⭕️فصل في تصريحات الجولاني بين الحقيقة والنفاق:
الجولاني: حجج اسرائيل باتت واهية بعد قطع أذرع أيران في سوريا.
الجولاني: سوريا منهكة من الحرب ولا تشكل تهديدا للغرب أو لجيرانها.
الجولاني: لن نخوض صراعاً مع “إسرائيل” ولسنا حِمل معركة ضدّها ونتواصل مع سفارات غربية من أجل إعادة العلاقات معها.
الجولاني: إنه لن يسمح باستخدام سوريا كنقطة انطلاق لشن هجمات ضد إسرائيل أو أي دولة أخرى، وطالبها بالانسحاب من المواقع التي دخلتها.
وزارة الخارجية السورية:
على ايران ألا تتدخل في شؤوننا الداخلية ونحذرها من بث الفوضى ونحملها تداعيات ذلك.
الجولاني: سوريا لن تسمح بمرور أموال أو سلاح إلى "حزب الله" في لبنان، مشيرًا إلى أن الحزب أساء للسوريين وقاتلهم في عقر دارهم.
⭕️فاصل تعليقي:
تأمل التصريحات وفق مجريات أرض الواقع:
في الوقت الذي كانت اسرائيل تنهال بمئات الغارات على عتاد السلاح السوري الثقيل البري والبحري والجوي حتى أعادت سلاح سوريا إلى ما قبل 1951، ناهيك عن الإجتياحات البرية، والتوسع والسيطرة على أجزاء سورية، فضلا عن العمليات النوعية التي نفذتها في شمال شرق وغرب وجنوب غرب سوريا، نرى خطابه هادئ جدا معاها، ويسعى رغم العدوان المستمر إلى التماس الخطوط الدبلوماسية فقط، والعذر في ذلك (أمام الرأي العام السوري)، سوريا دولة منهكة ومتعبة لا طاقة لها بأي حرب، ولكن هذا العذر نفسه، لن يكون موجودا أمام وجه إيران، الذي ما لبس وتصاعد في حديثه معاها، وتحذيرها، وعمله الدؤوم ليس فقط على ضمان عدم أي وجود عسكري لها، بل حتى على ضمان قطع الإمدادات التابعة لها إلى لبنان ورصد الحدود، حتى قام مؤخرا بعملية حدودية لبنانية اجتاح فيها عدة قرى لبنانية، فخياره العسكري تجاه ايران أو مصالح ايران ( الضغط على اسرائيل) على أتم الجاهزية، وهذا العذر لم ينطق به يوما حين كان يحكم "إمارة صغيرة" في ادلب، في مواجهة دول عظمى كروسيا، ودول إقليمية كإيران، ناهيك عن الرصد الأمريكي الجزئي.
إذا علمنا هذا، علمنا بأن التصريحات هذه مع الأخذ بمجريات الأرض الواقع، تحمل وجه صريح من ازدواجية المعايير.
فإيران لن تكون بحسب مصادرك، أكثر إجراما في سوريا من روسيا، التي ما برئ الجولاني على تسييس الخطاب الودي تجاهها حتى قبل وصوله ساحة دمشق، وإن سوريا المنهكة التي لا طاقة لها بحرب مع أي دولة، هي ذاتها الدولة المستعدة لمواجهة أي تدخل إيراني.
فإذا أثبتنا بأن التصريحات ليست إلا نفاق سياسي، بقي أن ننظر إلى مصلحته الحقيقية، من سياسته الحالية في سوريا.
هو يرى المصلحة في قتالها، لأنها عدو قديم له، فقد عاش سنوات طويلة يوجه سيفه ضد من يسميهم آنذاك بالروافض، فقد تربى على حقد دفين كان عمره سنوات عدة مليئ بفتاوي التكفير، وبمشاهد الدم والتفجيرات، ولم يتمرس على قتال غيرها، فوفق بيئته التي ترعرع فيها وكان أحد رؤوسها كانت نظرته التالي: بوصلته الأولى والأخيرة، سنة وشيعة، فهو جاهز للانتقام من "الروافض" بتفجير أو بنحوه، في حال حصل قصف أو ما شابه على أراضي سنية، ولكنه لا يملك ضد غيرهم من "الأعداء" إلا الدعاء والمشتكى لله، لأن الفرس بنظره أخطر من اليهود، وإن خطر الروم وغيرهم لا يُبدأ به قبل التخلص من الروافض والفرس، وبهذا تقوقع ضمن حرب طويلة الأمد، لا تجلب إلا دمارا وفناءا ووهنا (فهنا بيّنا وجه اعتقادي).
ولأنها العدو الذي ساند النظام السابق ضد الثوار (الذريعة التي يجيّش بها عواطف الرأي العام في الوسط السوري)، ولأنه لا يريد أن يجلب خطر اسرائيل إلى سوريا ( الذريعة التي يسكّن بها الرأي العام في الوسط الداخلي عقلا)، بل لأنه يريد أن يسحب اعتراف دولي من امريكا واسرائيل لضمان السلطة (المصلحة الشخصية)، ففي إحدى مقابلاته مع العربية، صرح الجولاني بأنهم تمكنوا من منع اندلاع حرب إقليمية في المنطقة، وأشار إلى أن الجهود التي بذلتها إدارته ساهمت في تجنب تصعيد عسكري كان يمكن أن يمتد إلى دول الجوار.
وبهذا يعطي رسالة إلى أمريكا واسرائيل بأن له سابقة الفضل في منع اندلاع حرب مباشرة بين اسرائيل وإيران التي كانت ستتسبب بحرب إقليمية، بل قال قد لا نبالغ لو قلنا عالمية.
وأضاف على تلك الرسائل رسائل أخرى قولية وفعلية يظهر فيها فضله وعزمه في حرب إيران، قد أشرنا إليها أعلاه.
والجولاني لكسب وتسييس الرأي العام السوري، يتبنى الخطاب الرجعي السلفي الجهادي القديم الذي كان يتبناه، قبل أن يلبس الكرافه، فقد انتقد الوجود الإيراني في سوريا، متسائلًا: "ما علاقتنا بأحداث وقعت قبل 1400 سنة؟"، أي أن وجودها لدوافع انتقامية، بغيّة إيهام الشعب السوري بخطر وجودي بسبب إيران، وتسكين بوصلة الشعور بالخطر تجاه اسرائيل.
والآن يبقى السؤال، إذا كان حربك لإيران لتجنيب سوريا صراع مع إسرائيل(كونك تأخذ بفعالية ومصداقية الذرائع)، لماذا لم تتنازل عن السلطة لقطع حججها في التوغل داخل الأراضي السورية وإنشاء القواعد العسكرية، وتدمير سلاحها؟
وهل ستفعل لو أعلنتها حربا؟🤔