08.05.202512:20
في قوله تعالى: (وَلَا تَقۡتُلُوۤا۟ أَوۡلَـٰدَكُم مِّنۡ إِمۡلَـٰقࣲ نَّحۡنُ نَرۡزُقُكُمۡ وَإِیَّاهُمۡ). (بركة الأولاد والآباء بعضهم على بعض:
(في قوله في هذه السورة: ﴿نحن نرزقكم وإياهم﴾، مع قوله في الإسراء: ﴿نحن نرزقهم وإياكم﴾ إشارة إلى أن الله يرزق الوالد بالولد، ويرزق الولد بالوالد، رحمة من الله فيهما متبادلة، ومن ذلك ما في سورة الكهف في مال اليتيمين، قال: ﴿وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك﴾ وقد يحفظ الله الولد بصلاح والده، ولكن لا يضيعه لضياع والده، فلا تزر وازرة وزر أخرى، ولذا قال تعالى: (كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين) وهذا في الدنيا والآخرة، فيلحق الولد والده في الخير في الآخرة إن كانا مؤمنين، ولا يلحقه في الشر وجزاؤه بعمله، كما قال تعالى: ﴿والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء﴾) التفسير والبيان لأحكام القرآن: (١٦٨٨/٤).
(في قوله في هذه السورة: ﴿نحن نرزقكم وإياهم﴾، مع قوله في الإسراء: ﴿نحن نرزقهم وإياكم﴾ إشارة إلى أن الله يرزق الوالد بالولد، ويرزق الولد بالوالد، رحمة من الله فيهما متبادلة، ومن ذلك ما في سورة الكهف في مال اليتيمين، قال: ﴿وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك﴾ وقد يحفظ الله الولد بصلاح والده، ولكن لا يضيعه لضياع والده، فلا تزر وازرة وزر أخرى، ولذا قال تعالى: (كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين) وهذا في الدنيا والآخرة، فيلحق الولد والده في الخير في الآخرة إن كانا مؤمنين، ولا يلحقه في الشر وجزاؤه بعمله، كما قال تعالى: ﴿والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء﴾) التفسير والبيان لأحكام القرآن: (١٦٨٨/٤).
05.05.202506:31
من أساليب البلاغيين ما يسمى بالأسلوب الحكيم، وهو تلقي السائل بغير ما يتطلب من الجواب بتنزيل سؤاله منزلة غيره، تنبيها على أنه الأولى بحاله، ومن أمثلته قوله تعالى: (یَسۡـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلۡأَهِلَّةِۖ قُلۡ هِیَ مَوَ ٰقِیتُ لِلنَّاسِ وَٱلۡحَجِّۗ). فقد ورد أن بعض الصحابة سألوا ما بال الهلال يطلع دقيقا مثل الخيط ثم يزيد حتى يعظم ويستدير، ثم لا يزال ينقص حتى يعود كما كان لا يكون على حال واحد فنزلت الآية، فجاء الجواب بما فيه نفعهم وصلاح دينهم ودنياهم، وهو معرفة كون الأهلة ترتبت عليها آجال المعاملات والعبادات كالحج والصيام والعدة، وأما الأفلاك فلا نفع لهم في العلم به، ولذلك صرفهم عن بيان مسؤولهم إلى بيان فائدة أخرى هي الأولى في حقهم، كقول النبي عليه الصلاة والسلام للسائل: متى الساعة؟ قال: ما أعددت لها؟ ومن بديع مناسبة الآية بعدها قوله: (ولَيْسَ البِرُّ بِأنْ تَأْتُوا البِيُوتَ مِن ظُهُورِها ولَكِنِ البِرُّ مَنِ اتَّقى وأْتُوا البِيُوتَ مِن أبْوابِها)، وهي إبطال لعادة الأنصار في الجاهلية فإنهم كانوا إذا رجعوا من النسك لايدخلون البيوت من أبوابها، وأشارت الآية أنه ينبغي للسائل والمتعلم أن يأتي العلم من بابه المعروف وأن يترك الشذوذات في العلم والبحث عن الغرائب غير المعروفة، وأصبح قوله: (وأتوا البيوت من أبوابها) مثلا مرسلا جاريا على الألسنة لكل مخالف للطرق المعروفة في العلم ونحوها، فما أعظم هذا القرآن بلاغة وبيانا.
02.05.202502:38
يوم الجمعة: يوم المزيد ورؤية الله تعالى لأهل الجنة، وقوله تعالى: ﴿لَهم ما يَشاءُونَ فِيها ولَدَيْنا مَزِيدٌ﴾ وهذه الآية أصل في المفاجأة بالإنعام والهدايا والإكرام، لعدم ذكر صفة المزيد، فذكر الصفة وحذف الموصوف، ولما جاء في مسلم من المفاجأة بالنظر إلى وجهه عنه ﷺ: (إذا دخل أهل الجنة الجنة نادى مناد: يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعدا يريد أن ينجزكموه. فيقولون: ما هو؟ ألم يبيض وجوهنا؟ ألم يثقل موازيننا؟ ألم يدخلنا الجنة ويجرنا من النار؟ فيكشف الحجاب فينظرون إليه، فوالله ما أعطاهم الله شيئا أحب إليهم، ولا أقر لأعينهم من النظر إليه. وهو الزيادة ثم تلا: {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة}.
