03.05.202508:51
نقد السابقين للظاهرة المتونية مختلف عن نقد المعاصرين لها، فابن خلدون -مثلًا- ذكر نصوصًا حاصلها: نقد المبالغة في التيسير الذي تلبست به بعض المتون، والنقد من جهات:
- أن هذا الاختصار جرّأ من لا يحسن على تقحم العلوم.
- أن من بالغ في الاختصار اللفظي تيسيرًا على الطلبة بلغ حد الإلغاز، يسّر الحفظ فأضر بالفهم.
والأصل في المتون عند الأولين أنها لتيسير الحفظ -نص على هذا ابن قطلوبغا-
أما نقد المعاصرين فمدخله مختلف، إذ إنهم يرون في المتون نقدات مختلفة منها:
- أنها صادة عن البحث والتوسع واتساع الأفق.
- أن مسائلها تجاوزها الزمن.
- أنها مغذية للتعصب الذي يزعمون.
- ضياع الأعمار في فك عبارات لا يجاوزها، وأن الواقع محتاج إلى فقه جديد مواكب للعصر.
- أنها قائمة على الحفظ والضبط، ومن تأثر بالنظام الأكاديمي الحديث يرى في الحفظ عدوًا للفهم، مع أنه أعون عليه بإجماع المحصلين.
- أن هذا الاختصار جرّأ من لا يحسن على تقحم العلوم.
- أن من بالغ في الاختصار اللفظي تيسيرًا على الطلبة بلغ حد الإلغاز، يسّر الحفظ فأضر بالفهم.
والأصل في المتون عند الأولين أنها لتيسير الحفظ -نص على هذا ابن قطلوبغا-
أما نقد المعاصرين فمدخله مختلف، إذ إنهم يرون في المتون نقدات مختلفة منها:
- أنها صادة عن البحث والتوسع واتساع الأفق.
- أن مسائلها تجاوزها الزمن.
- أنها مغذية للتعصب الذي يزعمون.
- ضياع الأعمار في فك عبارات لا يجاوزها، وأن الواقع محتاج إلى فقه جديد مواكب للعصر.
- أنها قائمة على الحفظ والضبط، ومن تأثر بالنظام الأكاديمي الحديث يرى في الحفظ عدوًا للفهم، مع أنه أعون عليه بإجماع المحصلين.
30.04.202510:26
﴿وَأَمّا ثَمودُ فَهَدَيناهُم فَاستَحَبُّوا العَمى عَلَى الهُدى﴾
فهديناهم أي: بيّنا لهم.
هذه آية تدلّك على أن مشكلات الأفكار ليست في الجهل وحده، قد تبيّن وتنصح ويكون الحق واضحًا فيرفض الطرف الآخر لأنه يحب غلطه وتشرّبه في قلبه ولا يقدر على كلفة التغيير.
قد تبيّن لشخص الخطأ فيختار الضلالة لأنه يحبها لما تمنحه من مكتسبات لا يريد التفريط بها، وقد تبين له طريق السعادة فيختار البؤس لأنه يحبه ويحب الأثر الذي يخلفه في نفسه وفيمن حوله.
وقد تبين له طريق العقل فيختار السفه لأنه يحبّه لِما يشبعه في روحه من شعور يحتاجه.
لذا لا تحرق نفسك وأعصابك مع بعض الناس بالشرح والتوضيح ونصب الأدلة وابتكار الحجج؛ هم يريدون وضعهم الحالي.
فهديناهم أي: بيّنا لهم.
هذه آية تدلّك على أن مشكلات الأفكار ليست في الجهل وحده، قد تبيّن وتنصح ويكون الحق واضحًا فيرفض الطرف الآخر لأنه يحب غلطه وتشرّبه في قلبه ولا يقدر على كلفة التغيير.
قد تبيّن لشخص الخطأ فيختار الضلالة لأنه يحبها لما تمنحه من مكتسبات لا يريد التفريط بها، وقد تبين له طريق السعادة فيختار البؤس لأنه يحبه ويحب الأثر الذي يخلفه في نفسه وفيمن حوله.
وقد تبين له طريق العقل فيختار السفه لأنه يحبّه لِما يشبعه في روحه من شعور يحتاجه.
لذا لا تحرق نفسك وأعصابك مع بعض الناس بالشرح والتوضيح ونصب الأدلة وابتكار الحجج؛ هم يريدون وضعهم الحالي.
28.04.202519:37
التدريس ملَكة وليس كل من عرف معلومة قدر على إيصالها
قال السخاوي في ترجمة محمود بن عبد الواحد الأنصاري:
"أَخذ عَنهُ خلق من المبتدئين وَغَيرهم حَتَّى بِمَكَّة فِي مجاورته فِي الْفِقْه وأصوله والعربية وَغَيرهَا لكَونه كَانَ حسن التَّعْلِيم لَا لطول بَاعه فِي الْعلم"
الضوء اللامع (١٠/ ١٣٨)
قال السخاوي في ترجمة محمود بن عبد الواحد الأنصاري:
"أَخذ عَنهُ خلق من المبتدئين وَغَيرهم حَتَّى بِمَكَّة فِي مجاورته فِي الْفِقْه وأصوله والعربية وَغَيرهَا لكَونه كَانَ حسن التَّعْلِيم لَا لطول بَاعه فِي الْعلم"
الضوء اللامع (١٠/ ١٣٨)


28.04.202503:49
طبعة الدكتور عبد الرحمن العثيمين (٣/ ١٢)
23.04.202509:58
الذي أعتقده ديانةً أن كثيرًا من القراءات الفكرية (الإسلامية) للسيرة النبوية لا تقلّ ضلالًا عن القراءات الحداثية التي أوسعناها شتمًا.
