23.04.202509:58
الذي أعتقده ديانةً أن كثيرًا من القراءات الفكرية (الإسلامية) للسيرة النبوية لا تقلّ ضلالًا عن القراءات الحداثية التي أوسعناها شتمًا.
وغالب من سُمّم نموذجه المعرفي بمثل هذه الخطابات لا يفلح ولا أمل في استصلاحه إلا أن يشاء الله معجزة.
وغالب من سُمّم نموذجه المعرفي بمثل هذه الخطابات لا يفلح ولا أمل في استصلاحه إلا أن يشاء الله معجزة.
21.04.202520:49
الجميع يسعى لإشباع شيءٍ ما.
20.04.202521:20
ما العيش إلا هكذا؛ أن تعود بجسد منهك، بعد يوم طويل لا فراغ فيه، أمضيته فيما تحب، تقتنص الدقائق لتغفو بما يمنع جفنيك من الإطباق القسري، وأنت لا تتذكر كم وجبة أكلت أصلًا.
ما عدا هذا موت بطيء.
ما عدا هذا موت بطيء.
20.04.202515:06
وعلى ذكر الأصدقاء الأوفياء؛ جاء في ترجمة الشيخ علاء الدين الباجي في الطبقات الكبرى أنه كانت له صحبة وقُرب ومودة بالشيخ محيي الدين النووي رحمهم الله أجمعين.
وكان النووي يحب "الكشك"، ويعرف من له صلة بالشام أنها أكلة يحبها أهل جهات الشيخ محيي الدين النووي في درعا وما حولها بنوى، وهي تشبه الجميد.
قال الباجي:
"وكان النووي يحب طعام الكشك، فكان إذا طبخه يرسل إلي يطلبني لآكل معه، فلا أجد إلا كشكًا وماء مائعًا فتعافه نفسي، فرُحتُ إليه مرة بعد مرة للصحبة التي بيننا، فلما كانت المرة الأخيرة امتنعت فجاء بنفسه إليّ وقال: والله يا شيخ علاء الدين أنا أحبك وأحب الكشك وما أشهى أن أطبخه إلا وآكل أنا وأنت فإما تجيء إلي وإما آخذه وأجيء إليك، قال فقلت له: والله يا شيخ محيي الدين أنا أحبك إلا أني والله ما أحب كشكك" [طبقات الشافعية الكبرى (١٠/ ٣٤١- ٣٤٢)]
وأنا أقول لرفيقي في الطلب والحياة:
والله ياشيخ وليد العاصمي أنا أحبك إلا أني والله ما أحب تُونَتك.
وكان النووي يحب "الكشك"، ويعرف من له صلة بالشام أنها أكلة يحبها أهل جهات الشيخ محيي الدين النووي في درعا وما حولها بنوى، وهي تشبه الجميد.
قال الباجي:
"وكان النووي يحب طعام الكشك، فكان إذا طبخه يرسل إلي يطلبني لآكل معه، فلا أجد إلا كشكًا وماء مائعًا فتعافه نفسي، فرُحتُ إليه مرة بعد مرة للصحبة التي بيننا، فلما كانت المرة الأخيرة امتنعت فجاء بنفسه إليّ وقال: والله يا شيخ علاء الدين أنا أحبك وأحب الكشك وما أشهى أن أطبخه إلا وآكل أنا وأنت فإما تجيء إلي وإما آخذه وأجيء إليك، قال فقلت له: والله يا شيخ محيي الدين أنا أحبك إلا أني والله ما أحب كشكك" [طبقات الشافعية الكبرى (١٠/ ٣٤١- ٣٤٢)]
وأنا أقول لرفيقي في الطلب والحياة:
والله ياشيخ وليد العاصمي أنا أحبك إلا أني والله ما أحب تُونَتك.
19.04.202518:18
قال ياقوت الحموي في مقدمته لمعجم الأدباء (١/ ٩) :
"ولست أنكر أني لو لزمت مسجدي ومصلّاي، واشتغلت بما يعود بعاقبة دنياي في أخراي لكان أولى، وبطريق السلامة في الآخرة أحرى، ولكنّ طلب الأفضل مفقود، واعتماد الأحرى غير موجود. وحسبك بالمرء فضلًا أن لا يأتي محظورًا، ولا يسلك طريقا مخطورًا"
هذا الصدق عزيز، فمن قبيح عادات البشر أن يمدح نفسه بتحسين حاله، وتخصصه، وبلده، وطباعه، واهتماماته، وكل ما يتصل به. ويلمز الآخرين المغايرين له بالضد، ولو كان ياقوت منهم لقال: "وهل أُتينا إلا من قبل من لا يحسن الأدب، ولا يفهم الألفاظ ومعانيها، ويتقحم النصوص الشرعية بجهل" ويبدأ بسوق التسويغات التي تجعل عمله أهم الأعمال، وتخصصه أرفع المعارف البشرية، وأن بلاء الكون من تركهم له.
"ولست أنكر أني لو لزمت مسجدي ومصلّاي، واشتغلت بما يعود بعاقبة دنياي في أخراي لكان أولى، وبطريق السلامة في الآخرة أحرى، ولكنّ طلب الأفضل مفقود، واعتماد الأحرى غير موجود. وحسبك بالمرء فضلًا أن لا يأتي محظورًا، ولا يسلك طريقا مخطورًا"
هذا الصدق عزيز، فمن قبيح عادات البشر أن يمدح نفسه بتحسين حاله، وتخصصه، وبلده، وطباعه، واهتماماته، وكل ما يتصل به. ويلمز الآخرين المغايرين له بالضد، ولو كان ياقوت منهم لقال: "وهل أُتينا إلا من قبل من لا يحسن الأدب، ولا يفهم الألفاظ ومعانيها، ويتقحم النصوص الشرعية بجهل" ويبدأ بسوق التسويغات التي تجعل عمله أهم الأعمال، وتخصصه أرفع المعارف البشرية، وأن بلاء الكون من تركهم له.
