19.04.202519:21
حذر الموت (كيف تنهض الأمم) | خطبة | د. أحمد عبد المنعم
18.04.202506:31
🌟 هذا يوم الجمعة:
🌿 سورة الكهف نور وسكينة
🌿 الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كفاية من الهم ومغفرة للذنب
🌿 ساعة الإجابة رجاؤنا الذي لا ينقطع والله نعم المولى ونعم النصير
ادعوا لأنفسكم أن يجعلنا الله من عباده المخلصين ومن جنده الغالبين، وادعوا لإخوانكم في غزة وكل فلسطين وسوريا والسودان وفي كل مكان أن ينصرهم الله على الجبارين المستكبرين وأن يلطف بهم ويهون عليهم ويفرج عنهم
وادعوا للمجاهدين في غزة وسوريا أن ينصرهم الله ويسدد رميهم ويثبت أقدامهم وينزل السكينة في قلوبهم
وادعوا للأسرى والمعتقلين أن يهون الله عليهم وأن يردهم سالمين لأهلهم
يارب آمين آمين
#طوفان_الأقصى
🌿 سورة الكهف نور وسكينة
🌿 الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كفاية من الهم ومغفرة للذنب
🌿 ساعة الإجابة رجاؤنا الذي لا ينقطع والله نعم المولى ونعم النصير
ادعوا لأنفسكم أن يجعلنا الله من عباده المخلصين ومن جنده الغالبين، وادعوا لإخوانكم في غزة وكل فلسطين وسوريا والسودان وفي كل مكان أن ينصرهم الله على الجبارين المستكبرين وأن يلطف بهم ويهون عليهم ويفرج عنهم
وادعوا للمجاهدين في غزة وسوريا أن ينصرهم الله ويسدد رميهم ويثبت أقدامهم وينزل السكينة في قلوبهم
وادعوا للأسرى والمعتقلين أن يهون الله عليهم وأن يردهم سالمين لأهلهم
يارب آمين آمين
#طوفان_الأقصى
11.04.202516:25
تتوالى قصتا موسى عليه السلام مع العبد الصالح وقصة ذي القرنين في نهاية سورة الكهف دون فاصل بينهما، وهذا عجيب، إذ أننا ننتقل بسلاسة مدهشة من {وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا} إلى {إِنَّا مَكَّنَّا لَهُۥ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَءَاتَیۡنَـٰهُ مِن كُلِّ شَیۡءࣲ سَبَبࣰا فَأَتۡبَعَ سَبَبًا}
هذا الانتقال السلس بين قصتين إحداهما تقوم أساسا على معنى التسليم المطلق لأقدار الله حتى لو لم نفهم الحكمة منها، والأخرى تقوم أساسا على معنى الأخذ بالأسباب واتباعها يشعرنا بأنهما متداخلتان وليستا منفصلتين كما يبدو لنا، متداخلتان ليس فقط في السياق السردي لسورة الكهف، ولكن في سياق السردية الكبرى للبشرية كلها كذلك، وكأنه بشكل ما هذا ما يجب أن تكون عليه حياتنا طول الوقت: تداخل مستمر وتلازم بين التسليم المطلق لأقدار الله وبين بذل الوسع واستفراغ الجهد في اتباع الأسباب التي مُكنا فيها
حينما يتأمل المرء الأهوال التي تكتنف حياة إخوتنا في غزة، الدماء المستباحة والحياة المهدورة، والبيوت المهدمة، والتوغل في التعذيب والتنكيل، الإفساد في الأرض على مدى أكثر من عام كما لم تشهده البشرية من قبل دون رادع ولا مستنكر ولا أي محاولة لمنع هؤلاء المجرمين من إجرامهم، كل هذا يستدعي التسليم المطلق لأقدار الله مهما كانت مؤلمة ومفجعة، كل هذا يستدعي تثبيت هؤلاء المبتلين بالقهر والخذلان وتثبيت أنفسنا معهم بتذكرنا كم كانت الحوادث الظاهرة _في قصة موسى عليه السلام مع الخضر _ أليمة وغير متوقعة، لاسيما أنها كانت تقع دوما لأناس يبدون غير مستحقين لما فيها من ألم وما يرافقها من حزن وفقد، في حين كان تأويلها رحمة وخيرا وعطاء، التسليم هنا ليس ضعفا ولا عجزا كما يتوهم البعض، بل على العكس فهو يتطلب قوة إيمانية هائلة، ويثمر صلابة نفسية تتحمل الابتلاء دون انكسار رغم قلة الناصر وتطاول الزمان.
ولذلك تجد في آيات الابتلاء في سورة البقرة أن تعريف الصبر كان مرتبطا بهذا التسليم المطلق لله، أن توقن أنك ملك لله يفعل بك ما يشاء وأن توقن أنك إليه راجع فماذا يضرك فقد الدنيا بما فيها؟! {الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون}
وتأمل التعقيب الذي أثنى عليهم وبشرهم {أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون} وتأمل كذلك أول الآيات في {يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة} فالاستعانة تكون بالصبر، والصبر زاده التسليم، فكأن التسليم مما يستعان به، فهو قوة وليس ضعفا.
من جهة أخرى فإن الخذلان الذي تُقابل به مذابح أهلنا المستضعفين في غزة، والصمت العاجز الذي يثير من العجب أكثر مما يثير من الغضب يخبرنا كم فرطنا في اتباع الأسباب! ويدهشنا كذلك لأننا إذ نأمل طول الوقت في تحقيق التمكين فإننا لم يكن لدينا أي استعداد لتحمل تبعاته(ولا أقول تحقيق شروطه) لأنه في أكثر من آية ذُكر فيها الاستخلاف والتمكين كان الأمر مرتبطا أكثر بما بعده من أعمال وليس فقط بما قبله:
﴿ٱلَّذِینَ إِن مَّكَّنَّـٰهُمۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ أَقَامُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُا۟ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَمَرُوا۟ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَنَهَوۡا۟ عَنِ ٱلۡمُنكَرِۗ وَلِلَّهِ عَـٰقِبَةُ ٱلۡأُمُورِ﴾ [الحج ٤١]
﴿قَالُوۤا۟ أُوذِینَا مِن قَبۡلِ أَن تَأۡتِیَنَا وَمِنۢ بَعۡدِ مَا جِئۡتَنَاۚ قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمۡ أَن یُهۡلِكَ عَدُوَّكُمۡ وَیَسۡتَخۡلِفَكُمۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ فَیَنظُرَ كَیۡفَ تَعۡمَلُونَ﴾ [الأعراف ١٢٩]
وهذا تقريبا ما نجده هنا في قصة ذي القرنين، فلم تُذكر مرحلة ما قبل التمكين، وإنما مرحلة ما بعده حين آتاه الله من كل شيء سببا فأتبع سببا، بل إن التنصيص على اتباع الأسباب يتكرر في كل مرة يذهب فيها ذو القرنين إلى جهة مختلفة من جهات الأرض، مما يوحي بتنوع الأسباب التي اتبعها، ومما يؤكد أيضا أن الأمر لم يكن قط عشوائيا ولا مجرد استثمار لنجاح سابق، بل في كل مرة كان يتم الأخذ بالأسباب بكامل الأهبة والوعي.
والحقيقة أن المتأمل في قصص سورة الكهف جميعا سيجد هذا المعنى مبثوثا فيها، فعلى اختلاف الابتلاءات التي واجهت أصحاب هذه القصص وعلى تنوع الفتن قام كل منهم بكل ما يمكنه فعله من أجل النجاة من براثنها والثبات رغم شدتها، كان الفعل المتاح في كل قصة مختلفا كما وكيفا، بعضهم كان كل ما يملكه الاستعلان بالإيمان وإقامة الحجة على الكفر ثم الفرار به إلى كهف بعيد، وبعضهم كان كل ما يستطيعه هو مواجهة الكفر مواجهة فردية لا يخضع فيها لتصوراته ولا يستجيب فيها لإغراءاته، بل يقيم عليه الحجة وينقض أوهامه ويستعلي عليه بإيمانه، وبعضهم أوتي من كل شيء سببا فلم يقصر في اتباع السبب تلو السبب، لقد كانوا جميعا مؤمنين صادقين عاملين، لم تمنعهم قلة الإمكانيات المتاحة لديهم من نصرة الدين ولا مواجهة الكفار، ولم تطغهم كذلك كثرتها، لقد سخروها جميعا قليلها وكثيرها في سبيل الله، إنه شيء يعيدنا إلى مشهد بلال رضي الله عنه في مكة وهو يتحمل التعذيب ب(أحد أحد)
هذا الانتقال السلس بين قصتين إحداهما تقوم أساسا على معنى التسليم المطلق لأقدار الله حتى لو لم نفهم الحكمة منها، والأخرى تقوم أساسا على معنى الأخذ بالأسباب واتباعها يشعرنا بأنهما متداخلتان وليستا منفصلتين كما يبدو لنا، متداخلتان ليس فقط في السياق السردي لسورة الكهف، ولكن في سياق السردية الكبرى للبشرية كلها كذلك، وكأنه بشكل ما هذا ما يجب أن تكون عليه حياتنا طول الوقت: تداخل مستمر وتلازم بين التسليم المطلق لأقدار الله وبين بذل الوسع واستفراغ الجهد في اتباع الأسباب التي مُكنا فيها
حينما يتأمل المرء الأهوال التي تكتنف حياة إخوتنا في غزة، الدماء المستباحة والحياة المهدورة، والبيوت المهدمة، والتوغل في التعذيب والتنكيل، الإفساد في الأرض على مدى أكثر من عام كما لم تشهده البشرية من قبل دون رادع ولا مستنكر ولا أي محاولة لمنع هؤلاء المجرمين من إجرامهم، كل هذا يستدعي التسليم المطلق لأقدار الله مهما كانت مؤلمة ومفجعة، كل هذا يستدعي تثبيت هؤلاء المبتلين بالقهر والخذلان وتثبيت أنفسنا معهم بتذكرنا كم كانت الحوادث الظاهرة _في قصة موسى عليه السلام مع الخضر _ أليمة وغير متوقعة، لاسيما أنها كانت تقع دوما لأناس يبدون غير مستحقين لما فيها من ألم وما يرافقها من حزن وفقد، في حين كان تأويلها رحمة وخيرا وعطاء، التسليم هنا ليس ضعفا ولا عجزا كما يتوهم البعض، بل على العكس فهو يتطلب قوة إيمانية هائلة، ويثمر صلابة نفسية تتحمل الابتلاء دون انكسار رغم قلة الناصر وتطاول الزمان.
ولذلك تجد في آيات الابتلاء في سورة البقرة أن تعريف الصبر كان مرتبطا بهذا التسليم المطلق لله، أن توقن أنك ملك لله يفعل بك ما يشاء وأن توقن أنك إليه راجع فماذا يضرك فقد الدنيا بما فيها؟! {الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون}
وتأمل التعقيب الذي أثنى عليهم وبشرهم {أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون} وتأمل كذلك أول الآيات في {يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة} فالاستعانة تكون بالصبر، والصبر زاده التسليم، فكأن التسليم مما يستعان به، فهو قوة وليس ضعفا.
من جهة أخرى فإن الخذلان الذي تُقابل به مذابح أهلنا المستضعفين في غزة، والصمت العاجز الذي يثير من العجب أكثر مما يثير من الغضب يخبرنا كم فرطنا في اتباع الأسباب! ويدهشنا كذلك لأننا إذ نأمل طول الوقت في تحقيق التمكين فإننا لم يكن لدينا أي استعداد لتحمل تبعاته(ولا أقول تحقيق شروطه) لأنه في أكثر من آية ذُكر فيها الاستخلاف والتمكين كان الأمر مرتبطا أكثر بما بعده من أعمال وليس فقط بما قبله:
﴿ٱلَّذِینَ إِن مَّكَّنَّـٰهُمۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ أَقَامُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُا۟ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَمَرُوا۟ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَنَهَوۡا۟ عَنِ ٱلۡمُنكَرِۗ وَلِلَّهِ عَـٰقِبَةُ ٱلۡأُمُورِ﴾ [الحج ٤١]
﴿قَالُوۤا۟ أُوذِینَا مِن قَبۡلِ أَن تَأۡتِیَنَا وَمِنۢ بَعۡدِ مَا جِئۡتَنَاۚ قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمۡ أَن یُهۡلِكَ عَدُوَّكُمۡ وَیَسۡتَخۡلِفَكُمۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ فَیَنظُرَ كَیۡفَ تَعۡمَلُونَ﴾ [الأعراف ١٢٩]
وهذا تقريبا ما نجده هنا في قصة ذي القرنين، فلم تُذكر مرحلة ما قبل التمكين، وإنما مرحلة ما بعده حين آتاه الله من كل شيء سببا فأتبع سببا، بل إن التنصيص على اتباع الأسباب يتكرر في كل مرة يذهب فيها ذو القرنين إلى جهة مختلفة من جهات الأرض، مما يوحي بتنوع الأسباب التي اتبعها، ومما يؤكد أيضا أن الأمر لم يكن قط عشوائيا ولا مجرد استثمار لنجاح سابق، بل في كل مرة كان يتم الأخذ بالأسباب بكامل الأهبة والوعي.
