Notcoin Community
Notcoin Community
Whale Chanel
Whale Chanel
Proxy MTProto
Proxy MTProto
Notcoin Community
Notcoin Community
Whale Chanel
Whale Chanel
Proxy MTProto
Proxy MTProto
قناة | توّاق avatar
قناة | توّاق
قناة | توّاق avatar
قناة | توّاق
10.05.202518:10
••
ليست كلّ مهارة تُدرَّس، ولا كلّ فضيلة تُصفَّق لها الجماهير، ثمّة أخلاق لا تصرخ في وجهك، بل تهمس في ضميرك؛ لا تُعلَّق على جدران الخطاب، بل تُمارَس في صمت النبلاء.

وفي هذا المناخ المزدحم بالتحليل والتدقيق في حياتنا اليومية، تفقد النفوس بوصلة البساطة، وتذبل روح الرحمة، وتتعثر العلاقات في أوحال الشكوك، وتشتد حدّة الملاحظة، وتكاثرت الأقلام الناقدة، حتى أضحى المرء يُحاسَب على الهمسة، ويُدان على الظنّة، ويُطالَب بالوضوح حتى في لحظات التردّد، ولقد غدت الدقّة فخًّا، والتتبّع مرضًا، والذكاء وقودًا للحرق لا للبناء.

غير أنّ في زوايا العقلاء مسلكًا مغمورًا، لا يلوح في شعارات المتفوقين، ولا يُدرَّس في مقرّرات الذكاء الاجتماعي؛ مسلكٌ لا يعلو صوته في ضجيج التدقيق، لكنه يترك في النفوس أثرًا لا تصنعه ألف محاضرة عن “العلاقات الإيجابية”، وهو مسلك التغافل؛ ذلك الفنّ الرفيع في أن ترى ولا تفضح، وتعلم ولا تُشهِّر، وتُدرك الزلّة ثم تمضي كأنك لم ترَ شيئًا.

هذا الخُلق النبيل لا يصدر إلا عن نفسٍ عظيمة، تعرف قدر نفسها، فلا تُسقطها في وحل الصغائر، ولا تُتعبها في تتبّع الهفوات، بل تترفّع، وتصفح، وتتجاوز.

وما أحكم قول الإمام جعفر الصادق حين قال: "عظّموا أقداركم بالتغافل” ولم يكن يعلّمنا التجاهل، بل كان يُدرّب أرواحنا على اللياقة القلبية، أن تمشي بين الناس بعينٍ تُبصر العثرة، وقلبٍ يُنكرها، ووجه يُمضي كأن شيئًا لم يكن.
••
06.05.202522:53
••
لا يسمع أنين الأرواح إلا من خالط في صدره وجعًا لا يُترجم، وكمدًا لا يُفصح، فإنك لترى وجهًا ساكنًا لا تكدّره التجاعيد، ولكن خلفه عاصفة صامتة، تتكسّر فيها الأمنيات وتتمزّق على حافّتها الكلمات.

وما كلُّ من أوجز في قوله قد ملّ، ولا كل من اعتذر عن لقاء قد جفَا، بل إنّ منهم من يحمل أثقالًا لو وُزّعت على الجبال لاندكت، فهو يتوارى عنك كي لا يرى خجل حزنه في عينيك، ويقصر في الوصل، لا لأنك هِنت، ولكن لأنه يخشى أن تراه حين تهتزّ داخله الأعمدة.

وإنّ أشدّ الانهيارات لا تُرى، ولا يُسمع لها صوت، بل تمرّ على هيئات لا تُبصرها العينُ الساذجة، في نبرةٍ ذابلة، أو نظرةٍ مطفأة، أو تخلّفٍ عن عادةٍ كانت بالأمس سبب الأنس.