قال ابن عاشور: (أيْ زِيادَةٌ عَلى ما يَشاءُونَ مِمّا لَمْ يَخْطُرُ بِبالِهِمْ، وذَلِكَ زِيادَةٌ في كَرامَتِهِمْ عِنْدَ اللَّهِ، وفِيها دَلالَةٌ عَلى أنَّ المُفاجَأةَ بِالإنْعامِ ضَرْبٌ مِنَ التَّلَطُّفِ والإكْرامِ، وأيْضًا فَإنَّ الإنْعامَ يَجِيئُهم في صُوَرٍ مُعْجَبَةٍ).
قال ابن عاشور: (أيْ زِيادَةٌ عَلى ما يَشاءُونَ مِمّا لَمْ يَخْطُرُ بِبالِهِمْ، وذَلِكَ زِيادَةٌ في كَرامَتِهِمْ عِنْدَ اللَّهِ، وفِيها دَلالَةٌ عَلى أنَّ المُفاجَأةَ بِالإنْعامِ ضَرْبٌ مِنَ التَّلَطُّفِ والإكْرامِ، وأيْضًا فَإنَّ الإنْعامَ يَجِيئُهم في صُوَرٍ مُعْجَبَةٍ).
28.04.202510:00
رسالة العبودية لشيخ الإسلام من أشهر وأعظم رسائله في أعمال القلوب، يقول: (وكل من علق قلبه بالمخلوقات أن ينصروه أو يرزقوه أو أن يهدوه خضع قلبه لهم؛ وصار فيه من العبودية لهم بقدر ذلك؛ وإن كان في الظاهر أميرا لهم مدبرا لهم متصرفا بهم؛ فالعاقل ينظر إلى الحقائق لا إلى الظواهر؛ فالرجل إذا تعلق قلبه بامرأة ولو كانت مباحة له يبقى قلبه أسيرا لها تحكم فيه وتتصرف بما تريد؛ وهو في الظاهر سيدها لأنه زوجها. وفي الحقيقة هو أسيرها ومملوكها لا سيما إذا درت بفقره إليها؛ وعشقه لها؛ فإنها حينئذ تحكم فيه بحكم السيد القاهر الظالم في عبده المقهور؛ الذي لا يستطيع الخلاص منه بل أعظم فإن أسر القلب أعظم من أسر البدن…فأما من استعبد قلبه صورة محرمة: امرأة أو صبيا فهذا هو العذاب الذي لا يدان فيه، وهؤلاء من أعظم الناس عذابا وأقلهم ثوابا فإن العاشق لصورة إذا بقي قلبه متعلقا بها اجتمع له من أنواع الشر والفساد ما لا يحصيه إلا رب العباد ولو سلم من فعل الفاحشة الكبرى فدوام تعلق القلب بها بلا فعل الفاحشة أشد ضررا عليه ممن يفعل ذنبا ثم يتوب منه ويزول أثره من قلبه وهؤلاء يشبهون بالسكارى والمجانين.). الفتاوى: (١٨٥/١٠).
26.04.202512:14
قال النبي ﷺ في الحديث الصحيح: {ما أتاك من هذا المال وأنت غير سائل ولا مشرف فخذه وما لا فلا تتبعه نفسك} . من بديع تعليقات شيخ الإسلام: (فالمشرف الذي يستشرف بقلبه والسائل الذي يسأل بلسانه وفي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري: {قال: أصابتنا فاقة فجئت رسول ﷺ لأسأله فوجدته يخطب الناس: أيها الناس والله مهما يكن عندنا من خير فلن ندخره عنكم وإنه من يستغن يغنه الله ومن يستعفف يعفه الله ومن يتصبر يصبره الله وما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر} . والاستغناء: أن لا يرجو بقلبه أحدا فيتشرف إليه والاستعفاف ألا يسأل بلسانه أحدا؛ ولهذا لما سئل أحمد بن حنبل عن التوكل فقال: قطع الاستشراف إلى الخلق؛ أي لا يكون في قلبك أن أحدا يأتيك بشيء فقيل له: فما الحجة في ذلك؟ فقال: قول الخليل لما قال له جبرائيل هل لك من حاجة؟فقال: أما إليك فلا).
الفتاوى: (٢٥٩/١٠).
الفتاوى: (٢٥٩/١٠).
24.04.202514:12
يصف شيخ الإسلام لذة التضرع بالدعاء عند وقوع الابتلاء: (فمن تمام نعمة الله على عباده المؤمنين أن ينزل بهم الشدة والضر وما يلجئهم إلى توحيده فيدعونه مخلصين له الدين ويرجونه لا يرجون أحدا سواه وتتعلق قلوبهم به لا بغيره فيحصل لهم من التوكل عليه والإنابة إليه وحلاوة الإيمان وذوق طعمه والبراءة من الشرك ما هو أعظم نعمة عليهم من زوال المرض والخوف أو حصول اليسر فإن ذلك لذات بدنية ونعم دنيوية قد يحصل للكافر منها أعظم مما يحصل للمؤمن. وأما ما يحصل لأهل التوحيد المخلصين لله الدين فأعظم من أن يعبر عن كنهه مقال أو يستحضر تفصيله بال ولكل مؤمن من ذلك نصيب بقدر إيمانه.. وقال بعض الشيوخ: إنه ليكون لي إلى الله حاجة فأدعوه فيفتح لي من لذيذ معرفته وحلاوة مناجاته ما لا أحب معه أن يعجل قضاء حاجتي خشية أن تنصرف نفسي عن ذلك؛ لأن النفس لا تريد إلا حظها فإذا قضي انصرفت. وفي بعض الإسرائيليات يا ابن آدم البلاء يجمع بيني وبينك والعافية تجمع بينك وبين نفسك).