والحقيقة أن المتأمل في قصص سورة الكهف جميعا سيجد هذا المعنى مبثوثا فيها، فعلى اختلاف الابتلاءات التي واجهت أصحاب هذه القصص وعلى تنوع الفتن قام كل منهم بكل ما يمكنه فعله من أجل النجاة من براثنها والثبات رغم شدتها، كان الفعل المتاح في كل قصة مختلفا كما وكيفا، بعضهم كان كل ما يملكه الاستعلان بالإيمان وإقامة الحجة على الكفر ثم الفرار به إلى كهف بعيد، وبعضهم كان كل ما يستطيعه هو مواجهة الكفر مواجهة فردية لا يخضع فيها لتصوراته ولا يستجيب فيها لإغراءاته، بل يقيم عليه الحجة وينقض أوهامه ويستعلي عليه بإيمانه، وبعضهم أوتي من كل شيء سببا فلم يقصر في اتباع السبب تلو السبب، لقد كانوا جميعا مؤمنين صادقين عاملين، لم تمنعهم قلة الإمكانيات المتاحة لديهم من نصرة الدين ولا مواجهة الكفار، ولم تطغهم كذلك كثرتها، لقد سخروها جميعا قليلها وكثيرها في سبيل الله، إنه شيء يعيدنا إلى مشهد بلال رضي الله عنه في مكة وهو يتحمل التعذيب ب(أحد أحد)
Кайра бөлүшүлгөн:
تراثُ العلامة المصطفى البَحياوي

11.04.202502:13
(وَقُلْ لِلَّذينَ لا يُؤْمِنونَ اعْمَلوا عَلى مَكانَتِكُم إِنا عامِلونَ وَانْتَظِروا إِنَّهُمْ مُنْتَظِرون)، في إشارة إلى نهج التاريخ، وأنَّ [فيه] فترات تدافع، والزاد فيها أملٌ وعمل: اعلموا وانتظروا، وحينَ ترى أنَّ الذي يحصلُ بينك وبينه تدافعٌ بسببٍ مِنَ الأسباب، فلا بدَّ حتى يبقى الأصلح والأنقى الذي هو الأبقى أنْ تذكر بأنَّ الذي يضادك هو عاملٌ في دفعه، وهو يؤمل خلافَ ما تُؤمل: (إِنْ تَكونوا تَأْلَمونَ فَإنهم يَأْلَمونَ كَما تَأْلَمون وَتَرْجونَ مِنَ الله ما لا يَرْجون)، فالرهانُ كسبُ الرهان بهذا اللون مِنَ الزيادة على الخصم في الصبر والمصابرة؛ اصبر حينَ لا تكون في مقام المدافعة، وصابر عدوك إذا كنتَ في مقام المدافعة، أيْ فُقْهُ في الصبر زيادةً في الصبر، ورابط في الوقت الذي يبدو فيه شَبَهَ الضَّعفِ تراجعاً في باب المدافعة، والمرابطة هي المدافعة بالإمكان، أيْ أنْ تكونَ مشروع مدافعة بالإمكان: (وَقُلْ للذينَ لا يُؤْمِنونَ اعْمَلوا عَلى مَكانَتِكُم)، أيْ جهدكم ومُكنتكم، فليكنْ منك هذا التحدي حينَ تكونُ واقفاً في الموقف الذي ينبغي أنْ تقفَ فيه، ومستمداً المدد مِنْ تاريخك: (اعْمَلوا إِنا عامِلونَ وَانْتَظِروا إِنا مُنْتَظِرون)، فبيننا وبينكم العمل والأمل، وأيُّنا يفوق صاحبه في الاثنين يكونُ له كسب الرهان.
شيخنا سيدي المصطفى البحياوي حفظه الله
شيخنا سيدي المصطفى البحياوي حفظه الله
19.04.202506:17
وبعد،
فإن المتدبر في آيات الكتاب، والمتفكر في أسماء الله الحسنى وصفاته العلى ليجد تأكيدا متكررا على أن (لله ملك السماوات والأرض) في سياقات متنوعة، توطئة لتقرير عقائد وبناء إيمان، وتعقيبا على أحكام وتشريعات، وردا على شبهات، فالله هو الملك الحق وهو سبحانه بيده الملك وهو سبحانه له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، والمؤمن إذ تتناوشه مفاسد الجبابرة من كل ملة ودين ويكاد يحطم قلبه ويخرب حياته ظلمهم وطغيانهم لا ملجأ له إلا الاعتصام بمالك الملك ﴿قُلِ ٱللَّهُمَّ مَـٰلِكَ ٱلۡمُلۡكِ تُؤۡتِی ٱلۡمُلۡكَ مَن تَشَاۤءُ وَتَنزِعُ ٱلۡمُلۡكَ مِمَّن تَشَاۤءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاۤءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاۤءُۖ بِیَدِكَ ٱلۡخَیۡرُۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣱ﴾ [آل عمران ٢٦]،ولا عياذ له إلا ب(ملك الناس)، ولا سلوى له إلا في انتظار يوم عظيم ينادي فيه الله (لمن الملك اليوم) فلا يجيب أحد فيقول (لله الواحد القهار)، ولا رجاء له إلا في جنة وصفها (وإذا رأيت ثَمَّ رأيت نعيما ومُلكا كبيرا)
﴿وَقُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِی لَمۡ یَتَّخِذۡ وَلَدࣰا وَلَمۡ یَكُن لَّهُۥ شَرِیكࣱ فِی ٱلۡمُلۡكِ وَلَمۡ یَكُن لَّهُۥ وَلِیࣱّ مِّنَ ٱلذُّلِّۖ وَكَبِّرۡهُ تَكۡبِیرَۢا﴾
[الإسراء ١١١]
#سورة_الكهف
#طوفان_الأقصى
فإن المتدبر في آيات الكتاب، والمتفكر في أسماء الله الحسنى وصفاته العلى ليجد تأكيدا متكررا على أن (لله ملك السماوات والأرض) في سياقات متنوعة، توطئة لتقرير عقائد وبناء إيمان، وتعقيبا على أحكام وتشريعات، وردا على شبهات، فالله هو الملك الحق وهو سبحانه بيده الملك وهو سبحانه له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، والمؤمن إذ تتناوشه مفاسد الجبابرة من كل ملة ودين ويكاد يحطم قلبه ويخرب حياته ظلمهم وطغيانهم لا ملجأ له إلا الاعتصام بمالك الملك ﴿قُلِ ٱللَّهُمَّ مَـٰلِكَ ٱلۡمُلۡكِ تُؤۡتِی ٱلۡمُلۡكَ مَن تَشَاۤءُ وَتَنزِعُ ٱلۡمُلۡكَ مِمَّن تَشَاۤءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاۤءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاۤءُۖ بِیَدِكَ ٱلۡخَیۡرُۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرࣱ﴾ [آل عمران ٢٦]،ولا عياذ له إلا ب(ملك الناس)، ولا سلوى له إلا في انتظار يوم عظيم ينادي فيه الله (لمن الملك اليوم) فلا يجيب أحد فيقول (لله الواحد القهار)، ولا رجاء له إلا في جنة وصفها (وإذا رأيت ثَمَّ رأيت نعيما ومُلكا كبيرا)
﴿وَقُلِ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِی لَمۡ یَتَّخِذۡ وَلَدࣰا وَلَمۡ یَكُن لَّهُۥ شَرِیكࣱ فِی ٱلۡمُلۡكِ وَلَمۡ یَكُن لَّهُۥ وَلِیࣱّ مِّنَ ٱلذُّلِّۖ وَكَبِّرۡهُ تَكۡبِیرَۢا﴾
[الإسراء ١١١]
#سورة_الكهف
#طوفان_الأقصى
18.04.202506:30
سورة " الكهف " كاملة || الشيخ أحمد السيد
قَرَأَ رَجُلٌ الكَهْفَ وفي الدَّارِ الدَّابَّةُ، فَجَعَلَتْ تَنْفِرُ، فَسَلَّمَ، فَإِذَا ضَبَابَةٌ -أوْ سَحَابَةٌ- غَشِيَتْهُ، فَذَكَرَهُ للنَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقَالَ: اقْرَأْ فُلَانُ؛ فإنَّهَا السَّكِينَةُ نَزَلَتْ لِلْقُرْآنِ (أوْ تَنَزَّلَتْ لِلْقُرْآنِ).
16.04.202514:35
هل نرفع الراية البيضاء ؟
نحن لن نرفع الراية البيضاء
سندافع عن شعبنا بما أوتينا من قوة
يحيي السنوار
نحن لن نرفع الراية البيضاء
سندافع عن شعبنا بما أوتينا من قوة
يحيي السنوار
Кайра бөлүшүлгөн:
إنه القرآن ( القناة الرسمية )



13.04.202518:47
طليعــــــــة الكفــــــاية | الدفعـــــة السادســـــة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وآله وصحبه أجمعين، وبعد:
بين تَقلُّب الزمان، وكثرة الأحداث، لن يجد المؤمن ملجأً يربط على قلبه، ويضبط تصوّره، ويُقيم ميزانه، ككتاب ربِّه! والناظر في وصية نبيّه ﷺ يعلم يقينًا أن الفلاح كله حين تبدأ رحلة عُمر الإنسان مع كتاب ربّه.
تأمّل في قوله ﷺ (فإنَّ هذا القرآنَ سبَبٌ طرَفُه بيدِ اللهِ وطرَفُه بأيديكم فتمسَّكوا به فإنَّكم لنْ تضِلُّوا ولن تهلِكوا بعدَه أبدًا)، فماذا يُريد الإنسان من هذه الدُنيا بعد ذلك؟ لا يضل، ولا يهلك بعد القُرآن أبدًا!
ومن هُنا يُبّشركم فريق موقع (إنه القرآن) بافتتاح التسجيل بالدفعة السادسة لبرنامج:
(طليعة الكفاية في علوم القرآن)
■ البرنامج علمي/ تزكوي، يهدف إلى تعميق الصلة بكتاب الله تعالى، عن طريق المزج بين العلوم الأوليّة لفهم كتاب الله تعالى: علم التفسير، وعلوم القرآن، وأصول التفسير، وعلوم اللغة (النحو، الصرف، البلاغة)، مع الاهتمام بمعايشة كتاب الله تعالى ومصاحبته -بإذن الله-.
■ ⏰ مدة البرنامج: سنة كاملة.
■ يحصل المجتاز على شهادة اجتياز من الموقع.
■ البرنامج بإشراف: د. أحمد عبدالمنعم، والشيخ عمرو الشرقاوي.
■ شرط البرنامج: الاشتراك في القناة فقط.
الدراسة بالبرنامج بإذن الله ابتداءً من: يوم السبت، الموافق: ٢٠/ ١٠/ ١٤٤٦هـ - ١٩/ ٤/ ٢٠٢٥م
〰️〰️〰️〰️〰️〰️〰️〰️〰️〰️
📌 للتسجيل في البرنامج، يُرجى الاشتراك بقناة البرنامج الرئيسية من هنا 👇
https://t.me/+yiwt50X048I5NmQ8
في انتظاركم - بإذن الله - 🍃
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وآله وصحبه أجمعين، وبعد:
بين تَقلُّب الزمان، وكثرة الأحداث، لن يجد المؤمن ملجأً يربط على قلبه، ويضبط تصوّره، ويُقيم ميزانه، ككتاب ربِّه! والناظر في وصية نبيّه ﷺ يعلم يقينًا أن الفلاح كله حين تبدأ رحلة عُمر الإنسان مع كتاب ربّه.