رحم الله من وسّع على الناس بفهمه، وأراح المبتلى بعدم ملامته، وأعان الموجوع أن يتجلّد حتى يعبر، وبعض الغيابِ طلبُ أمانٍ في غير مرأى الناس، فطوبى لمن كان للقلوبِ مأمنًا لا محكمة.
••
05.05.202509:37
••
•| تآكل الإرادة |•

أول ما يلفت انتباهي في مجالسة بعض الأصحاب ليس ما يقولونه، بل ما لا يفعلونه، تلك الحالة الرمادية التي تسمى “الفراغ”، ولا شيء يُربك البصيرة كمجالسة الفراغ، فهو ليس مساحة خالية من الأفعال، بل هو ساحةٌ خصبة تنبت فيها الأوهام، وتتعشّش على أطرافها خيالاتٌ كاذبة، تستدرج الإنسان إلى شتاتٍ داخليّ يُفقِده المعنى وهو لا يشعر، والفراغ هو غياب للمعنى، وضياع للمقصد، وتآكلٌ خفيّ لعصب الإرادة، حيث يتحول الشاب من مشروع بناءٍ إلى ريشةٍ في مهبّ الملهيات، الشاب الذي يقف عند قارعة الطريق في مطالع العشرين أو حوافّ الثلاثين دون وجهةٍ واضحة، ليس مؤجّلًا فحسب، بل هو مُهدَّد، لأن المجهول لا يُبقي أحدًا على الحياد، والفراغ لا يُبقي القلب خاملاً، بل يملؤه على غير وعيٍ منه.

ومأسوية الفراغ ليست في وقته الضائع، بل في ما يصنعه من شخصية تافهة، تستثقل المعاني، وتستبدل بها الانشغال بالسطحيّات والعلائق المُخاتلة، ومؤسفٌ حين يُسارع بعضهم إلى تبرير هذا السكون بأنه “راحة”، بينما هو في الحقيقة صيغةٌ من الغياب المتقن، الذي لا يُدرك خطورته إلا حين تُستهلك الأيام في انشغالاتٍ لا تُقوّي قلبًا، ولا تبني عقلًا، ولا تزكّي روحًا.

و ليست المصيبة أن يسقط الإنسان دفعةً واحدة، بل أن يتآكل ببطء، يُسلَب منه حب الطاعة، ويتقزّم فيه مشروع العمر، ويصغر قلبه حتى لا يحتمل فكرةً كبيرة، وهذا التآكل يبدأ غالبًا من لحظة فراغٍ تُترك بلا مشروع، ولا تسأل بعدها لماذا الذبول؟

ومن لطيف التأملات: النفس لا تُفرغ من شيء إلا ليمتلئ بغيره، فإن لم تملأها بالحق، تسرّبت إليها السخافات، واكتظّت بشظايا الملهيات، وليس المقصود أن يكون الإنسان موسوعيًا، ولا أن يبلغ رتبة العلماء، بل أن يحفظ ما بقي من عمره بما ينفعه، ويؤنس قلبه، ويقوده بخطى وئيدة إلى مراد الله منه، فإنّ أعظم ما يُملأ به الوقت هو ما يُرضي الله، ويُقوّي صلة العبد به، ويُبقيه في سياق العلم والبصيرة.

ومن عرف سنن الله في النفوس، علم أن النفس لا تُترك، فإما أن تُقاد إلى الحق، أو تُسحب إلى الباطل، وما من شيء أنبل، وأغلى، وأبقى، من أن يُملأ هذا الفراغ بطاعة الله، والإقبال على العلم، وسلوك درب المعرفة، لا بوصفها زينةً ثقافية، أو وعظًا تقليديًا، بل لأنها ما أثبته التاريخ، ونطقت به تجارب الحكماء، وأجمعت عليه عقول المصلحين، منذ أن تنبّه الإنسان إلى معنى وجوده على هذا الكوكب الأزرق.
••
03.05.202501:02
••
لو شاء الله لك العصمة، لخلقك على نسق الملائكة، لكنه -بحكمته- بثّ فيك قابلية الذنب، لتذوق عبودية التوبة، ويعرّفك بعظمة العفو ولطائف الإحسان.
••
01.05.202509:34
••
النفوس السليمة تأنف الازدواج، وتختنق تحت وطأة الانفصام بين المبدأ والممارسة، إذ إن التناقض لا يمرُّ دون أثر، بل يُشعل في الضمير فتيل قلقٍ داخلي، لا يُطفئه إلا التصالح الصادق بين ظاهر القول وباطن الفعل.
••
से पुनः पोस्ट किया:
أ.د. خالد بن منصور الدريس avatar
أ.د. خالد بن منصور الدريس
29.04.202518:37
💡 *نحو نقلة معرفية تجمع بين أصالة العلوم الشرعية والاستفادة من أدوات الذكاء الاصطناعي، بخطوات عملية وأمثلة تطبيقية*