الفتاوى: (٣٠٣/١٠).
الفتاوى: (٣٠٣/١٠).
07.05.202518:42
يقول ابن القيم في آيتين في ميزان عدل الله في مجازاة المخلوق: (فقوله تعالى: {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} وقوله: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} آيتان محكَمتان، يقتضيهما عدلُ الربِّ تعالى، وحكمتُه وكمالُه المقدَّس؛ والعقل والفطرة شاهدان بهما. فالأولى تقتضي أنَّه لا يعاقَب بجرم غيره، والثانية تقتضي أنَّه لا يفلح إلا بعمله وسعيه. فالأولى تؤمِّن العبد من أخْذِه بجريرة غيره، كما يفعله ملوك الدنيا. والثانية تقطَع طمعَه من نجاته بعمل آبائه وسلفه ومشايخه، كما عليه أصحاب الطمع الكاذب. فتأمَّلْ حسنَ اجتماع هاتين الآيتين!)
04.05.202515:08
إذا توفي أحد العلماء أو الدعاة حضرت هذه العبارات النفيسة لابن القيم في فضل أهل الدعوة والعلم في سياق ذكره لطبقات المكلفين فقد ذكر ثماني عشرة طبقة أعلاهم الرسل، ثم ذكر في الطبقة الرابعة العلماء ثم وصفهم بقوله: (..فيالها من مرتبة ما أعلاها، ومنقبة ما أجلها وأسناها، أن يكون المرء فى حياته مشغولا ببعض أشغاله، أو فى قبره قد صار أشلاء متمزقا وأوصالا متفرقة، وصحف حسناته متزايدة يملى فيها الحسنات كل وقت، وأعمال الخير مهداة إليه من حيث لا يحتسب تلك والله المكارم والغنائم، وفى ذلك فليتنافس المتنافسون، وعليه يحسد الحاسدون، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
وحقيق بمرتبة هذا شأنها أن تنفق نفائس الأنفاس عليها، ويسبق السابقون إليها، وتوفر عليها الأوقات وتتوجه نحوها الطلبات، فنسأل الله الذى بيده مفاتيح كل خير أن يفتح علينا خزائن رحمته، ويجعلنا من أهل هذه الصفة بمنه وكرمه). طريق الهجرتين: (٧٧٠/٢)، فانظر طبقتك في هذه الطبقات، فهنيئا لصاحب الأثر الحسن والذكر الطيب.
وحقيق بمرتبة هذا شأنها أن تنفق نفائس الأنفاس عليها، ويسبق السابقون إليها، وتوفر عليها الأوقات وتتوجه نحوها الطلبات، فنسأل الله الذى بيده مفاتيح كل خير أن يفتح علينا خزائن رحمته، ويجعلنا من أهل هذه الصفة بمنه وكرمه). طريق الهجرتين: (٧٧٠/٢)، فانظر طبقتك في هذه الطبقات، فهنيئا لصاحب الأثر الحسن والذكر الطيب.


01.05.202503:31
كتاب فضائل القرآن مليء الفوائد، وعنوانه لا يعبر عن مضمونه من جهة المنهج، فهو مقدمة تفسيرية بديعة، وفيه ما يضاهي مقدمة التفسير، من نصوصه البارعة: (ومن ذاق طعم القرآن استحلى ترداد الآية) (٢٨٦).
27.04.202514:51
في موافقة العقوبة جنس العمل وأن التحايل على شرع الله أعظم من المعصية الظاهرة، ينقل ابن القيم عن شيخ الإسلام لفتة بديعة في حكمة مسخ اليهود قردة في قصة أصحاب السبت، يقول: (قال شيخنا: وهؤلاء لم يكفروا بالتوراة وبموسى، وإنما فعلوا ذلك تأويلا واحتيالا ظاهره ظاهر الاتقاء وحقيقته حقيقة الاعتداء، ولهذا والله أعلم - مسخوا قردة لأن صورة القرد فيها شبه من صورة الإنسان، وفي بعض ما يذكر من أوصافه شبه منه، وهو مخالف له في الحد والحقيقة، فلما مسخ أولئك المعتدون دين الله بحيث لم يتمسكوا إلا بما يشبه الدين في بعض ظاهره دون حقيقته مسخهم الله قردة تشبه الإنسان في بعض ظاهره دون الحقيقة، جزاء وفاقا).
25.04.202518:57
بين الحفظ والتأمل والمذاكرة:
يقول ابن القيم: (وكل من التذكر والتفكر له فائدة غير فائدة الآخر؛ فالتذكر يفيد تكرار القلب على ما علمه وعرفه ليرسخ فيه ويثبت، ولا ينمحي فيذهب أثره من القلب جملة، والتفكر يفيد تكثير العلم واستجلاب ما ليس حاصلا عند القلب؛ فالتفكر يحصله والتذكر يحفظه.
ولهذا قال الحسن: «ما زال أهل العلم يعودون بالتذكر على التفكر، وبالتفكر على التذكر، ويناطقون القلوب، حتى نطقت بالحكمة».