تأمّل في قوله ﷺ (فإنَّ هذا القرآنَ سبَبٌ طرَفُه بيدِ اللهِ وطرَفُه بأيديكم فتمسَّكوا به فإنَّكم لنْ تضِلُّوا ولن تهلِكوا بعدَه أبدًا)، فماذا يُريد الإنسان من هذه الدُنيا بعد ذلك؟ لا يضل، ولا يهلك بعد القُرآن أبدًا!
ومن هُنا يُبّشركم فريق موقع (إنه القرآن) بافتتاح التسجيل بالدفعة السادسة لبرنامج:
(طليعة الكفاية في علوم القرآن)
■ البرنامج علمي/ تزكوي، يهدف إلى تعميق الصلة بكتاب الله تعالى، عن طريق المزج بين العلوم الأوليّة لفهم كتاب الله تعالى: علم التفسير، وعلوم القرآن، وأصول التفسير، وعلوم اللغة (النحو، الصرف، البلاغة)، مع الاهتمام بمعايشة كتاب الله تعالى ومصاحبته -بإذن الله-.
■ ⏰ مدة البرنامج: سنة كاملة.
■ يحصل المجتاز على شهادة اجتياز من الموقع.
■ البرنامج بإشراف: د. أحمد عبدالمنعم، والشيخ عمرو الشرقاوي.
■ شرط البرنامج: الاشتراك في القناة فقط.
الدراسة بالبرنامج بإذن الله ابتداءً من: يوم السبت، الموافق: ٢٠/ ١٠/ ١٤٤٦هـ - ١٩/ ٤/ ٢٠٢٥م
〰️〰️〰️〰️〰️〰️〰️〰️〰️〰️
📌 للتسجيل في البرنامج، يُرجى الاشتراك بقناة البرنامج الرئيسية من هنا 👇
https://t.me/+yiwt50X048I5NmQ8
في انتظاركم - بإذن الله - 🍃
11.04.202506:25
10.04.202523:09
قال السعديُّ رحمهُ الله: «الإِكثارُ من الصَّلاةِ على النبيِّ ☪️ فيها غُفرانُ الزَّلَّاتِ، وتَكفيرُ السيئاتِ، وإجابةُ الدَّعَواتِ، وقَضاءُ الحاجاتِ، وتَفريجُ المهمَّاتِ والكُرُباتِ، وحُلولُ الخيراتِ والبَرَكاتِ، ورِضى ربّ الأرضِ والسماواتِ، وهي نورٌ لِصاحِبِها في قبرِهِ، مُنجِيةٌ من الشُّرورِ والآفاتِ».
☪️☪️☪️☪️☪️
☪️☪️☪️☪️☪️
19.04.202506:17
وبالطبع لا يمكن أن نغفل النموذج الأشهر في هذا السياق، فرعون ومواجهته الممتدة عبر القرآن مع موسى عليه السلام وقومه، ونظرا لتكرر القصة وطول الصراع فإن فرعون كثرت منه المقولات الشنيعة وتدرجت حتى وصلت إلى ادعاء الألوهية (فقال أنا ربكم الأعلى) لكنا لا يجب أن ننسى مقولته التي ربما مهدت لذلك العلو والاستكبار ﴿وَنَادَىٰ فِرۡعَوۡنُ فِی قَوۡمِهِۦ قَالَ یَـٰقَوۡمِ أَلَیۡسَ لِی مُلۡكُ مِصۡرَ وَهَـٰذِهِ ٱلۡأَنۡهَـٰرُ تَجۡرِی مِن تَحۡتِیۤۚ أَفَلَا تُبۡصِرُونَ﴾ [الزخرف ٥١] إنه يعتبر أن ملك مصر وحدها يُخوِّل له كل فساد وإفساد (كأنها لعنة تتلبس كل من حكم هذا البلد البائس)، العجيب أن فتنة المُلك لم تصب فرعون وحده، بل طالت من يحكمهم كذاك [وربما زال العجب لو رجعنا لتكملة الآيات السابقة(فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين)] ولذلك نجد مؤمن آل فرعون يخاطبهم في سورة غافر﴿یَـٰقَوۡمِ لَكُمُ ٱلۡمُلۡكُ ٱلۡیَوۡمَ ظَـٰهِرِینَ فِی ٱلۡأَرۡضِ فَمَن یَنصُرُنَا مِنۢ بَأۡسِ ٱللَّهِ إِن جَاۤءَنَاۚ قَالَ فِرۡعَوۡنُ مَاۤ أُرِیكُمۡ إِلَّا مَاۤ أَرَىٰ وَمَاۤ أَهۡدِیكُمۡ إِلَّا سَبِیلَ ٱلرَّشَادِ﴾ [غافر ٢٩]
وكأنه يشير إلى أبرز الدوافع التي أعرضت بهم عن الإيمان بموسى عليه السلام وسهلت لهم قتل الأبرياء والطغيان في الأرض والإفساد (فمن ينصرنا من بأس الله إن جاءنا) صيحة تحذير في وجه كل طاغية يتجبر بملكه اليوم وحتى قيام الساعة.
الملاحظ أن الملك ارتبط مع هؤلاء بسفك الدماء وإهدار حياة الأبرياء (قال أنا أحيي وأميت) (يقتلون أبناءكم ويستحيون نساءكم) ومعاداة الأنبياء، والتكبر عن آيات الله، والتغرير بالضعفاء.
في مقابل هذه النماذج شديدة السوء في التعامل مع فتنة المُلك نجد النماذج التي نجت منها وتغلبت عليها إما لأنبياء أو أولياء، منها نموذج ذي القرنين الذي افتتحنا به حديثنا، ومنها نموذج داود وابنه سليمان عليهما السلام، فقد جُمع لهما بين الملك والنبوة وفضلهما الله على كثير من عباده المؤمنين
﴿فَهَزَمُوهُم بِإِذۡنِ ٱللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُۥدُ جَالُوتَ وَءَاتَىٰهُ ٱللَّهُ ٱلۡمُلۡكَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَعَلَّمَهُۥ مِمَّا یَشَاۤءُۗ وَلَوۡلَا دَفۡعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعۡضَهُم بِبَعۡضࣲ لَّفَسَدَتِ ٱلۡأَرۡضُ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ ذُو فَضۡلٍ عَلَى ٱلۡعَـٰلَمِینَ﴾ [البقرة ٢٥١]
﴿قَالَ رَبِّ ٱغۡفِرۡ لِی وَهَبۡ لِی مُلۡكࣰا لَّا یَنۢبَغِی لِأَحَدࣲ مِّنۢ بَعۡدِیۤۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡوَهَّابُ﴾ [ص ٣٥]
والحقيقة أن هذين النموذجين يحتاجان إلى وقفات تأمل عديدة يضيق المقام عنها، لكن اللافت للنظر هنا أن هذا الملك جاء عقب استضعاف مهول تعرض له بنو إسرائيل بعد موسى عليه السلام ﴿وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا﴾وبدأت أولى خطوات الخروج منه ببعث طالوت ملكا يقاتلون معه في سبيل الله
يمكن القول بعد تتبع هذه النماذج المضيئة في سياقاتها القرآنية أن هذا النوع الأمثل من الملك قد تأسس على إيمان عظيم ومعرفة عميقة بالله، واعتراف بنعمه وافتقار إليه، وجهاد في سبيله وتضحية وبذل، ثم امتد وتوسع على قاعدة من العمل الدائب من أجل تعبيد الناس لله، ونصرة دينه بكل ما مكنوا فيه من علم وقوة وسلطان، وحكم بين الناس بالعدل والقسط، وربما تكون هذه العوامل هي ما يمكن تسميته (مقومات النجاة من فتنة الملك) على ما فيها من مشقة تحصيل وصعوبة اجتماع، مما يفسر لنا شيوع فساد الملوك ومن شاكلهم من أصحاب السلطة وإفسادهم في الأرض، ومما يذكرنا (ولا أعلم صحة الربط) بحديث النبي صلى الله عليه وسلم ( تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا، فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ نُبُوَّةٍ ) فهاهنا لم يُذكر المُلك قط بخير، فهو إما ملك عاض أو ملك جبرية، بينما يكون شكل الحكم الأمثل هو خلافة على منهاج النبوة، ولا خيار ثالث، هذا على تفاوت درجات الفساد والظلم والقهر واختلاف مناهج هذا الملك.
وكأنه يشير إلى أبرز الدوافع التي أعرضت بهم عن الإيمان بموسى عليه السلام وسهلت لهم قتل الأبرياء والطغيان في الأرض والإفساد (فمن ينصرنا من بأس الله إن جاءنا) صيحة تحذير في وجه كل طاغية يتجبر بملكه اليوم وحتى قيام الساعة.
الملاحظ أن الملك ارتبط مع هؤلاء بسفك الدماء وإهدار حياة الأبرياء (قال أنا أحيي وأميت) (يقتلون أبناءكم ويستحيون نساءكم) ومعاداة الأنبياء، والتكبر عن آيات الله، والتغرير بالضعفاء.
في مقابل هذه النماذج شديدة السوء في التعامل مع فتنة المُلك نجد النماذج التي نجت منها وتغلبت عليها إما لأنبياء أو أولياء، منها نموذج ذي القرنين الذي افتتحنا به حديثنا، ومنها نموذج داود وابنه سليمان عليهما السلام، فقد جُمع لهما بين الملك والنبوة وفضلهما الله على كثير من عباده المؤمنين
﴿فَهَزَمُوهُم بِإِذۡنِ ٱللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُۥدُ جَالُوتَ وَءَاتَىٰهُ ٱللَّهُ ٱلۡمُلۡكَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَعَلَّمَهُۥ مِمَّا یَشَاۤءُۗ وَلَوۡلَا دَفۡعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعۡضَهُم بِبَعۡضࣲ لَّفَسَدَتِ ٱلۡأَرۡضُ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ ذُو فَضۡلٍ عَلَى ٱلۡعَـٰلَمِینَ﴾ [البقرة ٢٥١]
﴿قَالَ رَبِّ ٱغۡفِرۡ لِی وَهَبۡ لِی مُلۡكࣰا لَّا یَنۢبَغِی لِأَحَدࣲ مِّنۢ بَعۡدِیۤۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡوَهَّابُ﴾ [ص ٣٥]
والحقيقة أن هذين النموذجين يحتاجان إلى وقفات تأمل عديدة يضيق المقام عنها، لكن اللافت للنظر هنا أن هذا الملك جاء عقب استضعاف مهول تعرض له بنو إسرائيل بعد موسى عليه السلام ﴿وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا﴾وبدأت أولى خطوات الخروج منه ببعث طالوت ملكا يقاتلون معه في سبيل الله
يمكن القول بعد تتبع هذه النماذج المضيئة في سياقاتها القرآنية أن هذا النوع الأمثل من الملك قد تأسس على إيمان عظيم ومعرفة عميقة بالله، واعتراف بنعمه وافتقار إليه، وجهاد في سبيله وتضحية وبذل، ثم امتد وتوسع على قاعدة من العمل الدائب من أجل تعبيد الناس لله، ونصرة دينه بكل ما مكنوا فيه من علم وقوة وسلطان، وحكم بين الناس بالعدل والقسط، وربما تكون هذه العوامل هي ما يمكن تسميته (مقومات النجاة من فتنة الملك) على ما فيها من مشقة تحصيل وصعوبة اجتماع، مما يفسر لنا شيوع فساد الملوك ومن شاكلهم من أصحاب السلطة وإفسادهم في الأرض، ومما يذكرنا (ولا أعلم صحة الربط) بحديث النبي صلى الله عليه وسلم ( تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا، فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ نُبُوَّةٍ ) فهاهنا لم يُذكر المُلك قط بخير، فهو إما ملك عاض أو ملك جبرية، بينما يكون شكل الحكم الأمثل هو خلافة على منهاج النبوة، ولا خيار ثالث، هذا على تفاوت درجات الفساد والظلم والقهر واختلاف مناهج هذا الملك.