🎉 تسر *(عطاءات العلم)* أن تهديكم إصدارها النوعي الجديد :
📋 *(الدليل التطبيقي لتوظيف الذكاء الاصطناعي في خدمة العلوم الشرعية)*
🪄 والذي أعده *نخبة* من المختصين في العلوم الشرعية والذكاء الاصطناعي وإدارة المعرفة

📑 *وهذا الدليل يجمع بين صفحاته:*
* مدخلاً مبسطاً إلى الذكاء الاصطناعي وأنواعه.
* شرحاً مفصلاً لهندسة الأوامر (هندسة التلقين) وكيفية التعامل مع النماذج اللغوية.
* عرضاً لأهم تطبيقات الذكاء الاصطناعي في خدمة العلوم الشرعية مثل :
- تلخيص النصوص، التحليل والاستنباط، الإنشاء والصياغة، البحث والتحقيق ...
* محاذير عملية عند التعامل مع الذكاء الاصطناعي في مجال العلوم الشرعية.

📥 *لتحميل الدليل:*
https://archive.org/details/20250428_20250428_1132
📚 ولمزيد استفادة من هذا الدليل
فستطلق عطاءات العلم قريباً – إن شاء الله - برامج تدريبية معتمدة في التدريب عليه.
💻 *وللتسجيل والاستفادة من هذه البرامج التسجيل عبر الرابط :*
https://forms.gle/qpLvxYkwGFfFKkabA
*وسيتم التواصل مع المرشحين وإفادتهم بالخطة الزمنية للبرنامج*

#عطاءات_العلم
#الذكاء_الاصطناعي
🎙️| المرأة في المحتوى الرقمي
يقدمه: أ. فايز الزهراني

🖥️ | https://t.me/faseelahteam

ليصل من خلالك 🔁🤍
06.05.202519:53
••
الناس – يا صاحبي – كالفصول؛ فيهم ربيع الإقبال وخريف الجفاء، وصيف الحماسة وشتاء الفتور، غير أنّك إن عرفتَ في الحياة وجهًا لا يذبل، وصوتًا لا يُنسى، وقلبًا لا يُغلق بوجهك، فاعلم أنّك قد ظفرت ببستان لا تنقطع عنه الزهور، ولا تعرف أوراقه الخريف، والناس مواسم، لكن بعضهم يُزهر في قلبك طوال العام.
••
04.05.202523:31
••
يا رب، جلالك لا يُحد، ونوالك لا يُعد، وآثار إحسانك في الخلق لا تخفى، وأنا – الغارق في تقصيره، المتقلب في نعمتك – لا أملك إلا قلبًا مدهوشًا من كثرة عطائك، ولسانًا عاجزًا عن بلوغ تمام الثناء عليك، فكيف إذا اجتمع فقر العبد وغناك، وعجزه وقدرتك؟!

اللهم ألهمني شكر نعمتك، واصطنع لي من لطفك ما يُقيم عوج قلبي، ويعلّمني أن الحمد لا يكون بألفاظٍ منمقة، بل بانكسارٍ يتّكئ على بابك، واعترافٍ لا يطلب سواك.
••
02.05.202523:19
••
أحيانًا لا تعرف لماذا تحزن، ولا ماذا تريد تحديدًا، لكنك تشعر بأنك ضِيقٌ في هيئة إنسان، كأنك صدى لشيءٍ منكسر، يتردّد داخلك كل يوم، لا أحد جرحك صراحة، ولا حدث بعينه أسقطك، لكنك تتهاوى ببطء، كجدارٍ ظل واقفًا طويلاً، حتى تعب من الصبر. تحاول أن تواصل يومك، أن تضحك في وجه الناس، أن تقول: “أنا بخير”، لكن الحقيقة؟ أنت تنام كل ليلة وأنت لا تعرف مالذي يزعجك. تمشي بين الناس بروحٍ منهكة، كأنك شخصٌ عاد من معركة، لكن لم يسأله أحد: من الذي أطلق عليه أول رصاصة؟ لأن لا أحد رأى الدم.

