28.04.202515:29
وهذا الكتاب أيضًا من ثمرات الشيخين العزيزين يوسف محمد الأوزبكي (المقدسي)، ومحمد خالد كلاب (الغزي)، في خدمة الأرض المقدسة؛ معالمها وتاريخها العلمي وأعلامها، ويتناول أساسًا:
1. الزاوية الختنية في المسجد الأقصى، التي أوقفها الفاتح السلطان صلاح الدين على صوفية بيت المقدس والعباد المجاورين للمسجد الأقصى، وصارت هذه أشهر زوايا المسجد الأقصى، وسميت بذلك لأجل شرف الدين الخُتَني (756 هـ) الذي سكنها، وقد التقاه ابن بطوطة وذكره في رحلته الشهيرة. وكان أول من سكن هذه الزاوية قبل أن تعرف بالختنية، أحد شيوخ صلاح الدين، وهو: "جلال الدين محمد بن أحمد الشاشي". وقد كانت تسمى بـ "دويرة الصوفية"، و"زاوية المسجد الأقصى"، وسكنها علماء كثر، لفت انتباهي منهم ابن رسلان الرملي (ت 844 هـ)، صاحب المتن الشهير في المذهب الشافعي "صفوة الزبد"، وشارح سنن أبي داود.
وقد نسخت في هذه الزاوية العديد من الكتب المشهورة، كـ "الرسالة" للإمام القشيري، و"شرح سنن أبي داود" لابن رسلان الرملي.
وأما الشيخ شرف الدين أبو عبد الله محمد بن الحجاج بن محمد الكاشغري الختني ثم المقدسي، فمن فضائل هذا الكتاب تسليط الضوء عليه، لقلة من ترجم له في كتب التاريخ، فقد ترجم له ابن حمزة الحسيني في ذيله على العبر للذهبي، واعتمد عليه من جاء بعده، بينما خلا منه "الأنس الجليل" للعليمي، وهذا غريب جدًا، و"الدرر الكامنة" لابن حجر.
وبلدته "ختن" تقع اليوم في الصين، في جنوب شرق تركستان الشرقية.
* وقد ألحق بهذا الكتاب؛ صورة رواية الشيخ الختني للمنتقى من "البلدانية الأربعين"، تخريج ابن حمويه الجويني (722 هـ)،
بخط أبي موسى محمد بن محمود بن إسحاق الحلبي ثم المقدسي الحنفي (776 هـ).
2. وأمّا الكتاب الثاني فهو ترجمة لشيخ المدرسة الصلاحية: "علاء الدين علي بن أيوب المقدسي الملقب بـ عليان"، (ت 748)، والشيخ عليان هو تلميذ الإمام النووي (ت 676 هـ)، العابد الرباني وفقيه الشافعية من زمانه إلى قيام الساعة، نسخ "المنهاج" للنووي بخطه، وسمع شيئًا من "روضة الطالبين" على النووي، وقرأ على عدد كبير من فقهاء ومسندي وقته؛ منهم أبو الفرج عبد الرحمن بن قدامة بن أبي عمر المقدسي الحنبلي (ت 682 هـ)، وتاج الدين ابن الفركاح الشافعي (ت 690 هـ)، وبرهان الدين ابن الفركاح الشافعي (ت 729 هـ)، وشرف الدين أحمد بن هبة الله بن عساكر (ت 699 هـ)، وشرف الدين اليونيني (ت 701 هـ) صاحب نسخة البخاري الشهيرة، والشيخ تقي الدين ابن تيمية (ت 728 هـ)، وغيرهم.
وقد تولى الشيخ (عليان) قراءة الحديث على كرسي ابن بصخان في جامع دمشق، ثم معيد المدرسة البادرائية، قبل انتقاله إلى القدس الشريف وتوليه مشيخة المدرسة الصلاحية (التي أمر ببنائها صلاح الدين لما فتح القدس سنة 583 هـ). وهو أصلاً من بني زيد شمالي رام الله من نسل الشيخ إبراهيم الخواص الذي قبره في قرية دير غسانة. وقد تولى المدرسة الصلاحية بعده الحافظ العلائي، لينتقل صاحبنا عليان مجددًا إلى دمشق مكان العلائي. وقيل إن المدرسة الصلاحية انتزعت منه بسبب ميله للشيخ ابن تيمية، وخمن المحققان أنّ هذا قد يكون سبب إعراض التاج السبكي عن ترجمته في طبقات الشافعية، لكن هذا الظنّ قد يحتاح إلى نظر. وقد مرت بالشيخ عليان محن كثيرة منها المرض والفقر إلى أن توفي بالقدس ودفن بمقبرة الساهرة فيها.
وعرض المحققان بعض ما قرئ عليه في مجالس السماع، ونماذج من الكتب التي نسخها بيده.
وقد بشر المحققان بأنّ النية منعقدة على إفراد سيرة كل عالم فلسطيني بترجمة مستقلة، والتأريخ لمعالم هذه البلاد المقدسة وأسرها العلمية، وهذا المشروع لو تمّ لكان أعظم ما يُخدم به التاريخ العلمي لهذه البلاد، ولعله ينهض لهذا التاريخ من يجمعه على طريقة "تاريخ دار السلام" فتجتمع تراجم علماء فلسطين ومن نزل بها في كتاب واحد.
وأخيرًا، قدم للكتاب المؤرخ والأديب المعروف الدكتور أسامة جمعة الأشقر، وهو رجل لا يكتب دون أن يضيف شيئًا ولو في تقديم قصير لكتاب.
1. الزاوية الختنية في المسجد الأقصى، التي أوقفها الفاتح السلطان صلاح الدين على صوفية بيت المقدس والعباد المجاورين للمسجد الأقصى، وصارت هذه أشهر زوايا المسجد الأقصى، وسميت بذلك لأجل شرف الدين الخُتَني (756 هـ) الذي سكنها، وقد التقاه ابن بطوطة وذكره في رحلته الشهيرة. وكان أول من سكن هذه الزاوية قبل أن تعرف بالختنية، أحد شيوخ صلاح الدين، وهو: "جلال الدين محمد بن أحمد الشاشي". وقد كانت تسمى بـ "دويرة الصوفية"، و"زاوية المسجد الأقصى"، وسكنها علماء كثر، لفت انتباهي منهم ابن رسلان الرملي (ت 844 هـ)، صاحب المتن الشهير في المذهب الشافعي "صفوة الزبد"، وشارح سنن أبي داود.
وقد نسخت في هذه الزاوية العديد من الكتب المشهورة، كـ "الرسالة" للإمام القشيري، و"شرح سنن أبي داود" لابن رسلان الرملي.
وأما الشيخ شرف الدين أبو عبد الله محمد بن الحجاج بن محمد الكاشغري الختني ثم المقدسي، فمن فضائل هذا الكتاب تسليط الضوء عليه، لقلة من ترجم له في كتب التاريخ، فقد ترجم له ابن حمزة الحسيني في ذيله على العبر للذهبي، واعتمد عليه من جاء بعده، بينما خلا منه "الأنس الجليل" للعليمي، وهذا غريب جدًا، و"الدرر الكامنة" لابن حجر.
وبلدته "ختن" تقع اليوم في الصين، في جنوب شرق تركستان الشرقية.
* وقد ألحق بهذا الكتاب؛ صورة رواية الشيخ الختني للمنتقى من "البلدانية الأربعين"، تخريج ابن حمويه الجويني (722 هـ)،
بخط أبي موسى محمد بن محمود بن إسحاق الحلبي ثم المقدسي الحنفي (776 هـ).
