06.04.202503:22
الاهتمام بأمر المسلمين، ورحمتهم، والحزن لمصابهم، وانشغال القلب به، والدعاء لهم، من علامات الإيمان.
وفي الحديث: (( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد؛ إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)).
فمن لم تحصل له هذه الحالة فلضعف إيمانه.
كما أنّ ذلك من أسباب نجاة الداعي المهتم بأمر المسلمين، ومن نصرة إخوانه.
وقد روى ابن بطة وغيره عن عون بن عبد الله قال: بينا رجل في بستان بمصر في فتنة آل الزبير جالس مكتئب ينكت بشيء معه في الأرض, قال له رجل صالح: ما لي أراك مهموماً حزيناً…
فقال: اهتماما بما فيه المسلمون
قال: فإن الله سينجيك بشفقتك على المسلمين, واسأل, فمن ذا الذي يسأل الله فلم يعطه, أو دعا الله فلم يجبه, وتوكل على الله فلم يكفه, أو وثق به فلم يجده.
فدعا الرجل، فسلم من الفتنة ولم تصبه.
وفي الحديث: (( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد؛ إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)).
فمن لم تحصل له هذه الحالة فلضعف إيمانه.
كما أنّ ذلك من أسباب نجاة الداعي المهتم بأمر المسلمين، ومن نصرة إخوانه.
وقد روى ابن بطة وغيره عن عون بن عبد الله قال: بينا رجل في بستان بمصر في فتنة آل الزبير جالس مكتئب ينكت بشيء معه في الأرض, قال له رجل صالح: ما لي أراك مهموماً حزيناً…
فقال: اهتماما بما فيه المسلمون
قال: فإن الله سينجيك بشفقتك على المسلمين, واسأل, فمن ذا الذي يسأل الله فلم يعطه, أو دعا الله فلم يجبه, وتوكل على الله فلم يكفه, أو وثق به فلم يجده.
فدعا الرجل، فسلم من الفتنة ولم تصبه.


23.03.202513:55
عن ابن عباس والضحاك أنهم كانوا مستبصرين في دينهم.
وعن قتادة ومجاهد أنهم كانوا مستبصرين في ضلالتهم، معجبين بها.
والمعنى واحد، فكما قال الكلبي: "كانوا معجبين في دينهم وضلالتهم، يحسبون أنهم على هدى".
وذهب بعض المفسرين إلى أنّ استبصارهم كان في الدنيا، فهم يعلمون ظاهراً من الدنيا.
ولا تعارض، فهم كما قال الفراء: "كانوا عقلاء ذوي بصائر".
وقال البقاعي: "مَعْدُودِينَ بَيْنَ النّاسِ مِنَ البُصَراءِ العُقَلاءِ جِدًّا لِما فاقُوهم بِهِ مِمّا يَعْلَمُونَ مِن ظاهِرِ الحَياةِ الدُّنْيا".
فهم أهل نظر وعلم وبحث، ولكنهم أُعجبوا بعلومهم، فنصروا ضلالتهم ودينهم بسبب الهوى، {فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى}، وأُعجبوا بضلالتهم ونظرهم.
ففي الآية عدم الاغترار بأهل الذكاء والعلم الدنيوي، وأهل البصر والنظر في الحجج، فهناك من يُعطى ذكاء ولم يُعط زكاء، فينحرف مع قوّة بصره، يحرفه الهوى، كحال الفلاسفة والمتكلمين والعلمويين.
وعن قتادة ومجاهد أنهم كانوا مستبصرين في ضلالتهم، معجبين بها.
والمعنى واحد، فكما قال الكلبي: "كانوا معجبين في دينهم وضلالتهم، يحسبون أنهم على هدى".
وذهب بعض المفسرين إلى أنّ استبصارهم كان في الدنيا، فهم يعلمون ظاهراً من الدنيا.
ولا تعارض، فهم كما قال الفراء: "كانوا عقلاء ذوي بصائر".
وقال البقاعي: "مَعْدُودِينَ بَيْنَ النّاسِ مِنَ البُصَراءِ العُقَلاءِ جِدًّا لِما فاقُوهم بِهِ مِمّا يَعْلَمُونَ مِن ظاهِرِ الحَياةِ الدُّنْيا".
فهم أهل نظر وعلم وبحث، ولكنهم أُعجبوا بعلومهم، فنصروا ضلالتهم ودينهم بسبب الهوى، {فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى}، وأُعجبوا بضلالتهم ونظرهم.
ففي الآية عدم الاغترار بأهل الذكاء والعلم الدنيوي، وأهل البصر والنظر في الحجج، فهناك من يُعطى ذكاء ولم يُعط زكاء، فينحرف مع قوّة بصره، يحرفه الهوى، كحال الفلاسفة والمتكلمين والعلمويين.
post.deleted07.04.202500:50
post.reposted:
قناة ناصر آل متعب



20.03.202513:26
▪︎ ذكر المفسرون أنّ إعداد العدة هو:
١- النية والعزم.
٢- نشاط النفس.
٣- الاستعداد.
٤- السعي في تحصيل الأسباب والآلات.
وكلها معاني صحيحة.
فتحصيل هذه الأمور من أسباب التوفيق للطاعات.
■ دلت الآية على أنّ الذنوب من أسباب الخذلان عن الخيرات، وأنها تُفسد قابلية محلها للتوفيق
قال ابن القيم: "حكمته سبحانه تأبى أن يضع التوفيق في غير محله، وعند غير أهله، فالله أعلم حيث يجعل هداه وتوفيقه وفضله، وليس كل محل يصلح لذلك، ووضع الشيء في غير محله لا يليق بحكمته".
▪︎ احذر أن تكون ممن كرهه الله، فكسّله عن الفوز بالغنائم، فترك إعداد العدّة، ولم تنبعث دواعي الخير فيه، وثُقل عليه اغتنام الخيرات، فهذه والله الخسارة العظيمة.
قال ابن القيم: "فهذا مكر الله بالعبد: أن يقطع عنه مواد توفيقه، ويخلّي بينه وبين نفسه، ولا يبعث دواعيه، ولا يُحرّكه إلى مراضيه ومحابه".
هاهي العشر أقبلت، فشمّر وشدّ المئزر وأعدّ العدة مستعيناً بمن عبادته باستعانته.
١- النية والعزم.
٢- نشاط النفس.
٣- الاستعداد.
٤- السعي في تحصيل الأسباب والآلات.
وكلها معاني صحيحة.
فتحصيل هذه الأمور من أسباب التوفيق للطاعات.
■ دلت الآية على أنّ الذنوب من أسباب الخذلان عن الخيرات، وأنها تُفسد قابلية محلها للتوفيق
قال ابن القيم: "حكمته سبحانه تأبى أن يضع التوفيق في غير محله، وعند غير أهله، فالله أعلم حيث يجعل هداه وتوفيقه وفضله، وليس كل محل يصلح لذلك، ووضع الشيء في غير محله لا يليق بحكمته".
▪︎ احذر أن تكون ممن كرهه الله، فكسّله عن الفوز بالغنائم، فترك إعداد العدّة، ولم تنبعث دواعي الخير فيه، وثُقل عليه اغتنام الخيرات، فهذه والله الخسارة العظيمة.
قال ابن القيم: "فهذا مكر الله بالعبد: أن يقطع عنه مواد توفيقه، ويخلّي بينه وبين نفسه، ولا يبعث دواعيه، ولا يُحرّكه إلى مراضيه ومحابه".
هاهي العشر أقبلت، فشمّر وشدّ المئزر وأعدّ العدة مستعيناً بمن عبادته باستعانته.


12.03.202523:05
في (زبرا) قراءتان:
الأولى: بفتح الباء {زُبَرا}، أي (قِطَعاً) كما روي عن الحسن ومجاهد
قال الطبري: "بمعنى: فتفرّقوا أمرهم بينهم قِطَعا كزُبَر الحديد"
الثانية: بضم الباء {زُبُرا}، أي (كُتبا) كما روي عن قتادة وغيره
وكيف تقطّعوا أمرهم كتباً؟
١- قال مجاهد: "كتب الله فرّقوها قطعاً"، قال السمعاني عن تفسير مجاهد: "وَمَعْنَاهُ: آمنُوا بِالْبَعْضِ، وَكَفرُوا بِالْبَعْضِ، وحرفوا الْبَعْض، وَلم يحرفوا الْبَعْض".
٢- "تفرقوا دينهم بينهم كتباً أحدثوها يحتجون فيها لمذهبهم"، وإليه ذهب ابن زيد وقال: "كلٌّ معجبون برأيهم، ليس أهل هواء إلا وهم معجبون برأيهم وهواهم وصاحبهم الذي اخترع ذلك لهم"
والآية تشمل ذلك كله، فهم اختلفوا في الكتب فآمنوا ببعضها دون بعض، وكل فرقة حرّفت الكتاب تحريفاً لفظياً أو معنوياً، وابتدعت كتباً تنصر هواها، فتحزّبوا أحزاباً، كل حزب معجبٌ برأيه مسرورٌ به، فأصبحوا كقطع الحديد.
قلت: في التشبيه بقطع الحديد إشارة إلى شدّة هذا الاختلاف، وما أحدثه من اقتتال وعداوة، وقد جاء عن جماعة من السلف أن الأهواء كلها تُفضي إلى السيف، حتى أنّ أيوب السختياني كان يُسمّي كل أهل الأهواء خوارج.
الأولى: بفتح الباء {زُبَرا}، أي (قِطَعاً) كما روي عن الحسن ومجاهد
قال الطبري: "بمعنى: فتفرّقوا أمرهم بينهم قِطَعا كزُبَر الحديد"
الثانية: بضم الباء {زُبُرا}، أي (كُتبا) كما روي عن قتادة وغيره
وكيف تقطّعوا أمرهم كتباً؟
١- قال مجاهد: "كتب الله فرّقوها قطعاً"، قال السمعاني عن تفسير مجاهد: "وَمَعْنَاهُ: آمنُوا بِالْبَعْضِ، وَكَفرُوا بِالْبَعْضِ، وحرفوا الْبَعْض، وَلم يحرفوا الْبَعْض".
