
Україна Online: Новини | Політика

Телеграмна служба новин - Україна

Резидент

Мир сегодня с "Юрий Подоляка"

Труха⚡️Україна

Николаевский Ванёк

Лачен пише

Реальний Київ | Украина

Реальна Війна

Україна Online: Новини | Політика

Телеграмна служба новин - Україна

Резидент

Мир сегодня с "Юрий Подоляка"

Труха⚡️Україна

Николаевский Ванёк

Лачен пише

Реальний Київ | Украина

Реальна Війна

Україна Online: Новини | Політика

Телеграмна служба новин - Україна

Резидент

شريف محمد جابر
ما أوسع الكلمة .. ما أضيق العالم
TGlist рейтинг
0
0
ТипАчык
Текшерүү
ТекшерилбегенИшенимдүүлүк
ИшенимсизОрду
ТилиБашка
Канал түзүлгөн датаDec 29, 2015
TGlistке кошулган дата
Mar 26, 2025Рекорддор
23.04.202523:59
9.8KКатталгандар04.12.202423:59
0Цитация индекси16.04.202520:07
27.5K1 посттун көрүүлөрү20.04.202507:03
8911 жарнама посттун көрүүлөрү21.04.202500:19
12.18%ER16.04.202520:57
284.20%ERRӨнүгүү
Катталуучулар
Citation индекси
Бир посттун көрүүсү
Жарнамалык посттун көрүүсү
ER
ERR
23.04.202512:10
كنتُ في الشارع لحظة الهزّة الأرضية في إسطنبول، رأيت جزع الناس ونزولهم، ثم تساءلت: كيف يكون حال من يعيش مثل هذا الخوف وأكبر كل يوم منذ نحو عامين؟ تتخطّفهم أصوات الطيران والقذائف والانفجارات، كل يوم يعملون حساب صاروخ قد ينزل على بيتهم فلا يمهلهم..
اللهم الطف بأهلنا وأحبابنا وناسنا، وارزقهم الأمن الذي يعيشه الناس..
اللهم الطف بأهلنا وأحبابنا وناسنا، وارزقهم الأمن الذي يعيشه الناس..
22.04.202519:33
أمريكا تكافح الصين، والإقليم يغلي، ربما تكون الحرب – العالمية أو الإقليمية – قادمة، في القريب العاجل أو بعد حين، لكن السؤال الأهم: ماذا أعددتَ لها على المستوى الشخصي؟
نعم أنت أيّها الفرد العربي المسلم، لا تظنّ أنك بعيد عن كل ذلك بما أنّك فرد لا حول له ولا قوة بإزاء صراع القوى الكبرى. ولا أعني هنا إعداد القتال، بل الإعداد النفسي الذي أساسه الإيمان بالله والتوكّل عليه وطاعة أمره ونهيه.
هل تعيش نمط حياة معتمدٍ أقصى الاعتماد على الرفاهيات، أم تحاول أن تكون مقتصدًا في الاستهلاك والملذّات وتدرّب نفسك على ألّا تكون متطلّبةً في مختلف أنواع الشهوات؟
من استطاع أن يكون خفيف النفس لا تُثقلها الشهوات، مع اعتياد خشونة الحياة، راجيًا فيما يعمل رضا ربّه، قد اشترى الحياة الدنيا بالآخرة، ثقيل القلب يملؤه اليقين والمحبّة والتقوى والتعلّق بالله وحده، لا يجزع لذهاب لعاعة الدنيا وزينتها.. فهو الفائز المنتصر بإذن الله.
نعم أنت أيّها الفرد العربي المسلم، لا تظنّ أنك بعيد عن كل ذلك بما أنّك فرد لا حول له ولا قوة بإزاء صراع القوى الكبرى. ولا أعني هنا إعداد القتال، بل الإعداد النفسي الذي أساسه الإيمان بالله والتوكّل عليه وطاعة أمره ونهيه.
هل تعيش نمط حياة معتمدٍ أقصى الاعتماد على الرفاهيات، أم تحاول أن تكون مقتصدًا في الاستهلاك والملذّات وتدرّب نفسك على ألّا تكون متطلّبةً في مختلف أنواع الشهوات؟
من استطاع أن يكون خفيف النفس لا تُثقلها الشهوات، مع اعتياد خشونة الحياة، راجيًا فيما يعمل رضا ربّه، قد اشترى الحياة الدنيا بالآخرة، ثقيل القلب يملؤه اليقين والمحبّة والتقوى والتعلّق بالله وحده، لا يجزع لذهاب لعاعة الدنيا وزينتها.. فهو الفائز المنتصر بإذن الله.
21.04.202520:29
مشكلة مخاطبة الناس بشكل أساسي بالوعود الاقتصادية وبتأمين فرص العمل وبالنماء والرفاهية أنّك تضع نفسك على قدم المساواة مع أي جهة أخرى غير إسلامية – داخلية أو خارجية – تخاطبهم بهذه العناصر، وفي كثير من الأحيان تكون الجهات الأخرى أقدر على تأمين ذلك منك بسبب الدعم الدولي.
لهذا فالأصل أن يخاطَب المجتمع المسلم بما يصلح له بوصلته في الحياة أولا وعاجلًا، أي أن تكون بوصلته الإسلام وآفاقه وآثاره في النفس والمجتمع والدولة، ثم يكون مع ذلك العمل على تأمين العيش الكريم.
وليس بالضرورة أن تُفتح آفاق العيش على نماذج باذخة تعيش في إطار رؤية رأسمالية ترى الغاية من وجود الإنسان تحقيق أكبر قدر من السعادة والرفاهية في الدنيا، بل ينبغي توطين الناس على سقف دنيوي لا يشبه الآخرين. سقف يحفظ إنسانيّتهم من الترهّل والانغماس بالدنيا. سقف ينسجم مع رؤية الإسلام لغاية الوجود الإنساني في هذه الدنيا.
نحن لسنا مثل بقية الناس، نحن أمة من دون الناس، نمتلئ بالمال والقوة لا لنزيد حجم الاستهلاك والرفاهية أو للتسلّط والاستبداد على الشعوب، بل لتحقيق مهمة الاستخلاف في الأرض، ولتعبيد الناس لربّهم، ولإقامة الحق والقسط بينهم. فالتنمية في الإسلام لها بوصلة مشدودة بقيم الإسلام ومبادئه العليا وأحكامه، ولا يمكن أن تكون – إلّا جزئيّا – شبيهة بالتنمية في النماذج "الناجحة" على المستوى الدنيوي حول العالم.
لهذا فالأصل أن يخاطَب المجتمع المسلم بما يصلح له بوصلته في الحياة أولا وعاجلًا، أي أن تكون بوصلته الإسلام وآفاقه وآثاره في النفس والمجتمع والدولة، ثم يكون مع ذلك العمل على تأمين العيش الكريم.
وليس بالضرورة أن تُفتح آفاق العيش على نماذج باذخة تعيش في إطار رؤية رأسمالية ترى الغاية من وجود الإنسان تحقيق أكبر قدر من السعادة والرفاهية في الدنيا، بل ينبغي توطين الناس على سقف دنيوي لا يشبه الآخرين. سقف يحفظ إنسانيّتهم من الترهّل والانغماس بالدنيا. سقف ينسجم مع رؤية الإسلام لغاية الوجود الإنساني في هذه الدنيا.
نحن لسنا مثل بقية الناس، نحن أمة من دون الناس، نمتلئ بالمال والقوة لا لنزيد حجم الاستهلاك والرفاهية أو للتسلّط والاستبداد على الشعوب، بل لتحقيق مهمة الاستخلاف في الأرض، ولتعبيد الناس لربّهم، ولإقامة الحق والقسط بينهم. فالتنمية في الإسلام لها بوصلة مشدودة بقيم الإسلام ومبادئه العليا وأحكامه، ولا يمكن أن تكون – إلّا جزئيّا – شبيهة بالتنمية في النماذج "الناجحة" على المستوى الدنيوي حول العالم.