2. وأمّا الكتاب الثاني فهو ترجمة لشيخ المدرسة الصلاحية: "علاء الدين علي بن أيوب المقدسي الملقب بـ عليان"، (ت 748)، والشيخ عليان هو تلميذ الإمام النووي (ت 676 هـ)، العابد الرباني وفقيه الشافعية من زمانه إلى قيام الساعة، نسخ "المنهاج" للنووي بخطه، وسمع شيئًا من "روضة الطالبين" على النووي، وقرأ على عدد كبير من فقهاء ومسندي وقته؛ منهم أبو الفرج عبد الرحمن بن قدامة بن أبي عمر المقدسي الحنبلي (ت 682 هـ)، وتاج الدين ابن الفركاح الشافعي (ت 690 هـ)، وبرهان الدين ابن الفركاح الشافعي (ت 729 هـ)، وشرف الدين أحمد بن هبة الله بن عساكر (ت 699 هـ)، وشرف الدين اليونيني (ت 701 هـ) صاحب نسخة البخاري الشهيرة، والشيخ تقي الدين ابن تيمية (ت 728 هـ)، وغيرهم.
وقد تولى الشيخ (عليان) قراءة الحديث على كرسي ابن بصخان في جامع دمشق، ثم معيد المدرسة البادرائية، قبل انتقاله إلى القدس الشريف وتوليه مشيخة المدرسة الصلاحية (التي أمر ببنائها صلاح الدين لما فتح القدس سنة 583 هـ). وهو أصلاً من بني زيد شمالي رام الله من نسل الشيخ إبراهيم الخواص الذي قبره في قرية دير غسانة. وقد تولى المدرسة الصلاحية بعده الحافظ العلائي، لينتقل صاحبنا عليان مجددًا إلى دمشق مكان العلائي. وقيل إن المدرسة الصلاحية انتزعت منه بسبب ميله للشيخ ابن تيمية، وخمن المحققان أنّ هذا قد يكون سبب إعراض التاج السبكي عن ترجمته في طبقات الشافعية، لكن هذا الظنّ قد يحتاح إلى نظر. وقد مرت بالشيخ عليان محن كثيرة منها المرض والفقر إلى أن توفي بالقدس ودفن بمقبرة الساهرة فيها.
وعرض المحققان بعض ما قرئ عليه في مجالس السماع، ونماذج من الكتب التي نسخها بيده.
وقد بشر المحققان بأنّ النية منعقدة على إفراد سيرة كل عالم فلسطيني بترجمة مستقلة، والتأريخ لمعالم هذه البلاد المقدسة وأسرها العلمية، وهذا المشروع لو تمّ لكان أعظم ما يُخدم به التاريخ العلمي لهذه البلاد، ولعله ينهض لهذا التاريخ من يجمعه على طريقة "تاريخ دار السلام" فتجتمع تراجم علماء فلسطين ومن نزل بها في كتاب واحد.
وأخيرًا، قدم للكتاب المؤرخ والأديب المعروف الدكتور أسامة جمعة الأشقر، وهو رجل لا يكتب دون أن يضيف شيئًا ولو في تقديم قصير لكتاب.
20.04.202514:29
أنماط التفكير العجيبة التي يستحيل أن يتوفّر معها قاعدة للنقاش؛ كثيرة، ومنها: رؤية كلّ شيء على غير حقيقته، بل على ضدّه على أساس المشاعر والرغبات والأماني، والمشكلة في هذا النمط من التفكير لا في انعدام القدرة على مناقشة صاحبه فحسب، ولكن أيضًا في أثره العامّ على الناس حينما تستولي عليهم تصورات هي محض أوهام، وفي أحسن أحوالها لا تكاد تقوم على شيء.
وهذا النمط المختلّ قد ينجم عن اختلال عقلي أو أخلاقي، ولذلك دعا القرآن للعدل والإنصاف مع الخصم، والشهادة بالحقّ على النفس وأقرب الخلق إليها، ودعت الآثار للتوسط والاعتدال في عاطفتي الحب والبغض، وفي مقابل ذلك، يستجيز الناس لأنفسهم فعل ما يذمون غيرهم على فعله، فإن حاققتهم تأوّلوا لأنفسهم ما لا يقبلونه عذرًا لمن يذمونهم، وهم في ذلك كلّه يعتقدون جازمين أنهم محقون.
هذه المشاعر المتطرفة، وما يتصل بها من دوران مفرط حول مسائل بعينها تتحول بمرور الوقت إلى نافذة وحيدة لرؤية العالم؛ تفضي إلى تحريف التاريخ والواقع ومن ثمّ تشويه الوعي، وذلك علاوة على تنكب العدل ومخادعة النفس بالاستسلام للغرائز العاطفية، فتنعدم فضائل من نكره في وعينا، حتى نحوّل فضيلته الظاهرة إلى خطيئة، فإن لم نستطع ننتقصها، وتتضخم فضائل من نحب وقد نصطنع له من الفضائل ما هو خيالات وهلاوس لا أكثر، كأن نتخيل أنّ فلانًا هو صلاح الدين لهذا الوقت، ونتأوّل له كلّ شيء، ونجعل ما يبدو في الأمر الظاهر عيوبًا حسنات، ويسارع المهووسون للكلام فيما يجهلون أو لم يخبروه أو فيمن لم يعايشوه، في حين يسعهم السكوت انتظارًا لاستبانة الحقائق، ويسارعون أكثر إلى ادعاء استشراف المستقبل واستظهار الغيب المكنون فيه؛ وليس لهم من حجة سوى الأماني!
وهذا الصنف من الناس غالبًا لا يتحرك في دماغه إلا منطقة صغيرة، ولا يتسع قلبه إلا لموضوعات محدودة، فيصير العالم كله والتاريخ والمستقبل والبشر والوجود، هذا الشخص الذي يحبه، وتلك الطائفة التي يبغضها، وتلك الأمنية التي يعتقد جاهلاً أنّ الواجب على الله تعالى تحقيقها له.
ويبدو أنّ أصل هذا التخلف العقلي والقصور الأخلاقي له حظ من كلّ أحد، للنقص الحاصل في الجنس البشري، ولكنه يتفاحش في البعض ويضمر في آخرين، بقدر الاستعدادات العقلية والنفسية في كل أحد، ويضمر أكثر فيمن لديهم قابلية إدراك الأخطاء وفيهم حساسيات عالية لتحرّي الحقّ ونزوع قوي نحو المعرفة، ومن كان هذا شأنه اشتدت فيه مجاهدته لنفسه، وتجرأ على مواجهة أهوائه، ولم يرض لغيره ما لا يرضاه لنفسه، وإلا فإنّ هذا الضَرْبَ من العصبيات المستعصية، والانحرافات الحادّة في البصر والبصيرة، واضحة عند أذكياء، وجماعات، ورموز، وهي تجعل هذا العالم أكثر ضيقًا كلما انتشرت أكثر.
وهذا النمط المختلّ قد ينجم عن اختلال عقلي أو أخلاقي، ولذلك دعا القرآن للعدل والإنصاف مع الخصم، والشهادة بالحقّ على النفس وأقرب الخلق إليها، ودعت الآثار للتوسط والاعتدال في عاطفتي الحب والبغض، وفي مقابل ذلك، يستجيز الناس لأنفسهم فعل ما يذمون غيرهم على فعله، فإن حاققتهم تأوّلوا لأنفسهم ما لا يقبلونه عذرًا لمن يذمونهم، وهم في ذلك كلّه يعتقدون جازمين أنهم محقون.
هذه المشاعر المتطرفة، وما يتصل بها من دوران مفرط حول مسائل بعينها تتحول بمرور الوقت إلى نافذة وحيدة لرؤية العالم؛ تفضي إلى تحريف التاريخ والواقع ومن ثمّ تشويه الوعي، وذلك علاوة على تنكب العدل ومخادعة النفس بالاستسلام للغرائز العاطفية، فتنعدم فضائل من نكره في وعينا، حتى نحوّل فضيلته الظاهرة إلى خطيئة، فإن لم نستطع ننتقصها، وتتضخم فضائل من نحب وقد نصطنع له من الفضائل ما هو خيالات وهلاوس لا أكثر، كأن نتخيل أنّ فلانًا هو صلاح الدين لهذا الوقت، ونتأوّل له كلّ شيء، ونجعل ما يبدو في الأمر الظاهر عيوبًا حسنات، ويسارع المهووسون للكلام فيما يجهلون أو لم يخبروه أو فيمن لم يعايشوه، في حين يسعهم السكوت انتظارًا لاستبانة الحقائق، ويسارعون أكثر إلى ادعاء استشراف المستقبل واستظهار الغيب المكنون فيه؛ وليس لهم من حجة سوى الأماني!
