Мир сегодня с "Юрий Подоляка"
Мир сегодня с "Юрий Подоляка"
Труха⚡️Україна
Труха⚡️Україна
Николаевский Ванёк
Николаевский Ванёк
Мир сегодня с "Юрий Подоляка"
Мир сегодня с "Юрий Подоляка"
Труха⚡️Україна
Труха⚡️Україна
Николаевский Ванёк
Николаевский Ванёк
باسم بشينية avatar
باسم بشينية
باسم بشينية avatar
باسم بشينية
30.03.202521:03
عيدكم مبارك 🌹
18.03.202504:59
ألم يكن المنطق الجاري:

"الأرقام لا تهم! لغة الأرقام لغة مادية صرفة!"
07.03.202521:56
الجنسانية العقائدية في المخيال الشيعي.

لو قرَّر ميشيل فوكو البحث في تاريخ الجنسانيَّة في عالمنا العربي، لناب عنه الشيع دون حاجة لحفريات معرفيَّة، تلك الفئة المهووسة بما بين أفخاذ الرجال لطالما جسَّدت بورنوغرافيا عقائدية، بل إن الهوس باختلاق التاريخ الجنسي لديها يتجاوز المؤدى البيولوجي، حتى إنَّه ليُنظَر إليه كفلسفة نقديَّة، يقف فيها الخصاء، والفحولة، وخيانة الفرش، وقصص يا لكثرتها حول ماء رجال، وطمث نساء، مقام القياس والبرهان في النقد السياسي، إنها حيلة من عجز رأيه عند التقابل فعوَّض هزائمه السِّياسيَّة باختلاق هزائم جنسيَّة.

أدبيَّات الشيع مليئة بالثرثرة الجنسيَّة، بصفتها نهجًا إيمانيًا لا بصفتها ترفًا، بل إنها أساسٌ معرفي في الكتابة التاريخية، فالوصمة الجنسيَّة حاضرة دومًا على كل خصم أضرَّ بالقوم، فلم يكن كافيًا أن تقتصر العداوة مع عمرو بن العاص على الشق السياسي، بل يبحر الهوس إلى مناطق تكشف عمق التمريض النسائي لدى المعممين!

تأتي روايات الشيع أن عمرو قد كشف سوأته أمام علي عند المعركة خلال صفِّين، مع أن عمرو قد ابتدأ قبل معركة كهذه حروبًا خاضتها جيوش أباطرة ضدَّه، وقد ابتدأ فيها فتح مصر، وفلسطين، وطرابلس، وتأمين غرب الشام، وفتح برقة، وخاض حروبًا ضدَّ الروم، والبربر، والقبط، ولم يؤثَر عنه غير النَّصر، ولا تكاد تجد في حوليَّة قبطية، أو رومانيَّة مثل هذا عنه مع أنَّه أسقط ممالكهم، فما أن يتفوَّق سياسيًا حتى تضحى سوأته ملاذًا!

ثم هل يكفي ذلك؟ كلا، لا بد أن يجري تشويه عمرو بن العاص بأثر رجعي بإعادته إلى بطن أمه، ثم دفعه إلى رحم التاريخ كمنتج لعلاقة غير شرعية بين ست رجال على امرأة واحدة، وهكذا يعيد الشيع تكوين عمرو بن العاص وراثيًا بعد أن خلع عليًا في التحكيم، وقد أثر عند الشيع أن من لم يكن من شيعتنا فهو ابن زنا، فتتقدم الميثيولوجيا الإيروسيَّة لتعمَّ الجميع، ألم يكن عمرو مع معاوية؟

تختلق نفس الفئة أن معاوية قد كان مختلفًا في نسبه، فعمر هو من ولَّاه على الشام، وهكذا يضحى معاوية في المتداول الشيعي ابنًا غير شرعي لعمر، بأثر رجعي أيضا، ثم عمر نفسه، تختلق نفس الميثيولوجيا الجنسية قصصًا حوله، بأنَّه كان يتداوى بماء الرجال، فهو من أخذ البيعة لأبي بكر، ثم ألم يخلف معاوية ابنه يزيد، وهو الذي تسبب بمقتل الحسين، تستمر الذهنية الجنسية على نفس الخط، واصفةً يزيد بأنه ابنٌ غير شرعي لعبد حبشي نام على فراش معاوية في غيابه، وينشطر الوعي الجنسي ليعمَّ الجميع، خالد بن الوليد، وأبي بكر، وعثمان، والحجاج، والوليد بن يزيد، وعبد الملك بن مروان، وغيرهم.

وهكذا فإن فالهزائم العسكريَّة لا يمكن أن تفسَّر إلا بجينات غير شرعيَّة، فالحنكة في العمل السياسي في الدرس الشيعي لا تتأتى إلا من رحم نجس، مع أنَّ الكاظمية -ولكُثرٍ ممن تسموا بها من شرفها المتَّسخ نصيب- لم يتفرَّخ عن بيوت متعتها سياسيٌّ واحد، ولكنَّ حسم الجدال باغتيال سمعة الخصوم قياس من الشخوص على أنفسهم.

وبهذا يعاد إنتاج السلالات حسب نتائج المعارك، فالأنساب يعاد توليدها مقاسًا على الهزائم، فكل من ألحق نكايةً فقد جاء سفاحًا، ومن خاصم فكسب الخصومة سحب من قدمه إلى سجل اللقطاء، وحالة الهوس بالجنسانيَّات تتعدى الرجال الذين انتصروا في ميادين المعارك، فبنوا الدول وشيَّدوا الفتوح، حتى يصل الاختلاق إلى عرض النبي صلى الله عليه وسلم فنسجت الخيالات الجنسية حول زوجه عائشة، ولم يكتفَ بهذا حتى صار التدفق الهرموني لدى الكليني والمجلسي بالغًا الجنون، حتى وضعوا في كتبهم ما يستحى من نقله مما اختلقوه حول أفعال جنسانية مع الحسين، وفاطمة.