فالتفكر والتذكر بذار العلم، وسقيه مطارحته، ومذاكرته تلقيحه، كما قال بعض السلف: «ملاقاة الرجال تلقيح لألبابها» فالمذاكرة به لقاح العقل). مفتاح دار السعادة: (٥٢٥/١). وقي هذا الكتاب النفيس من التوجيه لطالب العلم ما يجدر به قراءته، وذكر فيه أكثر من مائة وخمسين وجها في فضائل طلب العلم.
يقول ابن القيم: (وكل من التذكر والتفكر له فائدة غير فائدة الآخر؛ فالتذكر يفيد تكرار القلب على ما علمه وعرفه ليرسخ فيه ويثبت، ولا ينمحي فيذهب أثره من القلب جملة، والتفكر يفيد تكثير العلم واستجلاب ما ليس حاصلا عند القلب؛ فالتفكر يحصله والتذكر يحفظه.
ولهذا قال الحسن: «ما زال أهل العلم يعودون بالتذكر على التفكر، وبالتفكر على التذكر، ويناطقون القلوب، حتى نطقت بالحكمة».
فالتفكر والتذكر بذار العلم، وسقيه مطارحته، ومذاكرته تلقيحه، كما قال بعض السلف: «ملاقاة الرجال تلقيح لألبابها» فالمذاكرة به لقاح العقل). مفتاح دار السعادة: (٥٢٥/١). وقي هذا الكتاب النفيس من التوجيه لطالب العلم ما يجدر به قراءته، وذكر فيه أكثر من مائة وخمسين وجها في فضائل طلب العلم.
23.04.202519:37
لا يمكن فهم بعض الألفاظ القرآنية إلا باستحضار بعض أبواب البلاغة، في قوله تعالى: (لَا یَسۡمَعُونَ فِیهَا لَغۡوࣰا وَلَا تَأۡثِیمًا)
فلا يعني هذا أن في الجنة كلاما باطلا وآثما، وإنما سر المسألة فيما يسمى عند البلاغيين: بنفي الشيء مقيدا والمراد نفيه مطلقا، أو نفي الشيء بنفي لازمه، مبالغة في النفي وتأكيدا لعدم الوجود، ومنه قولهم: فلان لا يرجى خيره، أي: أنه لا خير فيه بأي وجه من الوجوه. وهو نوع من الكناية، ومنه قوله تعالى: (فما تنفعهم شفاعة الشافعين)، فإن الكفار لا شفاعة لهم يوم القيامة، ولكن ذلك من نفي الشيء بنفي لازمه مبالغة وتأكيدا لنفيه. والشاهد الشعري لهذا الباب قول عمرو بن أحمر:
لا تفزِع الأرنب أهوالها ...
ولا ترى الضب بها ينجحر
وأراد أنه لا يوجد في الصحراء أرنب ولا ضب مطلقا لكنه قيده مبالغة في النفي.
فلا يعني هذا أن في الجنة كلاما باطلا وآثما، وإنما سر المسألة فيما يسمى عند البلاغيين: بنفي الشيء مقيدا والمراد نفيه مطلقا، أو نفي الشيء بنفي لازمه، مبالغة في النفي وتأكيدا لعدم الوجود، ومنه قولهم: فلان لا يرجى خيره، أي: أنه لا خير فيه بأي وجه من الوجوه. وهو نوع من الكناية، ومنه قوله تعالى: (فما تنفعهم شفاعة الشافعين)، فإن الكفار لا شفاعة لهم يوم القيامة، ولكن ذلك من نفي الشيء بنفي لازمه مبالغة وتأكيدا لنفيه. والشاهد الشعري لهذا الباب قول عمرو بن أحمر:
لا تفزِع الأرنب أهوالها ...
ولا ترى الضب بها ينجحر
وأراد أنه لا يوجد في الصحراء أرنب ولا ضب مطلقا لكنه قيده مبالغة في النفي.
06.05.202518:06
لايحصل شيء إلا بقدر: الخير والشر، ومن طريقة القرآن عدم إسناد فعل الشر إلى الله أدبا مع الخالق سبحانه، وقد ذكر ابن القيم ستة طرق في إسناد الشر، يقول: (تارة (يسند الفعل) إلى سببه ومن قام به، كقوله: {والكافرون هم الظالمون) وقوله:{فبظلم من الذين هادوا} وقوله: {ذلك جزيناهم ببغيهم}..وتارة بحذف فاعله كقوله تعالى حكاية عن مؤمني الجن: {وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا)، ومثله قول الخضر في السفينة: {فأردت أن أعيبها} وفي الغلامين: {فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك} ومثله قوله: {ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان} فنسب هذا التزيين المحبوب إليه، وقال: {زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين}، ومثله قول الخليل: (الذي خلقني فهو يهدين والذي هو يطعمني ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين والذي يميتني ثم يحيين والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين) فنسب إلى ربه كل كمال من هذه الأفعال, ونسب إلى نفسه النقص منها وهو المرض والخطيئة…{الذين آتيناهم الكتاب} {الذين أوتوا الكتاب} والفرق بين الموضعين أنه حيث ذكر الفاعل كان من آتاه الكتاب واقعا في سياق المدح, وحيث حذفه كان من أوتيه واقعا في سياق الذم أو منقسما). مختصرا من بدائع الفوائد وذكر أمثلة أخرى فارجع إليها: (٧٢٤/٢).