وهذا الصنف من الناس غالبًا لا يتحرك في دماغه إلا منطقة صغيرة، ولا يتسع قلبه إلا لموضوعات محدودة، فيصير العالم كله والتاريخ والمستقبل والبشر والوجود، هذا الشخص الذي يحبه، وتلك الطائفة التي يبغضها، وتلك الأمنية التي يعتقد جاهلاً أنّ الواجب على الله تعالى تحقيقها له.
ويبدو أنّ أصل هذا التخلف العقلي والقصور الأخلاقي له حظ من كلّ أحد، للنقص الحاصل في الجنس البشري، ولكنه يتفاحش في البعض ويضمر في آخرين، بقدر الاستعدادات العقلية والنفسية في كل أحد، ويضمر أكثر فيمن لديهم قابلية إدراك الأخطاء وفيهم حساسيات عالية لتحرّي الحقّ ونزوع قوي نحو المعرفة، ومن كان هذا شأنه اشتدت فيه مجاهدته لنفسه، وتجرأ على مواجهة أهوائه، ولم يرض لغيره ما لا يرضاه لنفسه، وإلا فإنّ هذا الضَرْبَ من العصبيات المستعصية، والانحرافات الحادّة في البصر والبصيرة، واضحة عند أذكياء، وجماعات، ورموز، وهي تجعل هذا العالم أكثر ضيقًا كلما انتشرت أكثر.
17.04.202520:39
رأيت تعليقًا لأحدهم على رابط مقالة لي تضمن اقتباسًا منها في أقل من سطرين؛ فوجدت تعليقه مبنيًّا على فهم خاطئ يناقض الاقتباس، فأردت أن أبين له سوء فهمه الناجم عن التحفز والتصنيف ووضع كلّ مخالفيه في سلّة واحدة وإلزامهم بمقولات أنا لا أقول بأكثرها.. ثمّ قلتُ: ما فائدة ذلك؟! إذا كان لم يفهم ثلاثة أسطر على وجهها، فهل سيصبر على قراءة ألف كلمة هي قوام المقالة كاملة؟!
02.04.202520:08
﴿وَاللَّهُ يَعلَمُ وَأَنتُم لا تَعلَمونَ﴾


30.04.202514:37
هل يعتقد مثل هذا أنني ضد إسرائيل باعتبار الانتماء لمحور معين؟! وبأي اعتبار يجري التصنيف المحورجي هذا؟! أم أنه ينبغي التطابق 100% مع بعض النشطاء السوريين في كلّ صغيرة وكبيرة لينجو المرء من اتهامه بالمحورجية؟! فمن هذا الذي يعتقد نفسه محور الكون وقضيته أمّ القضايا إذن؛ إذ لا يقبل إلا التطابق التام معه؟!
والطريف ما الذي يجعل مثل هذا يتذكرني وأنا لا أخرج على الإعلام منذ 11/ كانون الثاني (يناير)، ولا أكتب في مواقع التواصل الاجتماعي من قبل الحرب أصلاً، وأكثر مقالاتي لا أعيد نشرها هنا؟! وإسرائيل تقصفه وهو مشغول بالهجوم على أعداء إسرائيل! طريف والله!
أنا ضد إسرائيل لأنه لا يجوز في حق أيّ إنسان عاقل صاحب ضمير إلا أن يكون ضدها، بقطع النظر عن دينه ولغته وانتمائه الجغرافي، فكيف إن كنتُ فلسطينيًّا، وأنا مع كل مظلوم يقع عليه عدوان هذه الدولة، ومن باب أولى أن يكون هذا المظلوم عربيًّا أو مسلمًا من منطقتنا. أنا ضد إسرائيل في كل معركة تخوضها، حتمًا لن أكون معها في لبنان وضدها في سوريا، أو معها في سوريا وضدها في لبنان! بالتأكيد أنا لستُ كمن كان معها في لبنان! ولو تغطى كاذبًا بدعاء "اللهم اضرب الظالمين بالظالمين"!
وأظنني كتبت عن الخطر الإسرائيلي على سوريا حينما كانت مثل هذه الكتابة من فلسطيني تثير الحساسية لدى بعض النشطاء السوريين، وعلاوة على ذلك نشرتُ أوراقًا موسعة حول نوايا إسرائيل واتجاهات سياساتها بخصوص سوريا حينما كان بعض النشطاء السوريين يعتقدون أنهم آمنون من جهة إسرائيل! أما هذه الأيام فأنا أصلاً لا أظهر في الإعلام ولا أعطي مداخلات صحفية ولا أكتب منشورات سياسية بما في ذلك ما يتعلق بالشأن الفلسطيني، سوى مقالة أسبوعية غالبًا لا أعيد مشاركتها.
يبقى أن تهمة المحورجية هذه تهمة سخيفة تليق بعقول أصحابها. فمن كتب عشرات المقالات في الانتصار للمظلومين السوريين ونقد دور إيران وحزب الله في سوريا؛ بالضرورة هو أبعد الناس عن مثل هذا الاتهام، ويقابله بعض من في الطرف الآخر الذين لديهم لائحة مفرداتهم الخاصة، فأنا متهم عند بعضهم بالعكس تمامًا، وهذا طبيعي فالذي يحترم نفسه يرفعها أصلاً عن الانحيازات العمياء والتمحور الجاهلي والتبعية لأيّ أحد، وهذا يصعب على الموتورين فهمه!
وأمثال هؤلاء، لن يجرّوني لمعارك من هذا النوع، فلا فرق عندي أصلاً بين سوري وفلسطيني، والاهتمام الكثيف دافعه المعايشة اللصيقة، فأنا لستُ فلسطينيًّا فحسب، بل أعيش في فلسطين ولم أغادرها، ولا أكتب ولا أتحدث من موقع ارتياح ورفاهية واطمئنان.
والطريف ما الذي يجعل مثل هذا يتذكرني وأنا لا أخرج على الإعلام منذ 11/ كانون الثاني (يناير)، ولا أكتب في مواقع التواصل الاجتماعي من قبل الحرب أصلاً، وأكثر مقالاتي لا أعيد نشرها هنا؟! وإسرائيل تقصفه وهو مشغول بالهجوم على أعداء إسرائيل! طريف والله!
أنا ضد إسرائيل لأنه لا يجوز في حق أيّ إنسان عاقل صاحب ضمير إلا أن يكون ضدها، بقطع النظر عن دينه ولغته وانتمائه الجغرافي، فكيف إن كنتُ فلسطينيًّا، وأنا مع كل مظلوم يقع عليه عدوان هذه الدولة، ومن باب أولى أن يكون هذا المظلوم عربيًّا أو مسلمًا من منطقتنا. أنا ضد إسرائيل في كل معركة تخوضها، حتمًا لن أكون معها في لبنان وضدها في سوريا، أو معها في سوريا وضدها في لبنان! بالتأكيد أنا لستُ كمن كان معها في لبنان! ولو تغطى كاذبًا بدعاء "اللهم اضرب الظالمين بالظالمين"!
وأظنني كتبت عن الخطر الإسرائيلي على سوريا حينما كانت مثل هذه الكتابة من فلسطيني تثير الحساسية لدى بعض النشطاء السوريين، وعلاوة على ذلك نشرتُ أوراقًا موسعة حول نوايا إسرائيل واتجاهات سياساتها بخصوص سوريا حينما كان بعض النشطاء السوريين يعتقدون أنهم آمنون من جهة إسرائيل! أما هذه الأيام فأنا أصلاً لا أظهر في الإعلام ولا أعطي مداخلات صحفية ولا أكتب منشورات سياسية بما في ذلك ما يتعلق بالشأن الفلسطيني، سوى مقالة أسبوعية غالبًا لا أعيد مشاركتها.