17.04.202503:57
ومما تواتر شفاهيًا عندي أنه حين أُسر العلامة أحمد بن عبدالخالق الحفظي (ت: ١٣١٧هـ) عند الدولة العثمانية، وقبل أن يخرج من قريته، أقسم غاضبًا أن يبصق في وجه الخليفة آنذاك؛ جزاءً له على فعله في المنطقة.
فلما استقرّ الشيخ في السجن هناك، مرض الخليفة، وطلبوا له الأطباء، وأعياهم حاله، فقال أحد الوزراء: الشيخ أحمد في الزنزانة، لو أتينا به ليرقي الخليفة، فأتي به، وقرأ عليه، ونفث في وجهه بصاقًا خفيفًا، وعوفي الخليفة بأمر الله، وبرّت يمين الشيخ بقدَر الله، وصار ذا حظوة بلطف الله الذي يدبّر الأمر، فسبحانه ربي ما أعلى شانه، لا إله إلا هو.
فلما استقرّ الشيخ في السجن هناك، مرض الخليفة، وطلبوا له الأطباء، وأعياهم حاله، فقال أحد الوزراء: الشيخ أحمد في الزنزانة، لو أتينا به ليرقي الخليفة، فأتي به، وقرأ عليه، ونفث في وجهه بصاقًا خفيفًا، وعوفي الخليفة بأمر الله، وبرّت يمين الشيخ بقدَر الله، وصار ذا حظوة بلطف الله الذي يدبّر الأمر، فسبحانه ربي ما أعلى شانه، لا إله إلا هو.
23.04.202506:31
مساكين أرباب المحبة والهوى
يذوقون طعم الحب مرًا كحنظلِ
ولا تنكر الحب المبرح يا فتى
بسمعِ صفات قد أتت من مكملِ
كمثل الإمام الشيخ أعني ابن حنبل
سميّ رسول الله أشرف مرسل
قالها ابن حجر الهيتمي الشافعي في الإمام أحمد ين حنبل -رحمهم الله أجمعين-
يذوقون طعم الحب مرًا كحنظلِ
ولا تنكر الحب المبرح يا فتى
بسمعِ صفات قد أتت من مكملِ
كمثل الإمام الشيخ أعني ابن حنبل
سميّ رسول الله أشرف مرسل
قالها ابن حجر الهيتمي الشافعي في الإمام أحمد ين حنبل -رحمهم الله أجمعين-
21.04.202519:46
هذا زمانٌ عزّ فيه التعبد، وعسر فيه الإخبات؛ فإنما أدرك الموفقون رتبة الولاية بإحدى طريقتين:
١- مسلك التنقية: بالامتناع عن الكبائر والصغائر جهدهم.
٢- مسلك المكاثرة: وذلك بشغل الأعمار بالصالحات، حتى حكي عن بعضهم أنه لو علم أن القيامة تقوم غدًا ما زاد.
ونحن نرجو من الله النجاة من فتن زماننا؛ فلا الواقع والافتراض يتركانا للنقاء، ولا نمط الحياة المتسارع يعيننا على المكاثرة.
فاللهم ارحمنا، وبارك في قليلنا المشوب.
١- مسلك التنقية: بالامتناع عن الكبائر والصغائر جهدهم.
٢- مسلك المكاثرة: وذلك بشغل الأعمار بالصالحات، حتى حكي عن بعضهم أنه لو علم أن القيامة تقوم غدًا ما زاد.
ونحن نرجو من الله النجاة من فتن زماننا؛ فلا الواقع والافتراض يتركانا للنقاء، ولا نمط الحياة المتسارع يعيننا على المكاثرة.
فاللهم ارحمنا، وبارك في قليلنا المشوب.
20.04.202517:53
في صحيح مسلم (٢٣٣٢) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقيل عند أم سليم، وكان كثير العرق…"
قال ملا علي قاري في المرقاة عند هذا الحديث:
"وكان كثير العرق"
أي: لأنه كان كثير الحياء.
صلى الله عليه وآله وسلم.
قال ملا علي قاري في المرقاة عند هذا الحديث:
"وكان كثير العرق"
أي: لأنه كان كثير الحياء.
صلى الله عليه وآله وسلم.
20.04.202514:56
جاء في زاد المستقنع -درة تاج متون الحنابلة- في كتاب الشهادات باب موانع الشهادة ص٢٤٣:
"ومن سره مساءة شخص، أو غَمّهُ فرحه فهو عدو"
هذا ميزان العدو والصديق، وهكذا يعلمنا الفقهاء العلم والعقل.
"ومن سره مساءة شخص، أو غَمّهُ فرحه فهو عدو"
هذا ميزان العدو والصديق، وهكذا يعلمنا الفقهاء العلم والعقل.
19.04.202514:58
تنيط الشريعة منع التماثيل والتصاوير لذوات الأرواح بأربع علل:
- العبادة: وهذه لا شك في كفر فاعلها.
- المضاهاة لخلق الله: وهي كالأولى على التحقيق.
- الإلهاء خاصة في مواضع العبادات: وهذه تُزال ويتدافع حكمها بين التحريم والكراهة الشديدة.
- التعظيم: وهذا ما رأينا مصداقه عند سقوط تماثيل الطغاة، فالمجسمات شئنا أم أبينا تورث رهبة، بدليل رمزية سقوطها، وأنها مرتبطة بسقوط الهيبة من النفوس، فالتعظيم لازم لزومًا أغلبيًا لنصب التماثيل، وزوال التمثال تعبير طبيعي لزوال التعظيم.
- العبادة: وهذه لا شك في كفر فاعلها.
- المضاهاة لخلق الله: وهي كالأولى على التحقيق.
- الإلهاء خاصة في مواضع العبادات: وهذه تُزال ويتدافع حكمها بين التحريم والكراهة الشديدة.
- التعظيم: وهذا ما رأينا مصداقه عند سقوط تماثيل الطغاة، فالمجسمات شئنا أم أبينا تورث رهبة، بدليل رمزية سقوطها، وأنها مرتبطة بسقوط الهيبة من النفوس، فالتعظيم لازم لزومًا أغلبيًا لنصب التماثيل، وزوال التمثال تعبير طبيعي لزوال التعظيم.


