-في مساءٍ هادئٍ،
بينما كنتُ أتمشّى في أطرافِ مُخيّلتي،
وغارقةً في أفكاري،حدث ما لم أتخيّله يومًا؛
هُناك،
على بُعدِ خطواتٍ قليلة،
رأيتُ طفلةً صغيرةً بوجهٍ مألوفٍ للغاية
كانت ترتدي فستانًا بنفسجيًّا بسيطًا،
وشعرُها كخيوطِ الشمسِ يتناثرُ على كتفيها.
حدّقتُ بها قليلًا قبل أن أُدركَ الحقيقة
نَعم،لقد كنتُ أنا…أنا الصغيرة.
تقدّمتُ نحوها ببطءٍ،وقلبي يخفقُ بشدّة
نظرتْ إليّ بعينيها المليئتينِ بالبراءة،
وقالت: “أنتِ تشبهينني!”
ابتسمتُ بحنانٍ،وجلستُ بجانبها،
وقلتُ: “نعم،أنا أنتِ،بعدَ سنواتٍ طويلة.”
ساد بيننا صمتٌ قصيرٌ،
ثم سألتني بفضولٍ: “هل أصبحنا ما كُنّا نحلمُ به؟”
نظرتُ إليها بابتسامةٍ دافئة،
وقلتُ بهدوءٍ: “لقد فعلتُها،أنا الآن مُحامية.”
اتّسعت عيناها بدهشةٍ،ثم بدأت تتأمّلني
“حقًا؟” همستْ بصوتٍ يشوبه الذهول،
ثم تابعت: “أصبحتِ ما كنتُ أحلم به؟”
أومأتُ برأسي والابتسامةُ ما زالت تزيّنُ وجهي،
أخبرتُها عن الطريق،عن الصعوباتِ،
وعن الإصرارِ الذي لم يخذلني
رأيتُ في عينيها بريقًا يزدادُ لمعانًا،
كأنّ حلمَها الذي كان مجرّدَ أُمنيةٍ!
صار الآن حقيقةً يمكن أن تلمسها.
ضحكتُ عندما قامتْ تقفِزُ فرحًا،
وتدورُ حولَ نفسها،وترفعُ يديها،
وأصواتُ ضحكاتِها تتناثرُ مع كلِّ قفزةٍ،
وتقول: “فخورةٌ بكِ.”
في تلكَ اللحظة،أدركتُ أنني لم أحقّق حلمَها فقط،
بل حافظتُ على وعدي لها،وعدٌ بألّا أتخلّى يومًا
عن الطفلة التي كانت تؤمنُ بي،
وتؤمنُ أنَّ المستحيلَ ليس سوى كلمة.
عانقتني كما لو أننا سنفترقُ بعد لقاءٍ طويل،
وهمستْ: “شكرًا لأنكِ لم تنسيني،
شكرًا لأنكِ لم تيأسي.”
بدأت تتراجعُ إلى الخلفِ بهدوء،
وبدأت خطواتُها تتلاشى شيئًا فشيئًا،
رحلت كالشمس،
لكنني أعلمُ أنها ستشرقُ من جديدٍ
في أحلامي وفي مُخيّلتي،
لتفتخرَ بكلِّ إنجازٍ جديدٍ سأقومُ به.
-إيمِّي.