يبقى أن تهمة المحورجية هذه تهمة سخيفة تليق بعقول أصحابها. فمن كتب عشرات المقالات في الانتصار للمظلومين السوريين ونقد دور إيران وحزب الله في سوريا؛ بالضرورة هو أبعد الناس عن مثل هذا الاتهام، ويقابله بعض من في الطرف الآخر الذين لديهم لائحة مفرداتهم الخاصة، فأنا متهم عند بعضهم بالعكس تمامًا، وهذا طبيعي فالذي يحترم نفسه يرفعها أصلاً عن الانحيازات العمياء والتمحور الجاهلي والتبعية لأيّ أحد، وهذا يصعب على الموتورين فهمه!
وأمثال هؤلاء، لن يجرّوني لمعارك من هذا النوع، فلا فرق عندي أصلاً بين سوري وفلسطيني، والاهتمام الكثيف دافعه المعايشة اللصيقة، فأنا لستُ فلسطينيًّا فحسب، بل أعيش في فلسطين ولم أغادرها، ولا أكتب ولا أتحدث من موقع ارتياح ورفاهية واطمئنان.
27.04.202515:27
من الهدايا التي أرسلت لي من شهور ووصلتني هذه الأيام؛ هذا الكتاب الذي اشتغل عليه الشيخان الباحثان المتفضلان عليّ دائمًا: الشيخ يوسف الأوزبكي (المقدسي)، والشيخ محمد خالد كلاب (الغزي) نفع الله بهما، وبارك في جهودهما، وفرّج الله تعالى عن غزّة وبيت المقدس.
والكتاب يتضمن:
1. تحقيق مشيخة الصدر الميدومي (ت 754 هـ)، من تخريج ابن حمزة الحسيني (ت 765).
والإمام المحدث الحافظ صدر الدين محمد بن محمد بن إبراهيم الميدومي؛ مصري نزل بالقدس الشريف وعقد المجالس فيها. وميدوم قرية مصرية من أعمال البهنساوية.
وهذه المشيخة تحوي بعض مرويات الميدومي سماعًا وإجازة، بلغ فيها عدد شيوخه بالسماع 14 شيخًا، وبالإجازة 45 شيخًا.
وقد كان للعلماء المقادسة ومن نزل من علماء المسلمين ببيت المقدس عناية خاصة بهذه المشيخة إفادة ونسخًا ومقابلة ورواية.
* ومقدمة المحققين؛ كتاب قائم بنفسه، تجاوزت 170 صفحة؛ عرّفا فيها بالميدومي، وشيوخه، وتلاميذه من أهل فلسطين والنازلين فيها، وما سمعوه عليه من كتب في مجالسه ببيت المقدس والخليل، وقد بلغ عدد هؤلاء التلاميذ من النساء والرجال 280. واستخراج هذا العدد من التلاميذ مع ذكر الكتب المقروءة وأماكن المجالس من بطون الكتب كـ "ثبت الندرومي" وغيره كـ "مشيخة القلقشندي" و"المجمع المؤسس لابن حجر" و"الضوء اللامع للسخاوي"؛ جهد كبير.
وتضمنت المقدمة كذلك بعض ما جاء من ثناء أهل فلسطين والنازلين فيها على الميدومي، وثبتًا ببعض الكتب التي قُرئت عليه، وبعض آثاره التي دخلت يومًا بيت المقدس، كالكتب التي نسخها بخطه، مثل صحيحي البخاري ومسلم.
2. وأما الكتاب الثاني فهو "اللفيف المؤنس لمجالس الصدر الميدومي الحديثية في بيت المقدس" فقد وضع فيه المحققان ما استخرجاه من مجالس السماع التي عقدها الميدومي في القدس والخليل بين عامي 751 و753 هـ، وكانت أكثر هذه المجالس في الخانقاه الفخرية بالمسجد الأقصى، وبعضها بقبة الصخرة، ومسجد المغاربة، أو بالمسجد الأقصى أو بيت المقدس دون تعيين مكان محدد، وبعضها بمسجد إبراهيم الخليل في مدينة الخليل، ويتضمن المجلس بطبيعة الحال الكتاب المسموع، والتاريخ، ومن قرأ أو سمع، وربما من حضر.
3. وأما الكتاب الثالث "الظل الوريف للأسانيد الموصلة إلى الميدومي نزيل القدس الشريف"، للشيخ محمد زياد التكلة الدمشقي، ذكر فيه طبقة سماع المحققين للمشيخة بقراءتها على الشيخين المسندين، محمد مطيع بن محمد واصل دبس وزيت، وحسان جاسم الهايس، وأتبع ذلك بفصل فيه شيوخ الحافظ ابن حجر من أصحاب الميدومي في حديث الرحمة المسلسل بالأولية، وفي اتصالات بعض الكتب من طريق الميدومي مثل صحيح البخاري وسنن أبي داود، وختمه بفصل في الاتصال إليه بالآخرية.
4. وختم المجلد بملحقين:
الأول- حديث الرحمة المسلسل بالأولية برواية الصدر الميدومي. بتحقيق الشيخ محمد زياد التكلة.
الثاني- رحلة نسخة الميدومي من صحيح مسلم المقروءة على الدمياطي، وكيف انتقلت من القاهرة إلى القدس إلى إسطنبول، بقلم صلاح فتحي هلل.
ويبقى أن هذا الكتاب بعض من خدمة الشيخين العزيزين للتراث المقدسي العلمي، والشكر لدار الرياحين الذين أرسلوا لي الكتاب من عمّان.
والكتاب يتضمن:
1. تحقيق مشيخة الصدر الميدومي (ت 754 هـ)، من تخريج ابن حمزة الحسيني (ت 765).
والإمام المحدث الحافظ صدر الدين محمد بن محمد بن إبراهيم الميدومي؛ مصري نزل بالقدس الشريف وعقد المجالس فيها. وميدوم قرية مصرية من أعمال البهنساوية.
وهذه المشيخة تحوي بعض مرويات الميدومي سماعًا وإجازة، بلغ فيها عدد شيوخه بالسماع 14 شيخًا، وبالإجازة 45 شيخًا.
وقد كان للعلماء المقادسة ومن نزل من علماء المسلمين ببيت المقدس عناية خاصة بهذه المشيخة إفادة ونسخًا ومقابلة ورواية.
* ومقدمة المحققين؛ كتاب قائم بنفسه، تجاوزت 170 صفحة؛ عرّفا فيها بالميدومي، وشيوخه، وتلاميذه من أهل فلسطين والنازلين فيها، وما سمعوه عليه من كتب في مجالسه ببيت المقدس والخليل، وقد بلغ عدد هؤلاء التلاميذ من النساء والرجال 280. واستخراج هذا العدد من التلاميذ مع ذكر الكتب المقروءة وأماكن المجالس من بطون الكتب كـ "ثبت الندرومي" وغيره كـ "مشيخة القلقشندي" و"المجمع المؤسس لابن حجر" و"الضوء اللامع للسخاوي"؛ جهد كبير.
وتضمنت المقدمة كذلك بعض ما جاء من ثناء أهل فلسطين والنازلين فيها على الميدومي، وثبتًا ببعض الكتب التي قُرئت عليه، وبعض آثاره التي دخلت يومًا بيت المقدس، كالكتب التي نسخها بخطه، مثل صحيحي البخاري ومسلم.
