هل توجد صلاة تسمى صلاة الزوال ؟
روى الترمذي في سننه- بسند صحيح- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي أَرْبَعًا بَعْدَ أَنْ تَزُولَ الشَّمْسُ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَقَالَ: " إِنَّهَا سَاعَةٌ تُفْتَحُ فِيهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَأُحِبُّ أَنْ يَصْعَدَ لِي فِيهَا عَمَلٌ صَالِحٌ"
واختلف أهل العلم في هذه الركعات على قولين:
الأول: أنها هي نفسها راتبة الظهر القبلية، وإليه ذهب جمهور الفقهاء.
الثاني: أنها سنة خاصة للزوال غير سنة الظهر القبلية، وهو مذهب الشافعية وبعض أهل العلم.
قال في "نهاية المحتاج" (2/ 124): "وصلاة الزوال بعده، وهي ركعتان، أو أربع".
قال الشبراملسي في حاشيته عليه: "(قوله: وهي ركعتان أو أربع) وهي غير سنة الظهر، كما يعلم من إفرادها بالذكر بعد الرواتب، وتصير قضاء بطول الزمن عرفا. وعبارة المناوي على الجامع في شرحه الصغير، عند قوله صلى الله عليه وسلم: (أربع قبل الظهر) إلخ، نصها: أربع قبل الظهر: أي أربع ركعات يصليهن الإنسان قبل صلاة الظهر، أو قبل دخول وقته، وهو أي وقته عند الزوال.
قال العلقمي: هذه يسمونها سنة الزوال، وهي غير الأربع التي هي سنة الظهر. قال شيخنا: قال الحافظ العراقي: وممن نص على استحبابها الغزالي في الإحياء في كتاب الأوراد.
ليس فيهن تسليم: أي ليس بين كل ركعتين منها فصل بسلام .
(تُفتح): بالبناء للمفعول، (لهن أبواب السماء): كناية عن حسن القبول، وسرعة الوصول، ثم قال: قال الشيخ: حديث صحيح.
(قوله: وهي أربع بتسليمة) أي فلا تصح الزيادة على الأربع" انتهى.
وقال ابن القيم رحمه الله في "زاد المعاد" (1/ 298): "وقد يقال: إن هذه الأربع لم تكن سنة الظهر، بل هي صلاة مستقلة كان يصليها بعد الزوال، كما ذكره الإمام أحمد عن عبد الله بن السائب، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي أربعا بعد أن تزول الشمس، وقال: (إنها ساعة تفتح فيها أبواب السماء، فأحب أن يصعد لي فيها عمل صالح).
وفي السنن أيضا عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا لم يصل أربعا قبل الظهر صلاهن بعدها.
وقال ابن ماجه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فاتته الأربع قبل الظهر، صلاها بعد الركعتين بعد الظهر .
وفي الترمذي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي أربعا قبل الظهر، وبعدها ركعتين.
وذكر ابن ماجه أيضا عن عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم "يصلي أربعا قبل الظهر، يطيل فيهن القيام، ويحسن فيهن الركوع والسجود.
فهذه - والله أعلم - هي الأربع التي أرادت عائشة أنه كان لا يدعهن.
وأما سنة الظهر ، فالركعتان اللتان قال عبد الله بن عمر.
يوضح ذلك: أن سائر الصلوات سنتها ركعتان ركعتان، والفجر مع كونها ركعتين، والناس في وقتها أفرغ ما يكونون، ومع هذا سنتها ركعتان.
وعلى هذا، فتكون هذه الأربع التي قبل الظهر: وردا مستقلا، سببه انتصاف النهار، وزوال الشمس.
وكان عبد الله بن مسعود يصلي بعد الزوال ثمان ركعات، ويقول: إنهن يعدلن بمثلهن من قيام الليل.
وسر هذا- والله أعلم- أن انتصاف النهار مقابل لانتصاف الليل، وأبواب السماء تفتح بعد زوال الشمس، ويحصل النزول الإلهي بعد انتصاف الليل، فهما وقتا قرب ورحمة، هذا تفتح فيه أبواب السماء، وهذا ينزل فيه الرب تبارك وتعالى إلى سماء الدنيا" اهـ
#مطلق_الجاسر