الصورة المرفقة لميشيل فوكو، ١٩٧٨م.
حيث كان في الصفوف الأمامية في مظاهرة ضد شاه إيران خلال الثورة الإيرانية.
27.02.202514:12
خلال الاتحاد السوفييتي، لم يكن مرحبًا بأي شعائر تتعارض مع حتميات الاقتصاد الاشتراكي المخطط، وهكذا أعادت القيادة في الحزب الشيوعي النظر في عيد الأضحى داخل الجمهوريات ذات الأقلية المسلمة، بنفس تلك الطريقة التي تعاملت بها بعض الدول التي تدّعي انتسابها للمشروع الإسلامي، ولكن بمنهجية أكثر براغماتية.

فالعيد بحسب الرؤية الماركسية ليس سوى ممارسة برجوازية متخلفة تلحق ضررًا بالمقدرات الوطنية، وتهدر موارد الدولة التي يجب توظيفها في بناء الطلائع الاشتراكية، لا في إشباع شعائر كانت تعتبر لدى السوفييت أحد الأدوات التي تعطل عجلة الإنتاج.

وقد كان يروي أحد مؤرخي الحزب الشيوعي تصور الحزب لما كان يحدث بمنتهى الدقة:

"دمروا الممتلكات الوطنية، وأبادوا الماشية، في قراشاي، كان ٤٤ في المائة من إجمالي الثروة الحيوانية في أيدي القوقاز، وفي عام ١٩٣٠ انخفضت هنا بنسبة ٢١ في المائة، وعلى مدى ثلاثة أسابيع، قامت عشرون مزرعة بذ/بح ٣٢٠ رأسًا من الماشية ١٢٦٠ رأسًا من الأغنام. تم ذبح ماشية بقيمة ٢٩٢٥٠٠ روبل في ٧ مناطق وطنية في شمال القوقاز، وكان من الممكن باستخدام هذه الأموال شراء ١٩٦٢ جرارًا".

(أسئلة قيادة الحزب بشأن القضاء على التفاوت القومي بين شعوب، ١٩١٧- ١٩٤٥، تشيركيسك، الاتحاد السوفييتي، ص٨٥)

وبحكم منطق الاقتصاد المركزي الذي لا يترك للمجتمع هامشًا مما كان يعبر عنه الماركسيون بالفوضى المالية، كان لا بد من التدخل لإيقاف ما اعتبر نزيفًا الاقتصاديًا، وكما لا يحق للعامل أن يبدِّد فائض القيمة الذي يخلقه، فلا يحق للفلاح أن يذبح ماشيته بما لا يخدم توجهات الاشتراكية العلمية، بينما يمكن لهذه الموارد أن تستغل في تصنيع الجرارات وإقامة مزارع نموذجية تخدم المشروع التقدمي.

ولسخرية المفارقة تجد ما كان يومًا محل تنديد من قبل البعض، بات اليوم يمرَّر الدفاع عنه، وهو نفس الخطاب الاقتصادي، ولكن هذه المرة بشعارات إسلامية تغلِّف نفس الفكرة السوفييتية القديمة: لا حق للفرد في تقرير مصير موارده، فالدولة وحدها هي صاحبة القرار، سواء حملت المطرقة والمنجل أم رفعت شعارًا الإمامة العظمى.
18.02.202511:20
في كتاب بعنوان (التصوف) ليوسف زيدان ينقل عن شيخ الطريقة العزمية نقطة لافتة في تعبيره عن رؤيته الرافضة لأي ارتباط بالسياسة قائلا "وكان السيد أحمد ماضي يكره العمل السياسي، وكان يؤكد أن كرسي الحكم لو كان محل نظر الله تعالى، لأجلس عليه الإمام الحسين بن علي، ومنع عنه يزيد بن معاوية الفاسق، وكان يردِّد دوما: السياسة نجاسة، وهي العبارة التي اشتهرت على ألسنة العزمية بعد ذلك" [١]

هذا الحال يشرح وضع الخطاب المزدوج، حين يجري اتخاذ الزهد السياسي مبدأ مقدسًا لا بدافع حكمة سياسية، بل ضمن استدلال جبري يسخِّر الدين لإعادة إنتاج الحياد تجاه الحياة العامة باعتباره فضيلة، متخذًا مواقف أكثر قطعية بناء على أحداث تاريخية، بشكل جبري، مع أن الحسين نفسه مارس السياسة لآخر يوم في حياته، وفي حين لم تنجح ثورته، تحول ذلك إلى آلية لتحويل الهزيمة إلى لحظة مجمدة لتضحى قدرًا إلهيًا على كل مسلم.

بل إن صيغة الاحتجاج والتي تبدو فاضحة، هي في الحقيقة وجه مغاير للغة التنفير عن النقاش السياسي، ذلك الذي تجده متفشيًا في أوساط اشتهرت بنقد (التصوف) لكن صاغت مواقفها من العالم بتبني خطاب العزلة والزهد السياسيين، وهي اللغة التي تراكمت على مر السنين فوجدت في مختلف الأوساط حضورًا، كالتي تدار في بعضها تحت عبارة (من السياسة ترك السياسة).

[١] التصوف، يوسف زيدان، ص٧٦.
24.03.202500:36
لقد كان فيلسوفًا هشًا! بتعبير البعض.

