إن أقبح ما يمكن أن تراه في قصص الزواج في زماننا، هو تلك البدايات التي تشهد الله جل جلاله، على حب الاستقامة والتقوى، على مطلب الالتزام ومرضاة الله تعالى .. ولكن في نهاياتها، تسقط الأقنعة ويظهر المعدن الحقيقي وحقيقة الادعاءات ... تنتهي بالفجور والظلم والطغيان وجاهليات النفوس!
نفوس لم تتأدب أمام عظمة الميثاق الغليظ، فأنّى لها أن تسعد أو تجد خيرا في طريق تعاملت فيه بسوء ظن بالله جل جلاله!
كلمة أوجهها هنا لكل مبادرات الزواج الإسلامية على الشبكة: أنتم تحملون مسؤولية عظيمة أمام الله عز وجل. وأعراض المسلمين وحقوقهم وعقودهم، أمانة عظيمة!
أيها القائمون على إدارة المبادرات، لقد وصلتنا قصص مفجعة، والكثير من الاستهانة بالأعراض والحقوق، والعبث واللامسؤولية وأكثر من ذلك ضعف الخشية والغرور وأمن مكر الله تعالى.
إن الدخول للبيوت من أبوابها لا يعني إضمار الخداع لفرض الأمر الواقع، لا يعني إخفاء المعلومات التي تقوم عليها حياة كاملة، لزوجين يبنيان بيتا تحت عقد ميثاق غليظ. ومن غشنا فليس منا!
إن المسلمين على شروطهم، وما بني على غش فهو هدم وما بدأ بنية استغفال وبيع غرر، فهو موجب للنهايات المأساوية! ولا يوجب النهايات المباركة إلا الصدق! بكل ما تعنيه الكلمة من معانٍ ومنظومة عقدية وخلقية مهيبة.
ثم حين تنتهي القصة المفجعة بفراق، فالحل في القرآن العظيم واضح لا يجادل فيه إلا مرتاب، وليس بإلقاء التهم والتنصل والفجور، قال تعالى (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ۚ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِّتَعْتَدُوا ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ۚ وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).
لا مكان للجاهليات والعنتريات التي يظهرها بعض من لم يقدر ربه حق قدره، ليس بالابتزاز الوقح ومواقف يموت الرجل الحر ولا يضع نفسه فيها!
فإما أن تمسك زوجك بتقوى الله أو تسرحها بتقوى الله تعالى، لا يوجد في شريعة الله تعالى أدوار المسلسلات الهابطة والانتصار للنفس الجاهلي. والابتزاز والمساومة والمراوغة وما حط من تعاملات تعافها المروءة.
ومن أبى إلا هذه السبيل فليعلم أنه قد ظلم نفسه وأنه والله قد خاب من كسب ظلما ولا يطمع مثله في توفيق ولا أمان في حياته. سيدفع ثمن تعديه لحدود الله عاجلا أو آجلا.
قصص الزواج لشهر وشهرين التي تنتهي نهاية مأساوية بين الذين من المفترض جمعتهم غاية الالتزام وشريعة رب العالمين يجب أن تنتهي، ويجب أن تتوقف هذه المهزلة. وبما أننا لا نستطيع أن نقطع الشر ونزعاته في النفوس، وبما أننا نتعامل مع نفوس لا ترى إلا ما لها وتنسى ما عليها، ولا تفكر إلا في أنانيتها وجشعها، ولا تحفظ لذي فضل فضلا، فلنسد أبواب الشر ولنرفع من أسباب الحماية والأمان.
لذلك بقيت كلمة أوجهها لأولياء الأمور.
إن الله جعل ولاية الزواج بأيديكم للقيام بواجب الاختيار الأتقى، والأسلم، فلا يعقل أن تسلم الابنة لأي طارق بحجة جاء بمبادرة إسلامية، لا يعقل أن تسلم ابنتك أيها الأب لرجل لا تعرف خلفيته! وتكتفي بحسن الظن لأنه يظهر التدين أمامك في ملبسه وكلماته! وإن كان من خدعنا في الله انخدعنا له، إلا أن حقيقة بعض الرجال لا يؤتمن على شاة يرعاها، فكيف بمسلمة!
وهذا لا يعني أن كل رجل يتقدم يتحمل مسؤولية فشل زواجه إن حصل، فالعلاقات الزوجية أخذ وعطاء، تفاعلات تبني أو تهدم، وعلى الجميع تحمل مسؤولية اختياراتهم وتعلم فن العشرة بالمعروف وإيتاء كل ذي حق حقه والتقوى.
لكن طريق المبادرات أصبحت تحمل الكثير من التجاوزات والاستهتار وتواترت القصص بالتفاصيل نفسها التي يندى لها الجبين، وآن الأوان لإنكار هذا المنكر علنا.
ومن لم تزجره الموعظة والأمر بالمعروف، فليترقب عدل الله عز وجل فوالله إن الظلم ظلمات والله تعالى لا يخفى عليه شيء، إنما هي موجبات شقاء أو فضل!
في زمن مضى حين كانت الرجولة والمروءة معلما بارزا في حياة المسلمين، اجتمع رجل وامرأة للطلاق عند القاضي، ثم أنكرت الزوجة أمرا على زوجها، فحين أراد القاضي أن تنزع النقاب لكي يتأكد أنها الزوجة ليوثق الشهادة، استنفر زوجها الذي طلقها، وقال لها ما ادعت ولا ترفع نقابها. فهزها موقفه وانزجرت!
كانت حينها الرجولة والمروءة أغلى من النفوس!!
فاللهم أصلح حال المسلمين ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.