20.04.202521:27
والأمر الآخر المهم الذي يجب على النّاس إدراكه، أن فكرة عدم الاختلاط ليست أمرًا عبثيّا لا معنى له وخصوصا في الأماكن التي يزدحم فيها الناس ويحتكّون ببعضهم بعضًا، ومن يصلّي في المساجد الكبيرة في البلدان التي لا تأبه بقضية الاختلاط مع الأسف يدرك الحرج الشديد الذي يتكرر كل يوم آلاف المرّات عند دخول الجنسين وخروجهم من باب واحد أو اجتماعهم في ساحة واحدة، حيث تضطر النساء إلى الانحناء، وحيث يخرج الناس أفواجًا لارتداء الأحذية، وحيث تحتكّ الأجساد ويحدث ما لا يرضي الله ولا يرضي من همُّه اجتناب الحرام وما يؤدّي إليه أو يفتح أبواب الحرج. فالحاجة إلى منع الاختلاط حاجة واقعية لا يشعر بها إلا من اتّخذ الإسلام منهجًا للحياة ومرجعية عليا تحدّد له نظام القيم والعلاقات.
أما النقاب فلا حاجة للقول بأنّ إيجابه أو استحبابه مذهب لعدد من المذاهب الفقهية المعتمدة، وبأنّ عادة نساء الشام طوال قرون كانت تغطية الوجه بالنقاب قبل هيمنة العلمنة على حياة المسلمين في الشام وغيرها!
فإنْ قيل: هذا الإرث القديم لا يلزمنا اليوم في عصرنا الحديث، ونحتاج إلى اجتهادات جديدة تلائم واقعنا واختلاف مجتمعاتنا؛ فحينئذٍ تنقلب الصورة تمامًا، ويصبح المعترضون هم أصحاب "الإسلام الحديث" الوافد المخالف للإسلام الشامي الراسخة جذوره في المجتمع والتاريخ!
أما النقاب فلا حاجة للقول بأنّ إيجابه أو استحبابه مذهب لعدد من المذاهب الفقهية المعتمدة، وبأنّ عادة نساء الشام طوال قرون كانت تغطية الوجه بالنقاب قبل هيمنة العلمنة على حياة المسلمين في الشام وغيرها!
فإنْ قيل: هذا الإرث القديم لا يلزمنا اليوم في عصرنا الحديث، ونحتاج إلى اجتهادات جديدة تلائم واقعنا واختلاف مجتمعاتنا؛ فحينئذٍ تنقلب الصورة تمامًا، ويصبح المعترضون هم أصحاب "الإسلام الحديث" الوافد المخالف للإسلام الشامي الراسخة جذوره في المجتمع والتاريخ!
20.04.202511:34
انتشار مظاهر التديّن في مختلف المجالات وتحديدًا في المساجد والدروس الشرعية والحجاب ومنع الاختلاط والمبادرات المجتمعية أمر جميل يفرح له الإنسان، خصوصا في البلدان التي ضُيّق فيها على المسلمين كثيرًا وحُرموا فيها من أبسط حقوقهم.
لكنّ الانشراح لهذا الانتشار الديني المجتمعي فحسب والغفلة عن ضرورة تطوير حماية له، وضرورة توسيعه ليغدو انتشارا في مظاهر الوعي والعمل السياسيّين وفي مفاصل الحكم والقوة.. هذا الانشراح المصحوب بالغفلة قاتل. فإذا رافق تلك الغفلة المضيّ في ركاب أمريكا وأذرعها في المنطقة، وخصوصا تلك الأذرع العربية الاستبدادية، فستكون النتيجة – عاجلًا أم آجلًا – محاربة الدولة لهذا الانتشار الديني المجتمعي أو "تشذيبه".
والسبب بسيط: أنّ كل انتشار ديني حقيقي في المجتمعات المسلمة سيؤدّي بالضرورة إلى نشأة نواة حضارية مفارقة للحضارة الغربية المهيمنة، وسيحمل في ثناياه رغبات سياسية واقتصادية واجتماعية لا تتفق مع قيم تلك الحضارة الدولية ومواثيقها وإلزاماتها السياسية ومصالحها الاقتصادية. هذه هي طبيعة الإسلام، شاء من شاء وأبى من أبى، لا يمكنه التقوقع بصيغة دين طقوسي محصور في المساجد والمعاهد الشرعية والتديّن الفردي، إلّا بفرض الدولة لذلك بالحديد والنار.
فإمّا أن تنتبه الدولة ورجالها لذلك مبكّرا فتمضي مع المجتمع المسلم ودعاته وتحميهم وتتنازل عن بعض المسّرات التي تعد بها القوى الإقليمية والدولية، وإمّا أن تمضي مع تلك الوعود والمسرّات وتتجاهل المضيّ مع الانتشار الدعوي وحمايته وتمكينه ممّا سيوصلها إلى مكافحة ذلك النموّ الديني المجتمعي والعمل على تشذيبه وملاحقة رموزه أو سجنهم أو اضطهادهم في ظلّ الضغوط الدولية.
هذا هو درس الدولة القومية العربية ما بعد الاستقلال الذي حمله القرن الماضي، بصرف النظر عن توجّه نخبتها، وتجاهلُه وعدم الاكتراث به من طرف النخبة الحاكمة ومن طرف القيادات الدينية والاجتماعية هو خلل كبير يؤدي إلى إعادة إنتاج منظومة الطغيان وإنْ بوجوه مختلفة!
لكنّ الانشراح لهذا الانتشار الديني المجتمعي فحسب والغفلة عن ضرورة تطوير حماية له، وضرورة توسيعه ليغدو انتشارا في مظاهر الوعي والعمل السياسيّين وفي مفاصل الحكم والقوة.. هذا الانشراح المصحوب بالغفلة قاتل. فإذا رافق تلك الغفلة المضيّ في ركاب أمريكا وأذرعها في المنطقة، وخصوصا تلك الأذرع العربية الاستبدادية، فستكون النتيجة – عاجلًا أم آجلًا – محاربة الدولة لهذا الانتشار الديني المجتمعي أو "تشذيبه".
والسبب بسيط: أنّ كل انتشار ديني حقيقي في المجتمعات المسلمة سيؤدّي بالضرورة إلى نشأة نواة حضارية مفارقة للحضارة الغربية المهيمنة، وسيحمل في ثناياه رغبات سياسية واقتصادية واجتماعية لا تتفق مع قيم تلك الحضارة الدولية ومواثيقها وإلزاماتها السياسية ومصالحها الاقتصادية. هذه هي طبيعة الإسلام، شاء من شاء وأبى من أبى، لا يمكنه التقوقع بصيغة دين طقوسي محصور في المساجد والمعاهد الشرعية والتديّن الفردي، إلّا بفرض الدولة لذلك بالحديد والنار.
فإمّا أن تنتبه الدولة ورجالها لذلك مبكّرا فتمضي مع المجتمع المسلم ودعاته وتحميهم وتتنازل عن بعض المسّرات التي تعد بها القوى الإقليمية والدولية، وإمّا أن تمضي مع تلك الوعود والمسرّات وتتجاهل المضيّ مع الانتشار الدعوي وحمايته وتمكينه ممّا سيوصلها إلى مكافحة ذلك النموّ الديني المجتمعي والعمل على تشذيبه وملاحقة رموزه أو سجنهم أو اضطهادهم في ظلّ الضغوط الدولية.
هذا هو درس الدولة القومية العربية ما بعد الاستقلال الذي حمله القرن الماضي، بصرف النظر عن توجّه نخبتها، وتجاهلُه وعدم الاكتراث به من طرف النخبة الحاكمة ومن طرف القيادات الدينية والاجتماعية هو خلل كبير يؤدي إلى إعادة إنتاج منظومة الطغيان وإنْ بوجوه مختلفة!
19.04.202520:10