كثير ممن يحسب على التنظير في العالم العربي عندما يتعرف على تراجعات فوكوياما خلال ١٠ سنوات، ينتابه شعور بالعزة لما هو عليه مما يسميه ثباتًا، بل قد يعتبر تلك التراجعات من قبيل الهشاشة المعرفية.

يتناسى كثيرون مدى مساهمة فوكوياما فيما يعيشه العالم اليوم رغم التراجعات، فبين كتابه نهاية التاريخ ١٩٩٤ وكتاب بناء الدولة ٢٠٠٤ عشر سنين، وبين الأخير وبين كتاب الهوية ٢٠١٨ ما يقارب ١٤ سنة، وهي فترات قصيرة راجع خلالها في كل كتاب متأخر ما طرحه في كتبه المتقدمة، ولكن!

تراجعات فوكوياما لا تعني فشل أطروحاته أو هشاشتها، بقدر ما تعني عدم تحقيق السياسات المبنية على أفكاره الجدوى الكاملة، ومع ذلك بعد ١٩٩٠ توسعت بشكل كبير مشاريع بناء الديمقراطيات، لدرجة أن أكثر الدول التي تراها شمولية مثل كوريا الشمالية تنتسب للديمقراطية، وبات التغير نحو التعامل مع الصراعات السياسية متجهًا إلى وصفها بالخلافات الإدارية والاقتصادية، لا صراعات قيم، أي أن الصراع الأيديولوجي تراجع إلى حد ما بعد (نهاية التاريخ ١٩٩٤) وهذا ما ساهم في توسع السياسات التقنية على حساب الصراعات الأيديولوجية، وأدرك هذا ألكسندر دوغين، وعبر عن جوهر الصراعات ما بعد الحرب الباردة بأنها تجاوزت مركزية الأيديولوجيات كما في كتابه (النظرية الرابعة ٢٠٠٩).

وفيما يتعلق بأثره على عالمنا العربي، فمن السياسات التي أسهم فوكوياما في تطويرها، سياسة التمويل المشروط من البنك الدولي لعديد من من منظمات المجتمع الدولي، فمنذ ١٩٩٤ غيرت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية سياستها، وبات دعم الديمقراطيات متجها نحو المجتمع المدني بدل الأحزاب السياسية، ضمن إطار دعم الفاعلين غير الحكوميين، وجرى بين سنتي ١٩٩٤ و٢٠١٠ تخصيص أكثر من ٨ مليار دولار لدعم المنظمات المدنية والحقوقية في دول كثيرة!

في تونس جرى دعم ما يزيد ١٣٠ منظمة خلال عشر سنوات، بناء على نفس الأفكار، وكانت الأهداف المباشرة تقوية كل من حرية التعبير وحماية الأقليات الدينية والعرقية والجندرية وتمكين المرأة إضافة إلى مكافحة خطاب الكراهية والتطرف ونحو ذلك، ما تنمذج في تكوين اتجاه عام يتعرض بالنقد لقوانين الميراث وفق ما سمي بمساواة النوع، وتجريم الزواج المبكر، ودعم المثلية، وتوجت هذه الجلبة بنزع عبارة (الإسلام دين الدولة) من الدستور التونسي كما جرى مؤخرًا.

وهذا جزء من ترجمة أفكار فوكوياما كسياسات على أرض الواقع في أراضي عربية وإسلامية، فما لقيته أفكاره في الوسط الغربي يتجاوز ما سبق، وأفكار مثل التوجه نحو شرعية الأداء بدل الشرعية الثورية مثل تقييم الحكومات حسب قدرتها على تقديم الخدمات بدل النظر في شرعيتها الثورية والتاريخية، وذلك باعتماد مؤشرات ترد بشكل دوري في تقارير البنك الدولي ومنظمات عالمية متنوعة، فمثل هذا كان مبنيًا على جزء واسع أفكاره.

وكثير ممن يمكن أن يصفه بالهشاشة المعرفية أو النظرية، لا يرى مدى مساهمات أطروحاته لا في بناء الدول الغربية وحسب، بل في مدى تأثير السياسات التي ساهمت أفكاره في تطويرها حتى في عالمنا العربي، ومع ذلك تجد بين الكتاب والكتاب أقل من عشر سنين، ويتراجع عن أفكار، وينتقد أطروحات له سابقة، بكل روح مرنة.

وتجد عندنا من لا يزال يلوك نفس الشعارات السياسية التي خمرت كخواطر قبل قرن، إذا بلغه أن مفكرًا غربيًا راجع أطروحته، صك على شفتيه ضاحكا كأنما أمسك الغرب متلبسا بالجهل وهو يعيش آثار تلك الأفكار ويدافع عن بعضها أيضا ويدعو لها غير عارف بجذورها، يشعرك أن الفضيلة هي ألا يتراجع تيار عن فكرة قط، إلى أن يطل قرن ثان فيقع على وعيه استيعابها، ونحن في بيئة تقدس العناد وتفكر بمنطق حزبي لا بمنطق علمي، لذا تضحى المراجعات وصمة عار فيها.
20.03.202522:55
مسؤولية تنظيرك السياسي كما لم تكن لغة أطفال! [٢]

يمكن أن يكون فوكوياما قد تعرض بعد سقوط كل طرح يثبت عدم انتصار السياسة الغربية كما يلزم لسؤال (ما البديل؟) وفي أوساط تتقبل النقد يسهل تأطير البديل، بخلاف ما لو يقضي الرجل سنوات طوال في التأكيد على أن خطأ جسيمًا كان في الطرح السابق أو في السياسة السابقة، فالمسؤولية النظرية هي أولى القواعد التي يفترض أن يرتكز عليها المشاركون في التحليل السياسي.

