03.05.202523:04
•| أعتذرُ منك، وأعتذر إليك |•
إذا أردتَّ أن تسترضيَ إنسانًا له عليك حقٌّ قصَّرتَ فيه، أو عقدٌ أخلَلتَ به، وجعَلتَ الاعتذارَ طريقَك إلى ذلك، فقل له: أعتذرُ إليك مِن التّخلُّفِ، مثلًا، ولا تقل: أعتذرُ منك، فإنّك متى قلتَ ذلك جعلتَ المخاطَبَ هو الذَّنبَ المعتذَرَ عنه! وهذا إتباعُ ذنبٍ ذنبًا! وإنّما كان مرادُك أن تنهي إليه عذرَك، فعدِّ فعلَك إليه بالحرفِ الموضوعِ لانتهاءِ الغاية "إلى"، فقل: أعتذرُ إليك، كما في القرآن: (يعتذرون إليكم).
وإذا أردتَّ أن تذكرَ مبدأَ الحفيظةِ والخلَل، وتأتيَ بالذّنبِ المحتمَل، فأَدخِلْ عليه الحرفَ الموضوعَ لابتداء الغاية "مِن"، فقل: أعتذرُ إليك مِن التّخلُّف، كما قال أنسُ بنُ النّضر يومَ أحدٍ: "اللهمّ إنّي أعتذرُ إليك ممّا صنَع هؤلاء"، وقال أبو ذؤيبٍ الهذليُّ:
فإن أعتذرْ منها فإنّي مكذَّبٌ
وإن تعتذرْ يُردَدْ عليها اعتذارُها
وقال كثيّر:
وإنّي لمُنقادٌ لها اليومَ بالرِّضا
ومعتذرٌ مِن سُخطِها متنصِّلُ
وإذا أردتَّ أن تذكرَ ما هو عذرُكَ هناك، فأدخل عليه الباء، فقل: أعتذرُ بالنّسيان، كما قال الحُطَيئة:
وما لُمتُ نفسي في قَضاءِ حقوقِكم
وقد كان لي في ما اعتذَرتُ به عُذْرُ
وقال الطِّرِمّاح:
أبدت فضائحَها للأزدِ واعتذرتْ
بعد الفضيحةِ بالبهتانِ والفَنَدِ
وقال ذو الرُّمّة:
وإن تعتذرْ بالمَحلِ مِن ذي ضُروعِها
على الضّيفِ يَجرحْ في عراقيبِها نَصْلي
يريد بذي الضّروع: اللَّبن، أي: تعتذر مِن عدمِ اللّبنِ.
فقد رأيتَ أنّ الجادّةَ في هذا الكلامِ: أن يقال: أعتذرُ إليك مِن التّخلُّفِ بالنِّسيانِ والشّغلِ.
فاسلُكْ هذا المسلكَ في الكلام، تكن مصيبًا.
والله أعلم.
•┈┈• ❀ ❀ •┈┈•
❁ النُّتف
إذا أردتَّ أن تسترضيَ إنسانًا له عليك حقٌّ قصَّرتَ فيه، أو عقدٌ أخلَلتَ به، وجعَلتَ الاعتذارَ طريقَك إلى ذلك، فقل له: أعتذرُ إليك مِن التّخلُّفِ، مثلًا، ولا تقل: أعتذرُ منك، فإنّك متى قلتَ ذلك جعلتَ المخاطَبَ هو الذَّنبَ المعتذَرَ عنه! وهذا إتباعُ ذنبٍ ذنبًا! وإنّما كان مرادُك أن تنهي إليه عذرَك، فعدِّ فعلَك إليه بالحرفِ الموضوعِ لانتهاءِ الغاية "إلى"، فقل: أعتذرُ إليك، كما في القرآن: (يعتذرون إليكم).
وإذا أردتَّ أن تذكرَ مبدأَ الحفيظةِ والخلَل، وتأتيَ بالذّنبِ المحتمَل، فأَدخِلْ عليه الحرفَ الموضوعَ لابتداء الغاية "مِن"، فقل: أعتذرُ إليك مِن التّخلُّف، كما قال أنسُ بنُ النّضر يومَ أحدٍ: "اللهمّ إنّي أعتذرُ إليك ممّا صنَع هؤلاء"، وقال أبو ذؤيبٍ الهذليُّ:
فإن أعتذرْ منها فإنّي مكذَّبٌ
وإن تعتذرْ يُردَدْ عليها اعتذارُها
وقال كثيّر:
وإنّي لمُنقادٌ لها اليومَ بالرِّضا
ومعتذرٌ مِن سُخطِها متنصِّلُ
وإذا أردتَّ أن تذكرَ ما هو عذرُكَ هناك، فأدخل عليه الباء، فقل: أعتذرُ بالنّسيان، كما قال الحُطَيئة:
وما لُمتُ نفسي في قَضاءِ حقوقِكم
وقد كان لي في ما اعتذَرتُ به عُذْرُ
وقال الطِّرِمّاح:
أبدت فضائحَها للأزدِ واعتذرتْ
بعد الفضيحةِ بالبهتانِ والفَنَدِ
وقال ذو الرُّمّة:
وإن تعتذرْ بالمَحلِ مِن ذي ضُروعِها
على الضّيفِ يَجرحْ في عراقيبِها نَصْلي
يريد بذي الضّروع: اللَّبن، أي: تعتذر مِن عدمِ اللّبنِ.
فقد رأيتَ أنّ الجادّةَ في هذا الكلامِ: أن يقال: أعتذرُ إليك مِن التّخلُّفِ بالنِّسيانِ والشّغلِ.
فاسلُكْ هذا المسلكَ في الكلام، تكن مصيبًا.
والله أعلم.
•┈┈• ❀ ❀ •┈┈•
❁ النُّتف
27.04.202522:53
❁ النُّتف
Reposted from:
سعد

25.04.202519:24
فإن قلتَ: فكم مِن طالبٍ رديءِ الأخلاقِ حَصَّلَ العلومَ !!
فما أبعدَكَ عن فهمِ العِلْمِ الحقيقيِّ الدِّينيِّ الجالبِ للسَّعادةِ !! فما يُحصِّلُهُ صاحبُ الأخلاقِ الرَّديَّةِ حديثٌ يَنظِمُهُ بلسانِهِ مَرَّةً ، وفي قلبِهِ أُخرى، وكلامٌ يُردِّدُهُ، ولو ظهرَ نورُ العِلْمِ على قلبِهِ .. لَحسُنَتْ أخلاقُهُ.
الغزالي
فما أبعدَكَ عن فهمِ العِلْمِ الحقيقيِّ الدِّينيِّ الجالبِ للسَّعادةِ !! فما يُحصِّلُهُ صاحبُ الأخلاقِ الرَّديَّةِ حديثٌ يَنظِمُهُ بلسانِهِ مَرَّةً ، وفي قلبِهِ أُخرى، وكلامٌ يُردِّدُهُ، ولو ظهرَ نورُ العِلْمِ على قلبِهِ .. لَحسُنَتْ أخلاقُهُ.
الغزالي
20.04.202515:15
•| همّ تجريد النّيّة |•
(لئن كان هٰذا الدّمعُ يجري صَبابةً
علىٰ غيرِ ليلىٰ لَهْو دمعٌ مضيَّعُ)
هو الغَبنُ ـ ويحَ المرءِ ـ لا غبنَ مثلُه
يروحُ ويغدو ثمّ لا شيءَ ينفعُ
ويركبُ أهوالَ الأمانيِّ جاهدًا
ليرضيَ عبدًا مثلَه فيه يَطمَعُ!
يؤدِّي ضَياعًا للّذي ليس جازيًا
بحُسنىٰ ويَنسىٰ مَن يجودُ ويَصنَعُ
أيَترُكُ رَبَّ العرشِ عمًّا نوالُه
ويَقصِدُ بالأعمالِ مَن هو أقطعُ
أيَشقَىٰ به سعيًا ويلقاهُ ضِلّةً
ويَجعَلُه في غيرِ مَن هو أَوسَعُ
سعىٰ ثمّ أَكْدَىٰ ثمّ خاب رجاؤُه
ودنَّسه رِئاؤُه والتَّصنُّعُ
وأَفسَده قصدُ الدَّنايا به لِما
يُزيِّنه للنّاظرين ويُسمِعُ
وأقبحُ سعيِ المَرءِ يومَ جزائِه
بأن نال منه العارَ والأجرُ يُمنَعُ
إذا لم يكن سعيُ الفتىٰ في إلــٰهِه
فلا المَالُ محفوظٌ ولا الرِّبحُ يُتبَعُ
أيَبذُلُه جَهدًا ويطلُبُه سدًى
إذًا ضلّ سعيًا وهْو أخسرُ أضيعُ
ألا ليتَ تَذرافَ الدّموعِ يرُدُّه
إذا الزَّفَراتُ الباقياتُ تُرجَّعُ
لقد زان سعيَ المَرءِ إخلاصُه به
ووَفقُ الّذي سنّ النّبيُّ المُشفَّعُ
سبيلٌ له في الصّالحاتِ سوابقٌ
عليه رجالٌ أَخبَتوا وتَضرَّعوا
ألا ربِّ إنّي موقنٌ أنّك المُنىٰ
ولا ينبغي إلّا لك الأمرُ أجمعُ
فهب ليَ سعيًا منك ربِّ مباركًا
تَلَقّاه إكرامًا يداكَ وتَرفَعُ
وهب ليَ إخلاصًا وصدقًا أكن به
عن الخلقِ مصروفًا ولله أخشعُ
وكن ليَ عونًا في المَسيرِ مسدِّدًا
علىٰ أنّني عبدٌ أَزِلُّ وأَظلَعُ
رضيتُ بك اللهمّ ربًّا وغايةً
علىٰ أنّني بالٍ لِباسي مُرقَّعُ
•┈┈• ❀ ❀ •┈┈•
❁ النُّتف
(لئن كان هٰذا الدّمعُ يجري صَبابةً
علىٰ غيرِ ليلىٰ لَهْو دمعٌ مضيَّعُ)
هو الغَبنُ ـ ويحَ المرءِ ـ لا غبنَ مثلُه
يروحُ ويغدو ثمّ لا شيءَ ينفعُ
ويركبُ أهوالَ الأمانيِّ جاهدًا
ليرضيَ عبدًا مثلَه فيه يَطمَعُ!
