النساء وكذبة أننا "نستطيع أن نكون كل شيء"!
نحن النساء خصوصا في جيلنا وما نحمله من موروثٍ وما تأثر به من الفكر الغربي قد أكلنا فعلاً "مقلب" أننا نستطيع أن نكون كل شيء!
الأم الممتازة والزوجة المتفانية والعاملة التي تعمل بشهادتها وتتقدم في رتبتها الوظيفية (أو طالبة العلم والداعية التي تجضر كل الدورات وتنشط في كلّ ميدان..) والابنة البارة والمعتنية بجمالها ورشاقتها وأناقتها و...و..
"
نحن اقتنعنا بهذه الكذبة حتى باتت الطموح وصورة "المرأة المثاليّة" والتوقّع ممن تريد أن تكون ناجحة، وصرنا ننتظرها من نفوسنا وننزلها على من سبقنا ومن نراهنّ حولنا ونلوم نفوسنا إن لم نستطعها! بل ونرفض الطبيعي البديهي الذي يحتم أننا محدودات وضعيفات ولا نستطيع أن نقوم بكل شيء معاً ولا أن نوازن بين ألف مسؤولية في آنٍ واحد!
ولأننا نرفض هذا الاعتراف فإننا نرفض أن الزوجية والأمومة أدوارٌ تحتاج تفرّغاً وعلماً وعملاً وطاقةً نفسية وجسديّة ومساحةً في الجدول اليوميّ، لا يمكن أن تتمّ بتركها على الهامش ولا بترك فتات الوقت أؤ بقايثاه لها!
هذه هي الحقيقة!
عموم النساء لا يستطعن الموازنة بين العمل بدوامٍ أكثر من بضع ساعات أسبوعياً مع الأمومة والزوجية، ولا ينبغي أن يتوقع هذا منهن..
عموم النساء لا يستطعن الاستمرار بالعمل بذات الوتيرة بعد حمل مسؤولية الزوجية وربة البيت ولا ينبغي أن يطلب هذا منهن..
عموم النساء لا يستطعن إتقان دور الأمومة وربة البيت إن كن عاملات بدوام أكثر من بضع ساعات أسبوعياً، وحقيقةً.. فحتى بدون العمل خارج البيت فهنّ بالكاد يستطعن حمل أدوار الأمومة والزوجية وإدارة البيت والعلاقات الاجتماعية وحقوق النفس وبر الوالدين وصلة الأرحام والعناية بالأنوثة وغيرها من الأساسيات ومن ثم يجدن وقتاً للنوم والتنفس والنفس!
هنّ في هذا وحده يحتجن دعم الزوج والأهل والمجتمع لينجحن، وخصوصا أول في أول ٧-١٠ سنوات من عمر أي من الأبناء، فكيف يمكن أن تتوقع عموم النساء من نفوسهن العمل أؤ حمل أعباءٍ إضافيةٍ مع ذلك؟ وكيف يدفعنا المجتمع لنظنّ أنه الطبيعي!
ومن تبدو أنها تستطيع هذه الموازنة هي إما مقصرةٌ إلى حدٍ كبيرٍ في إحدى واجباتها الأساسية أو حقوق نفسها المهمّة، أو أنها استثنائيةٌ من حيث قدراتها على الموازنة والتنظيم وقلّة حاجتها للراحة والنوم مع كونها متزوجةً من رجلٍ هيّنٍ غير متطلّب، (وهذ الاستثناءات خاصّة لا يقاس عليها! وهي تؤكد القاعدة لا تنفيها)..
فارحمي نفسك أولاً وارفضي تلك الكذبة المخادعة، واختاري التحرر مما يبدبو واجباً وليس بواجبٍ قبل أن يضيع عمرك..
وإن كنتِ مقبلةً على زواج أو أمومةٍ فانزلي للواقع بتوقّعاتك من نفسك ومن مسؤولياتك القادمة، ميّزي بين الأساسي والثانوي، واعلمي أنّكِ بلا شك ستحتاجين تفريغ نفسك بنسبة كبيرة لهذه الأدوار العظيمة التي خلقتِ لها والتي هي فروض عين لا تستحق أن تضيع لأجل مباحاتٍ أو هواياتٍ أو نوافل، وإلا ضعت بين شعور بالعجز والتقصير وإضاعة شيء من الحقوق عدا عن التعب والإرهاق المستمرّ والشعور بأن الحياة تظلمك وتأخذك ولا تترك منك شيئاً..
وأعان الله من هي مضطرة للجمع بين الأدوار ومدفوعة لذلك رغماً عنها وتقبل منها وبارك في وقتها وجهدها..