Мир сегодня с "Юрий Подоляка"
Мир сегодня с "Юрий Подоляка"
Труха⚡️Україна
Труха⚡️Україна
Николаевский Ванёк
Николаевский Ванёк
Мир сегодня с "Юрий Подоляка"
Мир сегодня с "Юрий Подоляка"
Труха⚡️Україна
Труха⚡️Україна
Николаевский Ванёк
Николаевский Ванёк
معالم في طريق الإصلاح avatar
معالم في طريق الإصلاح
معالم في طريق الإصلاح avatar
معالم في طريق الإصلاح
05.05.202520:56
هل يمكن جمع كلمة الأمة اليوم؟


لا يخفى على القارئ أن هذه القضية ليست ترفاً فكرياً ولا طرحاً لشعارات برّاقة، بل هي من المحكمات الكبرى في الدين، ومن الأصول التي جاءت بها نصوص الوحي؛ وتزداد الحاجة لها اليوم في ظل المنعطف الحاد الذي تمر به الأمة الإسلامية - خاصة مع وجود حالة من التفرق والتنازع في الأمة على اختلاف مستوياتها في ظل تسلط أعداء الأمة عليها-.

لكن السؤال المحوري: هل من الممكن تطبيق هذا المبدأ العظيم اليوم؟
لن يستطيع الإجابة على هذا السؤال من لا يستوعب مبدأ التدرج في تطبيق - وليس تشريع- بعض ما جاءت به الشريعة بحسب الواقع.

في هذا المقطع يجيب الشيخ - وفقه الله- على هذا السؤال بما ألخّصه كالتالي:

نعم، جمع كلمة الأمة اليوم ممكن، ولكن ليس بدرجة واحدة. بل يتدرج في ثلاث مستويات:
1. الدرجة العليا: وهي الوحدة الشاملة التي تتضمن وحدة المنهج، ووحدة المرجعية، وتكامل الأخوّة بكل معانيها، كما تحقق في المدينة المنورة يوم آخى النبي ﷺ بين المهاجرين والأنصار. هذا النموذج من الوحدة، في نظر الشيخ، غير ممكن في زماننا الحالي، على الأقل في صورته الكاملة. وربط العمل الإصلاحي كله بتحقق هذه الدرجة، هو نوع من تعطيل العمل وضياع الأوقات.
2. الدرجة الوسطى: وهي الممكنة والمطلوبة شرعاً، بل ويأثم العاملون إن فرّطوا فيها، خاصة في البلاد التي تواجه عدواً مشتركاً. هذه الدرجة تعني الاتفاق على غايات كبرى مشتركة، والتعاون في تحقيقها، ولو اختلفت المدارس الفكرية والمناهج والانتماءات. فإذا كان هناك عدو مشترك يبطش بالمسلمين، فالتعاون على دفعه واجب شرعي.
3. الدرجة الدنيا: وهي الكف عن التنازع والاقتتال بين العاملين، ولو لم تكن هناك غايات مشتركة. فلا يُتخذ المسلم عدواً، ولا يُوجَّه إليه السلاح، لا فعلاً ولا إعلاماً. وهذا أقل ما يجب، وهو من الوضوح بحيث لا يحتاج إلى احترازات كثيرة.
ويجب أن نُحذّر من التفكير الأحادي في هذه القضية، فكثيرون لا يقرّون بوجود "اجتماع الكلمة" إلا إذا تحقق في درجته العليا، فإذا تعذر بلوغها، حكموا بفشل المبدأ كله، وتركوا السعي إليه! وهذا خطأ كبير. فإن المبدأ ثابت، وتطبيقه في أي درجة ممكنة هو واجب، وليس مجرد خيار شرعي.


ضوابط وتنبيهات:
⁃ من الضوابط المهمة في هذا الاجتماع:
• ألّا يكون الطرف الآخر خائناً، أو ذا ولاء ظاهر لأعداء الأمة ومحاربة لأبنائها.
• ألّا يكون من الذين ينقضون محكمات الدين، كمن يطعن في الصحابة، أو ينكر السنة.
• ألّا يكون الاجتماع على باطل أو تنازل عن الثوابت.
أما إن وُجدت اختلافات فكرية، أو حتى بعض التجاوزات، فلا تمنع هذه من التعاون على الغايات الكبرى، ما لم تكن المعارضة في أصل الدين أو الولاء للأمة.

⁃ السعي لجمع الكلمة وفق الممكن حالياً لا يعني عدم تطلب الصور الأكمل خلال العمل، ومن أهم ما يحقق الصورة العليا من جمع الكلمة - ولو جزئياً-: التربية على منهاج النبوة وإحيائه بين أبناء الأمة، وهو ما يتطلب وقتاً طويلاً - نسبياً- وعملاً وسعياً.

⁃ جمع الكلمة لا يلغي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يقتضي القبول بالخطأ عند الطرف الآخر، وبين المقامين تفريق ليس هذا موطنه.

⁃ هناك فرق كبير بين جمع الكلمة والتعاون، وبين الاستفادة من الآخر. فهذه الأخيرة ليست موضوع الكلمة، بل إنها ممكنة حتى مع الكافر - وفق ضوابط معينة بينها الفقهاء-.

⁃ التربية المبكرة للطلاب على هذا العاملين من أهم ما يثمر تطبيقه عندهم في المستقبل عند البدء في العمل العطائي، فلا ينبغي أن يقتصر التذكير به على فئة العاملين من المصلحين.


