转发自:
يَافَا الضَّاد.

11.05.202518:16
يا رب هَوّنها على هذهِ القلوب المُتعبة، والحناجرِ المُختنقةِ إلّا عن الدُعاء لك، يا رب لكَ الأمرُ كُلّه ونحنُ عبادُك الصابرون الذين يُؤمنون بوعدك بأنَّ البُشرى لهم، يا رب ما لَنا إلّا أنت فارحمنا.
01.05.202500:42
أيّارُ، مِقياسُ الفقدِ، وثمرةُ النكبةِ التي نَضَجَتْ على لَظى المنافي، ما ذاقتْها أرواحُنا إلّا مَرّاً، وما نزلتْ في الحَلقِ إلّا غصَّةً بحجمِ وطن.
26.04.202500:31
مساءُ الخيرِ، أو مساءُ الحَربِ يا ظريفَ الطّول..
أكتبُ إليكَ، والبلادُ تغُطُّ في صَحوٍ مُرّ، كأنّها استيقظتْ على صوتِ نفسها تُنادي، ولا أحدَ يُجيب.
النّومُ، لا يسكنُ هذه الأرض، لأنّها منذ سبعةِ عقودٍ تنامُ بعينٍ واحدة، وتُبقي الأخرى مفتوحةً على كلّ الجهات، خوفًا من يدٍ تُعيدُ اقتلاعَها.
ولعلّك تعلم – أو لا تعلم – أنّني مذ شهِدتُ هذا الحُزنَ العظيم، ما عدتُ كما كنتُ، صار قلبي مثل البلاد،
يخفقُ على فُوَّهةِ الخطر، وينبضُ رغم التعب.
كنتُ أُحبُّ الأشياءَ على مَهل، وأمشي كمن لا غايةَ له، حتى رأيتُك في عيونِ الغائبين، فصرتُ أحملُكَ كما تحملُ الأمّ جثمانَ ابنها وتبتسم كي لا ينهارَ الوطن.
كلُّ شيءٍ فيكَ يشبهُ الأرض،
كأنّ ملامحَك نُسجتْ من شَمسِ تمّوز على أسطحِ جنين،
وكأنّك ابنُ المخيّم، لا لحماً ودماً فحسب،
بل طيناً وصمتاً وندبة، وشارعاً أُعيدَ رصفُه بعد القصف.
أنا لا أسألك عن جِنين،
فجنينُ لا تُروى، بل تُشَمُّ من نبرةِ صوتك،
من عينيك حين تُمعنان في البعيد، كأنّكَ ترقُبُ جهةَ الرفاقِ الذين لم يعودوا.
كأنّكَ، في صَمتِك، تُقاوم،
وفي غيابِك، تُؤمّنُ الجبهةَ الخلفيّةَ لقلبٍ خائفٍ يذكُرك ولا يَجرؤ على النطق.
وأنتَ، حين تُحدّثني؛ تَنكسرُ في صوتك الأزقّةُ المهجورة،وتبرقُ في عينيك حجارةُ الأزمنةِ العتيقة.
وحين تذكرُ الطفولة،
تتعثرُ بالذّاكرة،
وتخلطُ بين مرمى الكُرة، وبين كمينٍ للعدو،
فأعلم أنّكَ لستَ من العابرين، بل من أولئكَ الذين يمشونَ والحائطُ يذكُر أسماءَهم، لا بالحِبر، بل ببقايا الأصوات.
أنا لا أُحبُّكَ كما تُحبُّ النساءُ رجالَهن،
بل كما تُحبُّ البلادُ أبناءَها:
بوجعٍ لا يُشفى، وبأملٍ يُهرولُ ولو على العكّاز.
حبًّا لا يُقالُ على قارعةِ الوقت، بل يُدفنُ في القلبِ كما تُدفنُ الخُططُ في خريطةِ نفق.
أتدري؟
أحياناً أظنّ أن المقاومةَ ليست فعلاً جسوراً، بل صمتاً عظيماً.
أن تُقاوم، معناهُ أن تشتاق حتى يكادَ الشوقُ يُفجّرَ صدرَك،
أن تشتاق وتُخبّئ الشوقَ في جيبِ معطفك مع الذخيرة،
أن تقول “أنا بخير” وفي حلقك ألف لو أنني بقربك.
أن تُحبّ وتشتاق وتَصبر، فالشوقُ، حين لا يُقال، يُصبحُ خندقاً آخر.
أحببتُكَ،
لأنّك لا تَقول الكثير، لكنّك تمشي كمن في خُطاه حكاية،
وتصمت كأنّ وراءَ لثغتك جبهةً لا تريدُ كشفها.
فاكتبْ إليّ إن أردت،
ولا تخبرني عن المداهمات،
بل عن البئرِ الذي حفرتَه في قلبِك، لتُخبّئَ فيه أسماءَ الرفاق.
ولا تُحدثني عن البندقية،
بل عن يدكَ التي ترتجفُ حين تقبضُ على المصحف في لحظةِ اشتباك.
• رسائلُ إلى ظريفِ الطول، الرِّسالةُ الثّلاثمِئة بعد الألفَين؛ من تلكَ الّتي خُلقَتْ من ضلعِ البلادِ الأعوج، وما استقامَ قلبُها إلّا بك.
أكتبُ إليكَ، والبلادُ تغُطُّ في صَحوٍ مُرّ، كأنّها استيقظتْ على صوتِ نفسها تُنادي، ولا أحدَ يُجيب.
النّومُ، لا يسكنُ هذه الأرض، لأنّها منذ سبعةِ عقودٍ تنامُ بعينٍ واحدة، وتُبقي الأخرى مفتوحةً على كلّ الجهات، خوفًا من يدٍ تُعيدُ اقتلاعَها.
ولعلّك تعلم – أو لا تعلم – أنّني مذ شهِدتُ هذا الحُزنَ العظيم، ما عدتُ كما كنتُ، صار قلبي مثل البلاد،
يخفقُ على فُوَّهةِ الخطر، وينبضُ رغم التعب.
كنتُ أُحبُّ الأشياءَ على مَهل، وأمشي كمن لا غايةَ له، حتى رأيتُك في عيونِ الغائبين، فصرتُ أحملُكَ كما تحملُ الأمّ جثمانَ ابنها وتبتسم كي لا ينهارَ الوطن.
كلُّ شيءٍ فيكَ يشبهُ الأرض،
كأنّ ملامحَك نُسجتْ من شَمسِ تمّوز على أسطحِ جنين،
وكأنّك ابنُ المخيّم، لا لحماً ودماً فحسب،
بل طيناً وصمتاً وندبة، وشارعاً أُعيدَ رصفُه بعد القصف.
أنا لا أسألك عن جِنين،
فجنينُ لا تُروى، بل تُشَمُّ من نبرةِ صوتك،
من عينيك حين تُمعنان في البعيد، كأنّكَ ترقُبُ جهةَ الرفاقِ الذين لم يعودوا.
كأنّكَ، في صَمتِك، تُقاوم،
وفي غيابِك، تُؤمّنُ الجبهةَ الخلفيّةَ لقلبٍ خائفٍ يذكُرك ولا يَجرؤ على النطق.
وأنتَ، حين تُحدّثني؛ تَنكسرُ في صوتك الأزقّةُ المهجورة،وتبرقُ في عينيك حجارةُ الأزمنةِ العتيقة.
