Мир сегодня с "Юрий Подоляка"
Мир сегодня с "Юрий Подоляка"
Труха⚡️Україна
Труха⚡️Україна
Николаевский Ванёк
Николаевский Ванёк
Мир сегодня с "Юрий Подоляка"
Мир сегодня с "Юрий Подоляка"
Труха⚡️Україна
Труха⚡️Україна
Николаевский Ванёк
Николаевский Ванёк
تفسير القرآن للخليفي avatar

تفسير القرآن للخليفي

قناة ينشر فيها تعليق الشيخ عبد الله بن فهد الخليفي حفظه الله على تفسير مقاتل بن سليمان، كل يوم ننشر تعليقا على عشر آيات من تفسير مقاتل رحمه الله.
TGlist rating
0
0
TypePublic
Verification
Not verified
Trust
Not trusted
Location
LanguageOther
Channel creation dateApr 07, 2025
Added to TGlist
Apr 07, 2025

Statistic of Telegram Channel تفسير القرآن للخليفي

Subscribers

2 002

24 hours
1
0.1%Week
149
8%Month
529
35.9%

Citation index

0

Mentions1Shares on channels0Mentions on channels1

Average views per post

356

12 hours2230%24 hours3560%48 hours433
12%

Engagement rate (ER)

6.18%

Reposts5Comments0Reactions17

Engagement rate by reach (ERR)

17.79%

24 hours0%Week
2.24%
Month
12.35%

Average views per ad post

833

1 hour00%1 – 4 hours00%4 - 24 hours00%
Connect our bot to the channel to find out the gender distribution of this channel's audience.
Total posts in 24 hours
5
Dynamic
5

Latest posts in group "تفسير القرآن للخليفي"

فقالوا للنبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لَيْسَ كَمَا تَقُولُ، ما هذا له بمثل. فأنزل اللَّه- عَزَّ وَجَلّ-:

فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ يعني فَمنْ خاصمك فِي عِيسَى مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ يعني من البيان من أمر عِيسَى يعني ما ذكر فِي هَذِهِ الآيات فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ يعني نخلص الدعاء إلى اللَّه- عَزَّ وَجَلّ-: فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ- ٦١- إِنَّ هَذَا الَّذِي ذكرته فِي عِيسَى لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَالَّذِي تقولون هُوَ الباطل وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا اللَّهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ فِي ملكه الْحَكِيمُ- ٦٢- فِي أمره حكم عِيسَى فِي بطن أُمّه فَإِنْ تَوَلَّوْا يعني فَإِن أبوا إِلَّا أن يلاعنوا فَإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ- ٦٣- فى الأرض بالمعاصي. قَالَ اللَّه- عَزَّ وَجَلّ-: قُلْ لهم يا محمد: يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ يعني كلمة العدل وهي الإخلاص بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً من خلقه وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ لأنهم اتخذوا عِيسَى ربا فَإِنْ تَوَلَّوْا يعني فإن أبوا التوحيد فَقُولُوا لهم أنتم اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ- ٦٤-يعني مخلصين بالتوحيد فَقَالَ العاقب: ما نصنع بملاعنته شيئا، فو الله لئن كان كاذبا ما ملاعنته بشيء، ولئن كان صادقا
لا يَأْتِي علينا الحول حَتَّى يهلك اللَّه الكاذبين.

قَالُوا: يا محمد نصالحك عَلَى ألا تغزونا وَلا تخيفنا وَلا تردنا عن ديننا على أن نؤدي إليك ألف حلة [٥٦ أ]فِي صَفَر، وألف حلة فِي رجب. وعلى ثلاثين درعا من حديد عادية. فصالحهم النَّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى ذَلِكَ، فَقَالَ: وَالَّذِي نفس محمد بيده، لولا عنوني ما حال الحول، ويحضرني منهم أحد ولأهلك اللَّه الكاذبين. قَالَ عُمَر- رَضِيَ اللَّه عَنْهُ-: لو لاعنتهم بيد من كُنْت تأخذ. قَالَ: «آخذ بيد علي وفاطمة والحسن والحسين- عليهم السلام- وحفصة وعائشة- رحمهما الله-» «١» .

يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تُحَاجُّونَ يعني تخاصمون فِي إِبْراهِيمَ وذلك

أن رؤساء اليهود كَعْب بن الأشرف، وأبا ياسر، وأبا الحقيق وزيد بن التابوه، ونصارى نجران، يقولون:إِبْرَاهِيم أولى بنا والأنبياء مِنَّا كانوا عَلَى ديننا، وما تريد إِلَّا أن نتخذك ربا كَمَا اتخذت النَّصارى عيسى ربا، وقالت النَّصارى: ما تريد
بأمرك إِلَّا أن نتخذك ربا كَمَا اتخذت اليهود عزيرا ربا. قَالَ النَّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مُعَاذ اللَّه من ذَلِكَ، ولكني أدعوكم إلى أن تعبدوا اللَّه جميعًا، وَلا تشركوا به شيئًا،

فأنزل اللَّه- عَزَّ وَجَلّ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تُحَاجُّونَ يعني تخاصمون «فِي إِبْرَاهِيم» فتزعمون أَنَّهُ كان عَلَى دينكم وَما أُنْزِلَتِ التَّوْراةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أى بعد موت إبراهيم أَفَلا تَعْقِلُونَ- ٦٥- ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ حاجَجْتُمْ يعنى خاصمتم فِيما لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ مما جاء فِي التوراة والإنجيل فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ بما لَيْسَ فِي التوراة والإنجيل وَاللَّهُ يَعْلَمُ أن إِبْرَاهِيم لَمْ يَكُنْ يهوديا وَلا نصرانيا وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ- ٦٦- أَنَّهُ ما كان يهوديا وَلا نصرانيا، ثُمّ أخبر اللَّه- عَزَّ وَجَلّ- فَقَالَ: مَا كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً يعني حاجا مُسْلِماً يعني مخلصا وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ- ٦٧- يعنى من اليهود ولا من النصارى، ثم قال: إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لقولهم إنَّه كان عَلَى دينهم لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ عَلَى دينه واقتدوا به وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا يَقُولُ من اتبع محمدا- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- على دينه. ثم قال- عز وجل-: وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ- ٦٨- الَّذِين يتبعونهما عَلَى دينهما وَدَّتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ يعنى يستنزلونكم عن دينكم الْإِسْلام وَما يُضِلُّونَ يعني وما يستنزلون إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ- ٦٩- إنما يضلون أنفسهم نزلت فِي عمار بن ياسر، وحُذَيْفة بن اليمان وذلك أن اليهود جادلوهما ودعوهما إلى دينهم. وقالوا: إن ديننا أفضل من دينكم ونحن أهدى منكم سبيلا فنزلت وَدَّتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ ... إلى آخر الآية.

ونزلت يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ [٥٦ ب] يعني القرآن وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ- ٧٠- أن محمدا رَسُول الله ونعته معكم فى التوراة
الدرس ٣٧
قَالَ النَّبِيّ-
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إنكما لَمْ تسلما حجزكما عن الْإِسْلام ثلاثة أكلكما الخنزير، وشربكما الخمر، وقولكما إن للَّه- عَزَّ وَجَلّ- ولدا، فغضبا عِنْد ذَلِكَ. فَقَالا: من أَبُو عِيسَى؟ ائتنا لَهُ بمثل فأنزل اللَّه- عَزَّ وَجَلّ- إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ

- ٥٩- هَذَا الذي قَالَ الله فِي عِيسَى هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ- ٦٠- يا محمد يعني من الشاكين فِي عِيسَى أن مثله كمثل آدم.
وقال لهم عيسى- صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ يعنى فوحدوه هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ- ٥١- يعني هَذَا التوحيد دين مستقيم وَهُوَ الْإِسْلام فكفروا فَلَمَّا أَحَسَّ يعني فَلَمَّا رَأَى عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ يعني من بني إِسْرَائِيل كقوله- عَزَّ وَجَلّ- «هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ «١» » يعنى هل ترى منهم من أحد فمر عِيسَى- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الحواريين يعني عَلَى القصارين غسالى الثياب قالَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ يعني من يتبعني مَعَ اللَّه. كقوله فَأَرْسِلْ إِلى هارُونَ «٢» يعني معي هَارُون وكقوله- سُبْحَانَهُ- وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ «٣» يعني مَعَ أموالكم قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ يعني بتوحيد اللَّه وَاشْهَدْ يا عِيسَى بِأَنَّا مُسْلِمُونَ- ٥٢- يعني مخلصين بتوحيد اللَّه- عَزَّ وَجَلّ- ثم قالوا:

رَبَّنا آمَنَّا بِما أَنْزَلْتَ يعني صدقنا بالإنجيل الَّذِي أنزلت عَلَى عِيسَى وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ يعني عِيسَى عَلَى دينه فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ- ٥٣- يَقُولُ فاجعلنا مَعَ الصادقين نظيرها فِي المائدة. هذا قول الحواريين وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وذلك أن كفار بني إِسْرَائِيل عمدوا إلى رجل فجعلوه رقيبا على عيسى ليقتلوه [٥٥ أ] فجعل اللَّه شَبه عِيسَى عَلَى الرقيب فأخذوا الرقيب فقتلوه وصلبوه، وظنوا أَنَّهُ عِيسَى، ورفع اللَّه- عَزَّ وَجَلّ- عِيسَى إلى سماء الدُّنْيَا من بيت المَقْدِس، ليلة القدر فِي رمضان، فذلك قوله- سُبْحَانَهُ-: وَمَكَرُوا بعيسى ليقتلوه يعني اليهود وَمَكَرَ اللَّهُ بهم حين قُتِل رقيبهم وصاحبهم وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ- ٥٤- يعني أفضل مكرا منهم إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَ
فيها تقديم يَقُولُ رافعك إليّ من الدُّنْيَا ومتوفيك حين «١» تنزل من السماء عَلَى عهد الدجال «يَقُولُ إني رافعك إلي الآن ومتوفيك بعد قتل الدجال» «٢» . يَقُولُ رافعك إليّ فِي السماء وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا يعنى اليهود وغيرهم [وَجاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ عَلَى دينك يا عِيسَى وَهُوَ الْإِسْلام فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا يعني اليهود وَغَيْرُهُمْ. وأهل «٣» دين عِيسَى هُم المسلمون فوق الأديان كلها إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ «٤» ] ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فِي الآخرة فَأَحْكُمُ يعني فأقضي بَيْنَكُمْ يعني بين الْمُسْلِمِين وأهل الأديان فِيما كُنْتُمْ فِيهِ من الدّين تَخْتَلِفُونَ- ٥٥- وَهُوَ الْإِسْلام فأسلمت طائفة وكفرت طائفة ثُمّ أخبر اللَّه- عَزَّ وَجَلّ- عن منزلة الفريقين فِي الآخرة، فَقَالَ: فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا يعني كفار أَهْل الكتاب فَأُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً فِي الدُّنْيا يعني القتل أَو الجزية وَفى الْآخِرَةِ عذاب النار وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ- ٥٦- يعني من مانعين يمنعونهم من النار وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ

يعني أمة محمد- صلى الله عليه وسلم- فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ يعني فيوفوا أجورهم فِي الآخرة وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ- ٥٧- ذلِكَ الَّذِي ذكره اللَّه- عَزَّ وَجَلّ- فِي هَذِهِ الآيات نَتْلُوهُ عَلَيْكَ يا محمد مِنَ الْآياتِ يعني من البيان وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ- ٥٨- يعني المحكم من الباطل إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ وذلك

أن وفد نصارى نجران قدموا عَلَى النَّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالمدينة منهم السيد والعاقب،
والأسقف، والرأس، والحارث، وقيس، وابنيه وخالد، وخليد، وعَمْرو، «١» فَقَالَ السيد والعاقب وهما سيدا أَهْل نجران: يا محمد لَمْ تشتم صاحبنا وتعيبه؟ فَقَالَ النَّبِيُّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَا صاحبكم؟ قَالُوا:عِيسَى ابْن مريم العذراء البتول. قال: أبو محمد عبيد الله بن ثَابِت. قَالَ: العذراء البتول. المنقطعة إلى اللَّه- عَزَّ وَجَلّ- لقوله- عَزَّ وَجَلّ- وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا «٢»قَالُوا فأرنا فيما خلق اللَّه عبدا مثله [٥٥ ب] يحيي الموتى ويبرئ الأكمه والأبرص ويخلق من الطين طيرا وَلَم يقولوا بإذن اللَّه. وكل آدمي لَهُ أب وعيسى لا أب لَهُ فتابعنا فِي أن عِيسَى ابن اللَّه ونتابعك. فإما أن تجعل عِيسَى ولدا وإما إلها، فَقَالَ النَّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مُعَاذ اللَّه أن يَكُون لَهُ ولد، أَوْ يَكُون معه إله. فَقَالا للنبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَنْت أَحْمَد؟ فَقَالَ النَّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَنَا أحمد، وأنا محمد. فَقَالا: فيم «٣» أَحْمَد؟ قَالَ: أَحْمَد الناس عن الشرك. قَالا: فإنا نسألك عن أشياء. قَالَ النَّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لا أخبركم حَتَّى تسلموا فتتبعوني.قَالا: أسلمنا قبلك.
الدرس ٣٦
قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً يعني علما للحبل قالَ آيَتُكَ إذا جامعتها عَلَى طهر فحبلت فإنك تصبح لا تستنكر من نفسك خرسا وَلا سقما، وَلَكِن تصبح لا تطيق الكلام أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً يعني إِلَّا إشارة يومئ بيده، أَوْ برأسه من غَيْر مرض وَلَم يحبس لسانه عن ذكر اللَّه- عَزَّ وَجَلّ- ولا عن الصلاة [٥٤ أ]فكذلك قوله- سُبْحَانَهُ-:

وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ- ٤١- يَقُولُ صل بالغداة والعشي، فأتى امرأته عَلَى طهرها فحملت وكان آية الحبل أَنَّهُ وضع يده عَلَى صدرها، فحملت فاستقر الحمل فِي رحمها فحبلت بيحيى»

. فأصبح لا يستطيع الكلام فعرف أن امرأته قَدْ حبلت فولدت يحيى- عَلَيْه السَّلام- فلم يعص اللَّه قطّ وَإِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ جبريل- عَلَيْه السَّلام- وحده يا مَرْيَمُ وهي فى المحراب إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاكِ يعني اختارك وَطَهَّرَكِ من الفاحشة والألم وَاصْطَفاكِ يعنى واختارك عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ- ٤٢- بالولد من غير بشر
يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ يعنى لربك وَاسْجُدِي وَارْكَعِي «١»مَعَ الرَّاكِعِينَ- ٤٣- يعني مَعَ المصلين فِي بيت المَقْدِس ذلِكَ أن الَّذِي ذكر فِي هَؤُلاءِ الآيات مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ يعني حديثًا من الغيب لَمْ تشهده يا محمد، فذلك قوله:نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ فى القرعة أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ يعني يضم مريم إلى نفسه وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ يا محمد إِذْ يَخْتَصِمُونَ- ٤٤- فِي مريم يعني القراء أيهم يكفلها إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ وَهُوَ جبريل وحده- عَلَيْه السَّلام- إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً يعني مكينا عِنْد اللَّه- عَزَّ وَجَلّ- فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ فيها تقديم وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ- ٤٥- عِنْد اللَّه فِي الآخرة وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ يعني حجر أُمّه فِي الخرق طفلا وَيكلمهم كَهْلًا يعني إذا اجتمع «٢»قبل أن يرفع إلى السماء وَمِنَ الصَّالِحِينَ- ٤٦- قالَتْ رَبِّ أَنَّى يعني من أَيْنَ يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ يعني الزوج قالَ كَذلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشاءُ ويخلق من يشاء، فشاء أن يخلق وَلَدا من غَيْر بشر. لقولها وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ إِذا قَضى أَمْراً كان فِي علمه أن يَكُون عِيسَى فِي بطن مريم من غَيْر بشر فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ- ٤٧- لا يثنى وَيُعَلِّمُهُ الْكِتابَ يعني خط الكتاب بيده بعد ما بلغ أشده، وَهُوَ ابْن ثماني عشرة سنة، والمرأة بعد ما تبلغ الحيض وَالْحِكْمَةَ يعني الحلال والحرام والسنة وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ- ٤٨- ويجعله وَرَسُولًا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ يعني بعلامة ثُمّ بين الآية أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ يعني أجعل لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً فخلق الخفاش بِإِذْنِ اللَّهِ لأنه أشد الخلق إِنَّمَا هُوَ لحم وشيء يطير بغير ريش فطار بإذن اللَّه وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ الَّذِي ولدته أمه أعمى الَّذِي لَمْ ير «١» النور قط [٥٤ ب] فيرد اللَّه بصره وَأبرئ الْأَبْرَصَ فيبرأ بإذن الله وَأُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللَّهِ فتعيش. ففعل ذلك وهم ينظرون وكان صنيعه هَذَا آية من اللَّه- عَزَّ وَجَلّ- بأنه نَبِيّ ورسول إلى بني إِسْرَائِيل «فأحيا سام بن نوح بن ملك من الموت بإذن اللَّه» «٢» فقالوا لَهُ: إن هَذَا سحر فأرنا آية نعلم أنَّكَ صادق. وقَالَ عِيسَى- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:

أرأيتم إن أَنَا أخبرتكم وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ فِي بيوتكم من الطعام فيها تقديم وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ يعني وما ترفعون فِي غد تعلمون أني صادق.قَالُوا: نعم قَالَ عِيسَى- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: فُلان أكلت كذا وكذا، وشربت كذا وكذا، وأنت يا فُلان أكلت كذا وكذا، وأنت يا فُلان. فمنهم من آمن ومنهم من كفر.

