Мир сегодня с "Юрий Подоляка"
Мир сегодня с "Юрий Подоляка"
Труха⚡️Україна
Труха⚡️Україна
Николаевский Ванёк
Николаевский Ванёк
Мир сегодня с "Юрий Подоляка"
Мир сегодня с "Юрий Подоляка"
Труха⚡️Україна
Труха⚡️Україна
Николаевский Ванёк
Николаевский Ванёк
بسام بن خليل الصفدي avatar
بسام بن خليل الصفدي
بسام بن خليل الصفدي avatar
بسام بن خليل الصفدي
23.04.202516:21
من مقروءاتي في الحرب [٥٧]
("في صحبة السُّمَيط.. رحلة في أعماق القارة المنسية" لفهد السنيدي)
أمتنا أمة مباركة مرحومة، لا يزال الله يغرس فيها غرس الخير والعلم والإيمان والجهاد حتى تقوم الساعة، وأحسب أن من هذا الغرس المبارك عبدَ الرحمن السميط.
ولد أبو صهيب في الكويت سنة ١٩٤٧، وأصله من (الزبير) البلدة العراقية المعروفة التي استوطنها كثير من أهل نجد.
تخرج من كلية الطب في بغداد، ثم أكمل الدراسة في بريطانيا، ثم سافر إلى كندا، وفيها اختطَّ هدفه وحدد مشروعه.
حُبِّب إليه السفر من الصغر، وحمل هم الدعوة صغيرا كذلك، وهكذا النفوس العظيمة تَنبت في الخير نباتا.
في بريطانيا حَول ثمانين كنيسة إلى مساجد، وفي كندا مثل ذلك.
تعلقت آماله بإفريقية، وطار إليها قلبه قبل جسده؛ كان يرى أنها أول بلد قبلت الإسلام بعد مكة، وأنها اليوم مقبلة عليه، وأن المنصرين يمدون فيها حبالهم، وينصبون شباكهم وخيامهم، فعزم عزمة الصادقين وولى وجهه شطر القارة السمراء.
كان رحمه الله يقول: إن الله خلقني من أجل إفريقية، لو فتحت قلبي لوجدت خارطة إفريقية.
اختار الشيخ أن يقيم في جزيرة (مدغشقر) الواقعة على أطراف المحيط الهادئ، والتي يسميها الناس جزيرة الواق واق.
هناك بنى مشاريعه، وأقام للإسلام دولة، وأعلى للتوحيد راية.
أسلم على يديه من ٧-١٠ مليون تائه عن الإسلام، بنى أكثر من ١٢٠٠ مسجدا، حفر أكثر من ٢٧٥٠ بئرا، كفل أكثر من تسعة آلاف يتيم.
يبني الرجالَ وغيرُه يبني القرى
شتان بين قرًى وبين رجال
ذهب إلى أناس ينتسبون إلى الإسلام -وبعضهم أئمة مساجد- لا يحسنون قراءة الفاتحة، ولا يعلمون عدد ركعات الفجر، ولم يروا في حياتهم مصحفا.
فبنى دولة الإسلام في قلوبهم وعلى أرضهم؛ فلا عجب أن سماه الناس فاتح إفريقية.
كان حريصا على ألا يُحسب على أحد، وأن يكون عمله رسميا في البلاد التي يسافر إليها؛ ويرى أن هذا أدعى لقبول دعوته.
وكان أكثر همه منصبا على التعليم، ويقول: دولار تنفقه على التعليم خير من دولار تنفقه في الإغاثة أو الصحة.
هاجر السميط إلى إفريقية فاتخذها لنفسه وأهله وطنا، وأبى الرجوع إلى الكويت رغم الأخطار والأهوال والأمراض التي تعاقبت عليه وهو صابر مصابر في بلاد الخوف والجوع والغربة على التعليم والدعوة حتى لقي الله مشيَّعا بدعوات أهل الإسلام على حال يتمناها كل مسلم.
ما مات من أنقذ الدنيا بمُهجته
يا للخلود وللخير الذي فتحا
في هذا الكتاب للدكتور الإعلامي المبدع فهد بن عبد العزيز السنيدي محطات من سيرة هذا الرجل العظيم، وفي طيها حديث ماتع مفيد عن قبائل القارة المنسية وعاداتهم وأصولهم وطقوسهم، والكتاب في أصله برنامج تلفزيوني مسجل مع الشيخ ومن له صلة به، مكث المؤلف لأجله في إفريقية أربعين يوما متنقلا بين القبائل والقرى، فجزاه الله خيرا ونفع بما سطر وكتب.
وللشيخ الدكتور الكويتي عبد العزيز العويد كتاب حافل عن الشيخ السميط، عنونه "عبد الرحمن السميط.. أسطورة العمل الإغاثي".
وما كل ما فيه من الخير قلتُه
وما كل ما فيه يقول الذي بعدي
بسام بن خليل الصفدي
الأربعاء ٢٥ شوال ١٤٤٦
https://t.me/DBasam
21.04.202508:11
21.04.202506:40
20.04.202516:13
حرب غزة يوميات ومشاهدات [73]
(اتقوا الله في زوجات الشهداء)
ذكر ابن إسحاق في "السيرة": أن حَمْنة بنت جَحْش لما لقيت الناس مُنْصَرفَهم من أُحد نُعي إليها أخوها عبد الله بن جحش فاسترجعت واستغفرت له، ثم نُعي لها خالها حمزة بن عبد المطلب فاسترجعت واستغفرت له، ثم نعي لها زوجها مصعب بن عمير فصاحت وَوَلْوَلَت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ زَوْجَ الْمَرْأَةِ مِنْهَا لَبِمَكَانِ)؛ لـِمَا رأى من تثبُّتها عند أخيها وخالها، وصياحها على زوجها.
مصاب المرأة في زوجها عظيم عظيم، لا يعوضها عنه إلا تثبيتُ الله تعالى وإعانته. وليس في الدنيا أحد يقوم مقام الزوج.
وتشتد المصيبة إذا كانت المرأة وحيدة غريبة بعد زوجها لا تجد من يعينها ويتولى أمرها، وتشتد أكثرَ إذا تسلط عليها من لا يتقي الله من أهل زوجها بعده.
ولئن كان المصاب في بلاد الناس شديدا فإنه عندنا أشد؛ لما تتعرض له كثير من النسوة من النزوح والتنقل بين المخيمات ومراكز الإيواء مع أولادهن، ولما يتعرضن له كذلك من الملاحقة والقصف إن كان أزواجهن من المجاهدين.
والحديث هنا عما يقع على هؤلاء النسوة من الظلم والبغي بعد أزواجهن، وسبب ذلك عائد غالبا إلى رقة الديانة، والجهل، ولزوم العادات الجاهلية التي يقدمها بعض الناس على أمر الله ورسوله.
فتجد بعضهم يتسلط على زوجة ولده بعد موته، ويمنعها من الخروج بعد انقضاء عدتها، ويضيق عليها في ذلك. ومعلوم أنه لا ولاية له عليها، وإنما الولاية لأبيها أو من يليه -إن كان قد تُوفي- على ما هو معروف عند الفقهاء.
وبعضهم يتسلط على مال الزوج ويحرم منه الزوجة والأولاد، أو يأخذ منه ومن متاعه ما يشاء قبل القسمة، وهذا من الكبائر التي توعد الله عليها بالعذاب الشديد.
وبعضهم يحرم الزوجة من أولادها أو يحرضهم عليها متجردا من المروءة والحياء والخشية.
وبعضهم يتخذ الجمعيات والمؤسسات الداعمة لزوجات الشهداء وأولادهم سبيلا للاسترزاق والتكسب وجمع المال الحرام، فويل لهم ثم ويل لهم.
وبعضهم يتعامل مع زوجة ولده أو أخيه كأنها تركة؛ فيأمر وينهى ويتدخل في سائر شؤونها بالبغي، وقد بلغني أن بعضهم أجبر زوجة ابنه الذي أُشيع قتله في الحرب على الزواج من ولده الآخر، ثم تبين أن الأول لم يقتل، ووقعوا في حيص بيص.
والواجب على أهل الزوج أن يتقوا الله تعالى في هذه المرأة الثَّكلى التي فقدت أعزَّ وأغلى ما تملك في الدنيا، فينزلوها منزلة بناتهم، ويكرموها رحمة بها ووفاء لابنهم، فوالله لو لم يكن الدين يأمر بهذا لكان الواجب امتثالَه مُروءة وشهامة.
وليعلموا أن الجزاء من جنس العمل، وأن من تسلط على بنات الناس سلط الله الناسَ على بناته جزاء وفاقا، (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا) [النساء: 9].
والظلم كثير لكنه ليس غالبا إن شاء الله، ففي الناس خير وبر وإحسان، نسأل الله أن يبارك فيه وفي أهله.
وكما يُوصَى أهلُ الزوج بزوجة ولدهم فإن الزوجة مطالبة كذلك بالإحسان إلى أبيه وأمه وأهله وقرابته من بعده، فإن هذا من البر به بعد موته.
يا أهلنا في غزة وفي كل مكان، الله الله في زوجات الشهداء وأولادهم من بعدهم، فحقهن وحقهم الرعاية والإكرام، ولا والله لا تضيع زوجة شهيد وأولاده إلا عند اللئام.
