06.05.202519:43
لو كان الذين يُجوَّعون ويُقصفون الآن جزءًا من سورية الفرنسية الحديثة لاستنكر أهل الثورة في سورية أجمعون أن يخرج رئيسهم ليلهو مع وزير خارجيته في مقطع مصوَّر مُعدٍّ للنشر مع حركات الاحتفاء بالأهداف.
ولو خرج أحد القادة السياسيّين "الفلسطينيين" هذه الأيام بمقطع شبيه لشبع ذمًّا واستنكارًا بسبب التوقيت وما يحدث لـ "شعبه" من مأساة يندى لها جبين الإنسانية!
هذه نبذة للذين لا يرون الجريمة التي فعلتها بنا الهويات الوطنية القذرة المخترعة، إذ بدّدتْ همومنًا وفتّتت إحساسنا بولائنا وفاعلية هذا الولاء في الواقع.
وقبل أن يُسيء أحدهم الفهم فأنا هنا لا أتحدث "كفلسطيني"، أساسا لا أعترف بهذا الانتماء ولا يعني لي شيئا، أنا مسلم عربي أنتمي لهذه الأمة وأحاول في كل فرصة تنبيه أمتي على خطر هذه الهويات القذرة سعيًا في دفعها إلى التخلّي عنها يوما ما، ومن يتابعني يعلم كم أدنتُ الشوفينية الفلسطينية والذين يوالون ويعادون على القضية الفلسطينية.
وإنما نوالي ونعادي على الإسلام، ونحس ونتعاطف ونتضامن مع المسلمين من أهلنا في أي البقاع كانوا، والذين يعانون المجاعة وويلات الحرب الآن مسلمون، هم أهلنا وأمّتنا حيثما كنّا، لا فرق بينهم وبين الذين يعيشون معنا في القفص السياسي نفسِه، فهذا هو مقتضى الولاء الإسلامي، وأقلّ لوازمه أن نحسّ بهم ونتحاشى مظاهر اللهو والفرح والاحتفاء في المجال العام إذا لم نذكرهم بكلمة تضامن وتعاطف بما أننا "كالجسد الواحد"!
دعونا لا نخدع أنفسنا، نحن لسنا "جسدًا واحدًا" بالضبط، نحن نعتنق "أجسادًا" تزعم لنفسها أنّها جسد واحد، وحين يوضع هذا التعاطف مع "الجسد الواحد" - كما جاء في الحديث الذي نؤمن به ونردّده جميعًا - على المحكّ (كما فعلتُ في أول فقرتين من هذا المنشور) سينكشف زيفه وهشاشته.. فإمّا أن نكون جسدًا واحدًا بحقّ فنُطلّق هويّاتنا الوطنية وإلى الأبد، وإمّا أن نكذب على أنفسنا ونتمسّك بها ونعزّزها ونفخر بها ونفكّك أمّتنا بهذا الوهم اللذيذ السرابيّ الزائف!
ولو خرج أحد القادة السياسيّين "الفلسطينيين" هذه الأيام بمقطع شبيه لشبع ذمًّا واستنكارًا بسبب التوقيت وما يحدث لـ "شعبه" من مأساة يندى لها جبين الإنسانية!
هذه نبذة للذين لا يرون الجريمة التي فعلتها بنا الهويات الوطنية القذرة المخترعة، إذ بدّدتْ همومنًا وفتّتت إحساسنا بولائنا وفاعلية هذا الولاء في الواقع.
وقبل أن يُسيء أحدهم الفهم فأنا هنا لا أتحدث "كفلسطيني"، أساسا لا أعترف بهذا الانتماء ولا يعني لي شيئا، أنا مسلم عربي أنتمي لهذه الأمة وأحاول في كل فرصة تنبيه أمتي على خطر هذه الهويات القذرة سعيًا في دفعها إلى التخلّي عنها يوما ما، ومن يتابعني يعلم كم أدنتُ الشوفينية الفلسطينية والذين يوالون ويعادون على القضية الفلسطينية.
وإنما نوالي ونعادي على الإسلام، ونحس ونتعاطف ونتضامن مع المسلمين من أهلنا في أي البقاع كانوا، والذين يعانون المجاعة وويلات الحرب الآن مسلمون، هم أهلنا وأمّتنا حيثما كنّا، لا فرق بينهم وبين الذين يعيشون معنا في القفص السياسي نفسِه، فهذا هو مقتضى الولاء الإسلامي، وأقلّ لوازمه أن نحسّ بهم ونتحاشى مظاهر اللهو والفرح والاحتفاء في المجال العام إذا لم نذكرهم بكلمة تضامن وتعاطف بما أننا "كالجسد الواحد"!
دعونا لا نخدع أنفسنا، نحن لسنا "جسدًا واحدًا" بالضبط، نحن نعتنق "أجسادًا" تزعم لنفسها أنّها جسد واحد، وحين يوضع هذا التعاطف مع "الجسد الواحد" - كما جاء في الحديث الذي نؤمن به ونردّده جميعًا - على المحكّ (كما فعلتُ في أول فقرتين من هذا المنشور) سينكشف زيفه وهشاشته.. فإمّا أن نكون جسدًا واحدًا بحقّ فنُطلّق هويّاتنا الوطنية وإلى الأبد، وإمّا أن نكذب على أنفسنا ونتمسّك بها ونعزّزها ونفخر بها ونفكّك أمّتنا بهذا الوهم اللذيذ السرابيّ الزائف!
04.05.202520:15
يقول الدكتور بشير نافع في بودكاست الشرق الأخير: إنّ سورية الحالية هي أكبر المتضرّرين بعد الحرب العالمية الأولى، بسبب ما حدث لها من تقسيمات وسلخ أجزاء منها.
وأقول: إنّ الشام كإقليم واحد له خصائص مميّزة هو أكبر المتضرّرين بعد الحرب العالمية الأولى، فلم يُترك كما تُركتْ مصر وغيرها من الأقاليم التاريخية الكبيرة المعروفة، بل قُسّم بطُرق تُضعفه جدّا.
وأحد أكبر أسباب استفحال خطر الأقليّات اليوم في الشام والقدرة على استمالتها من الأجنبيّ هو تمزّق هذا البحر المسلم الكبير الذي طبع هوية الشام منذ الفتح الإسلامي بين أربع دول صغيرة، بينما لو كانت هذه الدول في دولة واحدة كبيرة لوجدنا (فضلا عن خطرها الاستراتيجي حينئذ) غالبية مسلمة ساحقة قادرة على حفظ توازن هذه البلاد وحفظ كرامة الأقليات من خلال منعها من القدرة على ممارسة النزعات الانفصالية، ففي جنوب الشام (فلسطين والأردن اليوم) نحو 18 مليون مسلم سيضافون إلى هذه الدولة لو لم تمزّقها بريطانيا وفرنسا لأسباب عديدة.
ما صُنع في الشام لم يُصنع في غيره، وكثير مما يعانيه أهله – وما زالوا - من مجازر ومذابح وحروب واضطرابات وقلاقل منذ نحو قرن راجع إلى هذه الخطط الإجرامية التي نفّذتْها بريطانيا وفرنسا فيه. نحن نعيش اليوم استمرار المأساة التي رسمها قادة الفرنسيين والإنجليز بدم بارد على طاولات المفاوضات القذرة!
وأقول: إنّ الشام كإقليم واحد له خصائص مميّزة هو أكبر المتضرّرين بعد الحرب العالمية الأولى، فلم يُترك كما تُركتْ مصر وغيرها من الأقاليم التاريخية الكبيرة المعروفة، بل قُسّم بطُرق تُضعفه جدّا.
وأحد أكبر أسباب استفحال خطر الأقليّات اليوم في الشام والقدرة على استمالتها من الأجنبيّ هو تمزّق هذا البحر المسلم الكبير الذي طبع هوية الشام منذ الفتح الإسلامي بين أربع دول صغيرة، بينما لو كانت هذه الدول في دولة واحدة كبيرة لوجدنا (فضلا عن خطرها الاستراتيجي حينئذ) غالبية مسلمة ساحقة قادرة على حفظ توازن هذه البلاد وحفظ كرامة الأقليات من خلال منعها من القدرة على ممارسة النزعات الانفصالية، ففي جنوب الشام (فلسطين والأردن اليوم) نحو 18 مليون مسلم سيضافون إلى هذه الدولة لو لم تمزّقها بريطانيا وفرنسا لأسباب عديدة.
ما صُنع في الشام لم يُصنع في غيره، وكثير مما يعانيه أهله – وما زالوا - من مجازر ومذابح وحروب واضطرابات وقلاقل منذ نحو قرن راجع إلى هذه الخطط الإجرامية التي نفّذتْها بريطانيا وفرنسا فيه. نحن نعيش اليوم استمرار المأساة التي رسمها قادة الفرنسيين والإنجليز بدم بارد على طاولات المفاوضات القذرة!
03.05.202510:59
تخيّلوا أن هناك مريضًا يعجز عن القيام بسبب مشاكل صحية صعبة، فنقول له: إنّ الواجب عليك أن تتمتّع بلياقة جيّدة وجسد قوي وأن تجري كل يوم كذا وكذا من الكيلومترات وأن تمارس الرياضة.. هل نكون قد قدّمنا له علاجًا لحالته بهذه الوصفة؟
هذه هي مشكلة الذين يتحدثون عن "الشريعة" اليوم أو "الدين" تحت عنوان "ما ينبغي أن يكون" باعتباره حلّا، وهي معضلة فكرية ما زالت تتكرر مع كثير من الأطروحات الإسلامية مع الأسف، تلك الأطروحات التي تتجاهل الواقع ومستجداته وتكتفي ببيان فساده، دون أن تبيّن كيفية إصلاحه انطلاقًا من النقطة التي نحن فيها، لا انطلاقًا من النقطة التي نرجوها في المثال!
ومن ذلك أيضًا أولئك الذين يتساءلون: هل نحن في المرحلة المكية أم المرحلة المدنية؟ أو ما شابه من محاولات استنساخ الزمن النبوي. والواقع أننا ببساطة في مرحلة القرن الواحد والعشرين وتحدّياته وتضاريسه، وتحديدًا في عام 1446 هـ، والدرس الأكبر المستفاد من السيرة هو أن نتعلّم من المصطفى صلّى الله عليه وسلّم كيف تعامل مع معطيات واقعه وتحدّياته بما يناسبها من إجراءات.
وسواءً كان الفعل النبوي السائر نحو التمكين وحيًا من الله أو اجتهادًا من نبيّه صلّى الله عليه وسلّم فليست هذه هي القضية، لأنّ هناك من يحبّ أن يؤكّد أنّ الفعل النبوي في السير إلى التمكين كان بوحي، ولا أخالفه في ذلك، ولكنّ هذا لا يغيّر من الحقيقة شيئًا، وهو أنّ الله عزّ وجلّ يعلّمنا من خلال أفعال نبيّه صلّى الله عليه وسلّم كيف ينبغي لنا أن نتعامل مع مفردات الواقع الذي نعيشه بما يناسبها ويكافئها من خطوات وممارسات واستراتيجيات، مع أخذ الدروس والعبر من الفعل النبوي الذي سعى إلى التمكين، وهذا هو تحقيق مفهوم الاقتداء في هذا الباب.
وأعتقد أنّ أخطر ما في هذا النوع من التفكير المعوجّ تعطيل قدرة الإنسان على التفكير في واقعه وعلى اتخاذ الإجراءات الأكثر صلاحًا بحسب ما وصل إليه باجتهاده دون تجاوز الشريعة، فهذا من تفعيل مفهوم الابتلاء في الدنيا.
وتعود جذور هذه الأزمة إلى خلاف أصولي قديم بين الشافعية وغيرهم، لكنها لم تكن تؤثّر على سياسات المسلمين ودولهم وعملهم بالمصلحة واقتناص الفرص المتاحة وتفعيل العقل المسلم في التفاصيل الراهنة والاختيار من بينها بما يراه أنفع للمسلمين والاستفادة من تجارب الآخرين.
وليس أدلّ على ذلك من نموذج صلاح الدين الأيوبي الشافعي رحمه الله، فقد كان وما زال مدرسة في العمل السياسي الذكي المدرك لتحدّيات لحظته التاريخية والمقتنص للفرص المتاحة والعامل في صالح المسلمين، حتى لو أخفق في بعض محطاته كعدم إصلاح نظام الحكم الذي جعله يكون محطّة زاهرة تلتها محطات أيوبية مؤسفة، ولكنْ يكفيه فخرًا قدرته على تفكيك النظام الفاطمي في مصر ثم توحيد مصر والشام ثم هزيمة الصليبيين في حطّين وتحرير مدن عديدة في الشام ونشر العدل وإبطال المكوس والمظالم. ولعله استفاد إلى جانب الشافعية من المذهبين الحنفي والمالكي كما تشير سيرته إذ أبدى انتفاحًا على هذين المذهبين وأسس لهما مدارس.