وختاماً:
لا يمكن لأي مشروع يسعى إلى النهوض بالأمة أن ينجح دون اجتماع الكلمة، ولو في درجته الدنيا. والتشاحن الإعلامي والاقتتال الفكري أو الميداني الحاصل اليوم بين العاملين للإسلام يُعدّ مخالفة صريحة لهذا الأصل العظيم. ومهما برّر الناس أفعالهم بأخطاء الطرف الآخر، فإن التنازع لا يُنتج إلا الهزيمة والفشل.
لا تنتظروا حالة الكمال في هذا الزمان؛ هذا زمن فتنة، وزمن ضعف، وزمن استهداف للمصلحين. فالمطلوب أن نُحسن إدارة الأولويات، وأن نجتهد في تقليل المفاسد وتعظيم المصالح. وقد مارس النبي ﷺ هذا الفقه بنفسه، حينما ترك قتل عبد الله بن أُبي – رغم فساده – خشية أن يُقال إن محمداً ﷺ يقتل أصحابه.
علينا أن نفهم هذا الفقه العظيم: فقه الموازنة، وفقه تزاحم المصالح والمفاسد. وهو من أنبل ما ورّثه العلماء العاملون على هدي النبي ﷺ ومنهاجه.
01.05.202521:41
إلى طلاب البرامج العلمية..
29.04.202518:55
هناك حاجة حقيقية لبث هذه المعاني بين الناس، معاني فضل الإصلاح وجدوى الإصلاح خصوصاً، حتى تتهيأ الأمة لقبول حالة العمل الإصلاحي، واحتضان أبنائها من المصلحين وعدم نبذهم في الأوقات الصعبة.

ولا أنفع في هذا من أول فصلين من الكتاب المذكور (بوصلة المصلح)، وكذلك (باب فضل الإصلاح والدعوة إلى الله تعالى، وأهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) من كتاب المنهاج.

ولعل الله ييسر إقامة مجالس مدارسة لكتاب بوصلة المصلح (والمنهاج) هنا على القناة قريباً.
28.04.202523:30
#التجارب_الإصلاحية_في_العصر_الحديث (9)
#معالم_الصعود_الثالث

من معالم الصعود الثالث: ألا تكون الرسالة الدعوية الأساسية التي ينشرها المصلحون بين عامة الناس رسالة علمية تخصصية، بل رسالة ترتكز إلى أصول الدين ومحكماته. أما بناء المصلحين أنفسهم فينبغي أن يكون نخبوياً راسخاً، قائماً على الأركان الأربعة، ويُحتاج فيه إلى جذور علمية عميقة ومتينة.

وفي محتوى الخطاب المقدم في هذه الحالة من الصعود، ينبغي التفريق بين مقامين اثنين:

١- مقام بناء المصلحين أنفسهم:
ينبغي أن يكون الخطاب الموجه لبناء المصلحين إضافةً إلى اشتماله على أصول الدين ومحكماته الكبرى - مثل أركان الإيمان، والعبودية، والصلاة، واليوم الآخر، والتسليم لله والخضوع له وتعظيمه، وتعظيم الوحي وسنة النبي ﷺ، والوعي بسنن الله، وبيان سبيل المجرمين وعداوة الشيطان- مشتملاً كذلك على تأصيل قوي لأركان البناء الإصلاحي: الإيمان، والعلم، والوعي، والمنهج الإصلاحي، والقوة.
كما يجب أن يحتوي على جانب تخصصي بحسب ثغر كل مصلح، فلا يُكتفى في بناء المصلح بالخطاب العام، رغم أهمية هذا الخطاب العام ومركزيته في تثبيت المصلح أثناء الأزمات وحفظه في الطريق وضبط بوصلته.

٢- مقام الخطاب الموجه إلى عامة الناس:
ينبغي أن يركز هذا الخطاب على المفاهيم العامة الكبرى للإسلام، لا على المفاهيم التخصصية الدقيقة (مثل تفاصيل علم مصطلح الحديث أو الفروع العلمية التخصصية)؛ إذ لا ينتفع أكثر الناس بمثل هذه الطروحات، بل قد تؤدي إلى مزيد من الجدل والشقاق إذا أنزلت في غير موضعها.
وإذا صبغ الخطاب العام بصبغة تخصصية تفصيلية، نشأت فجوة بين المصلحين والناس، وشعر الناس بغربة الطرح وبعده عن اهتماماتهم، مما يقوض احتضان الأمة للمصلحين.

والاعتناء بمحكمات الدين الكبرى - حتى من قبل المصلحين الذين شابت لحاهم في العمل لدين الله- أمر مركزي وأساسي. ويكفي تقليب صفحة أو اثنتين من كتاب الله جل وعلا للتدليل على شدة أهمية هذه المحكمات وضرورة مركزيتها في الخطاب الإصلاحي.
23.04.202522:48
"هذا المنهج متصل بمرجعية الوحي، وليس نظرية لشخص ما - والفخر أنه كذلك-، ونفس النتائج التي وصل إليها هذا المنهج سيصل - أو وصل- إليها أو إلى ما يقاربها كل من اتصل بمرجعية الوحي".

حقيقة، لا أحصي عدد المرات التي أكد علينا فيها الشيخ أن قوة وشرعية هذا المنهج الإصلاحي إنما هي لكونه مستمداً من مرجعية الوحي، لا نتاج فكر أو فلسفة شخصية! وأننا في نفس الوقت لا ندعي حِكر منهاج النبوة، إنما نقول أن هذا المنهاج أيما مصلح سار عليه فسيصل إلى نفس النتائج - أو ما يقاربها-، وخلاصة ما نرمي إليه أن نقترب من النتائج التي وصل إليها النموذج النبوي الذي ربي عليه الصحابة الكرام رضوان الله عليهم.

ولا أزال أذكر عشرات المرات التي كرر الشيخ فيها أن التعلق ينبغي أن يكون بهذا المنهج النبوي، لا بالأشخاص ولا بالأسماء ولا بالشعارات.

وأقولها شهادة لله: لا يحضرني أني سمعت الشيخ مرة واحدة ينسب الفضل لأي خير في هذا المشروع لنفسه أو لجهده - ولو تلميحاً-، رغم عنائه وتضحيته على الحقيقة. إنما ينسبه في كل مرة لفضل الله المنّان، ويسأل الله الستر والقبول والثبات.

رغم ذلك، يظهر من فترة إلى أخرى من يهاجم هذا المشروع - أو الشيخ- من عدو مبغض أو محب متسرع، ويتهمه بتهم هو أبعد ما يكون عنها على التحقيق، كالاستحقاقية، واحتكار الحق، والانتصار للنفس وغير ذلك! ثم أتساءل: هل هؤلاء حقيقة يعرفون ما هو هذا المشروع أو شاهدوا حتى بعض المواد المقدمة فيه؟! وبعد قراءة ما كتبوا أجزم حقيقة أن معرفتهم به لا تتعدى الاسم والشعار فقط، ويتبين لي - فعلاً- خطورة الحكم على الشيء دون تصوره والوعي بجوانبه، وتزداد هذه الخطورة إذا جرت على لسان المتهم - الحريص- كلمات أعداء الدين، فتلقفوها واستخدموها في هدم ذات الدين - وهذا موطئ يزل فيه كثير من الصالحين الغافلين-.