ولا ينبغي في خاتمة المقالة أن أُخْليها من شكر الجمعيات والمؤسسات وأهل الخير والإحسان الذين يكفلون الأرامل والأيتام، ويُعِفُّوهم عن السؤال، فالله يبارك في سعيهم، ويضاعف أجورهم، ويَخْلفهم في أهليهم بما يخلف به عباده الصالحين.
بسام بن خليل الصفدي
الأحد 22 شعبان 1446
https://t.me/DBasam
16.04.202517:59
حرب غزة يوميات ومشاهدات [71]
(المهم أين أنت؟ فقال: في الجنة)
"رأيت اليوم في المنام الأخ أبا عُبادة محمود سمور، وكان يجلس على مكتب، فتحدثنا، ثم قلت له: المهم أين أنت؟ فقال: في الجنة".
هذه رؤيا رآها أحد قرابتي -وأحسبه من الصالحين ولا أزكيه على الله- وأرسلها لي من أيام في أخينا أبي عبادة تقبله الله، الذي لقي الله شهيدا من شهور قرب مسجد سعدٍ الغِفَري.
ليس الحديث هنا عن أبي عبادة؛ فلم تكن لي به تلك الصلة، ولكني أتوسل بهذه الرؤيا للحديث عن بعض ما سمعته أو علِق في ذهني من أخبار الصالحين الأبرار ممن قضوا في هذه الحرب الغادرة.
رفعتْ رَضوان: المسعف الذي اغتالته وإخوانَه رصاصات الغدر وهم يقومون بواجبهم، وُجد في هاتفه المحمول في اللحظات الأخيرة قبل استشهاده تقبله الله: "سامحيني يمَّا، يمَّا سامحيني، أشهد ألا إله إلا الله، أشهد أن محمد رسول الله، هدي الطريق إلِّي اخترتها إني أساعد الناس، يا رب توب عليَّ، يا رب تقبلني شهيد" وقضى على ذلك.
عدنان البرش: رئيس قسم جراحة العظام والمفاصل في مستشفى الشفاء، كان على رأس عمله في المستشفى، وبقي حتى حوصر مع إخوانه وأجبر على الخروج، فانتقل إلى المستشفى الإندونيسي في بيت لاهيا، وحوصر هناك وقُتل وأصيب جماعة ممن كانوا معه، فانتقل إلى مستشفى تل الزعتر في جباليا، ودخل عليه اليهود وهو يجري عملية لأحد مرضاه فأطلقوا النار على قدمه ثم اعتقلوه وهو ينزف ليقضي بعد ذلك شهيدا في سجن (عُوفَر).
أبو حمزة التُّرُك: سمعت الناس والإخوان يتحدثون عنه أنه صام أيام الحرب كلها طمعا في أن يلقى الله صائما، وكان جاهدا مجاهدا مسعر حرب رحمه الله وتقبله، وكان بعض الإخوة يقول بعاميته: "ما بِنفَع تخلِّص الحرب وهدا الأخ عايش، لا بد أن يستشهد".
تيسير أبو طعيمة: الشهيد العابد المجاهد إمام جامع فلسطين في (بني سهيلا)، الذي قصفته المسيَّرة وأصابته إصابة بليغة في ظهره، فلما أيقن بالموت خر ساجدا ليلقى الله على هذه الحال المرضية، فالله يتقبله ويرضى عنه.
شهيدا السَّطْح: بثَّ إعلام العدو في 18/5/2024 مقطعا مرئيا لشابين محاصرين على سطح منزل في مخيم جباليا، ينهض أحدهما بقدم مصابة يفتح رشاشه ويشتبك مع القوات المحاصِرة، فتخترق جسدَه رصاصاتٌ من طائرة مسيرة ترديه أرضا، فيقوم صاحبه المصاب ويأخذ رشاشه ويشتبك ثانية ليلقى مصير صاحبه في مشهد عظيم يملأ عينك وقلبك مهابة وجلالة، وعلى كثرة ما رأيت من مشاهد البطولة والإقدام لم أر مثل هذين الشابين الأسدين، فالله يتقبلهما ويرضى عنهما.
ليس المقصود هنا التتبع والاستقصاء؛ فما إليه سبيل، وإنما هي كلمات كتبتها من رأس القلم تدل على ما وراءها، وتذكر بالخير أناسا تسنموا ذُرى المجد، وخُتم لهم بالسعد، فالله يتقبلهم ويرضى عنا وعنهم بمنه وكرمه، اللهم آمين.
بسام بن خليل الصفدي
الأربعاء 18 شوال 1446
https://t.me/DBasam
12.04.202519:32
من مقروءاتي في الحرب [50-51]
("مع الحركة الإسلامية في الدول العربية" لعبد الله أبو عَزَّة، و"ستون عاما في جماعة الإخوان المسلمين" لإسماعيل بن عبد العزيز الخالدي)
عبد الله أبو عزة وإسماعيل الخالدي غزيان، هاجرا إلى غزة في الــ 48، الأول من قرية (يِبْنا) قضاء الرملة، والثاني من قرية (كَرَتِيَّا) قضاء غزة.
وكلاهما قاد تنظيم الإخوان في غزة في وقت مبكر، أبو عزة من الـــ 55-57، والخالدي من الـــ 63-67، وتوفي الرجلان سنة 2022.
وكتاباهما من جنس كتب السير الذاتية والمذكرات، غير أن الأول يغلب عليه الجانب النقدي، والثاني يغلب عليه الجانبي الـمَناقبي.
وكلاهما مرجع مهم لمن أراد معرفة الحال التي كانت عليها غزة في عَشر الستين والسبعين من القرن المنصرم، واعتمد عليهما كثيرا محسن صالح في كتابه "الإخوان الفلسطينيون" الذي عرَضنا له في الحلقة السابقة.
تجد في الكتابين البداياتِ التأسيسية لجماعة الإخوان في قطاع غزة، والحديث عن شعب الإخوان الأولى فيه، وصراعِ الإخوان مع الشيوعيين والقوميين والبعثيين في تلك الفترة، والمحنِ التي تعرضت لها الجماعة تبعا للأم في مصر.
وفيهما كذلك حديث مهم عن التنظيم الفلسطيني العام للإخوان الذي يضم أصالة إخوان غزة مستوعبا الفلسطينيين في بقية الدول العربية على تفاوت بينها، واستثنيت الضفتان الشرقية والغربية لاعتبارات معينة.
وتأسس هذا التنظيم سنة 1960 في فترة حرجة جدا، وهي التي غادر فيها كثير من أفضل الكفاءات والقيادات الإخوانية في غزة إلى فتح، مؤسسين طلائعَها الأولى، وجرَت فيها أمور انظرها إن شئت -بأوسع مما في الكتابين- في كتاب محسن صالح المشارِ إليه آنفا.
وفي الكتابين كذلك حديث عن تأسيس حركة فتح ونواتها الأولى، ودور أبي جهاد خليل الوزير في هذا التأسيس والانشقاق عن الإخوان، وقد كان أحدَ أبرز القيادات العسكرية للإخوان في غزة في ذاك الوقت، وكان للإخوان عمل عسكري تجد تفصيل الحديث عنه في كتاب محسن صالح.
ما يتميز به كتاب أبي عزة أن صاحبه قاد الإخوان في فترة عصيبة جدا، وسافر وتنقل في كثير من البلاد، وعمل في المكتب التنفيذي للإخوان في البلاد العربية، وهذا المكتب يمثل قيادات الإخوان في هذه الدول، وكان هو نائبا عن فلسطين فيه.
ترك أبو عزة الإخوان في الــ 72 بعد عشرين سنة من انتسابه إليهم، وحكى في كتابه هذا تجربته في المناصب التي تقلدها، والبلاد التي سافر إليها، والشخصيات التي عمل معها.
من ذلك حديثه عن معسكرات الجهاد على حدود الأردن ومعارضته الشديدة لها، وكان بين الإخوان انقسام في تبني هذه المعسكرات بعد حرب الــ 67، ولها قصة طويلة يضيق بها المقام، وهي التي عرفت فيما بعد باسم (معسكرات الشيوخ)، ولغسان دُوعَر كتاب عنها، وكذا لمحسن صالح.
وبدأت الهوة تتسع بينه وبين الإخوان بعد المقالات التي كتبها في مجلة المجتمع الكويتية عن الشورى وأنها غير ملزمة يرد بذلك على الشيخ عبد الكريم الذي كان يراها ملزمة؛ فضيقت عليه المجلة ومنعته من إكمال الرد، وتكلم معه المستشار عبد الله العقيل بكلام جارح، وبعدها ترك الإخوان إلى غير رجعة.
كان يرى أن من مشاكل الإخوان الكبرى: التحليلات الرغائبية، والإفراط في التفاؤل.
نموذج أبي عزة من النماذج النقدية المبكرة في جماعة الإخوان، كان مؤدبا في رده ونقده، يكتب بقلم الناصح مع شدة محتمَلة، لم تجره الخصومة إلى التشفي والانتقام والبَذاء كما وقع لكثيرين؛ ولذلك بقي على علاقة طيبة مع الإخوان وكثير من قياداتهم، ونعوه وأثنوا عليه بعد وفاته، وممن تأثر به واستفاد منه الدكتور عبد الله النفيسي، وأهدى إليه بعض كتبه.
الرجل كاتب ومفكر ومؤرخ عميق، حصل على البكالوريوس في التاريخ من جامعة القاهرة 1961، والماجستير في التاريخ من الجامعة الأمريكية في بيروت 1969، والدكتوراه في التاريخ من جامعة إكستر في بريطانيا 1980، وله كتب ودراسات جديرة بالنظر والاطلاع، يكتب فيها بلغة جَزْلة قوية.