وتجلس وحدك، فتنهار فجأة. ليس لأنه حدث جديد، بل لأن الحزن القديم عاد وطرق الباب دون أن يستأذن. أتعرف هذا الشعور؟ حين ينهض الناس من نومهم ليروا النور، وتنهض أنت فقط لتتأكد أن الظلام ما زال ساكنًا في صدرك؟ حين تُؤلمك أنفاسك، لا لأنك مريض، بل لأنك حيّ أكثر مما ينبغي؟ يا صاحبي، ما تشعر به ليس هشاشة، ولا ضعفًا، إنه صوت الروح وهي تقول لك: “كفى تجاهلًا… أعدني إلى الله.”

هذا الحزن الذي يباغتك في غفلةٍ من الضجيج، هو دعوة خفية، لتجلس مع القرآن لا لأجل الأجر، بل لأنك لا تملك أحدًا سواه يفهمك دون أن تشرح. فابكِ، ابكِ بصدق، ابكِ لأنك حاولت كثيرًا، وسكتّ كثيرًا، وصبرت كثيرًا، لكن كل شيء فيك الآن يقول: “يا رب… أنا تعبت… ولا أحد يدري كم تعبت.” اللهم اجبر هذا القلب، جبرًا يليق بك، جبرًا لا يُبقي في الصدر وجعًا، ولا في العين دمعة، ولا في القلب سؤالًا دون إجابة.
••
29.04.202519:32
••
أعتزل أولئك الذين أقاموا عمرهم على اصطياد العثرات، واتخذوا من كل ودّ مشروع شكٍّ مؤجل، كأن أرواحهم صُقلت على هيئة نصال لا تعرف إلا الطعن، ولا ترتاح إلا بالتجريح، يطوفون بمآتم الخيانة، وينشدون قصائد الغدر، حتى ظنوا أن كل يد ممدودة تُخفي خنجرًا، وكل ابتسامةٍ تتهيأ لطعنة، وليست الدنيا خلت من الخير، ولكنهم حملوا قلوبًا مشوهة، لا تبصر إلا العيب، ولا تلتقط إلا الشوك، فإذا أطل عليهم الوفاء عجزت قلوبهم أن تصدقه.

والمؤمن الذي استضاء بهدي نبيه ﷺ، يدرك أن السلامة في صرف النظر عن هنات الخلق، ومدّ اليد بالخير حيثما كان، كالنهر الجاري، يُرمى بالحجارة فلا يحتبس، ولا يكدر صفوه إساءةٌ عابرة، يمضي في عطائه، صافياً، كبيراً، يغسل بجريانه ما تعفن على الضفاف.
••
27.04.202520:14
••
مسار حياتك لا يسير مستقيمًا كما تتخيل، بل ينثني فجأة، وينعطف بغتة، بأسبابٍ لا تخطر لك ببال، خططك الطويلة، ظنونك بمسار حياتك، كلها كانت مسطورة في اللوح منذ الأزل بطريقة أخرى لم تحسب لها حسابًا, الطريق الذي اجتهدت في تعبيده، ثم وجدته يُسدّ أمامك فجأة، التخصص الذي أحببته، ثم اضطرك القدر إلى غيره، الصحبة التي ظننتها رفيقة العمر، ثم فرق بينك وبينها زمان ومكان، الحلم الذي كانت كل الإشارات تؤكد اقترابه، ثم أزيح عن طريقك بلطف خفي، الفرصة التي أفلتت من يدك وأنت تبكي عليها، ثم اكتشفت لاحقًا أنها كانت سرّ نجاتك، النعمة التي لم تدرك أنها نعمة إلا بعد أن كُشِف عنك غطاؤها.

كل هذا التحوّل العجيب في المسار كان مدبرًا بأدق مما تتخيل، حتى هذه اللحظة التي تقلب فيها ذكرياتك الآن. وهكذا، لا دواءَ أنجع ولا زاد أعمق من التسليم المتجدد بأن «وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ»، وأن الخير الحقيقي لا يعرفه إلا هو سبحانه، وأن التبدل المفاجئ في الطريق هو عين اللطف الخفي.
••
09.05.202520:03
••
•| موسمية الولاء |•


من لم يتذكرك في زحمة انشغاله، فلن يُنجدك في ساعة فراغه، فليس الوفاء أن يُصافحك الناس في فسحة الوقت، ولكن أن يُقيموا معك في ضيق المسار؛ إذ الذي لا يستصحبك في لحظة الانشغال، ولا يحمل همّك وهو يترنّح تحت همومه، لا تُعوّل عليه إذا اتسعت موائد الفراغ وتزخرفت المجالس.