٢- "تفرقوا دينهم بينهم كتباً أحدثوها يحتجون فيها لمذهبهم"، وإليه ذهب ابن زيد وقال: "كلٌّ معجبون برأيهم، ليس أهل هواء إلا وهم معجبون برأيهم وهواهم وصاحبهم الذي اخترع ذلك لهم"
والآية تشمل ذلك كله، فهم اختلفوا في الكتب فآمنوا ببعضها دون بعض، وكل فرقة حرّفت الكتاب تحريفاً لفظياً أو معنوياً، وابتدعت كتباً تنصر هواها، فتحزّبوا أحزاباً، كل حزب معجبٌ برأيه مسرورٌ به، فأصبحوا كقطع الحديد.
قلت: في التشبيه بقطع الحديد إشارة إلى شدّة هذا الاختلاف، وما أحدثه من اقتتال وعداوة، وقد جاء عن جماعة من السلف أن الأهواء كلها تُفضي إلى السيف، حتى أنّ أيوب السختياني كان يُسمّي كل أهل الأهواء خوارج.


08.03.202522:53
• قال قتادة: "وهي في مصحف عبد الله: ﴿فَخَافَ ربُّكَ أنْ يُرْهَقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا﴾".
• وقال مقاتل: "وفي قراءة أُبي بن كعب: (فَخافَ رَبُّكَ)، يعني: فعلِم ربُّك".
• وقال الطبري: "والخشية والخوف توجههما العرب إلى معنى الظنّ، وتوجه هذه الحروف إلى معنى العلم بالشيء الذي يُدرك من غير جهة الحسّ والعيان".
•وقد فسّر السدي (فخشينا)، بأشفقنا
•وفسرها يحيى بن سلام: بكرهنا.
- وهذه التفاسير للخشية ذُكرت:
١- لبيان جهة وقوعها، فالطبري أخبر أنها تُطلق عند العرب على العلم (الذي يُدرك من غير جهة الحسّ).
٢- لنفي توهّمٍ. كتوهّم أنّ الخشية خشية جهل ونقص.
٣- لبيان الأثر واللازم، كتفسير الخشية بالإشفاق والكراهية.
قلت: في الإتيان بلفظ(الخشية)و(الخوف) معنى جليل، يدركه من تذوّقه، فهذه الألفاظ تُظهر مكانة المؤمن عند الله، وعناية الله به
أرأيت لو قلت: (صرفت فلان لكي لا يؤذيك)
هل هو مثل قولي: (صرفت فلان عنك لأني أخشى وأخاف عليك من أن يؤذيك):؟!
فما أكرم المؤمن عند ربه!، كيف يدبّر الله له أمره في الغيب، خوفاً وخشيةً عليه من سوء القضاء.
• وقال مقاتل: "وفي قراءة أُبي بن كعب: (فَخافَ رَبُّكَ)، يعني: فعلِم ربُّك".
• وقال الطبري: "والخشية والخوف توجههما العرب إلى معنى الظنّ، وتوجه هذه الحروف إلى معنى العلم بالشيء الذي يُدرك من غير جهة الحسّ والعيان".
•وقد فسّر السدي (فخشينا)، بأشفقنا
•وفسرها يحيى بن سلام: بكرهنا.
- وهذه التفاسير للخشية ذُكرت:
١- لبيان جهة وقوعها، فالطبري أخبر أنها تُطلق عند العرب على العلم (الذي يُدرك من غير جهة الحسّ).
٢- لنفي توهّمٍ. كتوهّم أنّ الخشية خشية جهل ونقص.
٣- لبيان الأثر واللازم، كتفسير الخشية بالإشفاق والكراهية.
قلت: في الإتيان بلفظ(الخشية)و(الخوف) معنى جليل، يدركه من تذوّقه، فهذه الألفاظ تُظهر مكانة المؤمن عند الله، وعناية الله به
أرأيت لو قلت: (صرفت فلان لكي لا يؤذيك)
هل هو مثل قولي: (صرفت فلان عنك لأني أخشى وأخاف عليك من أن يؤذيك):؟!
فما أكرم المؤمن عند ربه!، كيف يدبّر الله له أمره في الغيب، خوفاً وخشيةً عليه من سوء القضاء.
03.03.202516:43
[ فائدة جليلة في تفسير قول الله تعالى: {لَا یُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَاۚ}]
لمّا نزل قول الله تعالى: (وَإِن تُبۡدُوا۟ مَا فِیۤ أَنفُسِكُمۡ أَوۡ تُخۡفُوهُ یُحَاسِبۡكُم بِهِ ٱللَّهُۖ) شقّ ذلك على الصحابة، لأنهم ظنوا أنّ في ذلك التكليف مشقة عظيمة.
فأنزل الله: (لَا یُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَاۚ)
وبعض السلف فسّر الوسع بالطاقة، فيكون معنى الآية: (لا يكلفكم الله فوق طاقتكم)
وذهب بعض السلف إلى أنّ الوسع دون الطاقة
فعن سفيان بن عيينة أنّه سُئِل عن قوله تعالى: ﴿لا یُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إلّا وُسۡعَهاۚ﴾. فقال: ( إلّا يُسْرَها، لاعُسرها، ولم يكلّفها طاقتها، ولو كلّفها طاقتها لبلغ المجهود منها).
قال البغوي: "وَهَذَا قَوْلٌ حَسَنٌ لِأَنَّ الْوُسْعَ مَا دُونُ الطَّاقَةِ".
وهو الصواب لأن الوسع -كما قال البغوي-: "اسْمٌ لِمَا يَسَعُ الْإِنْسَانَ وَلَا يُضَيِّقُ عَلَيْهِ".
فالله لا يكلّف أمة نبيّه ما يُضيّق عليهم وإن كان في طاقتهم، بل يُكلفهم ما فيه سعة لهم، ولذا قال ابن عباس في تفسير الآية: (وسّع الله عليهم أمر دينهم).
ومن المعلوم أن التوسيع ضد التضييق، فمعناه أخص من تحمّل الطاقة.
وكثير من السلف عندما ذكروا أمثلة الوسع المراد في الآية، ذكروا ما يدل على هذا المعنى، فذكروا الأحكام التي تنفي الحرج والتضييق.
ومما يؤكد ترجيح هذا المعنى، أنه جاء في نفس الآية: {رَبَّنَا وَلَا تَحۡمِلۡ عَلَیۡنَاۤ إِصۡرࣰا كَمَا حَمَلۡتَهُۥ عَلَى ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِنَاۚ} وفسّره بعض السلف بالتشديد الذي وقع على اليهود والنصارى، ومن المعلوم أن ذلك التشديد كان في طاقتهم القيام به، ولكن مع مشقة شديدة، فعُلم أن الله رحم هذه الأمة بحيث لم يكلفها إلا ما فيه توسيع عليهم، ولا يكلفهم ما تحتمله طاقتهم إن كان فيه حرج.
وأما قول من قال من السلف أن معنى الآية (إلا طاقتها) فقد يُحمل على أن العرب تُطلق الطاقة على ما ليس فيه ثُقل وحرج، وتنفي الطاقة عما فيه ثُقل ومشقة وإن كان في استطاعتهم، فيقول الرجل: (لا أطيق رؤية فلان) أي أنها ثقيلة عليه وإن كان يستطيعها، كما أفاد ذلك ابن تيمية.
فيكون قولهم موافق لقول ابن عباس وسفيان.
ومعرفة معنى الوسع في الآية معرفة جليلة، تجعلك تحمد الله وتشكره على رحمته بهذه الأمة، وتفتح لك في فهم الأحكام والرخص، وتُبعدك من تنطّع من شدّد في الأخذ بالرخص، وجعل الأخذ بها منوط بالخروج عن الطاقة لا عن الوسع.
وقد ذكر إلكيا الهراسي (ت٥٠٤) عند تفسير الآية أن الآية تنفي تكليف كبير السن بالقيام: "وإن كان قادراً على الفعل غير أنه يلحقه حرج عظيم، فلا يجب عليه فعله، لأن الله تعالى لم يقل: (لا يكلف الله نفسا إلا طاقتها) ولكن قال: (إلا وسعها)".
ومن تتبع نصوص كثير من السلف في الترخيص في الأحكام -كرخصة الإفطار للمريض- سيجد هذا المعنى، وأنهم لا يستقصون الطاقة لإيقاع الرخصة، بل متى خرج الأمر عن الوسع، أوقعوا الرخصة ولو كان الفعل يُطاق.
لمّا نزل قول الله تعالى: (وَإِن تُبۡدُوا۟ مَا فِیۤ أَنفُسِكُمۡ أَوۡ تُخۡفُوهُ یُحَاسِبۡكُم بِهِ ٱللَّهُۖ) شقّ ذلك على الصحابة، لأنهم ظنوا أنّ في ذلك التكليف مشقة عظيمة.
فأنزل الله: (لَا یُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَاۚ)
وبعض السلف فسّر الوسع بالطاقة، فيكون معنى الآية: (لا يكلفكم الله فوق طاقتكم)
وذهب بعض السلف إلى أنّ الوسع دون الطاقة
فعن سفيان بن عيينة أنّه سُئِل عن قوله تعالى: ﴿لا یُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إلّا وُسۡعَهاۚ﴾. فقال: ( إلّا يُسْرَها، لاعُسرها، ولم يكلّفها طاقتها، ولو كلّفها طاقتها لبلغ المجهود منها).
قال البغوي: "وَهَذَا قَوْلٌ حَسَنٌ لِأَنَّ الْوُسْعَ مَا دُونُ الطَّاقَةِ".
وهو الصواب لأن الوسع -كما قال البغوي-: "اسْمٌ لِمَا يَسَعُ الْإِنْسَانَ وَلَا يُضَيِّقُ عَلَيْهِ".
فالله لا يكلّف أمة نبيّه ما يُضيّق عليهم وإن كان في طاقتهم، بل يُكلفهم ما فيه سعة لهم، ولذا قال ابن عباس في تفسير الآية: (وسّع الله عليهم أمر دينهم).
ومن المعلوم أن التوسيع ضد التضييق، فمعناه أخص من تحمّل الطاقة.
وكثير من السلف عندما ذكروا أمثلة الوسع المراد في الآية، ذكروا ما يدل على هذا المعنى، فذكروا الأحكام التي تنفي الحرج والتضييق.