وله خمس حلقات مهمة ضمن برنامج (مراجعات) مع عزام التميمي بُثَّت عل قناة الحوار قبل خمس عشرة سنة.
وكتاب أبي عزة أشهر من كتاب الخالدي وأسْيَر، وإن كان الثاني يغطي فترة زمنية أطول تمتد نحو ستين سنة، كان في أولها من صنَّاع الأحداث، وبعد خروجه من غزة ناقلا ومتابعا، وذكر وتوسع في أشياء لم يعرج عليها أبو عزة.
رحم الله المؤلفين، وجزاهما عنا خير الجزاء، ووفقنا جميعا لمرضاته، اللهم آمين.
بسام بن خليل الصفدي
السبت 14 شوال 1446
https://t.me/DBasam
23.04.202514:21
حرب غزة.. يوميات ومشاهدات [75]
(التَّكَايا)
[التَّكَايا: جمع تَكِيَّة، كلمة تركية، تعني: رباط الصوفية، وهو المكان المعدُّ عندهم للخَلوة والعبادة وإطعام الفقراء، ثم توسع الناس في استعمالها حتى صارت تستعمل في الأماكن المعدة لإطعام الفقراء وأهل الحاجة].
أوقد فإن الليل ليلٌ قَرُّ
والريح يا مُوقِد ريحٌ صِرُّ
عسى يرى نارَك من يمرُّ
إن جَلَبَتْ ضيفا فأنت حرُّ
أورد هذين البيتين أخونا أبو شافع أحمد الصيداوي (القائم على تكية النصيرات، وهي من أكبر التكايا في المنطقة الوسطى) في قناته، ثم عقب بقوله: "لكنَّ حاتما يطعم من ماله، ونحن نطعم بأموال المتبرعين وأهل الخير؛ فجزاهم الله عنا وعن إخوانهم وأهلهم خير الجزاء، وأخلف عليهم في الدنيا والآخرة".
وأنتم يا حبيبنا جزاكم الله عن أهل غزة خيرا وبرّا، وبارك في جهودكم، ونفع بكم.
لم يكن الناس في غزة يعرفون التكايا قبل الحرب إلا في أوقات وأحوال معينة، لكنَّ الحال تغيرت وتبدلت، فالتكايا اليوم من المشاريع الخيرية العظيمة التي أطعمت آلاف البطون الجائعة، وسترت بعون الله آلاف الأسر الفقيرة المتعففة.
وهي منتشرة في طول القطاع وعرضه، يقوم عليها في الغالب أناس من أهل العلم والدعوة والخير والصلاح ولا نزكيهم على الله، وتموَّل من الجمعيات والمؤسسات وأهل الخير والإحسان في الخارج والداخل، وتستهدف الأسر الفقيرة والأماكن الأشد حاجة، ويستفيد منها أكثر الناس سيما في أوقات اشتداد الحصار، وشُح الطعام، وغلاء السلع، وانعدام آلة الطهي من غاز ونحوه.
يعمل الأفاضل في هذه التكايا يوميا بأجرة يسيرة تعينهم عل أمر معاشهم، وبعضهم يحتسب لا يأخذ أجرا، إنما أجرهم على الله، وكفى بالله حسيبا.
وهي -بحمد الله تعالى- باب من أبواب الدعوة إلى الله تعالى، وقد أخبرني أخي أبو شافع وغيره أن كثيرا من الناس بفضل الله استقاموا بما يقدم لهم من غذاء الجسد والروح، وهي التفاتة حكيمة مباركة من الإخوة القائمين على هذا الخير، قالله يبارك في عملهم.
وفي عمل الإخوة في هذه التكايا شيء من المخاطرة؛ فقد قُصفوا أكثر من مرة، وقُصف الناس معهم، وتناثرت الأشلاء وسالت الدماء على القدور، فالله حسيب اليهود.
يا أهل الخير والجود والبذل والإحسان، عملكم هذا من أجل الأعمال وأحبها إلى الله تعالى، سيما في أوقات الحاجة والمجاعة والمسْغَبة.
من أطعم لله أطعمه الله، ومن سقى لله سقاه الله، وصنائع المعروف تقي مصارع السوء، والجزاء من جنس العمل، ولا يظلم ربك أحدا.
قال جل وعلا: (إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا * عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا * يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا * وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا) [الإنسان: 5-8].
وقال سبحانه: (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ * أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ * أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ * ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ * أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ) [البلد: 11-18].
ويا أيها القائمون على هذه التكايا، يا سفراء الخير وشركاء الأجر، أعانكم الله وآجركم وأدام النفع بكم.
إن كانت لي من وصية فهي أن تترفقوا بالناس، وتأخذوهم باللين والإحسان، وتقدموا لهم أحسن ما أنتم قادرون عليه، وتكونوا أمناء على ما يصلكم (وهذا والله الظن بكم) فتأخذونه من أهل الله وتجعلونه في أهل الله، واحتسبوا أجركم على الله، فإنكم في جهاد وعمل تُغبطون عليه.
إننا في حرب شرسة مع عدو لا يرقب فينا إلًّا ولا ذمة، والثغور كثيرة، والحاجات شديدة؛ فليقم كلٌّ منا على ما يُحسن، وليسدَّ الثغرة التي يقدر عليها، فلا عذر اليوم لقاعد أو مخذِّل عن عمل الخير، والله حسيب كل امرئٍ، ومِن وراء قصده ونيته.
بسام بن خليل الصفدي
الأربعاء 25 شوال 1446
https://t.me/DBasam
21.04.202508:08
من مقروءاتي في الحرب [55]
("تغريدات 2017-2021" لعبد العزيز الشايع)
الجدية في القراءة وطلب العلم أصل عظيم لا يصل ولا يفلح طالب العلم بدونه، وهو في طريقه الجادة تلك يحتاج إلى الترويح والإحماض والفوائد والطرائف؛ ولهذا صنف مَن صنف من أهل العلم كتب الفوائد، وضمنوها منتخبات صالحة من كلامهم أو كلام غيرهم، يستعين بها الطالب في سيره، ويروِّح قلبه ونفسه.
وقد كنت من قبل الحرب أدخل (تويتر) لماما، وأتابع ما تيسر لي بحسب الظرف والحال، ومن المشايخ الذين استفدت منهم وراقتني مشاركاتهم: الشيخ الدكتور عبد العزيز بن عبد الله الشايع، دخل هذا الفضاء يحمل مشروعا علميا ثقافيا تربويا.
ينتقي الفوائد، ويتخير النقول، ويستعرض الكتب، ويلخص العلم، ويضع الخطط، ويعرض التجارِب، ويحرك العزائم، ويعظ القلوب، ويورد الأخبار، ويسوق الأشعار.
حديقة غنَّاء فيها ما لذ وطاب، مع عفة لسان وبعد عن الخصومات.
وهذه تغريدات مجموعة من حسابه مقسمة على السنين، تشتمل على ستة آلاف تغريدة، ليست كتابا ولا بحثا يُطلب فيها ما يُطلب في الكتب والأبحاث، إنما هي تغريدات وسوانح وفوائد ومختارات ولطائف في العلم والإيمان والعمل والكتب والقراءة، يستفيد منها العامي وطالب العلم والقارئ والمثقف كلٌّ بحسَبه.
ونحن في زمن عزف فيه أكثر الناس عن العلم والقراءة والكتب، ومثل هذه المجاميع تحفِّز النفوس، وتقوي الهمم.
ولا ينبغي لطالب العلم أن يحرم نفسه من الاستفادة من أي كتاب؛ فقد تقف على نصيحة غالية، أو نقل عزيز، أو فائدة نادرة= توقظك من غفلة، أو تنقذك من ضلالة، أو تصحح سيرك ومنهاجك، والحكمة ضالة المؤمن.
بسام بن خليل الصفدي
الاثنين ٢٣ شوال ١٤٤٦
https://t.me/DBasam
21.04.202506:36
الكتاب ليس تاما
19.04.202519:17
من مقروءاتي في الحرب [54]
("طفولة قلب" لسلمان العودة)
هذا الكتاب "ليس مجرد مذكرات أو سيرة ذاتية، ولكنه تجربة حياتية بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، فضلا عن كونه سردا وتوثيقا تاريخيا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا ودعويا لمرحلة هامة جدا من عمر الأمة الإسلامية" [المقدمة (ص7) عن موقع (الإسلام اليوم)، وفيه شيء من مبالغة].
كنت في بدايات الثانوية حين عرفت الشيخ سلمان، وكنا نعيش في غزة صحوة عارمة مع انتهاء الانتفاضة ومجيء السلطة الفلسطينية، والشريط الإسلامي يومئذ منتعش يصلنا من مصر والسعودية مع القادمين من الحج والعمرة.
لست أذكر أول شريط سمعته له، لكني أتذكر إعجابي الشديد بأسلوبه وطريقته وموضوعاته التي يتناولها، وكان حالي كحال ذاك القائل:
أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى فصادف قلبا خاليا فتمكنا
بدأت الرحلة مبكرة مع الشيخ سلمان ومع من عُرفوا يومئذ بشيوخ الصحوة: سفر الحَوَالي، وناصر العُمَر، وعبد الوهاب الطَّريري، وعائض القرني، وغيرهم.