رؤية 2030 السعودية لا يمكن أن تكون مصدرا لإلهام أحد يحترم نفسه وأمّته وحضارته، فرغم محاولة هذه الرؤية تنويع الاقتصاد وعدم الاقتصار على النفط، لكنّها تتجاهل بشكل واضح بناء قاعدة صناعية كما تفعل الدول التي تحترم نفسها، وبعض تلك الدول تمتلك من الأموال والمقدّرات أقل بكثير مما تمتلكه السعودية، ومع ذلك تمكّنت من النهوض بقاعدة صناعية واعدة. أما السعودية، فهي تسعى الآن إلى تطوير السياحة والترفيه والاستثمارات المالية في مختلف القطاعات وزيادة ثقل الضرائب على الشعب لإيجاد بدائل عن النفط.
أين الصناعات الثقيلة وبناء قاعدة صناعية وتوطين التكنولوجيا من هذه الرؤية؟ لا يوجد..
والسبب: لا توجد لدى السعودية بنية تحتية كافية للصناعات الثقيلة، وهي تعتمد بشكل شبه كامل على استيراد المنتجات الاستهلاكية من الخارج واستيراد السلاح من أمريكا وغيرها.
طيب ماذا كانت تفعل منذ أكثر من نصف قرن بالمال الغزير الذي يدرّه النفط؟
الإجابة غالبا: أنها كانت مكبّلة ومسلوبة الإرادة، فضلا عن متلازمة الاستبداد والفساد.. ومَن هذا الذي يجعل المكبّلَ مسلوبَ السيادة والإرادة نموذجًا ملهِمًا له؟!
والأزمة في الحقيقة لا تكمن في السياسيين الذين يصرّحون تصريحات خرقاء فحسب، بل تكمن أيضًا لدى شريحة من الشعوب العربية التي ترى في نماذج دول الخليج المكتنزة بالمال مع فقدانها للسيادة مثالًا يُحتذى.
والواجب على النخب أن تبثّ في الشعوب بأنّ حاجتها إلى الاستقلال والسيادة والعزّة والكرامة ليست أدنى من حاجتها إلى المال والغذاء والتنمية، بل لا تكون الثانية إلا بتحقيق الأولى، ولا تتحقق الأولى بجدارة إلا بوجود رؤية راسخة في الفطرة والضمير تنبثق عن الشريعة، فقد جربت هذه الشعوب منذ نحو مائة عام مختلف الرؤى والمشاريع النهضوية المبنية على غير الشريعة، فباءت جميعها بالفشل، ولم يكن سوى الشريعة ما يحمل أسس الاستقلال الحقيقي ورفض الاستبداد والتبعيّة والرغبة في بناء القوة التي تحمي الأمة وتحفظ دينها وكرامتها ومقدّراتها.
أين الصناعات الثقيلة وبناء قاعدة صناعية وتوطين التكنولوجيا من هذه الرؤية؟ لا يوجد..
والسبب: لا توجد لدى السعودية بنية تحتية كافية للصناعات الثقيلة، وهي تعتمد بشكل شبه كامل على استيراد المنتجات الاستهلاكية من الخارج واستيراد السلاح من أمريكا وغيرها.
طيب ماذا كانت تفعل منذ أكثر من نصف قرن بالمال الغزير الذي يدرّه النفط؟
الإجابة غالبا: أنها كانت مكبّلة ومسلوبة الإرادة، فضلا عن متلازمة الاستبداد والفساد.. ومَن هذا الذي يجعل المكبّلَ مسلوبَ السيادة والإرادة نموذجًا ملهِمًا له؟!
والأزمة في الحقيقة لا تكمن في السياسيين الذين يصرّحون تصريحات خرقاء فحسب، بل تكمن أيضًا لدى شريحة من الشعوب العربية التي ترى في نماذج دول الخليج المكتنزة بالمال مع فقدانها للسيادة مثالًا يُحتذى.
والواجب على النخب أن تبثّ في الشعوب بأنّ حاجتها إلى الاستقلال والسيادة والعزّة والكرامة ليست أدنى من حاجتها إلى المال والغذاء والتنمية، بل لا تكون الثانية إلا بتحقيق الأولى، ولا تتحقق الأولى بجدارة إلا بوجود رؤية راسخة في الفطرة والضمير تنبثق عن الشريعة، فقد جربت هذه الشعوب منذ نحو مائة عام مختلف الرؤى والمشاريع النهضوية المبنية على غير الشريعة، فباءت جميعها بالفشل، ولم يكن سوى الشريعة ما يحمل أسس الاستقلال الحقيقي ورفض الاستبداد والتبعيّة والرغبة في بناء القوة التي تحمي الأمة وتحفظ دينها وكرامتها ومقدّراتها.
16.04.202511:03
كل تجارب الإسلاميين وغيرهم في الوصول إلى السلطة ومحاولة تطبيق الشريعة أو تأسيس مشاريع تمكين ونهوض في ظل النظام العالمي الجديد هي مادة خصبة للدراسة والتعلم والبناء عليها، ومع الأسف قليلا ما يحدث ذلك، حيث يشيع تجريب المجرب وتندر التجارب الواعدة التي تحافظ على غاية الشريعة مع القدرة على التعامل مع هذا النظام العالمي دون انصهار في معاييره وأنماطه.
وإذا حدث التعلّم فغالبا ما يكون مصحوبا بتكتيك إلقاء عبء الشريعة إلى أجل غير مسمى، حيث تغيب قضية الشريعة عن القيادة وتتكفل القواعد الشعبية بالتبشير بها وإلقاء عبء تنفيذها على المجتمع وحشد مسوغات تغييبها (في الآن نفسه!) أو مسوغات الانخراط في علاقات وطيدة مع الأنظمة الجاهلية المعاصرة، وغالبا ما تتمحور التسويغات حول مسألة الاستضعاف، وتستمر إلى ما بعد الاستضعاف لأن التماهي الطويل يكون قد ضرب المشروع في مقتل وباتت الهوة بينه وبين الشريعة بعيدة جدا، بعد أن يكون قد تورّط بتفاهمات دولية سياسية واقتصادية بل واجتماعية تتعارض مع حاكمية الشريعة.
والحقيقة أن أزمة التماهي مع معايير النظام الدولي ستظل إحدى أبرز الإشكاليات التي تواجه الحركات الإسلامية المعاصرة، فهي تتجاوز ضرورة مراعاة الواقع وموازين القوى فيه ولغة الدبلوماسية إلى تبني الأنماط السياسية الجاهلية المعاصرة وذوبان المشروع أو غيابه ابتداء والتحول شيئا فشيئا إلى "ترس" في النظام الدولي.
وإذا حدث التعلّم فغالبا ما يكون مصحوبا بتكتيك إلقاء عبء الشريعة إلى أجل غير مسمى، حيث تغيب قضية الشريعة عن القيادة وتتكفل القواعد الشعبية بالتبشير بها وإلقاء عبء تنفيذها على المجتمع وحشد مسوغات تغييبها (في الآن نفسه!) أو مسوغات الانخراط في علاقات وطيدة مع الأنظمة الجاهلية المعاصرة، وغالبا ما تتمحور التسويغات حول مسألة الاستضعاف، وتستمر إلى ما بعد الاستضعاف لأن التماهي الطويل يكون قد ضرب المشروع في مقتل وباتت الهوة بينه وبين الشريعة بعيدة جدا، بعد أن يكون قد تورّط بتفاهمات دولية سياسية واقتصادية بل واجتماعية تتعارض مع حاكمية الشريعة.
والحقيقة أن أزمة التماهي مع معايير النظام الدولي ستظل إحدى أبرز الإشكاليات التي تواجه الحركات الإسلامية المعاصرة، فهي تتجاوز ضرورة مراعاة الواقع وموازين القوى فيه ولغة الدبلوماسية إلى تبني الأنماط السياسية الجاهلية المعاصرة وذوبان المشروع أو غيابه ابتداء والتحول شيئا فشيئا إلى "ترس" في النظام الدولي.