وحين تذكرُ الطفولة،
تتعثرُ بالذّاكرة،
وتخلطُ بين مرمى الكُرة، وبين كمينٍ للعدو،
فأعلم أنّكَ لستَ من العابرين، بل من أولئكَ الذين يمشونَ والحائطُ يذكُر أسماءَهم، لا بالحِبر، بل ببقايا الأصوات.
أنا لا أُحبُّكَ كما تُحبُّ النساءُ رجالَهن،
بل كما تُحبُّ البلادُ أبناءَها:
بوجعٍ لا يُشفى، وبأملٍ يُهرولُ ولو على العكّاز.
حبًّا لا يُقالُ على قارعةِ الوقت، بل يُدفنُ في القلبِ كما تُدفنُ الخُططُ في خريطةِ نفق.
أتدري؟
أحياناً أظنّ أن المقاومةَ ليست فعلاً جسوراً، بل صمتاً عظيماً.
أن تُقاوم، معناهُ أن تشتاق حتى يكادَ الشوقُ يُفجّرَ صدرَك،
أن تشتاق وتُخبّئ الشوقَ في جيبِ معطفك مع الذخيرة،
أن تقول “أنا بخير” وفي حلقك ألف لو أنني بقربك.
أن تُحبّ وتشتاق وتَصبر، فالشوقُ، حين لا يُقال، يُصبحُ خندقاً آخر.
أحببتُكَ،
لأنّك لا تَقول الكثير، لكنّك تمشي كمن في خُطاه حكاية،
وتصمت كأنّ وراءَ لثغتك جبهةً لا تريدُ كشفها.
فاكتبْ إليّ إن أردت،
ولا تخبرني عن المداهمات،
بل عن البئرِ الذي حفرتَه في قلبِك، لتُخبّئَ فيه أسماءَ الرفاق.
ولا تُحدثني عن البندقية،
بل عن يدكَ التي ترتجفُ حين تقبضُ على المصحف في لحظةِ اشتباك.
• رسائلُ إلى ظريفِ الطول، الرِّسالةُ الثّلاثمِئة بعد الألفَين؛ من تلكَ الّتي خُلقَتْ من ضلعِ البلادِ الأعوج، وما استقامَ قلبُها إلّا بك.
20.04.202523:25
ما ذقتُ سُكراً قبله، ولا طابتْ لي القهوةُ إلا بحضوره، كان إذا جلس قُبالتِي، سُكّرتِ الدنيا من حولي ولو خلتْ من السُكّر. حديثُه كان طيبَ المذاق، وصوتُه يذيبُ مرارةَ البنّ قبل أن أرتشفها، حتّى الصمتُ معه كان أحنَّ من آلاف الكلمات.
وحين غاب،
تبدّل كلُّ شيء...
ما عادت القهوةُ قهوةً، ولا الحديثُ حديثاً، تجرّعتُ مرارةً لو قُسِمتْ، لرجحتْ على مرارةِ الليلِ بلا قمر، ولو سُكّرتِ الأرضُ كلَّها، لما نضجَ فيّ ذوقٌ يواسي فقده. أنا التي كنتُ أرى في السكرِ إهانةً للقهوةِ، سابقاً.
ما كنتُ أظنُّ أنَّ في الغيابِ هذا العذاب،
ولا في الشوقِ هذا الذبول.
أبكيها كما تُبكى الأوطان،
أحضنُ الفنجانَ كأنّه يضمّني من بعده،
وأرشفُها، لا لأرتوي، بل لأتذكّر...
أنَّ القهوةَ يوماً:
كانت ابتسامةً منه،
وكانت نكهةَ يده،
وكانت وطنًا لا يُقصف.
وحين غاب،
تبدّل كلُّ شيء...
ما عادت القهوةُ قهوةً، ولا الحديثُ حديثاً، تجرّعتُ مرارةً لو قُسِمتْ، لرجحتْ على مرارةِ الليلِ بلا قمر، ولو سُكّرتِ الأرضُ كلَّها، لما نضجَ فيّ ذوقٌ يواسي فقده. أنا التي كنتُ أرى في السكرِ إهانةً للقهوةِ، سابقاً.
ما كنتُ أظنُّ أنَّ في الغيابِ هذا العذاب،
ولا في الشوقِ هذا الذبول.
أبكيها كما تُبكى الأوطان،
أحضنُ الفنجانَ كأنّه يضمّني من بعده،
وأرشفُها، لا لأرتوي، بل لأتذكّر...
أنَّ القهوةَ يوماً:
كانت ابتسامةً منه،
وكانت نكهةَ يده،
وكانت وطنًا لا يُقصف.


20.04.202520:42
كِتاب الرَّحيق المَختوم؛ رَحيقٌ مُعجَّل مِن الجَنَّة.
18.04.202522:37
يدفعني عقلي إلى الثّبات كما تدفعُ الرّيحُ شراعَ سفينةٍ تائهةٍ في لُجّة الضّياع؛ يجرّني جَرَّ البصيرةِ المُرهَقة إلى دربٍ من صوان، يُنازعني على النهوض كأنّ في كفّي صمصاماً لا يَني، ولا يَلين. غير أنّ دوافعي باتت رَخوة، تتهافت كما تتقوّضُ شُرُفَاتُ الحُلم إذا استبدّ بها القَلق؛ واهيةٌ كخيطِ العنكبوتِ إذ تهبّ عليه أولُ ريحٍ من ريحِ اليأس، تُراودني عن نفسي، وتُسرّبُ إلى عزيمتي سمَّ التواني، وتوشوش في سري أن أرخِي قبضتي، وأُسدِلَ على المحاولة ستارَ الفتور.
وإنّي لمُتعَبٌ، بل مَكدودٌ كمن يسعى في أرضٍ لا أفقَ لها، ولا منار، يمضي في تيهِ الوجود كالسَّابحِ في العدم، يركضُ وراء وجهةٍ لم تُخلَق لها سُبُل، ولم تُفتَح لها أبواب. أجاهدُ المسيرَ في حلقةٍ مُفرغةٍ من المعنى، أدورُ على ذاتي، أُكابدُ ولا أُفلِح، أُراوِحُ بين الأملِ والخَسف، ولا شيءَ يورقُ في راحتي.
أُناجي العُلى بقلبٍ تصدّع من فرطِ الانتظار، قلبٍ يتمنّى أن ينهضَ ولا يملكُ من الزادِ إلا الحنين، ولا من السلاحِ إلا صدقَ المقصد. كقولِ المتنبّي:
"أُطاعِنُ خَيْلَ مَن لم يُدرِكِ المجدَ نَفسَهُ
ويَجْبُنُ يومَ الهَولِ مَن لا يُقاتِلُ."
فما أنا إلّا رُكامُ عزيمةٍ تعلّقَ بها النُّورُ يوماً، ثم غاب،
أُحدّثُ نفسي كلّ فجرٍ: لعلّ غدًا يُضيء، لعلّ المحاولةَ، وإن خذلتني ألف مرة، تَصدقُ في المرّةِ الألف وواحد، فلعلّ في هذا العثار، بعضُ السبيلِ إلى الله.
وإنّي لمُتعَبٌ، بل مَكدودٌ كمن يسعى في أرضٍ لا أفقَ لها، ولا منار، يمضي في تيهِ الوجود كالسَّابحِ في العدم، يركضُ وراء وجهةٍ لم تُخلَق لها سُبُل، ولم تُفتَح لها أبواب. أجاهدُ المسيرَ في حلقةٍ مُفرغةٍ من المعنى، أدورُ على ذاتي، أُكابدُ ولا أُفلِح، أُراوِحُ بين الأملِ والخَسف، ولا شيءَ يورقُ في راحتي.