ومما يؤكد ترجيح هذا المعنى، أنه جاء في نفس الآية: {رَبَّنَا وَلَا تَحۡمِلۡ عَلَیۡنَاۤ إِصۡرࣰا كَمَا حَمَلۡتَهُۥ عَلَى ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِنَاۚ} وفسّره بعض السلف بالتشديد الذي وقع على اليهود والنصارى، ومن المعلوم أن ذلك التشديد كان في طاقتهم القيام به، ولكن مع مشقة شديدة، فعُلم أن الله رحم هذه الأمة بحيث لم يكلفها إلا ما فيه توسيع عليهم، ولا يكلفهم ما تحتمله طاقتهم إن كان فيه حرج.
وأما قول من قال من السلف أن معنى الآية (إلا طاقتها) فقد يُحمل على أن العرب تُطلق الطاقة على ما ليس فيه ثُقل وحرج، وتنفي الطاقة عما فيه ثُقل ومشقة وإن كان في استطاعتهم، فيقول الرجل: (لا أطيق رؤية فلان) أي أنها ثقيلة عليه وإن كان يستطيعها، كما أفاد ذلك ابن تيمية.
فيكون قولهم موافق لقول ابن عباس وسفيان.
ومعرفة معنى الوسع في الآية معرفة جليلة، تجعلك تحمد الله وتشكره على رحمته بهذه الأمة، وتفتح لك في فهم الأحكام والرخص، وتُبعدك من تنطّع من شدّد في الأخذ بالرخص، وجعل الأخذ بها منوط بالخروج عن الطاقة لا عن الوسع.
وقد ذكر إلكيا الهراسي (ت٥٠٤) عند تفسير الآية أن الآية تنفي تكليف كبير السن بالقيام: "وإن كان قادراً على الفعل غير أنه يلحقه حرج عظيم، فلا يجب عليه فعله، لأن الله تعالى لم يقل: (لا يكلف الله نفسا إلا طاقتها) ولكن قال: (إلا وسعها)".
ومن تتبع نصوص كثير من السلف في الترخيص في الأحكام -كرخصة الإفطار للمريض- سيجد هذا المعنى، وأنهم لا يستقصون الطاقة لإيقاع الرخصة، بل متى خرج الأمر عن الوسع، أوقعوا الرخصة ولو كان الفعل يُطاق.
29.03.202516:03
قال ابن بطة: "وكذلك يتلاقى الناس عند انقضاء شهر رمضان، فيقول بعضهم لبعض: قبل الله منا ومنك. بهذا مضت سنة المسلمين، وعليه جرت عادتهم، وأخذه خلفهم عن سلفهم".
الأحبة الكرام:
كل عام وأنتم بخير وأمن وإيمان وسلامة وإسلام، وتوفيق لمحاب الرحمن
• أظهروا الفرح، ووسّعوا على الأهل -خاصة النساء والأطفال-، وانشروا البهجة، فهذا من أعظم المقاصد، وهو يكسر تشوّف النفوس للأعياد البدعية والشركية، التي أصبح إحياء كثير من أبناء المسلمين لها، وفرحهم بها، أشد من الفرح بالعيد الشرعي!.
يقول ابن تيمية: "لكن يُحال الأهل على عيد الله ورسوله، ويقضي لهم فيه من الحقوق ما يقطع استشرافهم إلى غيره".
• يُسن الجهر بالتكبير من ليلة العيد، وفي عيد فطر آكد
قال أحمد في مسألة ابن هانئ: "هو [ التكبير ] في الفطر أوجب"
وفي مسألة عبدالله قال: "يوم الفطر أشد؛ لقوله تعالى: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ}".
الأحبة الكرام:
كل عام وأنتم بخير وأمن وإيمان وسلامة وإسلام، وتوفيق لمحاب الرحمن
• أظهروا الفرح، ووسّعوا على الأهل -خاصة النساء والأطفال-، وانشروا البهجة، فهذا من أعظم المقاصد، وهو يكسر تشوّف النفوس للأعياد البدعية والشركية، التي أصبح إحياء كثير من أبناء المسلمين لها، وفرحهم بها، أشد من الفرح بالعيد الشرعي!.
يقول ابن تيمية: "لكن يُحال الأهل على عيد الله ورسوله، ويقضي لهم فيه من الحقوق ما يقطع استشرافهم إلى غيره".
• يُسن الجهر بالتكبير من ليلة العيد، وفي عيد فطر آكد
قال أحمد في مسألة ابن هانئ: "هو [ التكبير ] في الفطر أوجب"
وفي مسألة عبدالله قال: "يوم الفطر أشد؛ لقوله تعالى: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ}".
23.03.202501:28
١- {هُوَ ٱلَّذِی جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّیۡلَ لِتَسۡكُنُوا۟ فِیهِ وَٱلنَّهَارَ مُبۡصِرًاۚ إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لآياتࣲ لِّقَوۡمࣲ یَسۡمَعُونَ}
٢- {وَٱللَّهُ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاۤءِ مَاۤءࣰ فَأَحۡیَا بِهِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَاۤۚ إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لآية لِّقَوۡمࣲ یَسۡمَعُونَ}
٣- {وَمِنۡ ءَایَـٰتِهِۦ مَنَامُكُم بِٱلَّیۡلِ وَٱلنَّهَارِ وَٱبۡتِغَاۤؤُكُم مِّن فَضۡلِهِۦۤۚ إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لآیَـات لِّقَوۡمࣲ یَسۡمَعُونَ}
الآيات المذكورة آيات تُشاهد بالبصر، فلماذا قال الله (لقوم يسمعون)؟
١- قال المولى ابن الكمال: "أريد بالسمع القبول كما في (سمع الله لمن حمده) أي: لقوم يتأملون فيها ويعقلون وجه دلالتها ويقبلون مدلولها، وإنما خصّ كونها آية لهم لأن غيرهم لا ينتفع بها، وهذا كالتخصيص في قوله تعالى: ﴿هدى ورحمة لقوم يؤمنون﴾ وبما قررناه تبين وجه العدول عن- يبصرون- إلى ﴿يسمعون﴾". انتهى كلامه.
ففيه أنّ حسن الاعتقاد، واتباع الحق والنقل الصحيح، مُصحّحٌ للنظر.
٢- لعلّ من أوجه ذكر السمع هنا مع أنّ الآيات مُبصرة: أنّ آيات الليل والنهار وإحياء الأرض ونحوها مما يعتاد الإنسان شهودها منذ صغره، فيقع في غفلة بسبب العادة، فينظر نظرة بصريّة مجرّدة، ويفتقر للسمع المنبّه له من الغفلة، والمذكّر بكون تلك المشاهدات آيات بيّنات.
قال ابن تيمية: "ولهذا كانت فطرة الخلق مجبولة على أنهم [إذا] شاهدوا شيئاً من الحوادث المتجددة -كالرعد والبرق والزلازل-ذكروا الله وسبّحوه؛ لأنهم يعلمون أن ذلك المتجدد لم يتجدد بنفسه بل له محدث أحدثه، وإن كانوا يعلمون هذا في سائر المحدثات، لكن ما اعتادوا حدوثه صار مألوفاً لهم بخلاف المتجدد الغريب، وإلا فعامة ما يذكرون الله ويسبحونه عنده من الغريب المتجددة قد شهدوا من آيات الله المعتادة ما هو أعظم منه".
ومن فوائد الآية: التكامل بين الأدلة، فالسمع يذكّر البصر والعقل، وأهل السمع الصحيح هم أهل النظر والعقل الصحيح.
٢- {وَٱللَّهُ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاۤءِ مَاۤءࣰ فَأَحۡیَا بِهِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَاۤۚ إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لآية لِّقَوۡمࣲ یَسۡمَعُونَ}
٣- {وَمِنۡ ءَایَـٰتِهِۦ مَنَامُكُم بِٱلَّیۡلِ وَٱلنَّهَارِ وَٱبۡتِغَاۤؤُكُم مِّن فَضۡلِهِۦۤۚ إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لآیَـات لِّقَوۡمࣲ یَسۡمَعُونَ}
الآيات المذكورة آيات تُشاهد بالبصر، فلماذا قال الله (لقوم يسمعون)؟
١- قال المولى ابن الكمال: "أريد بالسمع القبول كما في (سمع الله لمن حمده) أي: لقوم يتأملون فيها ويعقلون وجه دلالتها ويقبلون مدلولها، وإنما خصّ كونها آية لهم لأن غيرهم لا ينتفع بها، وهذا كالتخصيص في قوله تعالى: ﴿هدى ورحمة لقوم يؤمنون﴾ وبما قررناه تبين وجه العدول عن- يبصرون- إلى ﴿يسمعون﴾". انتهى كلامه.
ففيه أنّ حسن الاعتقاد، واتباع الحق والنقل الصحيح، مُصحّحٌ للنظر.
٢- لعلّ من أوجه ذكر السمع هنا مع أنّ الآيات مُبصرة: أنّ آيات الليل والنهار وإحياء الأرض ونحوها مما يعتاد الإنسان شهودها منذ صغره، فيقع في غفلة بسبب العادة، فينظر نظرة بصريّة مجرّدة، ويفتقر للسمع المنبّه له من الغفلة، والمذكّر بكون تلك المشاهدات آيات بيّنات.
قال ابن تيمية: "ولهذا كانت فطرة الخلق مجبولة على أنهم [إذا] شاهدوا شيئاً من الحوادث المتجددة -كالرعد والبرق والزلازل-ذكروا الله وسبّحوه؛ لأنهم يعلمون أن ذلك المتجدد لم يتجدد بنفسه بل له محدث أحدثه، وإن كانوا يعلمون هذا في سائر المحدثات، لكن ما اعتادوا حدوثه صار مألوفاً لهم بخلاف المتجدد الغريب، وإلا فعامة ما يذكرون الله ويسبحونه عنده من الغريب المتجددة قد شهدوا من آيات الله المعتادة ما هو أعظم منه".
ومن فوائد الآية: التكامل بين الأدلة، فالسمع يذكّر البصر والعقل، وأهل السمع الصحيح هم أهل النظر والعقل الصحيح.