عموماً يبقى لي تعليق أخير على ضرورة ضبط الموازنة بين التجرد الإصلاحي للفكرة وعدم التعصب لصحابها وتقديسه، وبين حفظ حق العلماء الربانيين وصيانة الرموز الإسلامية من تهم العابثين والمغرضين، فهما أمران لا تعارض بينهما، ولعلي أعلق على هذا الأمر - لأهميته- لاحقاً، وللحديث بقية.
16.04.202505:19
ميزة هذا الطريق أنه لا خسارة فيه بل كله فوز، هو الطريق الوحيد الذي بمجرد أن تسلكه فقد فزت وربحت، حتى لو لم تُحقق أي ثمرة (والنبي ليس معه أحد)!، بل حتى لو قتلتَ على هذا الطريق وأبيد أصحاب الدعوة عن بَكرة أبيهم وهم ثابتون على هذا الطريق فقد فازوا - في ميزان الله- أعظم الفوز (ذلك هو الفوز الكبير)!.

مغبون من أدركته الفرصة لأن يحيي الله به منهاج نبيه ﷺ ثم تركها، والله ما بعد هذه الخسارةِ خسارةٌ…
03.05.202519:21
خمس وصايا مركّزة ومهمّة للمرحلة القادمة، حريّ بكل من يؤمن بالله ورسوله، ويتبع منهاج نبيه ﷺ في العمل لدينه والإصلاح، أن يقف عندها ويتأملها ويعمل بها - والحرّ تكفيه الكلمة-:

الوصية الأولى: النجاة الفردية، والسعي الجاد للنجاة من عذاب الله من خلال:
- التوبة الصادقة، والإقلاع عن الذنوب.
- تجديد العلاقة مع الله بالعبودية والدعاء.
- الالتزام بالاستغفار والانكسار بين يديه سبحانه.

الوصية الثانية: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.، والمبادرة بالإصلاح في أي دائرة ممكنة - ولو كانت ضيقة-، وعدم الاستسلام للواقع والوقوع في العجز:
- لا تكن صامتاً أو سلبياً مثبطاً.
- افعل ما تستطيع -ولو في بيتك وفي محيطك القرب-.
- قدّم ما يُعذرك الله به يوم القيامة.

الوصية الثالثة: حسن الظن بالله والتفاؤل، والتحلي بالأمل والثقة بنصر الله وعدم القعود تحت وطأة اليأس:
- التفاؤل وقود داخلي للعمل.
- لا تجمع على نفسك صوت الإحباط الداخلي مع ضغط الواقع الخارجي.
- استعن بالله وانهض بهمّتك.

الوصية الرابعة: الصبر والثبات، مهما كانت صعوبة المراحل القادمة:
- ما هو قادم من اضطراب أو فتنة أو بلاء في المرحلة القادمة سيؤول بإذن الله إلى خير - ولا يعني هذا عدم صعوبة الحال وغياب البلاء والتحديات-.
- اصبر وأدِّ ما عليك - وما تستطيع- من واجبات.
- ثق - حتماً- بأن العاقبة للمتقين.

الوصية الخامسة: ترسيخ الولاء للأمة، وإعادة بناء الولاء على أساس العقيدة والإيمان:
- أهمية الدعوة إلى تجاوز الولاءات القومية والحزبية والعرقية التي ترسخت في الأذهان والنفوس مكان الولاء للإسلام.
- ضرورة ترسيخ رابطة الأخوّة الإيمانية.
- الحرص على التماسك الداخلي - خاصة للعاملين للدين -، وهو ضروري للصمود وقت الأزمات.

أخيراً، لا تكن متفرجًا، بل صاحب موقف.
01.05.202519:10
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا).

واهمٌ من يظن أنه قد يبلغ المقامات العالية من الهداية، أو يُصيب الحق في الإصلاح، بمجرد ذكائه أو علمه أو قدرته العقلية!

إن الوصول إلى ذلك لا يكون إلا بتحقيق كمال الإيمان والعبودية لله سبحانه وتعالى، مع تحصيل العلم، لا بمجرد أدوات النظر العقلي أو التحليل الذهني.

قيل للإمام أحمد رحمه الله: من نسأل بعدك؟
فقال: سل عبد الوهاب بن عبد الحكم.
فقال له بعض الحاضرين: إنه ليس له اتساع في العلم!
فقال الإمام أحمد: إنه رجل صالح، ومثله يُوفَّق لإصابة الحق.

وقال ابن تيمية رحمه الله في وصف من ضل من الأذكياء:
(أوتوا ذكاءً، وما أوتوا زكاءً).
29.04.202518:49
ينقل الشيخ في كتاب بوصلة المصلح عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قوله في فتنة التتار:

(واعلمُوا -أصلَحكم الله- أنَّ مِن أعظم النِّعم على مَن أراد الله به خيرًا: أن أحياهُ إلى هذا الوقتِ، الذي يُجدِّدُ اللهُ فيه الدِّينَ، ويُحيي فيه شعار المسلمين، وأحوال المؤمنين والمجاهدين، حتى يكون شبيهًا بالسابقين الأوَّلين، من المهاجرين والأنصار.
فمَن قامَ في هذا الوقت بذلك؛ كان من التابعين لهم بإحسان، الذين رضِي الله عنهم ورضُوا عنه وأعدَّ لهم جناتٍ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدًا ذلك الفوزُ العظيم!
فينبغي للمؤمنين أن يَشكروا اللهَ تعالى على هذه المِحنَة، التي حقيقتها مِنحَةٌ كريمةٌ من الله، وهذه الفتنة التي في باطنها نعمةٌ جسيمةٌ!
حتى والله لو كان السابقون الأوَّلون من المهاجرين والأنصار -كأبي بكرٍ وعمر وعثمان وعليّ، وغيرهم- حاضرين في هذا الزمان؛ لكان من أفضل أعمالهم جهادُ هؤلاء القوم المجرمين).