يَقُولُ اللَّه- عَزَّ وَجَلّ- إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً يعني لعلامة لَكُمْ فيما أخبرتكم به «٣» إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ- ٤٩- يعني مصدقين بعيسى بأنه رسول وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ من اللحوم والشحوم وكل ذِي ظفر والسمك فهذا البعض الَّذِي أحل لهم غَيْر السبت فإنهم يقومون عَلَيْه فوضع عَنْهُمْ فِي الإنجيل ذلك وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ بعلامة من ربكم يعني العجائب التي كان يصنعها اللَّه «٤» . فَاتَّقُوا اللَّهَ يعني فوحدوا اللَّه وَأَطِيعُونِ- ٥٠- فيما آمركم به من النصيحة فَإنَّهُ لا شريك له.
الدرس ٣٥
فقرعهم زَكَرِيّا فقبضها، ثُمّ قَالَ اللَّه- عَزَّ وَجَلّ- لمحمد- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ «١» فِي مريم فذلك قوله وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً يَقُولُ رباها «٢» تربية حسنة فِي عبادة وطاعة لربها فبنى لها زَكَرِيّا محرابا فِي بيت المَقْدِس، وَجَعَل بابه وسطه، لا يصعد إِلَيْهِ أحد إِلَّا بسلم واستأجر لها ظئرا ترضعها حتى تحركت فكان يغلق عليها [٥٣ ب] الباب ومعه المفتاح لا يأمن عَلَيْهَا أحدا، يأتيها بطعامها ومصالحها وكانت إذا حاضت أخرجها إلى منزله فتكون مَعَ أختها أيليشفع بِنْت عِمْرَانَ- وهي مريم بِنْت عِمْرَانَ- أم يحيى «٣» فإذا طهرت ردها إلى محراب بيت المَقْدِس، وكان زَكَرِيّا يرى عندها العنب فِي الشِّتَاء الشديد البرد فيأتيها به جبريل- عَلَيْه السَّلام- من السماء وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً قالَ لها زَكَرِيّا: يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا يعني من أَيْنَ هَذَا فِي غَيْر حينه قالَتْ هَذَا الرزق هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ- ٣٧- فطمع عِنْد ذَلِكَ زَكَرِيّا فِي الولد فَقَالَ: إن الَّذِي يَأْتِي مريم بهذه الفاكهة فِي غَيْر حينها لقادر أن يصلح لي زوجتي ويهب لي منها ولدا.فذلك قوله: هُنالِكَ يعني عِنْد ذَلِكَ دَعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قالَ رَبِّ هَبْ «٤» لِي مِنْ لَدُنْكَ يعني من عندك ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً تقيا زكيا كقوله وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا «٥» إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ- ٣٨-
فاستجاب اللَّه- عَزَّ وَجَلّ- وكانا قَدْ دخلا فِي السن فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ فبينما هُوَ يصلي فِي المحراب حيث يذبح القربان إذا «١»برجل عَلَيْه بياض حياله وَهُوَ جبريل- عَلَيْه السلام-فقال: أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى اشتق يحيى من أسماء اللَّه- عَزَّ وَجَلّ- مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ يعني من اللَّه- عَزَّ وَجَلّ- وكان يحيى أول من صدق بعيسى- عليهما السَّلام- وَهُوَ ابْن ثلاث سنين، قوله الأول وَهُوَ ابْن ستة أشهر «٢» فَلَمَّا شهد يحيى أن عِيسَى من الله- عز وجل- عجبت بنو إِسْرَائِيل لصغره، فَلَمَّا سَمِع زَكَرِيّا شهادته قام إلى عِيسَى فضمه إِلَيْهِ، وَهُوَ فِي خرقة وكان يحيى أكبر من عِيسَى بثلاث سنين، يحيى وعيسى ابنا خالة. ثُمّ قَالَ اللَّه- سُبْحَانَهُ-: وَسَيِّداً

يعني حليما وَحَصُوراً لا ماء له «٣» وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ- ٣٩- والحصور الذي
لا حاجة له فى النساء فَلَمَّا بشر زَكَرِيّا بالولد. قَالَ لجبريل- عَلَيْه السلام- فى المخاطبة قالَ رَبِّ أَنَّى يعني من أَيْنَ يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عاقِرٌ «١» يَقُولُ ذَلِكَ تعجبا، لأنه كان قَدْ «٢» يبس جلده عَلَى عظمه من الكبر قالَ جبريل- عليه السلام- كَذلِكَ يعني هكذا قال ربك إنَّه يَكُون لك ولد اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشاءُ «٣» - ٤٠- أن يجعل ولدا من الكبير والعاقر لقوله قَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عاقِرٌ
لما دعا النَّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كعبا وأصحابه إلى الإسلام قالوا: نحن أبناء اللَّه وأحباؤه، ولنحن أشد حبا للَّه مما تدعونا إِلَيْهِ، فَقَالَ اللَّه- عَزَّ وَجَلّ- لنبيه- صلى الله عليه وسلم- قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي عَلَى ديني يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ما كان فِي الشرك وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ- ٣١- ذو تجاوز لما كان فِي الشرك رحيم بهم فى الإسلام قُلْ لليهود أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا يعني أعرضوا عن طاعتهما فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ- ٣٢- يعني اليهود إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً يعني اختار من الناس «١» لرسالته آدم ونوحا وَآلَ إِبْراهِيمَ يعني إِبْرَاهِيم، وإسماعيل، وإسحاق، ويعقوب والأسباط، ثُمّ قَالَ: وَآلَ عِمْرانَ يعني مُوسَى، وهارون، ذرِّيَّة آل عِمْرَانَ اختارهم للنبوة والرسالة عَلَى الْعالَمِينَ- ٣٣- يعني عالمي ذَلِكَ الزمان وهي:

ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وكل هَؤُلاءِ من ذرِّيَّة آدم، ثُمّ من ذرية نوح، ثم من ذرِّيَّة إِبْرَاهِيم وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ- ٣٤- لقولهم نَحْنُ أبناء الله وأحباؤه ونحن [٥٣ أ] أشد حبا لله، عليم بما قالوا يعنى اليهود إِذْ قالَتِ امْرَأَتُ عِمْرانَ بن ماثان اسمها «٢» حنة بِنْت فاقوز وهي أم مريم وهي حبلى، لئن نجاني اللَّه- عَزَّ وَجَلّ- ووضعت ما فِي بطني، لأجعلنه محررا، وبنو ماثان من ملوك بني إِسْرَائِيل من نسل دَاوُد- عَلَيْه السَّلام- والمحرر الَّذِي لا يعمل للدنيا وَلا يتزوج، ويعمل للآخرة، «٣» ويلزم المحراب فيعبد اللَّه- عَزَّ وَجَلّ- فِيهِ، وَلَم يَكُنْ يحرر «٤» فى ذلك
الزمان إِلَّا الغلمان فَقَالَ زوجها: أرأيت إن كان الَّذِي فِي بطنك أنثى؟ والأنثى عورة، كيف تصنعين؟ فاهتمت لذلك. فقالت حنة: رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ- ٣٥- لدعائهما العليم ببذرهما يعني بالتقبل والاستجابة لدعائهما فَلَمَّا وَضَعَتْها قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى والأنثى عورة «فيها تقديم» «١» يَقُولُ اللَّه- تَعَالَى- لنبيه- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ «٢» ثم قالت حنة: وَإِنِّي سَمَّيْتُها مَرْيَمَ وكذلك كان اسمها عِنْد اللَّه- عَزَّ وَجَلّ- وَإِنِّي أُعِيذُها بِكَ وَذُرِّيَّتَها يعني عِيسَى مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ- ٣٦- يعني الملعون فاستجاب اللَّه لها فلم يقربها وَلا ذريتها شيطان وخشيت حنة ألا تقبل الأنثى محررة، فلفتها فِي خرق ووضعتها فِي بيت المَقْدِس عِنْد المحراب حيث يدرس «٣» القراء، فتساهم «٤» القوم عَلَيْهَا لأنها بِنْت إمامهم وسيدهم «٥» ، وهم الأحبار من ولد هَارُون أيهم يأخذها. قَالَ زَكَرِيّا وَهُوَ رئيس الأحبار أَنَا آخذها، أَنَا أحقكم بها، لأن أختها أمَّ يحيى عندي. فَقَالَ القراء: وإن كان فِي القوم من هُوَ أقرب إليها منك؟ فلو تركت لأحق الناس بها لتركت لأمها، ولكنها محررة وَلَكِن هلم نتساهم عَلَيْهَا من خرج سهمه فهو أحق بها. فاقترعوا فقال الله- عز وَجَلّ- لمحمد- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ» يعنى عندهم فتشهدهم «إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ»حين اقترعوا ثلاث مرات بأقلامهم التي كانوا يكتبون بها الوحي أيهم يكفلها؟ أيهم يضمها.
الدرس ٣٤
ثُمّ خوفهم،فَقَالَ: وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ يعني عقوبته فِي ولاية الكفار وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ- ٢٨- فى الآخرة فيجزيكم بأعمالكم قُلْ لهم يا محمد إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ يعني إن تسروا ما فِي قلوبكم من الولاية للكفار أَوْ تُبْدُوهُ يعني أَوْ تظهروا وَلايتهم يعني حاطب وأصحابه يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ من المغفرة والعذاب قَدِيرٌ- ٢٩- نظيرها فِي آخر البقرة. ثُمّ خوفهم ورغبهم، فَقَالَ: «٢» يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً يعجل لها كُلّ خير عملته، وَلا يغادر منه شيء وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً يعني أجلا بعيدا بين المشرق والمغرب وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ يعنى عقوبته فى عمل السوء وَاللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ- ٣٠- يعني بربهم حين لا يعجل عليهم بالعقوبة
إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ يعني بالقرآن وهم ملوك بني إِسْرَائِيل من اليهود ممن «١» لا يقرأ الكتاب وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ يعني بالعدل بين الناس من مؤمني بني إِسْرَائِيل من بعد مُوسَى فَبَشِّرْهُمْ يا محمد بِعَذابٍ أَلِيمٍ- ٢١- يعني وجيع يعني اليهود لأن هؤلاء على دين أوائلهم [٥٢ أ] الذين قتلوا الأنبياء والآمرين بالقسط ثُمّ قَالَ- عَزَّ وَجَلّ-: أُولئِكَ الَّذِينَ فعلوا ذَلِكَ حَبِطَتْ يعني بطلت أَعْمالُهُمْ فلا ثواب لهم فِي الدُّنْيا وَلا فى الْآخِرَةِ لأن أعمالهم كَانَتْ فِي غَيْر طاعة اللَّه- عز وجل- وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ- ٢٢- يعني من مانعين يمنعونهم من النار أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يعني أعطوا حظا من التوراة يعني اليهود: كعب بن الأشرف، وكعب بن أسيد، ومالك ابن الضيف، ويحيى بن عمرو، ونعمان بن أَوْفَى، وأبو ياسر بن أخطب، وأبو نَافِع بن قيس، وذلك

أن النبي- صلى الله عليه وَسَلَّمَ- قَالَ لهم: أسلموا تهتدوا وَلا تكفروا. فقال للنبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: نَحْنُ أهدى وأحق بالهدى منكم، ما أرسل اللَّه نبيا بعد مُوسَى. فَقَالَ النَّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:

لَمْ تكذبون، وأنتم تعلمون أن الَّذِي أقول حق، فأخرجوا التوراة نتبع نحن،
وأنتم ما فيها، وهي بينكم فَإِنِّي مكتوب فيها أني نَبِيّ ورسول. فأبوا ذَلِكَ فأنزل اللَّه- عَزَّ وَجَلّ- فيهم «١» أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ

يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللَّهِ يعني التوراة لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ يعني ليقضي بينهم ثُمَّ يَتَوَلَّى يعنى بأبى فَرِيقٌ يعني طائفة مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ- ٢٣- ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ بأن العذاب واجب عليهم فيها تقديم لقولهم إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ يعني الأربعين يومًا التي «٢» عَبْد آباؤهم فيها العجل لأنهم قَالُوا: إنهم أبناء اللَّه وأحباؤه. يقول: وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ عفو الله ما كانُوا يَفْتَرُونَ- ٢٤- يعني الَّذِين كذبوا لقولهم نَحْنُ أبناء اللَّه وأحباؤه. خوفهم اللَّه، فَقَالَ:

فَكَيْفَ بهم إِذا جَمَعْناهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ يعني يوم الْقِيَامَة لا شك فِيهِ بأنه كائن «وَوُفِّيَتْ» كُلُّ نَفْسٍ بر وفاجر ما كَسَبَتْ من خير أَوْ شر وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ- ٢٥- فِي أعمالهم قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ وذلك أن النبي- صلى الله عليه وسلم- سَأَلَ ربه- عَزَّ وَجَلّ- أن يجعل لَهُ ملك فارس والروم فِي أمته فنزلت قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ

مَنْ تَشاءُ يعني محمدا- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأمته وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ يعنى الروم وفارس وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ محمدا وأمته وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ يعني الروم وفارس بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ من الملك والعز والذل قَدِيرٌ- ٢٦- تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَتُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ يعني ما تنقص فِي الليل داخل فِي النهار حَتَّى يصير الليل تسع ساعات والنهار خمس عشرة ساعة. فذلك قوله- سُبْحَانَهُ- يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَيُكَوِّرُ يعنى يسلط النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ «٣» وهما هكذا إلى أن تقوم الساعة. قوله- سبحانه-: وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ فهو
الناس والدواب والطير خلقهم من نطفة وهي ميتة وخلق الطير من البيضة وهي ميتة [٥٢ ب] وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ يعني يَخْرُج اللَّه- عَزَّ وَجَلّ- هَذِهِ النطفة من الحي وهم الناس والدواب والطير وَتَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ- ٢٧- يَقُولُ- سُبْحَانَهُ- لَيْسَ فوقي ملك يحاسبني، أَنَا الملك أعطي من شئت بغير حساب، لا أخاف من أحد يحاسبني. قوله- سُبْحَانَهُ-: لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ نزلت فِي حاطب بن أَبِي بلتعة وغيره كانوا يظهرون المودة لكفار مكة فنهاهم اللَّه- عَزَّ وَجَلّ- عن ذَلِكَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فيتخذونهم أولياء من غَيْر قهر فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ ثُمّ استثنى- تَعَالَى- فَقَالَ: إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً فيكون «١» بين أظهرهم فيرضيهم بلسانه من المخافة وَفِي قلبه غَيْر ذَلِكَ.
الدرس ٣٣
فَقَالَ اللَّه- تبارك وتعالى-: «شَهِدَ اللَّهُ»أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ يشهدون بها وَأُولُوا الْعِلْمِ بالتوراة ابْن سلام وأصحابه يشهدون أَنَّهُ لا إله إِلَّا هُوَ، ويشهدون أن اللَّه- عَزَّ وَجَلّ- قائِماً بِالْقِسْطِ يعني: قائم عَلَى كُلّ شيء بالعدل لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ- ١٨- فى أمره شهدوا إِنَّ الدِّينَ يعني التوحيد عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ ثُمّ قَالَ: وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يعني اليهود والنصارى فِي هَذَا الدّين إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ يعني بيان أمر محمد- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأنهم كانوا مؤمنين بمحمد- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من قبل أن يبعث رسولا فَلَمَّا بعث محمد- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من ولد إسماعيل تفرقوا بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآياتِ اللَّهِ يعني القرآن يعني اليهود ثُمّ خوفهم فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ- ١٩- كأنه قد جاء فَإِنْ حَاجُّوكَ يعني اليهود خاصموك يا محمد فى الدين فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ يَقُولُ أخلصت ديني للَّه وَمَنِ اتَّبَعَنِ عَلَى ديني فقد أخلص وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْأُمِّيِّينَ يعنى أهل التوراة والإنجيل اليهود والنصارى أَأَسْلَمْتُمْ والإسلام اسم مشتق من اسم اللَّه- عَزَّ وَجَلّ- أمر اللَّه- تَعَالَى- النَّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يدعوهم إلى الْإِسْلام فَقَالَ: أسلمت يعني أخلصت يَقُولُ فَإِنْ أَسْلَمُوا يعني فَإِن أخلصوا لَهُ يعني للَّه- عَزَّ وَجَلّ- بالتوحيد فَقَدِ اهْتَدَوْا من الضلالة وَإِنْ تَوَلَّوْا يَقُولُ فَإِن أبوا أن يسلموا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ يعنى بلاغ الرسالة وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ- ٢٠- بأعمال العباد
كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ يعني كأشباه آل فرعون فِي التكذيب وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ من الأمم الخالية قبل آل فرعون «٢» والأمم الخالية «٣» قبل آل فرعون قوم نوح، وعاد، وثمود وقوم إبراهيم، وقوم لوط، وقوم شعيب، كَذَّبُوا بِآياتِنا يعني بأنهم كذبوا أيضا بالعذاب فِي الدُّنْيَا بأنه غَيْر نازل بهم فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ يعني فِي الدُّنْيَا فعاقبهم اللَّه وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقابِ- ١١- يعنى إذا عاقب قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا [٥١ أ]من أَهْل مكة يوم بدر سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ فِي الآخرة وَبِئْسَ الْمِهادُ- ١٢- يَقُولُ بئسما مهدوا لأنفسهم.