وما دام التأكيد على وقوع خطأ، يتحول بشكل سريع إلى قناعة، يسهل التقدم نحو الخطوة التالية، بخلاف ما لو يتجاهل المخطئون خطأهم إذا ما ثبت، كإدِّعاء نصر يتكشَّف غلطه من بعد، فلا يقر من افترض انتصار نموذجه بالخطأ كي يقترب من البديل! بل يسعى جاهدًا لتأويل الوقائع لتتفق مع قناعاته، ولكن الواقع مع أنه مؤلم لصاحب الطموح قد يكون فضَّاحا، ومع هذا تحكم الصرامة النظرية بأن القناعة أجدر بها أن تتبع تغيرات الوقائع، لا أن تلوى الوقائع لتتفق والفرضيات المتسرعة!

وهكذا بعد التراجع عن كثير من أفكار (بناء الدولة 2004) بسبب فشل بعض التجارب التطبيقية التي حاولت بناء الدول على نفس الأسس التي ناقشها في الكتاب، جاء طرح فوكوياما الأحدث، وهو كتاب (الهوية 2018) وناقش فيه الهوية الإنسانيَّة، وكان الإشكال الأساسي فيه أن الأيديولوجيا ليست كافية، كما أن بناء دولة مؤسسات لم يعد كافيًا، بقدر ما يجب التطرق لمسألة الهوية الفردية والجماعية بشكل أكثر دقة حول أثرها على السياسة والاقتصاد والدولة.

وأضحى بنظره اهتمام النظام العالمي بهويات الأفراد العرقية أو الدينية وحتى الجنسية، حاجة ملحة لبناء نموذج نهاية التاريخ والذي كان قاصرًا مع أطروحة 1992، وهذا بعد صعود حركات اليمين المتطرف، والأيديولجيات الأقلياتية، إذ شكلت هاجسا باعتبارها قوى سياسية تطالب بالاعتراف الهوياتي، بغض النظر عن بنية وقوة المؤسسة ونموذج الحكم.

وبعد بداية العملية الروسية في أكرونيا سنة 2022، بدت أطروحة (الهوية 2018) والتي فرضت انتصار التناسق الديمقراطي الليبرالي عالميًا، هشةً إلى حد بعيد، فروسيا أنكرت الهوية الأوكرانية، وادعت أن أوكرانيا أو مناطق منها، تمثل جزءا من الهوية الروسية، ولم يكن طرح فوكوياما الذي ساهم في تطوير السياسة الأمريكية سليمًا، وأضحى التناقض بين دعوى الهوية الروسية للأمة الأوكرانية، والمطالبة باندماج الحكومة الأوكرانية مع الغرب مثارًا لاندلاع حرب جربت فيها شتى أنواع الأسلحة العالمية، وقاربت على استعمال السلاح النووي، وبهذا لم تكن أطروحة (الهوية 2018) معبرة عن خطوة نحو تكشيل نظام ديمقراطي أوسع ومتين، بقدر ما غذت الصراعات الهوياتية حربًا كادت أن تكون عالمية.

شارك بعض الأوراسيين يومها في السخرية من فوكوياما، وعلقوا بأن العملية الروسية هي "حرب فوكوياما مع نفسه، ومع نهاية التاريخ والهيمنة الأمريكية"، حتى سخر بعضهم بأن أفلاطون حرق قديمًا كتب ديموقريطس، وبوتين يحرق اليوم كتب فوكوياما، إشارة على تبخر نموذج النظام العالمي الأوحد والأخير.

ومع ذلك خرج فوكوياما بعد غياب طويل وعلَّق بأن أطروحاته السابقة قد انحسرت، وكاد يقارب على النداء بإعلان حرب نووية على روسيا، ثم كتب أن مشكلة الصين لا تزال قائمة! ولم يصدر له كتاب بعدها، واكتفى بتسجيل نقده على جل أطروحاته السابقة بعد تعين فشلها إلى أن يجهز له تصور أحدث.

ولا يزال فوكوياما إلى اليوم من نخب السياسة الأمريكية، ومع تراجع اهتمام الإدارة الأمريكية به، بعد التراجع النسبي لتأثيره مؤخرًا، لا تزال تعنى به المؤسسات البحثية الأمريكية والأوربية وحتى العربية، ولم ألتمس في دراسة عربية أو غربية حوله وصمة (فيلسوف التراجع) بقدر ما تعاملت معه الدراسات التحليلية على أنه أكثر مسؤولية وصرامة تجاه فرضياته السابقة.

وليس هنالك أي سجال حول تحديات الديمقراطية إلا وذكرت معطياته، ولم يكن ليصلنا أثره على حقوق الإنسان والهويات الجندرية، وتصاعد النزعات الأقلياتية، لو عمل في مجال التنظير كفارس تراند، مخافة أن ينحصر نفوذه على السياسة الأمريكية، بعد التراجع عن أطروحة نهاية التاريخ 1992، ولا حتى عن أطروحة بناء الدولة 2004.
09.03.202522:05
دمويَّة الحجاج وعلم الآثار أمام أحداث العصر الرقمي!

إنَّ ما نشهده من حين لحين من صناعة الأكاذيب وتوظيف الصورة الرقمية في بناء سرديَّات زائفة يعكس صنيعة التزييف التاريخي الذي طالما شكَّل معمار الذاكرة الجمعية، فالاستثمار في العواطف، وإضفاء طابع الوثوقيَّة على المزاعم عبر "شهادات عيان" موهومة، كلها أدوات لطالما ساهمت في صنع تاريخ بديل يستمد شرعيَّته من وهج الحدث لا من دقَّة الوقائع.