أُناجي العُلى بقلبٍ تصدّع من فرطِ الانتظار، قلبٍ يتمنّى أن ينهضَ ولا يملكُ من الزادِ إلا الحنين، ولا من السلاحِ إلا صدقَ المقصد. كقولِ المتنبّي:
"أُطاعِنُ خَيْلَ مَن لم يُدرِكِ المجدَ نَفسَهُ
ويَجْبُنُ يومَ الهَولِ مَن لا يُقاتِلُ."
فما أنا إلّا رُكامُ عزيمةٍ تعلّقَ بها النُّورُ يوماً، ثم غاب،
أُحدّثُ نفسي كلّ فجرٍ: لعلّ غدًا يُضيء، لعلّ المحاولةَ، وإن خذلتني ألف مرة، تَصدقُ في المرّةِ الألف وواحد، فلعلّ في هذا العثار، بعضُ السبيلِ إلى الله.
09.05.202516:06
يُـمـزِّقُ قَلبي تَفَكُّري في هذا المَشهدِ المُمضِّ، خصيصىً حينَ تَأتينا المقاطعُ المُصوَّرةُ لاحقاً، تُخلخلُ جَوانِحنَا، وتَضربُ على أوتارِ القَهرِ كالسَّياطِ.كَم يُوجِعُني أن أُدرِكَ أنَّهم خاضوا آخرَ ساعاتِهم في خَضمِّ الحِصارِ، وحدَهم!! - إلّا مِن اللهِ والملائكة-
كما هو حالُ الأَسرى الذينَ يُستشهَدونَ في غياهبِ السُّجونِ، بعيداً عن ضَوضاءِ العَالمِ، قريبينَ من السَّماءِ، مَحفوفينَ بالصَّبرِ والكَمدِ والرِّضى.
الخذلانُ ليسَ مجرَّدَ شعورٍ، بل هو نارٌ تَلسَعُ، وصَفعَةٌ تُدمي، وسَكينٌ في خاصِرَةِ الكرامَةِ،
وقد ذُقناهُ في هذهِ الحربِ ذَوقَ التِّرْياقِ المُرّ، فَأصابَنا مِنهُ ما يَفتِكُ بِالضُّلوعِ وَالرُّوحِ.
لكِنِّي، إذ تدبَّرتُ قولهُ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم:
"لا يَضُرُّهُم مَن خَذَلَهُم"؛ خَفَّ وقرُ الحُزنِ عن كَاهلي، وسَكنت نَفسي، فما دامَ اللهُ مَعهم، فمَن ذا الّذي عليهم؟
وما دامتِ الملائكةُ تَحفُّهم وتَشهَدُ مَعهم، فمَن ذا الّذي يُطفِئُ نورَهم؟
هُم الأعلَونَ وإن غابوا، هُم الخالدونَ وإن وُوروا التُّراب.
اللَّهُمَّ عَوِّضْ مُجاهِدِينا بالفِردَوسِ الأعلى، وبجِنانٍ لا يَبلَى نَعيمُها، ولا يَفنى سُرورها، ولا تَغيبُ فيها الشَّمسُ عن مُحيّاهم.
اللَّهُمَّ كُن لهم عِوضًا عن خَذلانِ الخَلقِ، وكن رِضَاكَ سَكينةً لأرواحِهم، ومَنزِلَتَهم عندَكَ أعظَمَ من كلِّ حُلمٍ دنيويٍّ فاتَهم.
كما هو حالُ الأَسرى الذينَ يُستشهَدونَ في غياهبِ السُّجونِ، بعيداً عن ضَوضاءِ العَالمِ، قريبينَ من السَّماءِ، مَحفوفينَ بالصَّبرِ والكَمدِ والرِّضى.
الخذلانُ ليسَ مجرَّدَ شعورٍ، بل هو نارٌ تَلسَعُ، وصَفعَةٌ تُدمي، وسَكينٌ في خاصِرَةِ الكرامَةِ،
وقد ذُقناهُ في هذهِ الحربِ ذَوقَ التِّرْياقِ المُرّ، فَأصابَنا مِنهُ ما يَفتِكُ بِالضُّلوعِ وَالرُّوحِ.
لكِنِّي، إذ تدبَّرتُ قولهُ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم:
"لا يَضُرُّهُم مَن خَذَلَهُم"؛ خَفَّ وقرُ الحُزنِ عن كَاهلي، وسَكنت نَفسي، فما دامَ اللهُ مَعهم، فمَن ذا الّذي عليهم؟
وما دامتِ الملائكةُ تَحفُّهم وتَشهَدُ مَعهم، فمَن ذا الّذي يُطفِئُ نورَهم؟
هُم الأعلَونَ وإن غابوا، هُم الخالدونَ وإن وُوروا التُّراب.
اللَّهُمَّ عَوِّضْ مُجاهِدِينا بالفِردَوسِ الأعلى، وبجِنانٍ لا يَبلَى نَعيمُها، ولا يَفنى سُرورها، ولا تَغيبُ فيها الشَّمسُ عن مُحيّاهم.
اللَّهُمَّ كُن لهم عِوضًا عن خَذلانِ الخَلقِ، وكن رِضَاكَ سَكينةً لأرواحِهم، ومَنزِلَتَهم عندَكَ أعظَمَ من كلِّ حُلمٍ دنيويٍّ فاتَهم.
01.05.202500:39
اليومُ: أوَّلُ أَيَّار..
ما كانَ الزَّمانُ يُقاسُ عندي بِعَدِّ الأَيَّامِ ولا بِحِسابِ التَّقويمِ المُزيَّفِ، التَّواريخُ عِندي لا تَثبُتُ في دَفاتِرِ روحي إلّا إذا اقترَنَتْ بفلسطينَيتِها. فالشَّهرُ لا يَكُونُ شهراً ما لم يَحمِلْ في حُروفِه شيئاً من مِلحِ البلاد، أو شَيئاً من وَجعِها المُقيمِ في الضُّلوعِ كالجمرِ الكامنِ تحتَ الرَّماد.
ها هو أَيّارُ عندَ النَّاسِ شهرُ الرَّبيعِ والتُّرابِ الدافء،
وعندي: أَيّارُ النَّكبةِ، أَيّارُ السُّقوطِ الأوَّلِ، حينَ انفرَطَ العِقدُ من عنقِ البلادِ، وتَبعثَرَتِ القُرى كالأطلالِ، وتَناثَرَ النّاسُ بينَ المَنافي، وصارَ الحُلمُ يَبيتُ على الأرصفةِ بلا خيمةٍ تُؤويهِ.
وإن قِيلَ: "ما قولُكَ في حَزيرانَ؟"
قلتُ: حَزيرانُ النَّكسةِ، يومُ أُطفِئَتِ القناديلُ في القدسِ، وسُرِقتِ المآذِنُ مِن سُجودِها.
وإن قِيلَ: "تمّوز؟"
قلتُ: تمّوزُ المجازرِ، نَارٌ من لَهبٍ تَحتَ سُطورِ الكُتبِ، لا يَقرَؤُه إلا مَن اكتَوَى بجمرِهِ.
وإن قِيلَ: "أَيلول؟"
قلتُ: أَيلولُ الفِراقِ، حينَ تقطَّعَتِ الخَيمةُ بينَ الريحِ والرِّيبة.
وكذا.. كلُّ شيءٍ عندي يُقاسُ بفِلسطين!