مشكلة هؤلاء المعاصرين أنّهم غالوا في رفض المصلحة المبنية على النظر العقلي المنضبط، وزعموا أنّ كل شيء يتعلّق بالعمل للتمكين أو النظام السياسي أو الاقتصادي قد فصّلتْه الشريعة، ومن هنا يلجؤون إلى النصّ فحسب لرسم معالم الحلّ والنظام الذي يريدونه في الواقع، ومن ثم تخرج معهم خلطة مغرقة في المثالية وبعيدة عن القدرة على التطبيق أو حلّ أزمات المسلمين.
فبعضهم يرفض أن تتدخل الدولة في الاقتصاد والتخطيط والتوزيع والتقنين لأنّه بنظره "قذف بالغيب" والشريعة نزلت بنظام كامل متكامل أو "مقصوصة الحقوق" التي ما علينا سوى تنفيذها!
وبعضهم يرى أن الواجب في أي دولة يسيطر عليها الإسلاميون "إعلان الخلافة" لأنها أوجب الواجبات في نظره وتكون هذه الخلافة جامعة لكل المسلمين وعليها أن تواجه العالم كله وتطبّق الإسلام تطبيقًا انقلابيًّا!
وبعضهم يرى أنّ علينا أن نرى موقعنا اليوم من السيرة النبوية، فيقسّم السيرة إلى مراحل، ويقسّم القرآن بترتيب النزول، وعلينا أن نتحرّك في العمل الإسلامي من البداية في أوائل المرحلة المكية وما نزل بها من قرآن، ثم ننتقل كما مضت السيرة زمنيًّا وهكذا!
هذه هي مشكلة الذين يتحدثون عن "الشريعة" اليوم أو "الدين" تحت عنوان "ما ينبغي أن يكون" باعتباره حلّا، وهي معضلة فكرية ما زالت تتكرر مع كثير من الأطروحات الإسلامية مع الأسف، تلك الأطروحات التي تتجاهل الواقع ومستجداته وتكتفي ببيان فساده، دون أن تبيّن كيفية إصلاحه انطلاقًا من النقطة التي نحن فيها، لا انطلاقًا من النقطة التي نرجوها في المثال!
ومن ذلك أيضًا أولئك الذين يتساءلون: هل نحن في المرحلة المكية أم المرحلة المدنية؟ أو ما شابه من محاولات استنساخ الزمن النبوي. والواقع أننا ببساطة في مرحلة القرن الواحد والعشرين وتحدّياته وتضاريسه، وتحديدًا في عام 1446 هـ، والدرس الأكبر المستفاد من السيرة هو أن نتعلّم من المصطفى صلّى الله عليه وسلّم كيف تعامل مع معطيات واقعه وتحدّياته بما يناسبها من إجراءات.
وسواءً كان الفعل النبوي السائر نحو التمكين وحيًا من الله أو اجتهادًا من نبيّه صلّى الله عليه وسلّم فليست هذه هي القضية، لأنّ هناك من يحبّ أن يؤكّد أنّ الفعل النبوي في السير إلى التمكين كان بوحي، ولا أخالفه في ذلك، ولكنّ هذا لا يغيّر من الحقيقة شيئًا، وهو أنّ الله عزّ وجلّ يعلّمنا من خلال أفعال نبيّه صلّى الله عليه وسلّم كيف ينبغي لنا أن نتعامل مع مفردات الواقع الذي نعيشه بما يناسبها ويكافئها من خطوات وممارسات واستراتيجيات، مع أخذ الدروس والعبر من الفعل النبوي الذي سعى إلى التمكين، وهذا هو تحقيق مفهوم الاقتداء في هذا الباب.
وأعتقد أنّ أخطر ما في هذا النوع من التفكير المعوجّ تعطيل قدرة الإنسان على التفكير في واقعه وعلى اتخاذ الإجراءات الأكثر صلاحًا بحسب ما وصل إليه باجتهاده دون تجاوز الشريعة، فهذا من تفعيل مفهوم الابتلاء في الدنيا.
وتعود جذور هذه الأزمة إلى خلاف أصولي قديم بين الشافعية وغيرهم، لكنها لم تكن تؤثّر على سياسات المسلمين ودولهم وعملهم بالمصلحة واقتناص الفرص المتاحة وتفعيل العقل المسلم في التفاصيل الراهنة والاختيار من بينها بما يراه أنفع للمسلمين والاستفادة من تجارب الآخرين.
وليس أدلّ على ذلك من نموذج صلاح الدين الأيوبي الشافعي رحمه الله، فقد كان وما زال مدرسة في العمل السياسي الذكي المدرك لتحدّيات لحظته التاريخية والمقتنص للفرص المتاحة والعامل في صالح المسلمين، حتى لو أخفق في بعض محطاته كعدم إصلاح نظام الحكم الذي جعله يكون محطّة زاهرة تلتها محطات أيوبية مؤسفة، ولكنْ يكفيه فخرًا قدرته على تفكيك النظام الفاطمي في مصر ثم توحيد مصر والشام ثم هزيمة الصليبيين في حطّين وتحرير مدن عديدة في الشام ونشر العدل وإبطال المكوس والمظالم. ولعله استفاد إلى جانب الشافعية من المذهبين الحنفي والمالكي كما تشير سيرته إذ أبدى انتفاحًا على هذين المذهبين وأسس لهما مدارس.
مشكلة هؤلاء المعاصرين أنّهم غالوا في رفض المصلحة المبنية على النظر العقلي المنضبط، وزعموا أنّ كل شيء يتعلّق بالعمل للتمكين أو النظام السياسي أو الاقتصادي قد فصّلتْه الشريعة، ومن هنا يلجؤون إلى النصّ فحسب لرسم معالم الحلّ والنظام الذي يريدونه في الواقع، ومن ثم تخرج معهم خلطة مغرقة في المثالية وبعيدة عن القدرة على التطبيق أو حلّ أزمات المسلمين.
فبعضهم يرفض أن تتدخل الدولة في الاقتصاد والتخطيط والتوزيع والتقنين لأنّه بنظره "قذف بالغيب" والشريعة نزلت بنظام كامل متكامل أو "مقصوصة الحقوق" التي ما علينا سوى تنفيذها!
وبعضهم يرى أن الواجب في أي دولة يسيطر عليها الإسلاميون "إعلان الخلافة" لأنها أوجب الواجبات في نظره وتكون هذه الخلافة جامعة لكل المسلمين وعليها أن تواجه العالم كله وتطبّق الإسلام تطبيقًا انقلابيًّا!
وبعضهم يرى أنّ علينا أن نرى موقعنا اليوم من السيرة النبوية، فيقسّم السيرة إلى مراحل، ويقسّم القرآن بترتيب النزول، وعلينا أن نتحرّك في العمل الإسلامي من البداية في أوائل المرحلة المكية وما نزل بها من قرآن، ثم ننتقل كما مضت السيرة زمنيًّا وهكذا!
30.04.202520:44
من لم يحتملوا نحو مليون عربي بأن يعيشوا بينهم فطردوهم عام 1948 وهدموا قراهم - وهي بالمئات - وسلبوا ممتلكاتهم وقضوا على تراث محلّي متكامل.. من يستخدمون الغذاء سلاحًا بشكل منهجي كما قال المقرر الأممي المعني بالحقّ في الغذاء مؤخّرا.. هؤلاء، تخيّلوا هؤلاء، قلقون على سلامة الدروز الذين عاشوا وازدهروا لقرون بسلام بين المسلمين في سورية!
28.04.202512:05
تسريب جمال عبد الناصر الجديد وموقفه من القضية الفلسطينية ينسجم في عمومه مع ما قاله المؤرّخ إيلان بابيه عن عبد الناصر في بودكاست "هامش جاد" حول نفي ثوريّته المزعومة، ومع ما قاله قبل ذلك الكاتب اليساري الصهيوني أوري أفنيري في شهادته عن عبد الناصر في حرب 1948 وما بعدها.
أما أفنيري فيحدثنا عمّا جرى بين "الجِنْجي"، وهو صهيوني يمني كان معاونا لإيغال ألون واسمه يروحام كوهين، وبين عبد الناصر حين تفاوضا على إخلاء الجرحى الواقعين بين خطوط التماس في الفالوجة، يقول أفنيري في مقاله "ناصر وأنا": "نشأتْ بين الرجلين صداقة عميقة". خلال التفاوض قال كوهين لناصر: "تشجّع يا جمال، ستخرج من هنا حيّا، وستنجب الأطفال أيضًا". يرسل له ناصر بعد سنوات عبر ممثّل الهدنة الإسرائيلية المصرية: "طلب منّي العقيد جمال عبد الناصر أن أخبرك بأنّه قد وُلد له ابن". يستمر أفنيري قائلا: "سارع يروحام إلى شراء بدلة أطفال وإرسالها لمحاوره المصري. في الجلسة التالية نقل له المصري تحيّة من عبد الناصر وحزمة كعك من قهوة "جروبي" المعروفة في القاهرة". وحتى بعد تولي ناصر رئاسة النظام الجديد في مصر دعا صديقه يروحام – كما يقول أفنيري – إلى لقاء شخصي في القاهرة، لكن الحكومة الإسرائيلية لم تسمح ليروحام بذلك.
وبالمناسبة هذه التفاصيل الصغيرة – إن صدقتْ – لا تؤكّد الخيانة بقدر ما تؤكّد كيف تُصنع المواقف السياسية، مثل هذه الأفعال الصغيرة هي التي تصنع مواقف كثير من الساسة، والسياسة في النهاية متأثّرة جدّا بالمواقف والعلاقات الشخصية.
يستمر أفنيري فيقول: "في أحد الأيام هاتفني صديقي الفرنسي، الصحفي الموقّر إريك رولو، وطلب منّي الحضور على وجه السرعة إلى باريس. رولو، يهودي وُلد في مصر، وعمل في الصحيفة الفرنسية المرموقة لوموند. لقد كان مقبولا جدّا لدى القيادة المصرية. كشف لي في باريس بأنّه للتوّ قد قدّم له ناصر مقابلة طويلة. كما تم الاتفاق مسبقا، قدّم له رولو النصّ للموافقة عليه قبل النشر. بعد دراسة الأمر حذف ناصر جزءًا مهمّا من النصّ: عرض صريح لصنع السلام مع إسرائيل. كان هذا العرض مشابها تقريبا للاتفاق النهائي الذي تم التوقيع عليه بعد مرور تسع سنوات من قبل السادات وبيجن".
أما إيلان بابيه فيقول في بودكاست "هامش جاد": "حتى جمال عبد الناصر الذي يُبجَّل بسبب ما حدث في 1967، والذي لا أعتقد أنه كان يقصد فعله بالمناسبة، في الخمسينيات كانت له مفاوضات مكثّفة مع الإسرائيليين لا يعلم بها الناس، قال خلالها: يمكنني أن أقبل إسرائيل أصغر، ليست الموجودة حينها، من دون النقب، لأنّه أراد جسرًا برّيًا بين مصر وبقية العالم العربي، أراد أن تقبل إسرائيل بعودة اللاجئين، ونعم بذلك يمكن وجود كيان سياسي يشعر فيه اليهود بالأمان، وسأضمن أمنهم أيضًا باعتباري قائد مصر، كانت تلك فكرته. بطبيعة الحال الإسرائيليون رفضوا، لكنّ الناس لديهم هذه الصورة عن جمال عبد الناصر، هو قال: أنا لست ضدّ اليهود، لا أريد قتال إسرائيل، لكني لا يمكن أن أتجاهل القضية الفلسطينية، ولا يمكن أن أقبل دولة غريبة تخدم الإمبريالية الأميركية في وسط العالم العربي، لكنّ ذلك لا يعني أنّي لا أفهم.. في ذلك الوقت كان في (في إسرائيل) مليون ونصف المليون يهودي.. لم يكن يتحدث كما تحدّث الخميني لاحقًا. كما تعلم، القادة الإيرانيون قالوا إنّ كل هؤلاء اليهود يجب أن يعودوا إلى أراضيهم، إلى دولهم الأصلية، وهو كلام ربّما كان أكثر منطقيّةً في 1954، لكنّه (عبد الناصر) لم يستخدم ذلك المنطق، لم يقل ذلك، قال: لا لا، يمكنهم البقاء لكن لا يمكنهم أن يكونوا كيانًا غربيّا عدائيّا. بطبيعة الحال، عندما تقول هذا للمصريين اليوم لا يعجبهم، يقولون: لا، ناصر كان دائمًا يدافع عن الفلسطينيين، أقول نعم، لقد دافع عن الفلسطينيين، لكنك لا تدافع عن الفلسطينيين بخطاب التدمير فحسب، يمكنك الدفاع عن الفلسطينيين بخَلق واقع سياسي عقلاني وبراغماتي". انتهى كلام بابيه.