يؤدِّي ضَياعًا للّذي ليس جازيًا
بحُسنىٰ ويَنسىٰ مَن يجودُ ويَصنَعُ
أيَترُكُ رَبَّ العرشِ عمًّا نوالُه
ويَقصِدُ بالأعمالِ مَن هو أقطعُ
أيَشقَىٰ به سعيًا ويلقاهُ ضِلّةً
ويَجعَلُه في غيرِ مَن هو أَوسَعُ
سعىٰ ثمّ أَكْدَىٰ ثمّ خاب رجاؤُه
ودنَّسه رِئاؤُه والتَّصنُّعُ
وأَفسَده قصدُ الدَّنايا به لِما
يُزيِّنه للنّاظرين ويُسمِعُ
وأقبحُ سعيِ المَرءِ يومَ جزائِه
بأن نال منه العارَ والأجرُ يُمنَعُ
إذا لم يكن سعيُ الفتىٰ في إلــٰهِه
فلا المَالُ محفوظٌ ولا الرِّبحُ يُتبَعُ
أيَبذُلُه جَهدًا ويطلُبُه سدًى
إذًا ضلّ سعيًا وهْو أخسرُ أضيعُ
ألا ليتَ تَذرافَ الدّموعِ يرُدُّه
إذا الزَّفَراتُ الباقياتُ تُرجَّعُ
لقد زان سعيَ المَرءِ إخلاصُه به
ووَفقُ الّذي سنّ النّبيُّ المُشفَّعُ
سبيلٌ له في الصّالحاتِ سوابقٌ
عليه رجالٌ أَخبَتوا وتَضرَّعوا
ألا ربِّ إنّي موقنٌ أنّك المُنىٰ
ولا ينبغي إلّا لك الأمرُ أجمعُ
فهب ليَ سعيًا منك ربِّ مباركًا
تَلَقّاه إكرامًا يداكَ وتَرفَعُ
وهب ليَ إخلاصًا وصدقًا أكن به
عن الخلقِ مصروفًا ولله أخشعُ
وكن ليَ عونًا في المَسيرِ مسدِّدًا
علىٰ أنّني عبدٌ أَزِلُّ وأَظلَعُ
رضيتُ بك اللهمّ ربًّا وغايةً
علىٰ أنّني بالٍ لِباسي مُرقَّعُ
•┈┈• ❀ ❀ •┈┈•
❁ النُّتف
17.04.202508:53
لك اللهُ يا أقصى مِن دنَس اليهود، وعَماية المسلمين!
16.04.202515:17
•| «إحدىٰ عشِرة» (2 / 2) |•
مِن الحكايات في بلاد موريتانيا ...
فلمّا شخَصتُ إلىٰ تلك البلادِ الطّيّبةِ، دخَلتُها وقد احتَقَبتُ مِن هٰذه المعاني، فكانوا يجدون منّي وأجدُ منهم.
وممّا وقَعت فيه المراجعةُ مِن ذٰلك: شينُ العددِ «عَشْر» إذا رُكِّب إلىٰ غيرِه واستُعمِل مع المؤنَّثِ، فلزمتْه التّاءُ، وفيه لغتان فصيحتان متداوَلتان في كتب اللّغة وكتب النّحو جميعًا: إسكانُ الشّين، لغة أهل الحجاز، وكسرُها، لغةُ بني تميمٍ، وقد عقَد ابنُ مالكٍ ذٰلك في «الخلاصة» فقال:
وقل لدى التّأنيثِ «إحدىٰ عشْرَهْ»
والشِّينُ فيها عن تميمٍ كسْرَهْ
وكلٌّ مِن الفريقين عكَس مقتضىٰ لغتِه، كما هو مبيّنٌ في محلِّه.
وكنتُ أجدُ بعضَ شيوخي إذا أَحوَجه الوزنُ قال: «إحدىٰ عشَرة»، بفتحِ الشّين، اعتمادًا علىٰ ما في «طرّة ابن بونا» في النّحوِ مِن أنّ الأعمشَ رُوي عنه أنّه كان يقرأ كذٰلك: ﴿اثنتا عشَرة﴾ بالفتحِ، وكان الشّيخُ يستحسنُ ذٰلك مِن قِبَلِ أنّ الفتحَ أسهلُ مِن الكسرِ.
وقرأتُه عليه بالكسرِ، فردّني إلى الفتحِ، فراجعتُه فيه، فنزَع بنقلِ «الطُّرّة»، وتعجَّب مِن مراجعتي وأن لم يقع منّي النّقلُ بالمحلِّ، فقلتُ: هٰذا الفتحُ شيءٌ شاذٌّ نادرٌ جدًّا، لم يذكُرْه مثلُ سيبويه، والمبرّد، وابن السّرّاج، وكثيرٌ مِن المتقدِّمين، وكلُّهم ذكَروا لغةَ تميمٍ، وهي ممكنةٌ بلا كراهةٍ، فلا وجهَ للعدولِ عن اللّغةِ الفصيحةِ المعروفةِ إلىٰ ما هو نادرٌ، ونحن لا ندري هل صحّ؟ وليس في المقارئ المتواترة اليومَ إلّا الإسكانُ في: ﴿فانفجرتْ منه اثنتا عشْرة﴾ وأختيها، وعلىٰ هٰذا اجتمع العشَرَةُ القرّاءُ.
فلمّا بحثتُ إذا في بعضِ الشّاذِّ المرويِّ عند أربابِ القراءة: الكسرُ، علىٰ مذهبِ تميمٍ، وهو روايةُ المُطَّوِّعيّ عن الأعمشِ، ذكَرها سِبطُ الخيّاطِ في «المُبهِج»، والقَباقِبيُّ في «إيضاح الرُّموز»، ونظمها المتولّي في «الفوائد المعتبرة» بقولِه:
وحيثُ «يَفسِقون» بالكسرِ اتَّصَفْ
«عَشْرَة عينًا» طِبْ وفي الأخرى اختُلِف
يعني أنّ الّذي رمَز له بالطّاء مِن «طِب» ــ وهو المُطَّوّعيُّ في روايتِه عن الأعمش ــ قرأ: ﴿فانفجرت منه اثنتا عَشِرَةَ عينًا﴾ في البقرة بالكسرِ، وقرأ في الموضعين الآخَرين بالوجهين، الكسرِ والإسكانِ، وهو: ﴿وقطّعناهم اثنتي عشرة أسباطًا﴾، ﴿فانبجستْ منه اثنتا عشرة﴾ في سورة الأعراف. فهٰذا كلامُ المتولّي كما ترىٰ، وتبعه الشّيخُ عبدُ الفتّاح القاضي في كتابه «القراءات الشّواذّ»، وأمّا الفتحُ فليس بموجودٍ في شيءٍ منها.
وقال أبو حيّان في «تفسيره»: «الفتحُ فيها شاذٌّ غيرُ معروفٍ»، وقال مرّةً: «قرَأ ابنُ الفضلِ الأنصاريُّ والأعمشُ بفتح الشّين، وروي عن الأعمش الإسكان، والكسر أيضًا، قال الزّمخشريُّ: الفتحُ لغةٌ، وقال ابن عطيّة: هي لغةٌ ضعيفةٌ، وقال المهدويُّ: فتحُ الشّين غيرُ معروفٍ، ويَحتمِلُ أن تكون لغةً، وقد نصّ بعض النّحويّين علىٰ أنّ فتح الشّين شاذٌّ» انتهىٰ.
وأخَذ كلامَ أبي حيّان القَسْطلّانيُّ في «لطائفِ الإشارات»، ولخّصه منه صاحبُ «إتحافِ فضلاء البشر»، فأنا في رَيبٍ مِن الفتحِ المنسوبِ إلى الأعمشِ، فإن يكن ففي شيءٍ مِن الشّاذِّ غيرِ متّصلِ النّقلِ.
فهٰذا حاصلُ ما قالوا، فعلامَ نتكثَّرُ به، ولنا في الفصيحِ مندوحةٌ؟!
ثمّ صرتُ أنطقُ الكلمةَ بالكسرِ في ما أقرأُ على الشّيخِ مِن نظمِه، في جميعِ المواضعِ المحتمِلة، ولا يردُّ عليّ، بل صرتُ أراه يستعمله، والحمد لله.
•┈┈• ❀ ❀ •┈┈•
❁ النُّتف
مِن الحكايات في بلاد موريتانيا ...
فلمّا شخَصتُ إلىٰ تلك البلادِ الطّيّبةِ، دخَلتُها وقد احتَقَبتُ مِن هٰذه المعاني، فكانوا يجدون منّي وأجدُ منهم.
وممّا وقَعت فيه المراجعةُ مِن ذٰلك: شينُ العددِ «عَشْر» إذا رُكِّب إلىٰ غيرِه واستُعمِل مع المؤنَّثِ، فلزمتْه التّاءُ، وفيه لغتان فصيحتان متداوَلتان في كتب اللّغة وكتب النّحو جميعًا: إسكانُ الشّين، لغة أهل الحجاز، وكسرُها، لغةُ بني تميمٍ، وقد عقَد ابنُ مالكٍ ذٰلك في «الخلاصة» فقال:
وقل لدى التّأنيثِ «إحدىٰ عشْرَهْ»
والشِّينُ فيها عن تميمٍ كسْرَهْ
وكلٌّ مِن الفريقين عكَس مقتضىٰ لغتِه، كما هو مبيّنٌ في محلِّه.