ومن لا تراه إلا في أزمنة السَّعة والفراغ، ثم يتلاشى في مواسم الجدّ، لا يُعوّل عليه في البناء ولا النهوض؛ لأن مواقفه – مهما ازدانت بالحديث – محكومةٌ بمزاجه لا بمبدئه.

وهذه القاعدة في الأفراد، تسري على مواقف الناس من أمتهم كذلك؛ فالعاقل لا يُخدع بمن يرفع شعار الأمة حين تعلو، ثم يغيب عنها حين تئنّ، ولا تلوح له قضيتها إلا إذا صارت موضةً ثقافية أو ورقةً رابحة، فالذي لا يبعثه ألم الأمة على شيء من التذكّر والدعاء، ولا يستنفره جرحها لبذل الفكرة أو صوغ مشروع، فليس جديرًا أن يُعوَّل عليه إذا تنفّست الأرض رخاءً، وتزيّنت الأحوال بالطمأنينة.

وهذا من دقائق السنن الربانية؛ فإن الله – جلّ في علاه – امتدح من استجابوا بعد الجراح، فقال: “الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح…”، لأنهم ثبتوا حين كانت دواعي القعود أقوى، وأسباب التخلف أكثر إغراءً، ونسب الفضل لمن أصرّ على الطريق في ظلّ التعب، وهذا هو الفيصل بين من امتلأت روحه بالهمّ الحق، وبين من كانت فكرته مشروطة بالتصفيق والظهور.

وحين تتأمل في سِيَر المصلحين، فإن أعظمهم لم يكونوا أبناء ظرف مريح، بل ثمرات لحظة صعبة فُتحت فيها نوافذ الوعي، لا لمن جلس يراقب، بل لمن نزل إلى الميدان وقدم الفعل على الكلام.

أولئك الذين تُعوّل عليهم الأمة حين تدور الدوائر، وليسوا أولئك الذين يخرجون إذا زال الغبار، ليسألوا: “أين وصلتم؟”
••
06.05.202519:39
••
القبول بين الخلق ليس شرفًا يُكتسب، ولا رتبةً تُنال بالحيلة، بل هو منحةٌ إلهية يبتلي الله بها بعض عباده ليختبر خفاء سرائرهم، ويزن بها صدق مناجاتهم في الخلوات، وما أكثر ما يُزيّن الثناء ظاهر المرء، وهو من الداخل يئنّ تحت أثقال العجز والتقصير.

فاحذر أن تستبدل يقظة المجاهدة بنعاس الثناء، أو أن تظنّ أن المحبة دليل عافية، فالفتنة قد تكون في الورد أكثر من الشوك، وأسأل الله أن يكون سترك عنده أوسع من مديح الناس لك، فما كل محبوبٍ مأجور، ولا كل محمودٍ مسرور.
••
03.05.202517:40
••
في خفاء النفس، حيث تنعجن الأفكار بماء الطبع، تنشأ الميول لا على طاولة الاستدلال فحسب، بل على موائد العاطفة والمزاج والتجربة.

و العقل الإنساني لا يتحرّك في فراغٍ نظيف، بل في تربةٍ مشبعةٍ بالأمزجة والأخلاق والتجارب، فالمرء لا ينظر إلى الحجج والبراهين بعينٍ مجردة، بل بعينٍ طُبعت على لونِ ما تعوّد، وسَمت بحسب ما عاش وذاق، ولذا فإنّ الميول المعرفية ليست في كثيرٍ من الأحيان ثمرة استدلالٍ بحت، بل انعكاسٌ عميق لأخلاقٍ مغروسة، وتجاربَ كامنة، ونفسٍ تجنح لما يُشبهها وتأنفُ مما يُخالف سجاياها.

فالذي طالت صحبته لعلم الكلام، تنفر نفسه من جفاف المتون الفقهية، ويستلذ الاستدلال المجرّد؛ لأنه شبّ على دهاليز المنطق ونقاشات القضايا الكلية، بينما الذي نشأ في حلقات الفقه، تأنس نفسه بالتفريعات وضبط الأقوال، ويستوحش من تجريدات المتكلمين، بل إنّ الأمر يتعدى ذلك إلى الطبع والسلوك، فغليظ الطبع يستعذب النصوص التي فيها بأسٌ وشدّة، ورفيق النفس يميل لما فيه رحمةٌ ومسامحة.