2. وأما الكتاب الثاني فهو "اللفيف المؤنس لمجالس الصدر الميدومي الحديثية في بيت المقدس" فقد وضع فيه المحققان ما استخرجاه من مجالس السماع التي عقدها الميدومي في القدس والخليل بين عامي 751 و753 هـ، وكانت أكثر هذه المجالس في الخانقاه الفخرية بالمسجد الأقصى، وبعضها بقبة الصخرة، ومسجد المغاربة، أو بالمسجد الأقصى أو بيت المقدس دون تعيين مكان محدد، وبعضها بمسجد إبراهيم الخليل في مدينة الخليل، ويتضمن المجلس بطبيعة الحال الكتاب المسموع، والتاريخ، ومن قرأ أو سمع، وربما من حضر.
3. وأما الكتاب الثالث "الظل الوريف للأسانيد الموصلة إلى الميدومي نزيل القدس الشريف"، للشيخ محمد زياد التكلة الدمشقي، ذكر فيه طبقة سماع المحققين للمشيخة بقراءتها على الشيخين المسندين، محمد مطيع بن محمد واصل دبس وزيت، وحسان جاسم الهايس، وأتبع ذلك بفصل فيه شيوخ الحافظ ابن حجر من أصحاب الميدومي في حديث الرحمة المسلسل بالأولية، وفي اتصالات بعض الكتب من طريق الميدومي مثل صحيح البخاري وسنن أبي داود، وختمه بفصل في الاتصال إليه بالآخرية.
4. وختم المجلد بملحقين:
الأول- حديث الرحمة المسلسل بالأولية برواية الصدر الميدومي. بتحقيق الشيخ محمد زياد التكلة.
الثاني- رحلة نسخة الميدومي من صحيح مسلم المقروءة على الدمياطي، وكيف انتقلت من القاهرة إلى القدس إلى إسطنبول، بقلم صلاح فتحي هلل.
ويبقى أن هذا الكتاب بعض من خدمة الشيخين العزيزين للتراث المقدسي العلمي، والشكر لدار الرياحين الذين أرسلوا لي الكتاب من عمّان.
19.04.202509:47
أربع صفات أُحبّها في حديث أمّ المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها وعن أبيها:
1. ما ذكره الشيخ سامي، من إقرارها السهل بالطبائع الآدمية، وذكرها لها بلا ادعاء للضدّ منها، وهذا هو التبتّل الحقّ، وقد ذُكِر من صومها وصلاتها وصدقتها ما هو معلوم، ومع ذلك كانت تذكر بسماحة واضحة جوانبها الإنسانية الغريزية التي قد يزعم بعض الناس التجرّد منها بالكلية.
2. حسّها الأدبي العالي، كما يظهر مثلاً في روايتها لحديث الإفك، وتخيّرها لمفرداتها وصورها الفنية بلا تكلّف. وقد ذكر ابن عبد البر أنها روت للبيد اثني عشر ألف بيت.
3. ما يسميه الفقهاء: "فقه النفس"، وهو ما يتضح في استدراكها على الصحابة في بعض القضايا الفقهية، وهذا بقطع النظر عن الصواب في نفس الأمر، وهذا أصل الفقه، قال عنها عطاء: "كانت عائشة أفقه الناس، وأعلم الناس، وأحسن الناس رأيًا"، ونقل هشام بن عروة عن أبيه: "ما رأيت أحدًا أعلم بالحلال والحرام، والعلم والشعر والطب، من عائشة"، وذكر ابن عبد البر أنها كانت وحيدة عصرها في هذه العلوم.
4. سماحة نفسها وإنصافها، كما في روايتها لحديث الإفك حين ذكرها لمسطح وزينب وسعد بن عبادة، ونهيها عروة بن الزبير أنّ يسبّ حسان بن ثابت، وقولها: "إنه كان ينافح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم".
1. ما ذكره الشيخ سامي، من إقرارها السهل بالطبائع الآدمية، وذكرها لها بلا ادعاء للضدّ منها، وهذا هو التبتّل الحقّ، وقد ذُكِر من صومها وصلاتها وصدقتها ما هو معلوم، ومع ذلك كانت تذكر بسماحة واضحة جوانبها الإنسانية الغريزية التي قد يزعم بعض الناس التجرّد منها بالكلية.
2. حسّها الأدبي العالي، كما يظهر مثلاً في روايتها لحديث الإفك، وتخيّرها لمفرداتها وصورها الفنية بلا تكلّف. وقد ذكر ابن عبد البر أنها روت للبيد اثني عشر ألف بيت.
3. ما يسميه الفقهاء: "فقه النفس"، وهو ما يتضح في استدراكها على الصحابة في بعض القضايا الفقهية، وهذا بقطع النظر عن الصواب في نفس الأمر، وهذا أصل الفقه، قال عنها عطاء: "كانت عائشة أفقه الناس، وأعلم الناس، وأحسن الناس رأيًا"، ونقل هشام بن عروة عن أبيه: "ما رأيت أحدًا أعلم بالحلال والحرام، والعلم والشعر والطب، من عائشة"، وذكر ابن عبد البر أنها كانت وحيدة عصرها في هذه العلوم.
4. سماحة نفسها وإنصافها، كما في روايتها لحديث الإفك حين ذكرها لمسطح وزينب وسعد بن عبادة، ونهيها عروة بن الزبير أنّ يسبّ حسان بن ثابت، وقولها: "إنه كان ينافح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم".


16.04.202511:46
02.04.202509:35
"قال يحاصرني واقعٌ لا أُجيد قراءته
قلت دَوّنْ إذنْ، ذكرياتِكَ عن نجمة
بَعُدَتْ وَغَدٍ يتلكأ، واسألْ خيالك: هل
كان يعلم أنَّ طريقَكَ هذا طويل؟
فقال: ولكنني لا أُجيد الكتابةَ يا
صاحبي!
فسألت: كذبت علينا إذاً؟
فأجاب: على الحُلْم أن يرشد الحالمين
كما الوَحْيُ /
ثم تنهد: خُذْ بيدي أيها المستحيل!
وغاب كما تتمنَّى الأساطيُر /
لم ينتصر ليموت، ولم ينكسر ليعيش
فخذ بيدينا معاً، أيها المستحيل!"*
* محمود درويش
قلت دَوّنْ إذنْ، ذكرياتِكَ عن نجمة
بَعُدَتْ وَغَدٍ يتلكأ، واسألْ خيالك: هل
كان يعلم أنَّ طريقَكَ هذا طويل؟
فقال: ولكنني لا أُجيد الكتابةَ يا
صاحبي!
فسألت: كذبت علينا إذاً؟
فأجاب: على الحُلْم أن يرشد الحالمين
كما الوَحْيُ /
ثم تنهد: خُذْ بيدي أيها المستحيل!
وغاب كما تتمنَّى الأساطيُر /
لم ينتصر ليموت، ولم ينكسر ليعيش
فخذ بيدينا معاً، أيها المستحيل!"*
* محمود درويش
Could not access
the media content
the media content
01.04.202514:10


29.04.202522:53
هل هناك مسلم يعتقد أنّ من حقّ الشافعي أو مالك أو غيرهما أن يُقيد كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلّم أو يخصصه أو يتأوله هكذا من أمّ رأسه؟!
إذا كان النصّ بهذا الوضوح، بحيث لا يستدعي تقييدًا ولا تخصيصًا ولا تأويلاً، كما يعتقد هذا المتحدث، فلماذا لم يتضح للشافعي أو لغيره كما يتضح لرجل من عصرنا؟! إمّا أنّ الفقهاء الأوّلين تعمّدوا الاستدراك على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومخالفته، وهذا كفر، وإمّا أنهم دون هذا المتحدث فهمًا فلم تتضح لهم الواضحات، فكانت السنة، والحالة هذه، أوضح للخلف منها للسلف، وهذه أعجب العجائب، ولم يعد ممكنًا الزعم أنّ السنة لم تصل لأمثال هؤلاء الفقهاء وهم يروون الأحاديث في كتبهم ثمّ لا يعملون بها!
