١٧/المرأة في هذا كالرجل؛ فالأصل أن المرأة مخاطبة بالأحكام الشرعية كالرجل، والنساء شقائق الرجال، قال سعيد بن مسيب: “والمرأة والرجل في مسح الرأس سواء.” لكن باعتبار أن المرأة عادة تطيل شعر رأسها، ذكر الفقهاء أن المرأة يمكن أن تضع يديها على وسط رأسها ثم تجرهما إلى مقدمه، ثم تضع يديها على وسط رأسها وتجرها إلى مؤخره. قال أبو داوود: “سمعت أحمد بن حنبل سئل كيف تمسح المرأة على رأسها في الوضوء؟ فقال هكذا”، ووضع يده على وسط رأسه ثم جرها إلى مقدمه ثم رفعها فوضعها حيث منه بدأ ثم جرها إلى مؤخره.
١٨/مسح الأذنين محل خلاف بين الفقهاء:
-فمنهم من قال إنه يجب مسح الأذنين وأنهما داخلان في مسح الرأس، وهذا ذهب إليه كثير من متأخري الحنابلة وهو من المفردات.
-وجماهير الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية على أن مسح الأذنين سنة وليس واجبًا.
-القائلون بأن مسح الأذنين واجب استدلوا بحديث أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “الأذنان من الرأس.” هذا الحديث أخرجه أبو داوود والترمذي وابن ماجه وأحمد، لكنه حديث ضعيف.
-أما الجمهور فقالوا إن مسح الأذنين سنة وليس واجبًا، وهذا كما ذكرنا هو مذهب الحنفية والمالكية والشافعية، وهو ما روي عن الإمام أحمد، قال صاحب الشرح الكبير: “وروي عن أحمد أنه لا يجب مسحهما، وهو ظاهر المذهب.” قال الخلال: “كلهم حكوا عن أبي عبد الله في من ترك مسح أذنه عامدًا أو ساهيًا أنه يجزئه.” واختار الموفق ابن قدامة رحمه الله هذا القول وقال: “لا يفهم من إطلاق اسم الرأس دخولهما فيه، ولا يشبهان أجزاء الرأس. فبين الأذنين وبين بقية أجزاء الرأس فرق كبير، ولهذا لا يجزئ مسحهما عن مسح الرأس عند من رأى أنه يجزئ مسح بعض الرأس.” ولأنه لا دليل يدل على وجوب مسح الأذنين. -وأما فعل النبي عليه الصلاة والسلام فإنه يدل على الاستحباب.
-ولهذا حتى عند الحنابلة أنفسهم هناك خلاف في المذهب في حكم مسح الأذنين.
-فمن يرى أن المذهب هو استحباب مسح الأذنين كما ذكرنا عن ابن قدامة أنه ذكر ذلك.
-ومتأخرو الحنابلة يرون الوجوب.
-وعلى هذا، فالأكثر من الفقهاء يرون استحباب مسح الأذنين، وهذا هو القول الراجح.
-وأما حديث “الأذنان من الرأس” فقد سبق أن قلنا إنه حديث ضعيف، وعلى تقدير ثبوته فالمقصود أن الأذنين يشرع مسحهما تبعًا للرأس.
ولو كان مسح الأذنين واجبًا لبين هذا النبي صلى الله عليه وسلم للأمة، لأن هذا من الأمور التي تحتاج الأمة إلى بيانها، ويحتاج إليها كل مسلم ومسلمة، ربما في اليوم خمس مرات. وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز. وعلى هذا، فالأقرب هو استحباب مسح الأذنين، وأما كيفية مسحهما فيمسح باطنهما بالسبابتين وظاهرهما بالإبهامين.