Кайра бөлүшүлгөн:
أحمد سيف

17.04.202519:25
الحمد لله .. وبعد،
من أعظم المعاني الشرعية التي أعتقدها في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: معنى الأمان.
نعم الأمان من جذوة الألم النفسي وتلك الوحشة في الصدور ..
فإن أعظم ما ينغص على الإنسان سيره إلى الله عز وجل في هذه الدنيا: الذنوب والهموم.
والصلاة على النبي كما الكهف الآمن الذي يأوي إليه المكروب بذنبه وهمه؛ فإن للذنب كربة في النفس المؤمنة يستشعرها من كان في قلبه شيء من الحياة.
والمبتلى بالذنب يعلم حقيقة هذه الكربة الشديدة التي تصيبه حال ذنبه لأثرة من حياة وومضة من إحساس باقية في قلبه ولو كان مذنبًا.
أما الهموم والأحزان فتفسد على الإنسان لحظات حياته وتقعده عن العمل وتنزل به العجز واليأس، بل وتنزل به صنوف المرض والأوجاع.
فإذا أقبل المبتلى بهما أو بأحدهما بقلبه على الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم؛ أبصر فؤاده شيئًا من الأمان والفرجة من بعد الهم بوحي أوحاه الله إلى نبيه صلى الله عليه وسلم في الزمان الأول أن قل لعبادي المكثرين من الصلاة عليك يا محمد: إذن تُكفى همك ويُغفر لك ذنبك.
من أعظم المعاني الشرعية التي أعتقدها في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: معنى الأمان.
نعم الأمان من جذوة الألم النفسي وتلك الوحشة في الصدور ..
فإن أعظم ما ينغص على الإنسان سيره إلى الله عز وجل في هذه الدنيا: الذنوب والهموم.
والصلاة على النبي كما الكهف الآمن الذي يأوي إليه المكروب بذنبه وهمه؛ فإن للذنب كربة في النفس المؤمنة يستشعرها من كان في قلبه شيء من الحياة.
والمبتلى بالذنب يعلم حقيقة هذه الكربة الشديدة التي تصيبه حال ذنبه لأثرة من حياة وومضة من إحساس باقية في قلبه ولو كان مذنبًا.
أما الهموم والأحزان فتفسد على الإنسان لحظات حياته وتقعده عن العمل وتنزل به العجز واليأس، بل وتنزل به صنوف المرض والأوجاع.
فإذا أقبل المبتلى بهما أو بأحدهما بقلبه على الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم؛ أبصر فؤاده شيئًا من الأمان والفرجة من بعد الهم بوحي أوحاه الله إلى نبيه صلى الله عليه وسلم في الزمان الأول أن قل لعبادي المكثرين من الصلاة عليك يا محمد: إذن تُكفى همك ويُغفر لك ذنبك.
Кайра бөлүшүлгөн:
قناة أحمد عبد المنعم

15.04.202522:52
تأتي لحظات صادمة للعقل المسلم -مثل أحداث 11 سبتمبر- تجعله يشعر بأهمية فهم الأحداث الواقعية والعالمية من حوله؛ لما يترتب عليها من تغييرات مختلفة وعلى مستويات متعددة.
ثم انتشرت بعد أحداث الربيع العربي أهمية القراءة في الكتب الفكرية والعلوم الإنسانية لمحاولة فهم الواقع الذي كان غامضا وخافيا على كثير من الشباب، وكانت الرؤى الموجودة عند أغلب الإسلاميين جزئية وسطحية، ولكن بعد سقوط الجُدر الفاصلة بين كثير من المجتمعات وانتشار وسائل التواصل= شعر كثير من الشباب بأهمية القراءة في الكتب الفكرية لفهم الواقع والعالم من حولنا، ومحاولة فهم موازين القوى وموقع الإسلام من العالم وقدرة العاملين للدين على التغيير وفرص العمل لنشر الدين وطبيعة المجتمعات وإعادة اختبار المقولات القديمة وتوزيع الخريطة الدينية وتنوعها وغير ذلك.
كانت هذه القراءة تزيد في الوعي وتزيد في الآلام في نفس الوقت؛ لأنها تبصرك بحقيقة الواقع وحجم التحديات وضعف الكوادر والأدوات.
ولكن بعد كثير من الأزمات السياسية والاقتصادية عاد الأغلب للتفكير الفردي الضيق الذي لا يرى أبعد من انشغالاته أو مجموعة عمله، وحاول أن يتناسى المعارف ويمحو الذاكرة.
ونشأ جيل لم يعاصر كثيرا من الأحداث، نشأ مشتتا مشغولا (مَدْووشا) بعروض الحياة وخلافات وسائل التواصل، ليس لديه مساحة نفسية لفهم الواقع والعالم من حوله، نعم، هو أكثر انغماسا ومعرفة بالجزئيات من الجيل السابق ولكنه أكثر تشتتا وجريا.
جاءت لحظة الطوفان وتوقف الزمان وظهر اللون الأحمر المسلم الطاهر بكثافة على كل الشاشات، وصعدت الأرواح والتكبيرات والدعوات إلى السماء، وأفاق كثير من الشباب من غفوته واستيقظ من نومته، وكنا نظنها أياما فكانت شهورا وربما سنوات.
لم يعد يحتاج الشباب إلى القراءة في الكتب الفكرية ليعلم نجاسة الحداثة، ووحشية الغرب، وتخاذل العرب، وتفرق المسلمين، وطغيان الفردانية، وضعف المصلحين، وخسة المنافقين.
لم تعد بحاجة لقراءة كتاب عن آثار الدولة الحديثة في تغير مفاهيم الولاء والبراء، وعن مظاهر تأخر المسلمين وتفرقهم، وعن أثر توظيف الدين للمصالح الشخصية، وعن غياب الأولويات عند بعض الدعاة وطلبة العلم، وعن تغير المبادئ تبعا لتغير موازين القوى، وغير ذلك.
أصبح الواقع عاريا بدمائه وخزيه وعاره.
ولكن ماذا بعد هذا الوضوح؟
(ومن الناس من يعبد الله على حرف)
من الناس من عاد إلى نومته وغفلته وانشغاله بلقمة عيشه ولم يتحمل رؤية هذه الحقائق، ومنهم من أنكرها وجحدها بعدما استيقنتها نفسه، ومنهم من أصابته الحقيقة بالإحباط واليأس فألقى سلاحه وأخلد إلى الأرض، ومنهم من تعجّل التغيير وناطح السُّنَن وجاء بأفكار ساذجة ومتهورة، ومنهم ومنهم.
فإن سألتني: وما الحل؟
أقول لك: لا أعلم، ولكن الذي أعلمه أننا ينبغي أن نموت على الطريق نرفع إحدى أيدينا بالدعاء، ونسعى بالأخرى لبذل ما نستطيعه من نشر هذا الدين، نسعى لإيقاظ الغافلين وتعليم المسلمين وتحريض المؤمنين، نسعى لرفع الوعي بالفساد المحيط بنا وبالتفاهات التي غزت بيوتنا، نسعى لجمع كلمة المسلمين وعدم التفريق بينهم وتقليل حدة الخلاف وهوة الشقاق، نسعى لبث روح الأمل والبشرى والعزة والتطلع للسماء ونزع لباس الذل والمهانة والركون إلى الأرض، نسعى لأن نزيد من أعداد أولو البقية الذين ينهون عن السوء ويجانبون أهل الظلم والترف.
افعل ما استطعت من ذلك حتى تقضي نحبك أو تعيش منتظرا غير مُبدّل ولا مُغيّر.
لا أقول أن هذا سيغير الواقع ويأتي بالتمكين الذي تحلم به، ولكنه قد ينجيك أمام ربك إذا سألك: فيم كنت؟
اللهم استعملنا فيما يرضيك وبصّرنا بما تحب.
ثم انتشرت بعد أحداث الربيع العربي أهمية القراءة في الكتب الفكرية والعلوم الإنسانية لمحاولة فهم الواقع الذي كان غامضا وخافيا على كثير من الشباب، وكانت الرؤى الموجودة عند أغلب الإسلاميين جزئية وسطحية، ولكن بعد سقوط الجُدر الفاصلة بين كثير من المجتمعات وانتشار وسائل التواصل= شعر كثير من الشباب بأهمية القراءة في الكتب الفكرية لفهم الواقع والعالم من حولنا، ومحاولة فهم موازين القوى وموقع الإسلام من العالم وقدرة العاملين للدين على التغيير وفرص العمل لنشر الدين وطبيعة المجتمعات وإعادة اختبار المقولات القديمة وتوزيع الخريطة الدينية وتنوعها وغير ذلك.
كانت هذه القراءة تزيد في الوعي وتزيد في الآلام في نفس الوقت؛ لأنها تبصرك بحقيقة الواقع وحجم التحديات وضعف الكوادر والأدوات.
ولكن بعد كثير من الأزمات السياسية والاقتصادية عاد الأغلب للتفكير الفردي الضيق الذي لا يرى أبعد من انشغالاته أو مجموعة عمله، وحاول أن يتناسى المعارف ويمحو الذاكرة.
ونشأ جيل لم يعاصر كثيرا من الأحداث، نشأ مشتتا مشغولا (مَدْووشا) بعروض الحياة وخلافات وسائل التواصل، ليس لديه مساحة نفسية لفهم الواقع والعالم من حوله، نعم، هو أكثر انغماسا ومعرفة بالجزئيات من الجيل السابق ولكنه أكثر تشتتا وجريا.
جاءت لحظة الطوفان وتوقف الزمان وظهر اللون الأحمر المسلم الطاهر بكثافة على كل الشاشات، وصعدت الأرواح والتكبيرات والدعوات إلى السماء، وأفاق كثير من الشباب من غفوته واستيقظ من نومته، وكنا نظنها أياما فكانت شهورا وربما سنوات.
لم يعد يحتاج الشباب إلى القراءة في الكتب الفكرية ليعلم نجاسة الحداثة، ووحشية الغرب، وتخاذل العرب، وتفرق المسلمين، وطغيان الفردانية، وضعف المصلحين، وخسة المنافقين.
لم تعد بحاجة لقراءة كتاب عن آثار الدولة الحديثة في تغير مفاهيم الولاء والبراء، وعن مظاهر تأخر المسلمين وتفرقهم، وعن أثر توظيف الدين للمصالح الشخصية، وعن غياب الأولويات عند بعض الدعاة وطلبة العلم، وعن تغير المبادئ تبعا لتغير موازين القوى، وغير ذلك.
أصبح الواقع عاريا بدمائه وخزيه وعاره.
ولكن ماذا بعد هذا الوضوح؟
(ومن الناس من يعبد الله على حرف)
من الناس من عاد إلى نومته وغفلته وانشغاله بلقمة عيشه ولم يتحمل رؤية هذه الحقائق، ومنهم من أنكرها وجحدها بعدما استيقنتها نفسه، ومنهم من أصابته الحقيقة بالإحباط واليأس فألقى سلاحه وأخلد إلى الأرض، ومنهم من تعجّل التغيير وناطح السُّنَن وجاء بأفكار ساذجة ومتهورة، ومنهم ومنهم.
فإن سألتني: وما الحل؟
أقول لك: لا أعلم، ولكن الذي أعلمه أننا ينبغي أن نموت على الطريق نرفع إحدى أيدينا بالدعاء، ونسعى بالأخرى لبذل ما نستطيعه من نشر هذا الدين، نسعى لإيقاظ الغافلين وتعليم المسلمين وتحريض المؤمنين، نسعى لرفع الوعي بالفساد المحيط بنا وبالتفاهات التي غزت بيوتنا، نسعى لجمع كلمة المسلمين وعدم التفريق بينهم وتقليل حدة الخلاف وهوة الشقاق، نسعى لبث روح الأمل والبشرى والعزة والتطلع للسماء ونزع لباس الذل والمهانة والركون إلى الأرض، نسعى لأن نزيد من أعداد أولو البقية الذين ينهون عن السوء ويجانبون أهل الظلم والترف.
افعل ما استطعت من ذلك حتى تقضي نحبك أو تعيش منتظرا غير مُبدّل ولا مُغيّر.
لا أقول أن هذا سيغير الواقع ويأتي بالتمكين الذي تحلم به، ولكنه قد ينجيك أمام ربك إذا سألك: فيم كنت؟
اللهم استعملنا فيما يرضيك وبصّرنا بما تحب.