ولو عرض عاقل على نفسه هذه الأسئلة، وهو لم ينل من العلم شيئًا، لتأنّى قبل أن يزعم أنّ النص واضح بالرغم من خفائه على الشافعي وأمثاله ممن هم أقرب إلى زمن النبوة وأجمع للسنة وأعرف بفقه السلف وأدرى بما كان عليه عمل أهل القرون الأولى وهم أهلها! بل هم أهل الفتوى والفقه فيها! واللغة لغتهم، واللسان لسانهم!
والأمر أنّ الفقهاء بنوا فروعهم على أصول، ولأنّ الشريعة عندهم لا تتناقض: إذا جاء استثناء من أصل، أو بدا مناقضًا للأصل، نظروا في كيفية جمعه مع الأصل، فإن تعذّر ذلك، قالوا بأنه حادثة عين أو منسوخ، أو ما شابه ذلك مما يعطل العمل بهذا الفرع المناقض للأصل، فإن خصصوا ما ظاهره العموم فجمعًا بين نصوص الشريعة، وإعمالاً للأصول، وجريًا على عادة اللغة التي قد يكون مخرج اللفظ فيها عامًّا ويراد به الخصوص، فهذا الذي تمسك بالأصل الذي جاءت به الشريعة إنّما هو متمسك بما قرره الكتاب والنبيّ صلى الله عليه وسلم، فكيف يكون مستدركًا على النبي؟!
إذا كان النصّ بهذا الوضوح، بحيث لا يستدعي تقييدًا ولا تخصيصًا ولا تأويلاً، كما يعتقد هذا المتحدث، فلماذا لم يتضح للشافعي أو لغيره كما يتضح لرجل من عصرنا؟! إمّا أنّ الفقهاء الأوّلين تعمّدوا الاستدراك على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومخالفته، وهذا كفر، وإمّا أنهم دون هذا المتحدث فهمًا فلم تتضح لهم الواضحات، فكانت السنة، والحالة هذه، أوضح للخلف منها للسلف، وهذه أعجب العجائب، ولم يعد ممكنًا الزعم أنّ السنة لم تصل لأمثال هؤلاء الفقهاء وهم يروون الأحاديث في كتبهم ثمّ لا يعملون بها!
ولو عرض عاقل على نفسه هذه الأسئلة، وهو لم ينل من العلم شيئًا، لتأنّى قبل أن يزعم أنّ النص واضح بالرغم من خفائه على الشافعي وأمثاله ممن هم أقرب إلى زمن النبوة وأجمع للسنة وأعرف بفقه السلف وأدرى بما كان عليه عمل أهل القرون الأولى وهم أهلها! بل هم أهل الفتوى والفقه فيها! واللغة لغتهم، واللسان لسانهم!
والأمر أنّ الفقهاء بنوا فروعهم على أصول، ولأنّ الشريعة عندهم لا تتناقض: إذا جاء استثناء من أصل، أو بدا مناقضًا للأصل، نظروا في كيفية جمعه مع الأصل، فإن تعذّر ذلك، قالوا بأنه حادثة عين أو منسوخ، أو ما شابه ذلك مما يعطل العمل بهذا الفرع المناقض للأصل، فإن خصصوا ما ظاهره العموم فجمعًا بين نصوص الشريعة، وإعمالاً للأصول، وجريًا على عادة اللغة التي قد يكون مخرج اللفظ فيها عامًّا ويراد به الخصوص، فهذا الذي تمسك بالأصل الذي جاءت به الشريعة إنّما هو متمسك بما قرره الكتاب والنبيّ صلى الله عليه وسلم، فكيف يكون مستدركًا على النبي؟!
27.04.202508:42
"وما تفيد الجواهر ضالاً في يَباب، سكانه سَعالٍ وضِباب، وقصوره صمُّ الصخور وأنهاره السراب، وما ينفع البذر على صفوان المسيل، وما يغني عرق الجبين من أتى السوق بنقضه بعد الأصيل"*
* الشهاب الخفاجي.
* الشهاب الخفاجي.
Reposted from:
الدُّرّ النَّثِير

19.04.202509:32
ورَد في الحديث أن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت:
"ما غِرتُ على امرأةٍ إلا دون ما غرتُ على مارية، وذلك أنها كانت جميلةً من النساء، جَعْدةً، وأُعجِبَ بها رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم" اهـ.
غِرت عليه، هو في الاستعمال الفصيح يتعدى ب" على" وهو بمعنى: غِرتُ منه، في لسان العوامّ.
ومعنى قولها " جَعدَة": أنها متماسكة البدن، ليست مترهّلة ولا مُسترخية.
وفي " لسان العرب لابن منظور ":
الجَعد إذا ذُهِبَ به مَذهب المدح فله معنيان مُستحبَّان :
أحدهما: أن يكون معصوب الجوارح شديد الأسْر والخَلق غير مُسترخٍ ولا مضطرب.
والثاني : أن يكون شَعره جَعدا غير سَبْط ( أي غير مسترسل) لأن سُبوطة الشَعر هي الغالبة على شُعور العجم من الروم والفرس، وجعودة الشعر هي الغالبة على شعور العرب، فإذا مُدح الرجل بالجعد لم يخرج عن هذين المعنيين.
وأما الجَعد المذموم فله أيضا معنيان كلاهما منفيٌّ عمن يُمدَح:
أحدهما: أن يقال رجل جَعد، إذا كان قصيرا متردد الخَلق.
والثاني: أن يقال رجل جعد، إذا كان بخيلا لئيما، وإذا قالوا رجل جعد السبوطة فهو مدح، إلا أن يكون قَطِطًا مُفَلْفَلا كشعر الزنج والنوبة فهو حينئذ ذمّ. اه.
وثمة شيء أحبه كثيرا في أحاديث عائشة رضي الله عنها، بل هي صفة ملاحظة في طبائع هذا الجيل، وهي طرح التكلف ونبذُ التصنع، وعدم البراءة من الطبع الإنساني المغروز في جِبِلته بحكم البلاء الإلهي، فهي هنا مثلا لا تدّعي أنها لا تغار أو ترمي مَن يجد ذلك في نفسه من النساء بقلة الإيمان أو ضعف التوكل على الله كما يشيع في خطاب كثير من الإسلاميين، بل جرَت على مقتضى طبائع النساء، وهذا ليس مذموما فيهنّ أصلا، وإنما المذموم هو الفعل الناشئ المترتب عن هذه الغيرة، كالغيبة والنميمة أو السعي في الإيذاء.
تماما كما قال النبي صلى الله عليه وسلم للصحابي الذي نصحَه فقال له" لا تغضب" فمن البعيد أنه ينهاه عن التلبُّس بنفس الغضب الذي هو هيَجان الدم وانتشاره في العروق عند وجود الأمر غير الملائم، فإن النهي عن هذا هو من التكليف بالمُحال، لأنه ليس في طبيعة أحد من الناس الانكفاف التام عن هذه المشاعر الفِطرية، إذن فالمعنى هو النهي عن إتيان مُسبَّبات الغضب، كالانتقام والإيذاء ومجاوزة الحد، فهو حينئذ مجاز مرسل علاقته السببية، أو المجاورة.
والله أعلم.
"ما غِرتُ على امرأةٍ إلا دون ما غرتُ على مارية، وذلك أنها كانت جميلةً من النساء، جَعْدةً، وأُعجِبَ بها رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم" اهـ.
غِرت عليه، هو في الاستعمال الفصيح يتعدى ب" على" وهو بمعنى: غِرتُ منه، في لسان العوامّ.
ومعنى قولها " جَعدَة": أنها متماسكة البدن، ليست مترهّلة ولا مُسترخية.
وفي " لسان العرب لابن منظور ":
الجَعد إذا ذُهِبَ به مَذهب المدح فله معنيان مُستحبَّان :
أحدهما: أن يكون معصوب الجوارح شديد الأسْر والخَلق غير مُسترخٍ ولا مضطرب.