فَقَالَ النَّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- للكفار. يوم بدر:إن اللَّه غالبكم وسوف يحشركم إلى جَهَنَّم

فَقَالَ أَبُو جهل: يا ابْن أَبِي كبشة هَلْ هَذَا إِلَّا مثل ما كُنْت تحدثنا به، وقوله- سُبْحَانَهُ-: قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ وذلك أن بني قينقاع من اليهود أتوا النَّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعد قتال بدر يوعدونه القتال كَمَا قُتِل كفار مكة يوم بدر فأنزل اللَّه- عَزَّ وَجَلّ- قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ مَعْشَر اليهود يعني عبرة «فِي فِئَتَيْنِ»الْتَقَتا فئة المشركين وفئة الْمُؤْمِنِين يوم بدر التقتا فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَهُوَ النَّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأصحابه يوم بدر وَأُخْرى كافِرَةٌ أَبُو جهل والمشركين يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رأت اليهود أن الكفار مثل الْمُؤْمِنِين فِي الكثرة رَأْيَ الْعَيْنِ وكان الكفار يومئذ سبعمائة رجل عليهم
أَبُو جهل وذلك أن النَّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم- وأصحابه كانوا ثلاثمائة وثلاثة عشر رَجُلا بين كُلّ أربعة بعير، ومعهم فرسان أَحَدهمَا مَعَ أبي مَرْثَد الغَنَويّ، «١» والآخر مَعَ المقداد بن الأسود الكِنْديّ، ومعهم ستة أدراع والمشركون ألف رجل سبعمائة دارع عليهم أَبُو جهل، وثلاثمائة حاسر ثُمّ حبس الأخنس بن شريق ثلاثمائة رَجُل من بني زهرة عن قتال النَّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فبقي المشركون فِي سبعمائة رَجُل يَقُولُ اللَّه- تَعَالَى-: وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ يعني بنصره مَنْ يَشاءُ فينصره اللَّه- عَزَّ وجل- القليل على الكثير إِنَّ فِي ذلِكَ يعني يقوى فِي نصرهم:

نصر الْمُؤْمِنِين وهم قليل وهزيمة الكفار وهم كثير لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ- ١٣- يعني الناظرين فِي أمر اللَّه- عَزَّ وَجَلّ- وطاعته لعبرة وتفكرا لأولي الأبصار حين أظهر اللَّه- عَزَّ وَجَلّ- القليل على الكثير (زُيِّنَ لِلنَّاسِ) يعني الكفار حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ يعنى المال الكثير مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فأما الذهب فهو ألف دينار ومائتا دينار والفضة ألف ومائتا مثقال وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ يعني السائمة وهي الراعية وَالْأَنْعامِ وهي الإبل والبقر والغنم وَالْحَرْثِ ذلِكَ الَّذِي ذكر فِي هَذِهِ الآية مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ- ١٤- يعنى حسن المرجع وهي الجنة قُلْ للكفار:

أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ يعني ما ذكره فِي هَذِهِ الآية «لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ» «٢» جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وذلك أن العيون تجري من تحت البساتين خالِدِينَ فِيها لا يموتون وَأَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ من الحيض والغائط والبول والبزاق والمخاط ومن [٥١ ب] القذر كله وَرِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أكبر يعني رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ- ١٥- يعنى بأعمالهم. ثم أخبر- سبحانه- عن فعلهم، فقال:
الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا إِنَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَقِنا عَذابَ النَّارِ- ١٦- ثُمّ نعت أعمالهم فَقَالَ الجنة هِيَ ل الصَّابِرِينَ عَلَى أمر اللَّه وفرائضه وَالصَّادِقِينَ بكتاب اللَّه ورسله «١» وَالْقانِتِينَ يعني المطيعين للَّه وَالْمُنْفِقِينَ أموالهم فِي حق اللَّه وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ- ١٧- يَقُولُ المصلين للَّه بالأسحار يعني المصلين من آخر الليل قوله- سُبْحَانَهُ-: شَهِدَ اللَّهُ وذلك أن عَبْد اللَّه بن سلام وأصحابه مؤمني أَهْل التوراة قَالُوا لرءوس اليهود: إن محمدا رَسُول اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ودينه الحق، فاتبعوه. فقالت اليهود: ديننا أفضل من دينكم «٢» .

Records

13.05.202523:59
2KSubscribers
10.04.202523:59
400Citation index
25.04.202512:31
1.6KAverage views per post
14.03.202500:01
833Average views per ad post
08.03.202519:10
11.18%ER
08.03.202523:19
288.56%ERR
Subscribers
Citation index
Avg views per post
Avg views per ad post
ER
ERR
APR '25APR '25APR '25MAY '25MAY '25

Popular posts تفسير القرآن للخليفي

13.05.202510:54
الدرس ٣٧
01.05.202506:50
الدرس ٢٥
10.05.202509:38
الدرس ٣٤
09.05.202511:47
الدرس ٣٣
12.05.202515:01
قَالَ النَّبِيّ-
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إنكما لَمْ تسلما حجزكما عن الْإِسْلام ثلاثة أكلكما الخنزير، وشربكما الخمر، وقولكما إن للَّه- عَزَّ وَجَلّ- ولدا، فغضبا عِنْد ذَلِكَ. فَقَالا: من أَبُو عِيسَى؟ ائتنا لَهُ بمثل فأنزل اللَّه- عَزَّ وَجَلّ- إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ

- ٥٩- هَذَا الذي قَالَ الله فِي عِيسَى هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ- ٦٠- يا محمد يعني من الشاكين فِي عِيسَى أن مثله كمثل آدم.
21.04.202516:24
الدرس ١٥
18.04.202511:44
17.04.202514:35
كراهية لما سمعوا من

النَّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من قوله إنكم كذبتم فريقا من الْأَنْبِيَاء وفريقا قتلتم فَإِن كُنْت صادقا فأفهمنا ما تَقُولُ.

