أبحث هذه الأيام في موضوع (ملاحة النجوم)، وهذا موضوع مطروق في المقالات العلمية الغربية، أمامك واحد منها.
تقول الكاتبة: "لطالما أولى البشر أهمية كبيرة للاتجاه والملاحة، واعتمدوا منذ زمن طويل على الشمس والقمر والأبراج لإرشادهم عبر سطح الكوكب، وبمساعدة هذه التقنيات الملاحية المبكرة تمكن الناس من الوصول إلى مصادر الغذاء والماء، والهروب من التضاريس الوعرة كالتلال والجبال، وقطع مسافات شاسعة.
مع مرور الوقت تطورت أساليب الملاحة وأصبحت أكثر تعقيداً، فبالإضافة إلى ملاحظة مواقع النجوم وأنماطها التي تشكلت في السماء، استخدم البحارة الأوائل معالم كالجبال والغابات لتوجيه سفنهم. وتُعد الملاحة السماوية -التي تتضمن استخدام مواقع النجوم لتحديد موقع المرء على الأرض- من أكثر أساليب الملاحة دقة التي ابتكرها الناس مع تعلمهم المزيد عن النجوم وحركاتها".
إلى أن قالت: "استخدم البحارة المصريون القدماء النجوم والعلامات لرسم خريطة لمجرى النيل المائي، وهو من أقدم نماذج الملاحة، ومن خلال مراقبة الأبراج وتحديد مواقعها في السماء. استخدم المصريون الملاحة السماوية لتحديد مواقعهم على النهر.
أبحر البحارة في اليونان القديمة في بحر إيجة باستخدام الأبراج. اشتهر هيبارخوس -العالم اليوناني- بعمله في الخرائط السماوية ووضعه لمفهومي خطوط العرض والطول.
حسبوا خطوط العرض باستخدام نجم الشمال، واستخدموا الربع الدائري لحساب الزاوية بين السماء والجسم الذي يشاهدونه. اشتهر الملاحون البرتغاليون بشكل رئيسي ببراعتهم في الإبحار، وقد مكَّنتهم معرفتهم بالبحر من اكتشاف دول جديدة وطرق تجارية.
تُعد رحلة كريستوفر كولومبوس، التي بدأت في إسبانيا عام 1492 للوصول إلى آسيا، واحدة من أشهر المآثر البحرية في التاريخ".
أقول: هنا نتذكر قوله تعالى: {قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر تدعونه تضرعا وخفية لئن أنجانا من هذه لنكونن من الشاكرين} [الأنعام].
وقوله تعالى: {وعلامات وبالنجم هم يهتدون} [النحل].
الفرق بين الفائدة التي تأخذها من الآيات والفائدة التي تأخذها من المقال العلمي كما بين السماء والأرض.
فالآية تبيِّن لك أصل القصة وأنها منحة إلهية للبشر استفادوا منها، وتربط لك هذه المنحة بأصول وجودك وبمصيرك في الآخرة، هل تشكر أم تكفر.
أما المقال العلمي فيحكي لك تاريخاً أو يفسر لك واقعاً مشاهداً، وقد تنتفع به ولكنك تبقى محجوباً عن الفائدة الأعظم، فتأمل هذا.
الدين لا يمنعك من الانتفاع بالموارد، فهي منن إلهية، ولكن يمنعها من أن تكون حجاباً يحجبك عن منة المنعم، ومن فهم هذا فُتح له بابٌ في الانتفاع من كتاب الله عز وجل، خصوصاً من له طرف معرفة بالتجريبيات.