وكنتُ أجدُ بعضَ شيوخي إذا أَحوَجه الوزنُ قال: «إحدىٰ عشَرة»، بفتحِ الشّين، اعتمادًا علىٰ ما في «طرّة ابن بونا» في النّحوِ مِن أنّ الأعمشَ رُوي عنه أنّه كان يقرأ كذٰلك: ﴿اثنتا عشَرة﴾ بالفتحِ، وكان الشّيخُ يستحسنُ ذٰلك مِن قِبَلِ أنّ الفتحَ أسهلُ مِن الكسرِ.
وقرأتُه عليه بالكسرِ، فردّني إلى الفتحِ، فراجعتُه فيه، فنزَع بنقلِ «الطُّرّة»، وتعجَّب مِن مراجعتي وأن لم يقع منّي النّقلُ بالمحلِّ، فقلتُ: هٰذا الفتحُ شيءٌ شاذٌّ نادرٌ جدًّا، لم يذكُرْه مثلُ سيبويه، والمبرّد، وابن السّرّاج، وكثيرٌ مِن المتقدِّمين، وكلُّهم ذكَروا لغةَ تميمٍ، وهي ممكنةٌ بلا كراهةٍ، فلا وجهَ للعدولِ عن اللّغةِ الفصيحةِ المعروفةِ إلىٰ ما هو نادرٌ، ونحن لا ندري هل صحّ؟ وليس في المقارئ المتواترة اليومَ إلّا الإسكانُ في: ﴿فانفجرتْ منه اثنتا عشْرة﴾ وأختيها، وعلىٰ هٰذا اجتمع العشَرَةُ القرّاءُ.
فلمّا بحثتُ إذا في بعضِ الشّاذِّ المرويِّ عند أربابِ القراءة: الكسرُ، علىٰ مذهبِ تميمٍ، وهو روايةُ المُطَّوِّعيّ عن الأعمشِ، ذكَرها سِبطُ الخيّاطِ في «المُبهِج»، والقَباقِبيُّ في «إيضاح الرُّموز»، ونظمها المتولّي في «الفوائد المعتبرة» بقولِه:
وحيثُ «يَفسِقون» بالكسرِ اتَّصَفْ
«عَشْرَة عينًا» طِبْ وفي الأخرى اختُلِف
يعني أنّ الّذي رمَز له بالطّاء مِن «طِب» ــ وهو المُطَّوّعيُّ في روايتِه عن الأعمش ــ قرأ: ﴿فانفجرت منه اثنتا عَشِرَةَ عينًا﴾ في البقرة بالكسرِ، وقرأ في الموضعين الآخَرين بالوجهين، الكسرِ والإسكانِ، وهو: ﴿وقطّعناهم اثنتي عشرة أسباطًا﴾، ﴿فانبجستْ منه اثنتا عشرة﴾ في سورة الأعراف. فهٰذا كلامُ المتولّي كما ترىٰ، وتبعه الشّيخُ عبدُ الفتّاح القاضي في كتابه «القراءات الشّواذّ»، وأمّا الفتحُ فليس بموجودٍ في شيءٍ منها.
وقال أبو حيّان في «تفسيره»: «الفتحُ فيها شاذٌّ غيرُ معروفٍ»، وقال مرّةً: «قرَأ ابنُ الفضلِ الأنصاريُّ والأعمشُ بفتح الشّين، وروي عن الأعمش الإسكان، والكسر أيضًا، قال الزّمخشريُّ: الفتحُ لغةٌ، وقال ابن عطيّة: هي لغةٌ ضعيفةٌ، وقال المهدويُّ: فتحُ الشّين غيرُ معروفٍ، ويَحتمِلُ أن تكون لغةً، وقد نصّ بعض النّحويّين علىٰ أنّ فتح الشّين شاذٌّ» انتهىٰ.
وأخَذ كلامَ أبي حيّان القَسْطلّانيُّ في «لطائفِ الإشارات»، ولخّصه منه صاحبُ «إتحافِ فضلاء البشر»، فأنا في رَيبٍ مِن الفتحِ المنسوبِ إلى الأعمشِ، فإن يكن ففي شيءٍ مِن الشّاذِّ غيرِ متّصلِ النّقلِ.
فهٰذا حاصلُ ما قالوا، فعلامَ نتكثَّرُ به، ولنا في الفصيحِ مندوحةٌ؟!
ثمّ صرتُ أنطقُ الكلمةَ بالكسرِ في ما أقرأُ على الشّيخِ مِن نظمِه، في جميعِ المواضعِ المحتمِلة، ولا يردُّ عليّ، بل صرتُ أراه يستعمله، والحمد لله.
•┈┈• ❀ ❀ •┈┈•
❁ النُّتف
Reposted from:
الدُّرّ النَّثِير

01.05.202509:27
مهما أُوتيتَ من قوة ومُنِحتَ من جلَد فإنك لا تقوَى على الاستقلال بمصالح نفسك، ولا على القيام بأعباء ما حُمِّلته من تكاليف الحياة بدون صاحبٍ يشُدّ من أزْرِك ورفيقٍ يُربّت على كتفك، ونفسٍ رفيقةٍ مُحبة ترعاك بالودّ وتَحُوطك بالدعم والإسناد، ومُدّعي خلاف ذلك لا يخلو من الكذب؛ فإن موسى - عليه السلام- وهو كليم الله ومن أولي العزم من الرسل، محفوظ بالعناية الإلهية، ومُؤيّد بالمدد الرباني ومع ذلك قال" واجعل لي وزيرا من أهلي، هارون أخي، اشدد به أزري، وأشركه في أمري" فكيف يقول العاجز المسكين، الذي استولت عليه الحَيرة، وضلَّت به السُّبل!.
27.04.202517:38
نأخذ درسًا اللّيلة، بعد المغرب عندنا، إن شاء الله، لعلّه يوائم العاشرة بتوقيتِ مكّةَ المكرَّمة.
24.04.202511:17
أخ حبيب، سأل خيرا، وفي سؤاله من الجواب ما هو أبلغ من الجواب.
أحيا الله قلوبنا وأعزنا بالإسلام، وجعلنا من الدعاة إليه الصادقين الذين يحبون للناس ما يحبون لأنفسهم، وأحيا على أيدينا قلوب خلقه
أحيا الله قلوبنا وأعزنا بالإسلام، وجعلنا من الدعاة إليه الصادقين الذين يحبون للناس ما يحبون لأنفسهم، وأحيا على أيدينا قلوب خلقه


20.04.202511:57
إنّا لله وإنّا إليه راجعون.
تفقد الجزائرُ وأمّةُ الإسلام، اليومَ الأحد الحادي والعشرين مِن شوّال 1446، الأستاذ الدّكتور الفاضل الكريم، صاحب الخلق الرّفيع، والسّمت الصّالح، المقرئ الجامع للقراءات العشر الكبرى، صاحب الرّحلة في الطّلب، والجهد في الدّعوة والتّعليم والإقراء، المتلقي للقراءاتِ إفرادًا وجمعًا للعشرِ الصّغرى والكبرى ... الشّيخ عبد الهادي بن حسن بن أحمد لَعْقاب، رحمه الله، وغفَر له، رحَل عن إحدى وخمسين سنةً، بعد أن هجَم عليه الدّاء المستحكم، في شهر رمضان المنصرم ...
لا حولَ ولا قوّة إلّا بالله!
نعزّي أنفسَنا والعلمَ والدّعوة والرّحلة والطّلب والقراءات والمروءة والنّبل!
ما أَسرَع ما يُتخطَّف مِن بيننا الأخيارُ، ثمّ لا نفيقُ مِن السَّكرة إلّا وقد فات الأوان!
رحمك الله يا عبد الهادي، وطهَّرك بما أصابك، وفسَح لك في قبرك، وجعَلك مِن أهلِ جنّاتِ النّعيم، وأخلف الأمّةَ الجزائريّةَ فيك خيرًا!
تفقد الجزائرُ وأمّةُ الإسلام، اليومَ الأحد الحادي والعشرين مِن شوّال 1446، الأستاذ الدّكتور الفاضل الكريم، صاحب الخلق الرّفيع، والسّمت الصّالح، المقرئ الجامع للقراءات العشر الكبرى، صاحب الرّحلة في الطّلب، والجهد في الدّعوة والتّعليم والإقراء، المتلقي للقراءاتِ إفرادًا وجمعًا للعشرِ الصّغرى والكبرى ... الشّيخ عبد الهادي بن حسن بن أحمد لَعْقاب، رحمه الله، وغفَر له، رحَل عن إحدى وخمسين سنةً، بعد أن هجَم عليه الدّاء المستحكم، في شهر رمضان المنصرم ...
لا حولَ ولا قوّة إلّا بالله!
نعزّي أنفسَنا والعلمَ والدّعوة والرّحلة والطّلب والقراءات والمروءة والنّبل!
ما أَسرَع ما يُتخطَّف مِن بيننا الأخيارُ، ثمّ لا نفيقُ مِن السَّكرة إلّا وقد فات الأوان!
رحمك الله يا عبد الهادي، وطهَّرك بما أصابك، وفسَح لك في قبرك، وجعَلك مِن أهلِ جنّاتِ النّعيم، وأخلف الأمّةَ الجزائريّةَ فيك خيرًا!
