تكون بخير كل عام وأنت طيب
سؤال في موضوع تخصصك بنينة المآزق" مشكلة في فهم أن مشاكل الأفراد متسبب فيها بنى و سياقات اجتماعية مالهومش يد فيها طيب هل ده مش نوع من الحتمية أو الجبرية و اعفاء للفرد من أي مسؤولية ثم ان من البداية النظم أو البنى دي اللي ساهم في بناءها و استدامتها افراد برضه.. أنا الحتة دي لفة معاية شوية
ليس كذلك
أولا: نقيض البنية ليس الأفراد، بل الفاعلين. وهم أعم من الأفراد فالمؤسسات ضمن الفاعلين مثلا.
ثانيا: البحث في البنية، هو بحث في الأسباب، وهي فكرة بديهية أصلا، يعني عندما تنتشر <جريمة> معينة في سياق معين، لا يقال للباحث في أسباب انتشارها المخصوص هذا، والذي غالبا ما سيرجع هذا الانتشار لأسباب بنيوية أنه يقرر نوعًا من الحتمية أو الجبرية، أو أنه يعفي المجرمين من المسئولية. بلاش جرايم ياعم أمر كانتشار معدلات الطلاق مثلا، عندما يبحث في أسبابه لا هو حتمية ولا هو جبرية، وإنما الأمور بأسبابها، السلوكيات التي تشهد انتشارًا عامًا لها أسباب عامة كذلك، هكذا خلق الله العالم. بلاش دا ولا دا انتشار السمنة مثلا .. وهكذا ، والأمثلة غير محصورة.
ثالثا: الشرع منطوقا ومفهومًا أصلًا يقرر هذا، انظر مثلا قصة قاتل المائة نفس، وقول العالم له إنك بأرض سوء في علاقة هذا بجريمته ولزوم تركها لتوبته. وانظر كلام أهل السيرة مثلا في تقرير صلوحية العرب لاحتمال الرسالة الخاتمة دون غيرهم من أمم ذلك الزمان، وانظر تقريرات الفقهاء في عموم أبواب العاديات أو المعاملات، أو حتى فيما عمت به البلوى، كلها بنى. ولا يقال حينها أن الشرع يعفي الأفراد من مسئولية أفعالهم.
رابعًا: المسئولية ليست مقولة تفسيرية أصلا حتى يقال بالتعارض بينها وبين التفسيرات السببية من هذا النوع، فلا يقال: المجتمع الفلاني تفشو فيه ظاهرة كذا وكذا لأنه عديم المسئولية بينما هذا المجتمع لا تفشو فيه نفس الظاهرة لأنه مسئول»، ألا ترى سماجة العبارة لو صيغت هكذا؟
لماذا؟ لأننا لو فرضنا جدلاً أن هذا توصيف صحيح، فالباحث إنما يبحث في أسباب أن هذا المجتمع تنتشر فيه هذه القيمة والآخر لا تنتشر فيه. بمعنى أنها في نفسها ظاهرة تحتاج لتفسير. خامسا: كون الأفراد دلا يد لهم في البنية، إنما هو من حيث كونهم أفراد لا من كل حيثية ولا من كل وجه، فالبني بكل تأكيد لا توجد في فراغ، بل توجد بفاعليها، هذا بديهي أيضًا لا يسوغ أن يعترض به.
سادسًا: العلاقة بين البنية والفاعلين علاقة ديالكتيكية أو جدلية يعني رايح جاي، أو كما يعبر بورديو البنية مبنينة ومُبَنينَة. (يعني تبنين الفاعلين، ويبنينها الفاعلون معًا فلا هي بالشيء الذي يبنيه الفاعلون اجتراحًا من عدم هكذا، ولا هي كذلك مستقلة استقلالا تاما عنهم بحيث لا يؤثرون فيها.
سابعًا وأخيرًا: لو شعرت أن تحليلك السليم نظريا يفرض عليك فرضًا أن تعفي "الأفراد" من مسئوليات مفترضة، بحيث لا يستقيم التحليل وهذه المسئولية بأي حال، فالخطأ كان في تحميلك إياهم هذه المسئولية أصلا من البداية لا في كونك "أعفيتهم" منها.
الغازي محمد