- باب الأذان والإقامة -
١٤ - الأذان والإقامة فرضا كفاية على المقيم والمسافر ، ويدل على أنهما فرض قوله ﷺ لمالك بن الحويرث ومن معه رضي الله عنهم: (وَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ)، وهذا أمر يفيد الوجوب. وقوله ﷺ: (فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ)، يدل على أنه فرض كفاية.
١٥ - الأذان والإقامة للمنفرد وللجماعة الثانية في الحي الذي أُذِّن فيه وأقيمت الصلاة؛ مستحبان وليسا بواجبين، ويستدل على ذلك بالجمع بين الآثار الواردة في الباب، ومنها ما رواه عبد الرزاق في مصنفه، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَاقِدٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا صَلَّى بِأَرْضٍ يُقَامُ بِهَا الصَّلَاةُ، صَلَّى بِإِقَامَتِهِمْ، وَلَمْ يُقِمْ لِنَفْسِهِ.
وفي المصنف أيضا، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ وَعَلْقَمَةَ وَالْأَسْوَدَ صَلَّوْا بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ. قَالَ سُفْيَانُ: كَفَتْهُمْ إِقَامَةُ الْمِصْرِ.
وفي الأوسط لابن المنذر، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، قَالَ: «رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَدْ دَخَلَ مَسْجِدًا قَدْ صُلِّيَ فِيهِ، فَأَذَّنَ وَأَقَامَ».
١٦ - الأذان والإقامة للمنفرد في الفلاة مستحبان، ويدل على ذلك ما أخرجه البخاري عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ أَخْبَرَهُ: أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رضيَ اللهُ عنهُ قَالَ لَهُ: إِنِّي أَرَاكَ تُحِبُّ الْغَنَمَ وَالْبَادِيَةَ، فَإِذَا كُنْتَ فِي غَنَمِكَ أَوْ بَادِيَتِكَ، فأذَّنت لِلصَّلَاةِ، فَارْفَعْ صَوْتَكَ بِالنِّدَاءِ، فَإِنَّهُ: (لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ المؤذِّن جنٌّ وَلَا إِنْسٌ، وَلَا شَيْءٌ، إِلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ). قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
ويدل على عدم الوجوب ما رواه عبد الرزاق عَنْ عَلِيٍّ رضيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: أَيُّمَا رَجُلٍ خَرَجَ فِي أَرْضٍ قِيٍّ، يَعْنِي: قَفْرًا، فَلْيَتَحَيَّنْ لِلصَّلَاةِ، وَيَرْمِي بِبَصَرِهِ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَلْيَنْظُرْ أَسْهَلَهَا مَوْطِئًا، وَأَطْيَبَهَا لِمُصَلَّاهُ؛ فَإِنَّ الْبِقَاعَ تُنَافِسُ الرَّجُلَ الْمُسْلِمَ، كُلُّ بُقْعَةٍ تُحِبُّ أَنْ يُذْكَرَ اللَّهُ فِيهَا، فَإِنْ شَاءَ أَذَّنَ وَأَقَامَ ، وَإِنْ شَاءَ أَقَامَ.