استهواني الشيخ، وكنت أجد فيه شيئا مختلفا، فصرت أتطلَّب أشرطته، ولم تكن له يومئذ كتب، ووافق ذلك قدومَ زميل لنا من الرياض من عائلة (أبو عاصي) أنهى والدُه التعاقد هناك ورجع مع أولاده إلى غزة، وكنت أزوره ويزورني، وأسأله عن بعض المشايخ حتى جاء ذكر الشيخ سلمان فقال لي: جئت بغالب أشرطته، فقلت في نفسي: أنت الذي أبحث عنه. وتفضل عليَّ رحمه الله (وقد مات بعد ذلك بمدة يسيرة) بكل ما كان عنده من الأشرطة، فكأني وقعت يومها على كنز، وأقبلت عليها حتى سمعت أكثرها، وأشهد أني انتفعت بها انتفاعا عظيما، وتركت فيَّ أثرا كبيرا، أذكر منها: من يحمل هم الإسلام، صناعة الموت، هكذا علَّم الأنبياء، نهاية التاريخ، صانعو الخيام، المعركة الفاصلة، الحيل النفسية، وغيرها كثير كثير.
ثم قُدِّر لي بعد ذلك أن أسافر للعمرة سنة 1422، ولقيت شيخنا يحيى بن عبد العزيز اليحيى -وقد ذكرت خبره في مقالة تقدمت- وسألته عن الشيخ سلمان وكان حديث عهد بالسجن، فأخبرني أنه قادم للعمرة وأن محل سكنه قريب من الحرم، فقلت: هل لي في زيارته؟ فقال: نعم، الأمر سهل إن شاء الله، وأرسل معي أخا يوصلني للمكان، فلقيته مع مجموعة من طلابه يحبونه ويجلونه جدا، وهو يومئذ في الخامسة والأربعين.
في الكتاب حديث جميل ماتع عن البيئة النجدية وقت طفولة الشيخ (وقد وُلد في بُرَيدة سنة 1376)، وبدايات الدراسة والتعلم والاتصال باللغة والشعر.
وفيه ذكريات عن مشايخه الذين درسوه أو لقيهم واستفاد منهم: صالح البليهي، عبد الرحمن الدوسري، ابن باز، ابن عثيمين، عبد الفتاح أبو غدة، وغيرهم.
وفيه فصول تاريخية وفكرية مهمة عن تلك المرحلة التي وَفَدت فيها الأفكار، وكثرت السجالات والصراعات، وكيف ارتسمت شخصيته وبدأت رحلته مع التدريس والطلبة، ثم تطور الأمر إلى مكتب لإدارة أعماله، وفي هذه الفترة كان في عَشر الأربعين، وكان حديثَ الناس والمجالس، يحضر له الألوف من كل مكان، يحاضر في: القضية البوسنية، والمسألة الجزائرية، والمعركة الفاصلة مع اليهود، وأفغانستان عبر وعبرات، ويا أُهيل الحرم... حتى جاء الوداع، وحان الرحيل سنة 1415، فأودع السجن ليمكث فيه قريبا من خمس سنوات.
وهنا حديث ضاف عن السجن وآلامه وآماله، واكتشاف الذات والناس من حوله.
هنا "يجد نفسه بين خيارين: إما أن يُمسك اللوح والقلم؛ فيساعد الناس على العودة إلى أهليهم، ويرى أشعة الشمس، ويستمتع بالكتاب، ويبدأ في مطالعة الجريدة، ويطمئن على الأهل والأم والزوج والصبية، وإما الصمت، وهو الحرمان" [ص271].
واختار الشيخ الإمساك باللوح والقلم، والعودة إلى الأهل، "اختار العمل في رابعة النهار، وتحت أشعة الشمس معرضا عما سوى ذلك" [ص271].
خرج الشيخ من السجن وبدأ رحلة جديدة مع نفسه والناس والحياة.
الكتاب كُتب بلغة أدبية عالية يتخللها كثير من الشعر الجميل الرائق، أجمله ما رَثى به ولدَه عبدَ الرحمن الذي قضى طفلا صغيرا وهو في السجن قد حيل بينه وبين توديعه.
تمنيت لو تُغني الأمانيُّ نظرة
إلى جسد ذاوٍ يغَرغِر بالبُهر
تمنيت حتى وقفةً عند نعشه
تردُّ إلى نفْسي الذي ضاع من صبري
تمنيت ما نالت ألوف توجهت
إلى ربها صلت عليك مع العصر
تمنيت كفًّا من تراب أسُنُّها
على قبرك الميمون طُيِّب مِن قبر
في قصيدة طويلة باكية.
وفي الكتاب دروس وتجارِب ثرةٌ في التربية والعلم والعمل والحياة.
وفي بعض فصوله مَلالة لم أسترسل معها، وفي جُلها رمزية متعبة مجهدة للقارئ تمنيت لو أنه عدل عنها.
فرج الله عن الشيخ سلمان، ورده إلى أهله وطلبته ومحبيه وإخوانه سالما معافى، وهدانا وإياه وجميع المسلمين للحق وثبتنا عليه حتى نلقاه، اللهم آمين.
الكتاب منشور عن دار السلام- القاهرة، ط1- 1438.
بسام بن خليل الصفدي
السبت 21 شوال 1446
https://t.me/DBasam
15.04.202519:46
ويرى الأحمري أن كتاب الشيخ ردة فعل على ما حدث في سورية، وأنه قابل تطرفا بتطرف؛ فتجاوز فطرة البشر، وحقائق التاريخ، وطبائع الأحداث.
وأن موقفه عجيب مُوحش مغرق في الضعف والاستكانة، حتى جهاد الدفع لا يؤيده.
وسأله في هذا السياق: لماذا لا يُلام من قصر في إعانة الثوار والوقوف معهم، ويتوجه اللوم إليهم فقط؟! لماذا لا تلوم الدول والحكومات الخائنة؟!
وذكر أن هدف الكتاب الأساس: التوهين من مكانة القتال في الإسلام نصا وتاريخا، وتعقيد شروط تنفيذه لو سُمح بتسربها إلى الكتاب، ومن دلائل التوهين: محاولة صرف الجهاد عن معناه، وجعلُ كلِّ عمل من أعمال الخير جهادا.
ويرى الأحمري كذلك أن الشيخ يعمل على ترسيخ ثقافة السلبية والهوان، وتأسيس مذهب يقوم على الهروب من ثقافة الحرب، بل من ثقافة الدفاع عن النفس، ويحشد كل ما يؤيد فكرته، وما لا يؤيدها يتجاوزه أو يتكلف في تأويله، فلم يساعده الفقه ولا التاريخ ولا السياسة.
أما فكرة التعازل والتتارك فإنها في عقله فقط، وهي فكرة عجيبة لا يؤمن بها الغرب أنفسهم، والواقع خير شاهد على ذلك، وهل تحررت الدول والشعوب إلا بالجهاد والقتال؟!
وفكرة توازن القوى ليست شرعية كذلك، فغالب المعرك والغزوات كان عدد المسلمين فيه قليلا.
و"السنام" يقع في قريب من مائتي صفحة، و"صب الملام" في نحو مائة وخمسين، ولا يتسع المقام هنا للتعقيب على كل ما ذُكر، فكتاب الشيخ الطريري فيه جوانب حسنة يستفاد منها بلا شك، ووقفات مع جملة من النصوص والوقائع جديرة بالنظر والاعتبار، لكنه كدره بالتكلف في تأويل النصوص لتأتلف مع ما ذهب إليه من ترك الجهاد والقتال، نحو صنيعه في حديث (أمرت أن أقاتل الناس...) فإن الشراح مجمعون على خلاف ما ذكره، ونحو صنيعه في أحاديث الطائفة المنصورة، وأن لفظ (يقاتلون) فيها مروي بالمعنى، وأن المقصود: القيام بأمر الله... إلخ، فإن هذا مخالف للروايات الصريحة عن ثمانية من الصحابة ممن رووا حديث الطائفة، ومخالف للمنقول عن السلف والشراح كافة. والغريب أنه عزا في الحاشية إلى رسالة الشيخ سلمان العودة "الغرباء"، وذكر أن فيها جمعا للأحاديث الواردة في ذلك، وأنه يتبين بمجموعها المعنى الكلي، وحين ترجع إلى الرسالة تجد الشيخ سلمان يؤكد ويبدي ويعيد في تأكُّد وصف الجهاد والقتال للطائفة المنصورة.
وللإنصاف: فإن هذا الذي ذكره الشيخ إنما هو في "توازن القوى"، وليس في "السنام"، لكنه منشور على حاله، ولم يصرح أن ما فيه منسوخ بما في الذي بعده.
ولهذا الذي ذكرته نظائر لا يتسع لها المقام.
وكتاب الأحمري فيه قسوة في بعض ألفاظه كان يمكن اجتنابها، وفيه نقص في بعض الجوانب الفقهية التأصيلية.
وممن تعقب الشيخ في كتابه: الشيخُ الدكتور ناصر الحنيني في ورقات بعنوان "توازن الرؤى لا توازن القوى" تفضل بإرسالها إليَّ مشكورا جزاه الله خيرا، ذكر فيها مقدمات مهمة، ثم أتبعها بجملة من التعقبات المجملة ثم المفصلة، وهي جديرة بالنظر والاطلاع.
وفق الله الجميع لمرضاته، وهدانا للحق وثبتنا عليه حتى نلقاه.