فلا زَهرَ يُزهرُ في قلبي إلّا إن كانَ نَديًّا مِن تُرابِها،
ولا وَجعَ يُوجِعُني إلّا إذا قَطَرَ مِن نَسغِها، ولا تاريخَ يُذكرُ إلّا إذا قَرَعَ جرسَ وجعٍ في وطنٍ مسلوبٍ.
ومنذُ دخلَتِ الحربُ علينا كزَحفٍ عَتمٍ، ما عُدتُ أَعدُّ الأعوامَ على نَحوِها البَليد، بل أَصبَحتُ أَكتُبُ:
في أيّارٍ هذا، من عامِ الجُرحِ المُقيم، فَقدتُ ثلاثةً وعِشرينَ حبيباً كانوا قَريبينَ مِن قَلبي، فَثَبَتَ أيّارُ في سِفرِ الحُزنِ وثيقةَ الفقدِ الأَعمَقِ.
وها أنا اليوم، في أوَّلِكَ، أُشهِدُ الزَّمانَ أنّي ما عُدتُ أَقيسُ عُمري كما يَفعلُ النّاسُ بالأرقامِ، بل أَقيسُهُ بكَ، بفِقدِك، بنكبتِك، بجراحِك التي تَنبُتُ في ضُلوعي كلَّما مرَّ طيفُك.
أَيّارُ، أنتَ عُمري الحقيقيّ، وسِجِلُّ أيّامي الذي لا يَكذِب. وحقيقتي أنَّ كُلَّ الزَّمانِ فلسطينيٌّ أو لا يكون.
• الأوَّل مِن أيَّار النَّكبةِ والفَقد!
ما كانَ الزَّمانُ يُقاسُ عندي بِعَدِّ الأَيَّامِ ولا بِحِسابِ التَّقويمِ المُزيَّفِ، التَّواريخُ عِندي لا تَثبُتُ في دَفاتِرِ روحي إلّا إذا اقترَنَتْ بفلسطينَيتِها. فالشَّهرُ لا يَكُونُ شهراً ما لم يَحمِلْ في حُروفِه شيئاً من مِلحِ البلاد، أو شَيئاً من وَجعِها المُقيمِ في الضُّلوعِ كالجمرِ الكامنِ تحتَ الرَّماد.
ها هو أَيّارُ عندَ النَّاسِ شهرُ الرَّبيعِ والتُّرابِ الدافء،
وعندي: أَيّارُ النَّكبةِ، أَيّارُ السُّقوطِ الأوَّلِ، حينَ انفرَطَ العِقدُ من عنقِ البلادِ، وتَبعثَرَتِ القُرى كالأطلالِ، وتَناثَرَ النّاسُ بينَ المَنافي، وصارَ الحُلمُ يَبيتُ على الأرصفةِ بلا خيمةٍ تُؤويهِ.
وإن قِيلَ: "ما قولُكَ في حَزيرانَ؟"
قلتُ: حَزيرانُ النَّكسةِ، يومُ أُطفِئَتِ القناديلُ في القدسِ، وسُرِقتِ المآذِنُ مِن سُجودِها.
وإن قِيلَ: "تمّوز؟"
قلتُ: تمّوزُ المجازرِ، نَارٌ من لَهبٍ تَحتَ سُطورِ الكُتبِ، لا يَقرَؤُه إلا مَن اكتَوَى بجمرِهِ.
وإن قِيلَ: "أَيلول؟"
قلتُ: أَيلولُ الفِراقِ، حينَ تقطَّعَتِ الخَيمةُ بينَ الريحِ والرِّيبة.
وكذا.. كلُّ شيءٍ عندي يُقاسُ بفِلسطين!
فلا زَهرَ يُزهرُ في قلبي إلّا إن كانَ نَديًّا مِن تُرابِها،
ولا وَجعَ يُوجِعُني إلّا إذا قَطَرَ مِن نَسغِها، ولا تاريخَ يُذكرُ إلّا إذا قَرَعَ جرسَ وجعٍ في وطنٍ مسلوبٍ.
ومنذُ دخلَتِ الحربُ علينا كزَحفٍ عَتمٍ، ما عُدتُ أَعدُّ الأعوامَ على نَحوِها البَليد، بل أَصبَحتُ أَكتُبُ:
في أيّارٍ هذا، من عامِ الجُرحِ المُقيم، فَقدتُ ثلاثةً وعِشرينَ حبيباً كانوا قَريبينَ مِن قَلبي، فَثَبَتَ أيّارُ في سِفرِ الحُزنِ وثيقةَ الفقدِ الأَعمَقِ.
وها أنا اليوم، في أوَّلِكَ، أُشهِدُ الزَّمانَ أنّي ما عُدتُ أَقيسُ عُمري كما يَفعلُ النّاسُ بالأرقامِ، بل أَقيسُهُ بكَ، بفِقدِك، بنكبتِك، بجراحِك التي تَنبُتُ في ضُلوعي كلَّما مرَّ طيفُك.
أَيّارُ، أنتَ عُمري الحقيقيّ، وسِجِلُّ أيّامي الذي لا يَكذِب. وحقيقتي أنَّ كُلَّ الزَّمانِ فلسطينيٌّ أو لا يكون.
• الأوَّل مِن أيَّار النَّكبةِ والفَقد!
25.04.202518:36
في سَكرةِ الكدِّ وضيقِ الحشا، إذ ضاق الفضاءُ برُحبِه، وسئمتُ من البلادِ التي تأكلُ أبناءَها كما تفعلُ النيرانُ بالحطبِ اليابس، مرّت على سمعي ترويدةٌ من بئرِ التُّراث، من تلك التي كانت تُغنّى في ليالي الحصار داخل البيوتِ الطينيّة، وتُسقَطُ على مقاماتِ الحنين لا على سلّم النّغم.
كنتُ أُدندنُها في سهوٍ غابر، فإذا بي أنتبهُ إلى لَفْظِها، أستخرجُ المعاني من بين نَغَمِها، كمن يُنقّبُ في الرُّكامِ عن قُبلةِ نَجاة.
تذكّرتُ إذ ذاك روايةَ جدّي عن أصلِ تلك الترويدة؛ لم تكن نشيداً فحسب، بل بُرْعُمُ ثورةٍ صامتة تفتّحت بين أنقاضِ الاغتصابِ والتَّهجير. كانت نساؤنا تُغنّيها خُفيةً، ويخبئن في مقاطعها مفتاحَ الدار، وخارطةَ العودة، وندبةً من دير ياسين. يُخفين فيها خناجرَ الحنين، ويُطعمن بها أولادهنَّ الحكايةَ بدلَ الحليب.
وأحكي، للمرة الألف أو يزيد، كيف غَرِقنا في عشقِ البلاد لا كغارقٍ في الهوى، بل كمُجاهدٍ في الوَغى. عشقٌ تتعلّق به الكوفيّة على أكتافنا كما تتعلّق النجاة بسارية السفينة، عشقٌ مزجنا فيه الزّغرودةَ بزئيرِ البندقيّة، والدِّماءَ بالحِناء. عشقٌ لم يَبقَ فينا حيِّزٌ إلا وشَهِدَ له، حتى أثوابُنا، الَّتي خَطَطناها بخيوطِ الثورة، زخرفناها ببيارات يافا، وسنابل الدّير، ومآذنِ القدس المطرّزة على صدور الصبايا،
فرفعنا الوطنَ في قماشِ العُرسِ والعزاءِ سواء.