17.04.202503:55
هذا خط الشيخ أحمد بن عبدالخالق الحفظي، كتب تفسيره هناك، وكتب: "محرّم الحرام ١٢٩٠ أيام أسرنا"
وقد مكث بعد هذا التاريخ خمس سنوات ثم أُطلق.
وقد مكث بعد هذا التاريخ خمس سنوات ثم أُطلق.
23.04.202503:46
الحمد لله وبعد:
مع الأحداث المؤلمة، والكوارث التي نعيشها، يأتي الحديث عن بعض المعاني التي تثبت اليقين، وتنزع الارتباك الذي يكاد يستولي على النفوس.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (مجموع الفتاوى27/ 363):
"الناس تغيب عنهم معاني القرآن عند الحوادث فإذا ذُكِّروا بها عرفوها"
كنتُ أفكر في الحثّ على الدعاء وقت الأزمات، فوجدت أن مقصود الدعاء ليس تغيير الواقع فقط؛ وإنما تغيير النفوس التي تدعو.
تأمل معي بترتيب وتركيز؛ "فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا"
والتضرع دعاء بإلحاح.
فما الذي يخلّفه الدعاء فينا؟
أولًا: الإيمان بوجود إله قادر نردّ ضعفنا إلى قوته؛ وهذا معنى توحيدي يبطل مفعول اليأس، ويبقي الأمل قائمًا ما دام هذا المعنى مرتكزًا في نفوسنا.
ثانيًا: البدء بالنفس في الدعاء، وهي سنة مأثورة (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين)
وهذه السنة تعلمنا أن دعاءنا لإخواننا دعاء المحتاج لا المتفضل، وأنا نفتقر قبلهم إلى ما ندعو به من رحمة الله وعونه ونصره، وبذا يستمر الدعاء لأننا لم نستغنِ لحظة.
ثالثًا: عند الترمذي وغيره (ثلاث لا يحل لأحد أن يفعلهن: لا يؤم رجل قوماً فيخص نفسه بالدعاء دونهم، فإن فعل فقد خانهم) وفي هذا نزع للأنانية والتفكير بالنفس دون من نتصل بهم روحًا وانتماء.
رابعًا: الواقعية؛ فالدعاء إما أن يستجاب، أو يدفع عنا وعن إخواننا بمثله، أو يؤجل للآخرة، وهنا ننظر للأحداث بعين القدر والشرع، وأن الخير المتحصل قد لا نحسه.
خامسًا: سيعلمك الدعاء محدودية قدراتك، فتعذر نفسك حين العجز، ولا تتطلب من النتائج ما ليس بيدك، وقد كنت أقرأ قوله تعالى (ليس لك من الأمر شيء) بمعنى العتب؛ وهذا صحيح، لكن لها معنى الإعذار، فليس لك من هذا الأمر شيء، فأدّ ما عليك، ولا تجاوز الأدب بالسؤال عن حكمة المصائب بطريقة فجة تخالف أصل العبودية أو كمالها.
اللهم انصر إخواننا في غزة، واكبت عدوهم، واكفهم شر الأشرار، وأمن ربنا خوفهم، وسدد رميهم، ولا تجعلنا ممن استطال الطريق فتوقف، أو استكان لضعفه البشري فتأفف.
مع الأحداث المؤلمة، والكوارث التي نعيشها، يأتي الحديث عن بعض المعاني التي تثبت اليقين، وتنزع الارتباك الذي يكاد يستولي على النفوس.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (مجموع الفتاوى27/ 363):
"الناس تغيب عنهم معاني القرآن عند الحوادث فإذا ذُكِّروا بها عرفوها"
كنتُ أفكر في الحثّ على الدعاء وقت الأزمات، فوجدت أن مقصود الدعاء ليس تغيير الواقع فقط؛ وإنما تغيير النفوس التي تدعو.
تأمل معي بترتيب وتركيز؛ "فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا"
والتضرع دعاء بإلحاح.
فما الذي يخلّفه الدعاء فينا؟
أولًا: الإيمان بوجود إله قادر نردّ ضعفنا إلى قوته؛ وهذا معنى توحيدي يبطل مفعول اليأس، ويبقي الأمل قائمًا ما دام هذا المعنى مرتكزًا في نفوسنا.
ثانيًا: البدء بالنفس في الدعاء، وهي سنة مأثورة (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين)
وهذه السنة تعلمنا أن دعاءنا لإخواننا دعاء المحتاج لا المتفضل، وأنا نفتقر قبلهم إلى ما ندعو به من رحمة الله وعونه ونصره، وبذا يستمر الدعاء لأننا لم نستغنِ لحظة.
ثالثًا: عند الترمذي وغيره (ثلاث لا يحل لأحد أن يفعلهن: لا يؤم رجل قوماً فيخص نفسه بالدعاء دونهم، فإن فعل فقد خانهم) وفي هذا نزع للأنانية والتفكير بالنفس دون من نتصل بهم روحًا وانتماء.
رابعًا: الواقعية؛ فالدعاء إما أن يستجاب، أو يدفع عنا وعن إخواننا بمثله، أو يؤجل للآخرة، وهنا ننظر للأحداث بعين القدر والشرع، وأن الخير المتحصل قد لا نحسه.
خامسًا: سيعلمك الدعاء محدودية قدراتك، فتعذر نفسك حين العجز، ولا تتطلب من النتائج ما ليس بيدك، وقد كنت أقرأ قوله تعالى (ليس لك من الأمر شيء) بمعنى العتب؛ وهذا صحيح، لكن لها معنى الإعذار، فليس لك من هذا الأمر شيء، فأدّ ما عليك، ولا تجاوز الأدب بالسؤال عن حكمة المصائب بطريقة فجة تخالف أصل العبودية أو كمالها.
اللهم انصر إخواننا في غزة، واكبت عدوهم، واكفهم شر الأشرار، وأمن ربنا خوفهم، وسدد رميهم، ولا تجعلنا ممن استطال الطريق فتوقف، أو استكان لضعفه البشري فتأفف.