بسام بن خليل الصفدي
الثلاثاء 17 شوال 1446
https://t.me/DBasam
12.04.202507:10
حرب غزة يوميات ومشاهدات [٧٠]
(فقلت له إن الشَّجَا يبعث الشَّجَا)
من الأبيات السيارة قول متمِّم بن نُوَيرة يَرثي أخاه مالكا:
لقد لامني عند القبور على البكا
رفيقي لتَذْراف الدموع السَّوافك
فقال أتبكي كلَّ قبر رأيته
لقبر ثوى بين اللِّوَى فالدَّكَادك
فقلت له إن الشجا يبعث الشجا
فدعني فهذا كله قبر مالك
وقد جدد قتلُ أبي بلال حزني على أخي أحمد تقبلهما الله وجميع إخواننا وأهلنا، وذكرتُ رثاء كانت أرسلته لي إحدى شقيقاتي تواسيني ونفسَها به، قالت رضي الله عنها -وفي بعض كلامها مبالغة جارية على طرائق الأدباء أبقيتها على حالها-:
"كأنّ دعاء الموت باسمك نَكْزَة
فرَت جسدي والسمّ ينفُث في أذني
يقين أشبه بالشك، وشك هو كاليقين، صورة الموت إذا اختطف حبيبا لك، وهذه أيام ثقيلة، أنكرت فيها نفسي ولم أعُد أعرفني، اهتَصَر فيها الموت أخي وحبيبي، ولم أدرِ قبله ما البُكا وما الوجد، وكأننا كنا اتفقنا أن يعيش إلى الأبد، فالموت فكرة مرعبة لا يخفف وطأها إلا اليقين والاطمئنان بأقدار الله.
ما كنت أرضى قبل نعشك أن أرى
رَضوى على أيدي الرجال يسيرُ
أخي وحبيبي، ما بي طاقة للكتابة الآن؛ إذ بعضي يبكي بعضه، ولكن لك حق وعليّ واجب، والله إن مصيبتنا بك هوّنت علينا كل المصائب بعدك، وفقدُك أهّلنا لكل فقد سواك؛ إذ كل موت أخطأكَ طيلة تسعة شهور كان يهون علينا، حتى أتى أمر الله الذي لا يُدفع، فمن شاء بعدك فليَمُت، فعليكَ كنا نخاف ونُحاذر.
تطاردني صورتك الأخيرة كمجنون فقد نصف عقله، وما زالت تلازمه حتى فقد نصفه الآخر، كأن النبأ طيفُ وهم أو نسجُ خيال عابث يَفزعني كلّ حين، ويطِنّ في أذني طنينا صاخبا لا أسطيع دفعه، فيجري ماء العين وآسَف على روح زكية اكتنفتها طباق الأرض.
عبثًا ينسلّ صوتك الرقيق، ومحيّاك الباسم الجميل، وطلعتك البهية من ثقوب الذاكرة، ولا أحسبكَ إلا نائما نوما سرمديا لا أرق فيه ولا وصب بعد تسعة شهور من النصب.
وإنْ تَكن الأيام فرّقنَ بيننا
فقد بان محمودا أخي حين ودّعا
سلام عليك يا أخي، سلاما مقرونا بدعاء صادق لن ينقطع بإذنه.
رزقك الله مفاز المتقين، وسكّن نوبات الأسى عليك بالرضا واليقين، وحبانا صبرًا يسع فقدك، وآواك الجنة، وجبر كسر القلوب عليك.. وكلنا مطايا إلى الموت لمّا نصلْ بعد" انتهى.
بسام بن خليل الصفدي
السبت ١٤ شوال ١٤٤٦
https://t.me/DBasam
22.04.202513:33
من مقروءاتي في الحرب [56]
("مهندس على الطريق.. أمير الظل" لعبد الله البرغوثي)
ولد عبد الله البرغوثي في الكويت سنة 1973، ودرس فيها وأحبها وأحب أهلها حتى حان الرحيل إلى الأردن وهو في ريعان الشباب، ثم سافر إلى كوريا الجنوبية للعمل ودراسة الهندسة (الإلكتروميكانيكا)، وتزوج كورية مسلمة، ثم رجع بها إلى الأردن وطلقها، ثم تزوج قريبة له من قريته (بيت ريما) في رام الله.
التحق بالجهاد سنة 2000 (سنة انتفاضة الأقصى)، وكان قبلها يعمل في التجارة، وقد فَتَحت له الدنيا أبوابها، وتهيأت له أسباب النعيم والرَّفاهة التي يتمناها كل شاب في سنه.
حين عرف أبو أسامة طريقه وتبين أمرَه طلق الدنيا ثلاثا، وملك عليه حب الجهاد حياته، وسخَّر له وقته وماله وأهله؛ حتى ذكر عن نفسه أنه كان دائما يعيد الصلاة مرتين أو ثلاثا بسبب تفكيره في الجهاد.
كان على درجة عالية من الحذر، ولم ير أحدٌ وجهه طيلة فترة عمله (2000-2003)، وكان يتكلم بالفصحى حتى لا يُعرَف.
أبو أسامة صاحب أعلى حكم في تاريخ فلسطين (67 مؤبد و5200 سنة)، وصاحب أكبر ملف أمني في تاريخ دولة الاحتلال.
قيل عنه: له عقلان، استبدل قلبه بعقل ثان.
وهذا الكتاب كتبه ردا على رسالة أرسلت إليه بها ابنته تسأله: من أنت؟ ولـمَ أنت؟
فكتب هذه الملحمة العظيمة الخالدة، ملحمة من ملاحم البطولة والإيمان والفداء، سطرتها يراعةُ بطل من أبطال فلسطين قلَّ أنْ تجود بمثلهم الأيام.
لله ما أعظم همته وبذله وتضحيته، صنع في أربع سنوات ما لم يصنعه غيره في أربعين سنة، نعم أربع سنوات قام فيها لله قومة الرجال الأوفياء لدينهم وبلادهم حتى أسلمته يدُ الغدر إلى الأسر، فكانت له في سجنه ملحمة ثانية أعظم من ملحمته الأولى، ستة أشهر في أقبية التحقيق رأى فيها الموت وعانقه والله يسلمه، وهو الآن رابض في زنازين العزل من سنة 2003 عجَّل الله بالعز خلاصه.
ختم كتابه بقوله: "أعلم أنني اليوم أعيش في ظلمة زنزانة العزل الانفرادي منذ سنين طويلة، طويلة جدا حتى إنني لم أعُد أحصيها.
ولكن أذكر قبل دخولي إلى العزل أنني عشت ستة أشهر في زنازين التحقيق، شاهدت خلالها الموت وكلمته وكلمني، لمسته في لحظات عديدة، ولكن تغلبت عليه بعون من الله الواحد القهار.
وأذكر أنني عشت قبل ذلك أجمل وأروع أيام عمري، فلقد رفعت رأسي عاليا، ورفعت راية التوحيد والجهاد أعلى في زمن الذل والهوان.
غدا سوف تأتي قطرة زيت تضيء سراج الأقصى وقنديل القدس.
غدا قادم، فلا تقنطوا من رحمة الله، فهو الرحمن الرحيم، وهو الغالب القادر على كل شيء".
بسام بن خليل الصفدي
الثلاثاء 24 شوال 1446
https://t.me/DBasam
21.04.202506:43
21.04.202506:26
19.04.202516:39
قناة شيخنا الحبيب على منصة اليوتيوب
لطفا الاشتراك
https://youtube.com/@d.bassam_khalil?si=NAniY0q5Ym_VZKIz
15.04.202519:46
من مقروءاتي في الحرب [52-53]
("سَنام الإسلام" لعبد الوهاب الطريري، و"صبُّ الـمَلام على كتاب السَّنام" لمحمد الأحمَري)
نشر الشيخ الفاضل عبد الوهاب الطريري سنة 1441 ورقات بعنوان "توازن القوى" أرسلها لي أحد الأفاضل قبل الحرب بأكثر من سنة، ولم تتهيأ لي مطالعتُها في ذاك الوقت، ثم جاءت الحرب ويسر الله لي مطالعتها في الأشهر الأولى. 
وكان من أواخر الكتب التي علقنا عليها في برنامج (اللقاء الشهري) قبل الحرب بمدة يسيرة كتابُ "اليوم النبوي" للشيخ حفظه الله، وهو من الكتب الحسنة البديعة.
وليست لي صلة بالشيخ، غير أني قبل سنوات تجاسرت وحصلت على رقمه وطلبت منه مجموعة من إصدارات (الإسلام اليوم) فتفضل بها كاملة، سلمها لأحد أبناء عمي حفظهم الله، ووافتني بعد مدة يسيرة، والشيخ كريم طيب النفس جزاه الله خيرا.
ثم جرى تواصل بيني وبينه في الحرب وسألته عن بعض كتبه فتفضل ثانية بإرسالها مصورة، ومنها: نسخة مزيدة من "اليوم النبوي" وسيأتينا الحديث عنه بإذن الله في هذه السلسلة، ومنها نسخة مزيدة من "توازن القوى" منشورة بعنوان "سنام الإسلام.. نظرات ومراجعات في التجارب القتالية" مشفوعة باطلاع تسعة عشر عالما ومفكرا من بلدان مختلفة، فكـأنه "كما قال أحد الظرفاء: حصَّنه بأسلحة الدمار الشامل" [صبُّ الملام (ص10)].