لماذا أنقل ذلك كله؟
لأنّ هناك تصوّرًا سطحيّا قديمًا لدى الناصريين والقوميين العرب مفاده أنّ فكرة التقليل من ثورية عبد الناصر والقول بمهادنته وعلاقته بالأمريكان والصهاينة هي دعاية إسلامية كيدية بسبب ما فعله عبد الناصر بهم، وأنّ الإسلاميين في ذلك أسرى لنظريات مؤامرة وهمية، وأنّ عبد الناصر – رغم الملاحظات على استبداده وأخطائه – كان زعيمًا ثوريًّا صادقًا.. هكذا يردّد أولئك الناصريون والقوميون.
أما أفنيري فيحدثنا عمّا جرى بين "الجِنْجي"، وهو صهيوني يمني كان معاونا لإيغال ألون واسمه يروحام كوهين، وبين عبد الناصر حين تفاوضا على إخلاء الجرحى الواقعين بين خطوط التماس في الفالوجة، يقول أفنيري في مقاله "ناصر وأنا": "نشأتْ بين الرجلين صداقة عميقة". خلال التفاوض قال كوهين لناصر: "تشجّع يا جمال، ستخرج من هنا حيّا، وستنجب الأطفال أيضًا". يرسل له ناصر بعد سنوات عبر ممثّل الهدنة الإسرائيلية المصرية: "طلب منّي العقيد جمال عبد الناصر أن أخبرك بأنّه قد وُلد له ابن". يستمر أفنيري قائلا: "سارع يروحام إلى شراء بدلة أطفال وإرسالها لمحاوره المصري. في الجلسة التالية نقل له المصري تحيّة من عبد الناصر وحزمة كعك من قهوة "جروبي" المعروفة في القاهرة". وحتى بعد تولي ناصر رئاسة النظام الجديد في مصر دعا صديقه يروحام – كما يقول أفنيري – إلى لقاء شخصي في القاهرة، لكن الحكومة الإسرائيلية لم تسمح ليروحام بذلك.
وبالمناسبة هذه التفاصيل الصغيرة – إن صدقتْ – لا تؤكّد الخيانة بقدر ما تؤكّد كيف تُصنع المواقف السياسية، مثل هذه الأفعال الصغيرة هي التي تصنع مواقف كثير من الساسة، والسياسة في النهاية متأثّرة جدّا بالمواقف والعلاقات الشخصية.
يستمر أفنيري فيقول: "في أحد الأيام هاتفني صديقي الفرنسي، الصحفي الموقّر إريك رولو، وطلب منّي الحضور على وجه السرعة إلى باريس. رولو، يهودي وُلد في مصر، وعمل في الصحيفة الفرنسية المرموقة لوموند. لقد كان مقبولا جدّا لدى القيادة المصرية. كشف لي في باريس بأنّه للتوّ قد قدّم له ناصر مقابلة طويلة. كما تم الاتفاق مسبقا، قدّم له رولو النصّ للموافقة عليه قبل النشر. بعد دراسة الأمر حذف ناصر جزءًا مهمّا من النصّ: عرض صريح لصنع السلام مع إسرائيل. كان هذا العرض مشابها تقريبا للاتفاق النهائي الذي تم التوقيع عليه بعد مرور تسع سنوات من قبل السادات وبيجن".
أما إيلان بابيه فيقول في بودكاست "هامش جاد": "حتى جمال عبد الناصر الذي يُبجَّل بسبب ما حدث في 1967، والذي لا أعتقد أنه كان يقصد فعله بالمناسبة، في الخمسينيات كانت له مفاوضات مكثّفة مع الإسرائيليين لا يعلم بها الناس، قال خلالها: يمكنني أن أقبل إسرائيل أصغر، ليست الموجودة حينها، من دون النقب، لأنّه أراد جسرًا برّيًا بين مصر وبقية العالم العربي، أراد أن تقبل إسرائيل بعودة اللاجئين، ونعم بذلك يمكن وجود كيان سياسي يشعر فيه اليهود بالأمان، وسأضمن أمنهم أيضًا باعتباري قائد مصر، كانت تلك فكرته. بطبيعة الحال الإسرائيليون رفضوا، لكنّ الناس لديهم هذه الصورة عن جمال عبد الناصر، هو قال: أنا لست ضدّ اليهود، لا أريد قتال إسرائيل، لكني لا يمكن أن أتجاهل القضية الفلسطينية، ولا يمكن أن أقبل دولة غريبة تخدم الإمبريالية الأميركية في وسط العالم العربي، لكنّ ذلك لا يعني أنّي لا أفهم.. في ذلك الوقت كان في (في إسرائيل) مليون ونصف المليون يهودي.. لم يكن يتحدث كما تحدّث الخميني لاحقًا. كما تعلم، القادة الإيرانيون قالوا إنّ كل هؤلاء اليهود يجب أن يعودوا إلى أراضيهم، إلى دولهم الأصلية، وهو كلام ربّما كان أكثر منطقيّةً في 1954، لكنّه (عبد الناصر) لم يستخدم ذلك المنطق، لم يقل ذلك، قال: لا لا، يمكنهم البقاء لكن لا يمكنهم أن يكونوا كيانًا غربيّا عدائيّا. بطبيعة الحال، عندما تقول هذا للمصريين اليوم لا يعجبهم، يقولون: لا، ناصر كان دائمًا يدافع عن الفلسطينيين، أقول نعم، لقد دافع عن الفلسطينيين، لكنك لا تدافع عن الفلسطينيين بخطاب التدمير فحسب، يمكنك الدفاع عن الفلسطينيين بخَلق واقع سياسي عقلاني وبراغماتي". انتهى كلام بابيه.
لماذا أنقل ذلك كله؟
لأنّ هناك تصوّرًا سطحيّا قديمًا لدى الناصريين والقوميين العرب مفاده أنّ فكرة التقليل من ثورية عبد الناصر والقول بمهادنته وعلاقته بالأمريكان والصهاينة هي دعاية إسلامية كيدية بسبب ما فعله عبد الناصر بهم، وأنّ الإسلاميين في ذلك أسرى لنظريات مؤامرة وهمية، وأنّ عبد الناصر – رغم الملاحظات على استبداده وأخطائه – كان زعيمًا ثوريًّا صادقًا.. هكذا يردّد أولئك الناصريون والقوميون.
27.04.202511:17
خلاصة الحكاية: السائر في ركب "المحور" كالسائر في ركب "حلفاء أمريكا" ولا فرق، كلاهما يأخذ بيد الأمة إلى الهاوية. ولن يعزّ الله هذه الأمة حتى تشقّ طريقها الوسط، "لا شرقية ولا غربية".
06.05.202514:44
{فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون}
بوصلتك إن تهت وضللت، وعزاؤك لكل فوات في الدنيا، وبلسم قلبك وشفاؤه الذي لا يغيب..
بوصلتك إن تهت وضللت، وعزاؤك لكل فوات في الدنيا، وبلسم قلبك وشفاؤه الذي لا يغيب..
04.05.202512:15
من الكتب التي أدعو برامج التعليم الشرعي والبرامج التثقيفية اعتمادها للمطالعة والدراسة والمناقشة هذا الكتاب: "التعليم والإرشاد" للعلّامة محمد بدر الدين النعساني الحلبي رحمه الله (1298-1361 هـ).
ورغم أنّ الكتاب صدر قديمًا (1324هـ - 1906م) فإنّه لم يأخذ حظّه من الاستفادة، وكثير من القرّاء يجهلونه، وقد كنت أجهله إلى وقت قريب حتى عرّفني به أحد الإخوة قبل عامين.
يتناول المؤلّف في كتابه هذا جانب "التعليم" ومناهجه، ويكشف عن مشاكل المناهج الدراسية التراثية والحديثة في عصره في الأزهر وغيره، وبكلماته: "وفيه الكلام على العلوم والمؤلفات وبيان الجيّد منها من غيره، وشرح أسباب انحطاط العلوم الشرعية، وذكر الطرق النافعة في التعليم".
ويستند في كثير مما يقول إلى مرجعية تراثية وهي ما ذكره ابن خلدون في "المقدمة" بشكل أساسي إلى جانب غيره. ونفَسُه في هذا الكتاب إصلاحي لا هَدمي ولا طعني كما هو حال المستشرقين الذين حملوا مقولة الانحطاط، فهي مقولة صحيحة لا مفرّ منها إلا عند المكابرين الذين يقولون بلسان الحال "ليس في الإمكان أبدع مما كان" وصفًا لعلوم المتأخّرين وطرائق درسهم التي انتهى العهد إليها في العصور المملوكية ثم العثمانية وباتت عندهم أشبه بالمقدّس الذي لا يجوز مسّه أو تغييره!
وأنا أعدُك أنك لن تخرج من الكتاب كما دخلت إليه، وهو يفتح آفاقًا من التأمّل والتفكير حتى لو لم نوافق الكاتب في كل ما ذهب إليه، لكنّه لبِنة إصلاحية مهمة في باب إصلاح مناهج التعليم.
ومن الطريف أنني كتبت قبل نحو 15 عامًا دراسة حول "مشكلات تدريس النحو العربي وعلاجها" واستندت فيها إلى ابن خلدون أيضًا، ذلك العبقريّ الفذّ الذي يستحقّ منّا كل الشكر والدعاء على ما قدّم من خدمة للعلوم الإسلامية. وكنت آنذاك أدرس مناهج التدريس في الجامعة.
والحقيقة أنّني أجد إشكاليات بارزة في مناهج التدريس الحداثية المعاصرة، حتى تلك التي لا تلتزم بالمناهج التراثية، ومعظمها يتعلّق بطريقة تناول الطلاب للمواد وطرق التقييم بالاختبارات وغيرها، فالقضية ليست خاصة بنقد التراث لأنّه تراث وقديم كما قد يُظنّ، بل أجد في المتقدّمين من القرون الأولى منافع تفوق ما لدى المتأخّرين، ولنا في هذا حديث آخر ليس هذا مقامه، لعله يفتح بابا لبحث جديد في نقد طرق التعليم والتقييم الحداثية إن شاء الله.
(يمكن تحميله في المنشور السابق هنا)
ورغم أنّ الكتاب صدر قديمًا (1324هـ - 1906م) فإنّه لم يأخذ حظّه من الاستفادة، وكثير من القرّاء يجهلونه، وقد كنت أجهله إلى وقت قريب حتى عرّفني به أحد الإخوة قبل عامين.
يتناول المؤلّف في كتابه هذا جانب "التعليم" ومناهجه، ويكشف عن مشاكل المناهج الدراسية التراثية والحديثة في عصره في الأزهر وغيره، وبكلماته: "وفيه الكلام على العلوم والمؤلفات وبيان الجيّد منها من غيره، وشرح أسباب انحطاط العلوم الشرعية، وذكر الطرق النافعة في التعليم".
ويستند في كثير مما يقول إلى مرجعية تراثية وهي ما ذكره ابن خلدون في "المقدمة" بشكل أساسي إلى جانب غيره. ونفَسُه في هذا الكتاب إصلاحي لا هَدمي ولا طعني كما هو حال المستشرقين الذين حملوا مقولة الانحطاط، فهي مقولة صحيحة لا مفرّ منها إلا عند المكابرين الذين يقولون بلسان الحال "ليس في الإمكان أبدع مما كان" وصفًا لعلوم المتأخّرين وطرائق درسهم التي انتهى العهد إليها في العصور المملوكية ثم العثمانية وباتت عندهم أشبه بالمقدّس الذي لا يجوز مسّه أو تغييره!
وأنا أعدُك أنك لن تخرج من الكتاب كما دخلت إليه، وهو يفتح آفاقًا من التأمّل والتفكير حتى لو لم نوافق الكاتب في كل ما ذهب إليه، لكنّه لبِنة إصلاحية مهمة في باب إصلاح مناهج التعليم.
ومن الطريف أنني كتبت قبل نحو 15 عامًا دراسة حول "مشكلات تدريس النحو العربي وعلاجها" واستندت فيها إلى ابن خلدون أيضًا، ذلك العبقريّ الفذّ الذي يستحقّ منّا كل الشكر والدعاء على ما قدّم من خدمة للعلوم الإسلامية. وكنت آنذاك أدرس مناهج التدريس في الجامعة.
والحقيقة أنّني أجد إشكاليات بارزة في مناهج التدريس الحداثية المعاصرة، حتى تلك التي لا تلتزم بالمناهج التراثية، ومعظمها يتعلّق بطريقة تناول الطلاب للمواد وطرق التقييم بالاختبارات وغيرها، فالقضية ليست خاصة بنقد التراث لأنّه تراث وقديم كما قد يُظنّ، بل أجد في المتقدّمين من القرون الأولى منافع تفوق ما لدى المتأخّرين، ولنا في هذا حديث آخر ليس هذا مقامه، لعله يفتح بابا لبحث جديد في نقد طرق التعليم والتقييم الحداثية إن شاء الله.
(يمكن تحميله في المنشور السابق هنا)
02.05.202511:58
لا أتفق مع التحليل الذي يقول إنّ الضربة الإسرائيلية قرب القصر الرئاسي جاءت فقط لإرضاء الدروز عندها الذين يفتعلون أعمال شغب في الشوارع، فهم لا يشكّلون ضغطا عليها، لكن الواقع أنّ مثل هذه الحراكات تعضد ادعاءاتها بخصوص حماية الدروز، أي لتبدو كما لو كانت تتحرّك أيضًا بضغط من هؤلاء من شعبها الذين يطالبون بحماية أبناء طائفتهم.