وغالب من سُمّم نموذجه المعرفي بمثل هذه الخطابات لا يفلح ولا أمل في استصلاحه إلا أن يشاء الله معجزة.
وغالب من سُمّم نموذجه المعرفي بمثل هذه الخطابات لا يفلح ولا أمل في استصلاحه إلا أن يشاء الله معجزة.
21.04.202520:49
الجميع يسعى لإشباع شيءٍ ما.
02.05.202514:38
https://youtu.be/KJ8SLVAI-Mw?si=XyxGSivq5M7GSrLp
هذه حلقة انتفعت بها، للشيخ لبيب نجيب -الفقيه الشافعي المعروف-
هذه حلقة انتفعت بها، للشيخ لبيب نجيب -الفقيه الشافعي المعروف-


29.04.202504:04
الكلام لأبي بكر بن العربي في سراج المريدين مادحًا شيخ المفسرين وإمامهم ورأس صنعتهم محمد بن جرير الطبري، لا يلام في هذا الثناء المطرب.


28.04.202515:26
#تصويبات_حنبلية ٣
من أخطاء مؤرخي الحنابلة نسبة كتاب "مسلك الراغب في شرح دليل الطالب" إلى الشيخ صالح البهوتي، وقد توارد على هذه النسبة الخاطئة أجلاء منهم:
- الشيخ محمد سليمان الأشقر [تحقيق نيل المآرب (١/١٤)]
- الشيخ جاسم الفهيد [تذييله على الدر المنضد ص٦١]
- الشيخ بكر أبو زيد [المدخل المفصل (٢/١٠٠٧)]
- الشيخ عبد الله التركي [المذهب الحنبلي (٢/٥٣٤)]
- مؤلفو الجامع لعلوم الإمام أحمد (١/٣٤٤)
- الشيخ عبدالإله الشايع [تحقيقه لكشف النقاب لابن حمدان ص٢٣٨]
- الشيخ عبدالعزيز القاسم [الدليل إلى المتون العلمية ص٤٥٧]
والصواب أنه للشيخ إبراهيم بن أبي بكر بن إسماعيل الذنابي العوفي الدمشقي الصالحي.
وعلى ذلك دلائل جلية:
- التصريح على غلاف المخطوط "جمع أفقر العباد إبراهيم الصالحي الحنبلي"
- إحالته على كتابيه: ١- حقائق العيون الباصرة [ل٥٨] ٢- بغية المتتبع [ل١١٤]
- أن خطّ المؤلف نفسه الموجود بنسخة بغية المتتبع.
وسبب الوهم الجماعي في نظري عائد إلى:
- عدم جزم بروكلمان (فقد نسبه لمجهول) [٨/ ٣٧٣]
- خطأ المفهرس الذي كتب على البطاقة أنها لصالح البهوتي، وقد وقع به أولًا الشيخ الأشقر ثم تتابعوا بعده؛ قال:
"مسلك الراغب شرح دليل الطالب لمؤلفه الشيخ صالح البهوتي، اطلعت على نسخة بدار الكتب المصرية برقم (٦٢ -فقه حنبلي)"
وهو فعلًا اطلع على النسخة المفهرسة غلطًا باسم الشيخ صالح.
- ومن الأسباب أن المؤلف العوفي والبهوتي من طبقة واحدة، فهما تلميذان للشيخ منصور البهوتي، وقد قال أكثر من مرة عن الشيخ منصور: قال شيخنا.
- أن للشيخ صالح البهوتي كتاب قريب الاسم من مسلك الراغب اسمه "وسيلة الراغب" فلعل هذا اختلط بهذا عند المفهرس.
وهذه هي النسخة المعتمدة، والله أعلم.
من أخطاء مؤرخي الحنابلة نسبة كتاب "مسلك الراغب في شرح دليل الطالب" إلى الشيخ صالح البهوتي، وقد توارد على هذه النسبة الخاطئة أجلاء منهم:
- الشيخ محمد سليمان الأشقر [تحقيق نيل المآرب (١/١٤)]
- الشيخ جاسم الفهيد [تذييله على الدر المنضد ص٦١]
- الشيخ بكر أبو زيد [المدخل المفصل (٢/١٠٠٧)]
- الشيخ عبد الله التركي [المذهب الحنبلي (٢/٥٣٤)]
- مؤلفو الجامع لعلوم الإمام أحمد (١/٣٤٤)
- الشيخ عبدالإله الشايع [تحقيقه لكشف النقاب لابن حمدان ص٢٣٨]
- الشيخ عبدالعزيز القاسم [الدليل إلى المتون العلمية ص٤٥٧]
والصواب أنه للشيخ إبراهيم بن أبي بكر بن إسماعيل الذنابي العوفي الدمشقي الصالحي.