تلك التفاصيل، يا ظريف الطُّول، ليست زينةً للذِّكرى، بل مَجامِرُ الهُويّةِ، وهي أوشامُ المقاومةِ على جسدِ اليوميّ المُمِلّ، وهي الصوتُ السرّيّ في لحنِ الحياء، والماءُ الذي توضّأ به الشهداء قبل فجرِهم الأخير، حتى صار كلُّ ما فينا يُسبّحُ باسمِ البلاد، ويُقاومُ ولو بصوتِ ترويدةٍ تُغنّى لطفلٍ في فجرِ الغُربة..
فقل لي بربّك، هل رأيتَ عشقاً ثوريّاً كهذا؟
عشقًا يمشي على الأسلاكِ في غزة، ويُعانقُ الجدار في الخليل، ويُخفي الحجر في صدر الطفلِ في نابلس؟
وها أنا، في كلّ مرّةٍ أظنُّني ضِقتُ بهذه البلاد، أعودُ فأغرقُ في تفاصيلها، كمن يرجعُ لحضنِ الجرحِ لأنّه الوحيدةُ الذي يفهمه.
نحبُّها، نعم، نحبُّها رغم وجعها، رغم أنها تُربكُ القلب وتُثقله، نحبّها لا لأنّها تُريحُنا، بل لأنّها تُشبهُنا في تعبنا، في شقائنا، في ضيقِ النفسِ الذي لا يمنعنا من أن نواصلَ التنفّس.
نحبُّها ثورةً لا همساً، وتكبيراتٍ لا موسيقى، ونشيداً يُطلُّ من بين أنقاضِ البيوت.
نحبُّها كما يُحبُّ الأسيرُ شمساً لا يراها، ويكتُب لها رسائلَ من ظلمةِ زنزانته.
نحبُّها كما تُحبّ الأمهاتُ أولادَهنَّ في ميادينِ الخطر، لا في أروقةِ الطمأنينة..
هذه البلاد المتعبة، نحبُّها بثورةٍ رهيبة، ثورةٍ ليست فقط بندقيّة، بل نغمةٌ تتسلّل من شقٍّ في الجدار، وثوبٌ مطرّزٌ على خاصرة المخيم، وقُبلةٌ على جبينِ فكرةٍ ما استسلمت.
نُحبّها من وجعنا، ونُحبّها لِوجعها،
نُحبّها لأنّها تعبُنا الجميل، ولأننا نعرف، نعرفُ جيداً،
أنّ من يُحبُّ بلاداً متعبةً، لا بدّ أن يُولَدَ في قلبه وطن... ويُدفن فيه علم.
كنتُ أُدندنُها في سهوٍ غابر، فإذا بي أنتبهُ إلى لَفْظِها، أستخرجُ المعاني من بين نَغَمِها، كمن يُنقّبُ في الرُّكامِ عن قُبلةِ نَجاة.
تذكّرتُ إذ ذاك روايةَ جدّي عن أصلِ تلك الترويدة؛ لم تكن نشيداً فحسب، بل بُرْعُمُ ثورةٍ صامتة تفتّحت بين أنقاضِ الاغتصابِ والتَّهجير. كانت نساؤنا تُغنّيها خُفيةً، ويخبئن في مقاطعها مفتاحَ الدار، وخارطةَ العودة، وندبةً من دير ياسين. يُخفين فيها خناجرَ الحنين، ويُطعمن بها أولادهنَّ الحكايةَ بدلَ الحليب.
وأحكي، للمرة الألف أو يزيد، كيف غَرِقنا في عشقِ البلاد لا كغارقٍ في الهوى، بل كمُجاهدٍ في الوَغى. عشقٌ تتعلّق به الكوفيّة على أكتافنا كما تتعلّق النجاة بسارية السفينة، عشقٌ مزجنا فيه الزّغرودةَ بزئيرِ البندقيّة، والدِّماءَ بالحِناء. عشقٌ لم يَبقَ فينا حيِّزٌ إلا وشَهِدَ له، حتى أثوابُنا، الَّتي خَطَطناها بخيوطِ الثورة، زخرفناها ببيارات يافا، وسنابل الدّير، ومآذنِ القدس المطرّزة على صدور الصبايا،
فرفعنا الوطنَ في قماشِ العُرسِ والعزاءِ سواء.
تلك التفاصيل، يا ظريف الطُّول، ليست زينةً للذِّكرى، بل مَجامِرُ الهُويّةِ، وهي أوشامُ المقاومةِ على جسدِ اليوميّ المُمِلّ، وهي الصوتُ السرّيّ في لحنِ الحياء، والماءُ الذي توضّأ به الشهداء قبل فجرِهم الأخير، حتى صار كلُّ ما فينا يُسبّحُ باسمِ البلاد، ويُقاومُ ولو بصوتِ ترويدةٍ تُغنّى لطفلٍ في فجرِ الغُربة..
فقل لي بربّك، هل رأيتَ عشقاً ثوريّاً كهذا؟
عشقًا يمشي على الأسلاكِ في غزة، ويُعانقُ الجدار في الخليل، ويُخفي الحجر في صدر الطفلِ في نابلس؟
وها أنا، في كلّ مرّةٍ أظنُّني ضِقتُ بهذه البلاد، أعودُ فأغرقُ في تفاصيلها، كمن يرجعُ لحضنِ الجرحِ لأنّه الوحيدةُ الذي يفهمه.
نحبُّها، نعم، نحبُّها رغم وجعها، رغم أنها تُربكُ القلب وتُثقله، نحبّها لا لأنّها تُريحُنا، بل لأنّها تُشبهُنا في تعبنا، في شقائنا، في ضيقِ النفسِ الذي لا يمنعنا من أن نواصلَ التنفّس.
نحبُّها ثورةً لا همساً، وتكبيراتٍ لا موسيقى، ونشيداً يُطلُّ من بين أنقاضِ البيوت.
نحبُّها كما يُحبُّ الأسيرُ شمساً لا يراها، ويكتُب لها رسائلَ من ظلمةِ زنزانته.
نحبُّها كما تُحبّ الأمهاتُ أولادَهنَّ في ميادينِ الخطر، لا في أروقةِ الطمأنينة..
هذه البلاد المتعبة، نحبُّها بثورةٍ رهيبة، ثورةٍ ليست فقط بندقيّة، بل نغمةٌ تتسلّل من شقٍّ في الجدار، وثوبٌ مطرّزٌ على خاصرة المخيم، وقُبلةٌ على جبينِ فكرةٍ ما استسلمت.
نُحبّها من وجعنا، ونُحبّها لِوجعها،
نُحبّها لأنّها تعبُنا الجميل، ولأننا نعرف، نعرفُ جيداً،
أنّ من يُحبُّ بلاداً متعبةً، لا بدّ أن يُولَدَ في قلبه وطن... ويُدفن فيه علم.
20.04.202523:22
وما أَمَرَّ القهوةِ بعدَ الفُرقة، تَغدو سُوَيداءَ المذاق، كأنّها تُخمِّرُ الأسى في كلّ رشفة.هيَ ذاتُ السائلِ، وذاتُ الفنجان، لكنّ الحبيبَ إذا غاب، اختلّ التّوازنُ وانطفأَ المعنى؛ فالقهوةُ ليست شراباً يُرتشف، بل هي تجلٍّ لعِطرِ الوجودِ مع من نُحب.. مرارتُها في حضورهِم شجنٌ محبّب، وسُكّرُها في غيابهِم خديعةٌ لا تُغني ولا تُسمنُ من قلبٍ موحش.