وكنا قد انقطعنا عن الشبكة أول أشهر الحرب، ثم بدأت تعود شيئا فشيئا، وكان من البرامج التي أحرص على متابعتها برنامج (أسمار وأفكار) الذي يقوم عليه الدكتور محمد الأحمري مع جماعة من الأفاضل والمثقفين، يناقشون فيه الكتب والرجال والأفكار، ويستضيفون فيه أهل العلم والفكر والأدب.
ومن حلقات (أسمار وأفكار) التي بُثَّت بعد حرب غزة حلقة نوقش فيها كتاب "صب الملام على كتاب السنام"، ولم يكن لي علم بالكتاب، فحرَصت على الحصول عليه، بحثت عنه في الشبكة فلم أجده، فطلبت رقم الدكتور الأحمري من أحد الأفاضل لعله يتفضل بالكتاب، فكفاني الله ووصلني من غير سؤال، وقرأته والحمد لله.
سامحوني على هذه التَّقْدمة المملة.
فكرة كتاب "السنام" باختصار: أن الشريعة مبناها على تحقيق مصالح العباد، والجهاد لا يخرج عن هذا النظام؛ فهو مبني على المصلحة استدلالا وتقييدا، والمصلحة تتضمن تحصيل المصالح ودرء المفاسد، فكل ما غلبت مصالحُه فهو مطلوب في الشرع، وكل ما غلبت مفاسده فهو مذموم في الشرع.
وأن الجهاد كغيره من شعائر الإسلام مبناه على الاستطاعة والقدرة، وهي شيء واضح مُدْرَك، فإذا لم تتحقق ولم يصل المسلمون إلى درجة القوة التي يرهبون بها عدو الله فهم مستضعفون، والاستضعاف له أحكامه.
وأن الله تعالى يُمضي سننه في عالم الأسباب ووَفق ناموسه الذي وضعه، ولا يعجل بعجلة أحد من خلقه، والسنن الإلهية والكونية لا تعانَد، ولا بد أن تأخذ وقتها وتأتي بنتائجها في إبَّانها، والجهاد لا يعتمد فقط على الإيمان وحده، بل الإيمان سلاح ضمن عالم الأسباب.
واستدل الشيخ على نظراته بأنباء المرسلين، ووقائع السيرة، وأحداث التاريخ.
وعرَّج بعد ذلك على التجارب القتالية المعاصرة، ويجيب في هذه السياقات على جملة من الشبه المثارة في وجه التأصيلات التي تبناها ودافع عنها.
وختم بسؤال: ما العمل إذن؟ وأجاب بما حاصله: أن الجهاد ليس محصورا في القتال، فثمة جهاد علمي، وجهاد حضاري... إلخ، والمطلوب منا اليوم أن نعمل في المساحات الممكنة، ونستنفر لذلك الجهود والطاقات، فهذا أجدى علينا من أن نَشْغل أنفسنا بما لا نستطيعه.
والشيخ لا يرى جهاد الطلب، ويتأول الأحاديث الواردة في ذلك نحو حديث (أمرت أن أقاتل الناس...) على معنى: أي يتمكنوا من قولها قناعة وإيمانا، ويكون لهم الخيار الكامل في قولها، وإزالة كل قوة ظالمة تمنعهم من قولها إذا اختاروها.
ويرى أن الوضع العالمي زمن النبي صلى الله عليه وسلم وعند فرض الجهاد كان يقوم على استتباع الناس في الديانة لدين الملوك والزعماء، وأن هذا لم يعد موجودا اليوم بعد أن كُفلت حرية التدين.
ويرى في السياق نفسه أن الوضع العالمي -كذلك- كان يقوم على تمدد الأقوياء، فلم تكن هناك حدود للدول، واليوم تغير الأمر فصارت لكل دولة حدودٌ مستقلة، وصارت الحروب استثناءً من الحالة العالمية العامة، فالقانون العام والثقافة السائدة بين الدول اليوم هي ثقافة التعازل والتتارك لا القتال والتعارك.
هذه فكرة الكتاب وجولة مختصرة على أبرز مضامينه، ولا يغني ذلك بطبيعة الحال عن الرجوع إليه. 
أما "صب الملام" فإن الدكتور الأحمري ركز فيه على الجانب التاريخي والسياسي، ولم يُخله من تعقبات شرعية فقهية على جملة مما استدل به وأورده الشيخ الطريري من النصوص وكلام الأئمة، ولم يقف مع الأصول التي وضعها الشيخ من بناء الجهاد على القدرة والاستطاعة وتحقيق المصالح، بل انصب في الغالب على تنزيلاته واستنباطاته من النصوص والسير والوقائع.
10.04.202516:41
الكتاب مهم جدا، يغوص في دقائق الدقائق، وتفاصيل التفاصيل، ولا أظن كتابا آخر يغني عنه.
ولا يكاد يوجد قيادي إسلامي في تلك الحقبة إلا ترجمه وبين مهمات سيرته وأعماله.
ومن فصوله المهمة جدا الفصل الذي عقده في نشأة حركة فتح وخروجها من رحم الإخوان، وانتهى فيه إلى خلاصات مهمة لا يتسع لها هذا المختصر.
وفي الجملة: هذا الكتاب مهم جدا لدارس التاريخ المعاصر لفلسطين، مكدَّس بالتواريخ والإفادات، وفيه تحليلات واستنتاجات قد تتفق معها أو تختلف، لكن هذا الكنز المعلوماتي لن تظفر به مجموعا مرتبا في مثل هذا الكتاب.
بسام بن خليل الصفدي
الخميس ١٢ شوال ١٤٤٦
https://t.me/DBasam
21.04.202516:16
حرب غزة يوميات ومشاهدات [74]
(اللون لون الدم والريح ريح المسك)
في آخر إحصائية صادرة عن الإعلام الحكومي متعلقة بجرحى الحرب:
116505 جريحا ومصابا وصلوا إلى المستشفيات.
17000 جريحا بحاجة إلى عملية تأهيل طويلة الأمد.
4700 حالة بتر، بينهم 18 بالمائة من فئة الأطفال.
22000 مريضا بحاجة للعلاج في الخارج، لكن الاحتلال يمنعهم من السفر.
13000 مريضا أنهوا إجراءات التحويل، وينتظرون سماح الاحتلال لهم بالسفر. انتهى مختصرا بنصِّه.
رأيت من يومين طفلة صغيرة في المهد عمرها أيام بُترت يدها إثر قصف أصاب المكان الذي كانت فيه، وعاجلها الموتُ ففاضت روحها إلى ربها، وأصيب أحد الأطفال من قرابتنا فأخرجوا من جسده قريبا من خمسين شظية وسلمه الله تعالى، ومثل هذا وأشدُّ منه كثير أصعب من أن يحصَر.
الجراحات هنا عظيمة، يزيد في شدتها:
-أن الصواريخ والقنابل والموادَّ التي يقصف بها الناس كثيرة الشظايا، شديدة الانفجار والسُّمِّية، حتى تواتر على الألسنة أن كثيرا من الأجساد تتبخر لا يبقى منها شيء بفعل القصف.
-وأن العلاج والدواء الذي يتداوى به المصابون والجرحى شحيح جدا أو معدوم بفعل الحصار المطبق الخانق؛ وكثير منهم يموت بهذا السبب المقدَّر.
ويلحق بهذا قلة الغذاء اللازم للعلاج والتعافي، وهو أمر مشاهد معلوم.
-وأن كثيرا منهم يحتاجون إلى عمليات وعلاج في الخارج، والعدو يمنعهم من السفر؛ إمعانا في التنكيل والعذاب.
ومن تيسر له السفر فإنه يصل بعد رحلة طويلة من العذاب والمعاناة لا يقوى عليها الأصحَّاء الأشداء، فضلا عن المشرف على الموت، ثم بعد هذه المعاناة كثير منهم لا يلقى رعاية ولا اهتماما فيتمنى أنْ لو بقي في بلده ومات فيها على ما يلقاه في بلاد الغربة.
-وأن كثيرا من الأطباء المهرة غادروا البلاد خوفا على أنفسهم وأهليهم، فبقي الطلبة والمتدربون وقليل من أهل المروءات.
-وأن أكثر المستشفيات دُمرت وتعطلت وخَرِبت بفعل القصف والتدمير المتعمد، فيتكدس آلاف المرضى في المستشفيات القليلة التي فيها بقية حياة، أو في الخيام، أو في أماكن لا تصلح لاستقبال المرضى وعلاجهم.
ومن ذهب إلى مستشفى الشفاء -يوم كانت تعمل- أو المعمداني أو غيرها ورأى عشرات المصابين والجرحى في الممرات والساحات رأى أمرا مهولا، والله المستعان.
وما سبق شيء، والنزوح بالمصابين والجرحى والتنقل بهم بين ممرات الموت وتحت هدير الطائرات شيء آخر.
ولا يسعني الاسترسالُ في الحديث، فإن الأمر والله أكبر أجل مما تقرأ وتسمع، وإلى الله وحده المشتكى.
أما أنت أيها الجريح المصاب: فاعلم أن هذا أمر قدره الله، والواجب عليك أن تصبر وتحتسب ما أصابك عند الله، وأيا كان السبب فيما نحن فيه فهذا الواجب المتعيِّن، وأنا ذكرت هذا لأن بعض الناس يظن أن المصيبة إن كانت من الكافر ابتداء تختلف عما إذا تسبب فيها بعض أهل الإسلام؛ فيصبر في الأولى ويشتغل بالسب والطعن في الثانية، وهذا من الجهل والانحراف؛ فإن الواجب في كل ما يصيب المرءَ من البلاء: الصبر والرضا والتسليم بأمر الله، ثم لا يمنع هذا من توجيه النقد واللوم بالطرائق الشرعية المعتبرة عند أهل العلم.