Кайра бөлүшүлгөн:
قناة بدر آل مرعي

13.04.202514:56
يقع في قلبي أن هذه المرحلة -مع شدة الألم فيها- تحمل بدايات موعود الله لأكناف بيت المقدس، فقد صحّ في الروايات النبوية ما يشبه التدرج التكويني:
" ولا تزال عصابة من المسلمين" [صحيح مسلم]
ثم
"لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق" [سنن أبي داود]
ثم
"لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله" [صحيح البخاري]
فهي قضية عصابة ثم طائفة ثم أمة.
وتأمل الشطر الثاني من الروايات:
"لا يضرهم من خذلهم" [صحيح البخاري]
ثم
"ما يضرهم من كذّبهم" [صحيح البخاري]
ثم
"ولا من خالفهم" [صحيح البخاري]
ثم
"ظاهرين على من ناوأهم" [صحيح مسلم]
فقد تحقق شطر العصابة والطائفة والأمة، وتحقق أيضًا شطر الخذلان، والتكذيب، والمخالفة، والمناوأة [أي: المعاداة الواضحة].
اللهم إنك ترى انكسار قلوبنا، وكراهية عجزنا، وخوفنا من الدخول في وصف الخاذلين والمكذبين والمخالفين والمناوئين، فاللهم ارحمنا بنصرهم وتأييدهم وسداد رأيهم وسهمهم، وعمّ برحماتك كل مبتلى منكسر.
" ولا تزال عصابة من المسلمين" [صحيح مسلم]
ثم
"لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق" [سنن أبي داود]
ثم
"لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله" [صحيح البخاري]
فهي قضية عصابة ثم طائفة ثم أمة.
وتأمل الشطر الثاني من الروايات:
"لا يضرهم من خذلهم" [صحيح البخاري]
ثم
"ما يضرهم من كذّبهم" [صحيح البخاري]
ثم
"ولا من خالفهم" [صحيح البخاري]
ثم
"ظاهرين على من ناوأهم" [صحيح مسلم]
فقد تحقق شطر العصابة والطائفة والأمة، وتحقق أيضًا شطر الخذلان، والتكذيب، والمخالفة، والمناوأة [أي: المعاداة الواضحة].
اللهم إنك ترى انكسار قلوبنا، وكراهية عجزنا، وخوفنا من الدخول في وصف الخاذلين والمكذبين والمخالفين والمناوئين، فاللهم ارحمنا بنصرهم وتأييدهم وسداد رأيهم وسهمهم، وعمّ برحماتك كل مبتلى منكسر.
11.04.202506:25
🌟 هذا يوم الجمعة:
🌿 سورة الكهف نور وسكينة
🌿 الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كفاية من الهم ومغفرة للذنب
🌿 ساعة الإجابة رجاؤنا الذي لا ينقطع والله نعم المولى ونعم النصير
ادعوا لأنفسكم أن يجعلنا الله من عباده المخلصين ومن جنده الغالبين، وادعوا لإخوانكم في غزة وكل فلسطين وسوريا والسودان وفي كل مكان أن ينصرهم الله على الجبارين المستكبرين وأن يلطف بهم ويهون عليهم ويفرج عنهم
وادعوا للمجاهدين في غزة وسوريا أن ينصرهم الله ويسدد رميهم ويثبت أقدامهم وينزل السكينة في قلوبهم
وادعوا للأسرى والمعتقلين أن يهون الله عليهم وأن يردهم سالمين لأهلهم
يارب آمين آمين
#طوفان_الأقصى
🌿 سورة الكهف نور وسكينة
🌿 الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كفاية من الهم ومغفرة للذنب
🌿 ساعة الإجابة رجاؤنا الذي لا ينقطع والله نعم المولى ونعم النصير
ادعوا لأنفسكم أن يجعلنا الله من عباده المخلصين ومن جنده الغالبين، وادعوا لإخوانكم في غزة وكل فلسطين وسوريا والسودان وفي كل مكان أن ينصرهم الله على الجبارين المستكبرين وأن يلطف بهم ويهون عليهم ويفرج عنهم
وادعوا للمجاهدين في غزة وسوريا أن ينصرهم الله ويسدد رميهم ويثبت أقدامهم وينزل السكينة في قلوبهم
وادعوا للأسرى والمعتقلين أن يهون الله عليهم وأن يردهم سالمين لأهلهم
يارب آمين آمين
#طوفان_الأقصى
09.04.202523:26
يتكرر في كتاب الله هذا التركيب (يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر) مع بعض الزيادات أحيانا وتنوع الأسلوب، بحثت عنه فوجدت أنه ورد في تسعة مواضع من ثماني سور، هذا غير آيات كثيرة أخرى تؤكد معنى أن الله وحده هو الرزاق وخير الرازقين سبحانه وتعالى، من بين هذه الآيات توقفت في رمضان الماضي عند آية سورة الزمر ﴿أَوَلَمۡ یَعۡلَمُوۤا۟ أَنَّ ٱللَّهَ یَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن یَشَاۤءُ وَیَقۡدِرُۚ إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَـَٔایَـٰتࣲ لِّقَوۡمࣲ یُؤۡمِنُونَ﴾ [الزمر ٥٢]
عند الخاتمة تحديدا (إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون) واكتشفت أن الآية في سورة الروم تختم بنفس الطريقة ﴿أَوَلَمۡ یَرَوۡا۟ أَنَّ ٱللَّهَ یَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن یَشَاۤءُ وَیَقۡدِرُۚ إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَـَٔایَـٰتࣲ لِّقَوۡمࣲ یُؤۡمِنُونَ﴾ [الروم ٣٧]
كنت أفكر كيف يكون في بسط الرزق وقدره آيات لقوم يؤمنون، وما دلالة هذا الارتباط بين هذا المفهوم المتعلق بالرزق وبين الإيمان! وهل ندرك كمسلمين حقا ما آثار ذلك في حياتنا وعلى اختياراتنا؟! وأعتقد أن هذا المنشور أجاب عن بعض هذه الأسئلة.
يقول الإمام الطبري في تفسير آية سورة الزمر:
﴿أَوَلَمۡ یَعۡلَمُوۤا۟ أَنَّ ٱللَّهَ یَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن یَشَاۤءُ وَیَقۡدِرُۚ إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَـَٔایَـٰتࣲ لِّقَوۡمࣲ یُؤۡمِنُونَ﴾ [الزمر ٥٢]
[يقول تعالى ذكره: أولم يعلم يا محمد هؤلاء الذين كشفنا عنهم ضرهم، فقالوا: إنما أوتيناه على علم منا، أن الشدة والرخاء والسعة والضيق والبلاء بيد الله، دون كل من سواه، يبسط الرزق لمن يشاء، فيوسعه عليه، ويقدر ذلك على من يشاء من عباده، فيضيقه، وأن ذلك من حجج الله على عباده، ليعتبروا به ويتذكروا، ويعلموا أن الرغبة إليه والرهبة دون الآلهة والأنداد. ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ﴾ يقول: إن في بسط الله الرزق لمن يشاء، وتقتيره على من أراد لآيات، يعني: دلالات وعلامات ﴿لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ يعني: يصدقون بالحقّ، فيقرّون به إذا تبينوه وعلموا حقيقته أن الذي يفعل ذلك هو الله دون كل ما سواه]
الرزق مفهوم عقدي أساسه توحيد الله عز وجل فلا رازق إلا هو سبحانه وتعالى، ومؤداه الرغبة إليه دون سواه في طلب الرزق، والانعتاق من كل خوف على هذا الرزق، فلا يملك بشر منعه أو التحكم فيه من دون الله ﴿أَمَّن یَبۡدَؤُا۟ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ یُعِیدُهُۥ وَمَن یَرۡزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَاۤءِ وَٱلۡأَرۡضِۗ أَءِلَـٰهࣱ مَّعَ ٱللَّهِۚ قُلۡ هَاتُوا۟ بُرۡهَـٰنَكُمۡ إِن كُنتُمۡ صَـٰدِقِینَ﴾ [النمل ٦٤]، إنها شجاعة الإيمان إذا صح التعبير، أو كما قال إريك فروم في أحد كتبه: "الإيمان يقتضي الشجاعة، والقدرة على المخاطرة، والاستعداد حتى لتقبل الألم وخيبة الأمل، ومن يتمسك بالأمان والسلام كشرطيين أوليين للحياة ليس لديه إيمان"
#طوفان_الأقصى
عند الخاتمة تحديدا (إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون) واكتشفت أن الآية في سورة الروم تختم بنفس الطريقة ﴿أَوَلَمۡ یَرَوۡا۟ أَنَّ ٱللَّهَ یَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن یَشَاۤءُ وَیَقۡدِرُۚ إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَـَٔایَـٰتࣲ لِّقَوۡمࣲ یُؤۡمِنُونَ﴾ [الروم ٣٧]
كنت أفكر كيف يكون في بسط الرزق وقدره آيات لقوم يؤمنون، وما دلالة هذا الارتباط بين هذا المفهوم المتعلق بالرزق وبين الإيمان! وهل ندرك كمسلمين حقا ما آثار ذلك في حياتنا وعلى اختياراتنا؟! وأعتقد أن هذا المنشور أجاب عن بعض هذه الأسئلة.
