تعليق سريع على هذا المقطع للشيخ محمد بن شمس الدين حفظه الله
بداية اعتمد الشيخ في نفي الصفة على عدم مناسبة الاشتقاق فقال لا يقال عن الله أنه أذي فبالتالي لا نثبت له الأذى
وعجبت، كيف غاب عن الشيخ أنه لا يشتق من الصفة اسم ولكن من الاسم تشتق الصفة
فمثلا الله متصف بالقدرة وهو القدير لأن القدرة مأخوذة من اسم القدير وليس العكس
فالله ﷻ من صفاته الثابتة المتجددة النزول، وهذه الصفة مثبتة بالإجماع القطعي
فهل يصح أن يقال عن الله النازل؟
قال الإمام ابن القيم في بدائع الفوائد: (لا يَلزَمُ مِن الإخبارِ عنه بالفِعلِ مُقَيَّدًا أن يُشتَقَّ له منه اسمٌ مُطلَقٌ، كما غَلِطَ فيه بعضُ المتأخِّرينَ، فجَعَل مِن أسمائِه الحُسْنى المضِلَّ الفاتِنَ الماكِرَ، تعالى اللهُ عن قَولِه؛ فإنَّ هذه الأسماءَ لم يُطلَقْ عليه سُبحانَه منها إلَّا أفعالٌ مخصوصةٌ مُعَيَّنةٌ، فلا يجوزُ أن يُسَمَّى بأسمائِها)
ثم قال الشيخ أن السلف لم يثبتوا هذه الصفة، وكأن السلف لم يتكلموا في أصول وقواعد إثبات الصفات!
فقولك يا شيخ أنهم لم يثبتوها، كذلك لم ينفوها فعلى ماذا اعتمدت في نفيها؟
ثم إننا رأينا السلف جميعهم يثبتون الصفات على ظاهر اللفظ وما رأينا أحداً منهم يجيز صرف لفظ الصفة عن ظاهرها بغير بينة كما فعلت غفر الله لك
فقول الله تعالى كما في الحديث القدسي ( يؤذيني ابن آدم ) على ظاهره ولا يلزم من إثباتها نقص فنحن لم نثبت أن الله يتضرر وقد أتى نفي الضرر في نصوص أخرى فتبين بذلك المقصود، فلماذا لجأت للنفي؟
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: العبارات المجملة لا نُطلِقُها إذا لم يجيء بها الشرعُ إلا مفسَّرةً، فالشرع جاء بالحب والرضا والفرح والضحكْ والبشبشة ونحو ذلك، وجاء أنه يُؤذى ويصبر على الأذى، فقال: (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ ورسوله) وقال النبي ﷺ: "ما أحدٌ أصبرَ على أذًى يسمعُه من الله" وقال الله تعالى: "يُؤذيني ابنُ آدمَ يَسُبُّ الدهرَ وأنا الدهرُ، بيدي الأمرُ أقلِّبُ الليلَ والنهارَ" ، وقال النبي ﷺ للباصقِ في القبلة: "إنك قد آذيتَ الله ورسوله" وقال: "مَنْ لكعب بن الأشرفِ، فإنه قد آذى الله ورسوله
فهذه الصفات حقّ نطقَ بها الكتاب والسنة، واتفق عليها سلفُ الأمة وعامة أهل العلم والإيمان من أهل المعرفة واليقين، ودلَّ العقل القياسي والعقل الإيماني على صحتها، فلا خروجَ عن هذه الأدلةِ والسنةِ والجماعة وزمرةِ الأولياء والأنبياء .
- جامع المسائل
فهذا شيخ الإسلام محقق مذهب السلف في المتأخرين ذكر أن إثبات هذه الصفات اتفق عليها السلف وعامة أهل العلم والإيمان
وكلامه حق بلا ريب،
فإن قواعد وتأصيلات السلف في باب الصفات تنطق كلها بإثبات هذه الألفاظ على ظاهرها من غير تحريف ولا تشبيه
وقد قال إمامنا أحمد بن حنبل رضي الله عنه:
نعبد اللَّه بصفاته، كما وصف به نفسه؛ قد أجمل الصفة لنفسه؛ ولا نتعدى ذلك، نؤمن بالقرآن كله، محكمه ومتشابهه، ولا نزيل عنه تعالى ذكره صفة من صفاته، لشناعة شنعت.
هذا والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله.