فلعمر اللَّه لا أحصي من رأيته يُشَمِّر عن ساعد الاجتهاد في الإنكار على شافعي يذبح ولا يُسّمي، أو حنفيٍّ يلمس ذكره ولا يتوضأ، أو مالكيٍّ يصلي ولا يُبَسمل، أو حنبليٍّ يقدم الجمعة على الزوال، وهو يرى من العوامّ ما لا يحصي عدده إلا اللَّه تعالى، يتركون الصلاة التي جزاء من تركها عند الشافعي ومالك وأحمد ضرب العنق، ولا ينكرون عليه، بل لو دخلَ الواحد منهم بيته لرأى كثيرًا من نسائه يترك الصلاة، وهو ساكت عنهن.
فياللَّه وللمسلمين، أهذا فقيهٌ على الحقيقة، قَبَّح اللَّه مثل هذا الفقيه.
ثم ما بالكم تنكرون مثل هذه الفروع، ولا تُنكرون المكوس والمحرمات المجمع عليها، ولا تأخذكم الغيرة لله تعالى فيها، وإنَّما تأخذكم الغيرة للشافعي وأبي حنيفة والمدارس المزخرفة، فيؤدِّي ذلك إلى افتراق كلمتكم، وتسلط الجُهَّال عليكم، وسقوط هيبتكم عند العامة، وقول السفهاء في أعراضكم ما لا ينبغي، فتهلكون السفهاء بكلامهم فيكم، لأنَّ لحومكم مسمومة على كل حال؛ لأنكم علماء، وتهلكون أنفسكم بما ترتكبونه من العظائم.
📌التاج السبكيُّ رحمه الله.