أخذٌ وعطاء
هي تأخذُ الليل من عينيه،
وتعطيهُ أحلامًا يقظة لا تخصّه.
هو يأخذُ من عينيها نهارًا،
ويعطيها ليلًا ملآنًا بالنجوم.
هو يأخذُ صوتها بين راحتيه،
ويعطيها صمتًا يتلبّسها كهالة.
هي تأخذُ من صمته لحنًا،
وتعطيه أغنيةً ساحرة.
هي تأخذُ من قلقه ليلة،
وتعطيه ابتسامةً مسكنة،
هو يأخذُ من ابتسامتها طفولته،
ويعطيها عمرًا لم يذقه بعد.
هي تأخذُ كلماته الضئيلة،
وتعطيه قصيدةً لا تفوّت،
هو يأخذُ كلماتها المطمئنة،
ويعطيها شكوكه المعلّقة بين ظلالها.
هي تأخذُ من يديه أمانًا،
وتعطيه راحةً لم يعرفها من قبل.
هو يأخذُ من يديها ارتجافة الحبّ الأول،
ويعطيها يقينًا لم تعرفه من قبل.
هي تأخذُ من حزنه غيمة،
وتعطيه مطرًا يغسل الطريق إلى نفسه.
هو يأخذُ خطواتها المرتبكة،
ويعطيها طريقًا يؤدي بها إلى نفسها.
هي تأخذُ منه المسافة،
وتعطيه خطوة أقرب.
هو يأخذُ من خطواتها وجهته،
ويعطيها طريقًا يسير بهما معا.
في النهاية:
قد تأخذ قلبًا بات يختلف عنها،
ويعطيها وداعًا لا يشبهه.
قد تأخذ من يديه وعدًا،
ويعطيها كفّه الممتدة إلى الأبد.
قد يتبادلان الوقت دون أن يحصياه،
يأخذان الأيام بين أصابعهما،
ويعطيانها رموزا تخصّهما وحدهما.
قد يتبادلان الحبّ دون أن ينقص،
يأخذان من الأيام ما يكفيهما،
ويعطيانها معنى لا يشيخ.
قد يتبادلان النسيان دون اتفاق،
يأخذان الذكرى بين شفاههما
ويعطيانها أسماءً جديدة.
لا تصدق أن الحب مجاني،
لكل شيء ثمن،
مقابل كل مكافأة هناك تضحية
مقابل كل لذة هناك ألم
حتى قبلة عابرة قد تترك تذكارها على شفتيك...
بثمن بخس، مجرد حبة سخونة.
في الحب:
إما أن تأخذ أكثر مم تحتاج،
أو تعطي أكثر مم تحتمل.
قبلة، لمسة، وعد هش،
وتجد نفسك مدينًا بدمعة،
بذكرى لا تنام،
باسمٍ عالق في طرف اللسان.
في الحب:
كل قبلة، كل لمسة،
لها زهرها الخاص.
حين نأخذ، نكتب تاريخًا،
حين نعطي، نروي أبدًا...
لكل شيء ثمن،
والحب هو الصفقة الوحيدة التي ندفع ثمنها مرتين:
مرة حين نأخذ،
وأخرى حين نعطي.
- خالد نوارة