وهذا المعنى العميق لخّلل التلقّي، والتنويع في ألوان الظن، قد نبّه عليه الإمام الغزالي - رحمه الله - فقال: “اختلاف الأخلاق والأحوال والممارسات يوجب اختلاف الظنون؛ فمن مارس علم الكلام ناسبَ طبعه أنواعٌ من الأدلة يتحرك بها ظنه لا يناسب ذلك طبع من مارس الفقه، ولذلك من مارس الوعظ صار مائلًا إلى جنس ذلك الكلام، بل يختلف باختلاف الأخلاق، فمن غلب عليه الغضب مالت نفسُه إلى كلِّ ما فيه شهامةٌ وانتقامٌ، ومن لان طبعه ورق قلبه نفر عن ذلك ومال إلى ما فيه الرفق والمساهلة.”
••
••
#نشرة_تواق_البريدية
العدد السادس

•| الرياض وَ أخواتها |•
عن خدش المدن للأرواح

_____________

ضع بريدك هنا
••
29.04.202518:42
مهم لأهل الذكاء الاصطناعي.
26.04.202521:30
••
•| اعتراف بتوقيت الوجل |•

حين أكتب، لا أمدّ يدي إلى الحروف، بل أمشي إليها على أطراف القلب، كأنني أدخل إلى ساحةٍ مهيبة، كل حرف فيها شاهدٌ لي أو عليّ، ثمة رهبة خفية تنبض في أطراف أناملي، كأن الكلمة ليست لفظًا يُسكب على القرطاس، بل شهادةٌ ترتفع إلى السماء، ويقف عليها ملكان يسجلان أثرها في صحائف الخلود.

وحينما أمسك بالقلم، أشعر أنني لا أمسك بأداة جامدة، بل أمسك برقاب المعاني، كلما هممت أن أخط حرفًا، ارتعد القلب رهبة: ماذا لو كانت الكلمة شاهدةً عليّ لا لي؟ ماذا لو زرعت جرحًا في روحٍ لم يُكتب لها الشفاء؟ ماذا لو عظّمت باطلاً، أو حقّرت حقاً، من حيث لا أشعر؟ ماذا لو أتخذ أحدهم قراراً مصيرياً لأجل حرف خُط عفو الخاطر ؟

وفي لحظة الكتابة، أشعر أنني أقف في مقامٍ شبيه بمقام “الشهادة” الذي أقام الله به عباده في محكمة الآخرة، حروفك اليوم تُقرأ، وغداً تُسأل عنها، في يوم تُعرض فيه الأقلام وما سطرت.

أكتب وأنا أعلم أن للكلمة يومًا تتجلى فيه، وأن الحروف التي أسطرها اليوم خفيةً، ستُعرض غدًا جهرًا بين يدي الحق الذي لا تخفى عليه خافية، ولذلك، يرتعد القلب قبل أن تسيل المداد، وتتلعثم الروح قبل أن ينطق القلم، خشية أن يكون فيما أكتب زلةٌ لا يمحوها اعتذار، أو خطيئة لا تغسلها دموع.

ولم تكن هنالك فكرةٌ تجعلني أتردد في نشر ما أكتب إلا استشعار رهبة الكلمة، وخوف أثرها في نفوس قرّائها؛ إذ الكلمة لا تموت بانتهاء قراءتها، بل تظل تنبض في القلوب، وتُسهم في تشكيل الأفكار، وتوجيه المصائر، وربما كانت بذرة صلاح أو مدخل فتنة، والعبد لا يدري أي الكفتين ترجح.

وما وجدتُ دواءً لرعشة القلم إلا أن أستصحب الوجل، وأردد في قلبي قبل أن أخط: “اللهم اجعل قولي لك، وكتابي فيك، وأثري شاهداً لي لا عليّ”.
••
••
كنتُ في مقعدي، والسكون يكسو الطائرة، أتنقّل بين سطور كتابٍ يؤنس وحشة السفر، حين تسرّب إلى أذني حديث شابٍ خلفي يتغنّى بثروة أحدهم وسعة دنياه.

