أين الله عما يجري؟
وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ (84) فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (85)
- سورة يونس.
روى ابن أبي حاتم في تفسيره:
١٠٥٢٢ - حدثنا حجاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين) يقول: لا تعذبنا بأيدي قوم فرعون ولا بعذاب من عندك فيقول قوم فرعون لو كانوا على حق ما عذبوا ولا سلطنا عليهم فيفتنون بنا.
١٠٥٢٣ - حدثنا أحمد بن سنان، عن عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن أبيه، عن أبي الضحى: (ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين) قال: إن تسلطهم علينا فيزدادوا طغيانا وروي عن أبي قلابة نحو ذلك
قلت: سبحان الله! حينما مررت بهذه الآية تذكرت قول الجهال إذ قالوا: أين الله عما يجري؟
انظر إلى من آمن من قوم موسى ﷺ كيف فقهوا أمر ربهم، فدعوا الله أن لا يمكن فرعون وقومه منهم حتى لا يفتتنوا بهم ويظنوا أنهم على حق لو سلطهم الله عليهم.
فهم فقهوا أن تسليط الباري جل وعلا للكفار على المؤمنين فتنة للكفار وبلاء للمؤمنين؛ فيزيد من ضلال الكافرين وطغيانهم، ويرفع من درجات المؤمنين بصبرهم وإيمانهم بحكمة ربهم وعدله.
وسبحان الله لو تأملت حال كثير من المنتسبين إلى الملة اليوم لوجدتهم هم أيضا قد فُتنوا بتسليط الرب للكفار علينا؛ حتى تجرأوا على الله وقالوا: أين هو عنا ساخطين؟
فلا هم صبروا، ولا هم دعوا الله بما يليق بجلاله وتضرعوا إليه، ولا هم استغفروا لذنوبهم التي قد يرفع الله به البلاء.
اللهم اغفر لنا ذنوبنا وارفع عنا الكرب والبلاء ولا تجعلنا فتنة للكافرين.