وكما انطلت حكايات المقابر الجماعية والمتاهات الدموية في عهد الحجاج، حيث لم يكن النقد التاريخي قادرًا على التصدِّي لها، فإنَّ عصر الصورة ورغم تقدُّم أدوات التحقق لم يخرج عن النسق ذاته، بل زاده التراكم الرقمي تواطؤًا مع المرويات الزائفة فتحوَّلت الأخبار إلى منتجات استهلاكية تعيش دورة حياة قصيرة لكن ذات أثر تراكمي طويل، وقد يعيش لقرون!

مع تزايد الأكاذيب حول هويات وصور بعض الضحايا الوهميين، لدرجة أن العشرات تطير الحسابات بصورهم، ثم يخرج الضحايا المزعومون في منشورات ساخرة يكتبون: رحمة الله علينا، فهم أحياء يرزقون! بل وصل الادعاء إلى جعل شخصيات شهيرة ومنهم رجل مشهور من أهل السنة يعيش في ألمانيا وقد صدَّق الناس أنه ضمن هؤلاء! ما يصور لك بدقة كيف سيجري التعاطي مع الموضوع بعد عشر قرون عندما تتحول هذه المنشورات إلى روايات لأشخاص شوام، بصفتهم "شهود عيان" على دمويَّة ما يحصل!

ذكرتني السخرية الحاصلة بقصة رويت عن الحجاج بن يوسف، عندما قيل أنه دخل مسجد زياد بن أبيه في البصرة، فقتل ما يزيد عن سبعين ألفًا! وانطلت الرواية قرونًا، وقد جاءت كالتالي: دخل الحجاج المسجد وكان معه ألفا جندي من أهل الشام، ووزَّعهم مئتين مئتين على كل باب على أن يقتلوا كل من خرج من المسجد، فقالت الروايات أنَّه قتل في يوم سبعين ألفا حتى سالت الدماء إلى الطرقات.

ومع هذا، جاء عدد من المؤرخين المحدثين وقدموا عملًا أحفوريًا، وتبيَّنت البعثة الأثريَّة العراقية المرسلة إلى البصرة سنة 1965 أن مساحة مسجد زياد بن أبيه حينها كانت 10736م مربع، فمثل هذه المساحة لا تتسع لأكثر من عشرين ألفًا باعتبار أن المتر المربع الواحد لا يتسع لأكثر من اثنين من المصلِّين [1]

ومع أنَّ مسألة كهذه كانت تظهر ساخرةً حينها، إلا أنَّ وجود رواية لبصريين وكوفيين، وشيعة، بصفتهم "شهود عيان" لم يمنع انطلاء الكذبة بعد قرون على دموية الحجاج، فهذا في حادثة واحدة لم يختلف الأمر عمَّا هو حاصل اليوم في عصر الصورة وسرعة انتشارها وسهولة التحقق من مصداقيتها، فكيف بعصور لم يكن فيها غير التدوين ناقلًا!

[1] العراق في عهد الحجاج بن يوسف الثقفي، عبد الواحد طه، الدار العربية للموسوعات، الطبعة الأولى، 2005، ص72/ 73
27.02.202514:12
20.03.202522:54
مسؤولية تنظيرك السياسي كما لم تكن لغة أطفال!

لطالما أثَّر فوكوياما في السياسة الأمريكية وهو من ابرز من ارتبط بشكل وثيق بالنظام الليبرالي الرأسمالي، وبعد انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفييتي ألَّف كتابًا بعنوان (نهاية التاريخ والإنسان الأخير 1992) واعتبر فيه انتصار أمريكا بصفتها الرجل الليبرالي الغربي على المنافسين دلالةً على نهاية التطور الأيديولوجي لصالحها، وأن الليبرالية الديمقراطية هي النموذج النهائي للحكومة البشرية، وأثر هذا الطرح في السياسة الأمريكية بشكل واضح.

ثم تطورت التحديات السياسية نتيجة لتصاعد أحداث عالميَّة عدة، وقد أورثت الحرب العالمية الثانية دولًا ضعيفة، وصعدت بشكل ما حركات شعبوية، تلتها نهضة سلطوية في كثير من دول العالم، وكان أبرز ما مثل تحديًا للسياسة الأمريكية صعود الحركات الإسلامية، والتي توجت بأحداث 11 سبتمبر، وصعود الصين كقوة عالمية في شقيها السياسي والاقتصادي كمنافس لذلك الرجل الغربي.

ثم مع إصابة أمراض مثل الإيدز لأكثر من 25 مليون إنسان، وصعود كارتلات تجارة المخدرات والتي بلغت مجدها مع كارتل ميديلين، وبعد إنهاء أمريكا لبابلو، صعد إل تشابو كواحد من أكبر ورثة ناركوس، وكان صعود كارتل سينالوا منعطفًا حرجًا لأمريكا بعد سيطرة ورثة إسكوبار على السوق الأمريكي والمكسيسي، واتساعهما، فلم تعد مشكلة الدول في المنافس الأيديولوجي وحسب!

اتضح لفوكوياما أن أحداثًا كهذه لم تكن لتبقي نظرية (نهاية التاريخ 1992) بنفس المصداقية، وتهافت ذلك التأطير النظري الذي كان تأكيدًا على صعود لا يقاوم للأنظمة الديموقراطية الغربية، وهي سخرية التاريخ على من حكموا بنهايته. تعرضت أطروحة فوكوياما للنقد، ولم يؤثَر أنه كتب (ينتظرون تضرر أمريكا كي يثبتوا وجهة نظرهم) بل مع تصاعد القوى غير الليبرالية، تراجع عما كتبه في 1992، وعوضا عن محاولة إعادة تأويل الوقائع لتتفق مع فرضيته الأولى، أصدر كتابه (بناء الدولة- النظام العالمي ومشكلة الحكم 2004) ولم يكن شاقًا إدراك الخطأ مع كل حدث يثبت فشل الفرضيات السابقة، لقد كان الأمر مرنًا!