07.04.202518:31
لست مع إسقاط الأشخاص عند أول خطأ يقومون به، وخصوصا في حالة مثل ابتهال أبو سعدة، التي وقفت موقفًا تُحمد عليه وتكلّفت من أجله الكثير الكثير، ونحن نعلم شبابًا بشوارب ولحى يخشون على وظائف أقل بكثير من الوظيفة التي كانت بها في مايكروسوفت، بل يغلب على سمتها ولباسها أنها مسلمة هويّةً ومتمسّكة بالاحتشام الذي يدعو إليه الإسلام بحجابها، تحمل حمية المسلم في رفض الدخول في المظالم والإعانة عليها.
وبدون لفّ ودوران أعتقد أنّه من الخطأ أن تشارك ابتهال في كتابة مقال "رُهاب التحول الجنسي البنيوي وتوافر مقدمي خدمات الصحة النفسية المؤكِّدة للجنس" (2021)، لكنّ مجرّد مشاركتها في كتابة المقال مع آخرين لا يدلّ على تأييدها للشذوذ أو التحوّل، ومن درس في جامعات غربية يدرك تماما كيف يمكن للطالب المسلم في أوائل دراسته أن ينخرط في دراسات أو أبحاث تتناول مفاهيم لا يدرك خطورتها أو خطورة المقاربات التي تتبنّاها. والأهم أنّ الذي نبش هذا المقال الآن لم ينبشه – على الأرجح – لتحذير المسلمين من الشذوذ ومروّجيه، بل نشره لإسقاطها في اللحظة التي وقفت فيها موقف إشهاد وإنصاف.
يذكّرنا هذا بموقف المطعم بن عدي وصحبه ممّن مزّقوا صحيفة قريش، ولقد كان من الغريب أن يخرج أحد المسلمين آنذاك ليستخرج بسهولة بعض خطايا المطعم ويقول لنا: ولكن انتبهوا لا تجعلوه بطلًا فقد مارس تلك الفاحشة واعتقد بذلك الشرك! إنّ ما بلغنا عن المطعم هو وفاء النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لصنيعه – رغم شركه – بعد وفاته حين قال عن أسرى بدر: "لو كان المطعم بن عدي حيًّا ثم كلَّمني في هؤلاء النَّتنى لتركتُهم له" (صحيح البخاري). فكيف وهي مسلمة ولها من الخير والإسلام الظاهر ما يَغلب على خطيئتها هذه؟! أتُكافأ وما زال صنيعها ضدّ المظالم والجرائم يجول الأرض بالنبش في ماضيها القريب؟!
أشعر بالإحباط من هذه العقلية التي لا تعرف مصالحها، وتحرّكها أدوات الإعلام بسهولة، وتستسهل الاتهام والإسقاط بلا تحرٍّ. ووالله نحن في عصر فيه من البلايا التي تحلّ بالمسلمين تجعلنا نستجمع قوانا بقدر الإمكان، فنعم نحارب التوجهات المنحرفة من علمانية وقومية ووطنية وليبرالية ونسوية مرتبطة بها وشذوذ في الاعتقاد والممارسة، ولكنّا لا نسارع إلى إسقاط مَن أصابه شيء من غبارها. تخيّلوا أن نتّهم كل من حمل الخطاب الوطني (وهو يخدش مفهوم الولاء الذي هو جزء لا يتجزأ من التوحيد) بالشرك أو نقذفه في خانة العلمانية ورفض الهوية الدينية؟ لكنّا لا نفعل ذلك، بل نفرّق بين العلماني الوطني الرافض للولاء الإسلامي "بوضوح"، وبين المسلم المتلبّس بشيء من غبار هذا التوجّه، فلا نقذفه إلى أحضان العلمانية بسبب ذلك الغبار، بل نزيد في البيان ونقتنص كل فرصة بل ربع فرصة لردّه إلى أحضان مفاهيمه الإسلامية الأصيلة.
من يُقبل على الحجاب كابتهال ويهتمّ لأمر المسلمين في مشارق الأرض وهو مقيم في غربها يهنأ برغد العيش وبدَخلٍ مرتفع نُحسن الظنّ به – دون تقديسه - ونحسب هذا الظاهر لنا من خيره في ميزان تقويمه، فنعطيه حقّه من الإنصاف والتقدير دون إلغاء لأخطائه. ولكنّا لا نستحضر أخطاءه في موقف شهوده للحقّ والعدل فنقذفه بها خدمةً لمن يريد إخماد قيمة صنيعه! لا يفعل ذلك سوى تلك العقليات القاصرة التي لا تعرف صالحها.
وأؤكد أخيرا أنني لا أدافع عن ابتهال، وما انخرطتْ فيه من المفاهيم الغربية الليبرالية قد يكون بحكم جهلها الذي يشاركها فيه ملايين المسلمين أو بحكم أثر البيئة التي تعيش فيها، ولكنه ليس سببا للمسارعة في استعدائها وإسقاطها.
وخلاصة ما يذهب إليه المقال الذي اتّهمها بعضهم بسببه بتأييد الشذوذ والتحوّل الجنسي هو أنّ السياسات التمييزية ضد المتحولين جنسيًّا تُقلل من توفّر مقدّمي خدمات الصحة النفسية المؤكدة للجنس، مما يفاقم التحديات النفسية لهؤلاء الشباب. وقد شاركتْ فيه مع آخرين، وتلك خطيئة أرجو أن يغفرها الله لها، وأن يكون حولها من الناصحين من يحذّرها من الانخراط في ذلك، فكل اقتراب من هذه المقاربات الليبرالية يحمل نفَس تسويغ التحوّل، وإذا كان للإسلام سياسات راشدة لمعاملة من ابتليَ بهذا الفكر وهذا الاضطراب، ليست بالضرورة عنيفة وقاسية وهمجية كما يحبّ بعض المغرضين تصويرها، فإنها لن تكون يومًا اعترافًا بحقّهم في تشويه الجسد والفطرة، ولا مؤكّدة لجنسهم الجديد الذي يتوهّمونه بضخّ الهرمونات وقتل ما خلقهم الله عليه.. بل ستكون ردًّا لأصل فطرهم بالتي هي أحسن.
وبدون لفّ ودوران أعتقد أنّه من الخطأ أن تشارك ابتهال في كتابة مقال "رُهاب التحول الجنسي البنيوي وتوافر مقدمي خدمات الصحة النفسية المؤكِّدة للجنس" (2021)، لكنّ مجرّد مشاركتها في كتابة المقال مع آخرين لا يدلّ على تأييدها للشذوذ أو التحوّل، ومن درس في جامعات غربية يدرك تماما كيف يمكن للطالب المسلم في أوائل دراسته أن ينخرط في دراسات أو أبحاث تتناول مفاهيم لا يدرك خطورتها أو خطورة المقاربات التي تتبنّاها. والأهم أنّ الذي نبش هذا المقال الآن لم ينبشه – على الأرجح – لتحذير المسلمين من الشذوذ ومروّجيه، بل نشره لإسقاطها في اللحظة التي وقفت فيها موقف إشهاد وإنصاف.
يذكّرنا هذا بموقف المطعم بن عدي وصحبه ممّن مزّقوا صحيفة قريش، ولقد كان من الغريب أن يخرج أحد المسلمين آنذاك ليستخرج بسهولة بعض خطايا المطعم ويقول لنا: ولكن انتبهوا لا تجعلوه بطلًا فقد مارس تلك الفاحشة واعتقد بذلك الشرك! إنّ ما بلغنا عن المطعم هو وفاء النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لصنيعه – رغم شركه – بعد وفاته حين قال عن أسرى بدر: "لو كان المطعم بن عدي حيًّا ثم كلَّمني في هؤلاء النَّتنى لتركتُهم له" (صحيح البخاري). فكيف وهي مسلمة ولها من الخير والإسلام الظاهر ما يَغلب على خطيئتها هذه؟! أتُكافأ وما زال صنيعها ضدّ المظالم والجرائم يجول الأرض بالنبش في ماضيها القريب؟!