17.03.202514:29
قال يحيى بن سلام في تفسيرها: "أي: كما كانوا يظنون بأنفسهم لو كانوا مكان صفوان ما كان منهم إلا خيراً، فليظن بأخيه المسلم ما يظن بنفسه".
قال الطبري: "وقال (بأنفسهم)، لأن أهل الإسلام كلهم بمنزلة نفس واحد".
وروى ابن أبي حاتم وغيره أنّ أبا أيوب قالت له امرأته أم أيوب: يا أبا أيوب ألا تسمع ما يقول الناس في عائشة ؟ قال: بلى، وذلك الكذب، أكنت أنت يا أم أيوب فاعلة ذلك؟ قالت: لا والله ما كنت لأفعله، قال: فعائشة والله خير منك.
هذه الآية قاعدة في حسن الظن بأهل الصلاح، وتشهد على صحة قول المتنبي: (إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه)
وقول أبي حاتم البستي: "صحبة الأشرار تورث سوء الظن بالأخيار".
فمن ديدنه سوء الظن بالصالحين، فبسبب نقص إيمانه وفساد سريرته، لذا قال الله: (ظنّ المؤمنون) ولم يقل: (ظننتم)، إشارة إلى أن هذا الظن السيء لا يصدر من كمال إيمان بل من نقصانه، كما أفاده ابن عثيمين رحمه الله.
قال الطبري: "وقال (بأنفسهم)، لأن أهل الإسلام كلهم بمنزلة نفس واحد".
وروى ابن أبي حاتم وغيره أنّ أبا أيوب قالت له امرأته أم أيوب: يا أبا أيوب ألا تسمع ما يقول الناس في عائشة ؟ قال: بلى، وذلك الكذب، أكنت أنت يا أم أيوب فاعلة ذلك؟ قالت: لا والله ما كنت لأفعله، قال: فعائشة والله خير منك.
هذه الآية قاعدة في حسن الظن بأهل الصلاح، وتشهد على صحة قول المتنبي: (إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه)
وقول أبي حاتم البستي: "صحبة الأشرار تورث سوء الظن بالأخيار".
فمن ديدنه سوء الظن بالصالحين، فبسبب نقص إيمانه وفساد سريرته، لذا قال الله: (ظنّ المؤمنون) ولم يقل: (ظننتم)، إشارة إلى أن هذا الظن السيء لا يصدر من كمال إيمان بل من نقصانه، كما أفاده ابن عثيمين رحمه الله.
11.03.202522:34
{وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ* فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ ۖ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ}
أُبتلي أيوب -عليه السلام- بلاءً شديداً في ماله وولده ونفسه، "فلبث في ذلك البلاء تلك السنين، حتى إن كان المارّ ليمرّ فيقول: لو كان لهذا عند الله خير لأراحه مما هو فيه".
وقد ذكرت كتب التفسير في تفاصيل البلاء من الروايات ما يُذيب القلب.
ومن الفوائد:
١- تمسّك أيّوب بالتوحيد حتى في أشد لحظات البلاء، فقد روي أن الشيطان طلب منه أن يُشرك ليشفيه، وقال لأيوب: "اذبح لي سُخلة من غنمك، فقال أيوب: لا، ولا كفّاً من تراب"، فأين هذا ممن يدعو غير الله ويذهب إلى القبور ويُشرك لرفع البلاء؟!.
٢- أثر الكلمة في النفوس، فأيوب مع شدّة البلاء الواقع عليه، كان أشدّ شيء عليه كلامٌ قيل فيه.
فقد جاء عن الحسن أنّ أيوب لم يبلغه شيء يقوله الناس كان أشد عليه من قولهم: لو كان نبياً ما ابتُلي بالذي ابتلي به، فدعا الله بعدها.
وأنّ رجلاً قال: "لو كان لله في هذا حاجة، ما بلغ به هذا، فلم يسمع أيوب شيئا كان أشدّ عليه من هذه الكلمة".
"حَتَّى رُوِيَ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ بَعْدَمَا عُوفِيَ مَا كَانَ أَشَدَّ عَلَيْكَ فِي بَلَائِكَ قَالَ: شَمَاتَةُ الْأَعْدَاءِ".
فاحذروا من جرح اللسان، فإنّ وقعه عظيم!.
٣- أنّ الحكم على الإنسان بالزهد والإيمان لا يكون بالنظر المجرّد إلى حالته الدنيوية.
فأيوب مرّ بحالة غنى ثم بلاء ثم غنى، وازداد إيماناً مع تقلّب الأحوال الدنيوية.
٤- طلبُ نصيبٍ من الدنيا لا يعارض الزهد، فالله قد يسرُّ عبده الزاهد في دنياه، فمن تمام نعمة الله على أيوب أن آتاه أهله ومثلهم معهم، وفي الصحيح: ((بَيْنَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا فَخَرَّ عَلَيْهِ جَرَادٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَجَعَلَ أَيُّوبُ يَحْتَثِي فِي ثَوْبِهِ، فَنَادَاهُ رَبُّهُ : يَا أَيُّوبُ، أَلَمْ أَكُنْ أَغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى ؟ قَالَ : بَلَى وَعِزَّتِكَ، وَلَكِنْ لَا غِنَى بِي عَنْ بَرَكَتِكَ))
وفي رواية عند أحمد: ((يَا رَبِّ، وَمَنْ يَشْبَعُ مِنْ رَحْمَتِكَ ؟. أَوْ قَالَ : مِنْ فَضْلِكَ)).
فحتى بعد البلاء بقي أيوب يطلب نصيباً من الدنيا.
٥- إثبات ضرر الجن ومسّهم، فأيوب قال: (مَسَّنِیَ ٱلضُّرُّ) وفي آية أخرى: (مَسَّنِیَ ٱلشَّیۡطَـٰنُ بِنُصۡبࣲ وَعَذَابٍ)
فثبت تأثير مس الجن، لذا اعترض على هذا التفسير جماعة من المعتزلة -كالجبائي-.
٦- في قوله تعالى: (رحمة من عندنا) دليلٌ على أن من المقادير ما ظاهره سوء، وباطنه رحمة ورفعة.
قال يحيى بن سلام: "يعني أنّ الذي كان ابتُلي به أيوب لم يكن من هوانه على الله، ولكن الله أراد كرامته بذلك".
٧- الاقتداء بأيوب عليه السلام.
قال يحيى بن سلام: "جعل [الله] ذلك عزاءً للعابدين بعده فيما يُبتلون به، هو قوله عز وجل: {وَذِكۡرَىٰ لِلۡعَـٰبِدِینَ}".
أُبتلي أيوب -عليه السلام- بلاءً شديداً في ماله وولده ونفسه، "فلبث في ذلك البلاء تلك السنين، حتى إن كان المارّ ليمرّ فيقول: لو كان لهذا عند الله خير لأراحه مما هو فيه".
وقد ذكرت كتب التفسير في تفاصيل البلاء من الروايات ما يُذيب القلب.
ومن الفوائد:
١- تمسّك أيّوب بالتوحيد حتى في أشد لحظات البلاء، فقد روي أن الشيطان طلب منه أن يُشرك ليشفيه، وقال لأيوب: "اذبح لي سُخلة من غنمك، فقال أيوب: لا، ولا كفّاً من تراب"، فأين هذا ممن يدعو غير الله ويذهب إلى القبور ويُشرك لرفع البلاء؟!.
٢- أثر الكلمة في النفوس، فأيوب مع شدّة البلاء الواقع عليه، كان أشدّ شيء عليه كلامٌ قيل فيه.
فقد جاء عن الحسن أنّ أيوب لم يبلغه شيء يقوله الناس كان أشد عليه من قولهم: لو كان نبياً ما ابتُلي بالذي ابتلي به، فدعا الله بعدها.
وأنّ رجلاً قال: "لو كان لله في هذا حاجة، ما بلغ به هذا، فلم يسمع أيوب شيئا كان أشدّ عليه من هذه الكلمة".
"حَتَّى رُوِيَ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ بَعْدَمَا عُوفِيَ مَا كَانَ أَشَدَّ عَلَيْكَ فِي بَلَائِكَ قَالَ: شَمَاتَةُ الْأَعْدَاءِ".
فاحذروا من جرح اللسان، فإنّ وقعه عظيم!.
٣- أنّ الحكم على الإنسان بالزهد والإيمان لا يكون بالنظر المجرّد إلى حالته الدنيوية.
فأيوب مرّ بحالة غنى ثم بلاء ثم غنى، وازداد إيماناً مع تقلّب الأحوال الدنيوية.
٤- طلبُ نصيبٍ من الدنيا لا يعارض الزهد، فالله قد يسرُّ عبده الزاهد في دنياه، فمن تمام نعمة الله على أيوب أن آتاه أهله ومثلهم معهم، وفي الصحيح: ((بَيْنَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا فَخَرَّ عَلَيْهِ جَرَادٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَجَعَلَ أَيُّوبُ يَحْتَثِي فِي ثَوْبِهِ، فَنَادَاهُ رَبُّهُ : يَا أَيُّوبُ، أَلَمْ أَكُنْ أَغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى ؟ قَالَ : بَلَى وَعِزَّتِكَ، وَلَكِنْ لَا غِنَى بِي عَنْ بَرَكَتِكَ))
وفي رواية عند أحمد: ((يَا رَبِّ، وَمَنْ يَشْبَعُ مِنْ رَحْمَتِكَ ؟. أَوْ قَالَ : مِنْ فَضْلِكَ)).
فحتى بعد البلاء بقي أيوب يطلب نصيباً من الدنيا.
٥- إثبات ضرر الجن ومسّهم، فأيوب قال: (مَسَّنِیَ ٱلضُّرُّ) وفي آية أخرى: (مَسَّنِیَ ٱلشَّیۡطَـٰنُ بِنُصۡبࣲ وَعَذَابٍ)
فثبت تأثير مس الجن، لذا اعترض على هذا التفسير جماعة من المعتزلة -كالجبائي-.
٦- في قوله تعالى: (رحمة من عندنا) دليلٌ على أن من المقادير ما ظاهره سوء، وباطنه رحمة ورفعة.
قال يحيى بن سلام: "يعني أنّ الذي كان ابتُلي به أيوب لم يكن من هوانه على الله، ولكن الله أراد كرامته بذلك".