الهدف الأساسي الذي أراه هو استفزاز الدولة السورية الجديدة للإقبال على ردّ فعل عسكري ليكون حجّة في ضربها وتفكيكها، كما فعلت في الأيام الماضية وقبل ذلك في الجولان. ويؤيّده ما ذكره وزير المالية الإسرائيلي سموطريتش في خطاب له قبل أيام في "يوم الذكرى" في مستوطنة "عيلي" في الضفة، حيث قال: "سنُنهي هذه المعركة حين تكون سورية مفككة..." وذكر أهدافا أخرى منها إخراج مئات الآلاف من سكان القطاع.
والذي أراه أن النظام الدولي الذي تقوده أمريكا لا يريد سورية موحّدة مستقرّة، ومهما أبدى هؤلاء الإسلاميون الذين يحكمونها من تنازلات وتغييب لقضية الشريعة فالمشكلة ما تزال قائمة، أنها بيد غير مضمونة، وأن حالة الاستقرار والوحدة وحرية المجتمع في سورية تؤدي إلى تنامي خطر إسلامي وشيك في قابل السنوات، ومن ثم ينبغي تفكيك هذا الخطر قبل ولادته عبر إغراق البلاد بالفوضى والصراعات الداخلية والتفكّك كما ذكر سموطريتش.
وبمجرّد اندلاع الحرب في سورية وإنهاك الدولة هناك بالضربات الجوية العنيفة ستكون الفرصة أكبر لتحرّك الميليشيات الانفصالية من الشرق والساحل وجبل العرب والسعي في إنشاء كيانات شبه مستقلّة كما حدث في الصومال وغيرها من البلدان.
الهدف الأساسي الذي أراه هو استفزاز الدولة السورية الجديدة للإقبال على ردّ فعل عسكري ليكون حجّة في ضربها وتفكيكها، كما فعلت في الأيام الماضية وقبل ذلك في الجولان. ويؤيّده ما ذكره وزير المالية الإسرائيلي سموطريتش في خطاب له قبل أيام في "يوم الذكرى" في مستوطنة "عيلي" في الضفة، حيث قال: "سنُنهي هذه المعركة حين تكون سورية مفككة..." وذكر أهدافا أخرى منها إخراج مئات الآلاف من سكان القطاع.
والذي أراه أن النظام الدولي الذي تقوده أمريكا لا يريد سورية موحّدة مستقرّة، ومهما أبدى هؤلاء الإسلاميون الذين يحكمونها من تنازلات وتغييب لقضية الشريعة فالمشكلة ما تزال قائمة، أنها بيد غير مضمونة، وأن حالة الاستقرار والوحدة وحرية المجتمع في سورية تؤدي إلى تنامي خطر إسلامي وشيك في قابل السنوات، ومن ثم ينبغي تفكيك هذا الخطر قبل ولادته عبر إغراق البلاد بالفوضى والصراعات الداخلية والتفكّك كما ذكر سموطريتش.
وبمجرّد اندلاع الحرب في سورية وإنهاك الدولة هناك بالضربات الجوية العنيفة ستكون الفرصة أكبر لتحرّك الميليشيات الانفصالية من الشرق والساحل وجبل العرب والسعي في إنشاء كيانات شبه مستقلّة كما حدث في الصومال وغيرها من البلدان.
30.04.202516:38
كل شيخ أو مثقف يمارس ترسيخ الهوية الوطنية في بلاد المسلمين، وترسيخ الولاء على أساس الاجتماع في الدولة القُطرية، ففضلًا عن مخالفته للخطاب الشرعي وما في ذلك من إثم فهو يؤخّر يقظة هذه الأمة وقدرتها على النهوض، إذ لا نهوض لهذه الأمة إلا حين تعي ذاتها وهويتها، فلا تلتبس ذاتها بذوات أعدائها تحت شعارات زائفة كالأخوة الوطنية وما شابه من أكاذيب.
28.04.202512:05
وهذه الشهادات وغيرها التي تخرج إما بتسريبات جديدة أو بشهادات لشخصيات أو بدراسة تاريخية للوثائق تتقاطع بشكل كبير مع شهادة الإسلاميين القديمة حول عبد الناصر، وهي مهمة جدا لإعادة رسم صورة الرجل في المخيال العربي، لا كزعيم "ثوري" كانت جنازته من أكبر جنازات العالم، بل كسياسي عادي وفاشل في محطات كثيرة، لكنّه عاش في عصر كان مستوى الوعي السياسي العربي فيه متدنّيًا جدّا إلى درجة جعله أهم زعيم ثوري! وأيّا كان رأيك بعبد الناصر، فمن المهم أن يوضع في مكانته المناسبة في تاريخ القرن العشرين.
27.04.202508:25
المقولة التأسيسية لكل نهضة عربية ممكنة في أي بلد هي "الشريعة"، فهي التي تقدم المرجعية والمعايير والهوية والرسالة للعالم، وكل منظومة أخرى دونها فهي طريق الفشل والهزيمة والتبعية والتخلف، مهما تبدى من بريق دنيوي في البدايات.
05.05.202520:07
أكثر ما يثبّطني عن التزام الحمية في طعامي ما أعلمه من أطنان الطعام غير الصحّي التي تُقدّم لأهلنا في القطاع.. ورغم ما أشعر به من ألم جسدي أحيانا، بتّ أشعر مؤخّرا بلا مبالاة تجاه عدم التزام الحمية التي أوصى بها الطبيب، فشتّان بين من تتوفّر له الخيارات من الطعام وبين من هو مجبَر على هذه الأطعمة التي تحمل معها الأمراض والآفات!
....
كتبت هذا قبل مدة، والآن لم يعد هناك تلك الأطنان من الطعام غير الصحّي المسبب للأمراض، بل شحّ وضيقٌ نراه بالصوت والصورة ونمضي إلى حيواتنا وكأنّ شيئا لم يكن..
أما الدواء، فتساءلت اليوم إذ لم أُحضر الدواء الذي نفد عندي: ما جدوى المحافظة على تناول الدواء وأهلنا وأحبابنا يموتون ألف مرة قبل أن يجدوا أبسط الأدوية، بل كثير منهم لا يجدها ليواجه مصيره فيذوي شيئا فشيئا بصحبة أمراضه المزمنة التي تأكله ببطء..
نرى أهلنا هناك يذوون شيئا فشيئا، يتلاشون وتخفت فيهم الحياة، وإنْ كانت كلمات الرضا تغمر ألسنتهم وقلوبهم، ولكنه رضا مشوب بالاستسلام للمأساة إذ لم يعد هناك أي استجابة ولا جهة يوثق باستجابتها غير الله.. وربّما يكون أملهم بكفّ القوى المهيمنة للحرب ذاتيًّا أكثر من أملهم بإخوانهم في هذا البحر العربي الإسلامي الكبير المتلاطم الغثاء!
....
كتبت هذا قبل مدة، والآن لم يعد هناك تلك الأطنان من الطعام غير الصحّي المسبب للأمراض، بل شحّ وضيقٌ نراه بالصوت والصورة ونمضي إلى حيواتنا وكأنّ شيئا لم يكن..
أما الدواء، فتساءلت اليوم إذ لم أُحضر الدواء الذي نفد عندي: ما جدوى المحافظة على تناول الدواء وأهلنا وأحبابنا يموتون ألف مرة قبل أن يجدوا أبسط الأدوية، بل كثير منهم لا يجدها ليواجه مصيره فيذوي شيئا فشيئا بصحبة أمراضه المزمنة التي تأكله ببطء..
نرى أهلنا هناك يذوون شيئا فشيئا، يتلاشون وتخفت فيهم الحياة، وإنْ كانت كلمات الرضا تغمر ألسنتهم وقلوبهم، ولكنه رضا مشوب بالاستسلام للمأساة إذ لم يعد هناك أي استجابة ولا جهة يوثق باستجابتها غير الله.. وربّما يكون أملهم بكفّ القوى المهيمنة للحرب ذاتيًّا أكثر من أملهم بإخوانهم في هذا البحر العربي الإسلامي الكبير المتلاطم الغثاء!
04.05.202512:14
انظر الشرح 👇🏼👇🏼
01.05.202514:31
هذا مقال ممتاز، لم أقرأ شيئا مثله أو أشاهد منذ أن بدأ الحديث عن إصلاح الاقتصاد السوري.
أبرز ما أعجبني فيه:
- رفض النيوليبرالية (أو الرأسمالية المتوحشة) مع رفض الاشتراكية، فنحن لسنا مجبرين على المضي مع أحد النموذجين، كلاهما يؤدي إلى الفشل والفساد (قارن مصر حين مضت مع الأول وسورية الكلب حين مضت مع الثاني).
- رفض وصفات صندوق النقد الدولي وقروضها والاستعاضة عن ذلك بالاعتماد على رأس المال الوطني متمثّلا بما يسميه "سندات الشتات" وتعبئة الموارد الشعبية.
- التأكيد على أنّ الدولة هي قاطرة التنمية، فهي التي توجّه القطاع الخاص والنهضة الصناعية. بعيدًا عن أفكار السوق الحرّ الذي يفتح الباب للاستثمارات الأجنبية بلا قيود.
- التأكيد على دور التعليم المهني والفنّي في النهوض الصناعي، فلا نهضة صناعية مع أنظمة التعليم الجامعي النظرية الحالية.
- تأكيده على أولوية الاقتصاد الإنتاجي لا المالي، أي بكلمات أخرى الاعتماد على الاقتصاد العيني كالزراعة والصناعة والتجارة.
ربما ينقص المقال الانطلاق من رؤية حضارية جامعة ومنطلقات قيمية واضحة، فهو يتعامل مع كل ما ذكر كإجراء تكنوقراطي للنهوض الاقتصادي، وأنا لا أعرف في الحقيقة خلفية الكاتب، لكن إذا أضيف إلى هذه الأطروحة رؤية إسلامية تؤكّد على الحلال والحرام (كتحريم الربا والغرر والاحتكار والنجش والغش والمقامرة وبيع ما لا تملك وغيرها) وترسّخ القيم الإسلامية العليا التي تكافح التبعية والفساد، مع تعزيز العدل الاجتماعي الذي جاء به الإسلام وخصوصا في مجالات قد لا يهتم بها من يتحدث عن "اقتصاد الدولة" وهي قضايا الأراضي والمشاريع الصغيرة وحمايتها من تغوّل رأس المال الكبير وغير ذلك.. فالهدف ليس مجرد "النهوض بالاقتصاد" بل أيضا تقويمه شرعيا وأخلاقيا.
إلى جانب تنمية المؤسسات الإسلامية وتعزيز دورها كالأوقاف والزكاة والعمل الخيري، فلها دور محوري في دعم الأسر المنتجة والمشاريع الصغيرة. وهي أدوات مهمة لرفع الاقتصاد في مجتمع مسلم في معظمه.
والحقيقة أن الرؤية الاقتصادية تحتاج إلى نظام سياسي له هوية واضحة ومشروع حضاري واضح، فلا يمكن للتنمية أن تتحول إلى مشروع جماعي لسكان أي دولة بغير وجود انتماء حقيقي أصيل.
وأمر أخير أضيفه في هذا الصدد، وهو أنّ من وظائف التنمية أيضًا حفظ الدولة من التبعية والتفكك، مما يجعل امتلاك القوة وبناءها أمرًا لا مفرّ منه في أي خطّة تنموية لدولة تحترم نفسها وسكانها. وهذا يستدعي دمج مفهوم "الأمن القومي" في إطار المساعي التنموية.
رابط المقال:
https://vizier.report/p/state-capitalism-with-syrian-characteristics-ar
أبرز ما أعجبني فيه:
- رفض النيوليبرالية (أو الرأسمالية المتوحشة) مع رفض الاشتراكية، فنحن لسنا مجبرين على المضي مع أحد النموذجين، كلاهما يؤدي إلى الفشل والفساد (قارن مصر حين مضت مع الأول وسورية الكلب حين مضت مع الثاني).
- رفض وصفات صندوق النقد الدولي وقروضها والاستعاضة عن ذلك بالاعتماد على رأس المال الوطني متمثّلا بما يسميه "سندات الشتات" وتعبئة الموارد الشعبية.
- التأكيد على أنّ الدولة هي قاطرة التنمية، فهي التي توجّه القطاع الخاص والنهضة الصناعية. بعيدًا عن أفكار السوق الحرّ الذي يفتح الباب للاستثمارات الأجنبية بلا قيود.
- التأكيد على دور التعليم المهني والفنّي في النهوض الصناعي، فلا نهضة صناعية مع أنظمة التعليم الجامعي النظرية الحالية.
- تأكيده على أولوية الاقتصاد الإنتاجي لا المالي، أي بكلمات أخرى الاعتماد على الاقتصاد العيني كالزراعة والصناعة والتجارة.