أشعر بالإحباط من هذه العقلية التي لا تعرف مصالحها، وتحرّكها أدوات الإعلام بسهولة، وتستسهل الاتهام والإسقاط بلا تحرٍّ. ووالله نحن في عصر فيه من البلايا التي تحلّ بالمسلمين تجعلنا نستجمع قوانا بقدر الإمكان، فنعم نحارب التوجهات المنحرفة من علمانية وقومية ووطنية وليبرالية ونسوية مرتبطة بها وشذوذ في الاعتقاد والممارسة، ولكنّا لا نسارع إلى إسقاط مَن أصابه شيء من غبارها. تخيّلوا أن نتّهم كل من حمل الخطاب الوطني (وهو يخدش مفهوم الولاء الذي هو جزء لا يتجزأ من التوحيد) بالشرك أو نقذفه في خانة العلمانية ورفض الهوية الدينية؟ لكنّا لا نفعل ذلك، بل نفرّق بين العلماني الوطني الرافض للولاء الإسلامي "بوضوح"، وبين المسلم المتلبّس بشيء من غبار هذا التوجّه، فلا نقذفه إلى أحضان العلمانية بسبب ذلك الغبار، بل نزيد في البيان ونقتنص كل فرصة بل ربع فرصة لردّه إلى أحضان مفاهيمه الإسلامية الأصيلة.
من يُقبل على الحجاب كابتهال ويهتمّ لأمر المسلمين في مشارق الأرض وهو مقيم في غربها يهنأ برغد العيش وبدَخلٍ مرتفع نُحسن الظنّ به – دون تقديسه - ونحسب هذا الظاهر لنا من خيره في ميزان تقويمه، فنعطيه حقّه من الإنصاف والتقدير دون إلغاء لأخطائه. ولكنّا لا نستحضر أخطاءه في موقف شهوده للحقّ والعدل فنقذفه بها خدمةً لمن يريد إخماد قيمة صنيعه! لا يفعل ذلك سوى تلك العقليات القاصرة التي لا تعرف صالحها.
وأؤكد أخيرا أنني لا أدافع عن ابتهال، وما انخرطتْ فيه من المفاهيم الغربية الليبرالية قد يكون بحكم جهلها الذي يشاركها فيه ملايين المسلمين أو بحكم أثر البيئة التي تعيش فيها، ولكنه ليس سببا للمسارعة في استعدائها وإسقاطها.
وخلاصة ما يذهب إليه المقال الذي اتّهمها بعضهم بسببه بتأييد الشذوذ والتحوّل الجنسي هو أنّ السياسات التمييزية ضد المتحولين جنسيًّا تُقلل من توفّر مقدّمي خدمات الصحة النفسية المؤكدة للجنس، مما يفاقم التحديات النفسية لهؤلاء الشباب. وقد شاركتْ فيه مع آخرين، وتلك خطيئة أرجو أن يغفرها الله لها، وأن يكون حولها من الناصحين من يحذّرها من الانخراط في ذلك، فكل اقتراب من هذه المقاربات الليبرالية يحمل نفَس تسويغ التحوّل، وإذا كان للإسلام سياسات راشدة لمعاملة من ابتليَ بهذا الفكر وهذا الاضطراب، ليست بالضرورة عنيفة وقاسية وهمجية كما يحبّ بعض المغرضين تصويرها، فإنها لن تكون يومًا اعترافًا بحقّهم في تشويه الجسد والفطرة، ولا مؤكّدة لجنسهم الجديد الذي يتوهّمونه بضخّ الهرمونات وقتل ما خلقهم الله عليه.. بل ستكون ردًّا لأصل فطرهم بالتي هي أحسن.
05.04.202516:53
03.04.202508:17
شغوف برسوم الأنمي لا كمحاكاة للبشر الحقيقيين، بل كتعبير عن براءة الخيال الإنساني في رسم البشر، وهي مع ذلك براءة مشوبة بالقصور والأحادية، تُنمّط ملامح الجمال وتحصرها في مزاج خاص بفنان.
يُفلتر الأنمي ملامح المعاناة، ويرسم جنة أرضية ناقصة، فلا هي ملامح الكمال الفردوسية، ولا هي ملامح الحياة الابتلائية. إنها تفجير لسذاجة طفولتنا بكامل جرعتها، ولهذا نشعر بالانجذاب إليها، إلى ذلك العالم الخالي من الألم والمعاناة حتى حين يصوّر ذلك الألم والمعاناة، فكل شيء فيه جذّاب بألوان جذّابة للعين!
انظر إلى الشيخ النبهان وحفيدته رحمهما الله.. أين ارتخاء عضلات عنقها الذي يخبرنا بفقدانها للوعي ووفاتها؟ أين الدم السائل خلف أذن النبهان؟ أين الشيب الذي اشتعل في لحيته؟ أين الجرح الغائر العميق في خدّها الوردي؟ أين تفاصيل شعرها المتعرّج بعشوائية حقيقية؟ أين وجهها.. أين هي.. أين الحقيقة؟
يخدعنا الأنمي.. يخدعنا شيطان ميازاكي ومن خلفه خوارزميات الذكاء الاصطناعي حين تُخفي الحياة بكامل جرعتها الواقعية، تجمّلها وتقدّم لنا صورة من الخيال الطفولي الساذج ترضي غرورنا وطموحنا للفردوس الأرضي.. وهي فوق ذلك تتدخّل في ملامحنا، فتُعدّل أبعاد الصورة التي ترى أننا أخطأنا فيها، تقرّبنا أو تبعّدنا، تعدّل ما تراه عدم تناسق في ملامحنا، تصغّر أنوفنا وتكبّر شفاهنا وتوسّع عيوننا.. تُفقدنا حقائقنا الخارجية لتفرض علينا حقائق جنّتها الأرضية النمطية الكاذبة!
شغوف برسوم الأنمي.. ولكني ناقم عليها بقدر شغفي بها!
يُفلتر الأنمي ملامح المعاناة، ويرسم جنة أرضية ناقصة، فلا هي ملامح الكمال الفردوسية، ولا هي ملامح الحياة الابتلائية. إنها تفجير لسذاجة طفولتنا بكامل جرعتها، ولهذا نشعر بالانجذاب إليها، إلى ذلك العالم الخالي من الألم والمعاناة حتى حين يصوّر ذلك الألم والمعاناة، فكل شيء فيه جذّاب بألوان جذّابة للعين!
انظر إلى الشيخ النبهان وحفيدته رحمهما الله.. أين ارتخاء عضلات عنقها الذي يخبرنا بفقدانها للوعي ووفاتها؟ أين الدم السائل خلف أذن النبهان؟ أين الشيب الذي اشتعل في لحيته؟ أين الجرح الغائر العميق في خدّها الوردي؟ أين تفاصيل شعرها المتعرّج بعشوائية حقيقية؟ أين وجهها.. أين هي.. أين الحقيقة؟
يخدعنا الأنمي.. يخدعنا شيطان ميازاكي ومن خلفه خوارزميات الذكاء الاصطناعي حين تُخفي الحياة بكامل جرعتها الواقعية، تجمّلها وتقدّم لنا صورة من الخيال الطفولي الساذج ترضي غرورنا وطموحنا للفردوس الأرضي.. وهي فوق ذلك تتدخّل في ملامحنا، فتُعدّل أبعاد الصورة التي ترى أننا أخطأنا فيها، تقرّبنا أو تبعّدنا، تعدّل ما تراه عدم تناسق في ملامحنا، تصغّر أنوفنا وتكبّر شفاهنا وتوسّع عيوننا.. تُفقدنا حقائقنا الخارجية لتفرض علينا حقائق جنّتها الأرضية النمطية الكاذبة!
شغوف برسوم الأنمي.. ولكني ناقم عليها بقدر شغفي بها!
18.04.202515:44