والثاني : أن يكون شَعره جَعدا غير سَبْط ( أي غير مسترسل) لأن سُبوطة الشَعر هي الغالبة على شُعور العجم من الروم والفرس، وجعودة الشعر هي الغالبة على شعور العرب، فإذا مُدح الرجل بالجعد لم يخرج عن هذين المعنيين.
وأما الجَعد المذموم فله أيضا معنيان كلاهما منفيٌّ عمن يُمدَح:
أحدهما: أن يقال رجل جَعد، إذا كان قصيرا متردد الخَلق.
والثاني: أن يقال رجل جعد، إذا كان بخيلا لئيما، وإذا قالوا رجل جعد السبوطة فهو مدح، إلا أن يكون قَطِطًا مُفَلْفَلا كشعر الزنج والنوبة فهو حينئذ ذمّ. اه.
وثمة شيء أحبه كثيرا في أحاديث عائشة رضي الله عنها، بل هي صفة ملاحظة في طبائع هذا الجيل، وهي طرح التكلف ونبذُ التصنع، وعدم البراءة من الطبع الإنساني المغروز في جِبِلته بحكم البلاء الإلهي، فهي هنا مثلا لا تدّعي أنها لا تغار أو ترمي مَن يجد ذلك في نفسه من النساء بقلة الإيمان أو ضعف التوكل على الله كما يشيع في خطاب كثير من الإسلاميين، بل جرَت على مقتضى طبائع النساء، وهذا ليس مذموما فيهنّ أصلا، وإنما المذموم هو الفعل الناشئ المترتب عن هذه الغيرة، كالغيبة والنميمة أو السعي في الإيذاء.
تماما كما قال النبي صلى الله عليه وسلم للصحابي الذي نصحَه فقال له" لا تغضب" فمن البعيد أنه ينهاه عن التلبُّس بنفس الغضب الذي هو هيَجان الدم وانتشاره في العروق عند وجود الأمر غير الملائم، فإن النهي عن هذا هو من التكليف بالمُحال، لأنه ليس في طبيعة أحد من الناس الانكفاف التام عن هذه المشاعر الفِطرية، إذن فالمعنى هو النهي عن إتيان مُسبَّبات الغضب، كالانتقام والإيذاء ومجاوزة الحد، فهو حينئذ مجاز مرسل علاقته السببية، أو المجاورة.
والله أعلم.
Reposted from:
الدُّرّ النَّثِير

13.04.202520:59
" ليس في الآدميّ صِفَةٌ مذمومة إلا وهي سلاحُ الشيطان ومَدخلٌ من مَداخِله".
- الإمام الغزالي-
- الإمام الغزالي-
01.04.202523:13
Reposted from:
الدُّرّ النَّثِير

30.03.202500:01
اللهم فرِّج عن غزة، ارحم شهداءهم وداوِ جَرحاهم واشفِ مريضهم، واجعل لهم من كل ضِيقٍ فرَجا، ومن كل همٍّ وكربٍ وبلاءٍ مَخرَجا.


29.04.202515:28
هذه الترجمة المفردة للشيخ تقي الدين السبكي، من صنيع ولده تاج الدين السبكي، يبدو وكأن التاج أخذها من كتابه "طبقات الشافعية الكبرى" ثمّ أضاف إليها زيادات، كما جاء على غلاف النسخة الأصل: "أفردها من الطبقات الكبرى مصنفها" وفي آخرها: "عبد الوهاب مفرد هذه الترجمة الكريمة من كتابه الطبقات الكبرى"، وهذه الزيادات أثبتها كلّها، أو بعضها، (إذ لم أستقص في المقارنة)، في الهامش بخط عريض، محققا كتاب الطبقات، الدكتور محمود الطناحي، والدكتور عبد الفتاح الحلو.
وقد أشارا عند ترجمة الشيخ تقي الدين السبكي إلى نسحة خطية لهذه الترجمة المفردة المسماة "إعلام الأعلام بمناقب شيخ الإسلام" محفوظة في دار الكتب المصرية؛ اعتمد عليها الأستاذ المحقق عمر حسام الدين الصوفاني، واتخذها أصلاً، بالإضافة إلى نسخة أخرى محفوظة في مكتبة برنستون بأمريكا.
وعلاوة على الأصل الذي هو "إعلام الأعلام"، تضمن الكتاب:
1. وصية الشيخ تقي الدين السبكي المنظومة لولده محمد حين توجه قاضي وناظر الركب إلى الحجاز.
2. ملحق فيه: بعض الفوائد والتقييدات المتناثرة التي وقف عليها المحقق بخط الشيخ تقي الدين السبكي.
3. وملحق فيه: مصادر الشيخ تقي الدين في تكملته للمجموع شرح المهذب، كما ذكرها شمس الدين الواسطي في كتابه "المطالب العالية في مناقب الشافعية" (لم يطبع)، نقلاً عما قاله الشيخ تقي الدين في أول تتمة شرحه للمجموع، وقد استفاد المحقق ذلك كما أشار؛ من الدكتور محمد عمر الكاف الذي نشرها على قناته على التليغرام. وقد نوه الدكتور محمد إلى كون هذه المقدمة التي تشتمل على مصادر السبكي غير موجودة في النسخة الخطية المنقولة من خط السبكي والمحفوظة في مكتبة فيض الله، (هذه النسخة أخرجتها مصورة دار المقتبس في 10 مجلدات وتضم نسخة تقي الدين السبكي من مجموع النووي مضافًا إليها ما وجد من تكملة السبكي وجزء آخر من تكملته محفوظ في المكتبة الأزهرية)، وأما النسخة التي احتوت هذه المقدمة فهي المحفوظة في دار الكتب المصرية، وهي التي اعتمدها الشيخ المطيعي في إخراجه للمجموع وتكملته، ولكن ما في هذه النسخة بحسب الدكتور محمد يختلف كثيرًا عما أورده الواسطي، وكأن الواسطي نقلها من مسوّدة لشيخه تقي الدين.
والحاصل أنّ إخراج هذا الكتاب جهد طيب، في التحقيق والإضافات الملحقة وفي الطباعة، وفيه كما هو واضح التعاون على البر والتقوى، فقد أمد الدكتور إياد الغوج المحقق بالنسخة الخطية الأصل، واستفاد المحقق من تنويه الدكتور محمد عمر الكاف لمصادر السبكي في تكملة المجموع، كما استفاد من تحقيق الطناحي والحلو للطبقات الكبرى، كما أشار لذلك كله الأستاذ المحقق.
وقد أشارا عند ترجمة الشيخ تقي الدين السبكي إلى نسحة خطية لهذه الترجمة المفردة المسماة "إعلام الأعلام بمناقب شيخ الإسلام" محفوظة في دار الكتب المصرية؛ اعتمد عليها الأستاذ المحقق عمر حسام الدين الصوفاني، واتخذها أصلاً، بالإضافة إلى نسخة أخرى محفوظة في مكتبة برنستون بأمريكا.
وعلاوة على الأصل الذي هو "إعلام الأعلام"، تضمن الكتاب:
1. وصية الشيخ تقي الدين السبكي المنظومة لولده محمد حين توجه قاضي وناظر الركب إلى الحجاز.
2. ملحق فيه: بعض الفوائد والتقييدات المتناثرة التي وقف عليها المحقق بخط الشيخ تقي الدين السبكي.