يقول الإمام الطبري في تفسير آية سورة الزمر:
﴿أَوَلَمۡ یَعۡلَمُوۤا۟ أَنَّ ٱللَّهَ یَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن یَشَاۤءُ وَیَقۡدِرُۚ إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَـَٔایَـٰتࣲ لِّقَوۡمࣲ یُؤۡمِنُونَ﴾ [الزمر ٥٢]
[يقول تعالى ذكره: أولم يعلم يا محمد هؤلاء الذين كشفنا عنهم ضرهم، فقالوا: إنما أوتيناه على علم منا، أن الشدة والرخاء والسعة والضيق والبلاء بيد الله، دون كل من سواه، يبسط الرزق لمن يشاء، فيوسعه عليه، ويقدر ذلك على من يشاء من عباده، فيضيقه، وأن ذلك من حجج الله على عباده، ليعتبروا به ويتذكروا، ويعلموا أن الرغبة إليه والرهبة دون الآلهة والأنداد. ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ﴾ يقول: إن في بسط الله الرزق لمن يشاء، وتقتيره على من أراد لآيات، يعني: دلالات وعلامات ﴿لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ يعني: يصدقون بالحقّ، فيقرّون به إذا تبينوه وعلموا حقيقته أن الذي يفعل ذلك هو الله دون كل ما سواه]
الرزق مفهوم عقدي أساسه توحيد الله عز وجل فلا رازق إلا هو سبحانه وتعالى، ومؤداه الرغبة إليه دون سواه في طلب الرزق، والانعتاق من كل خوف على هذا الرزق، فلا يملك بشر منعه أو التحكم فيه من دون الله ﴿أَمَّن یَبۡدَؤُا۟ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ یُعِیدُهُۥ وَمَن یَرۡزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَاۤءِ وَٱلۡأَرۡضِۗ أَءِلَـٰهࣱ مَّعَ ٱللَّهِۚ قُلۡ هَاتُوا۟ بُرۡهَـٰنَكُمۡ إِن كُنتُمۡ صَـٰدِقِینَ﴾ [النمل ٦٤]، إنها شجاعة الإيمان إذا صح التعبير، أو كما قال إريك فروم في أحد كتبه: "الإيمان يقتضي الشجاعة، والقدرة على المخاطرة، والاستعداد حتى لتقبل الألم وخيبة الأمل، ومن يتمسك بالأمان والسلام كشرطيين أوليين للحياة ليس لديه إيمان"
#طوفان_الأقصى
19.04.202506:17
بينما تفتتح قصة ذي القرنين في سورة الكهف بقوله تعالى﴿وَیَسۡـَٔلُونَكَ عَن ذِی ٱلۡقَرۡنَیۡنِۖ قُلۡ سَأَتۡلُوا۟ عَلَیۡكُم مِّنۡهُ ذِكۡرًا﴾ لتسرد علينا القصة بعد ذلك خطوات هذا الملك الصالح في طريق التمكين متوسعا في الأرض متبعا سببا بعد سبب مجاهدا أعداء الله ومواليا المؤمنين، نجد قبلها بآيات فقط في خواتيم قصة موسى عليه السلام العبد الصالح وهو يشرع في تأويل ما لم يستطع موسى عليه صبرا يشير إلى سبب خرقه السفينة ﴿أَمَّا ٱلسَّفِینَةُ فَكَانَتۡ لِمَسَـٰكِینَ یَعۡمَلُونَ فِی ٱلۡبَحۡرِ فَأَرَدتُّ أَنۡ أَعِیبَهَا وَكَانَ وَرَاۤءَهُم مَّلِكࣱ یَأۡخُذُ كُلَّ سَفِینَةٍ غَصۡبࣰا﴾
حسنا، يبدو وكأنه ثمة مفارقة هنا بين موقف هذا الملك الظالم الذي يأخذ كل سفينة غصبا، وموقف ذي القرنين كملك صالح يجاهد في سبيل الله وينصر المستضعفين ويصد عن الأرض عيث المفسدين، وربما دفعت هذه المفارقة بعض المتدبرين لسورة الكهف -من زاوية عصمتها للمؤمن من الفتن- أن يرى في قصة ذي القرنين اختصاصا بالكلام عن فتنة الملك وكيفية العصمة منها بالإيمان والعلم النافع والعمل الصالح وإقامة العدل بين الناس، أما بالنسبة لي فقد دفعتني هذه المفارقة للتأمل في أمرين:
الأول: أن مسألة اختصاص كل قصة من قصص سورة الكهف بمواجهة فتنة بعينها وتجلية الطريقة المثلى في التعامل معها، وإن كانت في الإجمال تساعدنا على فهم السورة بشكل أعمق، ومعايشتها في واقعنا إلا أنها لا يجب أن تحجبنا عن بقية المعاني والمقاصد التي فاضت بها السورة التي ختمت بقوله تعالى﴿قُل لَّوۡ كَانَ ٱلۡبَحۡرُ مِدَادࣰا لِّكَلِمَـٰتِ رَبِّی لَنَفِدَ ٱلۡبَحۡرُ قَبۡلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَـٰتُ رَبِّی وَلَوۡ جِئۡنَا بِمِثۡلِهِۦ مَدَدࣰا﴾
أيضا لا ينبغي أن نفكر بطريقة أحادية النظرة في القصة الواحدة حتى على مستوى مقصد الفتنة بمفرده، بمعنى أن كل قصة يبدو وكأنها تعرض مجموعة من الفتن متداخلة ومتراكبة يؤثر بعضها في بعض ويدفع بعضها إلى بعض، والأولى ـ والله أعلم ـ أن يقال أن طريقة التعامل مع الفتنة في كل قصة كانت مختلفة بما يناسب ظروف أصحابها وأحوالهم لتظل الآية الجامعة لكل ذلك﴿إِنَّا جَعَلۡنَا مَا عَلَى ٱلۡأَرۡضِ زِینَةࣰ لَّهَا لِنَبۡلُوَهُمۡ أَیُّهُمۡ أَحۡسَنُ عَمَلࣰا﴾ بذلك الإجمال الذي تندرج تحته كل التفاصيل، وبذلك الشمول الذي يسع مستجدات الزمان والمكان، ومن هنا يمكننا أن ندلف إلى الأمر الثاني وهو متعلق بفتنة الملك تحديدا، فرغم أن قصة ذي القرنين كان بارزا فيها هذا المعنى أكثر من غيره، إلا أنه يمكننا الإشارة إلى لمحات منها في قصة موسى عليه السلام مع العبد الصالح في الملك الذي يأخذ كل سفينة غصبا، هاهنا الوجه الأبشع لطغيان الملك وبطشه بالضعفاء وتجبره في الأرض (قارنه بموقف ذي القرنين من القوم الذين لا يكادون يفقهون قولا حين يجيبهم إلى بناء السد دون أجر ويبذل في ذلك كل جهد)
وفي قصة أصحاب الكهف نعرف أن الفتية فروا من قومهم المشركين ومن المَلك الظالم ـ حسب الأخبار المذكور في التفاسير ـ الذي كان يبطش بالمؤمنين في زمانهم، وحتى في مَثَل صاحب الجنتين فإن المُلك بحده الأدنى أو نموذجه المصغر المتمثل في حوزة الجنتين والمال والولد قد كان سببا في فتنة هذا الرجل حتى وصل إلى الكفر، إذن يمكننا أن نلمح طرفا من فتنة الملك في كل قصة بشكل ما، والغالب أنه شكل سلبي للأسف، وأعتقد أنه في كل فتنة أخرى كفتنة العلم وفتنة المال يمكننا أن نطبق ذات الأسلوب من كونها ممتدة عبر القصص جميعا بتشكلات مختلفة وأساليب تعامل متنوعة.
لكني في الحقيقة لم أقطع هذا الطريق إليكم إلا لانشغالي بفتنة الملك بشكل خاص، في شهر رمضان الماضي كانت الفكرة في ذهني تنمو بشكل مطرد، بدأت بالبغي الواقع علينا ممن يظنون أنفسهم ملكوا الدنيا بما فيها، فيتحكمون في دول وشعوب، فيرسمون خرائطها ويقررون مصيرهم وكأنهم آلهة، فكرت كثيرا ما الذي يدفع البشر إلى هذا الحد من الجنون والطغيان؟! وما الذي نملكه نحن في مواجهة ذلك؟!
البداية كانت عجيبة جدا، وقديمة للغاية، منذ الأيام الأولى في الجنة تسلل الشيطان من هذه الفُرجة وأعمل غوايته عبر هذه الأمنية﴿فَوَسۡوَسَ إِلَیۡهِ ٱلشَّیۡطَـٰنُ قَالَ یَـٰۤـَٔادَمُ هَلۡ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ ٱلۡخُلۡدِ وَمُلۡكࣲ لَّا یَبۡلَىٰ﴾ [طه ١٢٠]
وللأبد سيظل حب الخلود والرغبة في الملك كامنين في نفوس البشر يتسلط بهما الشيطان عليهم ليكشف أسوأ ما فيهم، ولذلك ستجد الملك غالبا مرتبطا في كتاب الله بأقسى الطغاة وأفجر المفسدين، ففي مواجهة النمرود مع إبراهيم عليه السلام يأتي من البداية سبب المنازعة المروعة التي سلكها هذا الطاغية (أن آتاه الله الملك) وتأمل التأكيد (آتاه الله) وتفكر ما الذي يثيره في نفسك هذا التعبير، يؤتيه الله الملك فينازعه في ملكه ويكفر به،قُتل الإنسان ما أكفره!
حسنا، يبدو وكأنه ثمة مفارقة هنا بين موقف هذا الملك الظالم الذي يأخذ كل سفينة غصبا، وموقف ذي القرنين كملك صالح يجاهد في سبيل الله وينصر المستضعفين ويصد عن الأرض عيث المفسدين، وربما دفعت هذه المفارقة بعض المتدبرين لسورة الكهف -من زاوية عصمتها للمؤمن من الفتن- أن يرى في قصة ذي القرنين اختصاصا بالكلام عن فتنة الملك وكيفية العصمة منها بالإيمان والعلم النافع والعمل الصالح وإقامة العدل بين الناس، أما بالنسبة لي فقد دفعتني هذه المفارقة للتأمل في أمرين:
الأول: أن مسألة اختصاص كل قصة من قصص سورة الكهف بمواجهة فتنة بعينها وتجلية الطريقة المثلى في التعامل معها، وإن كانت في الإجمال تساعدنا على فهم السورة بشكل أعمق، ومعايشتها في واقعنا إلا أنها لا يجب أن تحجبنا عن بقية المعاني والمقاصد التي فاضت بها السورة التي ختمت بقوله تعالى﴿قُل لَّوۡ كَانَ ٱلۡبَحۡرُ مِدَادࣰا لِّكَلِمَـٰتِ رَبِّی لَنَفِدَ ٱلۡبَحۡرُ قَبۡلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَـٰتُ رَبِّی وَلَوۡ جِئۡنَا بِمِثۡلِهِۦ مَدَدࣰا﴾
أيضا لا ينبغي أن نفكر بطريقة أحادية النظرة في القصة الواحدة حتى على مستوى مقصد الفتنة بمفرده، بمعنى أن كل قصة يبدو وكأنها تعرض مجموعة من الفتن متداخلة ومتراكبة يؤثر بعضها في بعض ويدفع بعضها إلى بعض، والأولى ـ والله أعلم ـ أن يقال أن طريقة التعامل مع الفتنة في كل قصة كانت مختلفة بما يناسب ظروف أصحابها وأحوالهم لتظل الآية الجامعة لكل ذلك﴿إِنَّا جَعَلۡنَا مَا عَلَى ٱلۡأَرۡضِ زِینَةࣰ لَّهَا لِنَبۡلُوَهُمۡ أَیُّهُمۡ أَحۡسَنُ عَمَلࣰا﴾ بذلك الإجمال الذي تندرج تحته كل التفاصيل، وبذلك الشمول الذي يسع مستجدات الزمان والمكان، ومن هنا يمكننا أن ندلف إلى الأمر الثاني وهو متعلق بفتنة الملك تحديدا، فرغم أن قصة ذي القرنين كان بارزا فيها هذا المعنى أكثر من غيره، إلا أنه يمكننا الإشارة إلى لمحات منها في قصة موسى عليه السلام مع العبد الصالح في الملك الذي يأخذ كل سفينة غصبا، هاهنا الوجه الأبشع لطغيان الملك وبطشه بالضعفاء وتجبره في الأرض (قارنه بموقف ذي القرنين من القوم الذين لا يكادون يفقهون قولا حين يجيبهم إلى بناء السد دون أجر ويبذل في ذلك كل جهد)
وفي قصة أصحاب الكهف نعرف أن الفتية فروا من قومهم المشركين ومن المَلك الظالم ـ حسب الأخبار المذكور في التفاسير ـ الذي كان يبطش بالمؤمنين في زمانهم، وحتى في مَثَل صاحب الجنتين فإن المُلك بحده الأدنى أو نموذجه المصغر المتمثل في حوزة الجنتين والمال والولد قد كان سببا في فتنة هذا الرجل حتى وصل إلى الكفر، إذن يمكننا أن نلمح طرفا من فتنة الملك في كل قصة بشكل ما، والغالب أنه شكل سلبي للأسف، وأعتقد أنه في كل فتنة أخرى كفتنة العلم وفتنة المال يمكننا أن نطبق ذات الأسلوب من كونها ممتدة عبر القصص جميعا بتشكلات مختلفة وأساليب تعامل متنوعة.
لكني في الحقيقة لم أقطع هذا الطريق إليكم إلا لانشغالي بفتنة الملك بشكل خاص، في شهر رمضان الماضي كانت الفكرة في ذهني تنمو بشكل مطرد، بدأت بالبغي الواقع علينا ممن يظنون أنفسهم ملكوا الدنيا بما فيها، فيتحكمون في دول وشعوب، فيرسمون خرائطها ويقررون مصيرهم وكأنهم آلهة، فكرت كثيرا ما الذي يدفع البشر إلى هذا الحد من الجنون والطغيان؟! وما الذي نملكه نحن في مواجهة ذلك؟!
البداية كانت عجيبة جدا، وقديمة للغاية، منذ الأيام الأولى في الجنة تسلل الشيطان من هذه الفُرجة وأعمل غوايته عبر هذه الأمنية﴿فَوَسۡوَسَ إِلَیۡهِ ٱلشَّیۡطَـٰنُ قَالَ یَـٰۤـَٔادَمُ هَلۡ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ ٱلۡخُلۡدِ وَمُلۡكࣲ لَّا یَبۡلَىٰ﴾ [طه ١٢٠]
وللأبد سيظل حب الخلود والرغبة في الملك كامنين في نفوس البشر يتسلط بهما الشيطان عليهم ليكشف أسوأ ما فيهم، ولذلك ستجد الملك غالبا مرتبطا في كتاب الله بأقسى الطغاة وأفجر المفسدين، ففي مواجهة النمرود مع إبراهيم عليه السلام يأتي من البداية سبب المنازعة المروعة التي سلكها هذا الطاغية (أن آتاه الله الملك) وتأمل التأكيد (آتاه الله) وتفكر ما الذي يثيره في نفسك هذا التعبير، يؤتيه الله الملك فينازعه في ملكه ويكفر به،قُتل الإنسان ما أكفره!