ولنأخذ مثالا من السيرة ليتّضح المقصود: فالرسول صلّى الله عليه وسلّم حين هاجر إلى المدينة لم يكن في البداية متمكّنًا فيها غاية التمكين، بل نَصَره وجهاء من الأوس والخزرج، وبقي وجهاء آخرون معارضون لهذا الحكم الجديد، وكانت هناك فئات قوية محصّنة من اليهود (قريظة وخيبر وبنو قينقاع وبنو النضير) تعيش ضمن هذه الدولة الوليدة وتعاديها من الباطن وتتآمر عليها، وهناك فئات من الأعراب فيها نفاق وفيها ضعف في الإيمان، إلى جانب التحدّيات الخارجية المتمثّلة بتحالف قوى الإقليم (الأحزاب).. فكيف تصرّف عليه الصلاة والسلام؟ (والعبرة هنا بجوهر التصرّف ومنهجه لا بالتفاصيل والأحداث)، هل مضى في تقريب المنافقين من السلطة؟ بل كانت قوة دولته قائمة على هذه القاعدة الصلبة من المهاجرين والأنصار، بها انتصر على جميع التحدّيات. صحيح أنه هادن بعض الفئات والقبائل، وتجاهل المنافقين حينًا، وكتب صلح الحديبية، ولكنه كان يحمل منظومة ورؤية مغايرة للأوضاع القائمة حوله في القبائل، منظومة متفوقة أخذ يبنيها مع القاعدة الشعبية الراسخة التي تؤمن بها شيئا فشيئا، وأخذ يخطو نحو تطبيقها شيئا فشيئا بوضوح ما استطاع إلى ذلك سبيلًا.
لم يدفن هذا المسار ليمضي في مسار مهادنة القوى الداخلية والخارجية، وبناء نظام تشريعي واقتصادي واجتماعي مرتبط بالأنظمة القبلية حوله ولا يختلف عنها إلا بخصوصية المكان، مع تنصيب نفسه ملكًا وتقريب أبناء أسرته من السلطة كما تفعل القبائل.. بل أسس عليه الصلاة والسلام حكمه على هوية واضحة، وجعل الشريعة أساسا لهذا الحكم، ووضع بذور النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي من البداية، واستعان بالقاعدة الشعبية المؤمنة بهذا النظام واستشارها في كل المحطات والتحدّيات مع مراعاة الفئات المناوئة وكسب بعضها والتخلص من أخرى بسياسة حكيمة.. ولاحقا صار يراسل ملوك فارس والروم والحبشة بحقيقة رسالته يعرضها عليهم مع الفارق الكبير في ميزان القوى بينهم وبينه. أي أنه لم يُخف في أي محطة من محطات دولته حقيقة رسالته ولم يَخَف، ولم يتماهَ مع النظام القائم، ليس لأنّه نبيّ فحسب، بل لأنّه يدلّنا على الأسس والمبادئ والقيم التي ينبغي لأمّته اتّباعها حين يريدون إعادة التأسيس لأوضاع حكم راشدة: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (الأحزاب: 21).
والذين يقولون: إذا فعلنا ذلك ثار علينا المجتمع الدولي وتلك الفئات المعادية وانهدم المشروع.. الذين يقولون ذلك يغفلون الجانب الغيبي الذي هو نصر الله الموعود المشروط باتباع دينه والتمسّك به كما دلّت أكثر من آية في كتاب الله، والتعامل بجدية مع هذا الجانب هو التحدّي الكبير الذي يواجه الحركات الإسلامية المعاصرة. والأزمة الكبرى أن كثيرا من هذه الحركات تتعامل مع الجانب الغيبي ضمن الشروط الخاطئة وفي التوقيت الخاطئ، وقد رأتْ بأم عينها كيف أن انتظار النصر وبثّه بثقة مع الإخلال بأسبابه الواقعية وشروطه الشرعية قد أدى إلى الانهيارات والهزائم المتتالية، ورأت في التاريخ والواقع المعاصر كيف أن التمسّك بشروط النصر من شريعة وولاء مع أخذ بالأسباب الواقعية يؤدي إلى تمكين الله لعباده المؤمنين.
لم يدفن هذا المسار ليمضي في مسار مهادنة القوى الداخلية والخارجية، وبناء نظام تشريعي واقتصادي واجتماعي مرتبط بالأنظمة القبلية حوله ولا يختلف عنها إلا بخصوصية المكان، مع تنصيب نفسه ملكًا وتقريب أبناء أسرته من السلطة كما تفعل القبائل.. بل أسس عليه الصلاة والسلام حكمه على هوية واضحة، وجعل الشريعة أساسا لهذا الحكم، ووضع بذور النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي من البداية، واستعان بالقاعدة الشعبية المؤمنة بهذا النظام واستشارها في كل المحطات والتحدّيات مع مراعاة الفئات المناوئة وكسب بعضها والتخلص من أخرى بسياسة حكيمة.. ولاحقا صار يراسل ملوك فارس والروم والحبشة بحقيقة رسالته يعرضها عليهم مع الفارق الكبير في ميزان القوى بينهم وبينه. أي أنه لم يُخف في أي محطة من محطات دولته حقيقة رسالته ولم يَخَف، ولم يتماهَ مع النظام القائم، ليس لأنّه نبيّ فحسب، بل لأنّه يدلّنا على الأسس والمبادئ والقيم التي ينبغي لأمّته اتّباعها حين يريدون إعادة التأسيس لأوضاع حكم راشدة: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (الأحزاب: 21).
والذين يقولون: إذا فعلنا ذلك ثار علينا المجتمع الدولي وتلك الفئات المعادية وانهدم المشروع.. الذين يقولون ذلك يغفلون الجانب الغيبي الذي هو نصر الله الموعود المشروط باتباع دينه والتمسّك به كما دلّت أكثر من آية في كتاب الله، والتعامل بجدية مع هذا الجانب هو التحدّي الكبير الذي يواجه الحركات الإسلامية المعاصرة. والأزمة الكبرى أن كثيرا من هذه الحركات تتعامل مع الجانب الغيبي ضمن الشروط الخاطئة وفي التوقيت الخاطئ، وقد رأتْ بأم عينها كيف أن انتظار النصر وبثّه بثقة مع الإخلال بأسبابه الواقعية وشروطه الشرعية قد أدى إلى الانهيارات والهزائم المتتالية، ورأت في التاريخ والواقع المعاصر كيف أن التمسّك بشروط النصر من شريعة وولاء مع أخذ بالأسباب الواقعية يؤدي إلى تمكين الله لعباده المؤمنين.
24.03.202519:23
سعيد جدا بهذه الهبّة ضدّ المرأة العنصرية التي سخرت من القادمين حديثًا إلى دمشق للسكن فيها من محافظات أخرى كإدلب وغيرها.
لكن السؤال: هل جميع من رفض عنصريّتها سيحمل الشعور نفسه تجاه سكن من يسمونهم "الأجانب" من بلدان مسلمة أخرى في سورية، أم سيمارس عنصريّته عليهم مثلما مارست تلك المأفونة عنصريّتها عليه؟
درس العنصرية في الحقيقة لا يمحوه سوى الإيمان بالإسلام هويّة وشريعة، أما الهوية الوطنية فهي منطلق مؤقّت مشوَّه قاصر، يوهم بالوحدة والاتساع، ولكنّ حدوده تقف عند ما رسمه أعداء الأمة من سياج يفرّقون به بين المسلمين.
لكن السؤال: هل جميع من رفض عنصريّتها سيحمل الشعور نفسه تجاه سكن من يسمونهم "الأجانب" من بلدان مسلمة أخرى في سورية، أم سيمارس عنصريّته عليهم مثلما مارست تلك المأفونة عنصريّتها عليه؟
درس العنصرية في الحقيقة لا يمحوه سوى الإيمان بالإسلام هويّة وشريعة، أما الهوية الوطنية فهي منطلق مؤقّت مشوَّه قاصر، يوهم بالوحدة والاتساع، ولكنّ حدوده تقف عند ما رسمه أعداء الأمة من سياج يفرّقون به بين المسلمين.
