من ليس له محراب وأوراد وذلة وانكسار بين يدي الجبار في ظل هذه الفتن؛ كيف يثبت؟
ومن ليس له أصحاب صدق يؤازرونه ويتعاهدونه في ظل عجلة المعيشة الطاحنة؛ كيف يصبر؟
ومن ليس عنده مشروع للأمة يتقرب به إلى الله في ظل هذه الظروف الصعبة؛ كيف يعيش؟
ويا تُرى، من كان يعيش اليوم غافلاً لاهياً لا علاقة له بهموم أمته، في الوقت الذي يُحرَّق فيه إخوانه وهم أحياء، والمسجد الأقصى يُدنّسه أراذل الخلق؛ هل يُدرك حقيقة العقوبة التي أصاب الله بها قلبه؟ وهل سيثبت إن جاءته الفتن العظام وابتليت داره بما ابتليت به دور إخوانه؟
وأمّا من عرف الطريق فاستقام، واتقى الله ما استطاع، وصدق مع ربه، وأحسن ظنه به فلم يقنط من رحمته، وحسَّن نيته، ولزم رفقاء الخير، وأحسن إلى عباد الله، وتجنب مواطن الشر، ولم يركن إلى الذين ظلموا،
وحمل همّ الإسلام، وحمّل غيره هذا الهم، واجتهد في العمل، ولزم الصبر واليقين؛ فما ظنكم برب العالمين كيف يجازيه على صبره وثباته في هذا الزمن الصعب؟! فكيف بمن ابتلي فصبر؟ أم كيف بمن كان حاملاً للواء الإسلام وقد فداه بنفسه وعرضه وماله في قلّة وخوف وغربة؟
ألا فليدرك من فاته شرف الطريق ما فاته قبل أن يبزغ نور الفجر الذي يفوت ببزوغه شرف وسام "السابقين"