Кайра бөлүшүлгөн:
قناة أحمد بن يوسف السيد

17.04.202515:15
من ليس له محراب وأوراد وذلة وانكسار بين يدي الجبار في ظل هذه الفتن؛ كيف يثبت؟
ومن ليس له أصحاب صدق يؤازرونه ويتعاهدونه في ظل عجلة المعيشة الطاحنة؛ كيف يصبر؟
ومن ليس عنده مشروع للأمة يتقرب به إلى الله في ظل هذه الظروف الصعبة؛ كيف يعيش؟
ويا تُرى، من كان يعيش اليوم غافلاً لاهياً لا علاقة له بهموم أمته، في الوقت الذي يُحرَّق فيه إخوانه وهم أحياء، والمسجد الأقصى يُدنّسه أراذل الخلق؛ هل يُدرك حقيقة العقوبة التي أصاب الله بها قلبه؟ وهل سيثبت إن جاءته الفتن العظام وابتليت داره بما ابتليت به دور إخوانه؟
وأمّا من عرف الطريق فاستقام، واتقى الله ما استطاع، وصدق مع ربه، وأحسن ظنه به فلم يقنط من رحمته، وحسَّن نيته، ولزم رفقاء الخير، وأحسن إلى عباد الله، وتجنب مواطن الشر، ولم يركن إلى الذين ظلموا،
وحمل همّ الإسلام، وحمّل غيره هذا الهم، واجتهد في العمل، ولزم الصبر واليقين؛ فما ظنكم برب العالمين كيف يجازيه على صبره وثباته في هذا الزمن الصعب؟! فكيف بمن ابتلي فصبر؟ أم كيف بمن كان حاملاً للواء الإسلام وقد فداه بنفسه وعرضه وماله في قلّة وخوف وغربة؟
ألا فليدرك من فاته شرف الطريق ما فاته قبل أن يبزغ نور الفجر الذي يفوت ببزوغه شرف وسام "السابقين"
ومن ليس له أصحاب صدق يؤازرونه ويتعاهدونه في ظل عجلة المعيشة الطاحنة؛ كيف يصبر؟
ومن ليس عنده مشروع للأمة يتقرب به إلى الله في ظل هذه الظروف الصعبة؛ كيف يعيش؟
ويا تُرى، من كان يعيش اليوم غافلاً لاهياً لا علاقة له بهموم أمته، في الوقت الذي يُحرَّق فيه إخوانه وهم أحياء، والمسجد الأقصى يُدنّسه أراذل الخلق؛ هل يُدرك حقيقة العقوبة التي أصاب الله بها قلبه؟ وهل سيثبت إن جاءته الفتن العظام وابتليت داره بما ابتليت به دور إخوانه؟
وأمّا من عرف الطريق فاستقام، واتقى الله ما استطاع، وصدق مع ربه، وأحسن ظنه به فلم يقنط من رحمته، وحسَّن نيته، ولزم رفقاء الخير، وأحسن إلى عباد الله، وتجنب مواطن الشر، ولم يركن إلى الذين ظلموا،
وحمل همّ الإسلام، وحمّل غيره هذا الهم، واجتهد في العمل، ولزم الصبر واليقين؛ فما ظنكم برب العالمين كيف يجازيه على صبره وثباته في هذا الزمن الصعب؟! فكيف بمن ابتلي فصبر؟ أم كيف بمن كان حاملاً للواء الإسلام وقد فداه بنفسه وعرضه وماله في قلّة وخوف وغربة؟
ألا فليدرك من فاته شرف الطريق ما فاته قبل أن يبزغ نور الفجر الذي يفوت ببزوغه شرف وسام "السابقين"
Кайра бөлүшүлгөн:
وَأَن أَتلُوَ القُرآنَ



14.04.202520:23
﴿فَاصبِر صَبرًا جَميلًاإِنَّهُم يَرَونَهُ بَعيدًاوَنَراهُ قَريبًا﴾ [المعارج: ٥-٧]
11.04.202516:25
ومشهده وهو يضرب أمية بن خلف بسيفه في غزوة بدر ب (لا نجوت إن نجا)، وربما يعيدنا كذلك إلى لحظة الطوفان الأولى وأهلنا يدخلون أرضهم التي اغتصبها اليهود فيقتلون فريقا ويأسرون فريقا، ومشهد قائد الطوفان (يحيي السنوار) بعد أكثر من عام وهو يقاتل العدو بيديه حتى لا تبقى معه سوى عصا فيلقيها عليهم.
{لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها} أنت محاسب على ما أوتيت من أسباب ووسائل وإمكانيات، مهما كانت، فإذا أخذتها بحقها وعملت فيها بغاية جهدك فإنك لا تبريء ذمتك فقط، بل كذلك تمهد لنفسك سبلا أوسع وأسبابا أعظم، أكمل الآية {سيجعل الله بعد عسر يسرا} واقرأ أيضا {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين}
سمعت كلمة جميلة لأحد الشيوخ الكرام، كان يقول أن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، لكن كل نفس كذلك عليها أن توسع وسعها قدر ما تستطيع، كثير منا للأسف يتخذ مضمون الآية مبررا للتخاذل والإحجام، في حين أن الناظر بتدبر يدرك أنه دافع للبذل والعطاء والتضحية واستفراغ الجهد في ذلك، لأنه بالتجربة نعرف جميعا كم يبلغ وسعنا مبلغا عظيما، لكننا_ فقط_لم نختبره.
وبعد،
إن ذا القرنين في قصته يمزج بين المسلكين العظيمين اللذين حاولنا قدر ما نستطيع توضيح التداخل بينهما والتكامل وليس التناقض كما يبدو لغير البصير، ولذلك نجده في قصته أثناء بناء السد يقول: {ءَاتُونِی زُبَرَ ٱلۡحَدِیدِۖ حَتَّىٰۤ إِذَا سَاوَىٰ بَیۡنَ ٱلصَّدَفَیۡنِ قَالَ ٱنفُخُوا۟ۖ حَتَّىٰۤ إِذَا جَعَلَهُۥ نَارࣰا قَالَ ءَاتُونِیۤ أُفۡرِغۡ عَلَیۡهِ قِطۡرࣰا} لقد كان يسخر كل علمه وقوته فيما عزم عليه، بينما يقول بعد بناء السد هذه العبارة التي تمثل خلاصة ما نسعى إلى فهمه اليوم ﴿قَالَ هَـٰذَا رَحۡمَةࣱ مِّن رَّبِّیۖ فَإِذَا جَاۤءَ وَعۡدُ رَبِّی جَعَلَهُۥ دَكَّاۤءَۖ وَكَانَ وَعۡدُ رَبِّی حَقࣰّا﴾
إنه تسليم مطلق لأمر الله واعتراف بقدرته التي لا يحدها شيء، مع بذل وسعي فيما مُكّنا فيه وهُيئنا له، وكم يكون هذا التمازج والتوازن نادر المثال وعزيز المنال!
#سورة_الكهف
#طوفان_الأقصى
#إعادة_نشر
{لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها} أنت محاسب على ما أوتيت من أسباب ووسائل وإمكانيات، مهما كانت، فإذا أخذتها بحقها وعملت فيها بغاية جهدك فإنك لا تبريء ذمتك فقط، بل كذلك تمهد لنفسك سبلا أوسع وأسبابا أعظم، أكمل الآية {سيجعل الله بعد عسر يسرا} واقرأ أيضا {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين}
سمعت كلمة جميلة لأحد الشيوخ الكرام، كان يقول أن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، لكن كل نفس كذلك عليها أن توسع وسعها قدر ما تستطيع، كثير منا للأسف يتخذ مضمون الآية مبررا للتخاذل والإحجام، في حين أن الناظر بتدبر يدرك أنه دافع للبذل والعطاء والتضحية واستفراغ الجهد في ذلك، لأنه بالتجربة نعرف جميعا كم يبلغ وسعنا مبلغا عظيما، لكننا_ فقط_لم نختبره.
وبعد،
إن ذا القرنين في قصته يمزج بين المسلكين العظيمين اللذين حاولنا قدر ما نستطيع توضيح التداخل بينهما والتكامل وليس التناقض كما يبدو لغير البصير، ولذلك نجده في قصته أثناء بناء السد يقول: {ءَاتُونِی زُبَرَ ٱلۡحَدِیدِۖ حَتَّىٰۤ إِذَا سَاوَىٰ بَیۡنَ ٱلصَّدَفَیۡنِ قَالَ ٱنفُخُوا۟ۖ حَتَّىٰۤ إِذَا جَعَلَهُۥ نَارࣰا قَالَ ءَاتُونِیۤ أُفۡرِغۡ عَلَیۡهِ قِطۡرࣰا} لقد كان يسخر كل علمه وقوته فيما عزم عليه، بينما يقول بعد بناء السد هذه العبارة التي تمثل خلاصة ما نسعى إلى فهمه اليوم ﴿قَالَ هَـٰذَا رَحۡمَةࣱ مِّن رَّبِّیۖ فَإِذَا جَاۤءَ وَعۡدُ رَبِّی جَعَلَهُۥ دَكَّاۤءَۖ وَكَانَ وَعۡدُ رَبِّی حَقࣰّا﴾
إنه تسليم مطلق لأمر الله واعتراف بقدرته التي لا يحدها شيء، مع بذل وسعي فيما مُكّنا فيه وهُيئنا له، وكم يكون هذا التمازج والتوازن نادر المثال وعزيز المنال!
#سورة_الكهف
#طوفان_الأقصى
#إعادة_نشر
11.04.202506:23
[(وَقُلْ للذينَ لا يُؤْمِنونَ اعْمَلوا عَلى مَكانَتِكُم)، أيْ جهدكم ومُكنتكم، فليكنْ منك هذا التحدي حينَ تكونُ واقفاً في الموقف الذي ينبغي أنْ تقفَ فيه، ومستمداً المدد مِنْ تاريخك: (اعْمَلوا إِنا عامِلونَ وَانْتَظِروا إِنا مُنْتَظِرون)، فبيننا وبينكم العمل والأمل، وأيُّنا يفوق صاحبه في الاثنين يكونُ له كسب الرهان]
🔸 فبيننا وبينكم العمل والأمل، وأيُّنا يفوق صاحبه في الاثنين يكونُ له كسب الرهان 🔸
كلمات تكتب بماء الذهب، حفظ الله الشيخ مصطفى البحياوي وبارك في عمره آمين 🌿
🔸 فبيننا وبينكم العمل والأمل، وأيُّنا يفوق صاحبه في الاثنين يكونُ له كسب الرهان 🔸
كلمات تكتب بماء الذهب، حفظ الله الشيخ مصطفى البحياوي وبارك في عمره آمين 🌿
Кайра бөлүшүлгөн:
قناة مَسَار | محمود أبو عادي

09.04.202522:57
قام البروفيسور الإسباني غاسبر مايرال، ببذل جُهد علمي عظيم وتنقيب تاريخي طويل بحثًا عن الجذر الّلغوي لكلمة "المُخاطرة" Risk بالإنجليزية، ليجد أنّها ترجع إلى كلمة "الرزق" Rizq عند المسلمين والعرب.
حيث تمّ تمرير الكلمة من العربية إلى الّلاتينية في القرن الثالث عشر ومن ثمّ إلى الّلغات الرومانسية الخمس كالفرنسية risque والإسبانية riesgo والإيطالية ونحوها.
تطرح هذه الخلاصة التاريخية العجيبة، سؤالًا جوهريًا:
ما العلاقة بين (المُخاطرة) وبين مفهوم (الرزق) لدى المسلمين؟
يفسّر الباحثون هذه العلاقة، بالإشارة إلى أنّ مفهوم الرزق عند المسلمين يُؤسّس بطبعه للمُجازفة والمخاطرة والتحرّر من قيود الخوف والقلق من المستقبل.
يقوم التصوّر العقدي بأن الله عزّ وجلّ وحده الرازق، وأن مَن سواه وإن كان مُديرك بالعمل أو مسؤولك المباشر في الوظيفة أو الزبون الذي تحتاجه وتتوسّله لشراء بضاعتك، هؤلاء جميعًا في نهاية المطاف.. ليسوا سوى "أكلة رزق" من أناس مرزوقين بالأساس، رَزَقهم الرزّاق وحده الذي يرزق جميع الخلق والمخلوقات والدواب فردًا فردًا وكيانًا كيانًا.