10.04.202514:27
وآخر أمر أود التأكيد عليه: ألّا نتبرّع باقتراح تنازلات ضخمة مُكلفة لا نعلم خطورتها ومغبّتها؛ كفتح باب الهجرة الجماعية وتسويغها متجاهلين دروس التاريخ البعيد والقريب. لا أقول إن ترامب هو الذي يحدد ما نريد: فإذا طرح التهجير نكون ضدّه لأنّه معه.. ليس هذا هو السبب فحسب، بل لأنّ ترامب لا يريد التهجير لسواد عيوننا، هو يدرك أنّ هذا في صالحه وصالح غيرنا، ومن ثمّ فلا يمكن تجاهل هذا المعطى وينبغي التعامل معه بجدّية، خصوصا مع إدراك أهمية الوجود الديمغرافي في فلسطين، لا لأسباب وطنية أيديولوجية، ولا لتمسّك بالوطن على حساب الدم وكرامة الإنسان، ولكن لأنّ البدائل في الغالب أسوأ، ولأن هجرة المجتمعات في القرن الواحد والعشرين تولّد من الأزمات والمعاناة أكثر مما تحلّ من المشكلات، أعطوني واقعًا مملوكيّا أو عثمانيّا أو حتى حبشيّا قديمًا وسأكون أول المرحّبين بخروج أهل غزة من ديارهم، ولكنّ واقعنا العربي أسود شديد الظلمة مع الأسف!
وأخيرا أقول: أهل غزة كغيرهم من البشر يخافون القصف ويفرّون من القتل ويحبّون توقّف الحرب المشتعلة فوق رؤوسهم، وأمر الخروج أو البقاء هو خيارهم في النهاية، وإنْ كانت تحكمه إرادات أخرى وخصوصا إرادة الإدارة المصرية وحسابات أخرى. وما أقوله هنا هو إلقاء للضوء على جوانب مختلفة من المسألة، حرصًا على عدم اختزالها، وتوضيحا لملابساتها، أما القرار الأول والأخير فهو لأصحاب الشأن، فهم من يحملون المعاناة ويدركون ما يصلحهم، والحديث هنا عن أهل غزة أي جميع سكانها وليس عن جهة ما حركية أو سياسية.
وأخيرا أقول: أهل غزة كغيرهم من البشر يخافون القصف ويفرّون من القتل ويحبّون توقّف الحرب المشتعلة فوق رؤوسهم، وأمر الخروج أو البقاء هو خيارهم في النهاية، وإنْ كانت تحكمه إرادات أخرى وخصوصا إرادة الإدارة المصرية وحسابات أخرى. وما أقوله هنا هو إلقاء للضوء على جوانب مختلفة من المسألة، حرصًا على عدم اختزالها، وتوضيحا لملابساتها، أما القرار الأول والأخير فهو لأصحاب الشأن، فهم من يحملون المعاناة ويدركون ما يصلحهم، والحديث هنا عن أهل غزة أي جميع سكانها وليس عن جهة ما حركية أو سياسية.
20.04.202521:27
عن خرافة الإسلام الشامي الوسطي المعتدل الجميل..
فلنكن صرحاء، مشكلة كثير من المسلمين مع النقاب والاختلاط ليست مشكلة إسلام "سلفي" أو "وهّابي" حديث يريد أن يفرض نفسه في مقابل إسلام "شامي" أو "أزهري" أو "زيتوني" قديم موغل في التراث له سمت معتدل.. هذه الصورة التي أعلم أن كثيرًا من المسلمين يعتقدها وهمٌ كبير وزيفٌ عريض!
المشكلة الأساسية ببساطة أننا نعيش في عصر له قيمُه العلمانية الغربية المهيمنة، خصوصا فيما يتعلّق بالمرأة، وهي تشتدّ في العقود الأخيرة وتحديدا في عصرنا الراهن، ولا مجال للمسامحة فيها، وقد غُذّيتْ بها عقول الأجيال التي هي اليوم بين الشباب والكهولة والشيخوخة في المدارس والإعلام وغيرها، حتى غدت من أبجديات تصوّرهم عن المرأة والمجتمع، ويصعب على هؤلاء المسلمين الذين رضعوا هذه الأفكار أن يتقبّلوا النماذج المتصادمة مع هذا التصوّر الحضاري الغربي العلماني الليبرالي، وهم في الوقت نفسه يحبّون الإسلام ويحبّون ثقافتهم وتاريخهم، ولهذا يحاولون السكون إلى هذا الوهم السطحي الذي يقدّم لهم حلًّا سحريًّا فيقول إنّ شيوع النقاب وتحريم الاختلاط آراء حديثة متطرّفة "وافدة"، وإنّ الإسلام التراثي الراسخ بريء من ذلك!
وأقول ابتداء: لستُ ممّن يرى وجوب النقاب، بل لدي إشكالية مع من يجعل الدعوة إليه من أولويات الدعوة في عصرنا. بل وأجد شيئًا من الغلوّ لدى بعض من يتناول مسألة الاختلاط، وأحيانًا شيئًا من نقصان الحكمة والرُّشد في كيفية تناول هذه القضية وإدارتها في المجتمعات الحديثة.
لكن هذا كلّه شيء، والزعم بأنّ النقاب وشيوعه مع تحريم الاختلاط أمر جديد غريب على المجتمع الشامي أو غيره من مجتمعاتنا العربية المسلمة شيء آخر تمامًا..
فابتداء لا يوجد شيء اسمه إسلام شامي أو أزهري أو زيتوني أو غير ذلك.. هناك إسلام واحد، وفي المسائل الفقهية المختلف حولها هناك مذاهب فقهية راسخة انحصرت في غالب العصور في أربعة مذاهب مشهورة، وهذه المذاهب غير مرتبطة بقُطر من الأقطار، ولا تتغيّر بتغيّر الأعصار، خصوصا إذا كان أحد أسباب التغيّر هو هيمنة العلمانية على بلاد المسلمين في القرنين الأخيرين.
فإذا تسامحت المؤسسات الدينية مع عصرنا العلماني هذا وسوّغت بعض الأمور وابتدعت اجتهادات جديدة فهذا لا يعني أنّ هذه الحالة المتردّية تمثّل الإسلام في بلاد المسلمين، بل على العكس تعتبر هذه انتكاسات، وما يسمّى "الإسلام الشامي" أحرى أن يسمّى "الإسلام البعثي"؛ إذ كان عداؤه لمظاهر التديّن التي ألفَتْها الشامُ على مدى قرون منذ الفتح نابعًا من هذه المرحلة البعثية العلمانية لا غير!
كما أنّ رموز المذاهب الفقهية الأربعة وأئمّتها غير مرتبطين بقُطر، فالشافعي الحجازي المولود في غزة يشيع مذهبه في الشام وماليزيا ومصر وغيرها. ومالك المدني مولدًا ووفاة بغير رحلةٍ علميّة شاع مذهبه في صعيد مصر والسودان والمغارب، وهكذا.. الأمر غير مرتبط بقُطر، بل مرتبط بحالة فقهية علمية متفاعلة تجد في البلدان من يتبنّاها فيكتب اللهُ لها الشيوع.
وبما أن الحديث الآن عن الشام، وعن الاستياء من منع الاختلاط في المسجد الأمويّ بين صفوف المتأثّرين بالواقع العلماني الذين ألفوه مذ تفتّحوا للوعي؛ فلا بد من القول بأنّ منع الاختلاط في الأصل حكم شرعي ثابت في السنّة، وإذا حصرنا الأمر في المساجد نجد هذا الحديث الواضح في صحيح البخاري عن هند بنت الحارث: "أنّ أم سلمة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا سلّمَ قام النساء حين يقضي تسليمه ومكث يسيرا قبل أن يقوم". قال ابن شهاب: "فأرى والله أعلم أنّ مُكثه لكي ينفذ النساء، قبل أن يُدركَهُنّ من انصرف من القوم" (صحيح البخاري).