03.05.202511:45
﴿وَمَثَلُ ٱلَّذِینَ یُنفِقُونَ أَمۡوَ ٰلَهُمُ ٱبۡتِغَاۤءَ مَرۡضَاتِ ٱللَّهِ وَتَثۡبِیتࣰا مِّنۡ أَنفُسِهِمۡ كَمَثَلِ جَنَّةِۭ بِرَبۡوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلࣱ فَـَٔاتَتۡ أُكُلَهَا ضِعۡفَیۡنِ فَإِن لَّمۡ یُصِبۡهَا وَابِلࣱ فَطَلࣱّۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِیرٌ﴾ ضرب الله مثلا أعمال المقربين والأبرار في البركة والنماء والصدق في هذا المثل القرآني البديع، يقول ابن القيم: (والجنة بربوة وهو المكان المرتفع، لأنها أكمل من الجنة التي بالوهاد والحضيض، لأنها إذا ارتفعت كانت بمدرجة الأهوية والرياح. وكانت ضاحية للشمس وقت طلوعها واستوائها وغروبها. فكانت أنضج ثمرا وأطيبه وأحسنه وأكثره، فإن الثمار تزداد طيبا وزكاء بالرياح والشمس، بخلاف الثمار التي تنشأ في الظلال، وإذا كانت الجنة بمكان مرتفع لم يخش عليها إلا من قلة الماء والشراب فقال تعالى: أصابَها وابِلٌ وهو المطر الشديد العظيم القدر، فأدت ثمرتها وأعطت بركتها، فأخرجت ثمرتها ضعفي ما يثمر غيرها أو ضعفي ما كانت تثمر بسبب ذلك الوابل. فهذا حال السابقين المقربين، (فَإنْ لَمْ يُصِبْها وابِلٌ فَطَلٌّ)، فهو دون الوابل. فهو يكفيها لكرم منبتها وطيب مغرسها تكتفي في إخراج بركتها بالطل، وهذا حال الأبرار والمقتصدين في النفقة، وهم درجات عند الله) طريق الهجرتين.
30.04.202516:20
في قوله تعالى: (فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ وكُلاًّ آتَيْنا حُكْمًا وعِلْمًا)
(ولا يجوز لأحد أن يقضي في مسألة برأيه إلا بشروط:
الأول: أن يكون عالما يملك آلة الاجتهاد بما يقضي فيه، ولهذا وصف النبي ﷺ المجتهد المأجور بـ(الحاكم)، يعني: الذي يعرف مفاصل الحكم ومقاطع الحقوق وأدلتها..وكذلك فإن الله قال عن داود وسليمان مبينا سبب تأهلهما للحكم: ﴿وكلا آتينا حكما وعلما﴾.الثاني: أن يستفرغ وسعه باجتهاده، فإن العالم لا يلزم من كونه عالما أن يطلق الحكم من غير تأمل واستفراغ للوسع، بجمع الأدلة وعرضها..الثالث: أن يكون عارفا بالنازلة التي يقضي فيها، فإن الإحاطة بالأدلة لا تكفي للحكم على نوازل لا يحيط بها العالم…والعالم المجتهد المخطئ مأجور أجرا واحدا، والمصيب له أجران، كما في الحديث، فكلاهما استحق أجرا لاجتهاده، والمصيب استحق الثاني لصوابه، وإنما كان الفرق بينهما في الأجر مع أن جميعهما استفرغ وسعه، وذلك حتى لا يتواكل العالم في الفتيا ويتعجل، فكان للأجر الثاني نصيب بالطلب والقصد، فلو تساويا، لم يكن للمصيب خصيصة، وفي النفوس تساهل خفي وجلي ولو كانت صالحة إن علمت تساوي الأجر في الحالين). التفسير والبيان لأحكام القرآن: (١٧٥٩/٤).
(ولا يجوز لأحد أن يقضي في مسألة برأيه إلا بشروط:
الأول: أن يكون عالما يملك آلة الاجتهاد بما يقضي فيه، ولهذا وصف النبي ﷺ المجتهد المأجور بـ(الحاكم)، يعني: الذي يعرف مفاصل الحكم ومقاطع الحقوق وأدلتها..وكذلك فإن الله قال عن داود وسليمان مبينا سبب تأهلهما للحكم: ﴿وكلا آتينا حكما وعلما﴾.الثاني: أن يستفرغ وسعه باجتهاده، فإن العالم لا يلزم من كونه عالما أن يطلق الحكم من غير تأمل واستفراغ للوسع، بجمع الأدلة وعرضها..الثالث: أن يكون عارفا بالنازلة التي يقضي فيها، فإن الإحاطة بالأدلة لا تكفي للحكم على نوازل لا يحيط بها العالم…والعالم المجتهد المخطئ مأجور أجرا واحدا، والمصيب له أجران، كما في الحديث، فكلاهما استحق أجرا لاجتهاده، والمصيب استحق الثاني لصوابه، وإنما كان الفرق بينهما في الأجر مع أن جميعهما استفرغ وسعه، وذلك حتى لا يتواكل العالم في الفتيا ويتعجل، فكان للأجر الثاني نصيب بالطلب والقصد، فلو تساويا، لم يكن للمصيب خصيصة، وفي النفوس تساهل خفي وجلي ولو كانت صالحة إن علمت تساوي الأجر في الحالين). التفسير والبيان لأحكام القرآن: (١٧٥٩/٤).