21.04.202507:54
كنت أحقق كتابًا ليوسف بن حسن بن عبدالهادي الدمشقي الحنبلي الشهير بابن المبرد (ت: ٩٠٩هـ)، وقد عزمت على تدبيج مقدمةٍ علميّة رصينة تتبعتُ فيها سيرته من مخطوطاتٍ كتبها بيده؛ ناسخًا، أو مجيزًا، أو مجازًا، أو متملكًا، أو واقفًا.
ووقفتُ بمكتبة جامعة برينستون على مصنّف له -بخطه- لم يطبع قبل، اسمه: "معجم البلدان" يذكر فيه كل بلد والرواة منه بإسناده.
فوقع فيه هذا الذي تراه في الصورة:
مكتوب: قيسارية: يُنسب "الها" جماعة.
القيروان: يُنسب "الها" جماعة.
فلما قرأت المخطوط كتبت تعليقًا مطولًا حول لُطف دخول العامية الشامية في لغته متمثلة بلفظة "إلها"، وبسطت القول في إن الصالحية التي كان يعيش بها لا زالت لليوم موجودة، وصارت ضمن دمشق المدينة منذ منتصف القرن الماضي؛ وتفلسفتُ بحديثٍ لساني عن اللغة المحكية ومنشأ دخولها على لسان العلماء.
نمتُ، واستيقظت، وقرأت المستند وضحكتُ من جزمي بهذا الهراء، مع أن الأمر كما تلحظ لا يعدو كونه كُتب بلا نقاط، فهو كتب: "إليها" وهي صحيحة فصيحة، وتعليقي كله لا معنى له.
حمدتُ الله وقتها أنه ليس عندي حساب تواصلي أنشر فيه ما أستملحه، وإلا لكنتُ أمام خيار الاعتذار-وقد طارت الركبان-، أو الدفاع العنيد عن بقايا رأيي ولو بالباطل.
وآمنتُ أن كثيرًا من الخلاف الدائر في الساحة العلمية آتٍ من سهولة الارتجال والنشر، وجلّها بسبب البثوث المباشرة والمنشورات الفورية التي لا تعطي المرء فرصة لمراجعة شرارة فكرته؛ قبل أن تصير نارًا تحرق غابات من أفكار متلقّيه.
ووقفتُ بمكتبة جامعة برينستون على مصنّف له -بخطه- لم يطبع قبل، اسمه: "معجم البلدان" يذكر فيه كل بلد والرواة منه بإسناده.
فوقع فيه هذا الذي تراه في الصورة:
مكتوب: قيسارية: يُنسب "الها" جماعة.
القيروان: يُنسب "الها" جماعة.
فلما قرأت المخطوط كتبت تعليقًا مطولًا حول لُطف دخول العامية الشامية في لغته متمثلة بلفظة "إلها"، وبسطت القول في إن الصالحية التي كان يعيش بها لا زالت لليوم موجودة، وصارت ضمن دمشق المدينة منذ منتصف القرن الماضي؛ وتفلسفتُ بحديثٍ لساني عن اللغة المحكية ومنشأ دخولها على لسان العلماء.
نمتُ، واستيقظت، وقرأت المستند وضحكتُ من جزمي بهذا الهراء، مع أن الأمر كما تلحظ لا يعدو كونه كُتب بلا نقاط، فهو كتب: "إليها" وهي صحيحة فصيحة، وتعليقي كله لا معنى له.
حمدتُ الله وقتها أنه ليس عندي حساب تواصلي أنشر فيه ما أستملحه، وإلا لكنتُ أمام خيار الاعتذار-وقد طارت الركبان-، أو الدفاع العنيد عن بقايا رأيي ولو بالباطل.
وآمنتُ أن كثيرًا من الخلاف الدائر في الساحة العلمية آتٍ من سهولة الارتجال والنشر، وجلّها بسبب البثوث المباشرة والمنشورات الفورية التي لا تعطي المرء فرصة لمراجعة شرارة فكرته؛ قبل أن تصير نارًا تحرق غابات من أفكار متلقّيه.
20.04.202517:52
قال أبو بكر المرُّوذي في «أخبار الشيوخ وأخلاقهم» ص١٩٥:
سمعت إسحاق بن عمر بن سليط يقول: سمعت حماد بن زيد يقول: سمعت أيوب السختياني يقول:
«من أراد أن يعلم خطأ معلمه؛ فليجلس إلى غيره».
قلتُ: صدق، والعكس صحيح، فمن أراد أن يعرف فضل معلمه؛ فليجلس إلى غيره، وقد جربتُ هذا وعرفت فضل شيخٍ درست عنده؛ كان على تمكنه الفقهي وطول تدريسه لا يترك التحضير والاهتمام وتتبع البحوث والطبعات الحديثة، عرفت هذا عندما جلست إلى آخر "يسولف" في الفقه.
سمعت إسحاق بن عمر بن سليط يقول: سمعت حماد بن زيد يقول: سمعت أيوب السختياني يقول:
«من أراد أن يعلم خطأ معلمه؛ فليجلس إلى غيره».
قلتُ: صدق، والعكس صحيح، فمن أراد أن يعرف فضل معلمه؛ فليجلس إلى غيره، وقد جربتُ هذا وعرفت فضل شيخٍ درست عنده؛ كان على تمكنه الفقهي وطول تدريسه لا يترك التحضير والاهتمام وتتبع البحوث والطبعات الحديثة، عرفت هذا عندما جلست إلى آخر "يسولف" في الفقه.
19.04.202520:19
ما عرف طيب الحياة من كان يقيّم الأشياء بمعيار الأجود والأسوأ فقط؛ ثمة أمور تقاس من زاوية الأنسب، نعم؛ قد لا تكون الأفضل لكن بالنظر إلى إمكاناتي/احتياجي أستطيع وصفها بالمناسبة لي وهذا يكفي لتسكين الرغبة وتسيير الأيام.