٧- الاقتداء بأيوب عليه السلام.
قال يحيى بن سلام: "جعل [الله] ذلك عزاءً للعابدين بعده فيما يُبتلون به، هو قوله عز وجل: {وَذِكۡرَىٰ لِلۡعَـٰبِدِینَ}".


07.03.202521:08
مدخل صدق: أي المدينة
ومخرج صدق: مكة.
(سلطاناً نصيراً)، قال الحسن: "مُلكاً قوياً تنصرني به على من ناوأني، وعزاً ظاهراً أُقيم به دينك".
فالآية أشارت للهجرة وإقامة دولة في المدينة.
وفي الآية دلالة على أهميّة دور ولاة الأمر في حفظ الدين، وأنّه رحمةٌ للخلق، وحفظٌ للأمن والحقوق، وأنه ينبغي الدعاء لهم بالتوفيق لنصرة الدين.
قال قتادة: "وإن نبيّ الله علم أن لا طاقةَ له بهذا الأمر إلا بسلطان، فسأل سلطاناً نصيراً لكتاب الله عزّ وجلّ، ولحدود الله، ولفرائض الله، ولإقامة دين الله، وإنّ السلطان رحمة من الله جعلها بين أظهر عباده، لولا ذلك لأغار بعضهم على بعض، فأكل شديدهم ضعيفهم".
وقال ابن كثير عن قول قتادة: "وهو الأرجح؛ لأنه لا بد مع الحق من قهر لمن عاداه وناوأه؛ ولهذا قال سبحانه وتعالى: ﴿لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب﴾ وفي الحديث: (إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن) أي: ليمنع بالسلطان عن ارتكاب الفواحش والآثام، ما لا يمتنع كثير من الناس بالقرآن وما فيه من الوعيد الأكيد والتهديد الشديد، وهذا هو الواقع".
ومخرج صدق: مكة.
(سلطاناً نصيراً)، قال الحسن: "مُلكاً قوياً تنصرني به على من ناوأني، وعزاً ظاهراً أُقيم به دينك".
فالآية أشارت للهجرة وإقامة دولة في المدينة.
وفي الآية دلالة على أهميّة دور ولاة الأمر في حفظ الدين، وأنّه رحمةٌ للخلق، وحفظٌ للأمن والحقوق، وأنه ينبغي الدعاء لهم بالتوفيق لنصرة الدين.
قال قتادة: "وإن نبيّ الله علم أن لا طاقةَ له بهذا الأمر إلا بسلطان، فسأل سلطاناً نصيراً لكتاب الله عزّ وجلّ، ولحدود الله، ولفرائض الله، ولإقامة دين الله، وإنّ السلطان رحمة من الله جعلها بين أظهر عباده، لولا ذلك لأغار بعضهم على بعض، فأكل شديدهم ضعيفهم".
وقال ابن كثير عن قول قتادة: "وهو الأرجح؛ لأنه لا بد مع الحق من قهر لمن عاداه وناوأه؛ ولهذا قال سبحانه وتعالى: ﴿لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب﴾ وفي الحديث: (إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن) أي: ليمنع بالسلطان عن ارتكاب الفواحش والآثام، ما لا يمتنع كثير من الناس بالقرآن وما فيه من الوعيد الأكيد والتهديد الشديد، وهذا هو الواقع".


02.03.202521:20
ذكر السلف أنّ معنى (تثبيتاً من أنفسهم) أن تصدر الصدقة من يقين وإخلاص وتصديق واحتساب ونُصرة [١] وبشجاعة و"بثبات من نفسه، وقوة على الإنفاق، لا يُخرج النفقة وقلبه يرجف على خروجها، ويداه ترتعشان، ويضعف قلبه، ويخور عند الإنفاق" [٢].
قال ابن سعدي: "وذلك أن النفقة يعرض لها آفتان:
١- إما أن يقصد الإنسان بها محمدة الناس ومدحهم وهو الرياء
٢- أو يخرجها على خور وضعف عزيمة وتردد.
فهؤلاء سلموا من هاتين الآفتين".
ولابن تيمية كلام جميل في تفسير الآية، حيث قال: "لأنّ التثبّت هو القوة والمُكنة، وضده الزلزلة والرجفة، فإنّ الصدقة من جنس القتال، فالجبان يرجف والشجاع يثبت، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (وأما الخيلاء التي يحبها الله فاختيال الرجل بنفسه عند الحرب، واختياله بنفسه عند الصدقة)، لأنه مقام ثبات وقوة، فالخيلاء تناسبه، وإنما الذي لا يحبه الله المختال الفخور البخيل الآمر بالبخل، فأما المختال مع العطاء أو القتال فيحبه".
—————————————-
[١] عن الشعبي وقتادة والسدي وغيرهم.
[٢] من كلام ابن القيم.
قال ابن سعدي: "وذلك أن النفقة يعرض لها آفتان:
١- إما أن يقصد الإنسان بها محمدة الناس ومدحهم وهو الرياء
٢- أو يخرجها على خور وضعف عزيمة وتردد.
فهؤلاء سلموا من هاتين الآفتين".
ولابن تيمية كلام جميل في تفسير الآية، حيث قال: "لأنّ التثبّت هو القوة والمُكنة، وضده الزلزلة والرجفة، فإنّ الصدقة من جنس القتال، فالجبان يرجف والشجاع يثبت، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (وأما الخيلاء التي يحبها الله فاختيال الرجل بنفسه عند الحرب، واختياله بنفسه عند الصدقة)، لأنه مقام ثبات وقوة، فالخيلاء تناسبه، وإنما الذي لا يحبه الله المختال الفخور البخيل الآمر بالبخل، فأما المختال مع العطاء أو القتال فيحبه".
—————————————-
[١] عن الشعبي وقتادة والسدي وغيرهم.
[٢] من كلام ابن القيم.
29.03.202512:41
في آية: {شَهۡرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِیۤ أُنزِلَ فِیهِ ٱلۡقُرۡءَانُ}
قال تعالى: {وَلِتُكۡمِلُوا۟ ٱلۡعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا۟ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَىٰكُمۡ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ}
أمر الله بالتكبير في العيد، واستدل الإمام أحمد بهذه الآية على أنّ التكبير في الفطر آكد من الأضحى.
وختم الله الآية بذكر الشكر.
قال البقاعي:"﴿ولَعَلَّكم تَشْكُرُونَ﴾ أيْ ولِتَكُونُوا في حالَةٍ يُرْجى مَعَها لُزُومُ الطّاعَةِ واجْتِنابُ المَعْصِيَةِ.
وقالَ الحَرالِيُّ: فِيهِ تَصْنِيفٌ في الشُّكْرِ نِهايَةً كَما كانَ فِيهِ تَصْنِيفٌ لِلتَّقْوى بِدايَةً، كَما قالَ: ﴿لَعَلَّكم تَتَّقُونَ﴾ فَمَن صَحَّ لَهُ التَّقْوى ابْتِداءً صَحَّ مِنهُ الشُّكْرُ انْتِهاءً
وفي إشْعارِهِ إعْلامٌ بِإظْهارِ نِعْمَةِ اللَّهِ وشُكْرِ الإحْسانِ الَّذِي هو مَضْمُونُ فَرْضِ زَكاةِ الفِطْرِ عَنْ كُلِّ صائِمٍ وعَمَّنْ يُطْعِمُهُ الصّائِمُ، فَكانَ في الشُّكْرِ إخْراجَهُ فِطْرَهُ بِخَتْمِ صَوْمِهِ واسْتِقْبالِ فِطْرِهِ بِأمْرِ رَبِّهِ وإظْهارِ شُكْرِهِ بِما خَوَّلَهُ مِن إطْعامِ عَيْلَتِهِ، فَلِذَلِكَ جَرَتْ فِيمَن يَصُومُ وفِيمَن يَعُولُهُ الصّائِمُ".
قال تعالى: {وَلِتُكۡمِلُوا۟ ٱلۡعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا۟ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَىٰكُمۡ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ}
أمر الله بالتكبير في العيد، واستدل الإمام أحمد بهذه الآية على أنّ التكبير في الفطر آكد من الأضحى.
وختم الله الآية بذكر الشكر.
قال البقاعي:"﴿ولَعَلَّكم تَشْكُرُونَ﴾ أيْ ولِتَكُونُوا في حالَةٍ يُرْجى مَعَها لُزُومُ الطّاعَةِ واجْتِنابُ المَعْصِيَةِ.
وقالَ الحَرالِيُّ: فِيهِ تَصْنِيفٌ في الشُّكْرِ نِهايَةً كَما كانَ فِيهِ تَصْنِيفٌ لِلتَّقْوى بِدايَةً، كَما قالَ: ﴿لَعَلَّكم تَتَّقُونَ﴾ فَمَن صَحَّ لَهُ التَّقْوى ابْتِداءً صَحَّ مِنهُ الشُّكْرُ انْتِهاءً
وفي إشْعارِهِ إعْلامٌ بِإظْهارِ نِعْمَةِ اللَّهِ وشُكْرِ الإحْسانِ الَّذِي هو مَضْمُونُ فَرْضِ زَكاةِ الفِطْرِ عَنْ كُلِّ صائِمٍ وعَمَّنْ يُطْعِمُهُ الصّائِمُ، فَكانَ في الشُّكْرِ إخْراجَهُ فِطْرَهُ بِخَتْمِ صَوْمِهِ واسْتِقْبالِ فِطْرِهِ بِأمْرِ رَبِّهِ وإظْهارِ شُكْرِهِ بِما خَوَّلَهُ مِن إطْعامِ عَيْلَتِهِ، فَلِذَلِكَ جَرَتْ فِيمَن يَصُومُ وفِيمَن يَعُولُهُ الصّائِمُ".
22.03.202500:22
{قَالَ هَـٰذَا مِن فَضۡلِ رَبِّی لِیَبۡلُوَنِیۤ أأَشۡكُرُ أَمۡ أَكۡفُرُۖ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا یَشۡكُرُ لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّی غَنِیࣱّ كَرِیمࣱ}
هنا أشكل عليّ ذكر صفة الكرم في سياق بيان حال من يكفر بنعمة الله!.