16.04.202521:57
يؤيّده مِن القرآن قولُ الله سبحانه: ﴿وما ظَنُّ الّذين يفترون على اللهِ الكذبَ يومَ القيامةِ﴾.
Reposted from:
د. أبو محمود نائل

16.04.202513:33
صــدِّق أو لا تُصـــدِّق ..
الآن غــزة تعيش مجــاعةً من أسوأ المجـاعات التي عرفها التاريخ المعاصر!
مخازن الأونروا فرغت من المـعونة؛ وما بقي في الأسواق لا يُطلبُ إلا بأسعار فلكية !
جريمة غـزة الوحيدة، أنها جاءت في بيئة ألِفت معاني العبودية للعدوِّ، فرفعت بالإسلام رأساً، وحملت لنشر دعوته بأساً.
فحاولوا كسرها بالحديد والنار؛ فلما أعجزتهم بثباتها، سلكوا لإخضاعها سبل الخسة والعار.
جوّعوا بطون الأطفال الرضع، والشيوخ الرُّكَّع، ليحملوا ليوث الأمة المهضومة، على تقديس كلاب العدوِّ المهـزومة !!
فأيَّ دركات القاع وصل حال أمتنا ؟؟
الآن غــزة تعيش مجــاعةً من أسوأ المجـاعات التي عرفها التاريخ المعاصر!
مخازن الأونروا فرغت من المـعونة؛ وما بقي في الأسواق لا يُطلبُ إلا بأسعار فلكية !
جريمة غـزة الوحيدة، أنها جاءت في بيئة ألِفت معاني العبودية للعدوِّ، فرفعت بالإسلام رأساً، وحملت لنشر دعوته بأساً.
فحاولوا كسرها بالحديد والنار؛ فلما أعجزتهم بثباتها، سلكوا لإخضاعها سبل الخسة والعار.
جوّعوا بطون الأطفال الرضع، والشيوخ الرُّكَّع، ليحملوا ليوث الأمة المهضومة، على تقديس كلاب العدوِّ المهـزومة !!
فأيَّ دركات القاع وصل حال أمتنا ؟؟
30.04.202511:38
اللهم املأ قلوبَ اليهود وبيوتَهم وقبورَهم نارًا.
26.04.202505:58
مِن أوّل مَن شَقّ هٰذا المعنى الحارثُ المحاسبيُّ (ت 231) في كتابِه «فهم السُّنن»، وهو كتابٌ ذو منزلةٍ شريفةٍ مِن العلمِ، كما تدلُّ عليه النّقولُ المحفوظةُ منه، وقد ظفر به الزّركشيُّ ونقَل منه في مواضعَ مِن كتبه، فمِن ذٰلك ما في «البحر المحيط» (6: 12، الكتبيّ) مِن قولِه وذكَر السّنّةَ القوليّةَ:
«وهٰذا القسمُ علىٰ وجوهٍ شتّى:
- فمنها: ما يبتدئُ ثمّ بتعليمِ عامّتهم أو بعضهم.
- ومنها: ما يسأله بعضُهم عنه فيخبرهم.
- ومنها: ما يكون مِن بعضِهم السّببُ بتوفيقِ الله ليعلِّمَه بسببِه، فيبيّنه في ذٰلك تبيينًا له، أو ينهىٰ عنه، كما كانوا يصلّون ما سبقهم به مِن الصّلاة، ثمّ يدخلون معه في الصّلاة، فجاء معاذٌ، فدخل معه في الصّلاة، ولم يبدأْ بما سبَق، ثمّ قضىٰ ما سبَق به لمّا سلّم النّبيُّ ﷺ، فقال النّبيُّ ﷺ: «إنّ معاذًا قد سَنّ لكم، فافعلوا ذٰلك»، رواه غيرُ واحدٍ عن عمرِو بنِ مرّةَ عن عبدِ الرّحمٰن بنِ أبي ليلىٰ عن معاذٍ.
- ومنها: ما يُحتكَم فيه إليه، فيقضي بين بعضِهم بذٰلك، إيضاحًا لِما أحبّ اللهُ، وتعليمًا لهم، وذٰلك كتعليمِه الصّلاةَ للمسيءِ صلاتَه، وتعليمِه التّشهُّدَ كما يُعلِّمُ السُّورةَ مِن القرآنِ، وغيرِ ذٰلك» انتهىٰ.
•┈┈• ❀ ❀ •┈┈•
❁ النُّتف
«وهٰذا القسمُ علىٰ وجوهٍ شتّى:
- فمنها: ما يبتدئُ ثمّ بتعليمِ عامّتهم أو بعضهم.
- ومنها: ما يسأله بعضُهم عنه فيخبرهم.
- ومنها: ما يكون مِن بعضِهم السّببُ بتوفيقِ الله ليعلِّمَه بسببِه، فيبيّنه في ذٰلك تبيينًا له، أو ينهىٰ عنه، كما كانوا يصلّون ما سبقهم به مِن الصّلاة، ثمّ يدخلون معه في الصّلاة، فجاء معاذٌ، فدخل معه في الصّلاة، ولم يبدأْ بما سبَق، ثمّ قضىٰ ما سبَق به لمّا سلّم النّبيُّ ﷺ، فقال النّبيُّ ﷺ: «إنّ معاذًا قد سَنّ لكم، فافعلوا ذٰلك»، رواه غيرُ واحدٍ عن عمرِو بنِ مرّةَ عن عبدِ الرّحمٰن بنِ أبي ليلىٰ عن معاذٍ.
- ومنها: ما يُحتكَم فيه إليه، فيقضي بين بعضِهم بذٰلك، إيضاحًا لِما أحبّ اللهُ، وتعليمًا لهم، وذٰلك كتعليمِه الصّلاةَ للمسيءِ صلاتَه، وتعليمِه التّشهُّدَ كما يُعلِّمُ السُّورةَ مِن القرآنِ، وغيرِ ذٰلك» انتهىٰ.
•┈┈• ❀ ❀ •┈┈•
❁ النُّتف
23.04.202523:15
كلمة أرجو أن تنفع إن شاء الله، مررت بها الآن من شرح «الخلاصة» عند قول ابن مالك في باب التعجب ممثّلا:
كـ«ـما أوفى خَلِيلَيْنا، وأَصدِقْ بهما»
❁ النُّتف
كـ«ـما أوفى خَلِيلَيْنا، وأَصدِقْ بهما»
❁ النُّتف
Reposted from:
سعد

19.04.202507:11
● وإذا كان ما نختلف فيه أكبر في صدرك مما نجتمع عليه، فأنت تغضب لنفسك، ولست تغضب لله، فإن ما نجتمع عليه من الإيمان، ومن فرائض الإسلام، هو أحب إلي الله، وأكبر عند الله مما نختلف فيه، وما نختلف فيه أكثره يسعنا عند الله أن نختلف فيه.*
د. صالح محمد علي
د. صالح محمد علي
Reposted from:
الأترجة || كناشة أبي الحسن

16.04.202520:38
الفِرقة النّاجية
كتب الأخ الكريم الدّكتور صلاح الدّين الشّامي، وفّقه الله:
"وقفتُ على مقولة تُنسب للشّيخ محمّد إلياس الكاندهلويّ، رحمه الله تعالى، ذَكَرَ فيها أن الفرقَة النّاجية هيَ الّتي تُفكِّر في نَجاةِ جميعِ الفِرَق.
وقد رأيتُ مَن يزعم أن قوله هذا مخالفٌ لجواب النّبيّ صلّى الله عليه وسلّ،م حين وصف الفِرقة النّاجية بقوله: «ما أنا عليه وأصحابي». وهذا ردٌّ غريب، وتكلُّف عجيب؛ فهل كان النّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم وأصحابُه إلَّا على تمام الشّفقة على الخلق، والحرص على هدايتهم؟
فمقولة الكاندهلويّ في نظري ما هي إلَّا صورة من صور تطبيق قول النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم."
انتهى.
قلتُ: والمعنى الّذي ذكره الشّيخ الكاندهلويّ معنًى جامع؛ وذلك أنّ الشّفقة على الخلق ومحبّةَ النّجاة لهم تقتضي الإحسانَ إليهم ودعوتَهم إلى الخير، والدّعوة تقتضي التّمسّكَ بأخلاق هذا الدّين والعملَ به، والعمل يقتضي العِلمَ والبصيرة، وهذا كلُّه وِراثةٌ محمّديّة؛ فانظر دقّةَ فقهِ الشّيخ ولُطفَ إشارتِه، رحمه الله رحمةً واسعة!
#معالم
#تعاليق
كتب الأخ الكريم الدّكتور صلاح الدّين الشّامي، وفّقه الله:
"وقفتُ على مقولة تُنسب للشّيخ محمّد إلياس الكاندهلويّ، رحمه الله تعالى، ذَكَرَ فيها أن الفرقَة النّاجية هيَ الّتي تُفكِّر في نَجاةِ جميعِ الفِرَق.
وقد رأيتُ مَن يزعم أن قوله هذا مخالفٌ لجواب النّبيّ صلّى الله عليه وسلّ،م حين وصف الفِرقة النّاجية بقوله: «ما أنا عليه وأصحابي». وهذا ردٌّ غريب، وتكلُّف عجيب؛ فهل كان النّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم وأصحابُه إلَّا على تمام الشّفقة على الخلق، والحرص على هدايتهم؟
فمقولة الكاندهلويّ في نظري ما هي إلَّا صورة من صور تطبيق قول النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم."
انتهى.