ونجد هذا الأثر الواضح في سنن أبي داود عن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: "لو تركنا هذا الباب للنساء"، قال نافع: "فلم يدخل منه ابن عمر حتى مات"، وروي مرفوعًا إلى النبيّ صلى الله عليه وسلّم، غير أنّ أبا داود رجّح وَقْفه على عمر. وفي رواية عن نافع: "أنّ عمر بن الخطاب كان ينهى أن يدخل من باب النساء" (سنن أبي داود).
ولن أدخل في نقاش فقهي حول الحكم المستنبط من هذه الروايات، فالقوم يرفضون مجرّد فكرة تقييد اختلاط الرجال بالنساء في المسجد، ومجرّد فكرة تخصيص مدخل للنساء وآخر للرجال، وهنا المحكّ. والواجب على هؤلاء أن يدركوا بأنّ ما يرفضونه له أصل راسخ في الدين وفي ممارسة خير القرون وكلام أئمّتهم، وسيجدون في فقه المذاهب الأربعة ما ينهى عن الاختلاط ويشتدّ في ذلك، فالأمر ليس وليد فقهٍ جديد أو متشدّدٍ كما يزعمون زورًا!
فلنكن صرحاء، مشكلة كثير من المسلمين مع النقاب والاختلاط ليست مشكلة إسلام "سلفي" أو "وهّابي" حديث يريد أن يفرض نفسه في مقابل إسلام "شامي" أو "أزهري" أو "زيتوني" قديم موغل في التراث له سمت معتدل.. هذه الصورة التي أعلم أن كثيرًا من المسلمين يعتقدها وهمٌ كبير وزيفٌ عريض!
المشكلة الأساسية ببساطة أننا نعيش في عصر له قيمُه العلمانية الغربية المهيمنة، خصوصا فيما يتعلّق بالمرأة، وهي تشتدّ في العقود الأخيرة وتحديدا في عصرنا الراهن، ولا مجال للمسامحة فيها، وقد غُذّيتْ بها عقول الأجيال التي هي اليوم بين الشباب والكهولة والشيخوخة في المدارس والإعلام وغيرها، حتى غدت من أبجديات تصوّرهم عن المرأة والمجتمع، ويصعب على هؤلاء المسلمين الذين رضعوا هذه الأفكار أن يتقبّلوا النماذج المتصادمة مع هذا التصوّر الحضاري الغربي العلماني الليبرالي، وهم في الوقت نفسه يحبّون الإسلام ويحبّون ثقافتهم وتاريخهم، ولهذا يحاولون السكون إلى هذا الوهم السطحي الذي يقدّم لهم حلًّا سحريًّا فيقول إنّ شيوع النقاب وتحريم الاختلاط آراء حديثة متطرّفة "وافدة"، وإنّ الإسلام التراثي الراسخ بريء من ذلك!
وأقول ابتداء: لستُ ممّن يرى وجوب النقاب، بل لدي إشكالية مع من يجعل الدعوة إليه من أولويات الدعوة في عصرنا. بل وأجد شيئًا من الغلوّ لدى بعض من يتناول مسألة الاختلاط، وأحيانًا شيئًا من نقصان الحكمة والرُّشد في كيفية تناول هذه القضية وإدارتها في المجتمعات الحديثة.
لكن هذا كلّه شيء، والزعم بأنّ النقاب وشيوعه مع تحريم الاختلاط أمر جديد غريب على المجتمع الشامي أو غيره من مجتمعاتنا العربية المسلمة شيء آخر تمامًا..
فابتداء لا يوجد شيء اسمه إسلام شامي أو أزهري أو زيتوني أو غير ذلك.. هناك إسلام واحد، وفي المسائل الفقهية المختلف حولها هناك مذاهب فقهية راسخة انحصرت في غالب العصور في أربعة مذاهب مشهورة، وهذه المذاهب غير مرتبطة بقُطر من الأقطار، ولا تتغيّر بتغيّر الأعصار، خصوصا إذا كان أحد أسباب التغيّر هو هيمنة العلمانية على بلاد المسلمين في القرنين الأخيرين.
فإذا تسامحت المؤسسات الدينية مع عصرنا العلماني هذا وسوّغت بعض الأمور وابتدعت اجتهادات جديدة فهذا لا يعني أنّ هذه الحالة المتردّية تمثّل الإسلام في بلاد المسلمين، بل على العكس تعتبر هذه انتكاسات، وما يسمّى "الإسلام الشامي" أحرى أن يسمّى "الإسلام البعثي"؛ إذ كان عداؤه لمظاهر التديّن التي ألفَتْها الشامُ على مدى قرون منذ الفتح نابعًا من هذه المرحلة البعثية العلمانية لا غير!
كما أنّ رموز المذاهب الفقهية الأربعة وأئمّتها غير مرتبطين بقُطر، فالشافعي الحجازي المولود في غزة يشيع مذهبه في الشام وماليزيا ومصر وغيرها. ومالك المدني مولدًا ووفاة بغير رحلةٍ علميّة شاع مذهبه في صعيد مصر والسودان والمغارب، وهكذا.. الأمر غير مرتبط بقُطر، بل مرتبط بحالة فقهية علمية متفاعلة تجد في البلدان من يتبنّاها فيكتب اللهُ لها الشيوع.
وبما أن الحديث الآن عن الشام، وعن الاستياء من منع الاختلاط في المسجد الأمويّ بين صفوف المتأثّرين بالواقع العلماني الذين ألفوه مذ تفتّحوا للوعي؛ فلا بد من القول بأنّ منع الاختلاط في الأصل حكم شرعي ثابت في السنّة، وإذا حصرنا الأمر في المساجد نجد هذا الحديث الواضح في صحيح البخاري عن هند بنت الحارث: "أنّ أم سلمة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا سلّمَ قام النساء حين يقضي تسليمه ومكث يسيرا قبل أن يقوم". قال ابن شهاب: "فأرى والله أعلم أنّ مُكثه لكي ينفذ النساء، قبل أن يُدركَهُنّ من انصرف من القوم" (صحيح البخاري).
ونجد هذا الأثر الواضح في سنن أبي داود عن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: "لو تركنا هذا الباب للنساء"، قال نافع: "فلم يدخل منه ابن عمر حتى مات"، وروي مرفوعًا إلى النبيّ صلى الله عليه وسلّم، غير أنّ أبا داود رجّح وَقْفه على عمر. وفي رواية عن نافع: "أنّ عمر بن الخطاب كان ينهى أن يدخل من باب النساء" (سنن أبي داود).
ولن أدخل في نقاش فقهي حول الحكم المستنبط من هذه الروايات، فالقوم يرفضون مجرّد فكرة تقييد اختلاط الرجال بالنساء في المسجد، ومجرّد فكرة تخصيص مدخل للنساء وآخر للرجال، وهنا المحكّ. والواجب على هؤلاء أن يدركوا بأنّ ما يرفضونه له أصل راسخ في الدين وفي ممارسة خير القرون وكلام أئمّتهم، وسيجدون في فقه المذاهب الأربعة ما ينهى عن الاختلاط ويشتدّ في ذلك، فالأمر ليس وليد فقهٍ جديد أو متشدّدٍ كما يزعمون زورًا!
05.04.202507:42
أخطر ما فعله بنا الاستعمار الأوروبي ثم الأمريكي هو إفقاد أمتنا القدرة على الفعل أو إصابتنا بالشلل بتعبير أدقّ، وذلك بتولية الأراذل في السلطة، وتفكيك البنى الاجتماعية القادرة على القيادة، ونشر الأفكار العلمانية والانتماءات الوطنية، وإلهاء الأمة بالحياة الاستهلاكية والتفاهات والملهيات.. ما نراه الآن من عجز صارخ هو كشف حساب لهذه الأمراض المستشرية لا أكثر.
Көбүрөөк функцияларды ачуу үчүн кириңиз.