👆👆👆👆👆
علم المنطق أو علم الميزان هو من العلوم العقلية التي تحتاج إلى تدرُّجٍ في الطلب، وذهنٍ متوقّدٍ، وصبرٍ في التحصيل، وذلك لدقّة مباحثه، وإلا كان حالُ طالبِه كما قال العلامة الشوكانيّ رحمه الله: (وكثيرا من يظنُّ أنه قد عرف علم المنطق وهو لا يعرفه، لأنه علمٌ دقيقٌ لا يفتح مقفلاته إلا أذهان الخاصّة).
وأقترح أن تكون دراسة هذا العلم كما يلي:
1- فأولا: على الطالب أن يقرأ منظومة (السُلّم المنورق) للعلامة عبد الرحمن الأخضري رحمه الله مع حفظها عن ظهر قلبٍ، وشروح هذا المتن كثيرة جدا، منها شرحُ الناظم نفسه، وشرح الشيخ حسن القويسني، وشرح الشيخ الملوي، وشرح البنَّاني، كما وضع عليه شيخ الإسلام إبراهيم الباجوري رحمه الله حاشية مفيدة جدا جمع فيها زبدة تلك الشروح والحواشي كما هي عادته في سائر مصنفاته.
ومن أحسن الشروح المعاصرة على السُلَّم: شرح الشيخ عبد الملك السعدي حفظه الله، واسمه: "الشرح الواضح المنسّق على متن السلم المرونق"، فهذا الشرح قريب المأخذ سهل العبارة، مدعَّمٌ بالأمثلة التوضيحية، وكذلك شرح الشيخ فرج الجندي الأزهري مفيدٌ جدا للمبتدئين، وقد انتفعتُ به جدا في أوائل قراءتي لهذا العلم.
2- ثم يقرأ الطالب "متن إيساغوجي" لأثير الدين الأبهري، وشروحُه كثيرة جدا، ومن أشهرها تداولا = شرحُ شيخ الإسلام زكريا الأنصاري رحمه الله المُسَمَّى بـ "المطلع"، وهذا الشرح عليه حواشي لا تُحْصَى، ومن أحسنها: حاشية الشيخ الحفناوي، وحاشية الشيخ محمد عليش المالكي رحمه الله.
3- ثم يقرأ: متن (تهذيب المنطق) للعلامة سعد الدين التفتازاني، وعليه شروحٌ، من أشهرها: (التذهيب شرح التهذيب) للخبيصي، وعلى هذا الشرح حاشية نفيسة محرّرة لشيخ الإسلام حسن العطار رحمه الله، ومن شروحه أيضا: شرح الملاّ عبدالله اليزدي، وهوالمعتمد في الحوزات الشيعية.
وهذه المتون الثلاثة: (السُلّم والتهذيب وإيساغوجي) هي الكتب الأساسية لدراسة هذا العلم في المرحلة الأولى، وينبغي أن يضمّ الطالبُ إليها كتبًا مساعدة مثل: "مذكرة آداب البحث" للشيخ محمد الأمين الشنقيطي، وكتاب "ضوابط المعرفة وأصول الاستدلال والمناظرة" للشيخ حبنكة الميداني، وكتاب "المنطق" للشيخ محمد رضا المظفر، وهو من كتب الشيعة، ومقرَّرٌ في حوزاتهم، ولهم عناية شديدةٌ بمدارسته.
وهذه الكتب المساعدة يلجأ إليها الطالب لتذليل الصعاب التي تعرض له عند قراءة تلك المتون السابقة، لاسيما إذا لم يجد شيخا يقرأ عليه، ففي هذه الكتب العصرية ما يجلّي حيْرَته إن شاء الله.
4- ثم بعد هذه المرحلة: يقرأ الطالبُ متنا رابعا وهو "الرسالة الشمسية" لنجم الدين الكاتبي الملقب بـ "دَبِيران"، وأهمُّ شروحها هو شرح العلامة قطب الدين الرازي التحتاني، مع حواشي السيد الشريف الجرجاني رحمه الله.
ولاشك أن الطالب إذا قرأ هذه الكتب وفهمها كما ينبغي فقد حصَّلَ الكفاية وزيادة، وسيمكِّنه ذلك من الخوض في عُبَاب مطوّلات هذا العلم كشروح المطالع وحواشيها، ومنطق الشفا لابن سينا، وغيرها، ولا ريب أن المنطق مقدمة للعلوم الكلامية والفلسفية، ومن لا يُحْكِمُ فنّ المنطق ولا يعرف اصطلاحاته فلا قدرة له على فهم هذه العلوم.
تنبيه:
هذا المنهج الذي اقترحتُه هنا هو بحسب ما جرت به العادةُ في الأقطار العربية كالشام ومصر وبلاد المغرب العربي.
وأما طريقة الأعاجم في بلاد الهند والأفغان وما وراء النهر = فهي تختلف عن هذه، ولهم متونٌ أخرى مشهورةٌ عندهم، مثل: "تصريح المنطق" لمحمد علي خان البخاري، و"المرقاة" لمولانا فضل إمام الخيرآبادي، و"سُلَّم العلوم" للشيخ محب الله البهاري، كما يعتنون أيضا بـ "تهذيب المنطق" للتفتازاني، و"الشمسية" بشرح القطب التحتاني، وذلك حسب الدرس النظامي الذي وضعه لهم الملاّ نظام الدين السِّهالوي رحمه الله (ت 1161هـ).