قلتُ: والمعنى الّذي ذكره الشّيخ الكاندهلويّ معنًى جامع؛ وذلك أنّ الشّفقة على الخلق ومحبّةَ النّجاة لهم تقتضي الإحسانَ إليهم ودعوتَهم إلى الخير، والدّعوة تقتضي التّمسّكَ بأخلاق هذا الدّين والعملَ به، والعمل يقتضي العِلمَ والبصيرة، وهذا كلُّه وِراثةٌ محمّديّة؛ فانظر دقّةَ فقهِ الشّيخ ولُطفَ إشارتِه، رحمه الله رحمةً واسعة!
#معالم
#تعاليق
Reposted from:
كناش الأنظار والفوائد

15.04.202517:44
من جعل نفسه شيخا لطائفة فهو في الحقيقة صار كالعبد القن لكل واحد منهم ، لا يلتذ إلا بالإقبال عليهم ، ولا يغتم إلا بإعراضهم وأما أولئك المريدون فإن كل واحد منهم ليس إلا في قيد ذلك الرجل الواحد ، فهذا المريد ليس إلا عبدا لرجل وأما ذاك المراد فهو عبد لكل واحد من أولئك المريدين ، فهكذا صاحب الجاه حاول ملك القلوب وهو في الحقيقة بلغ في المملوكية إلى أقصى الغايات وفي العبودية إلى أبلغ النهايات.
الفخر الرازي.
الفخر الرازي.
29.04.202505:01
❁ النُّتف
Reposted from:
تقريب

26.04.202504:42
هذا الخذلان لأهل غزة، وذاك الجبن عن ردع اليهود وكف يدهم عن البطش بالضعفاء، مصيبة عظيمة نزلت بالمسلمين وأي مصيبة، أخف تفسيراتها هو الضعف والعجز، وحسبك به مصيبة، فإنا لله وإنا إليه راجعون، والأمل في الله باق في إصلاح أمر الأمة، ونحن منها، فإن الله يحيي العظام وهي رميم.
أما القابضون على جمر الثبات في منازلة العدو، الصابرون في سبيل سَومه سوء العذاب بما استطاعوا من قوة، فلا يضرهم مَن خذلهم إلا ما أصابهم من لأواء، الله حسبهم وناصرهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
«ولا تيأسوا من رَوح الله، إنه لا ييأس من رَوح الله إلا القوم الكافرون»
ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، أعلمُ أن الله على كل شيء قدير، وأن الله قد أحاط بكل شيء علما.
أما القابضون على جمر الثبات في منازلة العدو، الصابرون في سبيل سَومه سوء العذاب بما استطاعوا من قوة، فلا يضرهم مَن خذلهم إلا ما أصابهم من لأواء، الله حسبهم وناصرهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
«ولا تيأسوا من رَوح الله، إنه لا ييأس من رَوح الله إلا القوم الكافرون»
ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، أعلمُ أن الله على كل شيء قدير، وأن الله قد أحاط بكل شيء علما.
21.04.202506:36
•| أدبٌ بين شيخٍ وتلميذٍ |•
قال أبو بكرِ بنُ أصبغَ: قال أبي: «أخَذ ابنُ القاسمِ بيدي يومًا، فقال لي: يا أصبغُ، أنا وأنت اليومَ في هٰذا الأمرِ سواءٌ، فلا تسألْني عن هٰذه المسائلِ الصَّعبةِ بحضرةِ النّاسِ، ولكن بيني وبينك، حتّىٰ أَنظُرَ وتَنظُرَ».
أصبغُ بنُ الفَرَجِ تلميذُ ابنِ القاسمِ وأشهبَ وابنِ وهبٍ، وهو أنجبُ تلامذةِ ابنِ وهبٍ، ومِن أعلمِ خلقِ اللهِ بقولِ مالكٍ، وابنُ القاسمِ هو عبد الرّحمٰن بن القاسم العُتَقيُّ، تلميذُ مالكٍ المشهورُ، وكلاهما مصريٌّ.
في هٰذه الكلمةِ آدابٌ جمّة، ثوَّرتْها في نفسي!
منها:
- الاعترافُ لمَن تأهَّل مِن الطّلّاب، ومعاملتُه بما يليقُ به.
- وأنّ مَن انتهىٰ في الطّلَب إلىٰ رتبةِ المشيخةِ ينبغي أن يُعلَّم ذٰلك ويُنبَّهَ علىٰ منزلتِه، ليأخذَها بحقِّه، ويعلمَ ما عليه فيها.
- وأنّ الصّغيرَ لا يبقىٰ أبدًا صغيرًا، كما أنّ الكبيرَ لم يكن مِن قبلُ كبيرًا، فلا بدَّ أن يأتيَ على الصّغيرِ يومٌ يزاحمُ الكبيرَ، وربَّما أَذعَن له الكبيرُ. فعلى الصّغيرِ أن يوطِّن نفسَه علىٰ ذٰلك والكبيرِ.
- وأنّ التّلميذَ قد يبلُغُ رتبةَ شيخِه في العلمِ الّذي يأخُذُه عنه، وأنّ ذٰلك مِن مقاصدِ التّعليمِ، وربّما فاقه في علمٍ غيرِ ما أخَذ عنه.
- وأنّ المرءَ قد يَنبُلُ في المدّةِ اليسيرة، فإنّ أصبَغَ وُلِد سنة إحدىٰ وخمسين ومئةٍ، ووُلِد ابنُ القاسمِ سنة اثنتين وثلاثين ومئةٍ، فكان بينهما نحوُ عشرين سنةً، وتوفِّي سنةَ إحدىٰ وتسعين ومئةٍ، وبدَأ أصبغُ الطّلبَ وهو ابنُ ثمانٍ وعشرين سنةً، أو نحوِها، وهو شابٌّ كبيرٌ، ففاته مالكٌ واللّيثُ، ورحَل إلىٰ مالكٍ ليَسمَع منه فما وافى المدينةَ إلّا يومَ قُبِض سنة تسعٍ وسبعين، وكان بين وفاةِ مالكٍ وابنِ القاسمِ اثنتا عشْرة سنةً، وعلىٰ أبعدِ تقديرٍ يكونُ ابنُ القاسمِ قد قال ذٰلك سنةَ الوفاةِ، فقد بلَغ بأصبغَ أن يساويَ شيخَه بعد اثنتيْ عشْرةَ سنةً مِن طلَبه، وهو ابنُ الأربعين، وربّما كان ذٰلك قبلُ.
- وأنّ الكبيرَ إذا شرَع في الطّلب ــ وإن تأخَّر عمُرُه، وفاته الحفظُ والعلوُّ ــ يستدركُ بما يُرزَقُ مِن مَضاءِ الهمّةِ والحرصِ والعقلِ، ويكونُ أرشدَ وأبصرَ، فيطوي عن نفسِه المراحلَ، ويبلُغُ الغايةَ في المدّةِ الوجيزةِ الّتي تتطاوَلُ على الصّغير، ويتّقي العَثَرات، وتُسرِعُ فَيئتُه. وهٰذا مجرَّبٌ معروفٌ.
- وأنّ المجالسَ لا بدَّ أن يكونَ فيها الخاصُّ والعامُّ، فيتّسعُ مجلسُ الخاصّةِ للصّراحةِ والأخذِ والتّفتيشِ الّذي تذهبُه في مجلسِ العامّةِ الهَيبةُ والأدبُ ورعايةُ النّفوسِ وإبقاءُ التَّجِلّة.
- وأنّ بعضَ المواضعِ لا يصلحُ للمراجعةِ والمناقشة.
- وأنّ مَن سُدّ بابٌ دونَه فليتلطَّف في الوصولِ إلىٰ غايتِه مِن بابٍ غيرِه.
- وأنّ مَن تأهَّل مِن التّلامذةِ ينبغي أن يُخَصَّ بالمجالسِ الّتي لا يكونُ فيها غيرُه، وأن يُستعانَ على المشكلاتِ.
- وأنّ مراجعةَ التّلميذِ ونظَرَه بخلافِ نظرِ الشّيخِ: مِن نعمةِ اللهِ على الشّيخِ وتلميذِه، وفيها تمامٌ في النّظرِ، وجدارةٌ بالصّوابِ.
- وأنّ تأهُّلَ التّلميذِ لا يَقطَعُه عن عوائدِ شيخِه وفوائدِه ودوامِ سؤالِه.
- وأنّ مذاكرةَ العلمِ والمراجعةَ فيه والمناقشةَ لا تنافي الأدبَ.
- وصيانةُ العلمِ مِن فتنةِ التّابعِ وفتنةِ المتبوع.
- والاستعانةُ علىٰ قَبولِ الحقِّ ممّن جاء به، بإخفاءِ النّصيحةِ.
- وأنّ في العلمِ والفقهِ عويصًا لا ينفعُ معه النّظرُ البادئُ والحكمُ العاجلُ، وإنّما يوفّي به التّأمُّلُ والمثاقفةُ.
- وأنّ الحيلةَ في عويصِ العلمِ دوامُ النّظرِ، وتقليبُه، والتّلطُّفُ، ومذاكرةُ الرّجالِ، وابتغاءُ ما عندهم.
- وأنّ النّظَرَ في العلمِ والبحثَ فيه مِن أجلِّ وظائفِه، وأولىٰ حقوقِه علىٰ أهلِه، وهو وظيفةُ المتقدِّمِ مِن حملةِ العلمِ، لا يليقُ به الانتهابُ والابتدار.
- وأنّ المرءَ لا بدَّ أن يفوتَه مِن العلمِ ما لا قِبَل له به.
- وأنّ مِن العلمِ ما حقُّه أن يُكتَمَ عن غيرِ أهلِه ولا يُذاعَ.
- وأنّ المجالسَ العامّةَ لا تتهيَّأُ للبَوحِ بالعجزِ ومصافاةِ النّفسِ.
- وأنّ الحقَّ قد يظهرُ علىٰ لسانِك، وقد يظهرُ علىٰ لسانِ أخيك.