18.04.202516:26
قال العلامة عبدالرحمن البعلي الحنبلي في واجبات الإمام قبل الانطلاق للجهاد:
"وعليه عند المسير: تعاهد الرجال والخيل، ومنع من لا يصلح للحرب، ومخذل ومرجف، ومكاتب بأخبارنا ومعروف بنفاق، ورام بيننا بفتن"
بداية العابد ص٨٢
وهذه العبارة تصلح لأن تكون دستورًا في اختيار العاملين في الفرق الجماعية في السلم والحرب؛ فيتعاهد القائد الأدوات، ويمنع من لا يصلح لمشروعه، ويبعد المخذل والمرجف الذي يوهن العزم ويفت العضد، ومكاتب الأخبار هنا تصلح وصفًا لبعض من يكون ثرثارًا لا يحسن إمساك لسانه في المجالس بأخبار الخطط، فيضرّ بجهالته أو عمالته، وأما الرامي بيننا بالفتن فيكمن فيمن لا يحسن العيش دون قيل وقال وتسلق وضرب أجنحة.
"وعليه عند المسير: تعاهد الرجال والخيل، ومنع من لا يصلح للحرب، ومخذل ومرجف، ومكاتب بأخبارنا ومعروف بنفاق، ورام بيننا بفتن"
بداية العابد ص٨٢
وهذه العبارة تصلح لأن تكون دستورًا في اختيار العاملين في الفرق الجماعية في السلم والحرب؛ فيتعاهد القائد الأدوات، ويمنع من لا يصلح لمشروعه، ويبعد المخذل والمرجف الذي يوهن العزم ويفت العضد، ومكاتب الأخبار هنا تصلح وصفًا لبعض من يكون ثرثارًا لا يحسن إمساك لسانه في المجالس بأخبار الخطط، فيضرّ بجهالته أو عمالته، وأما الرامي بيننا بالفتن فيكمن فيمن لا يحسن العيش دون قيل وقال وتسلق وضرب أجنحة.
17.04.202503:41
من مشجيات الروح قراءة سير العلماء البائسين، وإني لأغضّ طرفي عنها، ولكنها تقع لي في كل طريق أمرّ به.
من هؤلاء الشيخ العالم: أحمد بن عبدالخالق الحفظي [ت: ١٣١٧هـ].
قيل عنه في الوسام السلطاني:
"قاضي قضاة المسلمين، والمختص بأمورهم، والمشهود له بين العلماء بالعلم، والفضيلة، والتورع والإيمان"
وقالوا: "من أعلم علماء زمانه، كان مفتيًا لعسير"
وقالوا: "عالم زمانه، وقدوة المقتدين، ذكي ورع ظلمه زمانه ومكانه"
عالمٌ بحقّ؛ درس الكتب الستة، والمستدرك، والدر المنثور، وتفسير البغوي، ومنهاج النووي، والإرشاد، والقطر والملحة وغيرها.
أُسر على يد الدولة العثمانية، وكان ينظم الشعر أحيانًا بصورة تخرجه عن المعهود من شعر الفقهاء، وهو الذي يقول حين اشتاق لأبها من منفاه باسطنبول:
"أمِن ذكر دارٍ بين تهلل والسحَر"
وتهلل جبل معروف، والسحر موضع في قرار الجبل.
وما أشجاني في سيرته مثل لما فُكّ أسره، وعاد لمربعه، وظنّ أن الأمور استقرت، لكن المكائد بحقه لم تتوقف، حتى ألقوا القبض على ولده عبدالقادر، ونفوه إلى اسطنبول على مرأى منه، وتبعه إلى الميناء الذي سيق منه إلى تركيا، ولما عاد لمنزله، وقد خلا من ولده، وفرغ من فلذة كبده، قال أبياتًا منها:
أيها البيت الذي فيه الخلا لا تظنّ الطبع قد مال إلى
زينة الدنيا ولا أغراضها لو ترى قلبي فلا حول ولا
ذهب الأُنس وولى عجِلا معْ أنيسٍ من ديار رحلا
رحَلت راحة قلبي بعده وغدا العيش كما خُشْب الفلا
أنا عودٌ كنت أرعى غرسها فغدا فيها صحيحًا مرسلا
لستُ مجذوذًا ومقطوعًا ولا أنا مسقوم أعلّ العللا
بل جذيل الحكّ عند الابتلا وعذيق النخل وقت الاختلا
لم أخلّف لعيالي عللًا أو مقامًا فاضحًا أو فشلا
إنما خلّفت علمًا نافعًا قد حوته كتُبٌ تملا الفلا
وله تفسير حسنٌ أتمّ فيه تبيان كتاب الله اسمه (فتح المنان)، وقفتُ على ثلثه بخطه، وحزته بفضل الله، وإني لأرجو الله أن يفتح لي في تحصيل بقيته، لأخدمه وأنشره لأول مرة مطبوعًا بعد نحو قرن ونصف من وفاته.
من هؤلاء الشيخ العالم: أحمد بن عبدالخالق الحفظي [ت: ١٣١٧هـ].
قيل عنه في الوسام السلطاني:
"قاضي قضاة المسلمين، والمختص بأمورهم، والمشهود له بين العلماء بالعلم، والفضيلة، والتورع والإيمان"
وقالوا: "من أعلم علماء زمانه، كان مفتيًا لعسير"
وقالوا: "عالم زمانه، وقدوة المقتدين، ذكي ورع ظلمه زمانه ومكانه"
عالمٌ بحقّ؛ درس الكتب الستة، والمستدرك، والدر المنثور، وتفسير البغوي، ومنهاج النووي، والإرشاد، والقطر والملحة وغيرها.
أُسر على يد الدولة العثمانية، وكان ينظم الشعر أحيانًا بصورة تخرجه عن المعهود من شعر الفقهاء، وهو الذي يقول حين اشتاق لأبها من منفاه باسطنبول:
"أمِن ذكر دارٍ بين تهلل والسحَر"
وتهلل جبل معروف، والسحر موضع في قرار الجبل.