3. وملحق فيه: مصادر الشيخ تقي الدين في تكملته للمجموع شرح المهذب، كما ذكرها شمس الدين الواسطي في كتابه "المطالب العالية في مناقب الشافعية" (لم يطبع)، نقلاً عما قاله الشيخ تقي الدين في أول تتمة شرحه للمجموع، وقد استفاد المحقق ذلك كما أشار؛ من الدكتور محمد عمر الكاف الذي نشرها على قناته على التليغرام. وقد نوه الدكتور محمد إلى كون هذه المقدمة التي تشتمل على مصادر السبكي غير موجودة في النسخة الخطية المنقولة من خط السبكي والمحفوظة في مكتبة فيض الله، (هذه النسخة أخرجتها مصورة دار المقتبس في 10 مجلدات وتضم نسخة تقي الدين السبكي من مجموع النووي مضافًا إليها ما وجد من تكملة السبكي وجزء آخر من تكملته محفوظ في المكتبة الأزهرية)، وأما النسخة التي احتوت هذه المقدمة فهي المحفوظة في دار الكتب المصرية، وهي التي اعتمدها الشيخ المطيعي في إخراجه للمجموع وتكملته، ولكن ما في هذه النسخة بحسب الدكتور محمد يختلف كثيرًا عما أورده الواسطي، وكأن الواسطي نقلها من مسوّدة لشيخه تقي الدين.
والحاصل أنّ إخراج هذا الكتاب جهد طيب، في التحقيق والإضافات الملحقة وفي الطباعة، وفيه كما هو واضح التعاون على البر والتقوى، فقد أمد الدكتور إياد الغوج المحقق بالنسخة الخطية الأصل، واستفاد المحقق من تنويه الدكتور محمد عمر الكاف لمصادر السبكي في تكملة المجموع، كما استفاد من تحقيق الطناحي والحلو للطبقات الكبرى، كما أشار لذلك كله الأستاذ المحقق.
22.04.202519:53
يتقاتل الضِدّان بين أضالعي:
عَزْمُ اليقينِ وحيرةُ المرتابِ*
* يحيى السماوي
عَزْمُ اليقينِ وحيرةُ المرتابِ*
* يحيى السماوي
18.04.202513:53
"فلمّا اقتحمتُ العقبةَ التي ما زالت تصدّني من الصعود، وخِلْتُ أني قد توقلتُ إلى الذروة، إذ قد تجاوزت عن الصعود، فإذا الصعود أدنى عقبة من عقباتها، وأصغر هضبة من هَضَباتها، وبعد ذلك شواهقُ ساميّة، دونها صواعق حامية، وأعلام عالية، لكنها عن العلائق البشرية خالية؛ فرجع طرفي من تبصر ذلك وهو كليل، وأيقنت أنّ الذي أوتيه الإنسان من العلم قليل، وتحققتُ أنَّ العلم بحقائق الأشياء أمر استأثر به ربُّ الأرض والسماء، وأن محصل العقل بعد ارتقاء الفكر الصاعد، واعتلاء الذهن المساعد، [هو] أنّ الأمر إدٌّ، والطريق سد، وعزة الربوبيّة لا يمكن الوصول إليها بخطى العقول والأفكار، وكبرياء الإلهية يمتنع الترفرف عليها بأجنحة الأقيسة والأنظار."*
* الإمام الرازي
* الإمام الرازي
10.04.202515:43
في الحديث عن أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا، وَيُمْسِي كَافِرًا - أَوْ : يُمْسِي مُؤْمِنًا، وَيُصْبِحُ كَافِرًا - يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا".
وفي الحديث، وعلاوة على أنّ المرء لا يضمن قلبه، إذ يصرفه الله حيث يشاء، والمرء قد يغترّ بنفسه فيحسبها على شيء وهي ليست على شيء، وينسى أن الهدى هدى الله، فإنّ مما قد يدخل في هذا المعنى؛ طيش الرأي، وتقلّبه العنيف في الوقت القصير، بلا روية، ولا فسحة نظر، ولا تقدير للمسؤولية، وليس هذا فيما يحتمل الحيرة وخطأ التقدير، بل في كبريات المواقف، وكلّيات القضايا، فينسخ أحدهم صباحُه ما قاله في ليله، ثمّ يأتي مساؤه بما ينسخ ما مضى كله، وهو في ذلك كلّه معتدّ بما قال، ولعلّه يسفّه من لم يزل يقول بما قاله من قبل غافلاً عن كونه قوله القريب.
وهذا الصنف من الناس وبقدر ما قد يبدي من ثقة تتاخم الغرور، فإنّه هشّ، نزاع إلى الجزع، يذكّرني ببعض الناس، ممن كلما داهمه همّ بحث عمّن يحكيه إليه، هكذا حتى يصير إنسانًا شكّاء، لا يصبر على حال، وهذا مثله، كلما جاءه أمر من الأمن أو الخوف أذاع به، بما ينقض كل ما قاله للتوّ. ومن هذا الذي من الخلق من لا تطيش به الدواهي العظام؟!
هذا المهموم بالقضايا الكبيرة، إن استبدت به الحيرة، أو زعزعته المخاوف، لن يخدم قضاياه ويخلص لهمومه، بمناقضة نفسه كل حين، فإنّ واجب المساهمة في الشأن العامّ يكون بتثبيت الرأي، أو بتقليبه على سبيل الاحتمال والمناقشة، وبعض المناقشة لا تصلح على الصفحات المفتوحة، وإنما بناسبها الخلّ الوفيّ، وصاحب الرأي الأمين، وقد يكون من فوائد الحيرة، العودة للنظر في الأفكار والآراء والمقالات، وهذه العودة لا تكون بالمناقضة المستمرّة للذات في المنشورات القصيرة، وإنما بالانسحاب المحسوب للتأمّل، وبالكتابة المطوّلة الكفيلة بتطوير الأفكار، وبالنقاش المعمّق مع أصحاب النظر.
وفي الحديث، وعلاوة على أنّ المرء لا يضمن قلبه، إذ يصرفه الله حيث يشاء، والمرء قد يغترّ بنفسه فيحسبها على شيء وهي ليست على شيء، وينسى أن الهدى هدى الله، فإنّ مما قد يدخل في هذا المعنى؛ طيش الرأي، وتقلّبه العنيف في الوقت القصير، بلا روية، ولا فسحة نظر، ولا تقدير للمسؤولية، وليس هذا فيما يحتمل الحيرة وخطأ التقدير، بل في كبريات المواقف، وكلّيات القضايا، فينسخ أحدهم صباحُه ما قاله في ليله، ثمّ يأتي مساؤه بما ينسخ ما مضى كله، وهو في ذلك كلّه معتدّ بما قال، ولعلّه يسفّه من لم يزل يقول بما قاله من قبل غافلاً عن كونه قوله القريب.
وهذا الصنف من الناس وبقدر ما قد يبدي من ثقة تتاخم الغرور، فإنّه هشّ، نزاع إلى الجزع، يذكّرني ببعض الناس، ممن كلما داهمه همّ بحث عمّن يحكيه إليه، هكذا حتى يصير إنسانًا شكّاء، لا يصبر على حال، وهذا مثله، كلما جاءه أمر من الأمن أو الخوف أذاع به، بما ينقض كل ما قاله للتوّ. ومن هذا الذي من الخلق من لا تطيش به الدواهي العظام؟!
هذا المهموم بالقضايا الكبيرة، إن استبدت به الحيرة، أو زعزعته المخاوف، لن يخدم قضاياه ويخلص لهمومه، بمناقضة نفسه كل حين، فإنّ واجب المساهمة في الشأن العامّ يكون بتثبيت الرأي، أو بتقليبه على سبيل الاحتمال والمناقشة، وبعض المناقشة لا تصلح على الصفحات المفتوحة، وإنما بناسبها الخلّ الوفيّ، وصاحب الرأي الأمين، وقد يكون من فوائد الحيرة، العودة للنظر في الأفكار والآراء والمقالات، وهذه العودة لا تكون بالمناقضة المستمرّة للذات في المنشورات القصيرة، وإنما بالانسحاب المحسوب للتأمّل، وبالكتابة المطوّلة الكفيلة بتطوير الأفكار، وبالنقاش المعمّق مع أصحاب النظر.
01.04.202516:40
29.03.202516:25
تقبل الله طاعاتكم..
Shown 1 - 24 of 127
Log in to unlock more functionality.