- وأنّ عجَلةَ العلمِ في دَوَرانٍ، لا تقبلُ السّكونَ، ولا تنتهي عند أمدٍ.
والله أعلم.
•┈┈• ❀ ❀ •┈┈•
❁ النُّتف
قال أبو بكرِ بنُ أصبغَ: قال أبي: «أخَذ ابنُ القاسمِ بيدي يومًا، فقال لي: يا أصبغُ، أنا وأنت اليومَ في هٰذا الأمرِ سواءٌ، فلا تسألْني عن هٰذه المسائلِ الصَّعبةِ بحضرةِ النّاسِ، ولكن بيني وبينك، حتّىٰ أَنظُرَ وتَنظُرَ».
«ترتيب المدارك» للقاضي عِياض (4: 20).
أصبغُ بنُ الفَرَجِ تلميذُ ابنِ القاسمِ وأشهبَ وابنِ وهبٍ، وهو أنجبُ تلامذةِ ابنِ وهبٍ، ومِن أعلمِ خلقِ اللهِ بقولِ مالكٍ، وابنُ القاسمِ هو عبد الرّحمٰن بن القاسم العُتَقيُّ، تلميذُ مالكٍ المشهورُ، وكلاهما مصريٌّ.
في هٰذه الكلمةِ آدابٌ جمّة، ثوَّرتْها في نفسي!
منها:
- الاعترافُ لمَن تأهَّل مِن الطّلّاب، ومعاملتُه بما يليقُ به.
- وأنّ مَن انتهىٰ في الطّلَب إلىٰ رتبةِ المشيخةِ ينبغي أن يُعلَّم ذٰلك ويُنبَّهَ علىٰ منزلتِه، ليأخذَها بحقِّه، ويعلمَ ما عليه فيها.
- وأنّ الصّغيرَ لا يبقىٰ أبدًا صغيرًا، كما أنّ الكبيرَ لم يكن مِن قبلُ كبيرًا، فلا بدَّ أن يأتيَ على الصّغيرِ يومٌ يزاحمُ الكبيرَ، وربَّما أَذعَن له الكبيرُ. فعلى الصّغيرِ أن يوطِّن نفسَه علىٰ ذٰلك والكبيرِ.
- وأنّ التّلميذَ قد يبلُغُ رتبةَ شيخِه في العلمِ الّذي يأخُذُه عنه، وأنّ ذٰلك مِن مقاصدِ التّعليمِ، وربّما فاقه في علمٍ غيرِ ما أخَذ عنه.
- وأنّ المرءَ قد يَنبُلُ في المدّةِ اليسيرة، فإنّ أصبَغَ وُلِد سنة إحدىٰ وخمسين ومئةٍ، ووُلِد ابنُ القاسمِ سنة اثنتين وثلاثين ومئةٍ، فكان بينهما نحوُ عشرين سنةً، وتوفِّي سنةَ إحدىٰ وتسعين ومئةٍ، وبدَأ أصبغُ الطّلبَ وهو ابنُ ثمانٍ وعشرين سنةً، أو نحوِها، وهو شابٌّ كبيرٌ، ففاته مالكٌ واللّيثُ، ورحَل إلىٰ مالكٍ ليَسمَع منه فما وافى المدينةَ إلّا يومَ قُبِض سنة تسعٍ وسبعين، وكان بين وفاةِ مالكٍ وابنِ القاسمِ اثنتا عشْرة سنةً، وعلىٰ أبعدِ تقديرٍ يكونُ ابنُ القاسمِ قد قال ذٰلك سنةَ الوفاةِ، فقد بلَغ بأصبغَ أن يساويَ شيخَه بعد اثنتيْ عشْرةَ سنةً مِن طلَبه، وهو ابنُ الأربعين، وربّما كان ذٰلك قبلُ.
- وأنّ الكبيرَ إذا شرَع في الطّلب ــ وإن تأخَّر عمُرُه، وفاته الحفظُ والعلوُّ ــ يستدركُ بما يُرزَقُ مِن مَضاءِ الهمّةِ والحرصِ والعقلِ، ويكونُ أرشدَ وأبصرَ، فيطوي عن نفسِه المراحلَ، ويبلُغُ الغايةَ في المدّةِ الوجيزةِ الّتي تتطاوَلُ على الصّغير، ويتّقي العَثَرات، وتُسرِعُ فَيئتُه. وهٰذا مجرَّبٌ معروفٌ.
- وأنّ المجالسَ لا بدَّ أن يكونَ فيها الخاصُّ والعامُّ، فيتّسعُ مجلسُ الخاصّةِ للصّراحةِ والأخذِ والتّفتيشِ الّذي تذهبُه في مجلسِ العامّةِ الهَيبةُ والأدبُ ورعايةُ النّفوسِ وإبقاءُ التَّجِلّة.
- وأنّ بعضَ المواضعِ لا يصلحُ للمراجعةِ والمناقشة.
- وأنّ مَن سُدّ بابٌ دونَه فليتلطَّف في الوصولِ إلىٰ غايتِه مِن بابٍ غيرِه.
- وأنّ مَن تأهَّل مِن التّلامذةِ ينبغي أن يُخَصَّ بالمجالسِ الّتي لا يكونُ فيها غيرُه، وأن يُستعانَ على المشكلاتِ.
- وأنّ مراجعةَ التّلميذِ ونظَرَه بخلافِ نظرِ الشّيخِ: مِن نعمةِ اللهِ على الشّيخِ وتلميذِه، وفيها تمامٌ في النّظرِ، وجدارةٌ بالصّوابِ.
- وأنّ تأهُّلَ التّلميذِ لا يَقطَعُه عن عوائدِ شيخِه وفوائدِه ودوامِ سؤالِه.
- وأنّ مذاكرةَ العلمِ والمراجعةَ فيه والمناقشةَ لا تنافي الأدبَ.
- وصيانةُ العلمِ مِن فتنةِ التّابعِ وفتنةِ المتبوع.
- والاستعانةُ علىٰ قَبولِ الحقِّ ممّن جاء به، بإخفاءِ النّصيحةِ.
- وأنّ في العلمِ والفقهِ عويصًا لا ينفعُ معه النّظرُ البادئُ والحكمُ العاجلُ، وإنّما يوفّي به التّأمُّلُ والمثاقفةُ.
- وأنّ الحيلةَ في عويصِ العلمِ دوامُ النّظرِ، وتقليبُه، والتّلطُّفُ، ومذاكرةُ الرّجالِ، وابتغاءُ ما عندهم.
- وأنّ النّظَرَ في العلمِ والبحثَ فيه مِن أجلِّ وظائفِه، وأولىٰ حقوقِه علىٰ أهلِه، وهو وظيفةُ المتقدِّمِ مِن حملةِ العلمِ، لا يليقُ به الانتهابُ والابتدار.
- وأنّ المرءَ لا بدَّ أن يفوتَه مِن العلمِ ما لا قِبَل له به.
- وأنّ مِن العلمِ ما حقُّه أن يُكتَمَ عن غيرِ أهلِه ولا يُذاعَ.
- وأنّ المجالسَ العامّةَ لا تتهيَّأُ للبَوحِ بالعجزِ ومصافاةِ النّفسِ.
- وأنّ الحقَّ قد يظهرُ علىٰ لسانِك، وقد يظهرُ علىٰ لسانِ أخيك.
- وأنّ عجَلةَ العلمِ في دَوَرانٍ، لا تقبلُ السّكونَ، ولا تنتهي عند أمدٍ.
والله أعلم.
•┈┈• ❀ ❀ •┈┈•
❁ النُّتف
Reposted from:
أمالي أصولية على مرتقى الوصول

18.04.202516:32
معرفة أحوال الرسول صلى الله عليه وسلم التي يحمل عليها قوله أو فعله أمر واجب على المتفقه في الشريعة، وقد حاول العلماء تتبع هذه الأحوال وممن تتبعها القرافي، وكذلك الطاهر ابن عاشور في كتابه الذي وضعه في مقاصد الشريعة،
وفيما يلي تلخيص لما ذكره ابن عاشور مع شيء من التصرف اليسير الذي تقتضيه ضرورة الصياغة:
١- حال التشريع وهو الأغلب؛ مثل خطبة حجة الوداع.
٢- حال الإفتاء، كقوله (افعل ولا حرج)، والفتوى تفارق التشريع بأنها قد لا تكون عامة في جميع البلدان كالنهي عن الانتباذ في الدباء؛ لأنه في القطر الحار كالحجاز يسرع إليه التخمر بخلاف القطر البارد.
٣- حال القضاء؛ نحو (اسق يا زبير حتى يبلغ الماء الجدر) وعلامته حضور خصمين، أما إذا حضر أحدهما كخبر هند بنت عتبة فليس من القضاء، ويفارق التشريع بأن له تعلق بالصورة المحكوم فيها.
٤- حال الإمارة؛ كالأوامر والنواهي التي تصدر في الحرب؛ كالنهي عن أكل الحمر الأهلية في غزوة خيبر، فقد حصل الخلاف فيه هل هو نهي تشريع أو نهي لمصلحة الجيش؟ لأنهم كانوا يحملون على الحمير.
٥- حال الهدي والإرشاد؛ وهو أعم من حال التشريع؛ فتدخل فيه الأوامر والنواهي التي لم يقصد بها الإلزام، مثاله أمر السيد بإلباس عبيده مما يلبس.
٦- حال الإصلاح؛ ويختلف عن القضاء بأنه غير ملزم، كأمره عليه الصلاة والسلام لكعب بن مالك بأن يضع شطر دينه.