ربما ينقص المقال الانطلاق من رؤية حضارية جامعة ومنطلقات قيمية واضحة، فهو يتعامل مع كل ما ذكر كإجراء تكنوقراطي للنهوض الاقتصادي، وأنا لا أعرف في الحقيقة خلفية الكاتب، لكن إذا أضيف إلى هذه الأطروحة رؤية إسلامية تؤكّد على الحلال والحرام (كتحريم الربا والغرر والاحتكار والنجش والغش والمقامرة وبيع ما لا تملك وغيرها) وترسّخ القيم الإسلامية العليا التي تكافح التبعية والفساد، مع تعزيز العدل الاجتماعي الذي جاء به الإسلام وخصوصا في مجالات قد لا يهتم بها من يتحدث عن "اقتصاد الدولة" وهي قضايا الأراضي والمشاريع الصغيرة وحمايتها من تغوّل رأس المال الكبير وغير ذلك.. فالهدف ليس مجرد "النهوض بالاقتصاد" بل أيضا تقويمه شرعيا وأخلاقيا.
إلى جانب تنمية المؤسسات الإسلامية وتعزيز دورها كالأوقاف والزكاة والعمل الخيري، فلها دور محوري في دعم الأسر المنتجة والمشاريع الصغيرة. وهي أدوات مهمة لرفع الاقتصاد في مجتمع مسلم في معظمه.
والحقيقة أن الرؤية الاقتصادية تحتاج إلى نظام سياسي له هوية واضحة ومشروع حضاري واضح، فلا يمكن للتنمية أن تتحول إلى مشروع جماعي لسكان أي دولة بغير وجود انتماء حقيقي أصيل.
وأمر أخير أضيفه في هذا الصدد، وهو أنّ من وظائف التنمية أيضًا حفظ الدولة من التبعية والتفكك، مما يجعل امتلاك القوة وبناءها أمرًا لا مفرّ منه في أي خطّة تنموية لدولة تحترم نفسها وسكانها. وهذا يستدعي دمج مفهوم "الأمن القومي" في إطار المساعي التنموية.
رابط المقال:
https://vizier.report/p/state-capitalism-with-syrian-characteristics-ar
29.04.202521:43
الذكاء الاصطناعي خير دليل على توليد "الصوابية السياسية" (Political correctness) للأمراض الفكرية والنفسية.
لأنّه مبني على إنتاج البشر فهو مستوعب لعجرهم وبجرهم، غثّهم وسمينهم. ومن أبرز هذه الأمراض: أنه لا يحبّ أن يخدش هذه الأنا المنتفخة (وما يخدشها كثير ومبالغ به في هذه "الحضارة" المعاصرة) فيساير أهواءها ويغشُّها!
وفي الوقت الذي يبدو فيه رفيقًا ودودًا نافعًا مريحًا للبشر، ستظهر جرّاء استعماله بكثافة مشاكل نفسية وذوات متضخّمة منتفشة بموثوقية جديدة تتدرّع بحلم البيانات الضخمة، لكن "البيانات" بلا "أخلاق" تدمير للبشرية!
حتى هو نفسه، يغيب عنه جواب "لا أدري"، لا يمكنه أن يقدّم لك هذه الإجابة البسيطة التي قدّمها عباقرة العالَم حين سئلوا في صلب تخصّصاتهم، مما يعكس الأفق الفلسفي لهذه الحضارة الغربية التي تسعى إلى امتلاك المعرفة الكاملة و"تأليه" الإنسان! ومهما حاولتَ تعجيزه في الأسئلة فيكون قادرًا دومًا على تقديم إجابة حتى لو كانت خاطئة تمامًا. جرّبتُ اليوم سؤاله عن كلمة نادرة من لهجتي المحلّية، فأجاب بعكس المعنى الصحيح تمامًا، وحين أخبرته بذلك أكمل مكرّرًا ما ذكرته له وكأنّ شيئًا لم يكن!
لأنّه مبني على إنتاج البشر فهو مستوعب لعجرهم وبجرهم، غثّهم وسمينهم. ومن أبرز هذه الأمراض: أنه لا يحبّ أن يخدش هذه الأنا المنتفخة (وما يخدشها كثير ومبالغ به في هذه "الحضارة" المعاصرة) فيساير أهواءها ويغشُّها!
وفي الوقت الذي يبدو فيه رفيقًا ودودًا نافعًا مريحًا للبشر، ستظهر جرّاء استعماله بكثافة مشاكل نفسية وذوات متضخّمة منتفشة بموثوقية جديدة تتدرّع بحلم البيانات الضخمة، لكن "البيانات" بلا "أخلاق" تدمير للبشرية!
حتى هو نفسه، يغيب عنه جواب "لا أدري"، لا يمكنه أن يقدّم لك هذه الإجابة البسيطة التي قدّمها عباقرة العالَم حين سئلوا في صلب تخصّصاتهم، مما يعكس الأفق الفلسفي لهذه الحضارة الغربية التي تسعى إلى امتلاك المعرفة الكاملة و"تأليه" الإنسان! ومهما حاولتَ تعجيزه في الأسئلة فيكون قادرًا دومًا على تقديم إجابة حتى لو كانت خاطئة تمامًا. جرّبتُ اليوم سؤاله عن كلمة نادرة من لهجتي المحلّية، فأجاب بعكس المعنى الصحيح تمامًا، وحين أخبرته بذلك أكمل مكرّرًا ما ذكرته له وكأنّ شيئًا لم يكن!
27.04.202521:04
انتصار أي ثورة عربية لا يكون باعتراف العالم الغربي بدولتها، ولا برفع رايتها في مقرّ الأمم المتحدة، ولا برفع العقوبات عنها، ولا بتحقيق التطوّر المادي والرفاه الاجتماعي.. هذه كلّها قد تكون "وسائل" وليست دلائل على الانتصار وبلوغ الغايات، فقد تتحقّق هذه الوسائل وتكون دولة الثورة شرًّا مستطيرًا، وقد تكون وسائل إلى التخلّي عن المبادئ التي قامت عليها الثورة كالكرامة، فهي ليست بذاتها معيارًا لانتصار الحقّ والعدل.
انتصار أيّ ثورة عربية يكون باهتدائها إلى طريق الشريعة وبناء الأمة على مرجعيّتها ومعاييرها، وبخروجها من التبعيّة والضعف والتخلّف، وبالاعتماد – بعد الله - على مجتمعها العميق وتعزيزه وتوسيعه، وبإعادة الأواصر التي قطّعها الاستعمار الغربي مع امتدادها الإسلامي والعربي.
انتصار أيّ ثورة عربية يكون باهتدائها إلى طريق الشريعة وبناء الأمة على مرجعيّتها ومعاييرها، وبخروجها من التبعيّة والضعف والتخلّف، وبالاعتماد – بعد الله - على مجتمعها العميق وتعزيزه وتوسيعه، وبإعادة الأواصر التي قطّعها الاستعمار الغربي مع امتدادها الإسلامي والعربي.


26.04.202507:32
إلى قرائي الأفاضل في تونس وأبو ظبي، ستكون كتبي هذه حاضرة في معرضي أبو ظبي وتونس الدوليين للكتاب، التفاصيل في الصورة.
إلى جانب كتابي الأخير "لماذا هجرنا القرآن في بناء أصول الإيمان؟" في جناح مكتبة الأسرة العربية.
إلى جانب كتابي الأخير "لماذا هجرنا القرآن في بناء أصول الإيمان؟" في جناح مكتبة الأسرة العربية.
05.05.202512:43
هناك سطحية مقيتة في أوساط بعض المهتمين بعلم الكلام مفادها أنّ رفض علم الكلام في حسّهم هو رفض للعقل، وأنّ الانطلاق من خطاب القرآن في التدليل على صحّة الدين والاحتجاج على الخَلق (كما هو الأصل) رفض لخطاب العقل!
والواقع أن مفهوم "العقل" أوسع من "الكلام"، وتسمية كل خطاب عقلي في بيان الدين أو المحاججة عنه "علم كلام" تجوّز لا يليق وينطوي على ضعف في الطرح؛ لأنّك حين تتبنى هذه الرؤية العائمة التي تجعل كل خطاب عقلي في المحاججة عن الدين "علمَ كلام" تدفع عن هذا العلم المشوب بالمشكلات كل نقد؛ إذ من هذا الذي يرفض استخدام العقل وقد خاطب الله عقولنا وأمرنا بإعمال فكرنا؟!
والطريف أن المتكلّمين مذ كانوا وحتى يومنا هذا يستشهدون بالآيات التي تنتهي بالحثّ على التعقّل والتفكّر والتدبّر ليسوّغوا مسلَكهم الكلامي، لكنهم لم ينتبهوا - إلّا من رحم ربّك - إلى أنّ هذه الآيات نفسها تحتوي على مادة مخاطبة العقل، والمطلوب تعقُّل ما جاء فيها وما دلّت عليه للوصول إلى الحقّ، فالأحرى الاستشهاد بهذه الآيات للتدليل على احتواء القرآن على أعلى مناهج العقول وأرفع الخطابات العقلية، وأنّه لا يغني عنه ما هو أدنى منه.
ومجددا: ليس فقط "يجوز" الاستدلال بأدلة القرآن العقلية أو "يُستحسن"، بل هذا هو الأصل والمنطلَق في خطاب كلّ آدمي طالما أنّه من خَلق الله؛ إذ وجّه سبحانه الخطاب في كتابه للثقلين، وهو ما بيّنته ونافحتُ عنه في كتابي الأخير "لماذا هجرنا القرآن في بناء أصول الإيمان؟". وكلّ مَن يُنفّر المسلمين عن استخدام خطاب القرآن مع النّاس جميعًا تحت أي حجّة فهو ناكص عن مبدأ قرآني دلّت عليه عشرات الآيات المحكمة، وعن منهج نبوي راسخ لا يخفى.
وهذا الكلام كله لا يعني رفض الأدلة العقلية، ولا حرمة الاستدلال بدليل عقلي من غير القرآن. وأعجب ممن ينافح عن المنطق والكلام والفلسفة الدهرَ كلَّه ثمّ يستنتج هذه الاستنتاجات ويفرض هذه اللوازم التي إنْ دلّت فهي تدلّ على ضعف في المنطق وخلل في الاستنتاج!
والواقع أن مفهوم "العقل" أوسع من "الكلام"، وتسمية كل خطاب عقلي في بيان الدين أو المحاججة عنه "علم كلام" تجوّز لا يليق وينطوي على ضعف في الطرح؛ لأنّك حين تتبنى هذه الرؤية العائمة التي تجعل كل خطاب عقلي في المحاججة عن الدين "علمَ كلام" تدفع عن هذا العلم المشوب بالمشكلات كل نقد؛ إذ من هذا الذي يرفض استخدام العقل وقد خاطب الله عقولنا وأمرنا بإعمال فكرنا؟!
والطريف أن المتكلّمين مذ كانوا وحتى يومنا هذا يستشهدون بالآيات التي تنتهي بالحثّ على التعقّل والتفكّر والتدبّر ليسوّغوا مسلَكهم الكلامي، لكنهم لم ينتبهوا - إلّا من رحم ربّك - إلى أنّ هذه الآيات نفسها تحتوي على مادة مخاطبة العقل، والمطلوب تعقُّل ما جاء فيها وما دلّت عليه للوصول إلى الحقّ، فالأحرى الاستشهاد بهذه الآيات للتدليل على احتواء القرآن على أعلى مناهج العقول وأرفع الخطابات العقلية، وأنّه لا يغني عنه ما هو أدنى منه.
ومجددا: ليس فقط "يجوز" الاستدلال بأدلة القرآن العقلية أو "يُستحسن"، بل هذا هو الأصل والمنطلَق في خطاب كلّ آدمي طالما أنّه من خَلق الله؛ إذ وجّه سبحانه الخطاب في كتابه للثقلين، وهو ما بيّنته ونافحتُ عنه في كتابي الأخير "لماذا هجرنا القرآن في بناء أصول الإيمان؟". وكلّ مَن يُنفّر المسلمين عن استخدام خطاب القرآن مع النّاس جميعًا تحت أي حجّة فهو ناكص عن مبدأ قرآني دلّت عليه عشرات الآيات المحكمة، وعن منهج نبوي راسخ لا يخفى.
وهذا الكلام كله لا يعني رفض الأدلة العقلية، ولا حرمة الاستدلال بدليل عقلي من غير القرآن. وأعجب ممن ينافح عن المنطق والكلام والفلسفة الدهرَ كلَّه ثمّ يستنتج هذه الاستنتاجات ويفرض هذه اللوازم التي إنْ دلّت فهي تدلّ على ضعف في المنطق وخلل في الاستنتاج!