26.04.202519:58
استنباطات بديعة متتابعة من البقاعي في قوله تعالى: (أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلۡمَلَإِ مِنۢ بَنِیۤ إِسۡرَ ٰۤءِیلَ مِنۢ بَعۡدِ مُوسَىٰۤ إِذۡ قَالُوا۟ لِنَبِیࣲّ لَّهُمُ ٱبۡعَثۡ لَنَا مَلِكࣰا نُّقَـٰتِلۡ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ)
(ولما كان الإخلال من الشريف أقبح قال ﴿إلى الملإ﴾ أي الأشراف، قال الحرالي: الذين يملئون العيون بهجة والقلوب هيبة - انتهى. ولما كان ذلك من أولاد الصلحاء أشنع قال: ﴿من بني إسرائيل﴾ ولما كان ممن تقرر له الدين واتضحت له المعجزات واشتهرت عنده الأمور الإلهيات أفحش قال ﴿من بعد موسى﴾ أي: الذي أتاهم من الآيات بما طبق الأرض كثرة وملأ الصدور عظمة، قال الحرالي: وفيه إيذان بأن الأمة تختل بعد نبيها بما يصحبها من نوره زمن وجوده معهم، قالوا: ما نفضنا أيدينا من تراب رسول الله ﷺ حتى أنكرنا قلوبنا).
نظم الدرر للبقاعي
(ولما كان الإخلال من الشريف أقبح قال ﴿إلى الملإ﴾ أي الأشراف، قال الحرالي: الذين يملئون العيون بهجة والقلوب هيبة - انتهى. ولما كان ذلك من أولاد الصلحاء أشنع قال: ﴿من بني إسرائيل﴾ ولما كان ممن تقرر له الدين واتضحت له المعجزات واشتهرت عنده الأمور الإلهيات أفحش قال ﴿من بعد موسى﴾ أي: الذي أتاهم من الآيات بما طبق الأرض كثرة وملأ الصدور عظمة، قال الحرالي: وفيه إيذان بأن الأمة تختل بعد نبيها بما يصحبها من نوره زمن وجوده معهم، قالوا: ما نفضنا أيدينا من تراب رسول الله ﷺ حتى أنكرنا قلوبنا).
نظم الدرر للبقاعي
25.04.202505:14
قال ابن القيم في سياق شرح أسماء النبي ﷺ: (فالماحي: الذي محا الله به الكفر. ولم يمح الكفر بأحد من الخلق ما محي بالنبي ﷺ فإنه بعث وأهل الأرض كلهم كفار إلا بقايا من أهل الأرض..فمحا الله سبحانه برسوله ذلك حتى ظهر دين الله على كل دين، وبلغ دينه ما بلغ الليل والنهار، وسارت دعوته مسير الشمس في الأقطار…
وأما نبي التوبة، فهو الذي فتح الله به باب التوبة على أهل الأرض، فتاب الله به عليهم توبة لم يحصل مثلها لأهل الأرض قبله. وكان ﷺ أكثر الخلق استغفارا وتوبة، حتى كانوا يعدون له في المجلس الواحد مائة مرة: «رب اغفر لي، وتب علي، إنك أنت التواب الغفور» وكذلك توبة أمته أكمل من توبة سائر الأمم، وأسرع قبولا، وأسهل تناولا. وكانت توبة من قبلهم من أصعب الأشياء، حتى كان من توبة بني إسرائيل من عبادة العجل قتل نفوسهم، وأما هذه الأمة فلكرامتها على الله جعل توبتها الندم والإقلاع).
زاد المعاد: (٨٢/١).
وأما نبي التوبة، فهو الذي فتح الله به باب التوبة على أهل الأرض، فتاب الله به عليهم توبة لم يحصل مثلها لأهل الأرض قبله. وكان ﷺ أكثر الخلق استغفارا وتوبة، حتى كانوا يعدون له في المجلس الواحد مائة مرة: «رب اغفر لي، وتب علي، إنك أنت التواب الغفور» وكذلك توبة أمته أكمل من توبة سائر الأمم، وأسرع قبولا، وأسهل تناولا. وكانت توبة من قبلهم من أصعب الأشياء، حتى كان من توبة بني إسرائيل من عبادة العجل قتل نفوسهم، وأما هذه الأمة فلكرامتها على الله جعل توبتها الندم والإقلاع).
زاد المعاد: (٨٢/١).
23.04.202504:49
يقول ابن تيمية في كلام أخاذ عن سمات يفقدها المنافق: (في الحديث: (خصلتان لا تكونان في منافق: حسن سمت ولا فقه في الدين).
فإن حسن السمت صلاح الظاهر الذي يكون عن صلاح القلب، والفقه في الدين يتضمن معرفة الدين ومحبته، وذلك ينافي النفاق.
وقال الكفار لشعيب: (يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول) مع أن شعيبا خطيب الأنبياء).
جامع المسائل: (١٣٠/١).
فإن حسن السمت صلاح الظاهر الذي يكون عن صلاح القلب، والفقه في الدين يتضمن معرفة الدين ومحبته، وذلك ينافي النفاق.
وقال الكفار لشعيب: (يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول) مع أن شعيبا خطيب الأنبياء).
جامع المسائل: (١٣٠/١).
05.05.202517:02
آية أقمتُ فيها شهورا:
كتاب نظم الدرر في تناسب الآيات والسور من الكتب التي لا تمل من النظر فيه والاستمتاع بلغته، ولطائفه واستنباطاته، يقول البقاعي في مقدمة تفسيره: (فلا تظنن أيها الناظر لكتابي هذا أن المناسبات كانت كذلك قبل الكشف لقناعها والرفع لسورها، فرب آية أقمت في تأملها شهورا، منها: ﴿وإذ غدوت من أهلك﴾ في آل عمران، ومنها : ﴿ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن﴾، ﴿يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة﴾). وترجمة البقاعي حافلة وتستحق النظر، وتعرض لابتلاءات وخطوب مع بعض علماء عصره.