وما أشجاني في سيرته مثل لما فُكّ أسره، وعاد لمربعه، وظنّ أن الأمور استقرت، لكن المكائد بحقه لم تتوقف، حتى ألقوا القبض على ولده عبدالقادر، ونفوه إلى اسطنبول على مرأى منه، وتبعه إلى الميناء الذي سيق منه إلى تركيا، ولما عاد لمنزله، وقد خلا من ولده، وفرغ من فلذة كبده، قال أبياتًا منها:
أيها البيت الذي فيه الخلا لا تظنّ الطبع قد مال إلى
زينة الدنيا ولا أغراضها لو ترى قلبي فلا حول ولا
ذهب الأُنس وولى عجِلا معْ أنيسٍ من ديار رحلا
رحَلت راحة قلبي بعده وغدا العيش كما خُشْب الفلا
أنا عودٌ كنت أرعى غرسها فغدا فيها صحيحًا مرسلا
لستُ مجذوذًا ومقطوعًا ولا أنا مسقوم أعلّ العللا
بل جذيل الحكّ عند الابتلا وعذيق النخل وقت الاختلا
لم أخلّف لعيالي عللًا أو مقامًا فاضحًا أو فشلا
إنما خلّفت علمًا نافعًا قد حوته كتُبٌ تملا الفلا
وله تفسير حسنٌ أتمّ فيه تبيان كتاب الله اسمه (فتح المنان)، وقفتُ على ثلثه بخطه، وحزته بفضل الله، وإني لأرجو الله أن يفتح لي في تحصيل بقيته، لأخدمه وأنشره لأول مرة مطبوعًا بعد نحو قرن ونصف من وفاته.
22.04.202504:34
"أقول: أشعر أن تشحيذ الخاطر مستحب. أقول بل فرض كفاية والله أعلم، لأن الخاطر آلة الدين كما صرح به، ولأن الأحمق يفسد الدين، فيستحب أو يفرض كفاية قراءة بعض النسخ الدقيقة [من العلوم الشرعية] أو الآلية على وجه يحصل به تشحيذ الخاطر على عالم مدقق يخوض في الدقائق، وهو أعز من الكبريت الأحمر"
ترتيب العلوم ساجقلي زاده ص١١٤-١١٥.
ترتيب العلوم ساجقلي زاده ص١١٤-١١٥.
21.04.202503:50
ما رأيت عابدًا عليه مخايل الصدق إلا وفيه حدّة تعتريه أحيانًا، يقهرها بالتحلم، ويهذبها بذكر الأوامر والنواهي.
ذلك أنّ التعبد قائم على ساق التعظبم للرب، ومن لوازمه أن يستعظم ما يوهن هذا الإجلال، فتحتدّ نفسه ويغضب.
ثمّ إن العبّاد يغلبون في الرخاء مقام الخوف، والخائف قلق على مسيره ومصيره، حاضر الإحساس بعظمة المناهي، فيدفع ما قد يقطع طريقه إلى الله ولو بالقوة؛ فهو يعرف قدر الهداية، وأثر الصوارف، وصعوبة العود للصفاء الأول سريعًا.
وعلّة ثالثة؛ وهي أن أحوال الناس مختلفة متغيرة فمنهم الطائع والعاصي، ومن العاصين الغافل المقر والجاحد المعاند، ومقتضى العقل ألا يكونوا بحال واحد لمن له أحوال متعددة، فالملاينة المفرطة لكل أحد إنكار للتفاوت، والله يحب الولاء والبراء كلًا وجزءًا.
وعلة رابعة لهذه الحدة؛ وهي أن من أوجه الصدق مطابقة القلب للسان، فمن كان قلبه يغلي مسّك من حرّه ولو برّد كلماته بالتلطف.
وغير خافٍ أن الرفق، وحسن الخلق، لا تعني السيولة الأخلاقية، بل إن من الرفق أن يحتدّ من يحبك ليعيدك عن غيك، ومن عرف الناس وعالج أحوالهم كانت خشيته ممن لا لون له ولو وافقك أكثر من الصادق الذي يقول "لا" في موضعها وإن علا صوته.
ذلك أنّ التعبد قائم على ساق التعظبم للرب، ومن لوازمه أن يستعظم ما يوهن هذا الإجلال، فتحتدّ نفسه ويغضب.
ثمّ إن العبّاد يغلبون في الرخاء مقام الخوف، والخائف قلق على مسيره ومصيره، حاضر الإحساس بعظمة المناهي، فيدفع ما قد يقطع طريقه إلى الله ولو بالقوة؛ فهو يعرف قدر الهداية، وأثر الصوارف، وصعوبة العود للصفاء الأول سريعًا.
وعلّة ثالثة؛ وهي أن أحوال الناس مختلفة متغيرة فمنهم الطائع والعاصي، ومن العاصين الغافل المقر والجاحد المعاند، ومقتضى العقل ألا يكونوا بحال واحد لمن له أحوال متعددة، فالملاينة المفرطة لكل أحد إنكار للتفاوت، والله يحب الولاء والبراء كلًا وجزءًا.
وعلة رابعة لهذه الحدة؛ وهي أن من أوجه الصدق مطابقة القلب للسان، فمن كان قلبه يغلي مسّك من حرّه ولو برّد كلماته بالتلطف.
وغير خافٍ أن الرفق، وحسن الخلق، لا تعني السيولة الأخلاقية، بل إن من الرفق أن يحتدّ من يحبك ليعيدك عن غيك، ومن عرف الناس وعالج أحوالهم كانت خشيته ممن لا لون له ولو وافقك أكثر من الصادق الذي يقول "لا" في موضعها وإن علا صوته.
20.04.202517:52
"قال أحمد لمن حوله: اعلموا رحمكم الله، أن الرجل من أهل العلم إذا منحه الله شيئًا من العلم وحرمه قرناؤه وأشكاله حسدوه فرموه بما ليس فيه. وبئست الخصلة في أهل العلم"
مناقب الشافعي للبيهقي (٢/ ٢٥٩)
مناقب الشافعي للبيهقي (٢/ ٢٥٩)
19.04.202518:23
طبقات المتصلين بالعلوم الشرعيّة من الأدنى للأشرف:
الطبقة العاشرة: طبقة من يستخدم العلم لأهواء شخصية من مكاسب جماهيرية أو سلطانية، أولئك سفلة الخلق، وسُرّاق الحق.