فمن المعلوم وجود التناسب بين أسماء الله وصفاته في آخر الآيات وبين معانيها.
قال ابن القيم: "إذا تأملت ختم الآيات بالأسماء والصفات، وجدت كلامه [سبحانه] مختتماً بذكر الصفة التي يقتضيها ذلك المقام، حتى كأنها ذُكرت دليلاً عليه وموجبة له".
• فلماذا ذكر الله صفة الكرم بعد ذكر من كفر بنعمته، أليس المتوقّع أن يذكر الصفات الدالة على العقاب؟
رجعت للتفاسير، فوجدت بعض المفسرين ذكروا أنه سبحانه كريم يعطي الشاكر، فالله "غني عن شكره، كريمٌ فِي قبُول شكره وإثابته عَلَيْهِ"، قاله السمعاني، ويظهر لي أنه تفسير فيه بُعد عن السياق.
والصواب ما ذكره المفسرون من السلف، فقد ذكروا أنّ المراد مايلي:
١- أن الله كريم في نفسه، فهو غني عن شكرهم لأنّ كماله ذاتي، قال ابن كثير: "كريم في نفسه، وإن لم يعبده أحد، فإن عظمته ليست مفتقرة".
فتكون الآية كآية لقمان: {ومن كفر فإنّ الله غني حميد} وهو قول مقاتل.
٢- أنه كريم حتى على الكافر، فهو يعطيه من الدنيا، ولا يعاجله بالعقوبة، وإلى هذا القول ذهب جماعة -كالسدي والطبري-
ولكن ما وجه ذكر كرمه سبحانه على الكافر في هذا السياق، فإنه ليس سياق إظهار منّه؟
الجواب:
كأنّ من قال بهذا التفسير، أراد أنّ وجه ذكر الكرم هنا هو: إزالة توهّم أنّ الله أعطى ذلك الكافر لفضلٍ فيه، فبيّن الله أنه أعطاه من الدنيا ولم يعاجله العقوبة، لأنه سبحانه كريم، لا لفضل الكافر، فلا يغتر الإنسان بمن أُعطي الدنيا، ولا يغتر بنعيمها ولو تجدد، فالمعنى: (هذا الفضل الدنيوي، وعدم المعاجلة بالعقاب، لأن الله كريم، لا لفضل في الكافر).
هنا أشكل عليّ ذكر صفة الكرم في سياق بيان حال من يكفر بنعمة الله!.
فمن المعلوم وجود التناسب بين أسماء الله وصفاته في آخر الآيات وبين معانيها.
قال ابن القيم: "إذا تأملت ختم الآيات بالأسماء والصفات، وجدت كلامه [سبحانه] مختتماً بذكر الصفة التي يقتضيها ذلك المقام، حتى كأنها ذُكرت دليلاً عليه وموجبة له".
• فلماذا ذكر الله صفة الكرم بعد ذكر من كفر بنعمته، أليس المتوقّع أن يذكر الصفات الدالة على العقاب؟
رجعت للتفاسير، فوجدت بعض المفسرين ذكروا أنه سبحانه كريم يعطي الشاكر، فالله "غني عن شكره، كريمٌ فِي قبُول شكره وإثابته عَلَيْهِ"، قاله السمعاني، ويظهر لي أنه تفسير فيه بُعد عن السياق.
والصواب ما ذكره المفسرون من السلف، فقد ذكروا أنّ المراد مايلي:
١- أن الله كريم في نفسه، فهو غني عن شكرهم لأنّ كماله ذاتي، قال ابن كثير: "كريم في نفسه، وإن لم يعبده أحد، فإن عظمته ليست مفتقرة".
فتكون الآية كآية لقمان: {ومن كفر فإنّ الله غني حميد} وهو قول مقاتل.
٢- أنه كريم حتى على الكافر، فهو يعطيه من الدنيا، ولا يعاجله بالعقوبة، وإلى هذا القول ذهب جماعة -كالسدي والطبري-
ولكن ما وجه ذكر كرمه سبحانه على الكافر في هذا السياق، فإنه ليس سياق إظهار منّه؟
الجواب:
كأنّ من قال بهذا التفسير، أراد أنّ وجه ذكر الكرم هنا هو: إزالة توهّم أنّ الله أعطى ذلك الكافر لفضلٍ فيه، فبيّن الله أنه أعطاه من الدنيا ولم يعاجله العقوبة، لأنه سبحانه كريم، لا لفضل الكافر، فلا يغتر الإنسان بمن أُعطي الدنيا، ولا يغتر بنعيمها ولو تجدد، فالمعنى: (هذا الفضل الدنيوي، وعدم المعاجلة بالعقاب، لأن الله كريم، لا لفضل في الكافر).
14.03.202516:25
رجّح ابن جرير أنّ المراد بالبخل في هذه الآية البخل بالعلم لا بالمال، وعلّل ذلك بأنه"لم يبلغنا عن أمة من الأمم أنها كانت تأمرُ الناس بالبخل ديانةً ولا تخلُّقًا، بل ترى ذلك قبيحًا وتذمَّ فاعله".
ولا شك أن البخل بالعلم داخل في الآية، ولكن الأصل أنها في البخل بالمال، بدلالة الآية التي تليها: {وَٱلَّذِینَ یُنفِقُونَ أَمۡوَ ٰلَهُمۡ رِئَاۤءَ ٱلنَّاسِ} فالله لمّا حذّر من البخل بالمال، حذّر من الرياء في الإنفاق.
وأما ما ذكره الطبري من أنه لا يوجد من يأمر بالبخل، فليس صحيحاً، بل البخيل يأمر بالبخل إما بلسان حاله أو مقاله، ويصف الكرم بأوصاف منفّرة، وقد أخبر النبيﷺ أن الشح أهلك من كان قبلنا (أمرهم بالبخل، فبخلوا)
• قال ابن كثير: "يقول تعالى ذاماً الذين يبخلون بأموالهم أن ينفقوها فيما أمرهم الله به -من بر الوالدين، والإحسان إلى الأقارب واليتامى والمساكين، والجار ذي القربى، والجار الجنب، والصاحب بالجنب، وابن السبيل، وما ملكت أيمانكم من الأرقاء -ولا يدفعون حق الله فيها، ويأمرون الناس بالبخل أيضاً، وقد قال رسول الله ﷺ: (وأي داء أدوأ من البخل)، وقال: (إياكم والشح، فإنه أهلك من كان قبلكم، أمرهم بالقطيعة فقطعوا، وأمرهم بالفجور ففجروا).
وقوله: ﴿ويكتمون ما آتاهم الله من فضله﴾ فالبخيل جحود لنعمة الله عليه لا تظهر عليه ولا تبين، لا في أكله، ولا في ملبسه، ولا في إعطائه وبذله…
وقد حمل بعض السلف هذه الآية على بخل اليهود بإظهار العلم الذي عندهم، من صفة النبي ﷺ وكتمانهم ذلك…
ولا شك أن الآية محتملة لذلك، والظاهر أن السياق في البخل بالمال، وإن كان البخل بالعلم داخلاً في ذلك بطريق الأولى؛ فإن سياق الكلام في الإنفاق على الأقارب والضعفاء، وكذا الآية التي بعدها، وهي قوله: ﴿والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس﴾ فذكر الممسكين المذمومين وهم البخلاء، ثم ذكر الباذلين المرائين الذي يقصدون بإعطائهم السمعة وأن يُمدحوا بالكرم، ولا يريدون بذلك وجه الله".
ولا شك أن البخل بالعلم داخل في الآية، ولكن الأصل أنها في البخل بالمال، بدلالة الآية التي تليها: {وَٱلَّذِینَ یُنفِقُونَ أَمۡوَ ٰلَهُمۡ رِئَاۤءَ ٱلنَّاسِ} فالله لمّا حذّر من البخل بالمال، حذّر من الرياء في الإنفاق.
وأما ما ذكره الطبري من أنه لا يوجد من يأمر بالبخل، فليس صحيحاً، بل البخيل يأمر بالبخل إما بلسان حاله أو مقاله، ويصف الكرم بأوصاف منفّرة، وقد أخبر النبيﷺ أن الشح أهلك من كان قبلنا (أمرهم بالبخل، فبخلوا)
• قال ابن كثير: "يقول تعالى ذاماً الذين يبخلون بأموالهم أن ينفقوها فيما أمرهم الله به -من بر الوالدين، والإحسان إلى الأقارب واليتامى والمساكين، والجار ذي القربى، والجار الجنب، والصاحب بالجنب، وابن السبيل، وما ملكت أيمانكم من الأرقاء -ولا يدفعون حق الله فيها، ويأمرون الناس بالبخل أيضاً، وقد قال رسول الله ﷺ: (وأي داء أدوأ من البخل)، وقال: (إياكم والشح، فإنه أهلك من كان قبلكم، أمرهم بالقطيعة فقطعوا، وأمرهم بالفجور ففجروا).
وقوله: ﴿ويكتمون ما آتاهم الله من فضله﴾ فالبخيل جحود لنعمة الله عليه لا تظهر عليه ولا تبين، لا في أكله، ولا في ملبسه، ولا في إعطائه وبذله…
وقد حمل بعض السلف هذه الآية على بخل اليهود بإظهار العلم الذي عندهم، من صفة النبي ﷺ وكتمانهم ذلك…
ولا شك أن الآية محتملة لذلك، والظاهر أن السياق في البخل بالمال، وإن كان البخل بالعلم داخلاً في ذلك بطريق الأولى؛ فإن سياق الكلام في الإنفاق على الأقارب والضعفاء، وكذا الآية التي بعدها، وهي قوله: ﴿والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس﴾ فذكر الممسكين المذمومين وهم البخلاء، ثم ذكر الباذلين المرائين الذي يقصدون بإعطائهم السمعة وأن يُمدحوا بالكرم، ولا يريدون بذلك وجه الله".
10.03.202514:31
{وَٱجۡعَل لِّی وَزِیرࣰا مِّنۡ أَهۡلِی * هَـٰرُونَ أَخِی *ٱشۡدُدۡ بِهِۦۤ أَزۡرِي* وَأَشۡرِكۡهُ فِیۤ أَمۡرِی}
من الفوائد:
١- بركة المؤمن على أخيه ونفعه له، وتمني له الخير معه، وهذا من طيب نفسه.