كتاب نظم الدرر في تناسب الآيات والسور من الكتب التي لا تمل من النظر فيه والاستمتاع بلغته، ولطائفه واستنباطاته، يقول البقاعي في مقدمة تفسيره: (فلا تظنن أيها الناظر لكتابي هذا أن المناسبات كانت كذلك قبل الكشف لقناعها والرفع لسورها، فرب آية أقمت في تأملها شهورا، منها: ﴿وإذ غدوت من أهلك﴾ في آل عمران، ومنها : ﴿ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن﴾، ﴿يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة﴾). وترجمة البقاعي حافلة وتستحق النظر، وتعرض لابتلاءات وخطوب مع بعض علماء عصره.
02.05.202519:02
في قوله تعالى: ﴿لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ﴾
نقل السيوطي: (قال الكيا: يدل على جواز ترك إظهار النعمة لمن يخشى منه حسد ومكر.
وقال ابن العربي فيه حكم بالعادة أن الإخوة والقرابة يحسدون، قال: وفيه أن يعقوب عرف تأويل الرؤيا ولم يبال بذلك فإن الرجل يود أن يكون ولده خيراً منه والأخ لا يود ذلك لأخيه).الاكليل في استنباط التنزيل: ٨٦٨
وفي قوله تعالى: ﴿يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ﴾ قال بعض السلف: هذا أكبر شرف لأصحاب الحديث، لأن إمامهم النبي ﷺ. الاكليل للسيوطي: ٩٢٠
نقل السيوطي: (قال الكيا: يدل على جواز ترك إظهار النعمة لمن يخشى منه حسد ومكر.
وقال ابن العربي فيه حكم بالعادة أن الإخوة والقرابة يحسدون، قال: وفيه أن يعقوب عرف تأويل الرؤيا ولم يبال بذلك فإن الرجل يود أن يكون ولده خيراً منه والأخ لا يود ذلك لأخيه).الاكليل في استنباط التنزيل: ٨٦٨
وفي قوله تعالى: ﴿يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ﴾ قال بعض السلف: هذا أكبر شرف لأصحاب الحديث، لأن إمامهم النبي ﷺ. الاكليل للسيوطي: ٩٢٠
29.04.202513:07
من جميل تنظيرات شيخ الإسلام بين النصوص: في (قوله تعالى: {عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم} لا يقتضي ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، عن أبي بكر الصديق أنه خطب: أيها الناس إنكم تقرءون هذه الآية وتضعونها في غير موضعها وإني سمعت رسول الله ﷺ يقول: {إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه}. وفي حديث أبي ثعلبة الخشني: {إذا رأيت شحا مطاعا وهوى متبعا وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك بخويصة نفسك} ويفسره حديث مسلم: {من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان} فإذا قوي أهل الفجور حتى لا يبقى لهم إصغاء إلى البر؛ بل يؤذون الناهي لغلبة الشح والهوى والعجب سقط التغيير باللسان في هذه الحال وبقي بالقلب والشح هو شدة الحرص التي توجب البخل والظلم وهو منع الخير وكراهته والهوى المتبع في إرادة الشر ومحبته والإعجاب بالرأي في العقل والعلم، فذكر فساد القوى الثلاث التي هي العلم والحب والبغض. {ثلاث مهلكات شح مطاع وهوى متبع وإعجاب المرء بنفسه وبإزائها الثلاث المنجيات: خشية الله في السر والعلانية والقصد في الفقر والغنى وكلمة الحق في الغضب والرضا} وهي التي سألها في الحديث: {اللهم إني أسألك خشيتك في السر والعلانية وأسألك كلمة الحق في الغضب والرضا وأسألك القصد في الفقر والغنى} .فخشية الله بإزاء اتباع الهوى فإن الخشية تمنع ذلك، كما قال:{وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى} والقصد في الفقر والغنى بإزاء الشح المطاع وكلمة الحق في الغضب والرضا بإزاء إعجاب المرء بنفسه). الفتاوى: (٤٧٩/١٤).
26.04.202513:33
كلام نفيس في التوكل؛
هذا كلام لابن تيمية رحمه الله
في تأثير التوكل في جلب المنفعة ودفع المضرة وإبطال بدعة وقول من قال إنه مجرد عبادة يؤجر العبد عليه لا تغير شيئا فما يقع بالتوكل يقع بدونه.
قال رحمه الله:
وَالْمَقْصُود هُنَا الْكَلَام على التَّوَكُّل فَإِن الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُور أَن المتَوَكل يحصل لَهُ بتوكله من جلب الْمَنْفَعَة وَدفع الْمضرَّة مَا لَا يحصل لغيره وَكَذَلِكَ الدَّاعِي.