03.05.202510:59
وهذه الأطروحات تشترك في الانعزال عن النظر في الواقع وتفتيق ممكناته واقتناص فرصه والاختيار من بين بدائله مع الالتزام بالشريعة وثوابتها قدر الإمكان، مع تجاهلها للتغيّرات الكبيرة التي جرتْ في العالم اليوم والتي تجبرنا على اعتماد خطاب مكافئ لها، فالاقتصاد اليوم لم يعد كالاقتصاد قديمًا، لديك – شئت أم أبيت – عملة مهيمنة في العالم، وتصنيع ضخم، وسلع استهلاكية، وبنوك وغير ذلك من مستجدات الاقتصاد الحديث، ومجتمع يعتمد على منظومة الاقتصاد المتشابكة هذه، وله علاقة معينة منذ نحو مائة عام بالدولة، وأدوات للنهوض الاقتصادي مرتبطة بالنظام العالمي والدول المجاورة والسلع المطلوبة وغير ذلك.. ولا يمكن تجاهل ذلك وكأنّه غير موجود ثم الدعوة إلى تطبيق نمط تاريخي، وليته كان من ثوابت الشريعة، ولكنه في الواقع اجتهاد صاحب هذه الأطروحة في فهم الشريعة، وستجده يخالف عشرات الفقهاء قديمًا ويذمّ صنيعهم وكأنّه هو أبو بجدتها الذي عرف ما لم يعرفه علماء الإسلام!
هناك الكثير من الكلام الذي يمكن أن يقال، لكني أخشى الإطالة وقد أطلت، فأحيلكم مجددا إلى كتابي "الخطاب المريض" الذي عالجت فيه بالتفصيل مشكلات هذا الخطاب.
رابط الكتاب: https://t.me/sharefmg/119
هناك الكثير من الكلام الذي يمكن أن يقال، لكني أخشى الإطالة وقد أطلت، فأحيلكم مجددا إلى كتابي "الخطاب المريض" الذي عالجت فيه بالتفصيل مشكلات هذا الخطاب.
رابط الكتاب: https://t.me/sharefmg/119
01.05.202507:10
يؤسفني والله هذه النشأة المتجدّدة للتيّار الناصبي بين أهل السنّة وخصوصا في العراق وسورية واليمن كردّ فعل على صنائع الروافض في عصرنا بأهل السنّة، ومن أبرز سمات هذا التيار:
- المبالغة في تعظيم حكم بني أمية وجعلهم شعارا للمسلمين السنّة ودفع كل خطأ عنهم وجعلهم أعظم دول الإسلام، بل يبالغ بعضهم فيجعل دولتهم خيرًا من دولة علي بن أبي طالب. ولا شكّ أن الأمة كانت حيّة في عهد بني أميّة، وأن أخطاءهم لم تكن من القوة بحيث تقضي على عزّة المسلمين، فاستمرت الفتوحات التي توسّع بها الراشدون، لكن الفتوحات ليست المعيار الوحيد لتقويم فترة حكم تخلّلت الكثير من المظالم والانحرافات التي كان لها أثرها السيّء فيما بعد.
- التأصيل للاستبداد والتوريث والحكم العائلي، وهو تيّار قديم يجري بعثه بقوة الآن بذرائع واهية.
- التقليل من شأن شخصيات عظيمة في الإسلام كالصحابي الجليل علي بن أبي طالب والصحابي الجليل الحسين بن عليّ والتابعي الجليل سعيد بن جبير رضي الله عنهم جميعا، واستسهال ذمّهم رغم شدّة النكير النبوي على المسّ بالأصحاب. ويسهل على أحدهم تخطئة عليّ – مع أنّ الحقّ معه بنصّ الحديث وفضائله غامرة - ولكنّه يجلب ألف دليل على صحّة توريث معاوية ليزيد!
- تعظيم شخصيات وضعها التاريخ وفضح جرائمها وذمّها كبار أئمّة العلم من أهل السنّة كيزيد بن معاوية والحجاج بن يوسف الثقفي.
- إعادة النظر في كتب السنّة الموثوقة وتضعيف أحاديث في البخاري ومسلم لأنّها ليست على هواهم، تحت حجّة متهالكة مرّت – بزعمهم – على كبار المحقّقين من أئمة الحديث والجرح والتعديل وهي أنّها مدسوسة من الروافض!
مثل هذه الممارسات وغيرها لم تتعاظم في عصرنا إلّا بسبب تمكّن الروافض وإفسادهم وجرائمهم في بلاد المسلمين، ممّا يؤكّد مقولة صناعة السياسة والقوة للأفكار في كثير من الأحيان. ولا شكّ أنّ أهل السنّة عانوا كثيرًا من صولة الروافض في هذا العصر بعد تمكّن دولتهم في إيران وامتداد أذرعها الخطيرة إلى عالمنا العربي، ولكنّ مواجهة هذا التمدّد بهذا الخطاب المتهالك يزيد من إيغالنا في الضعف والتخلف والتشتّت عن قضيّتنا.
لا بدّ لنا، إذا أردنا العودة العزيزة لأهل السنّة، أن نتمسّك بمعالم هذه السنّة، وعلى رأسها بعد السنّة النبوية سنّة الخلفاء الراشدين المهديّين كما جاء في الأحاديث وخصوصا عهد العمرين: أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فكيف نترك وصايا الرسول صلّى الله عليه وسلّم ونمضي خلف ردود الفعل العاطفية لتشكّل لنا بوصلتنا؟!
فما أجدر الدعاة ببثّ سنن حُكم الراشدين بين النّاس، وخصوصا أبو بكر وعمر لتخصيص الحديث بهما ولخلوّ عهدهما من الاختلاف والفتن، والكفّ عن استهداف الصحابة الذين كانوا رفاق نبيّنا صلّى الله عليه وسلّم وأقام بهم دولته في المدينة وفتحوا معه مكّة وأهل بيته الميامين الذين حملوا سنّته بالطعن والنكير.
- المبالغة في تعظيم حكم بني أمية وجعلهم شعارا للمسلمين السنّة ودفع كل خطأ عنهم وجعلهم أعظم دول الإسلام، بل يبالغ بعضهم فيجعل دولتهم خيرًا من دولة علي بن أبي طالب. ولا شكّ أن الأمة كانت حيّة في عهد بني أميّة، وأن أخطاءهم لم تكن من القوة بحيث تقضي على عزّة المسلمين، فاستمرت الفتوحات التي توسّع بها الراشدون، لكن الفتوحات ليست المعيار الوحيد لتقويم فترة حكم تخلّلت الكثير من المظالم والانحرافات التي كان لها أثرها السيّء فيما بعد.
- التأصيل للاستبداد والتوريث والحكم العائلي، وهو تيّار قديم يجري بعثه بقوة الآن بذرائع واهية.
- التقليل من شأن شخصيات عظيمة في الإسلام كالصحابي الجليل علي بن أبي طالب والصحابي الجليل الحسين بن عليّ والتابعي الجليل سعيد بن جبير رضي الله عنهم جميعا، واستسهال ذمّهم رغم شدّة النكير النبوي على المسّ بالأصحاب. ويسهل على أحدهم تخطئة عليّ – مع أنّ الحقّ معه بنصّ الحديث وفضائله غامرة - ولكنّه يجلب ألف دليل على صحّة توريث معاوية ليزيد!
- تعظيم شخصيات وضعها التاريخ وفضح جرائمها وذمّها كبار أئمّة العلم من أهل السنّة كيزيد بن معاوية والحجاج بن يوسف الثقفي.
- إعادة النظر في كتب السنّة الموثوقة وتضعيف أحاديث في البخاري ومسلم لأنّها ليست على هواهم، تحت حجّة متهالكة مرّت – بزعمهم – على كبار المحقّقين من أئمة الحديث والجرح والتعديل وهي أنّها مدسوسة من الروافض!
مثل هذه الممارسات وغيرها لم تتعاظم في عصرنا إلّا بسبب تمكّن الروافض وإفسادهم وجرائمهم في بلاد المسلمين، ممّا يؤكّد مقولة صناعة السياسة والقوة للأفكار في كثير من الأحيان. ولا شكّ أنّ أهل السنّة عانوا كثيرًا من صولة الروافض في هذا العصر بعد تمكّن دولتهم في إيران وامتداد أذرعها الخطيرة إلى عالمنا العربي، ولكنّ مواجهة هذا التمدّد بهذا الخطاب المتهالك يزيد من إيغالنا في الضعف والتخلف والتشتّت عن قضيّتنا.
لا بدّ لنا، إذا أردنا العودة العزيزة لأهل السنّة، أن نتمسّك بمعالم هذه السنّة، وعلى رأسها بعد السنّة النبوية سنّة الخلفاء الراشدين المهديّين كما جاء في الأحاديث وخصوصا عهد العمرين: أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فكيف نترك وصايا الرسول صلّى الله عليه وسلّم ونمضي خلف ردود الفعل العاطفية لتشكّل لنا بوصلتنا؟!
فما أجدر الدعاة ببثّ سنن حُكم الراشدين بين النّاس، وخصوصا أبو بكر وعمر لتخصيص الحديث بهما ولخلوّ عهدهما من الاختلاف والفتن، والكفّ عن استهداف الصحابة الذين كانوا رفاق نبيّنا صلّى الله عليه وسلّم وأقام بهم دولته في المدينة وفتحوا معه مكّة وأهل بيته الميامين الذين حملوا سنّته بالطعن والنكير.
29.04.202512:04
طلبت من الأستاذ تشات جي بي تي بعد قراءته لكتابي "منطق القرآن" أن يقدّم لي تلخيصا لأهم أفكار الكتاب، فكتب هذه النقاط (بتصرّف يسير جدّا)، ولا يمكنني أن أقول إنني سعيد بحسن تفهّمه لرسالة الكتاب وأفكاره لكونه مجرّد آلة وخوارزميات بلا قلب ولا شعور، لكنه أجاد فعلا في ذكر أبرز نقاط الكتاب وفي إحسان صياغتها:
- يعالج الكتاب أزمة العقل المسلم التي نشأت من خضوعه للمنطق الفلسفي الأرسطي بعيدًا عن البنية القرآنية الأصلية للتفكير.
- ينقد الكاتب بشكل جذري استيراد علم المنطق الأرسطي إلى المجال الإسلامي عبر علم الكلام والجدل العقلي.
- يبين أن العقل القرآني ليس عقلاً صورياً مجرداً، بل عقلٌ تدبّريٌ أخلاقيٌ يقوم على الصدق والعدل والتقوى.
- يعرض الخلفية التاريخية لدخول المنطق إلى الفكر الإسلامي، متتبعًا موقف شخصيات مثل الشافعي والخطّابي وابن تيمية والشاطبي وابن الوزير والفراهي وغيرهم.
- يقرر أن الفطرة العقلية وحدها لا تكفي للوصول إلى الحق، بل تحتاج إلى الهداية القرآنية لتوجيهها وتصحيح مسارها.
- يرى أن المنطق الأرسطي، رغم انضباطه الظاهري، لا يؤدي بالضرورة إلى معرفة الحق، بل قد يسلك بالإنسان طريق الهوى العقلي.
- يؤكد أن القرآن يعلّم الإنسان كيف يفكر عبر تقديم نماذج حية للتفكير الصحيح من خلال قصصه وحججه وآياته.
- يقترح أن الهداية القرآنية لا تقدم فقط معلومات عن العالم، بل تبني نمطًا خاصًا من التفكير قائمًا على الحق والصدق والعدل.
- يحلل خصائص المنهج القرآني في التفكير مثل الصدق، الغيبية، الواقعية، الإنسانية، الكثافة، الطلاقة، واليسر وغيرها.
- يربط بين المعرفة والعمل الأخلاقي، ويقرر أن التفكير القرآني لا ينفصل عن المقاصد الأخلاقية والسلوكية للإنسان.
- يبيّن أن الشك المنهجي، الذي قدسته الفلسفة الغربية، ليس مدخلاً للمعرفة في القرآن، بل هو مرض معرفي يحتاج إلى علاج بنور الإيمان.
- يقترح أن تأسيس منطق بديل لا يعني اختراع علم جديد، بل إحياء للمنهج التدبري الطبيعي الذي يغرسه القرآن في نفوس البشر.
- يرفض اختزال المعرفة إلى البرهان الرياضي أو الجدل النظري، ويقدّم بدلاً منه رؤية قرآنية تمزج بين التفكير والتزكية.
- يؤكد أن وظيفة الوحي ليست تصحيح بعض المعلومات أو إضافة قضايا جديدة للعقل، بل إعادة تشكيل الطريقة التي يدرك بها العقل الحقيقة.
- يحلل كيف أن الانحراف عن الحق لا ينتج فقط من نقص المعلومات، بل من فساد الإرادة وتلوّث القلب الذي يؤدي إلى فساد التفكير.
- يؤكد أن منطق القرآن يدمج بين الفكر والشعور والعمل، بحيث لا تكون المعرفة عملية ذهنية باردة بل تجربة وجودية كاملة.
- يضع معايير للصدق العقلي المستنبط من القرآن، أهمها: إخلاص النية، تواضع العقل، التدبر العميق، ونبذ الهوى.
- يدعو إلى إصلاح مسار الفكر الإسلامي المعاصر بإعادة مركزية القرآن كمرجع للعقل، لا مجرد مصدر للعبادة أو الوعظ.