وعلى ذلك دلائل جلية:
- التصريح على غلاف المخطوط "جمع أفقر العباد إبراهيم الصالحي الحنبلي"
- إحالته على كتابيه: ١- حقائق العيون الباصرة [ل٥٨] ٢- بغية المتتبع [ل١١٤]
- أن خطّ المؤلف نفسه الموجود بنسخة بغية المتتبع.
وسبب الوهم الجماعي في نظري عائد إلى:
- عدم جزم بروكلمان (فقد نسبه لمجهول) [٨/ ٣٧٣]
- خطأ المفهرس الذي كتب على البطاقة أنها لصالح البهوتي، وقد وقع به أولًا الشيخ الأشقر ثم تتابعوا بعده؛ قال:
"مسلك الراغب شرح دليل الطالب لمؤلفه الشيخ صالح البهوتي، اطلعت على نسخة بدار الكتب المصرية برقم (٦٢ -فقه حنبلي)"
وهو فعلًا اطلع على النسخة المفهرسة غلطًا باسم الشيخ صالح.
- ومن الأسباب أن المؤلف العوفي والبهوتي من طبقة واحدة، فهما تلميذان للشيخ منصور البهوتي، وقد قال أكثر من مرة عن الشيخ منصور: قال شيخنا.
- أن للشيخ صالح البهوتي كتاب قريب الاسم من مسلك الراغب اسمه "وسيلة الراغب" فلعل هذا اختلط بهذا عند المفهرس.
وهذه هي النسخة المعتمدة، والله أعلم.


28.04.202503:49
هذه طبعة الشيخ محمد حامد فقي (٢/ ١٠)
23.04.202506:31
مساكين أرباب المحبة والهوى
يذوقون طعم الحب مرًا كحنظلِ
ولا تنكر الحب المبرح يا فتى
بسمعِ صفات قد أتت من مكملِ
كمثل الإمام الشيخ أعني ابن حنبل
سميّ رسول الله أشرف مرسل
قالها ابن حجر الهيتمي الشافعي في الإمام أحمد ين حنبل -رحمهم الله أجمعين-
يذوقون طعم الحب مرًا كحنظلِ
ولا تنكر الحب المبرح يا فتى
بسمعِ صفات قد أتت من مكملِ
كمثل الإمام الشيخ أعني ابن حنبل
سميّ رسول الله أشرف مرسل
قالها ابن حجر الهيتمي الشافعي في الإمام أحمد ين حنبل -رحمهم الله أجمعين-
21.04.202519:46
هذا زمانٌ عزّ فيه التعبد، وعسر فيه الإخبات؛ فإنما أدرك الموفقون رتبة الولاية بإحدى طريقتين:
١- مسلك التنقية: بالامتناع عن الكبائر والصغائر جهدهم.
٢- مسلك المكاثرة: وذلك بشغل الأعمار بالصالحات، حتى حكي عن بعضهم أنه لو علم أن القيامة تقوم غدًا ما زاد.
ونحن نرجو من الله النجاة من فتن زماننا؛ فلا الواقع والافتراض يتركانا للنقاء، ولا نمط الحياة المتسارع يعيننا على المكاثرة.
فاللهم ارحمنا، وبارك في قليلنا المشوب.
١- مسلك التنقية: بالامتناع عن الكبائر والصغائر جهدهم.
٢- مسلك المكاثرة: وذلك بشغل الأعمار بالصالحات، حتى حكي عن بعضهم أنه لو علم أن القيامة تقوم غدًا ما زاد.
ونحن نرجو من الله النجاة من فتن زماننا؛ فلا الواقع والافتراض يتركانا للنقاء، ولا نمط الحياة المتسارع يعيننا على المكاثرة.
فاللهم ارحمنا، وبارك في قليلنا المشوب.
Жойылды02.05.202519:29
02.05.202514:07
نقد السابقين للظاهرة المتونية -وأشهرهم ابن خلدون- كان من جهة أنها بالغت تسهيل العلوم واختزلت عبارته فألغزت وأنها قربته لمن لا يستحق، ونقد المتأخرين المتأثرين بالأكاديميا معاكس له في المنطلق؛ فهم يرونها عقدت العلوم وصرفت الأعمار في مباحث غير نافعة بزعمهم.
والحقّ أن المتون والحواشي وسائل تعليمية شريفة لكن ليس كل أحد يصبر عليها.
والحقّ أن المتون والحواشي وسائل تعليمية شريفة لكن ليس كل أحد يصبر عليها.


29.04.202503:52


28.04.202515:21
#تصويبات_حنبلية ٢
من لطيف ما يدلّك على أهمية علامات الترقيم= خطأٌ توارد عليه كبار مؤرخي الحنابلة.
فقد قالوا في تسمية كتب القاضي أبي يعلى الفراء (ت:٤٥٨هـ): كتاب [الجامع المنصوص].