٧- حال الإشارة على المستشير، كإشارته على عمر بأن لا يشتري الفرس الذي حمل عليه في سبيل الله وضاع من صاحبه، ولهذا حمل الجمهور هذا النهي على أنه نهي تنزيه، وعلى هذا المحمل حمل زيد بن ثابت حديث النهي عن بيع الثمر قبل بدو صلاحه، قال زيد: (كالمشورة يشير بها عليهم لكثرة خصومتهم).
٨- حال النصيحة؛ كنهية لنعمان بن بشير أن يحل بعض أولاده دون بعض، ولذلك حمله أبو حنيفة ومالك والشافعي على البر والصلة، لا أن عطية بعض الأولاد دون بعض باطلة محرمة، وهكذا نصيحته لفاطمة بنت قيس عن نكاح معاوية لأنه فقير لا مال له؛ فلا دلالة فيه على عدم جواز نكاح الرجل الفقير.
٩- حال طلب حمل النفوس على الكمال؛ كحديث (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع ونهانا عن سبع، وأمرنا بعيادة المريض، واتباع الجنازة، وتشميت العاطس، وإبرار المقسم ونصر المظلوم وإجابة الداعي، وإفشاء السلام، ونهنا عن خواتيم أو تختم بالذهب، وعن شرب بالفضة، وعن المياثر الحمر، وعن القسي وعن لبس الحرير والإستبرق والديباج) ففي النهي عن القسي والمياثر الحمر تنزيه لأصحابه عن مظاهر البذخ والفخفخة، وكقوله عليه الصلاة والسلام (لا يمنعن أحدكم جارة خشبة يغرزها في جداره).
١٠- حال تعليم الحقائق العالية؛ كقول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر (أتبصر أُحُدا، ما أحب أن لي مثل أُحُدٍ ذهبا أنفقه كله إلا ثلاثة دنانير) فظن أبو ذر أن ذلك أمر عام للأمة فأنكر عليه عثمان رضي الله عنهما.
١١- حال التأديب؛ كهمّه عليه الصلاة والسلام أن يحرق على المنافقين بيوتهم، مع أنه لا يشتبه في أن الرسول صلى الله عليه وسلم ما كان ليحرق بيوت المسلمين لأجل شهود الجماعة لاسيما أنه عليه الصلاة والسلام كان يخشى أقل من ذلك وهو أن يقال بأن محمدا يقتل أصحابه، لكن كلامه كان في سياق التهويل في التأديب.
١٢- حال التجرد عن الإرشاد وهو ما يرجع إلى العمل الجبلي والحياتي الاعتيادي، وعلامته عدم الحرص على فعله، كالمشي في الطريق والركوب في السفر، ونزوله في بطحاء المحصب الذي قالت فيه عائشة رضي الله عنها: (ليس التحصب بشيء وإنما هو منزل نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم ليكون أسمح في خروجه إلى المدينة).
وفيما يلي تلخيص لما ذكره ابن عاشور مع شيء من التصرف اليسير الذي تقتضيه ضرورة الصياغة:
١- حال التشريع وهو الأغلب؛ مثل خطبة حجة الوداع.
٢- حال الإفتاء، كقوله (افعل ولا حرج)، والفتوى تفارق التشريع بأنها قد لا تكون عامة في جميع البلدان كالنهي عن الانتباذ في الدباء؛ لأنه في القطر الحار كالحجاز يسرع إليه التخمر بخلاف القطر البارد.
٣- حال القضاء؛ نحو (اسق يا زبير حتى يبلغ الماء الجدر) وعلامته حضور خصمين، أما إذا حضر أحدهما كخبر هند بنت عتبة فليس من القضاء، ويفارق التشريع بأن له تعلق بالصورة المحكوم فيها.
٤- حال الإمارة؛ كالأوامر والنواهي التي تصدر في الحرب؛ كالنهي عن أكل الحمر الأهلية في غزوة خيبر، فقد حصل الخلاف فيه هل هو نهي تشريع أو نهي لمصلحة الجيش؟ لأنهم كانوا يحملون على الحمير.
٥- حال الهدي والإرشاد؛ وهو أعم من حال التشريع؛ فتدخل فيه الأوامر والنواهي التي لم يقصد بها الإلزام، مثاله أمر السيد بإلباس عبيده مما يلبس.
٦- حال الإصلاح؛ ويختلف عن القضاء بأنه غير ملزم، كأمره عليه الصلاة والسلام لكعب بن مالك بأن يضع شطر دينه.
٧- حال الإشارة على المستشير، كإشارته على عمر بأن لا يشتري الفرس الذي حمل عليه في سبيل الله وضاع من صاحبه، ولهذا حمل الجمهور هذا النهي على أنه نهي تنزيه، وعلى هذا المحمل حمل زيد بن ثابت حديث النهي عن بيع الثمر قبل بدو صلاحه، قال زيد: (كالمشورة يشير بها عليهم لكثرة خصومتهم).
٨- حال النصيحة؛ كنهية لنعمان بن بشير أن يحل بعض أولاده دون بعض، ولذلك حمله أبو حنيفة ومالك والشافعي على البر والصلة، لا أن عطية بعض الأولاد دون بعض باطلة محرمة، وهكذا نصيحته لفاطمة بنت قيس عن نكاح معاوية لأنه فقير لا مال له؛ فلا دلالة فيه على عدم جواز نكاح الرجل الفقير.
٩- حال طلب حمل النفوس على الكمال؛ كحديث (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع ونهانا عن سبع، وأمرنا بعيادة المريض، واتباع الجنازة، وتشميت العاطس، وإبرار المقسم ونصر المظلوم وإجابة الداعي، وإفشاء السلام، ونهنا عن خواتيم أو تختم بالذهب، وعن شرب بالفضة، وعن المياثر الحمر، وعن القسي وعن لبس الحرير والإستبرق والديباج) ففي النهي عن القسي والمياثر الحمر تنزيه لأصحابه عن مظاهر البذخ والفخفخة، وكقوله عليه الصلاة والسلام (لا يمنعن أحدكم جارة خشبة يغرزها في جداره).
١٠- حال تعليم الحقائق العالية؛ كقول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر (أتبصر أُحُدا، ما أحب أن لي مثل أُحُدٍ ذهبا أنفقه كله إلا ثلاثة دنانير) فظن أبو ذر أن ذلك أمر عام للأمة فأنكر عليه عثمان رضي الله عنهما.
١١- حال التأديب؛ كهمّه عليه الصلاة والسلام أن يحرق على المنافقين بيوتهم، مع أنه لا يشتبه في أن الرسول صلى الله عليه وسلم ما كان ليحرق بيوت المسلمين لأجل شهود الجماعة لاسيما أنه عليه الصلاة والسلام كان يخشى أقل من ذلك وهو أن يقال بأن محمدا يقتل أصحابه، لكن كلامه كان في سياق التهويل في التأديب.
١٢- حال التجرد عن الإرشاد وهو ما يرجع إلى العمل الجبلي والحياتي الاعتيادي، وعلامته عدم الحرص على فعله، كالمشي في الطريق والركوب في السفر، ونزوله في بطحاء المحصب الذي قالت فيه عائشة رضي الله عنها: (ليس التحصب بشيء وإنما هو منزل نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم ليكون أسمح في خروجه إلى المدينة).
16.04.202515:17
•| «إحدىٰ عشِرة» (1 / 2) |•
مِن الحكايات في بلاد موريتانيا ...
يشيعُ في شيوخِنا الموريتانيّين ــ وخاصّةً منهم أهلَ الجنوبِ، وأرضِ (القبلة) ــ العنايةُ بالعربيّة نحوًا ولغةً وشعرًا، إلى الغايةِ الّتي ليستْ وراءَها غايةٌ، يحفظون المتونَ الطّويلةَ، ويضمّون إليها الشّواهدَ الكثيرةَ، ويستظهرون شواذَّ النّقلِ، ويتحجَّرون اللّغاتِ ــ كما يعبِّر أبو الفتحِ ــ أيَّما تحجُّرٍ، ومعوَّلُهم على الاستقصاءِ في النّقلِ، وتقصّي النّوادرِ، على الخُطّةِ الّتي استقرّتْ بمصنّفاتِ المتأخّرين مِن علماءِ العربيّةِ، كابنِ مالكٍ، وأبي حيّان، ومَن أخَذ إِخذَهما، كابنِ هشامٍ الأنصاريّ، والفيروزآباديّ، والسّيوطيّ، رحمهم الله جميعًا. ويتلقَّىٰ شيوخُنا ذٰلك بواسطةِ ما لخّصه علماؤُهم مِن النُّظُمِ والطُّرَرِ الشّائعةِ في الإقراءِ عندهم، فهم يتزوَّدون بها أتمَّ تزوُّدٍ، ثمّ يعكفون عليها بعدَ أزمانِ الدّراسةِ، ويلازمونها في أوقاتِ الاستعمالِ، ولا يعودون علىٰ ما حصَّلوا ببيانِ مَراتبِه، وتحريرِ منازعِه، وتنقيحِ أحكامِه، والكشفِ عن الفصيحِ منه والقبيح، والمأنوسِ والحوشيّ، والصّحيحِ والمدخولِ، والشّائع والقليلِ، فلا يراعون ذٰلك في مُنشآتهم، ولا تكادُ تجدُ للتّمييزِ بينه أثرًا.
فـ«فَنُّ الفصيحِ» ليس مِن فنونِ الموريتانيّين، إلّا ما ندَر. وإذا ابتغيتَ التّعلّةَ لذٰلك وجَدتَّ مِن أظهرِها عمَلَ السّابقِ إلى القلبِ، وأنّ ابتغاءَ الفصيحِ دربٌ منافٍ لدربِ استظهارِ اللّغةِ الّذي له فيهم المنزلةُ المنيفةُ، فهم لا يبغون عنه حِولًا. وقد دخَلهم نظامُ «موطّأة الفصيح» لابن المرحَّل، ولم يُنزِلوه مُنزَلَ كتبِ التّحصيلِ، ولم يَشِعْ في المحاضرِ شيوعَ غيرِه، ومَن يستعملْه منهم فإنّما يلتقطُ شواهدَ يدُسُّها في أغراضِ تحجُّرِ اللّغةِ، أو تفسيرِها، ولو أنّهم فتَّشوه علىٰ مرادِه لكان لهم فيه النّصيحُ بفنِّ الفصيح.