هذه الأوقات الصعبة التي ييأس الناس فيها ويقنطون من العمل هي من أعظم نِعم الله على من أدرك مراد الله من الابتلاء والاستضعاف بمتحيص المؤمنين واستخلاص عبودياتهم الخالصة له سبحانه.
28.04.202520:34
الله أكبر! واشوقاه إلى المسجد الأقصى!
20.04.202509:01
#التجارب_الإصلاحية_في_العصر_الحديث (6).

من أنفس ما تم تقديمه في سلسلة التجارب الإصلاحية في العصر الحديث: معالم الصعود القادم التي ينبغي أن يكون عليها، وهذه المعالم المستمدة من الوحي ومن التجارب السابقة هي زبدة هذه السلسلة وخلاصتها، وهنا أذكر أبرزها بشكل مجمل:

١- أن يكون هذا الصعود على منهاج النبوة ومرتبطاً بمرجعية الوحي.

٢- أن لا يغلق على نفسه نوع الوسيلة والمجال الإصلاحي؛ فكل مرحلة يعطى فيها من الوسيلة الإصلاحية ما يتناسب مع الأمر الشرعي في مثل هذه المرحلة.

٣- أن تكون حالة الصعود نخبوية (كالصعود الثاني) وعامة (كالصعود الأول) في نفس الوقت ولا تقتصر بإحداهما، والأفضل أن يكون التأسيس الإصلاحي نخبوياً ثم ينتقل إلى الشرائح المفتوحة ولا يبقى نخبوياً، بل يتغيّا الوصول إلى الشريحتين.

٤- أن لا تكون الرسالة الدعوية الأساسية التي ينشرها المصلحون في عامة الناس رسالةً علمية تخصصية ولكن رسالة ترتكز إلى أصول الدين ومحكماته، أما بناء المصلحين أنفسهم فيكون نخبوياً (على الأركان الأربعة)، ويُحتاج أن تكون فيه جذور علمية عميقة جداً.

٥- أن يكون الانتماء الأساسي في الصعود القادم للأمة، ويكون معبراً عنها لا عن جماعة معينة.

٦- قوة البناء الفردي لدى أبنائه من المصلحين.

٧- أن يكون مبنياً على عمل دؤوب دائم بلا انقطاع، وبتضحية بالغة.

٨- العناية بالسنن الإلهية وموافقتها والوعي بها.

٩- أن يكون موزعاً على الثغور ولا ينحصر في بعضها.
15.04.202510:09
#التجارب_الإصلاحية_في_العصر_الحديث (4).

يذكر الشيخ في السلسلة - وفي غيرها كسلسلة خير القرون- أن الدين يُحفظ بجناحين: جناح الأمراء (السلطان)، وجناح العلماء. ويبين كيف افترق هذان الجناحان تدريجياً بعد عصر الصحابة، وأصبح كل واحد منهما - خاصة جناح الأمراء- يتفاوت من ناحية قيامه بمهمة حفظ الدين، على أن الجناح السلطاني وإن غاب عن القيام بدوره في فترات كثيرة، بل واصطدم بالجناح العلمائي أحياناً - كما حصل في محنة الإمام أحمد-، إلا أنه لم يتحول يوماً ليكون محارباً للدين عدواً للمسلمين - كما حصل في العصر الحديث-، ولكن إنما هي مصالح السلطان!

وسارت السنون بعد ذلك حتى انتهى الأمر إلى سقوط المظلة الجامعة للمسلمين (دولة الخلافة) لأول مرة، مع ضعف وغياب كبيرين للجناح العلمائي. وكان ذلك في ظل غزو عسكري وفكري وديني للعالم الإسلامي من الغرب بأجنحته الثلاثة: الاستعمار، والاستشراق، والتبشير.

ثم يعرض الشيخ بعد ذلك نماذج للعلماء الربانيين الذي خاضوا معركة الإسلام في ذلك العصر ضد الغزو الغربي في ظل غياب الأكثرين منهم، وهنا أعلق بأمرين:

١- أهمية الوعي بالتاريخ - خاصة التاريخ الحديث بعد غزو نابليون مصر-، وكيف أدى إلى تشكل واقع اليوم، والذي لا يقرأ التاريخ سيُصدم كل مرة عند وقوع أزمة للأمة، ولن يُحسن التعامل مع الأعداء ولا الأصدقاء. وكل أحداث الواقع اليوم وحالة الضعف التي تعيشها الأمة ليست وليدة اللحظة، إنما هي ثمار تُحصد لبذور زُرعت سابقاً منذ عهد الاستعمار إلى يومنا هذا. وسأتكلم في المنشور القادم عن "نظرية البذور والثمار" لأهميتها.

٢- أهمية دور العلماء الربانيين في حفظ الإسلام والمسلمين، وعدم اقتصار دور العالم الحقيقي على الجانب العلمي "الأكاديمي"، بل هو كما قال إمام المفسرين الطبري: "الجامع إلى العلم والفقه، البصر بالسياسة والتدبير والقيام بأمور الرعية، وما يصلحهم في دنياهم ودينهم". وأكبر خسارة للأمة تكون بغياب - أو تغييب- أو قلة العلماء الربانيين فيها، وتقصير أهل العلم منها عن القيام بأدوارهم تجاه الأمة - وهذا جزء كبير منه واقع اليوم كما لا يخفى-.
والمطلوب في هذه النقطة ثلاثة أمور:
أ- إعادة ضبط تعريف العلم الذي شوهته الأكاديميا الغربية من مجرد الدراسة النظرية إلى صيغته الحقيقية عبر التاريخ الإسلامي، التي لا ينفك فيها العلم النظري عن العمل والعبادة والتزكية والقيام بشؤون الأمة ونصرة دين الله - عز وجل-. ونظرة واحدة في كتب تراجم العلماء تجلي الانحراف الحقيقي الحاصل بين تعريف العلم في زمانهم وزماننا، فضلاً عن النصوص الشرعية المبينة لهذا الأمر.
ب- السعي لأن يربي الإنسان نفسه ومن يقوم عليهم ليكونوا علماء ربانيين وأرقام صعبة في هذه الأمة.
ج- الالتفاف حول العلماء الربانيين الموجودين اليوم في الساحة، والذب والدفاع عنهم أمام كيد الأعداء وحملات التشويه التي لا تتوقف، وعدم الاستسلام لها والتسليم بها.
02.05.202523:08
التربية وصناعة الحَمَلة إنما تقوم ـ في الجملة ـ على ثلاثة أمور أساسية:

١- النفس: إعدادها وتهذيبها وصقلها إيمانيًا وسلوكيًا.