يَقُولُ اللَّه- عَزَّ وجل-: بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فطبع على قلوبهم فَقَلِيلًا ما يُؤْمِنُونَ- ٨٨- يعني بالقليل بأنهم لا يصدقون بأنه من اللَّه وكفروا بما سواه مما جاء به محمد- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فذلك قوله- عَزَّ وَجَلّ-: فِي النّساء: فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا «١» وإنما سمي اليهود من قبل يهوذا بن يَعْقُوب وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يعني قرآن محمد- صلى الله عليه وسلم- مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ فِي التوراة بتصديق محمد- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقرآنه فِي التوراة نزلت فِي اليهود منهم أَبُو رافع، وابن أَبِي الحقيق، وأبو نافع وغرار، وَكانُوا مِنْ قَبْلُ أن يبعث محمد- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رسولا يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا نظيرها فِي الأنفال إِنْ تَسْتَفْتِحُوا «٢» يعني إن تستنصروا بخروج محمد- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على مشركي العرب «٣» [١٧ ب] جهينة، ومزينة، وبني عذره، وأسد وغطفان، ومن يليهم كَانَت اليهود إذا قاتلوهم قَالُوا: اللَّهُمَّ إنا نسألك باسم النَّبِيّ الَّذِي نجده فِي كتابنا تبعثه فِي آخر الزمان أن تنصرنا فينصرون عليهم. فَلَمَّا بعث اللَّه- عَزَّ وَجَلّ- محمدا- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من غَيْر بني إِسْرَائِيل كفروا به وهم يعرفونه فذلك قوله- سُبْحَانَهُ-: فَلَمَّا جاءَهُمْ محمد ما عَرَفُوا أَي بما عرفوا من أمره فِي التوراة كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكافِرِينَ- ٨٩- يعنى اليهود بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ يَقُولُ بئسما باعوا أنفسهم بعرض يسير من الدُّنْيَا مما كانوا يصيبون من سفلة اليهود من المأكل فِي كُلّ عام ثُمّ قَالَ: أَنْ يَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَ اللَّهُ من القرآن عَلَى محمد- صلى اللَّه عَلَيْه وسلم- بَغْياً يعني حسدا لمحمد إذ كان من العرب يَقُولُ اللَّه- عَزَّ وَجَلّ-: أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ النُّبُوَّة والكتاب عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ يعني محمدا- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمّ قال- سبحانه-: فَباؤُ بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ يَقُولُ استوجبوا بغضب من اللَّه حين كفروا بعيسى- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى غضب بكفرهم بمحمد- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وبما جاء به وَلِلْكافِرِينَ من اليهود عَذابٌ مُهِينٌ- ٩٠- يعنى الهوان.
11.05.202510:45
الدرس ٣٥
11.05.202510:46
قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً يعني علما للحبل قالَ آيَتُكَ إذا جامعتها عَلَى طهر فحبلت فإنك تصبح لا تستنكر من نفسك خرسا وَلا سقما، وَلَكِن تصبح لا تطيق الكلام أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً يعني إِلَّا إشارة يومئ بيده، أَوْ برأسه من غَيْر مرض وَلَم يحبس لسانه عن ذكر اللَّه- عَزَّ وَجَلّ- ولا عن الصلاة [٥٤ أ]فكذلك قوله- سُبْحَانَهُ-:

وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ- ٤١- يَقُولُ صل بالغداة والعشي، فأتى امرأته عَلَى طهرها فحملت وكان آية الحبل أَنَّهُ وضع يده عَلَى صدرها، فحملت فاستقر الحمل فِي رحمها فحبلت بيحيى»

. فأصبح لا يستطيع الكلام فعرف أن امرأته قَدْ حبلت فولدت يحيى- عَلَيْه السَّلام- فلم يعص اللَّه قطّ وَإِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ جبريل- عَلَيْه السَّلام- وحده يا مَرْيَمُ وهي فى المحراب إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاكِ يعني اختارك وَطَهَّرَكِ من الفاحشة والألم وَاصْطَفاكِ يعنى واختارك عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ- ٤٢- بالولد من غير بشر
يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ يعنى لربك وَاسْجُدِي وَارْكَعِي «١»مَعَ الرَّاكِعِينَ- ٤٣- يعني مَعَ المصلين فِي بيت المَقْدِس ذلِكَ أن الَّذِي ذكر فِي هَؤُلاءِ الآيات مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ يعني حديثًا من الغيب لَمْ تشهده يا محمد، فذلك قوله:نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ فى القرعة أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ يعني يضم مريم إلى نفسه وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ يا محمد إِذْ يَخْتَصِمُونَ- ٤٤- فِي مريم يعني القراء أيهم يكفلها إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ وَهُوَ جبريل وحده- عَلَيْه السَّلام- إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً يعني مكينا عِنْد اللَّه- عَزَّ وَجَلّ- فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ فيها تقديم وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ- ٤٥- عِنْد اللَّه فِي الآخرة وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ يعني حجر أُمّه فِي الخرق طفلا وَيكلمهم كَهْلًا يعني إذا اجتمع «٢»قبل أن يرفع إلى السماء وَمِنَ الصَّالِحِينَ- ٤٦- قالَتْ رَبِّ أَنَّى يعني من أَيْنَ يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ يعني الزوج قالَ كَذلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشاءُ ويخلق من يشاء، فشاء أن يخلق وَلَدا من غَيْر بشر. لقولها وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ إِذا قَضى أَمْراً كان فِي علمه أن يَكُون عِيسَى فِي بطن مريم من غَيْر بشر فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ- ٤٧- لا يثنى وَيُعَلِّمُهُ الْكِتابَ يعني خط الكتاب بيده بعد ما بلغ أشده، وَهُوَ ابْن ثماني عشرة سنة، والمرأة بعد ما تبلغ الحيض وَالْحِكْمَةَ يعني الحلال والحرام والسنة وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ- ٤٨- ويجعله وَرَسُولًا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ يعني بعلامة ثُمّ بين الآية أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ يعني أجعل لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً فخلق الخفاش بِإِذْنِ اللَّهِ لأنه أشد الخلق إِنَّمَا هُوَ لحم وشيء يطير بغير ريش فطار بإذن اللَّه وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ الَّذِي ولدته أمه أعمى الَّذِي لَمْ ير «١» النور قط [٥٤ ب] فيرد اللَّه بصره وَأبرئ الْأَبْرَصَ فيبرأ بإذن الله وَأُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللَّهِ فتعيش. ففعل ذلك وهم ينظرون وكان صنيعه هَذَا آية من اللَّه- عَزَّ وَجَلّ- بأنه نَبِيّ ورسول إلى بني إِسْرَائِيل «فأحيا سام بن نوح بن ملك من الموت بإذن اللَّه» «٢» فقالوا لَهُ: إن هَذَا سحر فأرنا آية نعلم أنَّكَ صادق. وقَالَ عِيسَى- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:

أرأيتم إن أَنَا أخبرتكم وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ فِي بيوتكم من الطعام فيها تقديم وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ يعني وما ترفعون فِي غد تعلمون أني صادق.قَالُوا: نعم قَالَ عِيسَى- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: فُلان أكلت كذا وكذا، وشربت كذا وكذا، وأنت يا فُلان أكلت كذا وكذا، وأنت يا فُلان. فمنهم من آمن ومنهم من كفر.

يَقُولُ اللَّه- عَزَّ وَجَلّ- إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً يعني لعلامة لَكُمْ فيما أخبرتكم به «٣» إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ- ٤٩- يعني مصدقين بعيسى بأنه رسول وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ من اللحوم والشحوم وكل ذِي ظفر والسمك فهذا البعض الَّذِي أحل لهم غَيْر السبت فإنهم يقومون عَلَيْه فوضع عَنْهُمْ فِي الإنجيل ذلك وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ بعلامة من ربكم يعني العجائب التي كان يصنعها اللَّه «٤» . فَاتَّقُوا اللَّهَ يعني فوحدوا اللَّه وَأَطِيعُونِ- ٥٠- فيما آمركم به من النصيحة فَإنَّهُ لا شريك له.
18.04.202509:43
الدرس ١٢