روى ابن أبي حاتم أنّ عائشة -رضي الله عنها- سمعت رجلاً يذكر أنّ أنفع رجل لأخيه هو موسى حين سأل لأخيه النبوة.
فقالت: صدق والله.
وفي هذا قال الله تعالى في الثناء على موسى عليه السلام: ﴿وكان عند الله وجيها﴾.
وفي ذللك دلاله على أنّ تمني الخير للغير وعدم حسده، من أسباب الوجاهة والعزّة، وقد قيل: (الحسود لا يسود).
٢- الحرص على إشراك من يعمل معك في الفضل، وهذا طبع الكرام.
٣- النظر لمصلحة الدعوة لا للمصلحة الشخصية القائمة على حب الرئاسة والتفرّد والتميّز، فعلى المؤمن أن يفرح إذا وجد من أعطاه الله بياناً أو علماً يخدم الدعوة، وأن يسعى في معاونته، فيُعينه على ظهور نفعه، لا أن يحسده ويبغي عليه، فموسى لمّا رأى فصاحة هارون، ورأى أنّ في دخوله مصلحة وظهوراً للدين، سأل ربه أن يُشركه في أمره.
فلا بُدّ من الاقتداء بموسى عليه السلام في إخلاصه، وحب الخير لغيره، والنظر فيما هو أنفع للدعوة، وليس النظر التحزّبي، والنظر للمصلحة الشخصية والتفرّد والرئاسة، فإنّ هذا نظرٌ فرعوني، وقد وقع فيه بعض الدعاة وطلبة العلم.
قال ابن تيمية: "قال بعض العارفين: ما من نفس إلا وفيها ما في نفس فرعون، إلا أنه قدر فأظهر، وغيره عجز فأضمر.
وذلك أن الإنسان إذا اعتبر وتعرّف نفسه والناس، رأى الواحد يريد نفسه أن تطاع وتعلو بحسب الإمكان، والنفوس مشحونة بحب العلو والرئاسة بحسب إمكانها…"
ثم ذكر أنّ بعض أهل العلم والرئاسة: "إذا كان مطاعاً مسلماً طلب أن يُطاع في أغراضه، وإن كان فيها ما هو ذنب ومعصية لله، ويكون من أطاعه أحب إليه وأعز عنده ممن أطاع الله وخالف هواه، وهذه شعبة من حال فرعون وسائر المكذبين للرسل.
وإن كان عالماً أو شيخاً أحب من يعظّمه دون من يعظّم نظيره، وربما أبغض نظيره حسداً وبغياً كما فعلت اليهود لمّا بعث الله تعالى من يدعو إلى مثل ما دعا إليه موسى قال تعالى: {وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله قالوا نؤمن بما أنزل علينا} الآية"
ثم قال: "فمن كان من المطاعين من الأمراء والعلماء والمشايخ متبعاً للرسول صلى الله عليه وسلم، أمر بما أمر به، ودعا إليه، وأحب من دعا إلى مثل ما دعا إليه، فإنّ الله يحب ذلك، فيحب ما يحبه الله؛ لأن قصده عبادة الله وحده؛ وأن يكون الدين لله، ومن كره أن يكون له نظير يدعو إلى ذلك؛ فهذا يطلب أن يكون هو المطاع المعبود؛ وله نصيب من حال فرعون وأشباهه".
من الفوائد:
١- بركة المؤمن على أخيه ونفعه له، وتمني له الخير معه، وهذا من طيب نفسه.
روى ابن أبي حاتم أنّ عائشة -رضي الله عنها- سمعت رجلاً يذكر أنّ أنفع رجل لأخيه هو موسى حين سأل لأخيه النبوة.
فقالت: صدق والله.
وفي هذا قال الله تعالى في الثناء على موسى عليه السلام: ﴿وكان عند الله وجيها﴾.
وفي ذللك دلاله على أنّ تمني الخير للغير وعدم حسده، من أسباب الوجاهة والعزّة، وقد قيل: (الحسود لا يسود).
٢- الحرص على إشراك من يعمل معك في الفضل، وهذا طبع الكرام.
٣- النظر لمصلحة الدعوة لا للمصلحة الشخصية القائمة على حب الرئاسة والتفرّد والتميّز، فعلى المؤمن أن يفرح إذا وجد من أعطاه الله بياناً أو علماً يخدم الدعوة، وأن يسعى في معاونته، فيُعينه على ظهور نفعه، لا أن يحسده ويبغي عليه، فموسى لمّا رأى فصاحة هارون، ورأى أنّ في دخوله مصلحة وظهوراً للدين، سأل ربه أن يُشركه في أمره.
فلا بُدّ من الاقتداء بموسى عليه السلام في إخلاصه، وحب الخير لغيره، والنظر فيما هو أنفع للدعوة، وليس النظر التحزّبي، والنظر للمصلحة الشخصية والتفرّد والرئاسة، فإنّ هذا نظرٌ فرعوني، وقد وقع فيه بعض الدعاة وطلبة العلم.
قال ابن تيمية: "قال بعض العارفين: ما من نفس إلا وفيها ما في نفس فرعون، إلا أنه قدر فأظهر، وغيره عجز فأضمر.
وذلك أن الإنسان إذا اعتبر وتعرّف نفسه والناس، رأى الواحد يريد نفسه أن تطاع وتعلو بحسب الإمكان، والنفوس مشحونة بحب العلو والرئاسة بحسب إمكانها…"
ثم ذكر أنّ بعض أهل العلم والرئاسة: "إذا كان مطاعاً مسلماً طلب أن يُطاع في أغراضه، وإن كان فيها ما هو ذنب ومعصية لله، ويكون من أطاعه أحب إليه وأعز عنده ممن أطاع الله وخالف هواه، وهذه شعبة من حال فرعون وسائر المكذبين للرسل.
وإن كان عالماً أو شيخاً أحب من يعظّمه دون من يعظّم نظيره، وربما أبغض نظيره حسداً وبغياً كما فعلت اليهود لمّا بعث الله تعالى من يدعو إلى مثل ما دعا إليه موسى قال تعالى: {وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله قالوا نؤمن بما أنزل علينا} الآية"
ثم قال: "فمن كان من المطاعين من الأمراء والعلماء والمشايخ متبعاً للرسول صلى الله عليه وسلم، أمر بما أمر به، ودعا إليه، وأحب من دعا إلى مثل ما دعا إليه، فإنّ الله يحب ذلك، فيحب ما يحبه الله؛ لأن قصده عبادة الله وحده؛ وأن يكون الدين لله، ومن كره أن يكون له نظير يدعو إلى ذلك؛ فهذا يطلب أن يكون هو المطاع المعبود؛ وله نصيب من حال فرعون وأشباهه".


04.03.202523:03
قال ابن تيمية في تفسيرها: "فجعل الإرادة والتعريف بالسيما الذي يُدرك بالبصر معلّقاً على المشيئة، وأقسم على التعريف في لحن القول … فدلّ على أن المنافقين لا بد أن يُعرفوا في أصواتهم وكلامهم الذي يظهر فيه لحن قولهم، وهذا ظاهر بيّن لمن تأمله في الناس من أهل الفراسة في الأقوال وغيرها… وأما ظهور ما في قلوبهم على وجوههم فقد يكون وقد لا يكون
ودلّ على أن ظهور ما في باطن الإنسان على فلتات لسانه أقوى من ظهوره على صفحات وجهه؛ لأن اللسان ترجمان القلب فإظهاره لما أكنّه أوكد؛ ولأن دلالة اللسان قاليّة ودلالة الوجه حاليّة. والقول أجمع وأوسع للمعاني التي في القلب من الحال؛ ولهذا فضّل من فضل كابن قتيبة وغيره السمع على البصر".
وقال: "فالمنافق لا بد أن يظهر في قوله وفعله ما يدل على نفاقه وما أضمره كما قال عثمان بن عفان: (ما أسرّ أحدٌ سريرة إلا أظهرها الله على صفحات وجهه وفلتات لسانه)، وقد قال تعالى عن المنافقين: {ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم} ثم قال: {ولتعرفنّهم في لحن القول} وهو جواب قسم محذوف أي: والله لتعرفهم في لحن القول، فمعرفة المنافق في لحن القول لا بد منها، وأما معرفته بالسيما فموقوفة على المشيئة".
ودلّ على أن ظهور ما في باطن الإنسان على فلتات لسانه أقوى من ظهوره على صفحات وجهه؛ لأن اللسان ترجمان القلب فإظهاره لما أكنّه أوكد؛ ولأن دلالة اللسان قاليّة ودلالة الوجه حاليّة. والقول أجمع وأوسع للمعاني التي في القلب من الحال؛ ولهذا فضّل من فضل كابن قتيبة وغيره السمع على البصر".
وقال: "فالمنافق لا بد أن يظهر في قوله وفعله ما يدل على نفاقه وما أضمره كما قال عثمان بن عفان: (ما أسرّ أحدٌ سريرة إلا أظهرها الله على صفحات وجهه وفلتات لسانه)، وقد قال تعالى عن المنافقين: {ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم} ثم قال: {ولتعرفنّهم في لحن القول} وهو جواب قسم محذوف أي: والله لتعرفهم في لحن القول، فمعرفة المنافق في لحن القول لا بد منها، وأما معرفته بالسيما فموقوفة على المشيئة".
16.02.202519:43
من عجائب ما حُكي في أثر الإمام مالك: ما حكاه النسفي حيث قال: "وعن مالك بن أنس إمام المدينة أنه قال: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وقال للسائل: ما أراك إلا ضالاً، وأمر بالصفح، فإذا هو جهم بن صفوان".
لم يذكر أن السائل هو جهم بن صفوان غير النسفي، ومع ظهور ضعف ما ذكره إلا أنّ له دلالة تاريخية، فالأثر ارتبط في أذهان الناس بالرد على الجهمية، والعلماء ساقوه في الكتب المسندة لهذا الغرض، وفهم هذا التوظيف التاريخي مما يُعين على فهم الأثر.
لم يذكر أن السائل هو جهم بن صفوان غير النسفي، ومع ظهور ضعف ما ذكره إلا أنّ له دلالة تاريخية، فالأثر ارتبط في أذهان الناس بالرد على الجهمية، والعلماء ساقوه في الكتب المسندة لهذا الغرض، وفهم هذا التوظيف التاريخي مما يُعين على فهم الأثر.