وتعزَّ شفاك الله وعافاك بقول نبيك صلى الله عليه وسلم: (مَا مِنْ مَكْلُومٍ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا جَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ وَكَلْمُهُ يَدْمَى، اللَّوْنُ لَوْنُ دَمٍ، وَالرِّيحُ رِيحُ مِسْكٍ) [أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه].
وهذا من إكرام الله للمكلوم المصاب، وإظهار فضله ومنزلته يوم القيامة بين الخلائق.
ومن كُلِم ثابتا صابرا محتسبا فهو في سبيل الله إن شاء الله.
أخي الجريح المكلوم المصاب: أعلاك الله إلى العافية، ومسح عليك بيمينه الشافية.
عجل الله شفاءك، وأعظم في الدنيا والآخرة جزاءك، وألهمك الصبر، وأنزل عليك السكينة، وبرد قلبك باليقين والرضا.
وما عند الله خير وأبقى، وهو المستعان على كل حال.
بسام بن خليل الصفدي
الاثنين 23 شوال 1446
https://t.me/DBasam
21.04.202506:41
الإخوة الكرام..
هذه بعض الكتب التي سبق الحديث عنها ضمن سلسلة المقروءات، وقد سبق تحميل بعضها من قبل، وما بقي ينزل هنا تباعا إن شاء الله تعالى.
21.04.202505:52
19.04.202516:24
حرب غزة يوميات ومشاهدات [72]
(هُتَاف الـمَجْد)
الطنطاوي أديب رساليٌّ، نذر نفسه طيلة حياته للمُحاماة عن دينه، والدفاع عن قضايا أمته، يصول بقلمه ولسانه وبيانه صولة الأسود، لا والله، بل أقوى من صولة الأسود.
كلماته أقوى من الرصاص، وأحد من السيف.
كَتب الطنطاوي في الحماسة والجهاد، والدفاع عن قضايا المسلمين، والوقوف في وجه الغاصبين، ورد عادية الملاحدة وأعداء الدين مئاتِ الصفحات، بقي يناضل ويُحامي إلى آخِر نَفَس يتردد في صدره، وآخر قطرة حبر في قلمه.
ونحن أهلَ فلسطين خاصةً للشيخ في أعناقنا منةٌ عظيمة، كيف لا، وقد طاف الدنيا من أجلها، وكتب عنها وعرَّف بها وجاهد في سبيلها ما لم يجاهده غيرُه من أبنائها فضلا عمن سواهم، وكلماته وتوجيهاته في ذلك كالنور في حنادس الظلام، فالله يتقبل جهاده، ويبرِّد مَضْجَعه، ويبلِّغه منازل الرضوان.
وهذان نصان من كلامه رحمه الله أوحى إليَّ بهما بعضُ ما نحن فيه، أكتفي بإيرادهما من غير تعليق اقتباسا من الكتاب الذي سيصدر عنه قريبا بحول الله تعالى.
1- في سنة (1947) حين كانت الحرب على أشُدِّها مع أوربا، وبدأ اليهود يتسللون إلى فلسطين بحماية من بريطانيا كتب الطنطاوي مقالته (إعلان حرب) قال فيها:
على كل واحد منا، وعلى كل واحدة أن يحرِّم على نفسه كل شيء أجنبي، فلا يأكلَه إن كان مأكولا، ولا يشربه إن كان مشروبا، ولا يمسَّه إن كان طيبا، ولا يلبسه إن كان ثوبا، ولا يقرأه إن كان كلاما؛ ما لم يكن علما خالصا، أو أدبا إنسانيا صِرفا، ولا يتداوى به إن كان عَقَّارا [دواءً]؛ ما لم يكن مضطرا إليه ولا يجد ما يَسُدُّ مَسَدَّه، ولا يرسل ابنه إلى مدرسة أجنبية، ولا يدعه يذهب في السياسة والاقتصاد مذهبا أجنبيا.
وأن نمحو أسماءهم من شوارعنا ومياديننا، ونطمس ذكرهم من مدارسنا وبرامجنا؛ إلا ببيان حقائقهم وهتك السُّتُر الخادعة عنهم.
وأن نداوي نفوسنا من هذا السُّل القاتل الذي هو احتقار نفوسنا وتعظيمُ الغربيين، وأخذُ كل ما يأتي منهم أخذَ الضعيف.
وأن نوقن أننا أقوياء حقا، أقوياء بماضينا وأمجادنا، وبما تركنا في الدنيا من أثرٍ خيِّرٍ نبيل، وأقوياء بعَددنا وبعزائمنا، وبأن الحق معنا، وأن البلاد بلادنا، وأن فلسطين لنا، لن يغلبنا عليها شحاد صهيوني، ولا محتال إنكليزي، ولا لص أميركي، لا والله ولا الجن ولا العفاريت.
إننا والله سنمضي إليها على كل سيارة وكل قطار وكل دابة، ونمشي على أقدامنا إن عزَّ الظَّهر، ونملأ إليها كل طريق، ونسلك إليها كل سبيل، حتى نُتْرِعها رجالا؛ إن أعوزهم السلاح فما يُعْوِزهم النُّبْلُ ولا الإقدام، رجالا لا يحبون الحياة الذليلة، ولا يهابون الموت الشريف، ولا يتزحزحون ولا يَريمون [يَبْرَحون] ما دام في صدورهم قلوب تَخْفِق، وفي صدورهم نفس يطلُع وينزل. هُتاف المجد (ص119).
2- لقد كنتُ أَرانا نتلقى بوجوهنا ضرباتِ اليهود فلا نملك إلا أن نذهب إلى مجلس الأمن كما يذهب الولد المدلَّل الناعم إلى المعلم يقول: أستاذ هذا ضربني! ويكون المعلم مشغولا عنه فيصرفه بحركة من يده ويقول له: اذهب أنا سأؤدبه، وهَوَى المعلمِ مع الضارب لا مع المضروب.
نحن العربَ، نحن المسلمين، نحن أبناءَ من فتح الدنيا، نحن سلائل الأبطال الأماجيد= يكون أقصى جُهْدنا أن نشكو إلى مجلس الأمن؛ يا مجلس الأمن أدركنا إن اليهود اعتدوا علينا! ويبحث مجلس الأمن ويناقش، ثم إذا أدرنا ظهورنا وانصرفنا مدُّوا ألسنتهم لنا ساخرين بنا.
كنتُ أَحْني رأسي حياء وأُفَتش عن قبر أواري فيه وجهي، ثم أرتد حياء من رُفات الجدود أن تَطَّلع عليَّ من جوانب القبر.
وكنت أتحرق وأقول: متى نذكر رجولتنا؟ متى نستعد للمعركة الحمراء بالحديد والنار؟ متى نثبت للدنيا أننا لا نزال أبناء الـمَعامع وفرسانَ الحروب؟ متى نقف على أرجلنا، ونعتمد بعد الله على أنفسنا، ونعلم أنه لا ينفعنا إلا السلاح؟ الذكريات (٧/ ٨).
بسام بن خليل الصفدي
السبت 21 شوال 1446
https://t.me/DBasam
14.04.202518:43
حرب غزة يوميات ومشاهدات [70]
(الاحتسابَ يا عباد الله)
[تنبيه: حدث خطأ في ترقيم بعض المقالات الأخيرة، وهذه المقالة السبعون على الصواب إن شاء الله، ومنه نستمد العون والسداد].
جاء في الأثر عن الشعبي أن شُرَيحًا قال: "إني لأُصاب بالمصيبة فأحمد الله عليها أربع مرات: أحمده إذْ لم تكن أعظمَ مما هي، وأحمده إذْ رزقني الصبر عليها، وأحمده إذْ وفقني للاسترجاع لما أرجو فيه من الثواب، وأحمده إذْ لم يجعلها في ديني".
ويُروى عن عمر رضي الله عنه قال: ما أُصبت ببلاء إلا كان لله عليَّ فيه أربعُ نعم: أنه لم يكن في ديني، وأنه لم يكن أكبرَ منه، وأني لم أحرم الرضا به، وأني أرجو ثواب الله عليه".
من لُطف الله تعالى بعباده أنه يبتليهم بالمصائب والشدائد ويهيئ لهم الأسباب التي تعينهم على احتمالها والصبر عليها، ومن أعظم ذلك: ما يرجونه من موعوده تعالى بالأجر والثواب، حتى تستحيل المصائب عند بعضهم نعما؛ لعظم هذا المعنى في نفوسهم.
وهذا المعنى العظيم جاء التعبير عنه في الأحاديث النبوية بالاحتساب، فمن ذلك ما جاء في البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: مَا لِعَبْدِي المُؤْمِنِ عِنْدِي جَزَاءٌ إِذَا قَبَضْتُ صَفِيَّهُ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا ثُمَّ احْتَسَبَهُ إِلَّا الجَنَّةُ).
والأحاديث في الباب كثيرة استقصاها ابن القيم في "عُدَّة الصابرين"، وأشار إلى جملة حسنة منها ابن حجر في "الفتح" في الموضع الآتي قريبا.