هذا التصوّر العميق للكسب والاكتفاء المالي والسعي للرزق بذهنية منعتقة من مخاوف الإنسان البدائي، قد دفع بتُجار المسلمين إلى المُجازفة لخوض مجاهل الصحارى وما وراء البحار وأطلق العنان لحركة سعي وتجارة عالمية، ظنًّا منهم أن رزقهم لن يفوتهم بالمخاطرة.
الخسارة والربح عمليتان غير مضمونتان بطبيعة الحال، لكن الرزاق جلّ في علاه.. مضمون دائمًا وأبدًا، يتكفّل بعبيده وعباده، مؤمنهم وكافرهم، مُقصّرهم ومجتهدهم، مُسيئهم ومُحسنهم.
بهذا المعنى، لم يكن تسرّب مفردة (الرزق) إلى اللغات الأخرى استنساخ صوتي محايد، لكنه انقلاب مفاهيمي لدى البشر يرمز إلى أن السعي لكسب المال وتأمين لقمة العيش بطبعه محفوف بالمخاطر.
ما المشكلة بالمخاطرة أو الخسارة، إن كان الله سيعوّض كلّ نقص بطبيعة الحال؟
وممّ يخاف المرء إن كان متوكّلًا على الرزّاق؟ فرزقته مقسومة بالأساس لن يحرمَهُ إيّاها أحد (اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا مُعطي لما منعت) وقد قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم أنّ جبريل عليه السلام نَفَثَ في رَوعه الشريف: إنَّه لا تَموت نفسٌ حتى تستكمل رزقَها!
لكن، بأي معنى يُؤمن المسلمون اليوم بمفهوم (الرزق)؟
يُربّي الناس أبناءهم على أسس تتعارض تمامًا مع مفهوم (الرزق) بصيغته التوحيدية.
تعيش في مجتمعات تسألك منذ صغر سنّك: ماذا تريد أن تصبح حين تكبر؟ وهي أسئلة تحصر اهتمامك وتعريفك لنفسك في "مُسمّاك الوظيفي" وكأنه غاية الحياة، ومأمولها، عن طريق إخبارك عن مدى روعة العمل لدى الشركات الكبرى: جوجل، ومايكروسوفت، وأمازون!
وهذه التنشئة الاجتماعية التي تمتدح الوظيفة لذاتها، تتحول في لاوعي الأفراد لتصورات عميقة عن أنفسهم وأهدافهم وطموحاتهم وهي طموحات ستصير لاحقًا هاجسًا عُصابيًا وأغلالًا ضدّ النزاهة الأخلاقية.
غني عن الذكر أن الوظيفة مهمة، والسعي لكسب المال مَسعى بشري أصيل ومشروع، لكن اختزال الإنسان لقيمته وغايته وحصر أثره في حياته بالعمل والوظيفة، ما هي إلا وصفة مضمونة لترويض الإنسان وتدجينه كدجاجة وبناء إنسان منزوع القيمة الأخلاقية، لا يدافع عن مظلوم، ولا ينتصر لزميل تواطأ باقي الموظفين ضدّه، خشيةً منه على خسارة مصدر رزقه.
هذا تحديدًا جوهر النقاش الذي أحاول عقده هنا، فعلاقة الإنسان مع مفهوم الرزق والمال، ليست مسألة هامشية. فالمال والطريقة التي تتصور بها طريقة كسبه، يشكّل موقفك الأخلاقي والوجودي من العالم ومن ذاتك ومن الآخرين.
في عام 2011 كتب الفيلسوف الإيطالي لزاراتو (Lazzarato) كتابًا مثيرًا بعنوان (صناعة الإنسان المَديون) يشرح فيه كيف يقوم النظام النيوليبرالي للعالم اليوم، على تحويل الناس إلى أشخاص مديونين بالضرورة، وهو ترويض تلقائي يحدّده شكل نظام العيش المعاصر، يجعلك على الدوام تركض في دوائر مفرغة من الاستدانة وسدّ الدّين، لتحقيق متطلّبات العيش المفروضة على الأفراد كمعايير أساسية للنجاح والتميّز.
ويمكن توصيف التحوّل الأساسي من الرأسمالية الكلاسيكية إلى النيوليبرالية بأنّ الإنسان لم يعد يعمل ليعيش، بل يقترض ليعيش، ثم يعمل ليُسدّد ديونه.
وهذا الوعي لا يقلب فقط منظور الإنسان عن نفسه وإنّما يقلب حتّى مفهوم الزمان لديه، ليصير الخط الزمني لحياة الفرد عبارة عن تواريخ استحقاقات الديون والأزمنة المُحدّدة لدفع الأقساط وسداد القروض.
وهي تحوّلات تؤول بالضرورة إلى اعتناق عقيدة الخلاص الفردي، وتكريس العجز وزيادة الجُبُن، وإشغال ذهن الفرد عن الاهتمام بقضايا أمّته وجماعته التي تتحوّل لشعور عميق بالذنب لا يزيد الفرد إلّا شلَلًا.
وخلاصة ما أريد قوله أنّ:
الرزق ليس مفهومًا عقديًا فحسب، لكنه منطق سلوكي يُحصّن التماسك الأخلاقي للمُسلم ويحمي فاعليته.
الرزق في أصله، ليس وعدًا بالغنى، بل انعتاقًا من الخوف الذي يجعلُكَ كائنًا وضيعًا وإنسانًا جبانًا.
حيث تمّ تمرير الكلمة من العربية إلى الّلاتينية في القرن الثالث عشر ومن ثمّ إلى الّلغات الرومانسية الخمس كالفرنسية risque والإسبانية riesgo والإيطالية ونحوها.
تطرح هذه الخلاصة التاريخية العجيبة، سؤالًا جوهريًا:
ما العلاقة بين (المُخاطرة) وبين مفهوم (الرزق) لدى المسلمين؟
يفسّر الباحثون هذه العلاقة، بالإشارة إلى أنّ مفهوم الرزق عند المسلمين يُؤسّس بطبعه للمُجازفة والمخاطرة والتحرّر من قيود الخوف والقلق من المستقبل.
يقوم التصوّر العقدي بأن الله عزّ وجلّ وحده الرازق، وأن مَن سواه وإن كان مُديرك بالعمل أو مسؤولك المباشر في الوظيفة أو الزبون الذي تحتاجه وتتوسّله لشراء بضاعتك، هؤلاء جميعًا في نهاية المطاف.. ليسوا سوى "أكلة رزق" من أناس مرزوقين بالأساس، رَزَقهم الرزّاق وحده الذي يرزق جميع الخلق والمخلوقات والدواب فردًا فردًا وكيانًا كيانًا.
هذا التصوّر العميق للكسب والاكتفاء المالي والسعي للرزق بذهنية منعتقة من مخاوف الإنسان البدائي، قد دفع بتُجار المسلمين إلى المُجازفة لخوض مجاهل الصحارى وما وراء البحار وأطلق العنان لحركة سعي وتجارة عالمية، ظنًّا منهم أن رزقهم لن يفوتهم بالمخاطرة.
الخسارة والربح عمليتان غير مضمونتان بطبيعة الحال، لكن الرزاق جلّ في علاه.. مضمون دائمًا وأبدًا، يتكفّل بعبيده وعباده، مؤمنهم وكافرهم، مُقصّرهم ومجتهدهم، مُسيئهم ومُحسنهم.
بهذا المعنى، لم يكن تسرّب مفردة (الرزق) إلى اللغات الأخرى استنساخ صوتي محايد، لكنه انقلاب مفاهيمي لدى البشر يرمز إلى أن السعي لكسب المال وتأمين لقمة العيش بطبعه محفوف بالمخاطر.
ما المشكلة بالمخاطرة أو الخسارة، إن كان الله سيعوّض كلّ نقص بطبيعة الحال؟
وممّ يخاف المرء إن كان متوكّلًا على الرزّاق؟ فرزقته مقسومة بالأساس لن يحرمَهُ إيّاها أحد (اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا مُعطي لما منعت) وقد قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم أنّ جبريل عليه السلام نَفَثَ في رَوعه الشريف: إنَّه لا تَموت نفسٌ حتى تستكمل رزقَها!
لكن، بأي معنى يُؤمن المسلمون اليوم بمفهوم (الرزق)؟
يُربّي الناس أبناءهم على أسس تتعارض تمامًا مع مفهوم (الرزق) بصيغته التوحيدية.
تعيش في مجتمعات تسألك منذ صغر سنّك: ماذا تريد أن تصبح حين تكبر؟ وهي أسئلة تحصر اهتمامك وتعريفك لنفسك في "مُسمّاك الوظيفي" وكأنه غاية الحياة، ومأمولها، عن طريق إخبارك عن مدى روعة العمل لدى الشركات الكبرى: جوجل، ومايكروسوفت، وأمازون!
وهذه التنشئة الاجتماعية التي تمتدح الوظيفة لذاتها، تتحول في لاوعي الأفراد لتصورات عميقة عن أنفسهم وأهدافهم وطموحاتهم وهي طموحات ستصير لاحقًا هاجسًا عُصابيًا وأغلالًا ضدّ النزاهة الأخلاقية.
غني عن الذكر أن الوظيفة مهمة، والسعي لكسب المال مَسعى بشري أصيل ومشروع، لكن اختزال الإنسان لقيمته وغايته وحصر أثره في حياته بالعمل والوظيفة، ما هي إلا وصفة مضمونة لترويض الإنسان وتدجينه كدجاجة وبناء إنسان منزوع القيمة الأخلاقية، لا يدافع عن مظلوم، ولا ينتصر لزميل تواطأ باقي الموظفين ضدّه، خشيةً منه على خسارة مصدر رزقه.
هذا تحديدًا جوهر النقاش الذي أحاول عقده هنا، فعلاقة الإنسان مع مفهوم الرزق والمال، ليست مسألة هامشية. فالمال والطريقة التي تتصور بها طريقة كسبه، يشكّل موقفك الأخلاقي والوجودي من العالم ومن ذاتك ومن الآخرين.
في عام 2011 كتب الفيلسوف الإيطالي لزاراتو (Lazzarato) كتابًا مثيرًا بعنوان (صناعة الإنسان المَديون) يشرح فيه كيف يقوم النظام النيوليبرالي للعالم اليوم، على تحويل الناس إلى أشخاص مديونين بالضرورة، وهو ترويض تلقائي يحدّده شكل نظام العيش المعاصر، يجعلك على الدوام تركض في دوائر مفرغة من الاستدانة وسدّ الدّين، لتحقيق متطلّبات العيش المفروضة على الأفراد كمعايير أساسية للنجاح والتميّز.
ويمكن توصيف التحوّل الأساسي من الرأسمالية الكلاسيكية إلى النيوليبرالية بأنّ الإنسان لم يعد يعمل ليعيش، بل يقترض ليعيش، ثم يعمل ليُسدّد ديونه.
وهذا الوعي لا يقلب فقط منظور الإنسان عن نفسه وإنّما يقلب حتّى مفهوم الزمان لديه، ليصير الخط الزمني لحياة الفرد عبارة عن تواريخ استحقاقات الديون والأزمنة المُحدّدة لدفع الأقساط وسداد القروض.
وهي تحوّلات تؤول بالضرورة إلى اعتناق عقيدة الخلاص الفردي، وتكريس العجز وزيادة الجُبُن، وإشغال ذهن الفرد عن الاهتمام بقضايا أمّته وجماعته التي تتحوّل لشعور عميق بالذنب لا يزيد الفرد إلّا شلَلًا.
وخلاصة ما أريد قوله أنّ:
الرزق ليس مفهومًا عقديًا فحسب، لكنه منطق سلوكي يُحصّن التماسك الأخلاقي للمُسلم ويحمي فاعليته.
الرزق في أصله، ليس وعدًا بالغنى، بل انعتاقًا من الخوف الذي يجعلُكَ كائنًا وضيعًا وإنسانًا جبانًا.
Көрсөтүлдү 1 - 24 ичинде 71
Көбүрөөк функцияларды ачуу үчүн кириңиз.