لم ألتفت إليه، لكن كلماته نقرت على جدار الفكر، فأجابتني الآية: ﴿ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض﴾. فليس كل مبسوطٍ في الظاهر مغمورًا بالرضا، ولا كل محرومٍ في العين ضيّق العيش، وهكذا كتبت هذه الحروف لا ردًّا على قوله، بل نجاةً من مقارنته.

ثم تبيّن لي، شيئًا فشيئًا، أن هذا الضيق المكتوم، والتبرّم الصامت، وتلك الغصة التي لا سبب ظاهر لها، وجدتَ أن كثيرًا من النفوس – وإن لم تنطق – تعاني من ألم المقارنة، وتعب المفاضلة، واحتراق الرغبة الخفيّة في أن يكون لها ما في أيدي الآخرين، ومن أعظم ما ينهك القلب ليس قلّة العطاء، بل كثرة الالتفات، وتراكم المقارنات.

وحين يضعف التوحيد في القلب، يُنسى أن الله هو الرازق، وأنه ما من موهبة ظهرت، ولا نعمة نُشرت، ولا رتبة شُهِدت، إلا وقد خرجت من خزائن فضله، لا من كفاءة أصحابها ولا من عبقريتهم. “ولا تتمنّوا ما فضّل الله به بعضكم على بعض”، فالتفاوت قدرٌ مقصود، لا خللٌ في القسمة، بل هو ميزان دقيق تُختبر به القلوب، وتُعرف به منازع النفوس.

ومن تأمّل هذا الفضل الإلهي، ووعى أن الله هو الذي يُعطي ويمنع، ويخفض ويرفع، سكنت نفسه، وتوجّه بكليّته إلى ربّه، لا إلى مرآة الموهوبين، ولا إلى جدران الشهرة، وكل فكرة تربوية لا تزرع في النفس هذا الإيمان العميق بعدالة الله، وتُفهمها أن السباق ليس في النتائج، بل في الصدق والاجتهاد، هي تربية تترك الإنسان معذّبًا بالتفاصيل، متورمًا من الداخل، يغضب حين يُمدح غيره، ويتألم من كل تميزٍ لا يُنسب إليه.

كل مقارنة مريرة، كل نظرة حاسدة، كل فتور مفاجئ بعد رؤية إنجازات الآخرين، هي - في أصلها - لحظة نسيان لله، واعتكاف على مرآة الغير بدل الانكفاء على موضع الاجتهاد، وكم تاهت النفوس حين لم تفرّق بين “فضل الله” الذي يُسأل، و”نصيب الناس” الذي يُحفظ لهم دون تحسر أو اعتراض.

ومن أعظم أسباب التوفيق أن يُربى القلب على سؤال الفضل من الله لا من البشر، وعلى الامتنان قبل الطموح، وعلى الرضى بالمنحة قبل مقارنتها، فمن غاب عنه هذا الأصل، طاف في أسواق الدنيا يطلب ما لا يُعطى إلا من السماء.

وهبطت الطائرة، لا كما تهبط الرحلات، بل كأنها أنزلتني على فكرة أن القلب لا يهدأ حتى يقطع تذكرة الرضى نحو السماء، فبعض الأسفار ليست بين المطارات، بل بين غفلة المقارنة، ويقظة التوحيد.
••
06.05.202501:00
••
في دروب الحياة المتشعّبة، يُبتلى القلب أحيانًا بانزياح في وجهته، واختلال في بوصلته، فيسير متعثّرًا في صحراء الغفلة، يتلمّس أطراف الطمأنينة فلا يجد لها أثرًا، ويتخيّل أن بينه وبين الله سدودًا من وحشة لا تُخترق، وما علم المسكين أن وراء هذا الانكسار عناية تُهيّئ له عودته قبل أن يطلبها، وتنسج له خيوط الرجوع وهو لا يدري.

لحظة صدقٍ واحدة، فقط لحظة، تنفذ من أعماق القلب في غفلة من الدنيا، فتفتح له أبواب السماء، ويُستدرج إلى مقام الاستغفار استدراجًا رفيقًا، كما يُستدرج المشتاق إلى حنين بيته الأول. هناك، تُغسل أنفاسه من شوائب الذنب، وتُنقّى روحه من علائق الاستطالة، ويشرق في داخله نورٌ كان قد خفت، أو كاد أن ينطفئ.