القهوةُ حبرُ اللَّحظاتِ الصامتة، وبوحُ العيونِ حين تعجزُ الألسن، هي طقسُ العاشقين إذا حضروا، ونحيبُهم إذا ارتحلوا..
القهوةُ حبرُ اللَّحظاتِ الصامتة، وبوحُ العيونِ حين تعجزُ الألسن، هي طقسُ العاشقين إذا حضروا، ونحيبُهم إذا ارتحلوا..
转发自:
يَافَا الضَّاد.

20.04.202520:31
{وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}.
سكينة القُرآن لا تعادلها أي سكينَة، وطمأنينة التلاوة ليست كأي طُمأنينة أُخرَى، ومُواساة القُرآن أجمل وأجلُّ من كُلِّ مُواساةٍ ثانية..
转发自:
يَافَا الضَّاد.

14.04.202523:26
لَحى اللهُ الفقدَ وما يستتبِعُهُ من نُحولِ الرُّوح، ولحى اللهُ الخوفَ وما يُفرِغُهُ على النَّفسِ من جدبٍ لا يُسقَى، فما أشدَّ استنزافَهما للنَّبض، وما أوغلَهما في جعلِ القلبِ صحراءً تستطيلُ فيها الظِّلال، ولا تُنبِتُ غيرَ الذكرى المتآكلة!!
08.05.202522:28
لقد خرجت مني الكلمات بأكثر مما توقعت، حتى أنّني صُدمتُ من كثرتها، كأنّني غصتُ في بحرٍ من الحديث دون أن أدرك حجم الموج! وعندما نظرتُ إلى عدد المشاهدات، تفاجأتُ أنها قد تجاوزت الخمسين، وهو أمرٌ يُثير الخوف، لاسيما وأنّني كنتُ أظنُّ أن الفقرة ستكون قصيرة، وأنه لا أحد سيطّلع عليها أصلًا. لكنّها قد فاجأتني بمداها🫠!
28.04.202520:16
على العبدِ أن يتعلمَ قراءةَ أفعالِ اللهِ؛ فليس في الكونِ عبثٌ، ولا في القدرِ صدفةٌ، بل هي أقدارٌ تسيرُ بأمرٍ عزيزٍ حكيمٍ.
وما كلُّ أمرٍ يُدركُ بالعقلِ القاصِرِ، ولا كلُّ حكمةٍ تُساقُ إلى الفؤادِ صريحاً، بل يُخبّئُ اللهُ عنك بعضَ فصولِ الكتابِ، ليبلو صبركَ، ويختبرَ رجاءكَ.
فإذا أظلمتْ دُروبُك، فاعلمْ أن وراءَ الحُجُبِ فجراً يُهيّئهُ اللهُ لِمَن وثقَ، وإذا ضاقَ عليكَ الأمرُ، فاعلمْ أن الرزقَ يأتيك من حيثُ لا تحتسبُ. وإذا هبّتْ ريحُ الشكِّ في قلبك، فانثر عليها ياسمينَ اليقينِ، واغمر ظنونَك بسجدةِ تضرعٍ تُزهرُ بها صحارى الوجلِ أملاً.
اسجد، وادعُ، وتوسلْ، وتحنّنْ، وتبتّلْ، وارضَ عن اللهِ وإن كنتَ لا ترى الحكمةَ ظاهرةً، فإنّ وعدَ اللهِ حقٌّ، ولن يُخلفَ اللهُ وعدَهُ أبداً.ولك أن توقنَ أن رضى الله عن العبدِ هو المقامُ الذي تتضاءلُ دونه الدنيا بما فيها، فإن الله تعالى يقول: ﴿رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ﴾، وذاكَ هو الفوزُ المبين.
وإنك إن صبرتَ صبرَ المُوقنين، رُزِقتَ بردَ السكينةِ، وهانتْ عليكَ المصائبُ كما يهونُ لهيبُ الشمسِ على من أيقنَ أن وراءهُ ظلالاً مديدةً.
فاصبرْ، فإن الصبرَ مفتاحُ الفردوسِ، وإن مع العسرِ يُسراً، وإن الفرجَ مكتوبٌ في اللوحِ لك، وإن طالَ عليك الأمدُ.
وبشّر الصابرينَ الذين إذا أصابتهم مصيبةٌ قالوا: ﴿إنّا للهِ وإنّا إليهِ راجعونَ﴾.
ياربَّنا، علِّمنا الصبرَ كما علَّمتَ أولياءكَ، وأعِنَّا على التَّصبُّرِ كما أعنتَ المنيبينَ، وثبِّتنا بأمرِكَ تثبيتاً لا تزلُّ معهُ الأقدامُ، ولا تخشعُ معهُ النفوسُ لغيركَ..
﴿رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ﴾.
وما كلُّ أمرٍ يُدركُ بالعقلِ القاصِرِ، ولا كلُّ حكمةٍ تُساقُ إلى الفؤادِ صريحاً، بل يُخبّئُ اللهُ عنك بعضَ فصولِ الكتابِ، ليبلو صبركَ، ويختبرَ رجاءكَ.
فإذا أظلمتْ دُروبُك، فاعلمْ أن وراءَ الحُجُبِ فجراً يُهيّئهُ اللهُ لِمَن وثقَ، وإذا ضاقَ عليكَ الأمرُ، فاعلمْ أن الرزقَ يأتيك من حيثُ لا تحتسبُ. وإذا هبّتْ ريحُ الشكِّ في قلبك، فانثر عليها ياسمينَ اليقينِ، واغمر ظنونَك بسجدةِ تضرعٍ تُزهرُ بها صحارى الوجلِ أملاً.
اسجد، وادعُ، وتوسلْ، وتحنّنْ، وتبتّلْ، وارضَ عن اللهِ وإن كنتَ لا ترى الحكمةَ ظاهرةً، فإنّ وعدَ اللهِ حقٌّ، ولن يُخلفَ اللهُ وعدَهُ أبداً.ولك أن توقنَ أن رضى الله عن العبدِ هو المقامُ الذي تتضاءلُ دونه الدنيا بما فيها، فإن الله تعالى يقول: ﴿رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ﴾، وذاكَ هو الفوزُ المبين.
وإنك إن صبرتَ صبرَ المُوقنين، رُزِقتَ بردَ السكينةِ، وهانتْ عليكَ المصائبُ كما يهونُ لهيبُ الشمسِ على من أيقنَ أن وراءهُ ظلالاً مديدةً.
فاصبرْ، فإن الصبرَ مفتاحُ الفردوسِ، وإن مع العسرِ يُسراً، وإن الفرجَ مكتوبٌ في اللوحِ لك، وإن طالَ عليك الأمدُ.
وبشّر الصابرينَ الذين إذا أصابتهم مصيبةٌ قالوا: ﴿إنّا للهِ وإنّا إليهِ راجعونَ﴾.
ياربَّنا، علِّمنا الصبرَ كما علَّمتَ أولياءكَ، وأعِنَّا على التَّصبُّرِ كما أعنتَ المنيبينَ، وثبِّتنا بأمرِكَ تثبيتاً لا تزلُّ معهُ الأقدامُ، ولا تخشعُ معهُ النفوسُ لغيركَ..
﴿رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ﴾.


25.04.202516:26
🤍.