الطبقة التاسعة: من يوظّف المفاهيم الشرعية لخدمة فكرة سائدة، فيلوي النصوص لتوافق ثقافة معاصرة، فالفأل الشرعي صار فجأة أساس علم الطاقة الخرافي.
الطبقة الثامنة: من يعلّق الناس بالروحانيات من رؤى ورقى دون أن تكتمل أهليته الفقهية اللازمة لمقامه، وبتوسع مذموم في هذا الجانب، وتجده يجعل الخوارق -وبعضها حق- أصلًا وما عداها تبع، ويندرج فيهم من يكرر مصطلحات التصوف والكرامات بجهل ودون تحقق صادق.
الطبقة السابعة: من وظيفته التهوين من رسوم العلم الشرعي وتفاصيله، فتجده يستر عجزه عن فهم الفقه بقوله: يكفي من العلم كذا، وما سواه فضول.
الطبقة السادسة: المبالغون، الذين جعلوا العلم حالة دوبامينية من التحشيد، فغابت السكينة، وصار الطلاب يملّون سريعًا؛ فهم يترقبون جرعة جديدة من الخطابيات، ولا قدرة لهم على الفهم الهادئ.
الطبقة الخامسة: طبقة الملاكم العلمي، الذي أفنى عمره في التعليق الفوري على كل حدث، ويصدر آراءه بأنها الموقف الشرعي من أخبار الساعة، وكلما هدأت الحلَبة أعلن: الرد على فلان.
الطبقة الرابعة: الذين اكتفوا بالبينيات، فحظّه من العلم البحث عن ما بين العلوم من تاريخه ومقدماته وعلائقه بالعلوم الأخرى، وهو مسلك حسن نافع ما لم يكن الإنسان محصورًا فيه مع قدرته على غيره، أو يجاوزه للخوض فيما لا يُحسن، هذه الطبقة المثقفة تحب الحديث عن "مقاربة معرفية وحفريات إبستمولوجية" خشية أن يوصموا بالتراثية الكخة.
الطبقة الثالثة: القشريون؛ وهم قومٌ ألهاهم تقويم الطبعات عن صُلب مافي الكتب من العلم، وهؤلاء كالنساخ في القديم، لهم نفعهم، ولا أحب لمن له حظ من فهمٍ وهمة الاكتفاء بهذا الطريق، فإن اختاره فعليه ألا يجاوز قدره بالخوض في العلوم، ويدخل فيهم من يتحدث عن العلم أكثر من حديثه في العلم.
الطبقة الثانية: من استغرق في المفضول مع قدرته على الفاضل، وتعلق بالمرذول بعد أن عسر عليه شريف العلم؛ كمن أحرق زهرة شبابه في تتبع اختلافات المناهج المعاصرة، ومافي هذا السبيل من غيبة مشرعنة، حتى صرت أتحسس مسدسي من كل سؤال يبدأ بـ: أحسن الله إليكم، لأن ما بعده: ما رأيكم بفلان؟ والجماعة الفلانية؟ وفلان قال كذا كيف نرد عليه؟
وكل هذا يسرق من عمره وهو يتابع هنا وهناك، ويظن أن هذا مقام "الوعي"، وأن من سواه درويش.
ومن خالط هذا الصنف علم أن عنده من الأمراض وحب التفاضح والكذب وتتبع العورات ما لا يقبله سويّ الديانة والعقل والمروءة.
الطبقة الأولى: من عمر أيامه بعلوم الوحي حفظًا وتفهمًا ومذاكرة ومفاتشة وتحليلًا وبحثًا وتصنيفًا وتدريسًا، واستعان على ذلك بأدوات المعرفة من علوم آلية بحسب وسعه، وحفّ ذلك بأسوار من التأله وتعظيم مقام الله في القلب ومكابدة التعبد في كل حين.
نسأل الله من فضله.
الطبقة العاشرة: طبقة من يستخدم العلم لأهواء شخصية من مكاسب جماهيرية أو سلطانية، أولئك سفلة الخلق، وسُرّاق الحق.
الطبقة التاسعة: من يوظّف المفاهيم الشرعية لخدمة فكرة سائدة، فيلوي النصوص لتوافق ثقافة معاصرة، فالفأل الشرعي صار فجأة أساس علم الطاقة الخرافي.
الطبقة الثامنة: من يعلّق الناس بالروحانيات من رؤى ورقى دون أن تكتمل أهليته الفقهية اللازمة لمقامه، وبتوسع مذموم في هذا الجانب، وتجده يجعل الخوارق -وبعضها حق- أصلًا وما عداها تبع، ويندرج فيهم من يكرر مصطلحات التصوف والكرامات بجهل ودون تحقق صادق.
الطبقة السابعة: من وظيفته التهوين من رسوم العلم الشرعي وتفاصيله، فتجده يستر عجزه عن فهم الفقه بقوله: يكفي من العلم كذا، وما سواه فضول.
الطبقة السادسة: المبالغون، الذين جعلوا العلم حالة دوبامينية من التحشيد، فغابت السكينة، وصار الطلاب يملّون سريعًا؛ فهم يترقبون جرعة جديدة من الخطابيات، ولا قدرة لهم على الفهم الهادئ.
الطبقة الخامسة: طبقة الملاكم العلمي، الذي أفنى عمره في التعليق الفوري على كل حدث، ويصدر آراءه بأنها الموقف الشرعي من أخبار الساعة، وكلما هدأت الحلَبة أعلن: الرد على فلان.
الطبقة الرابعة: الذين اكتفوا بالبينيات، فحظّه من العلم البحث عن ما بين العلوم من تاريخه ومقدماته وعلائقه بالعلوم الأخرى، وهو مسلك حسن نافع ما لم يكن الإنسان محصورًا فيه مع قدرته على غيره، أو يجاوزه للخوض فيما لا يُحسن، هذه الطبقة المثقفة تحب الحديث عن "مقاربة معرفية وحفريات إبستمولوجية" خشية أن يوصموا بالتراثية الكخة.