وهذا وهم.
وسببه: ما تراه من شطب كلمة (الصغير) فالمرداوي في الإنصاف قال [كما تراه في المخطوط]:
"وقال القاضي في الجامع: المنصوص؛ يلزم الإحداد في نكاحٍ فاسد"
فكلمة المنصوص أي المنصوص عن أحمد.
وشطب كلمة (الصغير) أوهمت من قرأها أن اسم الكتاب الجامع المنصوص وليس الجامع الصغير.
وممن وهم في هذا الشيوخ الفضلاء:
- ابن حميد في الدر المنضد ص ١٩
- سليمان ابن حمدان في كشف النقاب ص٧٠
- بكر أبو زيد في المدخل المفصل (٢/ ٨٠٩)
- عبدالملك ابن دهيش في المنهج الفقهي العام ص٥٧٦.
وكتاب أبي يعلى اسمه حقيقة: الجامع الصغير لكن المرداوي كتب (الجامع) اختصارًا، فلما كتب الناسخ كلمة (الصغير) وشطب عليها ليوافق عبارة المصنف وقع الخلط.
من لطيف ما يدلّك على أهمية علامات الترقيم= خطأٌ توارد عليه كبار مؤرخي الحنابلة.
فقد قالوا في تسمية كتب القاضي أبي يعلى الفراء (ت:٤٥٨هـ): كتاب [الجامع المنصوص].
وهذا وهم.
وسببه: ما تراه من شطب كلمة (الصغير) فالمرداوي في الإنصاف قال [كما تراه في المخطوط]:
"وقال القاضي في الجامع: المنصوص؛ يلزم الإحداد في نكاحٍ فاسد"
فكلمة المنصوص أي المنصوص عن أحمد.
وشطب كلمة (الصغير) أوهمت من قرأها أن اسم الكتاب الجامع المنصوص وليس الجامع الصغير.
وممن وهم في هذا الشيوخ الفضلاء:
- ابن حميد في الدر المنضد ص ١٩
- سليمان ابن حمدان في كشف النقاب ص٧٠
- بكر أبو زيد في المدخل المفصل (٢/ ٨٠٩)
- عبدالملك ابن دهيش في المنهج الفقهي العام ص٥٧٦.
وكتاب أبي يعلى اسمه حقيقة: الجامع الصغير لكن المرداوي كتب (الجامع) اختصارًا، فلما كتب الناسخ كلمة (الصغير) وشطب عليها ليوافق عبارة المصنف وقع الخلط.
28.04.202503:49
#تصويبات_حنبلية ١
قرأت في ترجمة الحافظ عبدالغني المقدسي الحنبلي من ذيل طبقات الحنابلة:
"وقال الحافظ الضياء: كان -رحمه الله- مجتهدًا على طلب الحديث، وسماعه للناس من قريب وغريب، فكان كل غريب يأتي يسمع عليه، أو يعرف أنه يطلب الحديث يكرمه ويبره، ويحسن إليه إحسانًا كثيرًا، وإذا صار عنده طالب يفهم شيئا، أمره بالسفر إلى المشايخ بالبلاد، وأحيى الله به حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فمن سمع حديثا من أصحابنا كان يسبه، ومن كان من غير أصحابنا كان طلبهم حسدًا له؛ لما يرون من حرصه وكثرة طلبه"
هكذا جاء في المطبوع:
"فمن سمع حديثًا من أصحابنا كان يسبه، ومن كان من غير أصحابنا كان طلبهم حسدًا له؛ لما يرون من حرصه وكثرة طلبه"
كيف من أصحابنا ويسبّه !
ولما عدتُ للمخطوط ذاته الذي اعتمده الدكتور العثيمين عرفتُ وابتسمت
الكلمة ليست (يسبّه) بل (بسببه)
فتكون العبارة الصحيحة:
"فمن سمع حديثًا من أصحابنا كان بسببه، ومن كان من غير أصحابنا كان طلبهم حسدًا له؛ لما يرون من حرصه وكثرة طلبه"
قرأت في ترجمة الحافظ عبدالغني المقدسي الحنبلي من ذيل طبقات الحنابلة:
"وقال الحافظ الضياء: كان -رحمه الله- مجتهدًا على طلب الحديث، وسماعه للناس من قريب وغريب، فكان كل غريب يأتي يسمع عليه، أو يعرف أنه يطلب الحديث يكرمه ويبره، ويحسن إليه إحسانًا كثيرًا، وإذا صار عنده طالب يفهم شيئا، أمره بالسفر إلى المشايخ بالبلاد، وأحيى الله به حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فمن سمع حديثا من أصحابنا كان يسبه، ومن كان من غير أصحابنا كان طلبهم حسدًا له؛ لما يرون من حرصه وكثرة طلبه"
هكذا جاء في المطبوع:
"فمن سمع حديثًا من أصحابنا كان يسبه، ومن كان من غير أصحابنا كان طلبهم حسدًا له؛ لما يرون من حرصه وكثرة طلبه"
كيف من أصحابنا ويسبّه !