24.03.202513:23
قال السمعاني: "فِيهِ مَعْنيانِ:
أَحدهمَا: وَلَا تطغوا فِي الاسْتقَامَة، يَعْنِي: لَا تَزِيدُوا على مَا أمرت ونهيت، فتحرموا مَا أحل الله، وتكلفوا أَنفسكُم مَا لم يشرعه الله وَلم يَفْعَله الرَّسُول وَأَصْحَابه.
وَالْمعْنَى الثَّانِي: الطغيان هُوَ البطر لزِيَادَة النِّعْمَة.
وَقيل: الطغيان وَالْبَغي بِمَعْنى وَاحِد".
أَحدهمَا: وَلَا تطغوا فِي الاسْتقَامَة، يَعْنِي: لَا تَزِيدُوا على مَا أمرت ونهيت، فتحرموا مَا أحل الله، وتكلفوا أَنفسكُم مَا لم يشرعه الله وَلم يَفْعَله الرَّسُول وَأَصْحَابه.
وَالْمعْنَى الثَّانِي: الطغيان هُوَ البطر لزِيَادَة النِّعْمَة.
وَقيل: الطغيان وَالْبَغي بِمَعْنى وَاحِد".


21.03.202519:25
من الفوائد:
١- أهميّة معرفة النفس ومواطن ضعفها.
٢- تأثير الحالة المزاجية على البيان، فليجتنب الإنسان الكلام أو الكتابة إن كان في حالة مزاجية صعبة، ولا ينساق خلف الحماسة للرد، أو حرقة الغضب، أو العاطفة الجياشة.
قال الألوسي: "(ويضِيقُ صَدْرِي) انْفِعالًا مِنهُ، (ولا يَنْطَلِقُ لِسانِي) مِن سِجْنِ اللُّكْنَةِ وقَيْدِ العَيِّ بِانْقِباضِ الرُّوحِ الحَيَوانِيِّ الَّذِي تَتَحَرَّكُ بِهِ العَضَلاتُ، الحاصِلِ عِنْدَ ضِيقِ الصَّدْرِ واغْتِمامِ القَلْبِ، والمُرادُ حُدُوثُ تَلَجْلُجِ اللِّسانِ لَهُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - بِسَبَبِ ذَلِكَ، كَما يُشاهَدُ في كَثِيرٍ مِنَ الفُصَحاءِ إذا اشْتَدَّ غَمُّهم وضاقَتْ صُدُورُهُمْ، فَإنَّ ألْسِنَتَهم تَتَلَجْلَجُ حَتّى لا تَكادَ تُبِينُ عَنْ مَقْصُودٍ".
١- أهميّة معرفة النفس ومواطن ضعفها.
٢- تأثير الحالة المزاجية على البيان، فليجتنب الإنسان الكلام أو الكتابة إن كان في حالة مزاجية صعبة، ولا ينساق خلف الحماسة للرد، أو حرقة الغضب، أو العاطفة الجياشة.
قال الألوسي: "(ويضِيقُ صَدْرِي) انْفِعالًا مِنهُ، (ولا يَنْطَلِقُ لِسانِي) مِن سِجْنِ اللُّكْنَةِ وقَيْدِ العَيِّ بِانْقِباضِ الرُّوحِ الحَيَوانِيِّ الَّذِي تَتَحَرَّكُ بِهِ العَضَلاتُ، الحاصِلِ عِنْدَ ضِيقِ الصَّدْرِ واغْتِمامِ القَلْبِ، والمُرادُ حُدُوثُ تَلَجْلُجِ اللِّسانِ لَهُ - عَلَيْهِ السَّلامُ - بِسَبَبِ ذَلِكَ، كَما يُشاهَدُ في كَثِيرٍ مِنَ الفُصَحاءِ إذا اشْتَدَّ غَمُّهم وضاقَتْ صُدُورُهُمْ، فَإنَّ ألْسِنَتَهم تَتَلَجْلَجُ حَتّى لا تَكادَ تُبِينُ عَنْ مَقْصُودٍ".


14.03.202516:17


09.03.202521:33
قال قتادة: "هي في قراءة أُبيّ بن كعب: (أكادُ أُخْفِيها مِن نَّفْسِي)".
وذكر مقاتل أنها كذا في قراءة ابن مسعود.
واستفاضت آثار السلف في تفسير الآية بهذا المعنى، حتى قال ابن جرير: "وإنما اخترنا هذا القول على غيره من الأقوال لموافقة أقوال أهل العلم من الصحابة والتابعين، إذ كنا لا نستجيز الخلاف عليهم فيما استفاض القول به منهم، وجاء عنهم مجيئاً يقطع العذر".
وهذا التفسير فيه من البيان ما ليس في غيره من تفسيرات المتكلفين؛ فهذا التفسير يقطع كل طمع في معرفة وقت الساعة، ويسد الباب في وجه كل منجّمٍ وكذاب، وكذلك يُبطل قول من زعم وجود أحاديث أو إشارات في النصوص تدل على وقت الساعة -كما زعم السيوطي-؛ فإنّ الله كاد أن يخفيها من نفسه.
قرأ ابن مسعود: (أكاد أخفيها من نفسي؛ فكيف يعلمها مخلوق؟).
وقال البغوي: "وَفِي بَعْضِ الْقِرَاءَاتِ: (فَكَيْفَ أُظْهِرُهَا لَكُمْ) وَذَكَرَ ذَلِكَ عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ إِذَا بَالَغُوا فِي كِتْمَانِ الشَّيْءِ".
وذكر مقاتل أنها كذا في قراءة ابن مسعود.
واستفاضت آثار السلف في تفسير الآية بهذا المعنى، حتى قال ابن جرير: "وإنما اخترنا هذا القول على غيره من الأقوال لموافقة أقوال أهل العلم من الصحابة والتابعين، إذ كنا لا نستجيز الخلاف عليهم فيما استفاض القول به منهم، وجاء عنهم مجيئاً يقطع العذر".
وهذا التفسير فيه من البيان ما ليس في غيره من تفسيرات المتكلفين؛ فهذا التفسير يقطع كل طمع في معرفة وقت الساعة، ويسد الباب في وجه كل منجّمٍ وكذاب، وكذلك يُبطل قول من زعم وجود أحاديث أو إشارات في النصوص تدل على وقت الساعة -كما زعم السيوطي-؛ فإنّ الله كاد أن يخفيها من نفسه.
قرأ ابن مسعود: (أكاد أخفيها من نفسي؛ فكيف يعلمها مخلوق؟).
وقال البغوي: "وَفِي بَعْضِ الْقِرَاءَاتِ: (فَكَيْفَ أُظْهِرُهَا لَكُمْ) وَذَكَرَ ذَلِكَ عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ إِذَا بَالَغُوا فِي كِتْمَانِ الشَّيْءِ".
03.03.202518:35
👆🏻تأمّل عبارة سفيان بن عيينة في تفسير الآية السابقة، فهي من مظاهر فضله في التفسير
وقد أثنى عليه السلف في هذا الباب، فقال ابن وهب: "لا أعلم أحداً بتفسير القرآن أعلم من سفيان بن عيينة".
وقال نعيم بن حماد: "كان ابن عيينة من أعلم الناس بالقرآن".
وقال الإمام أحمد: "رحم الله سفيان، ما كان أفقهه في القرآن".
وذكر ابن حبان "أنّ ابن عيينة ممن عُني بعلم كتاب الله وكثرة تلاوته وسهره فيه".
وقد أثنى عليه السلف في هذا الباب، فقال ابن وهب: "لا أعلم أحداً بتفسير القرآن أعلم من سفيان بن عيينة".
وقال نعيم بن حماد: "كان ابن عيينة من أعلم الناس بالقرآن".
وقال الإمام أحمد: "رحم الله سفيان، ما كان أفقهه في القرآن".
وذكر ابن حبان "أنّ ابن عيينة ممن عُني بعلم كتاب الله وكثرة تلاوته وسهره فيه".


16.02.202503:22
لمّا ناقش العوني معنى القدر المشترك، زعم أن القول بتعلق السمع بالأصوات، والبصر بالمُبصرات= هو قولٌ بالقدر المشترك التيمي (التشبيهي بزعمه)
وزعم أن القول بوقوع السمع والبصر مع وجود المتعلق لا قبله= من القول بالقدر المشترك التيمي.
وبناء على كلامه:
١- كثير من الحنابلة والأشاعرة وغيرهم -ممن قال بالتفريق بين متعلق السمع والبصر - يقولون بالقدر المشترك التشبيهي، ويظهر أنه لا يعلم وجود من يفرّق بين متعلق السمع والبصر من الأشاعرة، لذا قال ما قال :)
٢- أن كلام ابن بطة الذي ناقشناه سابقاً والذي قرّر فيه أنّ البصر لا يكون إلا مع وجود العمل لا قبله، يفيد إثبات القدر المشترك التيمي، وأتمنى أن يُعلّم أتباعه ذلك :).
كلام العوني هنا يدل على مقدار تصوره للمسألة، ومقدار علمه بالمذاهب ومقالاتها.
وزعم أن القول بوقوع السمع والبصر مع وجود المتعلق لا قبله= من القول بالقدر المشترك التيمي.
وبناء على كلامه:
١- كثير من الحنابلة والأشاعرة وغيرهم -ممن قال بالتفريق بين متعلق السمع والبصر - يقولون بالقدر المشترك التشبيهي، ويظهر أنه لا يعلم وجود من يفرّق بين متعلق السمع والبصر من الأشاعرة، لذا قال ما قال :)
٢- أن كلام ابن بطة الذي ناقشناه سابقاً والذي قرّر فيه أنّ البصر لا يكون إلا مع وجود العمل لا قبله، يفيد إثبات القدر المشترك التيمي، وأتمنى أن يُعلّم أتباعه ذلك :).
كلام العوني هنا يدل على مقدار تصوره للمسألة، ومقدار علمه بالمذاهب ومقالاتها.
Показано 1 - 24 из 47
Войдите, чтобы разблокировать больше функциональности.