والاحتساب: أن يصبر العبد راضيا بقضاء الله راجيا فضله. انظر: "فتح الباري" (3/119) لابن حجر.
وكثير من الناس تجري عليهم المصائب العظيمة وينقلبون بالحسرة في الدنيا والآخرة، فلا أجرَ ولا رضا ولا سكينة، وهذه لعَمْر الله المصيبةُ حقا لا ما يقدَّر على العبد من البلاء.
وكل ما جاء في الآيات والأحاديث من الأجر على المصائب إنما يوفَّاه العبدُ بشرط الاحتساب. ومن بديع كلام الحافظ ابن حجر في "الفتح": "وقد عُرف من القواعد الشرعية أن الثواب لا يترتب إلا على النية؛ فلا بد من قيد الاحتساب. والأحاديث المطلقة محمولة على المقيدة".
وهذا أصل عظيم ينبغي للمسلم أن يَعلمه ويجاهد نفسه فيه ويكون منه على ذكر وبال؛ وذلك أن كثيرا من الناس لا يحضر هذا المعنى في نفوسهم، ولا يرفعون به رأسا.
فلا بد من استشعار الأجر حال نزول المصيبة، وهذا -كما سبق- يخفف وَقعها ويعين عليها. وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: (قَلَّمَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُومُ مِنْ مَجْلِسٍ حَتَّى يَدْعُوَ بِهَؤُلاَءِ الدَّعَوَاتِ لأَصْحَابِهِ: اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ، وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ، وَمِنَ اليَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مُصِيبَاتِ الدُّنْيَا...) الحديث. أخرجه الترمذي وحسنه.
وفي "القُوت" لأبي طالب: "وأصل قلة الصبر ضعف اليقين بحسن جزاء من صبرتَ له؛ لأنه لو قويَ يقينُه كان الآجِل من الوعد عاجلا إذا كان الواعد صادقا؛ فيَحسن صبره لقوة الثقة بالعطاء.
ولا يصبر العبد إلا بأحد معنيين: مشاهدة العِوَض وهو أدناهما، وهذا حال المؤمنين ومقام أصحاب اليمين. أو النظر إلى المعوِّض، وهو حال الموقنين ومقام المقربين".
وهذا النقل البديع مستفاد من الشيخ القرضاوي في "الصبر في القرآن الكريم"، وهو من نفائس الكتب على اختصاره.
فيا أهلنا في غزة، ويا أهل الإسلام في كل مكان، احتسبوا ما يصيبكم في ذات الله، وابتغوا الأجر عليه منه سبحانه، فإنما هي ساعة ثم تنقضي. والعاقل من تلمَّح العاقبة، وطمَحت عيناه إلى الآخرة، فالله يجعلنا وإياكم منهم بمنه وكرمه، اللهم آمين.
بسام بن خليل الصفدي
الاثنين 15 شعبان 1446
https://t.me/DBasam
10.04.202516:41
من مقروءاتي في الحرب [٤٧-٤٩]
("القضية الفلسطينية.. خلفياتها التاريخية وتطوراتها المعاصرة"، و"الطريق إلى القدس.. دراسة تاريخية في رصيد التجربة الإسلامية على أرض فلسطين منذ عصور الأنبياء وحتى القرن الحادي والعشرين"، و"الإخوان المسلمون الفلسطينيون.. التنظيم الفلسطيني- قطاع غزة ١٩٤٩-١٩٦٧" ثلاثتها لمحسن صالح)
الأستاذ الدكتور محسن صالح مثال للباحث الجاد الذي أخلص لبحثه وقضيته، وهو يعد اليوم من أبرز من يتكلم في قضية فلسطين وما يتصل بها، وقد أنشأ لذلك مركزا (مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات) يعد من أهم المراكز البحثية المهتمة بهذه القضية وتطوراتها، صدرت عنه مئات الكتب فضلا عن التقارير والوثائق واليوميات والأوراق البحثية والنشرات وغيرها مما تراه في موقعهم على الشبكة.
وأول الكتب الثلاثة التي نستعرضها في هذه الحلقة: "القضية الفلسطينية"، وهذا الكتاب الغرض منه تقديم رؤية عامة للقضية من خلال تتبع مفاصل السياق التاريخي لها، فهو مقسم على سبعة فصول كل فصل يتناول حقبة تاريخية مفصلية، بدأها بالتاريخ القديم وانتهى بها إلى سنة ٢٠٢١، مع مزيد اعتناء بمسارات التسوية والحروب الأخيرة على غزة.
الكتاب حسن الترتيب والتقسيم، سهل التناول، مختصر يناسب من لا يريد التوسع والإغراق في التفاصيل، ويعالج قضايا حية عاشها الناس، كل ذلك "من خلال رؤية تؤمن بحق أبناء فلسطين في أرضهم، وأن فلسطين أرض عربية إسلامية" [المقدمة].
وإن كانت لي من ملاحظة على الكتاب فهي هذه الهوامش المزعجة التي جعلها المؤلف آخر كل فصل، فتحتاج عند كل حاشية إلى رحلة للبحث عن موطنها آخر الفصل، وهي طريقة مأخوذة من الغربيين لا تناسبنا.
وأما الكتاب الثاني: "الطريق إلى القدس" فقد صدر في طبعته الأولى قبل نحو ثلاثين سنة، ثم ما زال المؤلف يتعاهده ويزيده وينقحه حتى انتهى به إلى سنة ٢٠٢٢.
وهو كما يظهر من عنوانه أخص من سابقه، فهذا لرصد التجربة الإسلامية في فلسطين من قبل الفتح الإسلامي إلى زماننا هذا الذي نحن فيه.
وقد رتبه على خمسة فصول:
الأول: صراع الحق والباطل على أرض فلسطين قبل الفتح الإسلامي.
والثاني: الفتح الإسلامي لفلسطين.
والثالث: المسلمون في مواجهة الصليبيين والتتار.
والرابع: التجربة الإسلامية على أرض فلسطين منذ أواخر الدولة العثمانية وحتى نهاية الاحتلال البريطاني ١٩٤٨.
والخامس: المقاومة الإسلامية على أرض فلسطين ١٩٤٩-٢٠٢٢.
والكتاب وإن انتحى فيه المؤلف طريقة علمية بحثية غير أنه كسابقه قريب المأخذ.
وقد توسع في الفصل الخامس، واجتهد في تحريره وبيان مساراته وصعوده وتعثره.
وفيه تفاصيل مهمة وأسماء وتواريخ وأحداث رسمت مسار العمل القتالي إلى ٢٠٢٢، ومن قرأه مع ثقافة عامة سابقة تكونت عنده صورة حسنة عن هذا الجزء من تاريخ بلادنا وأبرز الفاعلين فيه.
وفيه مبحث مهم عن علاقة الإخوان بنشأة حركة فتح، وسيأتي معنا بأوسع مما ها هنا في الكتاب الثالث.
وأما الكتاب الثالث: "الإخوان المسلمون الفلسطينيون" فهو أخص من سابقه؛ إذ يتناول التجربة الإسلامية في هذه الحقبة الزمنية دون غيرها (١٩٤٩-١٩٦٧)، وفي قطاع غزة دون الضفة والداخل.
وقسمه إلى خمسة فصول:
الأول: الإخوان المسلمون وتطورات القضية الفلسطينية حتى ١٩٦٧.
والثاني: الإخوان المسلمون في قطاع غزة ١٩٤٩-١٩٥٦.
والثالث: الإخوان المسلمون الفلسطينيون "إنشاء التنظيم" ١٩٥٧-١٩٦٧.
والرابع: العمل العسكري للإخوان المسلمين في قطاع غزة ١٩٤٩-١٩٥٦.
والخامس: الإخوان المسلمون الفلسطينيون ونشأة حركة فتح.
وختمه بثلاثة ملاحق مهمة:
الأول: قائمة تعريفية بالشخصيات التي أجرى المؤلف مقابلات معها.
والثاني: جدول يوضح الأعضاء المؤسسين والرياديين في حركة فتح من ذوي الخلفيات الإخوانية.
والثالث: ملحق الوثائق.
وجاءت فكرة الكتاب استكمالا لدراسة كتبها المؤلف وعنونها "التيار الإسلامي في فلسطين وأثره في حركة الجهاد ١٩١٧-١٩٤٨".
إخوان فلسطين عموما وغزة على وجه مخصوص مذكراتهم وسيرهم ومدوَّناتهم قليلة، وهذه مشكلة واجهت المؤلف، فجبر هذا النقص بعشرات المقابلات مع الشخصيات الإسلامية التي لعبت دورا قياديا في الفترة الزمنية المرصودة للدراسة.
وقد تعنى لهذه المقابلات، فسافر إلى الأردن والكويت والسعودية والإمارات ولبنان وغيرها حيث يقيم المرادُ مقابلتهم.
أما في غزة والضفة فقد أناب عنه من يتولى هذه المهمة؛ لعدم قدرته على الوصول إليهما.
وزيادة على المقابلات الشفهية فقد رجع المؤلف إلى كل كتاب غلب على ظنه أنه يستفيد منه أو يجد فيه مادة أو معلومة تخدم كتابه، فطالت يده كتبا وسيرا ومذكرات كثيرة أحسن الاستفادةَ منها، وكل ذلك لم يُغنه عن المقابلات التي غطت فراغات لم تغطها الكتب.
Показано 1 - 24 из 135
Войдите, чтобы разблокировать больше функциональности.