ولما عدتُ للمخطوط ذاته الذي اعتمده الدكتور العثيمين عرفتُ وابتسمت
الكلمة ليست (يسبّه) بل (بسببه)
فتكون العبارة الصحيحة:
"فمن سمع حديثًا من أصحابنا كان بسببه، ومن كان من غير أصحابنا كان طلبهم حسدًا له؛ لما يرون من حرصه وكثرة طلبه"
23.04.202503:46
الحمد لله وبعد:
مع الأحداث المؤلمة، والكوارث التي نعيشها، يأتي الحديث عن بعض المعاني التي تثبت اليقين، وتنزع الارتباك الذي يكاد يستولي على النفوس.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (مجموع الفتاوى27/ 363):
"الناس تغيب عنهم معاني القرآن عند الحوادث فإذا ذُكِّروا بها عرفوها"
كنتُ أفكر في الحثّ على الدعاء وقت الأزمات، فوجدت أن مقصود الدعاء ليس تغيير الواقع فقط؛ وإنما تغيير النفوس التي تدعو.
تأمل معي بترتيب وتركيز؛ "فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا"
والتضرع دعاء بإلحاح.
فما الذي يخلّفه الدعاء فينا؟
أولًا: الإيمان بوجود إله قادر نردّ ضعفنا إلى قوته؛ وهذا معنى توحيدي يبطل مفعول اليأس، ويبقي الأمل قائمًا ما دام هذا المعنى مرتكزًا في نفوسنا.
ثانيًا: البدء بالنفس في الدعاء، وهي سنة مأثورة (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين)
وهذه السنة تعلمنا أن دعاءنا لإخواننا دعاء المحتاج لا المتفضل، وأنا نفتقر قبلهم إلى ما ندعو به من رحمة الله وعونه ونصره، وبذا يستمر الدعاء لأننا لم نستغنِ لحظة.
ثالثًا: عند الترمذي وغيره (ثلاث لا يحل لأحد أن يفعلهن: لا يؤم رجل قوماً فيخص نفسه بالدعاء دونهم، فإن فعل فقد خانهم) وفي هذا نزع للأنانية والتفكير بالنفس دون من نتصل بهم روحًا وانتماء.
رابعًا: الواقعية؛ فالدعاء إما أن يستجاب، أو يدفع عنا وعن إخواننا بمثله، أو يؤجل للآخرة، وهنا ننظر للأحداث بعين القدر والشرع، وأن الخير المتحصل قد لا نحسه.
خامسًا: سيعلمك الدعاء محدودية قدراتك، فتعذر نفسك حين العجز، ولا تتطلب من النتائج ما ليس بيدك، وقد كنت أقرأ قوله تعالى (ليس لك من الأمر شيء) بمعنى العتب؛ وهذا صحيح، لكن لها معنى الإعذار، فليس لك من هذا الأمر شيء، فأدّ ما عليك، ولا تجاوز الأدب بالسؤال عن حكمة المصائب بطريقة فجة تخالف أصل العبودية أو كمالها.
اللهم انصر إخواننا في غزة، واكبت عدوهم، واكفهم شر الأشرار، وأمن ربنا خوفهم، وسدد رميهم، ولا تجعلنا ممن استطال الطريق فتوقف، أو استكان لضعفه البشري فتأفف.
مع الأحداث المؤلمة، والكوارث التي نعيشها، يأتي الحديث عن بعض المعاني التي تثبت اليقين، وتنزع الارتباك الذي يكاد يستولي على النفوس.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (مجموع الفتاوى27/ 363):
"الناس تغيب عنهم معاني القرآن عند الحوادث فإذا ذُكِّروا بها عرفوها"
كنتُ أفكر في الحثّ على الدعاء وقت الأزمات، فوجدت أن مقصود الدعاء ليس تغيير الواقع فقط؛ وإنما تغيير النفوس التي تدعو.
تأمل معي بترتيب وتركيز؛ "فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا"
والتضرع دعاء بإلحاح.
فما الذي يخلّفه الدعاء فينا؟
أولًا: الإيمان بوجود إله قادر نردّ ضعفنا إلى قوته؛ وهذا معنى توحيدي يبطل مفعول اليأس، ويبقي الأمل قائمًا ما دام هذا المعنى مرتكزًا في نفوسنا.
ثانيًا: البدء بالنفس في الدعاء، وهي سنة مأثورة (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين)
وهذه السنة تعلمنا أن دعاءنا لإخواننا دعاء المحتاج لا المتفضل، وأنا نفتقر قبلهم إلى ما ندعو به من رحمة الله وعونه ونصره، وبذا يستمر الدعاء لأننا لم نستغنِ لحظة.
ثالثًا: عند الترمذي وغيره (ثلاث لا يحل لأحد أن يفعلهن: لا يؤم رجل قوماً فيخص نفسه بالدعاء دونهم، فإن فعل فقد خانهم) وفي هذا نزع للأنانية والتفكير بالنفس دون من نتصل بهم روحًا وانتماء.
رابعًا: الواقعية؛ فالدعاء إما أن يستجاب، أو يدفع عنا وعن إخواننا بمثله، أو يؤجل للآخرة، وهنا ننظر للأحداث بعين القدر والشرع، وأن الخير المتحصل قد لا نحسه.