- ينتهي الكتاب إلى أن منطق القرآن يقدم للعقل الإنساني خريطة هداية شاملة، تحفظه من التيه بين الشكوك والمغالطات والهوى.
للحصول على الكتاب يرجى الدخول إلى الرابط هنا، ففيه عدة وسائل: https://www.arkansrp.com/2023/08/17/quran-logic/
كما أن الكتاب معروض حاليا في معرضي تونس وأبو ظبي الدوليين للكتاب، في جناح Hall 2 Booth 2722 (تونس) وقاعة 12 جناح J24 (أبو ظبي).
- يعالج الكتاب أزمة العقل المسلم التي نشأت من خضوعه للمنطق الفلسفي الأرسطي بعيدًا عن البنية القرآنية الأصلية للتفكير.
- ينقد الكاتب بشكل جذري استيراد علم المنطق الأرسطي إلى المجال الإسلامي عبر علم الكلام والجدل العقلي.
- يبين أن العقل القرآني ليس عقلاً صورياً مجرداً، بل عقلٌ تدبّريٌ أخلاقيٌ يقوم على الصدق والعدل والتقوى.
- يعرض الخلفية التاريخية لدخول المنطق إلى الفكر الإسلامي، متتبعًا موقف شخصيات مثل الشافعي والخطّابي وابن تيمية والشاطبي وابن الوزير والفراهي وغيرهم.
- يقرر أن الفطرة العقلية وحدها لا تكفي للوصول إلى الحق، بل تحتاج إلى الهداية القرآنية لتوجيهها وتصحيح مسارها.
- يرى أن المنطق الأرسطي، رغم انضباطه الظاهري، لا يؤدي بالضرورة إلى معرفة الحق، بل قد يسلك بالإنسان طريق الهوى العقلي.
- يؤكد أن القرآن يعلّم الإنسان كيف يفكر عبر تقديم نماذج حية للتفكير الصحيح من خلال قصصه وحججه وآياته.
- يقترح أن الهداية القرآنية لا تقدم فقط معلومات عن العالم، بل تبني نمطًا خاصًا من التفكير قائمًا على الحق والصدق والعدل.
- يحلل خصائص المنهج القرآني في التفكير مثل الصدق، الغيبية، الواقعية، الإنسانية، الكثافة، الطلاقة، واليسر وغيرها.
- يربط بين المعرفة والعمل الأخلاقي، ويقرر أن التفكير القرآني لا ينفصل عن المقاصد الأخلاقية والسلوكية للإنسان.
- يبيّن أن الشك المنهجي، الذي قدسته الفلسفة الغربية، ليس مدخلاً للمعرفة في القرآن، بل هو مرض معرفي يحتاج إلى علاج بنور الإيمان.
- يقترح أن تأسيس منطق بديل لا يعني اختراع علم جديد، بل إحياء للمنهج التدبري الطبيعي الذي يغرسه القرآن في نفوس البشر.
- يرفض اختزال المعرفة إلى البرهان الرياضي أو الجدل النظري، ويقدّم بدلاً منه رؤية قرآنية تمزج بين التفكير والتزكية.
- يؤكد أن وظيفة الوحي ليست تصحيح بعض المعلومات أو إضافة قضايا جديدة للعقل، بل إعادة تشكيل الطريقة التي يدرك بها العقل الحقيقة.
- يحلل كيف أن الانحراف عن الحق لا ينتج فقط من نقص المعلومات، بل من فساد الإرادة وتلوّث القلب الذي يؤدي إلى فساد التفكير.
- يؤكد أن منطق القرآن يدمج بين الفكر والشعور والعمل، بحيث لا تكون المعرفة عملية ذهنية باردة بل تجربة وجودية كاملة.
- يضع معايير للصدق العقلي المستنبط من القرآن، أهمها: إخلاص النية، تواضع العقل، التدبر العميق، ونبذ الهوى.
- يدعو إلى إصلاح مسار الفكر الإسلامي المعاصر بإعادة مركزية القرآن كمرجع للعقل، لا مجرد مصدر للعبادة أو الوعظ.
- ينتهي الكتاب إلى أن منطق القرآن يقدم للعقل الإنساني خريطة هداية شاملة، تحفظه من التيه بين الشكوك والمغالطات والهوى.
للحصول على الكتاب يرجى الدخول إلى الرابط هنا، ففيه عدة وسائل: https://www.arkansrp.com/2023/08/17/quran-logic/
كما أن الكتاب معروض حاليا في معرضي تونس وأبو ظبي الدوليين للكتاب، في جناح Hall 2 Booth 2722 (تونس) وقاعة 12 جناح J24 (أبو ظبي).
27.04.202512:14
على سيرة حفل تكريم 1500 حافظ لكتاب الله في إدلب أحبّ أن أقول: إنّ المهاجمين لهذا المظهر الديني هم في الغالب علمانيّون يكرهون أي مظهر من مظاهر التديّن.. لكن مع ذلك دعونا من هؤلاء، ولنتحدّث قليلًا عن أمراضنا وسلبيّاتنا التي ينبغي لنا أن نواجهها بشجاعة.
أقول ابتداءً: لستُ مع حفلات تكريم الحفّاظ؛ لأنّني أومن بضرورة عدم ربط الأعمال الشرعية التي هدفها التقرّب إلى الله ونيل رضوانه بنتائج دنيوية كتلقّي الجوائز والاحتفاء والمكانة والجاه. وكل ما يقال عن كون ذلك أسلوبًا تشجيعيّا للأطفال يُردّ عليه بأنّ الأصل بناء مفهوم "ابتغاء وجه الله" منذ طراوة الطفولة، فكيف بنا نُعوّد الأطفال على ابتغاء الأجر الدنيوي متمثّلًا بالجوائز والاحتفاء والتكريم أمام الناس (وإنْ بغير وعي) ثم نريد منهم حين يكبرون ألّا يتّخذوا من الدين ذريعة للجاه والمآرب الدنيوية؟!
الهدف ليس مجرّد النتيجة الظاهرية (حفظ القرآن)، بل الهدف هو بناء هذا العمل الشرعي على أساس سليم خالص من النيّة، دون أي شوائب دنيوية، وهذا يحتّم أن تخلو دوافع الحفظ عن أي هدف دنيوي، ولا شكّ أن ذلك سيقلل دائرة الحفّاظ، ولا بأس بذلك إذا كانت الكثرة على حساب الجودة والنوعية. فمائة حافظ حقيقي متابع متدبّر لا يحبّ أن يفخر بحفظه ولا يهمّه أن يعرفه النّاس ويركّز على تذويت معاني القرآن في قلبه وسلوكه (بما غرس فيه أبواه خلال مسيرة الحفظ) خير من ألفٍ سينسى كثير منهم حفظهم بعد التكريم أو سيشعرون بمرتبة ما أو جاه ما بسبب حمل لقب حافظ أو سيكون حفظهم معزولًا عن تمثّل معاني القرآن أو غير ذلك من الآفات التي تنشأ حين يدخل التكريم الدنيوي في مسيرة الحفظ.
وأمر آخر أحبّ أن أقوله في هذا الصدد، وهو أنّ انتشار الحفّاظ في بلاد المسلمين لا يكون دائمًا مؤشّرًا على انتشار الوعي الديني في المجتمع أو انتشار التديّن بمفهومه الواسع، خصوصا في آخر عقدين تقريبًا، حيث باتت ظواهر سلبية تنتشر بشدّة كالحفظ والنسيان خلال أشهر أو سنوات قليلة بعد الحصول على لقب "حافظ"، الذي كان هدفًا وضعته الأسرة والمجتمع أمام ناظري الطفل، مع بقاء لقب "حافظ" رغم هذا النسيان! وكالحفظ المرتبط بالتحدّي والمنافسة وتحوّله إلى جزء من تحقيق الذات والهوية دون أن يصحبه التزام ديني حقيقي شامل يهضم مضامين القرآن رويدًا رويدًا.
لقد توسّعتْ دائرة الحفظ (المشوب بالنسيان لاحقًا) لتشمل شرائح مجتمعية أقل تديّنًا والتزامًا في العقدين الأخيرين، مما جعل حفظ القرآن في عصرنا الراهن ذا دلالة أضعف على الالتزام الديني. وهو ما يدفعنا إلى التفكير الجاد بتطوير برامج المعاهد الدينية لتركّز على جوانب التزكية والتربية بالقرآن، وهذا الجانب يحتاج إلى وقت أطول، ونتائجه غير قابلة للاحتفالية لكونها مرتبطة بالأخلاق والتعامل والعلاقات والمواقف، لكنها أهم وأَولى لأنّها النتائج المرجوّة من حفظ كتاب الله وفهم معانيه.
وأخيرا: أتعلمون ما الذي دفعني إلى كتابة هذا كله؟
الذي دفعني إلى هذا هو مشاهدة بعض مظاهر التنافس الدنيوي والمحسوبيات وتقديم الدنيا على الآخرة والخشية من الناس ومن الضغوط الدولية إلخ إلخ لدى نخب إسلامية يُفترض أنّها الهدف المرجوّ من جيل الحفاظ الأطفال، فتساءلت: ألا يوجد في أوساط هذه النخب حفّاظ؟ ألم يكن بعض هؤلاء حافظًا لكتاب الله يومًا ما؟ هل حفظ كتاب الله هو الذي يعصم تلك النخب حين تتولّى شؤون المسلمين في بعض البقاع من تلك الآفات التي ذكرتُها هنا؟
ما يخيفني هو انتشار "مظاهر" التديّن الملموسة الواضحة من حيث السمت والحفظ والمراسم والشعائر، دون أن يكون لذلك أثر حقيقي في بناء المجتمع والدولة على قيم القرآن، وحين نجد حفّاظًا وملتحين ومتعبّدين لا يرون إشكالية في هذا الباب، ولا يحملون رؤية حوله، ولا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر، بل ربّما يسوّغ بعضهم الباطل ويدافع عنه.. حين نجد ذلك كلّه نتساءل: تُرى هل عصمَنا الحفظ؟ وهل يكفي أن نعوّل على الجيل القادم المتديّن (كما يتردّد كثيرا منذ سنوات) لمجرّد ما نرى فيه من مظاهر تديّن كالصلاة وحفظ كتاب الله والدراسة الشرعية وامتلاء المساجد وارتداء الحجاب؟ أم إنّ الآفات القاتلة والأفكار المشوّشة والقيم المنافية للدين في المجتمع والدولة قد تنتشر بغير ملاحظة هؤلاء؟
هذه تساؤلات جادّة.. ولعل لبعضكم ملاحظات عليها، ولكن خذوها كصرخة نذير فحسب، ولا تمسكوا بجزئية من الكلام مع ترك الرسالة العامة التي أردتُها هنا.
أقول ابتداءً: لستُ مع حفلات تكريم الحفّاظ؛ لأنّني أومن بضرورة عدم ربط الأعمال الشرعية التي هدفها التقرّب إلى الله ونيل رضوانه بنتائج دنيوية كتلقّي الجوائز والاحتفاء والمكانة والجاه. وكل ما يقال عن كون ذلك أسلوبًا تشجيعيّا للأطفال يُردّ عليه بأنّ الأصل بناء مفهوم "ابتغاء وجه الله" منذ طراوة الطفولة، فكيف بنا نُعوّد الأطفال على ابتغاء الأجر الدنيوي متمثّلًا بالجوائز والاحتفاء والتكريم أمام الناس (وإنْ بغير وعي) ثم نريد منهم حين يكبرون ألّا يتّخذوا من الدين ذريعة للجاه والمآرب الدنيوية؟!
الهدف ليس مجرّد النتيجة الظاهرية (حفظ القرآن)، بل الهدف هو بناء هذا العمل الشرعي على أساس سليم خالص من النيّة، دون أي شوائب دنيوية، وهذا يحتّم أن تخلو دوافع الحفظ عن أي هدف دنيوي، ولا شكّ أن ذلك سيقلل دائرة الحفّاظ، ولا بأس بذلك إذا كانت الكثرة على حساب الجودة والنوعية. فمائة حافظ حقيقي متابع متدبّر لا يحبّ أن يفخر بحفظه ولا يهمّه أن يعرفه النّاس ويركّز على تذويت معاني القرآن في قلبه وسلوكه (بما غرس فيه أبواه خلال مسيرة الحفظ) خير من ألفٍ سينسى كثير منهم حفظهم بعد التكريم أو سيشعرون بمرتبة ما أو جاه ما بسبب حمل لقب حافظ أو سيكون حفظهم معزولًا عن تمثّل معاني القرآن أو غير ذلك من الآفات التي تنشأ حين يدخل التكريم الدنيوي في مسيرة الحفظ.