٢- الفكرة والمنهج: أي المشروع بمحتواه ومضمونه وشريعته.

٣- القدرة الأداتية التنفيذية: المهارات والإمكانات التي تترجم هذا المنهج إلى واقع.

ومن تدبر في سيرة النبي ﷺ، وجد أن التربية النبوية ركزت بصورة أساسية على الأمرين الأولين:
صناعة النفس المؤمنة الصلبة، الثابتة، المضحية، الصابرة، التي لا تتنازل عن مبادئها، وتتحمل الضغوط والابتلاءات، بل إذا عُرضت على النار لم تزدَد إلا صفاءً وثباتًا.
ووضوح المنهج والدين والشريعة والإيمان والعلم، والتربية عليها حتى تُتشرَب وتُصبح جزءًا من تكوين الفرد.

أما القدرة التنفيذية، فلها شقّان:

- شق تعليمي نظري.

- وشق تدريبي عملي يهدف إلى التمكين والمهارة.

وفي زمن النبي ﷺ، كان الشق العملي الحركي أوضح حضورًا من النظري، وذلك ضمن سياق التمكين والتجربة والميدان.

وإذا كنا نتحدث اليوم عن القيام بالدين وصناعة الحملة والمصلحين الذين ينهضون بشأن الإسلام في الأرض، فليس المقصود مجرد من يملكون المهارات أو الذكاء أو الحفظ أو المعلومات فقط، بل لا بد أن تتكوّن نفسٌ مؤمنة مصقولة صقلًا عميقًا، عُرضت للابتلاء، والفتنة، والاختبار، حتى انكشف معدنها، وتميّز جوهرها، فإذا جاء وقت الفُرصة، كانت ثمرة التربية ظاهرة، ونتيجتها واضحة.

من محاضرة: كيف تأسس جيل الصحابة؟ | سرّ التربية النبوية.
30.04.202514:02
ومن ذلك: رسالة الإسلام الكبرى "لا إله إلا الله"، لم تكن فقط: "الله حق"، بل تضمنت إبطال الباطل بنفي الألوهية عن غير الله وإثباتها له سبحانه.
29.04.202518:00
الأقصى ينتظرك..
28.04.202507:55
#التجارب_الإصلاحية_في_العصر_الحديث (8)
#معالم_الصعود_الثالث

من المعالم التي ذكرها الشيخ في السلسلة: أن حالة الصعود القادمة ينبغي أن تكون نخبوية (كالصعود الثاني) وعامة (كالصعود الأول) في آن واحد، وألا يقتصر الأمر على أحد الجانبين دون الآخر. والأكمل أن يبدأ التأسيس الإصلاحي نخبوياً، ثم ينتقل إلى الشرائح العامة، فلا يبقى محصورًا في النخبة، بل يتغيا الوصول إلى الشريحتين معًا.

وهذا هو نهج النبي ﷺ في تربية أصحابه (النخبة)، إذ رباهم طوال عشرين سنة وصنعهم تلك الصناعة الثقيلة، ثم انفتحت الأمور وأسلم عامة العرب في السنتين الأخيرتين - بعد فتح مكة-. وبعد وفاته ﷺ ارتد كثير ممن دخلوا الإسلام حديثًا، بينما ثبتت تلك “النخبة” القليلة التي حفظت الدين، وأعادت عامة الناس إلى الإسلام، رغم سوء الحال العام الذي كان عليه الناس بعد وفاته ﷺ من فقده وارتداد كثير من العرب. ثم جاهدت هذه النخبة في سبيل الله وفتحت الفتوحات.
على أن خطاب النبي ﷺ لم يكن موجهًا لفئة دون أخرى، ولم يُغلق على نخبة معينة؛ بل كانت طبيعة التربية والسير معه ﷺ قبل الفتح "نخبوية"، خصوصًا لمن هاجر معه، وكانوا عماد هذه التربية: الجهاد والقيام في مواطن حفظ الدين. ولم يكن يُقبل منهم التخلف عن مواطن الجهاد، كما ظهر في حادثة الثلاثة الذين خُلِّفوا في غزوة تبوك.

وفي ضوء هذا الفهم، لا يصلح في ظل هذا الواقع المعقد أن يكون الخطاب الإصلاحي عامًا فقط، يقتصر على المواعظ وترقيق القلوب، ولا أن يظل منغلقًا على فئة النخبة وحدها دون سواها. فعاقبة الأول: أن يكون المصلحون جسماً غريباً عن الأمة تلفظه عند أول منعطف، وعاقبة الثاني: غياب القاعدة الصلبة التي يقوم عليها العمل الإصلاحي، مما يؤدي إلى زوال أثره - أو تحوله إلى حالة مشوهة- بعد غياب مؤسس هذا العمل.

ومثال عملي لهذا النموذج الذي يجمع بين النخبة والعامة: ما نراه في غزة، حيث وجدت نخبة تقاتل الأعداء وتدافع عن أرض الإسلام، وفي الوقت ذاته توجد شريحة عامة تشكل سندًا لهذه النخبة، مما حفظ المقاومة من السقوط. ولو لم تتكون هذه الحاضنة الشعبية، لسقطت المقاومة، ولو غابت النخبة، لاحتُلت الأرض مباشرة. وهكذا يكمل الطرفان بعضهما بعضًا.

فأي صعود قادم لا بد أن يجتمع فيه الأمران معًا:
- وجود نخبة واعية صلبة.
- وخطاب توعوي عام يخاطب الأمة أو شرائح واسعة منها، يجعلهم على الأقل لا يحاربون من يصلح في الأمة - إن لم يكونوا سندًا له.
على أنه قد يوجد ما يسمى “الحاضنة الوسيطة”، والتي تمثل حالة انتقالية للمشروع الإصلاحي من دائرة النخبة إلى دائرة العامة.