20.04.202520:47
الرَّحيق المختوم هو كتابٌ جليلٌ في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، سطره المؤلف بحذقٍ عميق، فجمع بين الدقة التاريخية والبلاغة الأدبية، فصار مرجعاً لا يُطاوَح. هو نبعٌ صافٍ يروي حياةَ النبي الكريم بتفاصيلها الدقيقة، محلقاً بالقارئ في آفاقٍ من النور والفهم، حيث لا يقتصر على سرد الوقائع بل يغوص في أعماق الروحانية والعِبرة. كتابٌ يُنير الأذهان ويُجلي الصدور، ويأخذ بيد القارئ إلى معرفةٍ تامةٍ بعظمة هذا الرجل الذي غير مجرى التاريخ!
قد جُمِعَ فيه كلُّ ما يخص حياة النبي صلى الله عليه وسلم من ميلاده إلى وفاته، بلسانٍ فصيحٍ وطريقةٍ منمقةٍ تُنَاعِسُ الألباب، فيحاكي ما بين السطور سِيرةً مليئةً بالعظمةِ والقدوة.
لَو كانَ لي الحُكمُ على النّاسِ، لجعلتُ قراءةَ الرحيقِ المختوم فَرضَ عَينٍ على كُلِّ مُسلمٍ ومُسلمةٍ، ومَن أعْرَضَ عَنهُ طَواعِيَةً لَجَعَلتُهُ يَقرَؤُهُ وَهو يَذُوقُ مَرَارَةَ الفَلكَة ^^
قد جُمِعَ فيه كلُّ ما يخص حياة النبي صلى الله عليه وسلم من ميلاده إلى وفاته، بلسانٍ فصيحٍ وطريقةٍ منمقةٍ تُنَاعِسُ الألباب، فيحاكي ما بين السطور سِيرةً مليئةً بالعظمةِ والقدوة.
لَو كانَ لي الحُكمُ على النّاسِ، لجعلتُ قراءةَ الرحيقِ المختوم فَرضَ عَينٍ على كُلِّ مُسلمٍ ومُسلمةٍ، ومَن أعْرَضَ عَنهُ طَواعِيَةً لَجَعَلتُهُ يَقرَؤُهُ وَهو يَذُوقُ مَرَارَةَ الفَلكَة ^^
20.04.202520:28
ولم يكن تحوُّلها عن الموسيقى محضَ تبدُّل ذوقٍ أو انقلابِ هوى؛ بل إنّ العلم نفسه قد شهد على ما فعلته الألحان بها. فقد ثبت أنّ الإفراط في الاستماع للموسيقى، لا سيّما المتكرّرة الإيقاع، يُحفّز إفراز "الدوبامين" في الدماغ، وهو هرمون يُشبه في أثره جرعاتٍ ضئيلة من المخدّرات؛ يُغري أول الأمر، ثمّ يُفقِد الإنسان القدرة على الاستقرار دون وجوده.
ومع الوقت، يصير السكونُ ثقيلاً على السمع، وتغدو لحظات الصمت أشبهَ بالمرايا، تُجبر المرء أن يُحدّق في داخله، فيرى فوضىً ما كان يُدركها. هناك بدأت تُزعجها الموسيقى، لا لأنها قبيحة، بل لأنها كانت جميلةً حدَّ أن تُطفئ فيها كلّ شيءٍ آخر. صارت لا تنام، لا تهدأ، لا تَصفو. كأنّ عقلها تعلّق بسلسلةِ أنغامٍ لا تنتهي، تدور كالمراجيح دون أرضٍ تحتها.
فلم تَخرج من ذلك الأسر، إلا حين أَدخلها القرآنُ إلى ساحة الصمت النقي، وعلّمها أن السكينة ليست في ما يملأ الأذن، بل في ما يُصغي إليه القلب.
ولا يزال أهل القرآن وأهل اللغة، في زمنٍ باتت فيه المعاني غائبة، يبتعدون عن القرآن وعن لسان العرب، وكأنهم غافلون عن أن في صمت الحروف حياة، وأن في حروف القرآن شفاء لكلّ روح ضلّت طريقها.
يا رب، استعملنا ولا تستبدلنا، اللهم اهدِ قومي فهم لا يعلمون، اللهم ثبتنا على حبك وحبّ القرآن.
"وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُو۟لَـٰٓئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِّنْهُونَ"
(سورة لقمان، آية ٦)
ومع الوقت، يصير السكونُ ثقيلاً على السمع، وتغدو لحظات الصمت أشبهَ بالمرايا، تُجبر المرء أن يُحدّق في داخله، فيرى فوضىً ما كان يُدركها. هناك بدأت تُزعجها الموسيقى، لا لأنها قبيحة، بل لأنها كانت جميلةً حدَّ أن تُطفئ فيها كلّ شيءٍ آخر. صارت لا تنام، لا تهدأ، لا تَصفو. كأنّ عقلها تعلّق بسلسلةِ أنغامٍ لا تنتهي، تدور كالمراجيح دون أرضٍ تحتها.
فلم تَخرج من ذلك الأسر، إلا حين أَدخلها القرآنُ إلى ساحة الصمت النقي، وعلّمها أن السكينة ليست في ما يملأ الأذن، بل في ما يُصغي إليه القلب.
ولا يزال أهل القرآن وأهل اللغة، في زمنٍ باتت فيه المعاني غائبة، يبتعدون عن القرآن وعن لسان العرب، وكأنهم غافلون عن أن في صمت الحروف حياة، وأن في حروف القرآن شفاء لكلّ روح ضلّت طريقها.
يا رب، استعملنا ولا تستبدلنا، اللهم اهدِ قومي فهم لا يعلمون، اللهم ثبتنا على حبك وحبّ القرآن.
"وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُو۟لَـٰٓئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِّنْهُونَ"
(سورة لقمان، آية ٦)
转发自:
يَافَا البِلاد.𓂆

07.04.202500:38
لا الحريقُ أعادَ وعيَ النائمين، ولا الذّوبان في الجمرِ أذابَ صقيعَ الخذلانِ في صدورِهم..
يا الله عَجز الكلام على الكلام!
يا الله عَجز الكلام على الكلام!
08.05.202509:20
:'))
28.04.202519:56
وَجَدنَا خيرَ عَيشنَا بالصَّبر.
-عُمر بن الخطاب رضيَ الله عنه.
转发自:
يَافَا الضَّاد.

20.04.202523:34
في كل حربٍ، تزداد أرواحنا تجذرًا في هذه الأرض، وتصبح فلسطين هي نبضنا، وعروقنا التي تجري فيها دماؤنا. في كل قذيفةٍ، وفي كل لحظةٍ من المعاناة، نغدو أكثر انتماءً، وأكثر تعلقًا بهذا التراب الطاهر، الذي صار جزءً لا يتجزأ من كياننا. ودماؤنا التي تُراق على ثراه، تصبح أثمن من أي حياةٍ عرفناها. حربٌ بعد حربٍ، يزداد فينا الوعي بأننا لسنا مجرد سكانٍ في هذه الأرض، بل نحن فلسطين بكل عذاباتها وآمالها، بكل تاريخها المكلل بالشهداء، وبكل معاناتها التي تحولت إلى قوةٍ لا تُقهر. في كل معركةٍ نخوضها، نعيد صياغة ما يعني أن نكون فلسطينيين، فكل ضربةٍ توجه إلى قلوبنا تجعلنا أكثر تماسكًا، وأشد إيمانًا بأن فلسطين ليست مجرد مكان، بل هي الوجود ذاته، هي العزة، والكرامة، والخلود.
20.04.202520:42
20.04.202520:24
عرفتُ فتاةً فرنسيّة، كانت كأنّها تعيش على هامش نفسها؛ تتردّى في تيهٍ لا وجهة له، وقد أخذها الغناءُ من يد العقل، وألقاها في وادٍ سحيقٍ من التشتّت.