وأمر آخر أحبّ أن أقوله في هذا الصدد، وهو أنّ انتشار الحفّاظ في بلاد المسلمين لا يكون دائمًا مؤشّرًا على انتشار الوعي الديني في المجتمع أو انتشار التديّن بمفهومه الواسع، خصوصا في آخر عقدين تقريبًا، حيث باتت ظواهر سلبية تنتشر بشدّة كالحفظ والنسيان خلال أشهر أو سنوات قليلة بعد الحصول على لقب "حافظ"، الذي كان هدفًا وضعته الأسرة والمجتمع أمام ناظري الطفل، مع بقاء لقب "حافظ" رغم هذا النسيان! وكالحفظ المرتبط بالتحدّي والمنافسة وتحوّله إلى جزء من تحقيق الذات والهوية دون أن يصحبه التزام ديني حقيقي شامل يهضم مضامين القرآن رويدًا رويدًا.
لقد توسّعتْ دائرة الحفظ (المشوب بالنسيان لاحقًا) لتشمل شرائح مجتمعية أقل تديّنًا والتزامًا في العقدين الأخيرين، مما جعل حفظ القرآن في عصرنا الراهن ذا دلالة أضعف على الالتزام الديني. وهو ما يدفعنا إلى التفكير الجاد بتطوير برامج المعاهد الدينية لتركّز على جوانب التزكية والتربية بالقرآن، وهذا الجانب يحتاج إلى وقت أطول، ونتائجه غير قابلة للاحتفالية لكونها مرتبطة بالأخلاق والتعامل والعلاقات والمواقف، لكنها أهم وأَولى لأنّها النتائج المرجوّة من حفظ كتاب الله وفهم معانيه.
وأخيرا: أتعلمون ما الذي دفعني إلى كتابة هذا كله؟
الذي دفعني إلى هذا هو مشاهدة بعض مظاهر التنافس الدنيوي والمحسوبيات وتقديم الدنيا على الآخرة والخشية من الناس ومن الضغوط الدولية إلخ إلخ لدى نخب إسلامية يُفترض أنّها الهدف المرجوّ من جيل الحفاظ الأطفال، فتساءلت: ألا يوجد في أوساط هذه النخب حفّاظ؟ ألم يكن بعض هؤلاء حافظًا لكتاب الله يومًا ما؟ هل حفظ كتاب الله هو الذي يعصم تلك النخب حين تتولّى شؤون المسلمين في بعض البقاع من تلك الآفات التي ذكرتُها هنا؟
ما يخيفني هو انتشار "مظاهر" التديّن الملموسة الواضحة من حيث السمت والحفظ والمراسم والشعائر، دون أن يكون لذلك أثر حقيقي في بناء المجتمع والدولة على قيم القرآن، وحين نجد حفّاظًا وملتحين ومتعبّدين لا يرون إشكالية في هذا الباب، ولا يحملون رؤية حوله، ولا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر، بل ربّما يسوّغ بعضهم الباطل ويدافع عنه.. حين نجد ذلك كلّه نتساءل: تُرى هل عصمَنا الحفظ؟ وهل يكفي أن نعوّل على الجيل القادم المتديّن (كما يتردّد كثيرا منذ سنوات) لمجرّد ما نرى فيه من مظاهر تديّن كالصلاة وحفظ كتاب الله والدراسة الشرعية وامتلاء المساجد وارتداء الحجاب؟ أم إنّ الآفات القاتلة والأفكار المشوّشة والقيم المنافية للدين في المجتمع والدولة قد تنتشر بغير ملاحظة هؤلاء؟
هذه تساؤلات جادّة.. ولعل لبعضكم ملاحظات عليها، ولكن خذوها كصرخة نذير فحسب، ولا تمسكوا بجزئية من الكلام مع ترك الرسالة العامة التي أردتُها هنا.
25.04.202511:19
اللهم إنّي أبرأ إليك من هذه المناكفات التي لا تكاد تنتهي بين من ينسبون أنفسهم إلى "فلسطين" ومن ينسبون أنفسهم إلى "سورية"، رسم لهم الاحتلال الأجنبي قبائلهم الجاهلية الوهمية الحديثة، فباتوا كما قال الشاعر الجاهلي دُريد بن الصمّة:
وما أنا إلّا من غَزيّةَ إنْ غوتْ غَوَيتُ وإنْ ترشُد غَزيّةُ أَرشُدِ!
بيدَ أنّ "غزيّة" كانت قبيلة حقيقية وانتسابًا فطريّا، ومع ذلك كان التعصّب لها بالحقّ والباطل مذمومًا في ميزان الشرع. أمّا هذه الانتسابات الجاهلية الحديثة إلى "دولة" فهي ليست فطرية، وقد رسم حدودها الاستعمار، وتضمّ في كلا المجالين السياسيَّين (فلسطين وسورية) مسلمين عربًا ومسلمين غير عرب وغير مسلمين إلخ..
ولو تخلّص المسلم – في سورية أو فلسطين – من غشاوة فلسطينيّته أو سوريّته، وطرح هذا الانتماء الجاهلي الزائف كأنْ لم يكن، وانتمى إلى الإسلام هويّةً وولاءً ومرجعيّةً تُحدّد له معايير معرفة الحقّ والباطل؛ لخفتَ معظم هذا التلاسُن والتشاحُن.
إنّ معظم ما ترونه اليوم من اصطفافات عصبية جاهلية وملاسنات وعداءات بين المسلمين من مختلف الأوطان بل ومختلف التيارات والجماعات والمدارس الفكرية والدعوية سببه الأول الابتعاد عن مرجعية الإسلام والموالاة والمعاداة على أساسه.
والإصلاح يبدأ من التربية، وأذكر هنا مجالا خطيرا على الدعاة والمربين الانتباه إليه جيدا.
فمن أسباب تلافي التعصب للكيانات (دولة، جماعة، حزب، مدرسة فكرية، مدرسة دعوية) عدم الانتماء إلى شيء غير الإسلام والمسلمين. وأعني بالانتماء هنا ذلك الشعور الجميل الدافئ الذي يشعر به الإنسان حين يلاقي من ينتسب إلى الدولة نفسها أو الجماعة نفسها أو المدرسة نفسها، فيهشّ له ويبش زيادة عمّا يفعل مع أي مسلم آخر ليس من دولته أو جماعته أو مدرسته، ويُقدّمه في المحافل والمصالح والاختيارات، لمجرّد أنّه ينتسب إلى دولته أو جماعته أو مدرسته الفكرية.
كما أنّ هناك أدبيات كاملة في الفخر والمديح فيما يتعلق بهذه الانتسابات سواء كانت وطنجية أو حزبية أو دعوية أو مدرسية، وبقدر ما تبدو هذه الأدبيات وأنواع التغنّي إيجابيةً فإنها في الحقيقة سمّ زعاف تعاني الأمة جرّاءه الأمرّين!
وأنا أعلم مدى صعوبة ما أدعو إليه، لأن الشائع هو ترسيخ الكيانات المختلفة لهذه الانتماءات وأدبياتها التي تقوي الرابطة وتجذب المنتسبين في حالة الجماعات والمدارس. بل إنّ تلافي ذلك تماما والتخلُّص من غُباره لدى جميع الناس أشبه بالمستحيل في لحظتنا الراهنة، لكنّ الوعي على خطورة التماهي مع هذا الانتماء وخطورة ترتيب الولاء وتقديم الأشخاص بناءً عليه مهم جدّا، فلا بد أن يُذوّت الإنسان في نفسه وعيًا حول أصل الانتماء لكل مسلم موحّد، وأنه الرابطة الأعمق والأدفأ والأجمل بين البشر، لا الاجتماع في الدولة أو الجماعة السياسية أو المدرسة الفكرية أو الدعوية.
وأُورد هنا معايير نافعة ذكرها الشيخ الأستاذ عبد المجيد الشاذلي رحمه الله وهو يخاطب المنتسبين لمختلف الأُطر الإسلامية بالشروط التي تمنع التعصب الحزبي وآفاته أو بعبارته حين وصفَ الصفوة التي يخاطبها بأنّها "تَخرج عن وصف التشيّع المذموم"، وذلك من خلال:
- تقديم ولائها العام للمسلمين على ولائها الخاص لطائفتها إذا تعارضا.
- يكون ارتباطها كإطار عمل وليس إطار انتماء.
- تحافظ على وحدة الهوية والعقيدة مع غيرها من جماعات أهل السنّة والجماعة.
فما أجمل أن يعي كل مسلم هذه المعايير ويستحضرها حيثما حلّ وانتسب، وخصوصا حين تحل الفتن بشررها ويتشاحن المسلمون بينهم لانتماءات وطنية أو قومية جاهلية، أو لضغائن وخلافات فكرية ودعوية وحزبية.
وما أنا إلّا من غَزيّةَ إنْ غوتْ غَوَيتُ وإنْ ترشُد غَزيّةُ أَرشُدِ!
بيدَ أنّ "غزيّة" كانت قبيلة حقيقية وانتسابًا فطريّا، ومع ذلك كان التعصّب لها بالحقّ والباطل مذمومًا في ميزان الشرع. أمّا هذه الانتسابات الجاهلية الحديثة إلى "دولة" فهي ليست فطرية، وقد رسم حدودها الاستعمار، وتضمّ في كلا المجالين السياسيَّين (فلسطين وسورية) مسلمين عربًا ومسلمين غير عرب وغير مسلمين إلخ..
ولو تخلّص المسلم – في سورية أو فلسطين – من غشاوة فلسطينيّته أو سوريّته، وطرح هذا الانتماء الجاهلي الزائف كأنْ لم يكن، وانتمى إلى الإسلام هويّةً وولاءً ومرجعيّةً تُحدّد له معايير معرفة الحقّ والباطل؛ لخفتَ معظم هذا التلاسُن والتشاحُن.
إنّ معظم ما ترونه اليوم من اصطفافات عصبية جاهلية وملاسنات وعداءات بين المسلمين من مختلف الأوطان بل ومختلف التيارات والجماعات والمدارس الفكرية والدعوية سببه الأول الابتعاد عن مرجعية الإسلام والموالاة والمعاداة على أساسه.
والإصلاح يبدأ من التربية، وأذكر هنا مجالا خطيرا على الدعاة والمربين الانتباه إليه جيدا.
فمن أسباب تلافي التعصب للكيانات (دولة، جماعة، حزب، مدرسة فكرية، مدرسة دعوية) عدم الانتماء إلى شيء غير الإسلام والمسلمين. وأعني بالانتماء هنا ذلك الشعور الجميل الدافئ الذي يشعر به الإنسان حين يلاقي من ينتسب إلى الدولة نفسها أو الجماعة نفسها أو المدرسة نفسها، فيهشّ له ويبش زيادة عمّا يفعل مع أي مسلم آخر ليس من دولته أو جماعته أو مدرسته، ويُقدّمه في المحافل والمصالح والاختيارات، لمجرّد أنّه ينتسب إلى دولته أو جماعته أو مدرسته الفكرية.
كما أنّ هناك أدبيات كاملة في الفخر والمديح فيما يتعلق بهذه الانتسابات سواء كانت وطنجية أو حزبية أو دعوية أو مدرسية، وبقدر ما تبدو هذه الأدبيات وأنواع التغنّي إيجابيةً فإنها في الحقيقة سمّ زعاف تعاني الأمة جرّاءه الأمرّين!
وأنا أعلم مدى صعوبة ما أدعو إليه، لأن الشائع هو ترسيخ الكيانات المختلفة لهذه الانتماءات وأدبياتها التي تقوي الرابطة وتجذب المنتسبين في حالة الجماعات والمدارس. بل إنّ تلافي ذلك تماما والتخلُّص من غُباره لدى جميع الناس أشبه بالمستحيل في لحظتنا الراهنة، لكنّ الوعي على خطورة التماهي مع هذا الانتماء وخطورة ترتيب الولاء وتقديم الأشخاص بناءً عليه مهم جدّا، فلا بد أن يُذوّت الإنسان في نفسه وعيًا حول أصل الانتماء لكل مسلم موحّد، وأنه الرابطة الأعمق والأدفأ والأجمل بين البشر، لا الاجتماع في الدولة أو الجماعة السياسية أو المدرسة الفكرية أو الدعوية.
وأُورد هنا معايير نافعة ذكرها الشيخ الأستاذ عبد المجيد الشاذلي رحمه الله وهو يخاطب المنتسبين لمختلف الأُطر الإسلامية بالشروط التي تمنع التعصب الحزبي وآفاته أو بعبارته حين وصفَ الصفوة التي يخاطبها بأنّها "تَخرج عن وصف التشيّع المذموم"، وذلك من خلال:
- تقديم ولائها العام للمسلمين على ولائها الخاص لطائفتها إذا تعارضا.
- يكون ارتباطها كإطار عمل وليس إطار انتماء.
- تحافظ على وحدة الهوية والعقيدة مع غيرها من جماعات أهل السنّة والجماعة.
فما أجمل أن يعي كل مسلم هذه المعايير ويستحضرها حيثما حلّ وانتسب، وخصوصا حين تحل الفتن بشررها ويتشاحن المسلمون بينهم لانتماءات وطنية أو قومية جاهلية، أو لضغائن وخلافات فكرية ودعوية وحزبية.
Shown 1 - 24 of 117
Log in to unlock more functionality.