ولا يصلح أن يتميز المصلحون عن عامة الناس بمظاهر شكلية كاللباس أو غيره - إلا ما كان من سنة النبي ﷺ-؛ لأن هذا يكرس حالة الانفصال والتفرق. بل ينبغي أن يكون المصلحون جزءًا من الأمة، ينتمون إليها، وتحتضنهم، ويتوجه خطابهم إليها، ويشعرون بحاجة بعضهم إلى بعض. ويجب أن تقتنع الأمة بأبنائها من المصلحين، كما يجب أن يعي المصلحون حاجتهم لأمتهم.
ودائمًا تحاول بعض وسائل الإعلام فصل المصلحين العاملين للإسلام عن عامة الشعب؛ فتُقدم نفسها كممثلة "للمواطن الصالح" الذي يحمي المجتمع من "أصحاب الأفكار الغريبة والشاذة". وتُكرس هذه الصورة السلبية - أحيانًا- ببعض التصرفات الخاطئة من قِبل المصلحين أنفسهم.
19.04.202520:38
في حديث شيخنا هنا عن الأبواب الجديدة المضافة إلى متن المنهاج (ملحق كتاب المنهاج)، حضر في نفسي أمر أسعدني جداً، وهو حيوية هذا المشروع وفعاليته المستمرة، واستجابته لمستجدات الواقع، ودوام استمداده من مرجعية الوحي.

فهذا المشروع ليس مشروعاً نظرياً جامداً، ولا هو منحصرٌ ضيقٌ في مجال معين لا يجدد فيه ولا يتغير، بل هو مشروع يهدف إلى إحياء أمّة، يستمد من منهاج النبوة، ويتفاعل به في الواقع.

وهذا نعمة عظيمة ينبغي على أبناء المشروع الإصلاحي أن يشكروها ويؤدوا حقها، ويحرصوا على دوام مواكبة تطور المشروع والترقي معه، ويحرصوا على أن لا يتأخروا عنه فيسبقهم، ولا يدعوا توالي الأيام يثبط من انطلاقتهم وانبعاثهم ويؤدي بهم إلى الجمود والانحصار في زوايا محددة.
من يتأمل في السنن الإلهية يُدرك أن عذاب المحتلين ليس بالبعيد، وأن خلاص هذا المسجد وأهله ومَن في أكنافه أقرب من أي وقت مضى..بإذن الله تعالى.

"والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون"
01.05.202523:55
معالم المنهج الإصلاحي.

كثيرًا ما يُتحدث عن أركان بناء المصلح، ويُذكر ضمنها "المنهج الإصلاحي".
ورغم أن كل المواد التي يقدمها شيخنا وفقه الله تدور بدرجات متفاوتة في فلك هذا المنهج، كما بينت سابقاً، إلا أن زبدة المنهج الإصلاحي ومادته الخام تتجلى بوضوح في "معالم المنهج الإصلاحي" المنشورة على موقع شيخنا تحت مسمى "الأفكار المركزية".

ويمكن تصنيف هذه المعالم بعدة اعتبارات، منها تقسيمها إلى:

- معالم في البناء: وهي ضمن دائرة "التربية على منهاج النبوة".

- ومعالم في العطاء: ضمن دائرة "تفعيل منهاج النبوة".


وتنبع أهمية هذه المعالم من أمرين رئيسين:

١- أنها مستمدة من الوحي أو تمثل استجابة لحاجات ومستجدات الواقع - ما يجعلها قابلة للتجدد والتحديث المستمر-.
ولهذا لا يُستغرب أن كثيراً من هذه المعالم تمثل أبواباً في متن المنهاج؛ إذ المنهاج يُعد مستندها الشرعي من الوحي.

٢- أنها نابعة من تجربة عملية تطبيقية، من ضمنها البرامج الإلكترونية وغيرها؛ فهي ليست مجرد قواعد نظرية مثالية لا أثر لها في الواقع -
وقيمة أي عمل إصلاحي تتضاعف حين يجمع بين التنظير الرصين والتطبيق العملي-. ولهذا تجد أن أكثر هذه المعالم مألوفة لأي طالب في البرامج أو أي مهتم بالمنهج الإصلاحي، لأنها متضمنة في جميع مواد المشروع.

ومع أهمية هذه المعالم، إلا أنها للأسف لم تُخدَم كما ينبغي حتى الآن؛ بل إن عدداً غير قليل من طلاب البرامج لم يسمعوا بها أصلاً.
ولهذا أوصي بأهمية العناية بها، وتدارسها، والنظر فيها، والسعي لتفعيلها في جانبي البناء والعطاء.

وقد أرفقت هنا تشجيراً لهذه المعالم، ولعل الله ييسر الوقوف على كل معلم منها بالتفصيل، والحديث عنها في فترات قادمة بإذن الله.
30.04.202512:34
من المعالم البارزة في الخطاب القرآني والمنهج النبوي: الجمع بين إحقاق الحق وإبطال الباطل، وعدم الاقتصار على أحدهما؛ فلا يكتفي القرآن - في أعظم سوره، أم الكتاب مثلاً- ببيان أن الصراط المستقيم هو (صراط الذين أنعمت عليهم)، بل يبيِّن طريق الباطل محذرًا منه: (غير المغضوب عليهم ولا الضالين). وكذلك في سائر القرآن: الجمع بين بيان صفات المؤمنين وسبل المجرمين، وحال أهل الجنة في مقابل حال أهل النار، ونقض شبهات المشركين مع بيان الحق الذي لا مرية فيه، إلى غير ذلك من الصور.

ومن أشد صور الخلل التي قد يقع فيها المصلح: اختلال هذه الموازنة، فيُبنى مشروعه على نقض الباطل فقط دون بيان الحق، أو على إحقاق الحق دون التحذير من الباطل. وهذا خلل منهجي بيّن، ومخالف للمنهج القرآني، فضلًا عما ينتج عنه من آثار مآلية فاسدة. فإن المشروع الذي لا يستند إلى قاعدة صلبة من الحق سرعان ما يقع هو ذاته في صورٍ من الباطل والانحراف، وإن كان في الظاهر ينقض الباطل - هذا لو سلمنا بأنه باطل فعلاً-.