وَالْقُرْآن يدل على ذَلِك فِي مَوَاضِع كَثِيرَة ثمَّ هُوَ سَبَب عِنْد الْأَكْثَرين وعلامة عِنْد من يَنْفِي الْأَسْبَاب قَالَ تَعَالَى وَمن يتق الله يَجْعَل لَهُ مخرجا وَيَرْزقهُ من حَيْثُ لَا يحْتَسب وَمن يتوكل على الله فَهُوَ حَسبه إِن الله بَالغ أمره قد جعل الله لكل شَيْء قدرا [سُورَة الطَّلَاق ٢ - ٣] والحسب الْكَافِي فَبين أَنه كَاف من توكل عَلَيْهِ وَفِي الدُّعَاء يَا حسب المتَوَكل فَلَا يُقَال هُوَ حسب غير المتَوَكل كَمَا هُوَ حسب المتَوَكل لِأَنَّهُ علق هَذِه الْجُمْلَة على الأولى تَعْلِيق الْجَزَاء على الشَّرْط فَيمْتَنع فِي مثل ذَلِك أَن يكون وجود الشَّرْط كَعَدَمِهِ وَلِأَنَّهُ رتب الحكم على الْوَصْف الْمُنَاسب لَهُ
هذا كلام لابن تيمية رحمه الله
في تأثير التوكل في جلب المنفعة ودفع المضرة وإبطال بدعة وقول من قال إنه مجرد عبادة يؤجر العبد عليه لا تغير شيئا فما يقع بالتوكل يقع بدونه.
قال رحمه الله:
وَالْمَقْصُود هُنَا الْكَلَام على التَّوَكُّل فَإِن الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُور أَن المتَوَكل يحصل لَهُ بتوكله من جلب الْمَنْفَعَة وَدفع الْمضرَّة مَا لَا يحصل لغيره وَكَذَلِكَ الدَّاعِي.
وَالْقُرْآن يدل على ذَلِك فِي مَوَاضِع كَثِيرَة ثمَّ هُوَ سَبَب عِنْد الْأَكْثَرين وعلامة عِنْد من يَنْفِي الْأَسْبَاب قَالَ تَعَالَى وَمن يتق الله يَجْعَل لَهُ مخرجا وَيَرْزقهُ من حَيْثُ لَا يحْتَسب وَمن يتوكل على الله فَهُوَ حَسبه إِن الله بَالغ أمره قد جعل الله لكل شَيْء قدرا [سُورَة الطَّلَاق ٢ - ٣] والحسب الْكَافِي فَبين أَنه كَاف من توكل عَلَيْهِ وَفِي الدُّعَاء يَا حسب المتَوَكل فَلَا يُقَال هُوَ حسب غير المتَوَكل كَمَا هُوَ حسب المتَوَكل لِأَنَّهُ علق هَذِه الْجُمْلَة على الأولى تَعْلِيق الْجَزَاء على الشَّرْط فَيمْتَنع فِي مثل ذَلِك أَن يكون وجود الشَّرْط كَعَدَمِهِ وَلِأَنَّهُ رتب الحكم على الْوَصْف الْمُنَاسب لَهُ
24.04.202519:10
من طرق السلف اللطيفة: التماس معاني الأحاديث والكتب السماوية في كتاب الله، وسأذكر مثالين عن محمد بن كعب القرظي، قال: عن نَوْفٍ قال: إني لأجد صفة ناس من هذه الأمة في كتاب الله السابق:" قومٌ يجتالون الدنيا بالدين، ألسنتهم أحلى من العسل، وقلوبهم أمرُّ من الصَّبر، يلبسون للناس لباسَ مُسوك الضأن، وقلوبهم قلوب الذئاب، فعليّ يجترءون! وبي يغترُّون! حلفت بنفسي لأبعثنّ عليهم فتنةً تترك الحليم فيهم حيران". قال القرظي: تدبرتها في القرآن فإذا هم المنافقون، فوجدتها: (ومن الناس من يُعجبك قوله في الحياة الدنيا ويُشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام)، ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ﴾
وفي الحديث قال القرظي: كنت أسمع أن المنافق يعرف بثلاث: بالكذب، والإخلاف، والخيانة، فالتمستُها في كتاب الله زمانًا لا أجدُها، ثم وجدتها في اثنتين من كتاب الله، قوله:(وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ)، وقوله: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ..﴾.
وفي الحديث قال القرظي: كنت أسمع أن المنافق يعرف بثلاث: بالكذب، والإخلاف، والخيانة، فالتمستُها في كتاب الله زمانًا لا أجدُها، ثم وجدتها في اثنتين من كتاب الله، قوله:(وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ)، وقوله: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ..﴾.
22.04.202513:24
يقول شيخ الإسلام في شتات القلب وتشرذمه عند فقد الإخلاص: (وإذا كان العبد مخلصا له اجتباه ربه فيحيي قلبه واجتذبه إليه فينصرف عنه ما يضاد ذلك من السوء والفحشاء ويخاف من حصول ضد ذلك؛ بخلاف القلب الذي لم يخلص لله فإنه في طلب وإرادة وحب مطلق فيهوى ما يسنح له ويتشبث بما يهواه كالغصن أي نسيم مر بعطفه أماله. فتارة تجتذبه الصور المحرمة وغير المحرمة؛ فيبقى أسيرا عبدا لمن لو اتخذه هو عبدا له لكان ذلك عيبا ونقصا وذما. وتارة يجتذبه الشرف والرئاسة فترضيه الكلمة وتغضبه الكلمة ويستعبده من يثني عليه ولو بالباطل ويعادي من يذمه ولو بالحق. وتارة يستعبده الدرهم والدينار وأمثال ذلك من الأمور التي تستعبد القلوب والقلوب تهواها فيتخذ إلهه هواه ويتبع هواه بغير هدى من الله).الفتاوى في رسالة العبودية: (٢١٦/١٠).
显示 1 - 24 共 253
登录以解锁更多功能。