طرح فوكوياما في (بناء الدولة 2004) نقدًا لفرضياته السابقة عن الانتصار الكاسح، وأعرب عن التراجع عن مسلَّماته التي كانت قبل، وبدأ يتحدث عن الهشاشة التي عمَّت الأنظمة الغربية وكيف أن الوصول إلى نموذج حكم، أو أيديولوجية نهائية، ليس كافيًا في بناء نظام دولي قوي، فتبني نظام ديمقراطي دون بناء مؤسسات قوية، قد يؤدي إلى انهيار وتفكك تلك الدول، أو ضعفها، وبذا، تراجع فوكوياما بشكل جذري عن قناعته الأولى بأن الليبرالية كنموذج حكم كافية لخلق أنظمة مستقرة.

فهل كان هذا كافيًا؟ كلا، فمع سوء الإدارة الأمركية بعد احتلال العراق، لم يكن بناء مؤسسات قانونية وإدارية محققًا لتلك النقلة نحو (بناء الدولة) مؤسساتيًا فتشكلت فجأة أزمة هوياتية مع صعود الأيديولجيات الإسلامية بشكل قوي، خصوصا بعد اتحاد كثير من الضباط البعثيين مع الحركات ذات الأيديولوجية الإسلامية المسلحة في العراق، فطرأت أزمة ثقافة بعد حل أزمة المؤسسات! ومع التماهي مع فكرة (الدولة القوية) صار الواقع يفرض أن بناء الدولة لن يتم إلا عبر إعطاء مساحة أكبر للهوية المحلية، وتراجعت أطروحة (بناء الدولة 2004) مثلما تراجعت سابقتها، وأدرك فليسوف البلاط الأمريكي هذا، فماذا كان؟
02.03.202515:39
تعليق حول مسلسل معاوية.

تابعت الحلقة الأولى من مسلسل معاوية، فأول ما يقال عن الجانب اللغوي أنَّه صوَّر عرب الجاهليَّة وبداية الإسلام وكأنَّهم في البلاغة دون عرب اليوم إذا ما تكلموا بالفصحى، ومن ذلك مشهد صوَّر حديثًا مختلقًا بين أبي سفيان وبين هند، بعد إسلام رملة وذهابها إلى الحبشة، حيث جاء فيه على لسان أبي سفيان "كيف استطاع محمَّد أن يتسلَّل إلى بيوتنا يا هند؟"

وهذا خطأ من وجوه، وحري بمن يكتب سيناريو لمسلسل يجسِّد مواضيع تاريخيَّة بهذه الضخامة، أن يكون مطَّلعا على أقل القليل مما يمثل بنيات لمثل هذه الأحداث، فدعوة النبي صلى الله عليه وسلم، لم تكن مبنيَّة على عمليات اختراق، بقدر ما كانت تنتهج العلنيَّة والصدام، ومن ثم فقد كان أجدر بالكاتب أن يضع بدل عبارة التسلل، عبارة أبلغ فمثل أبي سفيان يقول "كيف بلغ أمر محمَّد ديارنا" لا ما قيل!

وأبو سفيان كان من سادات قريش، وقد كان خطيبًا بليغًا، وتحدي العمل الدرامي هو ألَّا يطوِّع اللغة لخدمة التأثير العاطفي، بقدر ما يحاول تسليط الضوء على التأثيرات بتوظيف لغة تتناسب مع البيئة الزمنيَّة، وإلا فقدت الشخصيات التاريخيَّة قوتها، فالعبارة هنا كتبت بلغة حديثة، وهي التي تسقط مفاهيم أمنيَّة معاصرة على سياق تاريخي كلُّه أمثالٌ وبلاغة.

أما في الحوار الذي جرى بين أبي سفيان وتاجر في الشام، فقد جاء في المسلسل أن أبا سفيان قال "ولكنَّ أثمانها غالية" فردَّ التاجر "يرهقوننا بالضرائب، سأجعل لك أسعارًا خاصَّة" وهذا يشرح إلى أي مدى يستخفُّ الكاتب باللغة حدَّ الابتذال، فهو لا يراعي الأسلوب الشعري والبلاغي المفترض وقوعه بين تاجر وزبون في الجاهلية، بل يختار لغةً ميَّالة إلى الصيغة التجارية الحديثة.

ومع أن هذا المشهد أراد الإلماح إلى تأثير الضرائب على التجارة سلبًا، فقد كان يعكس واقعًا كان يفترض أن يصوَّر وفق ما عهد من العرب في الميل إلى انتقاء أبلغ الألفاظ في وصف القسوة والعبء من الطبقات الأعلى، وعليه، كان أولى بمشهد كهذا أن توظَّف فيه أمثال وحكم عربية، والكتب بها طافحة، لا أن يكون متسرعًا.

فعن استياء أبي سفيان من الأسعار كان أقرب إلى الواقعيَّة أن يقال "عزَّت أثمان سلعك أيها التاجر" فالثمن لا يتصف بالغلو، بل السلعة، وإنما يقال للثمن أنه باهض، فأن يقال "سعرها ناءٍ عن مقدرتنا" فيردَّ التاجر "ما تركت المكوس في سوقنا غير ما يفتكُّ بكلفة من بين أنياب الجباة، ولكن عندي لك ما لا يكون لغيرك" فهذا مما يجمع بين توصيف الواقع السياسي والاقتصادي والصراع الطبقي وعبء الضرائب، وبين لغة التفاوض لدى العرب، تلك التي تعتمد حسن المنطق، وضرب المثل.