ومن هنا فإن المصلح في عمله الإصلاحي بحاجة إلى تحقيق التوازن بين إحقاق الحق وإبطال الباطل، وفق مقتضى الشرع وحاجة الواقع.
والحديث هنا عن المشروع الإصلاحي في عمومه، لا عن الأفراد؛ فبعض المشتغلين بالرد على الإلحاد، مثلًا، قد يغلب في خطابهم جانب تفنيد الباطل بطبيعة الحال، دون أن يُهملوا جانب بيان الحق وإبرازه.
28.04.202523:31
والمستفاد الأساسي من هذا المعلم ومن سابقه: ضرورة أن يخرج المصلحون من الحلقات المغلقة، والبرامج الخاصة، وأن يتوجهوا بخطابهم إلى عامة الناس على أرض الواقع، وفي ساحات التواصل المختلفة، كلٌّ بحسب استطاعته وحاله، لرأب الثغرة القائمة بينهم وبين المجتمع من حولهم، والتفاعل الحي مع قضايا أمتهم - وهذه دعوة عامة لي ولكم جميعاً للشروع بهذه الخطوة لمن لم يفعل بعد-.
وفي الوقت نفسه، ينبغي أن يكون خطابهم مرتكزًا إلى معاني الإيمان الكبرى كما تقدم - وما أشد الحاجة اليوم لهذا النوع من الخطاب- بعيدًا عن الإغراق النظري أو التفصيلات التخصصية التي تصرف عن الهدف الرئيس.
24.04.202512:24
#التجارب_الإصلاحية_في_العصر_الحديث (7).
#معالم_الصعود_الثالث

سأنشر هنا شيئاً من التفصيل - دون إطالة- لبعض معالم الصعود الثالث المترقب التي تناوله الشيخ وفقه الله في السلسلة، والمقصود الرئيس من هذه المعالم: أن يراعيها المصلحون في السياقات البنائية والعطائية، ويضمنوها في مشاريعهم، كي يتجاوزوا ما وقع فيه من سبقهم من إخفاقات أو قصور.

من هذه المعالم: ألا ينغلق أبناء هذا الصعود على نوع واحد من الوسائل أو المجالات الإصلاحية؛ فكل مرحلة يعطى فيها من الوسيلة الإصلاحية ما يتناسب مع الأمر الشرعي في مثل هذه المرحلة.

فالمراد أن يكون التركيز منصبًّا على "الرسالة والمضمون"، لا على "صورة الحركة"، وأن تسود في هذا الصعود حالة من المرونة في الحركة دون الجمود على صورة معينة (كالتربية، أو الدعوة، أو السياسة، أو التعليم، أو الجهاد، أو غير ذلك)، فلا تعرَّف وسيلة الصعود - ككل- بأنها إحدى هذه الصور فقط، بل ينبغي أن تتغير الوسائل بتغير مستجدات الواقع التي تستدعي هذا التغيير، وأي تصور يعتقد أن الإصلاح يتحقق بالاقتصار على وسيلة واحدة هو تصور قاصر مبسط للواقع.

ومن يتأمل سيرة النبي ﷺ يجد أنه تناول الدعوة والتربية والتعليم والسياسة والجهاد كلٌّ في موضعه وبحسب ما تقتضيه طبيعة المرحلة، دون انغلاق على إحداها. وعلى النقيض من ذلك، فإن الانغلاق على وسيلة واحدة أوقع بعض العاملين في التجارب السابقة في الجمود والعجز عن مواكبة المتغيرات، فمنهم من جمد على التربية وحدها، أو السياسة، أو الجهاد أو غيره، دون اعتبار لسياق المرحلة وما يتطلبه من مرونة.

والصواب أن يبدأ المصلح بتوصيف الواقع وتقييمه بدقة، ثم يطرح السؤال: هل جاءت الشريعة بالوسيلة الإصلاحية المناسبة لهذا الواقع؟ وهذا مبني على أصل مهم: فكما أن الشريعة اعتنت ببيان الأحكام الفقهية التي يحتاجها الناس، فإنها اعتنت أيضاً بالأحكام المتعلقة بالإصلاح والدعوة ورفع راية الإسلام وما يتصل بسنن الله. وكما أن الفقيه يستنبط الحكم الشرعي في النوازل الفقهية التي لم يرد فيها نصٌّ بإلحاقها بأشباهها؛ فإن المصلح الفقيه كذلك يمكنه أن يُلحق الحالة الواقعية الجزئية (النازلة الجديدة) بما يشبهها مما جاء في النص الشرعي، فيفتي هذا في مسألة فقهية، وذاك في مسألة واقعية إصلاحية.

وهذا من أهم المبادئ التي ينبغي أن تحكم مسيرة المصلحين والعاملين للإسلام. وإذا وعوه جيداً كان من أبرز علامات الرشد في الصعود القادم، وهو من العوامل المهمة في تقليل الخلاف بين المصلحين الذين يسلكون وسائل شرعية مختلفة في الإصلاح.
ولا يعني ذلك بطبيعة الحال أن لكل مرحلة وسيلة إصلاحية واحدة، كما لا يعني ضرورة توحيد الوسائل الإصلاحية في جميع الأقطار والبيئات، إذ اختلفت الحاجات والسياقات.
16.04.202511:38
#التجارب_الإصلاحية_في_العصر_الحديث (5).

نص إصلاحي مهم - مستخلص من السلسلة- يحتاج إلى القراءة بتأنٍ وعناية:


أهم ثغر إصلاحي يمكن أن يقوم عليه المصلح - خاصة في أزمنة الضعف-: صناعة البذور التي تحوي الجينات الصحيحة، والمحافظة عليها وتقويتها، ثم غرسها بحيث تنمو وتثمر حين يتهيأ المناخ المناسب وتهطل الأمطار.

• صناعة البذور = صناعة المصلحين.
• الجينات = المضامين التي يُنشَّأ عليها هؤلاء المصلحون (منهاج النبوة).
• غرس البذور = تفعيل المصلحين في الواقع.
• الأمطار (المناخ الخارجي) = الفرص القدَرية التي تفتح مجالاً للعمل الإصلاحي في الواقع.