خامسًا: سيعلمك الدعاء محدودية قدراتك، فتعذر نفسك حين العجز، ولا تتطلب من النتائج ما ليس بيدك، وقد كنت أقرأ قوله تعالى (ليس لك من الأمر شيء) بمعنى العتب؛ وهذا صحيح، لكن لها معنى الإعذار، فليس لك من هذا الأمر شيء، فأدّ ما عليك، ولا تجاوز الأدب بالسؤال عن حكمة المصائب بطريقة فجة تخالف أصل العبودية أو كمالها.
اللهم انصر إخواننا في غزة، واكبت عدوهم، واكفهم شر الأشرار، وأمن ربنا خوفهم، وسدد رميهم، ولا تجعلنا ممن استطال الطريق فتوقف، أو استكان لضعفه البشري فتأفف.


21.04.202507:54
كنت أحقق كتابًا ليوسف بن حسن بن عبدالهادي الدمشقي الحنبلي الشهير بابن المبرد (ت: ٩٠٩هـ)، وقد عزمت على تدبيج مقدمةٍ علميّة رصينة تتبعتُ فيها سيرته من مخطوطاتٍ كتبها بيده؛ ناسخًا، أو مجيزًا، أو مجازًا، أو متملكًا، أو واقفًا.
ووقفتُ بمكتبة جامعة برينستون على مصنّف له -بخطه- لم يطبع قبل، اسمه: "معجم البلدان" يذكر فيه كل بلد والرواة منه بإسناده.
فوقع فيه هذا الذي تراه في الصورة:
مكتوب: قيسارية: يُنسب "الها" جماعة.
القيروان: يُنسب "الها" جماعة.
فلما قرأت المخطوط كتبت تعليقًا مطولًا حول لُطف دخول العامية الشامية في لغته متمثلة بلفظة "إلها"، وبسطت القول في إن الصالحية التي كان يعيش بها لا زالت لليوم موجودة، وصارت ضمن دمشق المدينة منذ منتصف القرن الماضي؛ وتفلسفتُ بحديثٍ لساني عن اللغة المحكية ومنشأ دخولها على لسان العلماء.
نمتُ، واستيقظت، وقرأت المستند وضحكتُ من جزمي بهذا الهراء، مع أن الأمر كما تلحظ لا يعدو كونه كُتب بلا نقاط، فهو كتب: "إليها" وهي صحيحة فصيحة، وتعليقي كله لا معنى له.
حمدتُ الله وقتها أنه ليس عندي حساب تواصلي أنشر فيه ما أستملحه، وإلا لكنتُ أمام خيار الاعتذار-وقد طارت الركبان-، أو الدفاع العنيد عن بقايا رأيي ولو بالباطل.
وآمنتُ أن كثيرًا من الخلاف الدائر في الساحة العلمية آتٍ من سهولة الارتجال والنشر، وجلّها بسبب البثوث المباشرة والمنشورات الفورية التي لا تعطي المرء فرصة لمراجعة شرارة فكرته؛ قبل أن تصير نارًا تحرق غابات من أفكار متلقّيه.
ووقفتُ بمكتبة جامعة برينستون على مصنّف له -بخطه- لم يطبع قبل، اسمه: "معجم البلدان" يذكر فيه كل بلد والرواة منه بإسناده.
فوقع فيه هذا الذي تراه في الصورة:
مكتوب: قيسارية: يُنسب "الها" جماعة.
القيروان: يُنسب "الها" جماعة.
فلما قرأت المخطوط كتبت تعليقًا مطولًا حول لُطف دخول العامية الشامية في لغته متمثلة بلفظة "إلها"، وبسطت القول في إن الصالحية التي كان يعيش بها لا زالت لليوم موجودة، وصارت ضمن دمشق المدينة منذ منتصف القرن الماضي؛ وتفلسفتُ بحديثٍ لساني عن اللغة المحكية ومنشأ دخولها على لسان العلماء.
نمتُ، واستيقظت، وقرأت المستند وضحكتُ من جزمي بهذا الهراء، مع أن الأمر كما تلحظ لا يعدو كونه كُتب بلا نقاط، فهو كتب: "إليها" وهي صحيحة فصيحة، وتعليقي كله لا معنى له.
حمدتُ الله وقتها أنه ليس عندي حساب تواصلي أنشر فيه ما أستملحه، وإلا لكنتُ أمام خيار الاعتذار-وقد طارت الركبان-، أو الدفاع العنيد عن بقايا رأيي ولو بالباطل.
وآمنتُ أن كثيرًا من الخلاف الدائر في الساحة العلمية آتٍ من سهولة الارتجال والنشر، وجلّها بسبب البثوث المباشرة والمنشورات الفورية التي لا تعطي المرء فرصة لمراجعة شرارة فكرته؛ قبل أن تصير نارًا تحرق غابات من أفكار متلقّيه.
02.05.202511:27
اعتلال المنظومة الفقهية في زماننا آتٍ من طغيان نمط "طالب العلم الباحث" على "طالب العلم الدارس".