أما على الجانب التاريخي فقد جاء في المسلسل أنه في حين سمع معاوية وهو صغير أن النبي صلى الله عليه وسلم قادم بجيشه قرَّر القتال ضدَّه، فقال له يزيد "أمجنون أنت حتى تذهب إلى القتال في معركة خصمك فيه محمد وعمر وحمزة وعلي؟" وهذا يقصد به معركة أحد، وهي حركة من المؤلف، تشرح أن معاوية منذ صغره كان يُخوَّف بعلي، بدليل أن يزيد كان ينهاه عن خوض حرب هو فيها، فمع أن هذا الحوار مختَلق بالكامل، إلا أن واقع ما حصل بين علي ومعاوية بعد مقتل عثمان، يجعل اختلاق أحداث كهذه أدلجة سخيفة.

حتى إن وضع معاوية على أنه طفل صغير لم يشب، يُخوَّف بعلي، يتجاوز ما ورد من روايات حول تواريخ ولادتهما، فمثلًا نجد الحسن البصري من يقول ولد علي قبل البعثة بخمسة عشر سنة، ومنهم من يقول قبل البعثة بعشر سنين، ومنهم من يقول بخمس، وفي الإصابة أن معاوية ولد قبل البعثة بثلاثة عشر سنة، فبينهما على إحتمالٍ سنتين، وعلى فرض تباعد السنوات بحسب اختلاف الروايات فليس بينهما سوى 6 سنوات كأقصى تقدير، ولكن الكاتب أراد استصغار معاوية كسياسي ومحارب على لسان أخيه منذ صغره.

ومن المشاهد المستفزة، أن يقول معاوية في آخر الحلقة، أن بني أميَّة كانوا دومًا يحكِّمون عقولهم، أي أنهم يسعون دائما لما فيه المصحلة، فلأيِّ شيء لا يدخلون في دين محمَّد وقد دخل فيه الجميع؟ فمثل هذا المشهد تلفيقي، وهو مختلق أيضا، ولكن الكاتب أراد أن يقول أن بني أميَّة هم آخر من أسلم من العرب، وإنما أسلموا (عقلًا) أي بدافع وجود مكان في التغير السِّياسي، ولم يكن إسلامهم (قلبًا) أي بدافع الإيمان، مع أن مسلمي بني أمية، كانوا قبل الفتح أكثر من مسلمي بني هاشم!
19.02.202519:51
من كتابات حسين الشرع في السياسة:

"لقيامة سوريا جديدة [...] تحديد مهام الرئاسة في بلادنا ينبغي أن يتوجَّه إلى تشكيل نظام سياسي برلماني تعددي، محدد بسنوات محدودة للرئاسة، وتتحول هذه الرئاسة، كما في كل بلاد الدنيا، إلى رمزية بروتوكولية، كما في: ألمانيا، وبريطانيا، وإيطاليا، واليونان، ودول أخرى.

وأن الحكم هو لممثلي الشعب الحقيقيين، وفصل السلطات حتى لا تطغى سلطة على أخرى، وتترك السلطات تعمل كلٌّ في مجاله، لذا، لا بد من وجود دستور يجمع عليه الشعب، يحدد كل ذلك بوضوح، ويقطع العلاقة نهائيا مع مرحلة الاستبداد والدكتاتورية.

[...] ويبقى النص الأساسي في الدستور: أنَّ الشعب هو المصدر، ومنه وإليه يشكَّل الدستور، والقوانين الناظمة للحياة. فرئيس الهيئة الحاكمة يجب أن يكون من العلماء في الهندسة، وخبيرا اقتصاديا، ولديه تصور كامل لإعادة ترميم وبناء سوريا، وكذلك الوزراء الآخرون. وإذا كان من السياسيين، عليه أن يعتمد على مجلس استشاري قومي، وذو خبرة ومتمكن.

[...] فإن تشكيل جسم قيادي قادر على قيادة المرحلة وتحقيق المهام المطلوبة منه على صعيد إيجاد الدولة المدنية الديمقراطية، وفقا للدستور المدني الذي يحدد صلاحيات كل الجهات، ويهدف إلى:

إعادة الحياة الديمقراطية التنافسية، بدون أحقاد، وبدون معارك، وبدون هيمنة لا سيمافي الجيش الذي يجب أن يكون جيش الوطن، لا علاقة له بالسياسة وصراعاتها، خاصة القوى الأمنية العاملة على حماية الأمن لجميع المواطنين بدون تمييز. فضلاً عن تحقيق العدالة أمام القضاء المدني، والتخلص نهائيا من القضاء العسكري للمدنيين والمحاكم الاستثنائية".

(قراءة في القيامة السورية، حسين علي الشرع، ٢٠٢٢م، ص٢٢٥-٢٢٨)
23.03.202516:49
"تعاني معظم الجامعات العربية من البيروقراطية والمشكلات الإدارية والتنظيمية فضلا عن محدودية مشاركتها في المجتمع لعدم وجود جهاز يمكنه نشر البحوث الجامعية والتعريف بها في المجتمع" [ص19]

"من الحقائق المؤلمة جدا أن ما ينفق على البحث العلمي في العالم العربي إنفاق ضعيف جدا، ولا يمكن مقارنته بما تنفقه الدول الكبرى" [ص19]

"يلاحظ على قوانين المطبوعات في بعض الدول، أنها تفرض قيودا على التداول الرقمي بالإنتاج الفكري والنشر لا تتناسب مع العصر الذي نعيشه الآن في ظل العولمة وتكنولوجيا الإعلام والاتصال" [ص20]

"تسييس الجامعات والمراكز البحثية تبعا لإيديولوجية الطبقة الحاكمة وبالتالي تسخير هذه البحوث في الإنجازات الهلامية أو البحث في توجهات النظام القائم حيث غياب الحرية لأسباب سياسية وثقافية واجتماعية" [ص20]

"شيوع فكرة الانهزامية بين الباحثين في الوطن العربي بأنهم لا يستطيعون الوصول إلى ما وصلت إليه الدول المتطورة فبهذا الفارق الزمني الكبير يصبح الباحث رهين قوت يومه" [ص22]

من دراسة نشرت سنة 2022 على مجلة الدراسات والبحوث الإنسانية، بعنوان صعوبات النشر العلمي لدى الباحثين اللأكاديميين.
08.03.202522:51
في مسألة التطهير على أساس طائفي!

