وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} فالله سبحانه لم يحذر من الوقوع في المعصية فقط بل حذّر من الاقتراب منها كما قال سبحانه: {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى} وحذّر من الوقوع في الخطوات الشيطانية التي توقع فيها لأن أساليب الشيطان في الإغواء خطيرة ومتدرجة كما يعمل اليهود الذين هم أولياء الشيطان كذلك فيسعون إلى تعرية المرأة وكشفها ونشر الصور والمقاطع الخليعة في القنوات والتلفونات وشبكة الإنترنت ومواقع التواصل حتى يبدأ الانسان في أولى خطوات الوقوع في الفاحشة المتمثلة بالنظر إلى الحرام؛ ولذلك لا بد من استشعار الرقابة الإلهية لكل جوارحنا وأحوالنا، قال سبحانه: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} وقال جلّ شأنه: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} وقال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} فالله رقيب علينا فلا نجعل الله أهون الناظرين إلينا، ولنستحي من الله حق الحياء، بالإضافة إلى أنّ علينا رقابة من الملائكة الذين لا ينفكون عنا: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ . كِرَاماً كَاتِبِينَ . يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} وعلينا رقابة من جوارحنا وجلودنا وأيدينا وأرجلنا وأعيننا وأسماعنا: {وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيراً مِّمَّا تَعْمَلُونَ . وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنْ الْخَاسِرِينَ}.
عباد الله:
عشنا في رمضان أجواء روحانية، حيث سمعنا كتاب الله وقرأناه، ودعونا الله سبحانه بقلوب خاشعة، وتلقينا دروسًا من هدي الله، تلك الدروس والمحاضرات التي ألقاها علينا علم الهدى السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي حفظه الله ونصره، والتي ذكّرنا فيها باغتنام شهر رمضان، وشدّنا فيها إلى الله، وذكّرنا بقصص نبي الله إبراهيم عليه السلام والدروس والعبر المستوحاة من ذلك، بالإضافة إلى الدروس والعبر من معركة بدر (يوم الفرقان)، وذكّرنا بواجباتنا ومسؤوليتنا تجاه قضية الأمة الكبرى، وواجبنا الديني أمام الله في الجهاد في سبيل الله؛ نصرة للمستضعفين، ووقوفاً في وجه فراعنة العصر وطغاة الزمان أمريكا وإسرائيل، وتلك الدروس والمحاضرات هي من أكبر النعم علينا.
وها نحن نرى العالم الذي أصبح يشبه القرية، ونتابع أخبار قادة الأمم والشعوب فلا نرى قائداً مثل قائدنا يتلوا علينا آيات القرآن، ويذكرنا بالله وتوجيهاته، ويردنا إلى صراط الله المستقيم، بينما القادة الآخرون حتى في بلاد الحرمين يفتحون المراقص والملاهي، ويسعون لإضلال شعوبهم بتقديم ثقافة الغرب المنحل لهم، وقائدنا يقيم علينا الحجة ليس في رمضان فحسب بل طوال العام، حيث يقيم شريعة الإسلام، ويُحيي فينا ثقافة القرآن، ويدلنا على عز الدنيا والآخرة، وفلاح الدنيا والآخرة، وشرف الدنيا والآخرة؛ فيجب أن نستمر على الاهتمام بهدى الله، والاستماع لملزمة الأسبوع كل يوم، والاهتمام ببرنامج رجال الله، والاهتمام بالحفاظ على الصلاة في أوقاتها، والاهتمام بقراءة القرآن الكريم، والاهتمام بالذكر والدعاء، وأن لا نكون كمن قال الله عنهم: {وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثاً}، بل نكون كما قال الله سبحانه وتعالى: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} والذين قال عنهم: {الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ} والذين قال عنهم: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ}.
قلت ما سمعتم وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولكافة المؤمنين والمؤمنات فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
▪️ ~الخطبة الثانية~ ▪️
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله الطاهرين، ورضي الله عن أصحابه الأخيار المنتجبين.
أما بعد/ أيها المؤمنون:
هناك عدة نقاط نريد الإشارة إليها، أولاً: صيام الست من شوال لمن استطاع حيث وهي سنة قال فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال فكأنما صام الدهر) وصيام الست من شوال مسنون طوال شهر شوال وتصح متتابعة ومتفرقة.