الطبقة الثالثة: القشريون؛ وهم قومٌ ألهاهم تقويم الطبعات عن صُلب مافي الكتب من العلم، وهؤلاء كالنساخ في القديم، لهم نفعهم، ولا أحب لمن له حظ من فهمٍ وهمة الاكتفاء بهذا الطريق، فإن اختاره فعليه ألا يجاوز قدره بالخوض في العلوم، ويدخل فيهم من يتحدث عن العلم أكثر من حديثه في العلم.
الطبقة الثانية: من استغرق في المفضول مع قدرته على الفاضل، وتعلق بالمرذول بعد أن عسر عليه شريف العلم؛ كمن أحرق زهرة شبابه في تتبع اختلافات المناهج المعاصرة، ومافي هذا السبيل من غيبة مشرعنة، حتى صرت أتحسس مسدسي من كل سؤال يبدأ بـ: أحسن الله إليكم، لأن ما بعده: ما رأيكم بفلان؟ والجماعة الفلانية؟ وفلان قال كذا كيف نرد عليه؟
وكل هذا يسرق من عمره وهو يتابع هنا وهناك، ويظن أن هذا مقام "الوعي"، وأن من سواه درويش.
ومن خالط هذا الصنف علم أن عنده من الأمراض وحب التفاضح والكذب وتتبع العورات ما لا يقبله سويّ الديانة والعقل والمروءة.
الطبقة الأولى: من عمر أيامه بعلوم الوحي حفظًا وتفهمًا ومذاكرة ومفاتشة وتحليلًا وبحثًا وتصنيفًا وتدريسًا، واستعان على ذلك بأدوات المعرفة من علوم آلية بحسب وسعه، وحفّ ذلك بأسوار من التأله وتعظيم مقام الله في القلب ومكابدة التعبد في كل حين.
نسأل الله من فضله.
18.04.202512:54
ما لا تدركه بالذكاء والنباهة سريعًا تحصّله بالاجتهاد والجلَد ولو بعد حين، جاء في ترجمة العالم شمس الدين أحمد الشهير بقراجه أحمد (ت: ٨٥٤هـ):
"وكان رحمه الله صارفًا جميع أوقاته في الاشتغال بالعلم، وكان كثير الاشتغال قليل التحصيل لثقل فهمه، ومع هذا فقد وصل بشدة اجتهاده إلى المراتب العالية من العلم، وصنف حواشي على المختصرات، واستفاد منها كثير من الطلبة"
الشقائق النعمانية في علماء الدولة العثمانية لطاشكبري زاده (١/ ١٣٠)
"وكان رحمه الله صارفًا جميع أوقاته في الاشتغال بالعلم، وكان كثير الاشتغال قليل التحصيل لثقل فهمه، ومع هذا فقد وصل بشدة اجتهاده إلى المراتب العالية من العلم، وصنف حواشي على المختصرات، واستفاد منها كثير من الطلبة"
الشقائق النعمانية في علماء الدولة العثمانية لطاشكبري زاده (١/ ١٣٠)
17.04.202503:38
من طرق مذهبنا في الرواية طريق حنابلة دوما، وممن أتصل به: الشيخ عبدالقادر الحتاوي، الشهير عند آخرين بالشيخ عبدالقادر الداية.
توفي الشيخ قبل نحو نصف قرن، وقد عاش فقيرًا، وله في ذلك قصص مبكية؛ منها أنه كان يعمل جزارًا في مسلخ، فاستفتاه رجل ثري في فأرة سقطت في إناءٍ دبس، والشيخ حنبلي يفتي أن النجاسة إذا وقعت في مائع غير الماء تنجس مطلقًا، بلغ المائع قلتين أو قصر عنها، وهو قول الجمهور، فألقاه المستفتي في المزابل، ثم عاد ليسأل عن شيء نسيه فوجد الشيخ الحتاوي يلتقطه؛ قال: ألم تفتني بنجاسته! كيف تأخذه؟ قال: نعم، هو نجس، لكني لم أشبع منذ ثلاثة أيام، وهو لي بحكم الاضطرار.
ومن قصصه: أنه كان يضع خروق الجورب من الأسفل، ويفتي -على المذهب- أن من شروط الجورب تغطيته لعضو الوضوء بالعموم، وتكون الخروق في غير موضع المسح.
ومن قرأ الطبعات المتقنة القديمة للكافي والمقنع لن يتوقع أن مصححها هو العالم الحنبلي البائس: عبدالقادر الحَتاوي.
وله قصص بائسة متصلة بأسرته أتحفظ عن ذكرها؛ لأنها من قبيل الخصوصيات الاجتماعية.
يا لحقارة الدنيا، رحمه الله وعوّضه الجنّة.
توفي الشيخ قبل نحو نصف قرن، وقد عاش فقيرًا، وله في ذلك قصص مبكية؛ منها أنه كان يعمل جزارًا في مسلخ، فاستفتاه رجل ثري في فأرة سقطت في إناءٍ دبس، والشيخ حنبلي يفتي أن النجاسة إذا وقعت في مائع غير الماء تنجس مطلقًا، بلغ المائع قلتين أو قصر عنها، وهو قول الجمهور، فألقاه المستفتي في المزابل، ثم عاد ليسأل عن شيء نسيه فوجد الشيخ الحتاوي يلتقطه؛ قال: ألم تفتني بنجاسته! كيف تأخذه؟ قال: نعم، هو نجس، لكني لم أشبع منذ ثلاثة أيام، وهو لي بحكم الاضطرار.
ومن قصصه: أنه كان يضع خروق الجورب من الأسفل، ويفتي -على المذهب- أن من شروط الجورب تغطيته لعضو الوضوء بالعموم، وتكون الخروق في غير موضع المسح.
ومن قرأ الطبعات المتقنة القديمة للكافي والمقنع لن يتوقع أن مصححها هو العالم الحنبلي البائس: عبدالقادر الحَتاوي.
وله قصص بائسة متصلة بأسرته أتحفظ عن ذكرها؛ لأنها من قبيل الخصوصيات الاجتماعية.
يا لحقارة الدنيا، رحمه الله وعوّضه الجنّة.
显示 1 - 24 共 67
登录以解锁更多功能。