المقصود: ينبغي أن تتوجه عناية العاملين إلى صناعة المصلحين (البذور) على المنهج الإصلاحي المستمد من منهاج النبوة (جينات البذور)، وتتوجه عنايتهم إلى هذا الجانب أكثر من توجهها إلى انتظار الأحداث الكبرى (تغير المناخ).

والأحداث الكبرى لا تؤثر بذاتها، إنما تهيئ جواً وفرصة لمن يريد أن يغرس بذوراً (مصلحين متربين) موجودة مسبقاً. أما من كان لم يُعد ويصنع البذور سابقاً - تحججاً بأن الأحوال (المناخ) كان لا يسمح-، فإنه لن يجد الوقت لصناعة هذه البذور عند وقوع الأحداث الكبرى وتغير الواقع وستفوته الفرصة، على عكس من كان أعد (صنع البذور) سابقاً.

ورغم أن سوريا لم تكن قد تحررت بعدُ عند تقديم الشيخ - وفقه الله- هذه المادة، إلا أن في الفتح العظيم الذي حصل برهانين جليَّيْن على ما ذكر الشيخ:

1- لو لم يكن المجاهدون قد أعدوا مسبقاً لتحرير سوريا منتظرين تغير الواقع، لوقفوا متفرجين وما استطاعوا استغلال الفرصة وإسقاط النظام المجرم عند تغير موازين القوى في المنطقة.

2- أكثر من استفاد بعد تحرير سوريا الحبيبة - من الناحية الدعوية والإصلاحية- أولئك الذين كانوا قد صنعوا بذوراً سابقة قاموا بتفعيلها في الواقع بعد التحرير. أما من لم يكن قد فعل ذلك قبل التحرير، فإنه لن يجد ما يفعله بعدُ إلا الجلوس في مقاعد المتفرجين، أو البدء - متأخراً- بالصناعة، ولعل القطار قد فاته حينها - أو كاد-.



والبذور المصنوعة تحمل في طياتها الصفات الجينية لحالة الثمار التي ستنتج منها، لذلك: كلما أحسن المصلح في صناعة البذور وجوّد جيناتها فإنها ستثمر إذا أتت الفرص ثماراً بقدر الإحسان في صناعتها، فلا يكفي مجرد صناعة هذه البذور، بل ينبغي الاهتمام بصناعة الجينات المكونة لها لتكون الثمار الناتجة يانعة ناضجة قوية. والنموذج المعياري لذلك: البذور التي غرسها محمد ﷺ والثمار التي نتجت عنها والتي لا نزال نتغذى على ثمراتها حتى اليوم، لذلك من المهم إعادة تأسيس المنهاج الصحيح والتربية على ميراث النبوة والثقافة المعيارية للمصلحين لتكون الثمار صحيحة:
بذور + جينات صحيحة + مناخ خارجي مهيأ = ثمار ناضجة وقوية.

وهذه المعادلة تصحح للمصلح معاييره وواجباته بأن من يغير المناخ هو الله - عز وجل- وعلى المصلح فقط أن يغرس البذور ويحسن صناعتها.

رسالة لمن يرون انغلاق الأفق الإصلاحي في بلادهم اليوم: أحسنوا صناعة البذور، وجوّدوا جيناتها لتكون أقوى ما يكون، فالمطر قادمٌ غداً لا محالة.
13.04.202512:36
#التجارب_الإصلاحية_في_العصر_الحديث (3).

منهجيات عامة في طبيعة تناول هذا الباب (التجارب الإصلاحية) وطرق التعامل مع هذا النوع من المواد - وبعضها قد ذكرها الشيخ وفقه الله في ثنايا السلسلة-:

1- لا بد أن يكون نظر المصلح في التجارب الإصلاحية بعد أن يكون رياناً من القرآن والسنة والسيرة النبوية، فينبغي موضعة هذا الباب في مكانه، بحيث لا يُبنى فكر المصلح عليه أصالة، بل ينطلق من الوحي ويستفيد من هذه التجارب.

2- في المقابل، لا يهمل المصلح النظر في هذا الباب بالكلية للأسباب التي تقدمت في المنشور السابق.

3- لا ينبغي استغراق النظر في تفاصيل هذه التجارب، وتقييم آحاد أفرادها، فيخرج عن المراد ويتحول الأمر إلى موضوع ترفي فكري لا طائل منه - وغالباً لا يخلو من الإثم والغيبة والطعن-.

4- الأصل النظر إلى التجارب الإصلاحية الإسلامية السابقة بنظرة: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ}، والتعامل معها بميزان العدل والإنصاف، ولا يجوز أن يكون هدف دراستها الطعن في أبنائها وفي اجتهاداتهم - خاصة في الأمور القدرية وما كان خارجاً عن طاقتهم-.

5- ينبغي أن يُؤخذ من تاريخ هذه التجارب الخطوط العريضة، ولا يتم الدخول إلى الأمور الضبابية أو التفاصيل التي لا نعرف ملابساتها ثم يُجزم ويُحكم بها.

6- أهمية الوعي بطريقة تعامل الأعداء - ومنهم الشيطان- مع هذه التجارب، وأثرهم كيدهم فيما مرّت به وما آلت إليه.

نقطتان إضافيتان للتعامل مع هذا الباب عموماً، رغم أنه لم يتم التطرق إلى هذا الجانب خلال السلسلة - حيث أنه ليس من أهدافها الحكم على التجارب-:

7- لا يُحكم على التجارب الإصلاحية بمجرد ما آلت إليه ولكن بما كانت عليه زمن تأسيسها، فلا يلام من لم يقصر لانحراف التجربة من بعده.

8- لا بد من النظر إلى أثر هذه التجارب في الأمة لو أردنا الحكم عليها، وطرح سؤال: "هل كان الواقع ليكون أفضل لو لم توجد التجربة؟"، وكذلك فإن الحكم يكون بالغالب والمجموع، لا بقصر النظر على جانب معين فقط.




والمرة القادمة سأبدأ بتناول أهم ما احتوته السلسلة من مضامين ومعانٍ إصلاحية، والله الموفق.
Shown 1 - 24 of 46
Log in to unlock more functionality.