وجُلّ النقدات لنظام دراسة المتون والحواشي أتى استلابًا لمرحلة بداية الأكاديميا البحثية في المنطقة.
فيا أيها الشاب:
إذا أردت ألا تندم في مشيبك فعد لنظام الأسلاف في التعلم، اثن ركبتيك لفك عبارات المتون، وعلق الحواشي، ودقق النظر في الحدود والقيود والشروط والأدلة والتقسيمات والمعتمد والأوجه والروايات والإيرادات والاعتراضات، واحفظ المنظومات وانظم المحفوظات.
ذاكر وحرر واستشكل واصبر على طريق الدرس.
طريق طويل وغير ماتع وفيه جهد وتعب وتفريغ للوقت والذهن وترك للفضول؛ لكنه الطريق الحق للتعلم.
تُريد أن تكون باحثًا -من بداياتك- وتقفز على مسألة لم تدرس سابقها ولن تدرس لاحقها ثم تجمع من محركات البحث نقولات ترتبها، وتظن أنك بهذا قد صرت عالمًا!
هيهات !
إني لك ناصح.
وجُلّ النقدات لنظام دراسة المتون والحواشي أتى استلابًا لمرحلة بداية الأكاديميا البحثية في المنطقة.
فيا أيها الشاب:
إذا أردت ألا تندم في مشيبك فعد لنظام الأسلاف في التعلم، اثن ركبتيك لفك عبارات المتون، وعلق الحواشي، ودقق النظر في الحدود والقيود والشروط والأدلة والتقسيمات والمعتمد والأوجه والروايات والإيرادات والاعتراضات، واحفظ المنظومات وانظم المحفوظات.
ذاكر وحرر واستشكل واصبر على طريق الدرس.
طريق طويل وغير ماتع وفيه جهد وتعب وتفريغ للوقت والذهن وترك للفضول؛ لكنه الطريق الحق للتعلم.
تُريد أن تكون باحثًا -من بداياتك- وتقفز على مسألة لم تدرس سابقها ولن تدرس لاحقها ثم تجمع من محركات البحث نقولات ترتبها، وتظن أنك بهذا قد صرت عالمًا!
هيهات !
إني لك ناصح.


29.04.202503:52
محقق فاضل له جهود منذ أكثر من نصف قرن، لكنه لا يقبل النصح والتخطئة، ويحيل كل تصويب إلى مظلومية الحسد والأعداء الذين يريدون إسقاطه وهدم جهوده .
أتمنى قول إن العبارة التي ساقها تعاليًا على منتقديه مغلوطة أيضًا، واللفظة الصحيحة (لإماتته) وليس لإمامته لكني خشيت الدخول في زمرة الأغمار التافهين الحاسدين له -كما يحب وصف ناصحيه-.
انظر الصورة التالية.
أتمنى قول إن العبارة التي ساقها تعاليًا على منتقديه مغلوطة أيضًا، واللفظة الصحيحة (لإماتته) وليس لإمامته لكني خشيت الدخول في زمرة الأغمار التافهين الحاسدين له -كما يحب وصف ناصحيه-.
انظر الصورة التالية.


28.04.202503:53
هذا شكل الكلمة أشرت لها بالخط الأخضر في النسخة ذاتها التي اعتمدها الشيخ العثيمين رحمه الله، وهي "بسببه" وليست "يسبه"
28.04.202502:44
يوسّع الإمام الشاطبي معنى الفتنة فيقول: "وضابطها: ما صد عن طاعة الله" [١]
وهذا نظر حكيم متسقٌ مع نصوص جعل المال والولد فتنة، فليست كل الفتن خفية يعسر تمييز حقها من باطلها.
وعليه؛ فكل من أشغل الناس بالردود الفارغة فهو صاحب فتنة.
ومن عرف كيف يفكر السلف أدرك أن الفرار من الفتن عندهم لا يكون عن جبن أو ضعف تمييز للحق والباطل أو تغليبًا للسكون، بل هم أشجع الناس وأعلمهم وأعقلهم، وإنما يكون مأخذ الترجيح عندهم بالنظر إلى أنّهم يرون الدخول في الفتنة القولية يضيّع حال النقاء الذي تعبوا في تحصيله، وأن الكلمة في الفتنة قد تقسّي القلب وتقطع مدد الله وفتحه عنه، فتضيع منه مادة الهداية التي بها يعيش وعليها يقاتل.
ولئن كان ما يجري من جدالات وسائل التواصل دالًا على عقل المرء وأنهم يفعلون هذه الطفوليات بكامل قواهم العقلية= فقولي قول الإمام أحمد: "إن كان هذا عقلك فقد استرحت" [٢]
———
[١] الاعتصام (٢/ ٢٣٥)
[٢] طبقات الحنابلة لأبي يعلى (١/ ٤٣)
وهذا نظر حكيم متسقٌ مع نصوص جعل المال والولد فتنة، فليست كل الفتن خفية يعسر تمييز حقها من باطلها.
وعليه؛ فكل من أشغل الناس بالردود الفارغة فهو صاحب فتنة.