إعادة إنتاج الأخطاء السياسيَّة أمر كارثي بالنسبة للدول، فمثل تنامي نزعة الاتجاه نحو الإبادة على أساس طائفي أو عرقي مع أنه يبدو مسلكا مغازلًا للنفسيَّة الانتقاميَّة، إلا أن التاريخ يثبت فشله في تحقيق الجدوى المرجوَّة، بل هو مما ما يطرح بيئة خصبة لإذكاء روح المقاومة المتطرفة، ما يحوِّل الطموح السلطوي للدولة، إلى كابوس لا يمكن السيطرة عليه على أرضها!

الاتحاد السوفييتي فترة ستالين، تعرَّض لمسألة الشيشان والإنغوش بعقليَّة التطهير والترحيل القسري، ونقل مئات الآلاف منهم إلى كازاخستان وسيبيريا، لسبب تعاونهم مع الألمان، وفعلا قد شكَّل جزء من المسلمين هناك بعد دعاية أمين الحسيني فيلقا مسلمًا في الغوستافو، وزرع التهجير جروحًا تاريخية، تحوَّلت إلى ثورات إنفصاليَّة مسلحة ضد موسكو، وكان ذلك من العوامل التراكمية التي عملت على تغذية الشعور القومي لدى الضحايا، وتوج ذلك أخيرا بالثورة الشيشانية!

ولم تكن ألمانيا بمعزل عن الأثر العكسي لإجراءات التطهير العرقي، فالحل النهائي، والذي اقتضى تطهير المناطق تحت الحكم الألماني من اليهود، عزل ألمانيا ديبلوماسيا فتوحَّدت القوى العالمية ضدها، وحين كان الغرض من الحل النهائي إنهاء تواجد اليهود أدى ذلك إلى تشكيل ما سمي بالدولة الصهيونية في 1948، وهو ما وقع بعد سقوط ألمانيا بثلاث سنوات.

وليس بنادر أن نجد دراسات أمريكيَّة، وتصريحات ضباط أمريكيين وبريطانيين، حول السياسة التي كانت منتهجة في العراق ومن أبرزها ما أفرز مذبحة الفلوجة، والتي راح ضحيتها آلاف المدنيين بغرض التطهير على أساس أيديولوجي، والتي كان من نتائجها وفقا لوجهة النظر الأمريكيَّة أن القصف العشوائي، والتسبب بارتفاع عدد الضحايا في الفئات المدنيَّة كان أكثر عامل يذكي الأيدلوجيَّة التي يزعم محاربتها، وبهذا تطورت الحركات المسلحة المناهضة لأمريكا أكثر فأكثر، وتوسعت قاعدتها الشعبية، ومن كان مدنيًا، وفقد أقرباء له بقصف عشوائي، تحول سريعًا إلى عسكري، حتى في أفغانستان، لم يمنع القصف العشوائي على المناطق المدنية للعشائر من تحولها جملةً إلى تشكيل قاعدة شعبيَّة مضافة إلى رصيد طالبان العسكري، وهو ما ساهم بكشل ما في صعودها إلى السلطة سنة 2021.

ومع أن التطهير في حماة في 1982 بسبب ما أعلن عن وصفه بأنه تمرُّد مسلَّح من الإخوان المسلمين ضد النظام السوري بقيادة حافظ الأسد، تحولت سريعًا إلى تصفية على أساس الانتماء العقائدي ضدَّ السنة، وقد شهدنا تصريحات لقيادات الثورة على النظام السوري كيف أنَّها ضمَّنت داخل خطابها الثوري أحداث 82، ثم كرر النظام السوري نفس الخطأ بعد 2013، ودعت مختلف أجهزته الإعلامية على وتر التصفية على أساس عقائدي أيديولوجي، وفاق عدد الضحايا المليونين، فهل تحصَّلت جدوى؟

وما قامت به إيران، وحزب الله، ومليليشيات الشيع، من الإبا/دة على أساس الانتماء العقدي، بشكل أكثر وضوحًا وأقل مبالاة، بل أرجعوا ذلك إلى جذور تاريخية متقدمة وحمَّلوا السوري الذي يعيش في ريفه بعيدًا عن السياسة والتاريخ، مسؤوليات لم يكن يعرف عنها شيئا.

وأدى ذلك إلى تزايد القاعدة الشعبية في صفوف الثائرين، ومع إجراء بعض التعديلات على الرؤى الأيدلوجية، بقي راسخًا في المشهد أن التطهير على أساس عرقي أو طائفي أو عقائدي، كان عاملًا ركيزًا في سقوط النظام السوري بشكل أو بآخر، واتضح بعد ذلك أن انتهاج هذه السياسة هو داء لا يمكن استئصاله مع مرور الوقت، بل حتى لو طبق لأقصى لوازمه، لن تنتج عنه سوى نزعة ثورية عدائية تمتنع السيطرة عليها بمجرد تصويب رؤيتك الطائفية أو القانونيَّة.
02.03.202515:39
显示 1 - 21 21
登录以解锁更多功能。