وحسبك أن الله لم يُسلّمه للمعصية، ولم يُخْلِه للشيطان، بل رعى قلبه ساعة الضعف، وأدار له مفاتيح الأوبة بلطف، وفتح عليه من بركات القرب ما لم يكن في حسابه.

كم من عبدٍ رآه الشيطان صيدًا سهلاً، فإذا به – بعد التوبة – أرسخ إيمانًا، وأصدق عبودية، وأنقى باطنًا! لقد أراده إبليس غريبًا، وأراده الله حبيبًا، وجعل من ذنبه بوابةً إلى مقام لم تبلغه طاعاته.
••
03.05.202511:47
••
القراءة اليومية ليست مجرّد عادةٍ ثقافية، بل هي فعل مقاومةٍ هادئ ضد التسطّح، وضد الانجراف مع تيار التفاهة المعولم، وهي صيانة باطنية للعقل، تحفظ عليه حرارته الفكرية وسط برودة الواقع وبلادة التكرار.

فالعقل الذي لا يُستثار يوميًا بنصٍّ، أو فكرة، أو تساؤل، يذبل كما تذبل الروح حين تُهجر مواطن الذكر، والقراءة ليست ترفًا في جدول مزدحم، بل هي فرض كفايةٍ على كل من أراد ألاّ يُؤخذ من يده دون وعي، ولا يُستدرج إلى القاع باسم الانشغال، وإنّ قطع العهد مع الورق هو قطعٌ تدريجي لصِلتنا بذواتنا كما أرادها الله: متفكّرة، متأملة، موقنة.
••
02.05.202500:12
••
في جوف الليل، حين تسكت المخلوقات، وتخفت ضوضاء العالم، يتقدّم الإنسان نحو حقيقته، لا لأنّ شيئًا تغيّر في خارجه، بل لأن الساتر اليومي انزاح عن داخله. ففي النهار، تُربكك الالتزامات، وتُنازعك الأصوات، وتتعاقب عليك الوجوه المتكلّفة، حتى تفقد القدرة على سماع نبضك الأول.

أما في هدأة الليل، حيث لا جمهور ولا شهود، فإن الإنسان يُستخرج من قاع نفسه، تُعرّى دوافعه، وتظهر هشاشته، ويعود إلى ما خُلِق له: التفكّر في معنى وجوده، وموقعه من ربه.

وليس أعظم من لحظةٍ، يقف فيها العبد في جوف الليل، وقد انتزع نفسه من فراشه، فوقف بين يدي ربه يقرأ كلامه، هنالك لا يكون القرآن صوتًا في اللسان، بل شفرةَ إصلاحٍ لجينات القلب، وتفكيكًا دقيقًا لتصوراته، وإعادة تشكيلٍ لموازين الحياة فيه.

ثمّ لا يُشرق الفجر إلا وقد خرج الإنسان من ليله بصيرةً جديدة، ونفسًا مغسولة بالتوحيد، وقلبًا أكثر تثبّتًا أمام متاهات النهار، وليس الليل، في تاريخ الإنسان المؤمن، زمناً بيولوجياً للنوم، بل كان دائمًا زمن الاصطفاء والصفاء. وها هو أبو حيّان التوحيدي يهمس: “الليل أصدق عن خبايا الإنسان من النهار.” وصدق فالليل لا يكذب، ولا يجامِل، ولا يُجيد التمثيل.
••
से पुनः पोस्ट किया:
أ.د. خالد بن منصور الدريس avatar
أ.د. خالد بن منصور الدريس
29.04.202518:37
26.04.202517:22
••
اللهم ارزقنا إخلاص القصد فيما نكتب، وصفاء الطوية فيما نقول، وبارك لنا فيما نبثّ من معانٍ، واجعل كتاباتنا قربةً إليك، لا رياءً بين الخلق، واجعل لنا في كل حرفٍ نورًا، وفي كل فكرةٍ بركةً، وفي كل قولٍ أثرًا، يا أكرم من سُئل، وأعظم من أُمل.
••
दिखाया गया 1 - 24 का 167
अधिक कार्यक्षमता अनलॉक करने के लिए लॉगिन करें।