"تلجأ إلى الله الآن بعد وقوعك في المصيبة؟ منافق!"..فخ!
سألني سائل:
أقع أحيانا في مصيبة فألجأ إلى الله عز وجل وأزيد عبادتي له لعله يخرجني منها،فتحدثني نفسي قائلة:الآن عرفت الله! وفي السراء كنت لا تعرفه!
أنت منافق ..دعك من هذا النفاق لن ينفعك أمام الله!
فقلت له:ليس حديث نفس بل وسوسة خبيثة وفخ شيطاني لتعرض عن الله فتهلك!
الأصل أن يكون المسلم مع الله في السراء والضراء ،وكونه مع الله في السراء أدعى وأجدر لأن يكون الله معه في الضراء كما قال الحبيب-صلى الله عليه وسلم:"تَعَرَّفْ إلَى اللهِ فِي الرَّخَاءِ , يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ".
لكن تقصيرك في اللجوء إلى الله في السراء وطاعته فيها ليس مبررا أبدا لتضيف إليه تقصيرا آخر بعدم اللجوء إلى الله في الضراء،بل هذه من صفات طائفة من الكفار المعاندين الذين قال في وصفهم رب العزة :" وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42) فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ"
بل قد تكون المصيبة من الله لك رسالة تدعوك للعودة إليه كما جاء في البيان الرحماني :" وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ" وفسرها الترجمان ابن عباس رضي الله عنهما-كما نقل ابن كثير عنه- بالقول: (يَعْنِي بِالْعَذَابِ الْأَدْنَى مَصَائِبَ الدُّنْيَا وَأَسْقَامَهَا وَآفَاتِهَا، وَمَا يَحِلُّ بِأَهْلِهَا مِمَّا يَبْتَلِي اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ لِيَتُوبُوا إِلَيْهِ.)
وأحسن ابن عطاء التعبير فقال: (من لم يُقبل على الله بملاطفات الإحسان قُيّد إليه بسلاسل الامتحان,)
فأحسن استقبال الرسالة وعد إلى الله
بل أنت أحوج إليه وأنت في تلك المصيبة،
وقل مناجيا الرحمن ومنكسا للشيطان:
إن كنت يا رب للطائعين فمن للمذنبين!
سأدعوك يا رحمن دوما..
وأنا طائع..عاص...سعيد...حزين..مهموم ...منشرح
"لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ"..
والسلام...