ثم قال: وَإِذا قِيلَ لَهُمْ يعني اليهود منهم أَبُو ياسر، والنعمان بن أوفي آمِنُوا يعني صدقوا بِما أَنْزَلَ اللَّهُ من القرآن عَلَى محمد قالُوا نُؤْمِنُ بِما أُنْزِلَ عَلَيْنا يعنى التوراة وَيَكْفُرُونَ بِما وَراءَهُ يعني بما بعد التوراة الإنجيل والفرقان وَهُوَ الْحَقُّ يعني قرآن محمد مُصَدِّقاً لِما مَعَهُمْ يَقُولُ تصديقا لمحمد بما أنزل اللَّه عَلَيْه من القرآن مكتوبا عندهم فِي التوراة قُلْ لهم يا محمد: فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللَّهِ وذلك أن النبي- صلى الله عليه وسلم- دعا اليهود إلى الْإِيمَان فقالوا للنبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: آتنا بالآيات والقربان كَمَا كانت الأنبياء تجيء بها إلى قومهم يقول اللَّه- سُبْحَانَهُ- فقد كَانَت الأنبياء تجيء إلى آبائهم فكانوا يقتلونهم فقال الله- عز وجل- قُلْ يا محمد فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ يَقُولُ فلم قتلتم أنبياء اللَّه مِنْ قَبْلُ يعني آباءهم وَقَدْ جاءوا بالآيات والقربان إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ- ٩١- يعني إن كنتم صادقين بأن اللَّه عهد إليكم فِي التوراة ألا تؤمنوا بالرسول حَتَّى يأتيكم بقربان تأكله النار فقد جاءوا بالقربان فلم قتلتموهم يعنى آباءهم «١» . ثُمّ قَالَ لمحمد- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قل لليهود: وَلَقَدْ جاءَكُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ يعنى بالآيات التسع ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ إلها مِنْ بَعْدِهِ يعني من بعد انطلاق مُوسَى إلى الجبل وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ- ٩٢- لأنفسكم وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ يعني وَقَدْ أخذنا ميثاقكم فِي التوراة يعني اليهود يعنى على أن تعبدوا اللَّه «١» وَلا تشركوا به شيئًا [١٨ أ] وأن تؤمنوا بالكتاب والنبيين وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ حين لَمْ يقبلوا التوراة قَالَ مُوسَى: يا رب إن عبادك لَمْ يقبلوا كتابك وعصوا أمرك «٢» . فأمر- اللَّه عَزَّ وَجَلّ- الملائكة «٣» وجبريل فرفعوا من الأرض المقدسة جبلا فوق رءوسهم فحال الجبل بينهم وبَيْنَ السماء فَقَالَ مُوسَى- عَلَيْه السَّلام- لبني إِسْرَائِيل: إن لَمْ تقبلوا التوراة طرح هَذَا الجبل فيرضخ به رءوسكم وكان الجبل منهم قدر ميل فَلَمَّا رأوا ذَلِكَ قبلوها فذلك قوله- سُبْحَانَهُ-: وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ «٤» خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ يعني ما آتيناكم من التوراة بالجد والمواظبة عَلَيْه فرجع الجبل إلى مكانه فَقَالَ مُوسَى لبني إِسْرَائِيل:

وَاسْمَعُوا يَقُولُ اسمعوا ما فِي التوراة من الحدود والأحكام والشدة قالُوا سَمِعْنا بِذَلِك الَّذِي تخوفنا به من أمر الجبل وَعَصَيْنا أمرك فلا نتبع ما جئتنا به من الشدة فِي التوراة والعجل كان أرفق بنا وأهون علينا مما جئتنا به من الشدة يَقُولُ اللَّه- عَزَّ وَجَلّ-: وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قَالَ لهم مُوسَى أن تحبوا شيئًا دونه يعدل حبه فِي قلوبكم كحب اللَّه خالقكم قُلْ بِئْسَما يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ- ٩٣- كما تزعمون ثُمّ أخبر أَنَّهُ حين رفع الجبل عليهم والبحر من ورائهم خافوا الهلكة فقبلوا التوراة قُلْ إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خالِصَةً يعني الجنة وذلك أن اليهود قالوا نحن أبناء الله وأحباؤه وأن الله لن يعذبنا «٥» فقال الله- عز وجل- للنبي- صلى الله عليه وسلم- قل لهم إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ٩٤- يَقُولُ فأحبوا الموت إن كنتم أولياء اللَّه وأحباؤه وأنكم فِي الجنة «١» قَالَ اللَّه- عَزَّ وجل- للنبي- صلى الله عليه وسلم-: وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ «٢» ألم أمسخهم قردة بمعصيتهم ثم أخبر عنهم بمعصيتهم «٣» ، فقال: وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً يعني ولن يحبوه أبدا يعني الموت بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ من ذنوبهم وتكذيبهم بِاللَّه ورسوله وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ- ٩٥- يعني اليهود فأبوا أن يتمنوه
19.04.202513:50
نَحْنُ عَلَيْه وددنا أنكم عَلَى هدى وأنه كَمَا تقولون فكذبهم اللَّه- سُبْحَانَهُ- فَقَالَ: مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ يعني دينه الْإِسْلام مَنْ يَشاءُ نظيرها فِي- هَلْ أتى يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ «١» يعني فِي دينه الْإِسْلام فاختص الْمُؤْمِنِين وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ- ١٠٥- فاختصهم لدينه.

مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها «٢» يعني نبدل من آية فنحولها فيها تقديم يقول نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها يَقُولُ نأت من الوحي مكانها أفضل منها لَكُمْ وأنفع لَكُمْ ثُمّ قَالَ:

أَوْ مِثْلِها يَقُولُ أَوْ نأت بمثل ما نسخنا أَوْ ننسها يَقُولُ أَوْ نتركها كَمَا هِيَ فلا ننسخها وذلك أن كفار مكة قالوا للنبي- صلى الله عليه وسلم-: إنما تقولت أَنْت يا محمد هَذَا القرآن من تلقاء نفسك قُلْتُ كذا وكذا ثُمّ غيرت فقلت كذا وكذا فأنزل اللَّه- عَزَّ وَجَلّ- يعظم نفسه تبارك اسمه أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ- ١٠٦- من الناسخ والمنسوخ قدير.

أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يحكم فيهما ما يشاء ويأمر بأمر ثُمّ يأمر بغيره: ثُمّ قَالَ سُبْحَانَهُ: وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ يعني قريب ينفعكم وَلا نَصِيرٍ- ١٠٧- يعني وَلا مانع يمنعكم من اللَّه لقولهم إن القرآن لَيْسَ من اللَّه وإنما تقوله محمد- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من تلقاء نفسه نظيرها فِي براءة قوله- سُبْحَانَهُ-: وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَما لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ «١» وقَالَ- عَزَّ وَجَلّ- فِي النحل: وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ قالُوا إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ «٢» أنَّكَ لن تَقُولُ إِلَّا ما قِيلَ لك. أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ [٢٠ أ] يعني يَقُولُ تريدون أن تسألوا محمدا أن يريكم ربكم جهرة كَما سُئِلَ مُوسى مِنْ قَبْلُ محمد يعني كَمَا قَالتْ بنو إِسْرَائِيل لموسى أرنا الله جهرة وَمَنْ يَتَبَدَّلِ يعني من يشتر الْكُفْرَ بِالْإِيمانِ يعنى اليهود فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ- ١٠٨- يعني قَدْ أخطأ قصد طريق الهدى كقوله- سُبْحَانَهُ- فِي القصص: عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ «٣» يعني قصد الطريق وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وذلك أن نفرا من اليهود منهم فنحاص، وزيد بن قَيْس- بعد قتال أحد- دعوا حُذَيْفة، وعمارا إلى دينهم وقالوا لهما: إنكما لن تصيبا خيرًا للذي أصابهم يوم أحد من البلاء. وقالوا لهما : ديننا أفضل من دينكم ونحن أهدى منكم سبيلا. قَالَ لهم عمار: كيف نقض العهد فيكم؟ قَالُوا: شديد. قال عمار:

فإنى عاهدت ربي أن لا أكفر بمحمد أبدا، وَلا أتبع دينا غَيْر دينه فقالت اليهود: أما عمار فقد ضل، وصبأ عن الهدى، بعد إذ بصره اللَّه، فكيف أَنْت يا حُذَيْفة، ألا تبايعنا. قَالَ حُذَيْفة: اللَّه ربي ومُحَمَّد نبيي والقرآن إمامي أطيع ربي، وأقتدي برسولي، وأعمل بكتاب اللَّه ربي، حَتَّى يأتيني اليقين على الإسلام واللَّه السَّلام ومنه السَّلام. فقالوا: وإله مُوسَى لقَدْ أشربت قلوبكم حب محمد.

فَقَالَ عمار: ربي أحمده، وربي أكرم محمدا، ومنه اشتق الجلالة، إن محمدا أَحْمَد هُوَ محمد.