ومن عرف كيف يفكر السلف أدرك أن الفرار من الفتن عندهم لا يكون عن جبن أو ضعف تمييز للحق والباطل أو تغليبًا للسكون، بل هم أشجع الناس وأعلمهم وأعقلهم، وإنما يكون مأخذ الترجيح عندهم بالنظر إلى أنّهم يرون الدخول في الفتنة القولية يضيّع حال النقاء الذي تعبوا في تحصيله، وأن الكلمة في الفتنة قد تقسّي القلب وتقطع مدد الله وفتحه عنه، فتضيع منه مادة الهداية التي بها يعيش وعليها يقاتل.
ولئن كان ما يجري من جدالات وسائل التواصل دالًا على عقل المرء وأنهم يفعلون هذه الطفوليات بكامل قواهم العقلية= فقولي قول الإمام أحمد: "إن كان هذا عقلك فقد استرحت" [٢]
———
[١] الاعتصام (٢/ ٢٣٥)
[٢] طبقات الحنابلة لأبي يعلى (١/ ٤٣)
22.04.202504:34
"أقول: أشعر أن تشحيذ الخاطر مستحب. أقول بل فرض كفاية والله أعلم، لأن الخاطر آلة الدين كما صرح به، ولأن الأحمق يفسد الدين، فيستحب أو يفرض كفاية قراءة بعض النسخ الدقيقة [من العلوم الشرعية] أو الآلية على وجه يحصل به تشحيذ الخاطر على عالم مدقق يخوض في الدقائق، وهو أعز من الكبريت الأحمر"
ترتيب العلوم ساجقلي زاده ص١١٤-١١٥.
ترتيب العلوم ساجقلي زاده ص١١٤-١١٥.
21.04.202503:50
ما رأيت عابدًا عليه مخايل الصدق إلا وفيه حدّة تعتريه أحيانًا، يقهرها بالتحلم، ويهذبها بذكر الأوامر والنواهي.
ذلك أنّ التعبد قائم على ساق التعظبم للرب، ومن لوازمه أن يستعظم ما يوهن هذا الإجلال، فتحتدّ نفسه ويغضب.
ثمّ إن العبّاد يغلبون في الرخاء مقام الخوف، والخائف قلق على مسيره ومصيره، حاضر الإحساس بعظمة المناهي، فيدفع ما قد يقطع طريقه إلى الله ولو بالقوة؛ فهو يعرف قدر الهداية، وأثر الصوارف، وصعوبة العود للصفاء الأول سريعًا.
وعلّة ثالثة؛ وهي أن أحوال الناس مختلفة متغيرة فمنهم الطائع والعاصي، ومن العاصين الغافل المقر والجاحد المعاند، ومقتضى العقل ألا يكونوا بحال واحد لمن له أحوال متعددة، فالملاينة المفرطة لكل أحد إنكار للتفاوت، والله يحب الولاء والبراء كلًا وجزءًا.
وعلة رابعة لهذه الحدة؛ وهي أن من أوجه الصدق مطابقة القلب للسان، فمن كان قلبه يغلي مسّك من حرّه ولو برّد كلماته بالتلطف.
وغير خافٍ أن الرفق، وحسن الخلق، لا تعني السيولة الأخلاقية، بل إن من الرفق أن يحتدّ من يحبك ليعيدك عن غيك، ومن عرف الناس وعالج أحوالهم كانت خشيته ممن لا لون له ولو وافقك أكثر من الصادق الذي يقول "لا" في موضعها وإن علا صوته.
ذلك أنّ التعبد قائم على ساق التعظبم للرب، ومن لوازمه أن يستعظم ما يوهن هذا الإجلال، فتحتدّ نفسه ويغضب.
ثمّ إن العبّاد يغلبون في الرخاء مقام الخوف، والخائف قلق على مسيره ومصيره، حاضر الإحساس بعظمة المناهي، فيدفع ما قد يقطع طريقه إلى الله ولو بالقوة؛ فهو يعرف قدر الهداية، وأثر الصوارف، وصعوبة العود للصفاء الأول سريعًا.
وعلّة ثالثة؛ وهي أن أحوال الناس مختلفة متغيرة فمنهم الطائع والعاصي، ومن العاصين الغافل المقر والجاحد المعاند، ومقتضى العقل ألا يكونوا بحال واحد لمن له أحوال متعددة، فالملاينة المفرطة لكل أحد إنكار للتفاوت، والله يحب الولاء والبراء كلًا وجزءًا.
وعلة رابعة لهذه الحدة؛ وهي أن من أوجه الصدق مطابقة القلب للسان، فمن كان قلبه يغلي مسّك من حرّه ولو برّد كلماته بالتلطف.
وغير خافٍ أن الرفق، وحسن الخلق، لا تعني السيولة الأخلاقية، بل إن من الرفق أن يحتدّ من يحبك ليعيدك عن غيك، ومن عرف الناس وعالج أحوالهم كانت خشيته ممن لا لون له ولو وافقك أكثر من الصادق الذي يقول "لا" في موضعها وإن علا صوته.
Көрсетілген 1 - 24 арасынан 83
Көбірек мүмкіндіктерді ашу үшін кіріңіз.