لم تكن تَعلم أن الأذن إذا اعتادت على ما يُسمّى طربًا، مات فيها حاسّةُ السكون، وأنّ الموسيقى، حين تُفرَغ من المعنى، تُفرغ الإنسان من ذاته؛ فهي تُحفّز الدماغ على إفراز اللذّة، ثم تحرق فيها سُبل الرجوع، فتُدمن النفس الإيقاع وتضجر من كلّ ما سواه. وحين ينسى المرء أن يصغي إلى صمته، يفسد فيه كلّ شيء.
تركت دراستها دون سببٍ ظاهر، لا شيء سوى الضيق... ذلك الضيق الذي لا تُسمّيه الألسنة، ولا تُدركه العيون، ولكنّه يُقيم في الروح إقامة الدّين في القلب. كانت تنام بجسدها، وتنهض بجسدٍ وحده؛ أمّا النّفس، فكانت مستيقظة على حوافّ القلق.
وفي صالة الرياضة ذات يوم، سمعت صوتًا لم يكن من هذا الضجيج، صوتاً يعلو على الجدران والإيقاعات والأوزان؛ سألت صاحبتها: "ما هذا؟" فقالت: "قرآن."
فأصغت... فإذا السكينة تنفذُ إلى أعماقٍ لم تَبلغها كلمةٌ من قبل. نقلت الصوت إلى هاتفها، ولكنّها – دون أن تدري – نقلت شيئًا آخر إلى قلبها: السّلام.
منذ ذلك اليوم، بدأت صديقتها تُرسل إليها تلاواتٍ متفرّقة، لم تكن تفهم العربية، لكنّ الروح كانت تُترجم. شيئاً فشيئاً، أحبت لغةً لم تُطقها من قبل، لغةً تشبه الإيقاع الذي لا يُستفزّ، بل يُهدّئ؛ أحبّت العربية حبَّ من سكنَ إليه صوتُها، وهدأت فيه رغباتها، فدخلت الإسلام لا اقتناعاً عقلانياً بحتاً، بل انجذاباً إلى طمأنينةٍ لم تطرق بابها يوماً.
قالت لي مرةً نصّاً: "كان القرآن هادئاً... نغمةً لم أسمعها من قبل. كأنّه شيءٌ من الجنة، يتسلّل إلى الأرض دون أن يحدث صوتاً."
وهكذا فهمتُ، مرّةً أخرى، أن القرآن ليس كتاباً يُقرأ، بل بيتٌ يُسكن. وأنّ من أنِسَ به، لم يعد غريباً عن نفسه أبداً.
"أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ"
(سورة الرعد، آية ٢٨)
لم تكن تَعلم أن الأذن إذا اعتادت على ما يُسمّى طربًا، مات فيها حاسّةُ السكون، وأنّ الموسيقى، حين تُفرَغ من المعنى، تُفرغ الإنسان من ذاته؛ فهي تُحفّز الدماغ على إفراز اللذّة، ثم تحرق فيها سُبل الرجوع، فتُدمن النفس الإيقاع وتضجر من كلّ ما سواه. وحين ينسى المرء أن يصغي إلى صمته، يفسد فيه كلّ شيء.
تركت دراستها دون سببٍ ظاهر، لا شيء سوى الضيق... ذلك الضيق الذي لا تُسمّيه الألسنة، ولا تُدركه العيون، ولكنّه يُقيم في الروح إقامة الدّين في القلب. كانت تنام بجسدها، وتنهض بجسدٍ وحده؛ أمّا النّفس، فكانت مستيقظة على حوافّ القلق.
وفي صالة الرياضة ذات يوم، سمعت صوتًا لم يكن من هذا الضجيج، صوتاً يعلو على الجدران والإيقاعات والأوزان؛ سألت صاحبتها: "ما هذا؟" فقالت: "قرآن."
فأصغت... فإذا السكينة تنفذُ إلى أعماقٍ لم تَبلغها كلمةٌ من قبل. نقلت الصوت إلى هاتفها، ولكنّها – دون أن تدري – نقلت شيئًا آخر إلى قلبها: السّلام.
منذ ذلك اليوم، بدأت صديقتها تُرسل إليها تلاواتٍ متفرّقة، لم تكن تفهم العربية، لكنّ الروح كانت تُترجم. شيئاً فشيئاً، أحبت لغةً لم تُطقها من قبل، لغةً تشبه الإيقاع الذي لا يُستفزّ، بل يُهدّئ؛ أحبّت العربية حبَّ من سكنَ إليه صوتُها، وهدأت فيه رغباتها، فدخلت الإسلام لا اقتناعاً عقلانياً بحتاً، بل انجذاباً إلى طمأنينةٍ لم تطرق بابها يوماً.
قالت لي مرةً نصّاً: "كان القرآن هادئاً... نغمةً لم أسمعها من قبل. كأنّه شيءٌ من الجنة، يتسلّل إلى الأرض دون أن يحدث صوتاً."
وهكذا فهمتُ، مرّةً أخرى، أن القرآن ليس كتاباً يُقرأ، بل بيتٌ يُسكن. وأنّ من أنِسَ به، لم يعد غريباً عن نفسه أبداً.
"أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ"
(سورة الرعد، آية ٢٨)
07.04.202500:31
منذُ عامين إلا قليلاً؛
وجيشُ الاحتلالِ يَذبحُ غزّةَ علناً،
يُحيلُ شوارعها إلى جمرٍ،
ويُذيعُ مشاهدَ النَّحرِ والبترِ والحريقِ
على الهواءِ مباشرةً…
كأنَّهُ عرضٌ مفتوحٌ للدم،
نُصلَبُ على شاشاتِ العالمِ كلّ ليلة
ولا مَن يَصرُخ.
منذُ عامينِ إلا أقلَّ من ثلاثةِ أشهر،
وغزّةُ تُجزُّ بالسِّكّينِ أمام صمتِ القوم،
بينما يَغُصُّ الهواءُ بعَويلِ الأطفالِ
ويتهدَّلُ اللحمُ من العِظامِ كأنَّهُ مشهدٌ دراميٌّ في مسلسلٍ لا ينتهي.
قوليها يا غزّة،
قوليها ولو ذُبحتِ ألف مرّة:
"وَقِفُوهُمْ ۖ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ." [الصافات: ٢٤]
وجيشُ الاحتلالِ يَذبحُ غزّةَ علناً،
يُحيلُ شوارعها إلى جمرٍ،
ويُذيعُ مشاهدَ النَّحرِ والبترِ والحريقِ
على الهواءِ مباشرةً…
كأنَّهُ عرضٌ مفتوحٌ للدم،
نُصلَبُ على شاشاتِ العالمِ كلّ ليلة
ولا مَن يَصرُخ.
منذُ عامينِ إلا أقلَّ من ثلاثةِ أشهر،
وغزّةُ تُجزُّ بالسِّكّينِ أمام صمتِ القوم،
بينما يَغُصُّ الهواءُ بعَويلِ الأطفالِ
ويتهدَّلُ اللحمُ من العِظامِ كأنَّهُ مشهدٌ دراميٌّ في مسلسلٍ لا ينتهي.
قوليها يا غزّة،
قوليها ولو ذُبحتِ ألف مرّة:
"وَقِفُوهُمْ ۖ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ." [الصافات: ٢٤]
显示 1 - 24 共 78
登录以解锁更多功能。