ثُمّ آتيا النَّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأخبراه، فَقَالَ: ما رددتما عليهما. فَقَالا: قُلْنَا اللَّه ربنا، ومُحَمَّد رسولنا، والقرآن إمامنا، اللَّه نطيع، وبمحمد نقتدي، وبكتاب اللَّه نعمل. فَقَالَ النَّبِيّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أصبتما أخا الخير، وأفلحتما فأنزل اللَّه- عَزَّ وَجَلّ- يحذر الْمُؤْمِنِين: وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُ

فِي التوراة أن محمدا نَبِيّ ودينه الْإِسْلام ثُمّ قَالَ سُبْحَانَهُ:

فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا يَقُولُ اتركوهم واصفحوا يَقُولُ وأعرضوا عن اليهود حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ فأتى اللَّه- عَزَّ وَجَلّ- بأمره فِي أَهْل قريظة: القتل والسبي وَفِي أَهْل النضير الجلاء والنفي من منازلهم وجناتهم التي بالمدينة إلى أذرعات وأريحا من أرض الشام إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ- ١٠٩- من القتل والجلاء قدير وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ يَقُولُ وأتموها لمواقيتها وَآتُوا الزَّكاةَ يَقُولُ آتوا زكاة أموالكم وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ فِي الصدقة، ثُمّ قَالَ: تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ - ١١٠-
20.04.202515:56
الدرس ١٤

وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ عَلَى ديننا هُوداً أَوْ نَصارى يَقُولُ اللَّه- سُبْحَانَهُ-: تِلْكَ أَمانِيُّهُمْ يَقُولُ تمنوا عَلَى اللَّه فقال الله- عز وجل- لنبيه- صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ يعني حجتكم من التوراة والإنجيل إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ- ١١١- بما تقولون فأكذبهم اللَّه- عَزَّ وَجَلّ- فَقَالَ: بَلى لكن يدخلها مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ يعني أخلص دينه للَّه وَهُوَ مُحْسِنٌ فِي عمله

فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ- ١١٢- عِنْد الموت وَقالَتِ الْيَهُودُ يعني ابْن صوريا وأصحابه لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ من الدّين فمالك يا محمد والنصارى اتبع ديننا وَقالَتِ النَّصارى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى شَيْءٍ من الدين فمالك يا محمد واليهود اتبع ديننا يَقُولُ اللَّه- عَزَّ وَجَلّ-:

وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتابَ يَقُولُ وهم يقرءون التوراة والإنجيل يعني يهود المدينة ونصارى نجران كَذلِكَ يعني هكذا قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ بتوحيد ربهم يعني مشركي العرب أن محمدا وأصحابه ليسوا عَلَى شيء من الدّين. يقول الله:

مِثْلَ قَوْلِهِمْ يعني مثل ما قالت اليهود والنصارى بعضهم لبعض فذلك قوله سُبْحَانَهُ فِي المائدة: فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ «١» يقول:

فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ يعني بين مشركي العرب وبَيْنَ أَهْل الكتاب فِيما كانُوا فِيهِ من الدّين يَخْتَلِفُونَ- ١١٣- وَمَنْ أَظْلَمُ نزلت فى أنطياخوس ابن ببليس الرومي ومن معه من أَهْل الروم يَقُولُ فلا أحد أظلم مِمَّنْ مَنَعَ يعني نصارى الروم مَساجِدَ اللَّهِ يعنى بيت المقدس أن يصلى فيه أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يعني التوحيد وَسَعى فِي خَرابِها وذلك أن الروم ظهروا عَلَى اليهود فقتلوهم وسبوهم وخربوا بيت المَقْدِس وألقوا فِيهِ الجيف وذبحوا فِيهِ الخنازير ثُمّ كان عَلَى عهد الروم الثانية ططسر بن سناباتوس ويُقَالُ اصطفانوس فقتلهم وخرب بيت المَقْدِس فلم يعمر حَتَّى بناه المسلمون فِي زمان عُمَر بن الخَطَّاب- رضوان اللَّه عَلَيْه. يَقُولُ اللَّه- عَزَّ وَجَلّ-: أُولئِكَ يعني أَهْل الروم ما كانَ ينبغي لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها يعني الأرض المقدسة إذ بعث محمد- صلى الله عليه وسلم-: إِلَّا خائِفِينَ فلا يدخل بيت المقدس اليوم الرومي إلا خائفا متنكرا فَمنْ قدر عَلَيْه منهم فَإنَّهُ يعاقب ثُمّ أخبر عن أَهْل الروم فَقَالَ: لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ يعني الهوان إن لَمْ تقتل مُقَاتِلتهم وتسب ذراريهم بأيدي الْمُسْلِمِين فِي ثلاث مدائن قُسْطَنْطِينيَّة والرومية ومدينة أخرى وهي عمورية فهذا خزيهم فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ [٢١ أ]- ١١٤- من النار وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ وذلك أن ناسا من الْمُؤْمِنِين كانوا فِي سفر فحضرت الصَّلاة فِي يوم غيم فتحيروا فمنهم من صلى قبل المشرق ومنهم من صلى قبل المغرب وذلك قبل أن تحول القبلة إلى الكعبة فَلَمَّا
10.05.202509:39
فقرعهم زَكَرِيّا فقبضها، ثُمّ قَالَ اللَّه- عَزَّ وَجَلّ- لمحمد- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ «١» فِي مريم فذلك قوله وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً يَقُولُ رباها «٢» تربية حسنة فِي عبادة وطاعة لربها فبنى لها زَكَرِيّا محرابا فِي بيت المَقْدِس، وَجَعَل بابه وسطه، لا يصعد إِلَيْهِ أحد إِلَّا بسلم واستأجر لها ظئرا ترضعها حتى تحركت فكان يغلق عليها [٥٣ ب] الباب ومعه المفتاح لا يأمن عَلَيْهَا أحدا، يأتيها بطعامها ومصالحها وكانت إذا حاضت أخرجها إلى منزله فتكون مَعَ أختها أيليشفع بِنْت عِمْرَانَ- وهي مريم بِنْت عِمْرَانَ- أم يحيى «٣» فإذا طهرت ردها إلى محراب بيت المَقْدِس، وكان زَكَرِيّا يرى عندها العنب فِي الشِّتَاء الشديد البرد فيأتيها به جبريل- عَلَيْه السَّلام- من السماء وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً قالَ لها زَكَرِيّا: يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا يعني من أَيْنَ هَذَا فِي غَيْر حينه قالَتْ هَذَا الرزق هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ- ٣٧- فطمع عِنْد ذَلِكَ زَكَرِيّا فِي الولد فَقَالَ: إن الَّذِي يَأْتِي مريم بهذه الفاكهة فِي غَيْر حينها لقادر أن يصلح لي زوجتي ويهب لي منها ولدا.فذلك قوله: هُنالِكَ يعني عِنْد ذَلِكَ دَعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قالَ رَبِّ هَبْ «٤» لِي مِنْ لَدُنْكَ يعني من عندك ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً تقيا زكيا كقوله وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا «٥» إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ- ٣٨-
فاستجاب اللَّه- عَزَّ وَجَلّ- وكانا قَدْ دخلا فِي السن فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ فبينما هُوَ يصلي فِي المحراب حيث يذبح القربان إذا «١»برجل عَلَيْه بياض حياله وَهُوَ جبريل- عَلَيْه السلام-فقال: أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى اشتق يحيى من أسماء اللَّه- عَزَّ وَجَلّ- مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ يعني من اللَّه- عَزَّ وَجَلّ- وكان يحيى أول من صدق بعيسى- عليهما السَّلام- وَهُوَ ابْن ثلاث سنين، قوله الأول وَهُوَ ابْن ستة أشهر «٢» فَلَمَّا شهد يحيى أن عِيسَى من الله- عز وجل- عجبت بنو إِسْرَائِيل لصغره، فَلَمَّا سَمِع زَكَرِيّا شهادته قام إلى عِيسَى فضمه إِلَيْهِ، وَهُوَ فِي خرقة وكان يحيى أكبر من عِيسَى بثلاث سنين، يحيى وعيسى ابنا خالة. ثُمّ قَالَ اللَّه- سُبْحَانَهُ-: وَسَيِّداً

يعني حليما وَحَصُوراً لا ماء له «٣» وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ- ٣٩- والحصور الذي
لا حاجة له فى النساء فَلَمَّا بشر زَكَرِيّا بالولد. قَالَ لجبريل- عَلَيْه السلام- فى المخاطبة قالَ رَبِّ أَنَّى يعني من أَيْنَ يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عاقِرٌ «١» يَقُولُ ذَلِكَ تعجبا، لأنه كان قَدْ «٢» يبس جلده عَلَى عظمه من الكبر قالَ جبريل- عليه السلام- كَذلِكَ يعني هكذا قال ربك إنَّه يَكُون لك ولد اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشاءُ «٣» - ٤٠- أن يجعل ولدا من الكبير والعاقر لقوله قَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عاقِرٌ
08.05.202511:49
الدرس ٣٢
Log in to unlock more functionality.