وكنتُ حفظتُ في بلادي «الموطّأةَ»، وتبيَّنتُ أغراضَها الّتي استهدفها ثعلبٌ بما صدَّر الكتابَ مِن جملةٍ عقَدتُّها يومئذٍ إذ لم أجدها معقودةً، فقلتُ:
هٰذا اختيارُ أفصحِ الكَلامِ
في مَسرَحِ الألسُنِ والقِلامِ
فمنه ما فيه لِسانٌ واحدُ
وخالفته النّاسُ فهْو وافدُ
ومنه ما فيه لُغًا مُختلِفَهْ
فجاءت الفُصحىٰ رِوًى مُزدَلِفَهْ
أمّا الّذي لم تتفاوتْ كثرتُهْ
لأنّه مستعمَلٌ فأنعَتُهْ
وجلّىٰ لي بحوثَها أمثالُ ابنِ دُرُستَوَيه في «تصحيحِ الفصيحِ»، وما اتّصل به مِن كتبِ لحنِ العامّة، بل ما عاد إلىٰ كتب اللّغةِ القديمةِ مِن التّشديدِ في المرويّ، والتّمييزِ للمَراتبِ، وكان في «تهذيبِ اللّغة» و«صحاح الجوهريّ» مِن ذٰلك ما ثبَّت قدمي، وبيّن لي المحجّةَ، إلىٰ ما تعلّمتُه في مقدّماتِ البلاغةِ مِن اشتراطِ الفصاحةِ، وبيانِ أوصافِها، وما تفقَّدتُّه مِن تصديقِ ذٰلك في كلامِ عِليةِ الأدباءِ ومنشَآتِهم. وكان هٰذا كلُّه قد استنَد إلىٰ كلمةٍ عارضةٍ حفظتُها عن ابنِ هشامٍ الأنصاريّ في «شرحِ شذور الذّهب»، يومَ قرأناه علىٰ شيخِنا بالجزائر، وذٰلك أنّه قال: «واللّغاتُ الشّاذّةُ لا تنحصرُ، وإنّما يُعمَلُ علىٰ ما عليه الفُصَحاءُ الموثوقُ بلغتِهم»، ففتحتْ هٰذه الكلمةُ عيني علىٰ آفاقٍ مِن العلمِ ينقلبُ عنها البصرُ وهو حسيرٌ، ثمّ وجَدتُّ لها أخواتٍ عن رجالٍ هم أرسخُ قدمًا في اللّغةِ، وأبصرُ بالعربيّة، مثلِ أبي زكريّا الفرّاء، وابن الجَوَاليقيّ، وأيقنتُها جادّةً بيّنةً.
•┈┈• ❀ ❀ •┈┈•
❁ النُّتف
مِن الحكايات في بلاد موريتانيا ...
يشيعُ في شيوخِنا الموريتانيّين ــ وخاصّةً منهم أهلَ الجنوبِ، وأرضِ (القبلة) ــ العنايةُ بالعربيّة نحوًا ولغةً وشعرًا، إلى الغايةِ الّتي ليستْ وراءَها غايةٌ، يحفظون المتونَ الطّويلةَ، ويضمّون إليها الشّواهدَ الكثيرةَ، ويستظهرون شواذَّ النّقلِ، ويتحجَّرون اللّغاتِ ــ كما يعبِّر أبو الفتحِ ــ أيَّما تحجُّرٍ، ومعوَّلُهم على الاستقصاءِ في النّقلِ، وتقصّي النّوادرِ، على الخُطّةِ الّتي استقرّتْ بمصنّفاتِ المتأخّرين مِن علماءِ العربيّةِ، كابنِ مالكٍ، وأبي حيّان، ومَن أخَذ إِخذَهما، كابنِ هشامٍ الأنصاريّ، والفيروزآباديّ، والسّيوطيّ، رحمهم الله جميعًا. ويتلقَّىٰ شيوخُنا ذٰلك بواسطةِ ما لخّصه علماؤُهم مِن النُّظُمِ والطُّرَرِ الشّائعةِ في الإقراءِ عندهم، فهم يتزوَّدون بها أتمَّ تزوُّدٍ، ثمّ يعكفون عليها بعدَ أزمانِ الدّراسةِ، ويلازمونها في أوقاتِ الاستعمالِ، ولا يعودون علىٰ ما حصَّلوا ببيانِ مَراتبِه، وتحريرِ منازعِه، وتنقيحِ أحكامِه، والكشفِ عن الفصيحِ منه والقبيح، والمأنوسِ والحوشيّ، والصّحيحِ والمدخولِ، والشّائع والقليلِ، فلا يراعون ذٰلك في مُنشآتهم، ولا تكادُ تجدُ للتّمييزِ بينه أثرًا.
فـ«فَنُّ الفصيحِ» ليس مِن فنونِ الموريتانيّين، إلّا ما ندَر. وإذا ابتغيتَ التّعلّةَ لذٰلك وجَدتَّ مِن أظهرِها عمَلَ السّابقِ إلى القلبِ، وأنّ ابتغاءَ الفصيحِ دربٌ منافٍ لدربِ استظهارِ اللّغةِ الّذي له فيهم المنزلةُ المنيفةُ، فهم لا يبغون عنه حِولًا. وقد دخَلهم نظامُ «موطّأة الفصيح» لابن المرحَّل، ولم يُنزِلوه مُنزَلَ كتبِ التّحصيلِ، ولم يَشِعْ في المحاضرِ شيوعَ غيرِه، ومَن يستعملْه منهم فإنّما يلتقطُ شواهدَ يدُسُّها في أغراضِ تحجُّرِ اللّغةِ، أو تفسيرِها، ولو أنّهم فتَّشوه علىٰ مرادِه لكان لهم فيه النّصيحُ بفنِّ الفصيح.
وكنتُ حفظتُ في بلادي «الموطّأةَ»، وتبيَّنتُ أغراضَها الّتي استهدفها ثعلبٌ بما صدَّر الكتابَ مِن جملةٍ عقَدتُّها يومئذٍ إذ لم أجدها معقودةً، فقلتُ:
هٰذا اختيارُ أفصحِ الكَلامِ
في مَسرَحِ الألسُنِ والقِلامِ
فمنه ما فيه لِسانٌ واحدُ
وخالفته النّاسُ فهْو وافدُ
ومنه ما فيه لُغًا مُختلِفَهْ
فجاءت الفُصحىٰ رِوًى مُزدَلِفَهْ
أمّا الّذي لم تتفاوتْ كثرتُهْ
لأنّه مستعمَلٌ فأنعَتُهْ
وجلّىٰ لي بحوثَها أمثالُ ابنِ دُرُستَوَيه في «تصحيحِ الفصيحِ»، وما اتّصل به مِن كتبِ لحنِ العامّة، بل ما عاد إلىٰ كتب اللّغةِ القديمةِ مِن التّشديدِ في المرويّ، والتّمييزِ للمَراتبِ، وكان في «تهذيبِ اللّغة» و«صحاح الجوهريّ» مِن ذٰلك ما ثبَّت قدمي، وبيّن لي المحجّةَ، إلىٰ ما تعلّمتُه في مقدّماتِ البلاغةِ مِن اشتراطِ الفصاحةِ، وبيانِ أوصافِها، وما تفقَّدتُّه مِن تصديقِ ذٰلك في كلامِ عِليةِ الأدباءِ ومنشَآتِهم. وكان هٰذا كلُّه قد استنَد إلىٰ كلمةٍ عارضةٍ حفظتُها عن ابنِ هشامٍ الأنصاريّ في «شرحِ شذور الذّهب»، يومَ قرأناه علىٰ شيخِنا بالجزائر، وذٰلك أنّه قال: «واللّغاتُ الشّاذّةُ لا تنحصرُ، وإنّما يُعمَلُ علىٰ ما عليه الفُصَحاءُ الموثوقُ بلغتِهم»، ففتحتْ هٰذه الكلمةُ عيني علىٰ آفاقٍ مِن العلمِ ينقلبُ عنها البصرُ وهو حسيرٌ، ثمّ وجَدتُّ لها أخواتٍ عن رجالٍ هم أرسخُ قدمًا في اللّغةِ، وأبصرُ بالعربيّة، مثلِ أبي زكريّا الفرّاء، وابن الجَوَاليقيّ، وأيقنتُها جادّةً بيّنةً.
•┈┈• ❀ ❀ •┈┈•
❁ النُّتف
Reposted from:
إبراهيم المنوفي

15.04.202516:34
هناك مرحلة في طريق طالب العلم تضعه على المحك، إما يرتقي أو يهوي، وهي مرحلة "نِصف العلم"، فيها ينطق بألفاظ العلم وحدوده، ويتمثل شيئا من آدابه ورسومه، لكن ليس له ملَكة ولا دربة فيه وطول مصاحبة، وخطورة هذه المرحلة في أنها تُشعر صاحبها بنقلة علمية، مِن جهلٍ مُعمٍ إلى إشراف على أشعة العلم، فيظن أنه بلغ الكُدية وليس وراء ما عَلِمه عِلمٌ آخر، وهلكته في الكِبر والعجب، ونجاته في الحلم والتواضع.
Shown 1 - 24 of 128
Log in to unlock more functionality.